St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   trinity-and-unity
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول حتمية التثليث والتوحيد - أ. حلمي القمص يعقوب

38- هل ولادة الابن من الآب ولادة جسدية؟

 

س 19: هل ولادة الابن من الآب ولادة جسدية؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: ليست ولادة الابن من الآب ولادة جسدية لأن الله روح بسيط بعيد عن المادة، وتختلف ولادة الابن من الآب عن أي ولادة جسدية في الآتي:

 1ـ ولادة الابن ليست ولادة حسَّية ماديَّة لحميَّة جسديَّة مثل ولادة الإنسان التي تحتاج إلى ذكر وأنثى وتزاوج وإنجاب. إنما هيَ ولادة روحية لأن "الله روحٌ "(يو4: 24) مثل ولادة النور من النار، ولهذا قال الابن عن نفسه: "النُّور قد جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور "(يو3: 19) ومثل ولادة الشعاع من الشمس، وولادة الكلمة من العقل ولذلك نقول في قانون الإيمان عن الابن "المولود من الآب قبل كل الدهور. نور من نور. إله حق من إله حق. مولود غير مخلوق. مساو للآب في الجوهر، ويقول "البابا أثناسيوس الرسولي": " كما قلنا قبلًا نعود فنكرر هنا أنه يلزم عدم مقارنة الولادة الإلهية بتلك الطبيعية لدى البشر، وعدم اعتبار الابن جزءًا من الله، كما لا تتضمن الولادة أي نوع من العواطف مهما كانت، فالله ليس إنسانًا... الابن هو كلمة الله وحكمته. الكلمة ليس مخلوقًا ولا هو جزء من كلمته، وليس نسلًا يمكن بدوره أن يتناسل... لئلا يظن أحد أن هذه البنوة تشابه التناسل البشري، بينما يشير إلى جوهره يدعوه أيضًا الكلمة والحكمة والبهاء ليعلمنا أن هذا الميلاد غير قابل للتغيير، أبدي، لائق بالله "(73). ويقول "أيضًا البابا أثناسيوس": "لا تقولن كيف يلد الله ولا متى، لأن الله فوق كيف ومتى، فتلك الولادة ليست في زمان لأن الله من قبل كل الدهور وليس يبلغه زمان، والولادة في اللاهوت ليست كما في الناس... إنما هيَ كولادة النور من النور. ولادة لطيفة من غير مباضعة (تجزئة) ولا مجامعة، وبغير تعب ولا حبل ولا نقص، لأنها أيضًا بلا أم في اللاهوت، فهيَ أيضًا ولادة أزلية" (74).

 

St-Takla.org Image: Jesus invites Thomas to see the nail prints - from "The Children's Friend: Pictures and Stories of the Life of Jesus" book صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يدعو القديس توما التلميذ لمشاهدة آثار الجراحات والمسامير - من كتاب "صديق الأطفال: صور وقصص من حياة المسيح"

St-Takla.org Image: Jesus invites Thomas to see the nail prints - from "The Children's Friend: Pictures and Stories of the Life of Jesus" book

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يدعو القديس توما التلميذ لمشاهدة آثار الجراحات والمسامير - من كتاب "صديق الأطفال: صور وقصص من حياة المسيح"

 2ـ ولادة الابن من الآب ليس بها سابق ومسبوق، فلم تمر لحظة كان فيها الآب بدون الابن كقول "البابا أثناسيوس": " أزلي (الابن) مع أزلي (الآب) مولود منه بلا بدء للوالد ولا للمولود، لأنه لم يكن الآب قط إذ لم يكن الابن... لم يُدعَى (الآب) آب من غير أن يكون له ابن... لا يستقيم أن يُقال أن جوهر الله أصم أخرس عادم عقل ولا كلمة ولا روح، لأن من لا عقل له فهو دابة، وما لا كلمة له فهو بهيمة، وما لا روح له فهو ميت، فقد كفر من قال أنه كان بين الآب ومولد الابن زمان بسيط، وأن الابن كان من بعد الآب في زمان، لأن مولد الابن من جوهر الآب وطبيعته، وليس في جوهر الله قديم وحديث، وإن لم يكـن الابن مع الآب من البدء وقبل كل بدء مولودًا منه فقد دخـل التغير علـى قوام الآب إذ لـم يكن أبًا من قبل. ثم صار بعد ذلك أبًا" (75).

 

 3ـ ولادة الابن من الآب بدون انفصال مثل ولادة الفكرة من العقل، فقد تصدر الفكرة من العقل وتسجل في كتب تصل إلى أقاصي الأرض، وفي ذات الوقت هيَ قائمة في العقل ولا تفارقه وإذا تساءل أحد كيف يكون هذا؟ يرد عليه "البابا أثناسيوس الرسولي": "كيف تولد كلمتك من عقلك بلا مفارقة منها لعقلك فتصل إلى كل من سمعها من غير أن تفارق والدها... وكيف يولد الشعاع من الشمس بلا فرقة بينهما، فملأ الشعاع الأرض كلها وما فيها من غير أن يفارق عين الشمس التي وُلِد منها، وكيف يولد الضوء من النار بلا افتراق منها فيضئ لمن استضاء به من غير أن يفارق النار التي ولدته" (76) بينما عقب الولادة الجسدية ينفصل المولود عن الأم، فقد يحزن أحدهما ويفرح الآخر، أو يمرض أحدهما ويتمتع الآخر بالصحة الجيدة، أو يموت أحدهما ويعيش الآخر... إلخ.

 

 4ـ بنوة الابن من الآب بنوة ذاتية فريدة من نوعها ليس لها نظير قط، ولذلك دعى الكتاب الابن بالابن الوحيد الجنس "مونوجينيس".

 

 5ـ بنوة الابن من الآب بنوة طبيعية "الذي وهو بهاءُ مجده، ورسمُ جوهره" (عب 1: 3) ومن الطبيعي لا يمكن فصل البهاء عن المجد "الذي هو صورةُ الله الغير المنظُور"(كو1: 15) يقول "أوريجانوس": "محظور علينا الظن الخاطئ بأن الآب قد وَلَدَ الابن الوحيد الجنس بذات الطريقة التي يلد بها إنسان إنسانًا، أو حيوان حيوانًا، فإنه يوجد فارق عظيم. واضح أن الأمر ليس هكذا، إذ لا يوجد في الوجود مثيل لله لا في الإدراك ولا في الخيال. لهذا لا يستطيع الفكر البشري أن يدرك كيف يكون الله غير المولود (الآب) أبًا للابن الوحيد الجنس. أنه ميلاد سرمدي لا يتوقف، شعاع يتولد من نور. فإنه لم يصر الابن خارجًا عنه... إنما هو الابن بالطبيعة، هو وحده الابن بالطبيعة، لذا دُعِيَ "الابن الوحيد" يجب الحذر حتى لا يسقط أحد في تلك الخرافات السخيفة التي يخترعها أولئك الذين يتصوُّرون نوعًا من الأعضاء pralations أو أجزاءً في الطبيعة الإلهية، ويقسّمون جوهر الآب"(77). وهذه البنوة الطبيعية تختلف عن بنوتنا التي اكتسبناها بالنعمة والتبني بالمسيح يسوع، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كقول "مُعلمنا بولس الرسول": " لأنكم جميعًا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع" (غل 3: 26) " وأمَّا كل الذين قبِلُوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين بِاسمه "(يو1: 12).

 

 6ـ الآب هو ينبوع الحكمة والابن هو الحكمة، فالابن أزلي بأزلية الآب مولود منه ولادة أزلية. هو خالق لا مخلوق، وقال أيضًا "البابا أثناسيوس الرسولي": "أمَّا الحقيقة فتشهد بأن الله هو الينبوع الأزلي لحكمته الذاتية، ولما كان الينبوع أزليًا، فبالضرورة يجب أن تكون الحكمة أزلية أيضًا لأنه من خلال الحكمة خُلقت كـل الأشياء... كلها (أي الأعمال) بحكمة صُنعت" (مز 104: 24).. "الرب بالحكمة أسس الأرض. أثبت السموات بالفهم"(أم 3: 19) ونفس هذه الحكمة هيَ الكلمة " وبه " كما يقول "القديس يوحنا": "خُلِقت كل الأشياء، وبغيره لم يُخلَق شيء واحد"(يو1: 3) وهذه الكلمة هو المسيح، لأنه يوجد "إله واحد: الآب الذي منه جميع الأشياء، ونحن له. ورب واحد: يسوع المسيح، الذي به جميع الأشياء، ونحن به"(1كو 8: 6) فإن كانت كل الأشياء خُلِقت به، فهو لا يمكن أن يكون بين جميع هذه الأشياء. فالذي يتجاسر أن يقول عن الابن: "الذي به خُلِقت جميع الأشياء" أنه واحد من بين هذه الأشياء، فبالتأكيد أنه يفكر نفس هذه الأفكار عن الله (الآب) نفسه "الذي منه جميع الأشياء" وإن كان أحد يتحاشى هذا القول كأمر شنيع، ويستبعد الله عن جميع الأشياء حاسبًا إياه آخر، فانه يواصل نفس القول أيضًا بأن "الابن" الوحيد الجنس الذاتي من جوهر الآب. هو آخر مختلف عن جميع الأشياء... هذا الابن هو مولود الآب الذاتي من جوهره، وهو "كلمته" الذاتي، وهو "حكمته" الذاتية... لكي لا يقول أحد عن الله (الآب) أنه كان "بدون حكمة" (غير عاقل) في وقت ما، ولا يقـول عـن "الابن" أنـه لم يكن له وجود في وقت ما (فقرة 19 من المقالة الأولى) (78).

 

 7ـ ولادة الابن من الآب لم تتم في زمن معين وانتهت، إنما هيَ دائمة منذ الأزل إلى الأبد كولادة النور من النار والشعاع من الشمس بدون انقطاع، فلا توجد نار بلا نور ولا شمس بلا شعاع.

 ويفرق الكتاب المقدس بين البنوة الجسدية والبنوة الروحية حتى في طريقة الكتابة، فمثلًا نجد إسحق بن إبراهيم (بحذف الألف) بينما نجد "يسوع المسيح ابن الله" (مر1: 1) بالألف للدلالة على أن المقصود هنا ولادة روحية مختلفة تمامًا عن الولادة الجسدية.

 وقد يتساءل البعض: لماذا نطلق على الأقنوم الأول لفظة "الآب" ولا نطلق عليه لفظة "الوالد".. الحقيقة أن لفظة "الآب" لم نطلقها نحن على الأقنوم الأول، إنما أطلقها الإنجيل ونحن نرددها، والإنجيل لم يطلق على الأقنوم الأول "الوالد" ولم يطلق على الأقنوم الثاني "ولد الآب"، إنما دعاهما الآب والابن إشارة للبنوة الروحية، فربما تشير كلمة "الوالد للولادة الجسدية" أمَّا "الآب" فأنها تشير بالأكثر إلى الولادة الروحية، وقد يكون هناك والدًا ولكنه يفتقد الأبوة، بينما قد يكون هناك شخصًا ليس والدًا ولكنه يتمتع بالأبوة الروحية للكثيرين.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(73) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية 1ـ الله ـ القمص تادرس يعقوب ص 22.

(74) أورده القس صموئيل مشرقي ـ حقيقة الثالوث ص 160.

(75) كمال البرهان على حقيقة الإيمان ص 30، 31.

(76) كمال البرهان على حقيقة الإيمان ص34.

(77) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والعقائد 1ـ الله ص 38، 39.

(78) الشهادة لألوهية المسيح للقديس أثناسيوس الرسول ـ مركز دراسات الآباء ص 41 ـ 43.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/trinity-and-unity/father-birth-son.html

تقصير الرابط:
tak.la/y38pd4t