St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1222- هل من العقوبات التي اقترحها الله على داود "سبع سني جوع" (2صم 24: 13) أم "ثلاث سنى جوع" (1 أي 21: 12)..؟ وهل الله علام الغيوب ينتظر أن يعرف عندما يبلغه جاد بإجابة داود؟

 

يقول " علاء أبو بكر " " يقول سفر صموئيل الثاني (2صم 24: 12، 13) ويقول سفر أخبار الأيام الأول (1أي 21: 12) فكم سنة حدَّدها الرب؟ وقد أنهى جاد رسالته إلى داود الذي يخيّره الإله الرحيم بين ثلاثة أنواع من العقاب بهذه الجملة {فالآن أعرف وأنظر ماذا أردُّ جوابًا على مرسلي} فأنظر إلى صورة هذا الإله الذي ينتظر رد جاد حتى يعرف ما قاله داود!! هل هذا هو الإله علام الغيوب؟!"(1).

ويقول "ليوتاكسل": "يرى النُقَّاد أن إرسال النبي جاد إلى النبي داود ليختار إحدى العقوبات الثلاث. عملًا صبيانيًا لا يليق بالعظمة الإلهيَّة... (ومن وجهة نظر أتباع مذهب الشك) أن الوباء الذي حصد سبعين ألف حبيب من أحباء يهوه خلال ثلاثة أيام، هو عقوبة غير مفهومة، ويبدو مبرّر تلك العقوبة أقل قبولًا إذا تذكرنا أنها حلَّت بسبب سلوك رجل واحد هو الملك داود، أما فعلة داود الشنعاء فتتلخص في أنه أتخذ إجراءً ملكيًا حكيمًا أمره به يهوه نفسه"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1 - جاء في سفر صموئيل الثاني: "فأتى جاد إلى داود وأخبره وقال له أتأتي عليك سبع سنى جوع في أرضك أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك أم يكون ثلاثة أيام وبأ في أرضك. فالآن أعرف وأنظر ماذا أردُّ جوابًا على مرسلي" (2صم 24: 13).

وجاء في أخبار الأيام: "أما ثلاث سنين جوع أو ثلاثة أشهر هلاك أمام مضايقيك وسيف الأعداء يدركك أو ثلاثة أيام يكون فيها سيف الرب ووبأ في الأرض وملاك الرب يعثو في كل تخوم إسرائيل. فانظر الآن ماذا أردُّ جوابًا لمرسلي" (1أي 21: 12).

St-Takla.org Image: Prophet Gad - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: جاد النبي - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: Prophet Gad - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: جاد النبي - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

ومما سبق يتضح أن سفر صموئيل الثاني حدد سنى الجوع بسبع سنوات بينما حدَّدها سفر الأخبار بثلاث سنوات... فكيف يمكن تفسير ذلك؟

إن المجاعة الشديدة لا تأتي بين سنة وأخرى، لأن المجاعة الشديدة يسبقها مجاعة أخف، وقد يلحقها أيضًا مجاعة أخف، فالمجاعة تأتي تدريجيًا نظرًا لما يُخزِنه الشعب من غلال في بيته قد تفيض عن احتياجه السنوي، كما أنه عندما تهل المجاعة يقتصد الناس في الغلال المتاحة لديهم، وأيضًا تذهب المجاعة تدريجيًا عندما تهطل الأمطار وتتم الزراعة والحصاد، وربما تستغرق الأرض وقتًا لتسترد قوتها وعافيتها بعد أن استمرت عدة سنوات لا تُزرع فكادت تتحوَّل للبوار، وتستغرق وقتًا حتى تأتي بحصادها الكامل وثمارها، فالمجاعة الشديدة القاسية مدتها ثلاث سنوات كما جاء في سفر الأخبار، يسبقها ويلحقها مجاعة أخف فتصل أيام المجاعة ككل إلى سبع سنوات كما جاء في سفر صموئيل الثاني.

 

2- لا ينبغي أن نغفل أن الجزء من العام في الحساب اليهودي يُحتسب عامًا كاملًا، فعندما كان يترك اليهود الأرض في السنة السابعة بدون زراعة، أو في سنة اليوبيل التي تأتي كل خمسين عامًا، كان محصول السنة السادسة يكفي للسنة السابعة بالكامل، وجزء من السنة الثامنة حتى يأتي الحصاد: "وإذا قلتم ماذا نأكل في السنة السابعة إن لم نزرع ونجمع غلَّتنا. فأني آمر ببركتي لكم في السنة السادسة فتعمل غلة لثلاث سنين. فتزرعون في السنة الثامنة وتأكلون من الغلة العتيقة إلى السنة التاسعة" (لا 25: 20 - 22). ولو كانت المدة الإجمالية للمجاعة ثلاث سنوات فقط لكان الشعب يحتملها بسهولة.

 

3- يقول " نيافة المتنيح الأسقف إيسيذورس " عن الجوع: "يستحيل أن يحلَّ دفعة واحدة بل لا بُد أن يأتي بالتدريج، ثم شدته حين لا يبقى في المخازن شيئًا من الحبوب حتى مخازن التجار، ثم تنازله وقد يكون بالتدريج، ولا بُد أن الظرف الأول يستغرق سنتين والظرف الأخير يستغرق مثل ذلك، أي إبان ما يزرع الناس ويقلعون ولا تكثر الحبوب إلاَّ المرة بعد المرة: أما الظرف الوسط وهو الثلاث سنين فهو الذي يكون الجوع بلغ نهايته وشدته، وهي المدة التي أقتصر ذكرها لعظم ويلها الكاتب الثاني"(3).

 

4- يقول " الدكتور القس منيس عبد النور " عن كاتب أخبار الأيام: "ما هي الحكمة في اقتصاره على ذكر ثلاث سنين، قلنا أن الحكمة في ذلك هي المشاكلة، فأنه قال " ثلاثة أنا عارض عليك، فاختر لنفسك واحدًا. إما ثلاث سنين جوع، أو ثلاثة أشهر هلاك... أو ثلاثة أيام يكون فيها سيف الرب وبأ في الأرض " فذكره الثلاثة في كل المواضع هو من باب المشاكلة (أي يكون لهم شكل واحد) وهو ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقًا أو تقديرًا. فكذلك عبر النبي هنا بلفظة ثلاثة في جميع الأماكن للمشاكلة، وصرف النظر عن طرفي المدة وهما سنتان قبل القحط الشديد وسنتان بعده"(4).

 

5- من البديهيات أن الله عالم بكل خفايا القلوب، وكل شيء مكشوف أمامه، المستقبل مثل الحاضر مثل الماضي تمامًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. يعرف جيدًا بماذا سيجيب داود، ولكن الله أراد له أن يختار العقوبة التي توقع عليه، وهذا تعبير قوي عن محبة الله لداود وتقديره له، فالله هو الطبيب الماهر الذي يعلم تمامًا أن خطية داود والشعب تحتاج لإجراء عملية جراحية عاجلة، ولكن هذا الطبيب الماهر يشرك المريض في اتخاذ القرار في أي مركز طبي يريد أن يجري العملية؟ ومن الملاحظ أن الله لم يكلم داود مباشرة، إنما كلمه عن طريق وسيط وهو جاد النبي، وربما يرجع هذا إلى كثرة خطايا داود... عرض الله على داود ثلاث عقوبات ليختار واحدة منها، ولم يفرض عليه عقوبة بعينها، وقد نجح داود في هذا الأمر، واختار بذكاء روحي عقوبة الوبأ قائلًا: "فلنسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان" (2صم 24: 14) فقد أختبر داود مرارًا وتكرارًا مراحم الله الفياضة، وفعلًا تراءف الله على شعبه ولم يستمر الوباء لمدة ثلاثة أيام، بل أستمر يومًا واحدًا قُتل فيه سبعون ألفًا من دان إلى بئر سبع، ثم " بسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها فندم الرب عن الشر وقال للملاك المُهلك الشعب كفى. الآن ردَّ يدك" (2صم 24: 16)

 

6- لم تحل تلك الضربة بسبب خطية داود فقط، بل أيضًا بسبب خطية الشعب، سواء في تأييدهم لثورة أبشالوم الابن العاق ضد أبيه الملك المختار، أو تأييدهم لشبع بن بكري في ثورته ضد داود، أو لمشايعتهم داود في كبريائه وانتفاخه كما رأينا من قبل.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز في الكلام اللي يغيظ س87 ص 68.

(2) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 364، 365.

(3) مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص 144.

(4) شبهات وهمية حول الكتاب المقدَّس ص 147.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1222.html

تقصير الرابط:
tak.la/wx4rpb2