St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

207- مادام هذا الطفل هو اللَّه القادر على كل شيء، فلماذا لم ينقل أمه وزوجها إلى أرض مصر بطريقة معجزية بدلًا من مشقة السفر ومخاطر الطريق (مت 2: 13)؟ ولماذا لم يظل الطفل الإله في مكانه يحمي نفسه ويُعلن عن ألوهيته؟

 

س207: مادام هذا الطفل هو اللَّه القادر على كل شيء، فلماذا لم ينقل أمه وزوجها إلى أرض مصر بطريقة معجزية بدلًا من مشقة السفر ومخاطر الطريق (مت 2: 13)؟ ولماذا لم يظل الطفل الإله في مكانه يحمي نفسه ويُعلن عن ألوهيته؟

يقول "علاء أبو بكر": "س75: لماذا لم يرحم الرب (الطفل الرضيع) أمه وزوجها وينقلهما إلى مصر في لحظة دون تحمل مشقة السفر خاصة وهم يحملونه؟

س76: أليس لو بقى الإله في مدينته ولم يغادرها، أليس هذا إعلان أكثر لألوهيته وتحديه لهيرودس أنه لن يمسه الشر وهو الإله على زعمكم؟ هل تتخيل إله يهرب من أعدائه؟" (325).

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت
St-Takla.org Image: During the night Joseph got up and left Bethlehem with Mary and the young child Jesus. They headed south on the long trip to Egypt. (Matthew 2: 14-15) - "Wise Men visit Jesus" images set (Matthew 2:1-14): image (11) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر. وكان هناك إلى وفاة هيرودس. لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: «من مصر دعوت ابني»" (متى 2: 14-15) - مجموعة "زيارة المجوس ليسوع" (متى 2: 1-14) - صورة (11) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: During the night Joseph got up and left Bethlehem with Mary and the young child Jesus. They headed south on the long trip to Egypt. (Matthew 2: 14-15) - "Wise Men visit Jesus" images set (Matthew 2:1-14): image (11) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر. وكان هناك إلى وفاة هيرودس. لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: «من مصر دعوت ابني»" (متى 2: 14-15) - مجموعة "زيارة المجوس ليسوع" (متى 2: 1-14) - صورة (11) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ج: 1ــ لماذا لم ينقل اللَّه العائلة المقدَّسة إلى مصر في لحظة ليجنبها مشقة السفر وخطورته؟.. لم يصنع السيد المسيح معجزة واحدة لفائدته الشخصية، ولم يسمح للاهوته بالتدخل لصالح الناسوت، ولذلك جاع بعد صومه على الجبل، وعطش عند بئر يعقوب وعلى الصليب، واحتاج أن يستريح بعد مسيرة طويلة نحو السامرة، ونام في السفينة... إلخ، فقد شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها وتوابعها. ويقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": " لو أنه منذ طفولته المبكرة أظهر عجائب لما حُسِب إنسانًا" (326).

وبنفس المنطق لم ينقل اللَّه العائلة المقدَّسة إلى مصر في لحظة، وتمَّم السيد المسيح نبؤة إشعياء الرائعة: " وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِه" (إش 19: 1) والسحابة الخفيفة الصافية كانت إشارة للعذراء مريم التي حملته طوال الرحلة في أحضانها، وترك أسرته تتحمل مشقة السفر، وبالطبع تحمل هو أيضًا مشقة السفر معها، وقد فعل هذا لكيما يهب تعزية واحتمالًا لكل الهاربين من أوطانهم بسبب إضطهاد الطغاة المستبدين، فأينما وجد هؤلاء الفارين المهاجرين من بلادهم فيسوع في وسطهم، يتذكرون هروبه فيهُوّن عليهم هروبهم.

وعندما تطرَّقت بعض أناجيل أبوكريفا لمثل هذه الأمور الخارقة التي ينادي بها الناقد أعلنت الكنيسة رفضها لهذه الأفكار، فمثلًا جاء في "إنجيل مولد العذراء وطفولة المخلص" إن يوسف اشتكى من صعوبة الرحلة وحرارة الجو، وإذ كان أمامهم مسيرة ثلاثين يومًا حتى يصلوا إلى مصر، وبينما يوسف يتكلم وإذ بهم ينتقلون في لحظة، فيجدون أنفسهم أمام جبال مصر ومدنها (راجع مدارس النقد - العهد الجديد. مقدمة (2) س140).

 

2ــ لماذا لم يظل الطفل الإله في مكانه، يحمي نفسه، معلنًا لاهوته؟.. هذا هو الفكر البشري العقلاني، أما فكر اللَّه فهو أعلى وأسمى بما لا يُقاس عن فكر العقل البشري، ولعل الناقد لو درس الإنجيل من خلال منظار إنجيلي، وبما يتوافق مع روح الإنجيل والكنيسة لاستراح كثيرًا وأراح الذين يزعجهم بأفكاره. من يطالع الإنجيل يدرك أن السيد المسيح لم يقم بأي دور استعراضي، ولم يقل قط أنا اللَّه متباهيًا بلاهوته، حتى أنه عندما كان يصنع معجزة عظيمة تُظهر لاهوته، كان يسأل عن بعض الأمور وكأنه يجهلها مثلما سأل والد الابن المجنون: " كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ أَصَابَهُ هذَا؟" (مر 9: 21)، أو عندما سأل عن قبر لعازر: " أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ" (يو 11: 34)، أو يصنع عملًا من أعمال الإتضاع مثل غسل أرجل التلاميذ. وأصل القصة أن اللَّه في تجسده أراد أن يرد الضربة الأولى التي وجهها الشيطان لآدم الأول، إذ اقتنصه إبليس وأسقطه ليس بالقوة، بل بالحيلة والمُكر والدهاء والخداع، مستخدمًا الحيَّة في ذلك، فسقط آدم، وفيه سقطت البشرية جمعاء، فجاء آدم الثاني وأخفى لاهوته، إذ استخدم الناسوت حجابًا للاهوت، وظهر في الهيئة كإنسان، وحار الشيطان في أمره، وتجرأ ليجربه وهو في وقت الجوع ولكنه إنهزم ولم ينل منه شيئًا، فتركه إلى حين، وفي ذلك الحين حرَّض اليهود على سفك دمه، وأعد له صليبًا، وعندما صرخ: " يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي" (لو 23: 46) هجم عليه الشيطان لكي يقتنص روحه، فسقط في التعدي على الذات الإلهيَّة، وهنا أعلن الرب يسوع عن لاهوته، وقبض على الشيطان واقتحم مملكته وأطلق جميع الأسرى الذين ماتوا على الرجاء، وربط الشيطان إذ جرَّده من سلطانه على القديسين. ولو أن السيد المسيح منذ البداية أعلن لاهوته، فمن كان يستطيع أن يقترب إليه؟!، ومن يقدر أن يقوده للصلب؟! وهذا ما أعلنه معلمنا بولس الرسول عند حديثه عن هذه الحكمة الإلهيَّة: " الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْد" (1 كو 2: 8). إذًا إعلان السيد المسيح للاهوته كما يريد الناقد كان حتمًا سيعطل مشوار الخلاص.

 

3ــ أطاع يوسف البار قول الملاك دون أن يناقش أو حتى يتساءل بينه وبين نفسه: كيف لهذا أن يُخلِص شعبه من خطاياهم وهو يهرب من وجه هيرودس؟!، بل سلَّم يوسف نفسه للَّه، وأودع مشيئته لتكن رهن المشيئة الإلهيَّة، ونفذ الأوامر الصادرة إليه دون نقاش ولا جدال ولا إعتراض. ويقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": " لم يتغير يوسف عند سماعه هذا، ولا قال: هذا أمر صعب، ألم يقل لي أنه يُخلِص شعبه فكيف لا يقدر أن يُخلص نفسه، بل يلتزم بالهروب، ونقطع رحلة طويلة، ونقطن في بلد آخر؟ فإن هذا يناقض ما وعدت به !. لم يقل شيئًا من هذا، لأنه رجل إيمان !. بل ولا سأل عن موعد رجوعه، إذ لم يحدده الملاك، بل قال له: " وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ". لم يحزن بل كان خاضعًا ومطيعًا يحتمل هذه التجارب بفرح. هكذا يمزج اللَّه الفرح بالتعب" (327).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(325) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 2 ص85.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/207.html

تقصير الرابط:
tak.la/zcq7nsz