St-Takla.org  >   books  >   anba-raphael  >   economy-of-salvation
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تدبير الخلاص حسب الكنيسة الجامعة - الأنبا رافائيل الأسقف العام

46- صار المسيح هو رأس وبكر وجذر جديد للبشر ونائب وشفيع كفاري وسابق لأجلنا

 

4- صار المسيح هو رأس وبكر وجذر جديد للبشر ونائب وشفيع كفاري وسابق لأجلنا

بصفته بِكرنا، دخل كسابِق من أجلنا إلى الأقداس العليا، مباركًا بذلك طبيعتنا البشرية، وفاتحًا لنا الباب، أن ندخل فيه ومعه إلى الأقداس العُلْيَا، ونجلس معه وفيه في السماويات، وذلك في حياة الدهر الآتي. فبسبب اتحادنا به بالإيمان، والمعمودية، والإفخارستيا، يصير السيد المسيح رأس الكنيسة، ونحن أعضاء هذا الجسد العظيم.

وبذلك يكون الرب يسوع المسيح، بِكْرًا لنا نحن البشر بدلًا من آدم بِكرنا الأول، الذي أخطأ، ومات، وفسد، فأصاب جنسنا الإنساني في آدم الخطية، والموت، والفساد، فجاء اللوغوس كلمة الآب؛ ليكون لنا رأسًا، ورئيسًا، وبداية جديدة، وجِذْرًا، وبكرًا، ونائبًا، وشفيعًا؛ فننال فيه وبه، البر عوض خطية آدم، والحياة عوض موت آدم، وعدم الفساد في مقابل ميراثنا الفاسد من آدم. لذلك كان من ضمن تدبير الخلاص، أن يحمل الرب يسوع المسيح، طبيعتنا البشرية في جسده الخاص، ويدخل بها إلى الأقداس العليا، كسابق، وباكورة؛ ليبارك طبيعتنا فيه. (المسيح الباكورة[362]، بِكْر كل خليقة[363]).

 

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, circle art (image 4) - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، فن في شكل دائرة (صورة 4) - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, circle art (image 4) - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، فن في شكل دائرة (صورة 4) - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

يقول القديس يوحنا ذهبي الفم في عظته عن عيد الصعود المجيد:

"For as He took upon Himself the first-fruits of our nature, so likewise did He take them up to the Lord. And as happens when the fields are filled with corn, and a man gathers a few of the stalks and makes them into a little sheaf, and offering it to God by this little quantity the whole field is blessed, so has Christ done, Who by means of His one Body, and this the First-fruits, has brought it about that the whole race is to be blessed. And why did He not offer up the whole of our nature? For the reason that he who offers up the whole does not offer the first-fruits. But if he offers up a little part, through this part he causes the whole to be blessed. But, someone will say, if first-fruits are offered then the first man born should be offered: for the first-fruits are those that are begotten first, and first spring up. We are not held to have offered first-fruits, when the first-fruits we have offered, Beloved Brethren, are poor and weak, but when we have offered what is perfect and worthy. Therefore since the former was subject to sin it was not offered, though it came forth the first; but this latter was free of all sin, and this accordingly was offered: for though it was born after, it was the First-fruits."[364]

"لأنه كما أخذ على نفسه باكورة طبيعتنا، كذلك بالمثل رفعها إلى الرب. ومثلما يحدث عندما تكون الحقول مُمتلئة بالقمح، ويجمع إنسان قليل من العِيدَانِ ويجعلهم حِزمة صغيرة، ويُقدِّمها إلى الله، فبواسطة هذه الكمية القليلة يتبارَك الحقل كله، هكذا فعل المسيح، الذي بواسطة جسده الواحد، وهذا الباكورة، قد نقله لكي يكون الجنس كله مُباركًا. ولماذا لم يُقدِّم طبيعتنا كلها؟ لسبب أن الذي يُقدِّم الكل لا يُقدِّم الباكورة. لكن إذا قدَّم جزء صغير، فبواسطة هذا الجزء يجعل الكل مُباركًا. ولكن، أحدهم سيقول، إذا تم تقدِّيم باكورة إذًا أول إنسان مولود يجب تَقْدِيمه: لأن الباكورة هم أولئك الذين يُولَدُونَ أولًا، ويَنْبُتُونَ أولًا. أيها الأخوة الأحباء، نحن لا نكون قد قدمنا باكورة، عندما تكون الباكورة التي قدمناها، فقيرة وضعيفة، بل عندما نكون قد قدَّمنا ما هو كامل وجدير. لذلك بما أن الأول [آدم] كان خاضعًا للخطية لم يتم تقدِّيمه، على الرغم من أنه أتى أولًا؛ لكن هذا الأخير كان خاليًا من كل خطية، وبناءً على ذلك هذا قُدِّم: لأنه على الرغم من أنه وُلِدَ فِيمَا بَعْدُ، كان هو الباكورة [البِكْر]"[365].

 

لقد وُعِدْنَا بالحياة الأبدية وعدم الفساد، ونكون مثله، لأننا سنراه كما هو،[366] ونلبس صورة السماوي، ونتغير إلى تلك الصورة عينها،[367] يا للمجد!!

ويشرح معلمنا القديس أثناسيوس الرسولي مفهوم أن السيد المسيح هو بِكْر لنا نحن البشر في كتاب تجسد الكلمة: "وأنعم بعدم الفساد على الجميع بوعد القيامة، إذ قد أقام جسده كباكورة، مُظهِرًا إياه كتذكار الانتصار على الموت وفساد الموت بعلامة الصليب".[368]

لقد دخل السيد المسيح كسابق عنا إلى الأقداس العليا من أجلنا. ووعدنا بالجلوس معه في عرشه وذلك لكل مَنْ يغلب،[369] وَنَرِث فيه وبه كل شيء.[370] (المسيح الجليس مع الآب).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

وهذا نفس ما نصلي به في الليتورجيا المقدسة:

"يا يسوع المسيح، ذا الاسم المُخَلِّص،... رئيس كهنة الخيرات العتيدة، الذي صعد إلى السموات، وصار فوق السموات، ودخل داخل الحجاب، موضع قدس الأقداس، الموضع الذي لا يدخل إليه ذو طبيعة بشرية. وصار سابقًا عنا، صائرًا رئيس كهنة إلى الأبد، على رتبة ملكيصادق".[371]

هنا طبعًا جلوسنا مع المسيح في عرشه لا يُقْصَد به عرشه الخاص، أي الألوهة، بل عروش خاصة[372] تليق بنا نحن البشر في ملكوته، وهذا عطية لا يُعَبَّر عنها، لكنه لا يعني بأي حال من الأحوال مُسَاواتِنَا للمسيح في مجده اللاهوتي، وعظمته الإلهية.

 

وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير:

"‏أرجوكم أن تُخبروني مَن الذي ‏يَحِق له أن يجلس مع الآب ‏إلا ‏الذي هو الابن بالطبيعة؟ ‏لأنه لا يمكن لمخلوق على الإطلاق ‏أن يتحدث عن جلوسه ‏على عرش الألوهة، ‏لأن كل كائن مخلوق يوضَع تحت قدمي ‏الطبيعة الإلهية الفائقة التي تسود الكل وتتسامَى على كل ما خُلِق. ‏الله الآب وحده هو الذي يجلس علي العرش عاليًا ومرتفعًا، ويشاركه ابنه في عرشه، وهو الكائن دائمًا معه، ومولود منه بالطبيعة." [373]

"فالمسيح يملك الامتياز الخاص وحده -إذ هو الابن بالطبيعة- أن يجلس عن يمين الآب، ومجد هذه الكرامة يُنسب له عن حق وبصواب وله وحده. ولكن لأن المسيح الذي يجلس هناك، هو مثلنا من كل ناحية، إذ أنه ظهر هناك كإنسان، في نفس الوقت نؤمن أنه إله من إله -وهذا يسبغ علينا نحن أيضًا الامتياز الخاص بهذه الكرامة. فحتى إن كنا لن نجلس عن يمين الآب نفسه- لأنه كيف يمكن للعبد أن يرتفع إلى كرامة مساوية لكرامة السيد؟ إلا أنه مع ذلك فقد وَعَد المسيح التلاميذ القديسين أنهم سيجلسون على عروش. فهو يقول: "مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ" (مت19: 28)".[374]

 

ونفس هذه الحقيقة الإلهية موصوفة ومشروحة في الكتب المقدسة:

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[362] "وَأَيْضًا مَتَى أَدْخَلَ ٱلْبِكْرَ إِلَى ٱلْعَالَمِ يَقُولُ: وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلَائِكَةِ ٱللهِ" (عب 1: 6).

[363] "ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللهِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ" (كو 1: 15).

[364] Toal, M. F. (Ed.). (2000). The Sunday Sermons of the Great Fathers. (M. F. Toal, Trans.) (Vol. 2, pp. 432-440). San Francisco: Ignatius Press, V. ST JOHN CHRYSOSTOM, BISHOP AND DOCTOR, Christ’s Ascension Man’s Exaltation.

[365] القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة قالها عن عيد الصعود بعنوان "صعود المسيح: رفعة الإنسان".

[366] "أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، ٱلْآنَ نَحْنُ أَوْلَادُ ٱللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لِأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ.” (1يو 3: 2).

[367] " وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ ٱلرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ ٱلصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ ٱلرَّبِّ ٱلرُّوحِ.” (2كو 3: 18).

[369] "مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ" (رؤ 3: 21).

[370] " مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلَهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ٱبْنًا" (رؤ 21: 7).

[371] قسمة السبت الكبير.

[372]

  • “فقالَ لهُمْ يَسوعُ: «الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّكُمْ أنتُمُ الّذينَ تبِعتُموني، في التَّجديدِ، مَتَى جَلَسَ ابنُ الإنسانِ علَى كُرسيِّ مَجدِهِ، تجلِسونَ أنتُمْ أيضًا علَى اثنَيْ عشَرَ كُرسيًّا تدينونَ أسباطَ إسرائيلَ الِاثنَيْ عشَرَ.” (مت 19: 28).

  • “أنتُمُ الّذينَ ثَبَتوا مَعي في تجارِبي، وأنا أجعَلُ لكُمْ كما جَعَلَ لي أبي ملكوتًا، لتأكُلوا وتَشرَبوا علَى مائدَتي في ملكوتي، وتَجلِسوا علَى كراسيَّ تدينونَ أسباطَ إسرائيلَ الِاثنَيْ عشَرَ».” (لو 22: 28-30).

[373] القديس كيرلس الكبير - شرح انجيل لوقا عظة 151. مرجع سابق. ص737.

[374] القديس كيرلس الكبير- شرح إنجيل يوحنا (يو14: 2-3)، المجلد الثاني، مرجع سابق ص145.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/christ-head-firstborn-new-root.html

تقصير الرابط:
tak.la/7qv6t3g