St-Takla.org  >   books  >   anba-raphael  >   economy-of-salvation
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تدبير الخلاص حسب الكنيسة الجامعة - الأنبا رافائيل الأسقف العام

47- تحمل المسيح العقوبة الإلهية عوضًا عن البشر

 

5- تحمل العقوبة الإلهية عوضًا عن البشر

هذا الدين الذي سدده السيد المسيح، نيابة عنا، هو الموت الذي حكم به الله على الإنسان كعقوبة لخطيته، هذه العقوبة عَبَّر عنها معلمنا بولس الرسول بعبارة (ٱلصَّكَّ ٱلَّذِي كَانَ عَلَيْنَا، ٱلَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا):

"وَإِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي ٱلْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أَحْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحًا لَكُمْ بِجَمِيعِ ٱلْخَطَايَا، إِذْ مَحَا ٱلصَّكَّ ٱلَّذِي عَلَيْنَا فِي ٱلْفَرَائِضِ، ٱلَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ ٱلْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِٱلصَّلِيبِ، إِذْ جَرَّدَ ٱلرِّيَاسَاتِ وَٱلسَّلَاطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ" (كو 2: 13-15).

 

ويقول القديس أثناسيوس الرسولي:

"That the Lord suffers these things not for his own sake, but for ours. And it says again through his own lips in (Psalm 87), "Your wrath has pressed heavily upon me", and in (Psalm 68), "Then I restored that which I did not take away". For although he was not himself obliged to give account for any crime, he died—but he suffered on our behalf, and he took on himself the wrath directed against us on account of the transgression, as it says in Isaiah, "He took on our weaknesses".(374b)[375]

"إن الرب يتألم بهذه الأشياء ليس من أجل نفسه، بل من أجلنا نحن. ويقول مرة أخرى بشفتيه في المزمور السابع والثمانون: "غضبك ضغط عليَّ بشدة" (مز 87)، وفي المزمور الثامن والستون "حِينَئِذٍ رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ أَخْطَفْهُ" (مز 68). لأنه على الرغم من أنه هو نفسه لم يكن مضطرًا (مُلْزَمًا) أن يُعطي حسابًا عن أي جريمة، مات-بل تألم نيابة عنا، وأخذ على نفسه الغضب المُوَجَّه ضدنا بسبب التعدي، كما يقول في إشعياء: "هو أخذ ضعفنا"[376]

"إذًا فقد كان الموت من أجلنا على الصليب لائقًا وملائمًا. وقد اتضح أن سببه كان معقولًا من جميع الوجوه، ومن الحق أن يُقال إنه لم تكن هناك طريقة أخرى يتحقق بها خلاص الجميع سوى الصليب."[377]

 

ونفس التعليم يشرحه أبونا القديس كيرلس الكبير:

"ولكن كلمة الله الآب، إذ هو غني في لطفه ومحبته للبشر صار جسدًا أي إنسانًا مثلنا، مُشَابِهًا لنا نحن الذين تحت الخطية، وقد احتمل نصيبنا (مُعَاناة الألم والموت)، كما يكتب بولس الرسول الفائق جدًا "ذاق بنعمة الله الموت لأجل الجميع" (عب2: 9)، وجعل حياته على سبيل المُبَادَلَة عن حياة الكل، فقد مات واحد عن الجميع لكي يعيش الجميع لله مقدسين ومحيين وحاصلين على الحياة بدمه".[378]

 

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, colored porcelain statue - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، تمثال من الخزف الملون - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, colored porcelain statue - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، تمثال من الخزف الملون - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

لقد استمد الآباء القديسون هذا التعليم النقي الطاهر من الكتاب المقدس، ومن الآباء السابقين عليهم. ففي سفر إشعياء نجد نبوة واضحة جدًا عن آلام السيد المسيح الخلاصية:

كان الرب يسوع هو الذبيحة المقدسة التي بلا عيب التي قُدمت عن حياة البشر.

 

هو الذبيحة، وهو الكاهن الذي قدّم الذبيحة:

 

السيد المسيح هو الكاهن وهو الذبيحة:

 

لذلك سُمِّيَ ربنا يسوع المسيح "الفادي":

 

لقد تنبأ الآباء والأنبياء عن هذا الفادي العظيم.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نبوات عن الفداء

 

وتحققت كل هذه النبوات في شخص ربنا يسوع المسيح الفادي، والفدية بآنٍ واحدٍ:

 

وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير:

 

ويضيف على ذلك القديس غريغوريوس النزينزي ويقول:

"Now we are to examine another fact and dogma, neglected by most people, but in my judgment well worth enquiring into. To Whom was that Blood offered that was shed for us, and why was It shed? I mean the precious and famous Blood of our God and Highpriest and Sacrifice. We were detained in bondage by the Evil One, sold under sin, and receiving pleasure in exchange for wickedness. Now, since a ransom belongs only to him who holds in bondage, I ask to whom was this offered, and for what cause? If to the Evil One, fie upon the outrage! If the robber receives ransom, not only from God, but a ransom which consists of God Himself, and has such an illustrious payment for his tyranny, a payment for whose sake it would have been right for him to have left us alone altogether. But if to the Father, I ask first, how? For it was not by Him that we were being oppressed; and next, On what principle did the Blood of His Only begotten Son delight the Father, Who would not receive even Isaac, when he was being offered by his Father, but changed the sacrifice, putting a ram in the place of the human victim?(384b) Is it not evident that the Father accepts Him, but neither asked for Him nor demanded Him; but on account of the Incarnation, and because Humanity must be sanctified by the Humanity of God, that He might deliver us Himself, and overcome the tyrant, and draw us to Himself by the mediation of His Son, Who also arranged this to the honour of the Father, Whom it is manifest that He obeys in all things?"[385]

"الآن سنفحص حقيقة وعقيدة أخرى، أُهْمِلَت من قِبَل معظم الناس، لكن في رأيي أنها تستحق تمامًا البحث فيها. لمن قُدِّم ذلك الدم الذي سُفك من أجلنا، ولماذا سُفك؟ أنا أقصد الدم الثمين والشهير الذي لإلهنا ورئيس كهنتنا وذبيحتنا. نحن مُحتَجَزين في العبودية بواسطة الشرير، مَبِيعين تحت الخطية، ونحصل على اللذة مقابل الشر. الآن بما أن الفدية تخص فقط الذي يَمسك في العبودية، أنا أسأل لمن قُدِّمت هذه (الفدية)، ومن أجل أي سبب؟ لو إلى الشرير، فيا لها من إهانة! إذا السارق يتلقى فدية، ليس فقط من الله، بل الفدية التي تتكون من الله ذاته، وأن يكون لديه هذه الأجرة (الفدية) اللامعة من أجل طغيانه، أجرة من أجلها كان من الصواب له أن يتركنا وشأننا تمامًا. لكن لو إلى الآب، أنا أسأل أولًا، كيف؟ لأنه لم نكن مظلومين بواسطته؛ وثانيًا، على أي مبدأ دم ابنه الوحيد يَسُرُّ الآب، الذي لم يقبل إسحاق، حينما تم تقدِّيمه بواسطة أبيه، بل أبدل الذبيحة، واضعًا كبشًا بدلًا من الضحية البشرية؟ أليس من الواضح أن الآب يقبله، ولكن لم يطلبه ولم يحتاجه (من أجل ذاته)؛ بل بسبب التجسد، ولأن الطبيعة البشرية يجب أن تتقدس بواسطة إنسانية الله، لكي يُخلصنا هو ذاته، ويهزم الطاغية، ويجذبنا إلى ذاته بوساطة ابنه، الذي رتب أيضًا هذا لكرامة الآب، الذي من الواضح أنه يُطيعه في كل الأمور؟"[386]

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

وأيضًا في ذلك يقول القديس أثناسيوس الرسولي:

"وهكذا إذ اتخذ جسدًا مُمَاثِلًا لطبيعة أجسادنا، وإذ كان الجميع خاضعين للموت والفساد، فقد بَذَلَ جسده للموت عِوَضًا عن الجميع، وقدّمه للآب. كل هذا فعله من أجل محبته للبشر، أولًا: لكي إذ كان الجميع قد ماتوا فيه، فإنه يبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد اسْتُنْفِذ في جسد الرب، فلا يعود للموت سلطان على أجساد البشر (المُمَاثِلة لجسد الرب). ثانيًا: وأيضًا فإن البشر الذين رجعوا إلى الفساد بالمعصية يعيدهم إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بالجسد الذي جعله جسده الخاص، وبنعمة القيامة يبيد الموت منهم كما تُبيد النار القش".[387]

 

والمسيح هو أيضًا الفدية التي قُدِّمَت لله الآب عن خلاص البشر.[388]

 

يقول القديس أثناسيوس الرسولي:

"الذي سلّم جسده للموت كَحَمل فدية لأجل خلاص الكل".[389]

 

هذا الثمن هو الكفارة العُظْمَى التي قَدَّمَهَا المسيح من أجلنا.

 

بهذه الكفارة العظيمة انتصر السيد المسيح على الشيطان والعالم والموت لحسابنا.

 

ويقول القديس كيرلس الكبير:

"لأنه لأجلنا احتمل عقاب خطايانا. فرغم أن الذي تألم هو واحد فقط، إلا إنه هو عالٍ فوق كل خليقة، كإله، وهو أثمَن من حياة الجميع، لذلك كما يقول المرنم: "كُلُّ إِثْمٍ يَسُدُّ فَاهُ" (انظر 42:107)، وأسكت لسان الخطية، ولا يعود قادرًا أن يتكلم ضد الخطاة. لأننا قد تبررنا الآن لأن المسيح احتمل العقوبة عنا؛ "لأننا بجلداته شفينا" كما هو مكتوب (انظر إش53: 5). وكما أن إصلاح خطية تمردنا قد تم بالصليب، هكذا أيضًا بالصليب، تحققت عودتنا إلي حالتنا الأولى، واستعادة البركات السمائية المفرحة؛ إذ أن المسيح قد تَحَمَّلَ في نفسه لأجلنا، كما لو كان ينبوع وأصل ضعفنا".[390]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(374b) Athanasius takes Isaiah’s words not from the Septuagint, but from (Mt. 8:17).

[375] Athanasius of Alexandria. (1980). Athanasius: The Life of Antony and the Letter to Marcellinus. (R. J. Payne, Ed., R. C. Gregg, Trans.) (p. 105). Mahwah, NJ: Paulist Press. Ath., Epistula ad Marcellinum de interpretatione Psalmorum 7.

[376] القديس أثناسيوس الرسولي، رسالته في شرح معنى المزامير إلى مارسيللينوس، الفقرة السابعة.

[378] القديس كيرلس الكبير - رسائل القديس كيرلس، الرسالة 41، نسخة من الرسالة التي كتبها القديس كيرلس إلى أكاكيوس عن التيس المرسل (إلى البرية) فقرة رقم11. ص165-166.

[379] لحن الصليب (فاي ايتاف إينف) في عيدي الصليب، وخميس العهد، والجمعة العظيمة، وثيؤطوكية يوم الأحد، والأرباع الخشوعية في دورة البخور.

[380] القديس كيرلس الكبير شرح إنجيل يوحنا، المجلد الأول، شرح (يو 6: 51)، ترجمة دكتور نصحي عبد الشهيد وآخرون، المركز الأرثوذكسية للدراسات الآبائية، ص 403.

[381] القديس كيرلس الكبير، السجود والعبادة بالروح والحق، المقالة الثالثة، ترجمة د. جورج عوض 2017، ص 140.

[382] شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الكبير، المجلد الأول، ترجمة دكتور نصحي عبد الشهيد وآخرون، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسية للدراسات الآبائية بالقاهرة، نصوص آبائية 142 ، شرح (يو 1: 29)، ص 153.

[383] القديس كيرلس الكبير - السجود والعبادة بالروح والحق، المقالة الثالثة. مرجع سابق، ص141.

[384] القديس كيرلس الكبير - السجود والعبادة بالروح والحق، المقالة الثانية مرجع سابق، ص 115.

(384b) (Gen. 22:11, &c.)

[385] Gregory Nazianzen. (1894). Select Orations of Saint Gregory Nazianzen. In P. Schaff & H. Wace (Eds.), C. G. Browne & J. E. Swallow (Trans.), S. Cyril of Jerusalem, S. Gregory Nazianzen (Vol. 7, p. 431). New York: Christian Literature Company. Greg. Naz., Orat. 45.22.

[386] القديس غريغوريوس النزينزي، عظة 45، فقرة 22.

[388] كلمة فدية في هذا النص في اللغة اليونانية القديمة أتت ἀντίψυχον = antípsychon وهي أصلها من ἀντίψυχος = antípsychos وهي تعني "نفس بديلة" أو "بديل" أي، إعطاء حياة شخص ما، بدلًا من حياة شخص أخر كفدية.

[390] القديس كيرلس الكبير، شرح إنجيل يوحنا، 19: 19. المجلد الثاني، مرجع سابق ص407.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/christ-punishment.html

تقصير الرابط:
tak.la/246dzr7