St-Takla.org  >   books  >   amir-nasr  >   alex-rome
 
St-Takla.org  >   books  >   amir-nasr  >   alex-rome

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما - أ. أمير نصر

5- الإسكندرية وروما بين المواجهة والتأييد

 

محتويات

كنيسة الإسكندرية وكنيسة روما

وغيرهما من الكنائس الأخرى.. كانت في القرون الأولى من تاريخ المسيحية تمثل الكنيسة الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية، التي لها الإيمان الواحد برب المجد يسوع المسيح، ولها العلاقات الكنيسة التي تسوده المحبة والسلام والإخاء، حتى في وجود بعض المشكلات هنا وهناك..

ولكن

مع ظهور الهراطقة وتعاليمهم المنحرفة عن الإيمان المستقيم واختلاف الكنائس بين معارض ومؤيد. نجد الدور المتميز والواضح لكنيسة الإسكندرية في مواجهة الهراطقة، وحفظ إيمان الكنيسة وحمايته.. كما نجد الدور الواضح لكنيسة روما في تأييد كنيسة الإسكندرية في مواجهتها للهراطقة، وتؤكد على تمسكها أيضًا بهذا الإيمان المسيحي القويم.

بمعنى آخر.. أن قداسة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تحمل مسئولية مواجهة الهراطقة، وتفنيد تعاليمهم المنحرفة ودحضها. واتخاذ كل ما هو ضروري لإعلان الإيمان الصحيح والتمسك به.. وفي نفس الوقت كان بابا كنيسة روما يؤيد هذه المواجهة، ويتخذ المواقف الإيجابية لتأييد بابا الإسكندرية، ولتأكيد الإيمان الواحد. فجاء تعاونهما معًا صورة مشرقة ومضيئة في هذه الفترة التاريخية الهامة والحاسمة في حياة الكنيسة.

وتاريخ الكنيسة يحفظ لنا العديد والعديد من تلك المواجهات الأرثوذكسية وتأييدها. ولسنا بصدد رصد كل هذه الأحداث رغم أهمية ذلك لبناء الإيمان المسيحي ووحدته. ولكن يكفي أن نذكر بعضًا منها كنماذج صادقة لآباء صادقين في كنيسة الإسكندرية، وفي كنيسة روما.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أولًا: في مواجهة الأريوسية (1)

-1-

واجهت كنيسة الإسكندرية هرطقة أريوس الذي أنكر لاهوت السيد المسيح، واعتبره غير مساو للآب، بل مخلوقًا.. وقد حرمه البابوات بطرس الأول خاتم الشهداء 17 (302-311) والكسندروس الأول 19 (312-328) وأثناسيوس الرسولي 20 (328-373).. وبسببه عقُد مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325م. وفيه كان للقديس أثناسيوس الدور الرئيسي في تفنيد ودحض هذه الهرطقة والدفاع عن الإيمان المسيحي. وأيضًا صياغة "قانون الإيمان" الذي أصدره المجمع ووقع عليه 318 أسقفًا. وصار قانون إيمان الكنيسة القويم والحقيقي..

ولكن كان الأريوسيون بزعامة يوساب أسقف نيقوميديا وهو القوة الشيطانية الأولى في محاربة القديس أثناسيوس، تمكنوا من:

1- كسب الإمبراطور قسطنطين الكبير (323-337) وابنه الإمبراطور قسطنطيوس (337-361) إلى جانبهم، وتعبئة نفسيتهما ضد البابا أثناسيوس بالوشايات والتهم الباطلة.

2- إعادة أريوس بقرار من الإمبراطور قسطنطين والتخلص من الأساقفة النيقيين بعزلهم ونفيهم.

3- تكوين جبهة مناهضة للبابا أثناسيوس، ثم عقد مجمع صور 335 وتوجيه الاتهامات ضده، ثم قرار العزل والنفي الأول إلى ترييف بجنوب فرنسا..

4- رغم موافقة الإمبراطور قسطنطيوس على عودة البابا أثناسيوس إلى كرسيه ثانية بعد غياب أكثر من عامين.. إلا أن الأريوسيين عقدوا مجمعين في أنطاكية عام 339 جددوا فيه قرارات مجمع صور بعزل البابا، بل وتعيين غريغوريوس الكبادوكي بطريركًا للإسكندرية بدلًا منه..

5- قيام هذا البطريرك الدخيل فور دخوله الإسكندرية بالاعتداء على الشعب، وهاجم الكنائس. بل قيامه بمذبحة يوم الجمعة الكبيرة داخل الكنيسة وعاود الهجوم في ليلة عيد القيامة بغية الوصول للبابا أثناسيوس لينال منه، ولكن قداسته كان قد هرب من وجه الشر نزولًا على رغبة الأساقفة والشعب. وغادر الإسكندرية.

أمام كل هذه الأحداث نجد الموقف الإيجابي من كنيسة روما، وتأييد أسقفها يوليانوس الأول (337-352) لصديقه البابا أثناسيوس حيث قام:

1- تبادل الرسائل مع البابا أثناسيوس لتفنيد مزاعم الأريوسيين وقراراتهم.

2- استقبال البابا أثناسيوس في روما بعد مغادرة الإسكندرية وظل هناك نحو سبع سنوات وهي فترة النفي الثاني.

3- دعوة الأريوسيين لحضور مجمع في روما لوضع نهاية الصراع مع القديس أثناسيوس. ولكنهم رفضوا الحضور، بل وضعوا قانونًا جديدًا للإيمان مغايرًا لقانون إيمان نيقية. وأرسلوه إليه.

4- عقد مجمعًا في روما عام 340 م. وأصدر القرارات التالية:

أ‌- تبرئة البابا أثناسيوس من كل التهم المنسوبة إليه.

ب‌- عدم الاعتراف بعزل البابا أثناسيوس، لأن قرارات مجمع صور 335 تعتبر باطلة.

ج- عدم قانونية تعيين غريغوريوس الكبادوكي على كرسي الإسكندرية لأنه يتعارض مع قوانين مجمع نيقية المسكوني.

St-Takla.org         Image: Modern Coptic art: His Holiness Pope Athanasius of Alexandria, icon by Samy Hennes صورة: من الفن القبطي المعاصر، قداسة البابا المعظم الأنبا أثناسيوس بابا السكندري، أيقونة للرسام الفنان سامي حنس

St-Takla.org Image: Modern Coptic art: His Holiness Pope Athanasius of Alexandria, icon by Samy Hennes

صورة في موقع الأنبا تكلا: من الفن القبطي المعاصر، قداسة البابا المعظم الأنبا أثناسيوس بابا السكندري، أيقونة للرسام الفنان سامي حنس

د- تبرئة جميع الأساقفة الذين عزلهم ونفاهم الأريوسيين وقبولهم في شركة الكنيسة وعودتهم إلى كراسيهم.

ولكن الأريوسيين رفضوا قرارات مجمع روما، بل عقدوا مجمعًا في أنطاكية عام 341 م. للرد على أسقف روما وبحضور الإمبراطور قرروا فيه:

1- رفض قرارات مجمع روما.

2- إصدار ستة قوانين ضد البابا أثناسيوس.

3- وضع قانون إيمان للكنيسة يناهض لقانون إيمان نيقية ويسمى (بمرسوم القديسين).

وأرسلوا هذه القرارات الأريوسية إلى أسقف روما يوليانوس مع التهديد بعزله ونفيه.. وتلاحقت الأحداث وتبين أن العالم المسيحي في اتجاه الانقسام بين مؤيد ومعارض لنيقية والبابا أثناسيوس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد أدرك أسقف روما والبابا أثناسيوس خطورة الموقف، وسعيًا لدى إمبراطور الغرب قنسطانز (337-350) للحوار مع أخيه الإمبراطور قسطنطيوس لعقد مجمع في سرديكا عام 343 لحسم المشكلة.. ولكن الأريوسيين رفضوا الحضور. بل عقدوا مجمعًا خاص بهم جددوا فيه قراراتهم السابقة مع إضافة عزل أسقف روما وآخرين.. أما الآباء المجتعون في سرديكا فأيدوا قانون إيمان نيقية وقرارات مجمع روما 340م. وحرم وعزل بعض الأساقفة الأريوسيين.

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

توالت أحداث الصراع مع الأريوسية.. وعقد الأريوسيون مجمعًا في سيرميوم بإيطاليا 357م وأصدروا قانونًا جديدًا للإيمان مخالفًا تمامًا لقانون إيمان نيقية. وقد عرف بـ"مرسوم التجديف" وضغط الإمبراطور قسطنطيوس على الأساقفة النيقيين بالتوقيع عليه ولكنهم رفضوا فأصدر قرارًا بعزلهم ونفيهم. وكان منهم أسقف روما ليباريوس (352-366). وتعيين چورچ الكبادوكي بطريركًا للإسكندرية بدلًا من البابا أثناسيوس الذي بدأ فترة نفيه الثالث والاختياري لمدة ستة سنوات في البراري المقدسة بمصر. ثم النفي الرابع بقرار الإمبراطور چوليان المرتد (361-363) والنفي الخامس بقرار من الإمبراطور فالنس (364-375).. ثم عودة قداسته لكرسيه من جديد عام 366م..

ومع جهود البابا أثناسيوس لتقويض أركان الأريوسية، عقد مجمعًا في الإسكندرية عام 369م لمساندة أسقف روما داماسيوس (366-384) في مقاومته لأسقف ميلان الأريوسي أوكسنتيوس وكتب إليه رسالة تأييد، وتتضمن إدانة واضحة لأسقف ميلان وتفنيد لتعالميه الأريوسية.

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

-2-

تنيح القديس العظيم البابا أثناسيوس الرسولي في عام 373م، وجلس على كرسي القديس مار مرقس الرسول البابا بطرس الثاني 21 (373-379) تلميذ القديس أثناسيوس ومنذ بداية حبريته والأريوسيون يحاولون فرض الأسقف لوقيوس الكبادوكي بطريركًا للإسكندرية.. كما أثار الإمبراطور فالنس اضطهادًا ضد شعب الإسكندرية وضد الآباء النساك والمتوحدين في البراري المقدسة وخاصة برية شيهيت. حتى أنه قبض على القديس مكاريوس الكبير (300-390) ونفاه إلى جزيرة في مصر ومعه القديس مكاريوس الإسكندري (302-391)..

وقد حاولت القوات البيزنطية القبض على البابا بطرس الثاني. إلا أنه تمكن من الهروب والاختفاء في قصر مهجور بالإسكندرية. وفيه كتب رسالة يدافع فيها عن إيمان نيقية المستقيم، ويندد بألوان التنكيل والعذابات التي قام بها جنود الإمبراطور في الكنائس..

ولكن البابا بطرس رأى أن هروبه لن يفيد الكنيسة، وخاصة في سيطرة الأريوسيين على الإسكندرية وسائر أقاليم مصر.. فقرر السفر إلى روما.

وهناك في روما أستقبله الأسقف داماسيوس بكل ترحاب وحفاوة وتكريم إذ رأى فيه روح أبيه القديس أثناسيوس الرسولي.. وقد مكث البابا بطرس الثاني في روما نحو أربع سنوات هي فترة منفى اختياري ليناهض الأريوسية ويقاوم الأريوسيين فحدث:

1- موت أسقف ميلان الأريوسي وسيامة القديس أمبروسيوس أسقفًا عام 374 م. وبتأييد من البابا بطرس الثاني وأسقف روما داماسيوس.

2- ماركة البابا بطرس الثاني مع أساقفة الغرب النيقيين في مجمع الليرياسنة 375 م. والتأكيد على إيمان نيقية.

3- البابا بطرس الثاني يطلب من داماسيوس أسقف روما عقد مجمع لتأييد القديس ملاتيوس الأنطاكي (360-382) والاعتراف به وحرم ورفض الأسقف الأريوسي دورثيؤس الذي اغتصب كرسي أنطاكية.. وبالفعل عقد مجمع روما عام 376م وأصدروا القرارات بذلك وأرسلوها إلى ملاتيوس الأنطاكي فعقد بدوره مجمعًا حضره 146 أسقفًا وأيد قرارات مجمع روما.

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: في مواجهة النسطورية (2)

وأيضًا واجهت كنيسة الإسكندرية هرطقة نسطور بطريرك القسطنطينية (428-431)، الذي علم أن في السيد المسيح طبيعتين منفصلتين أو شخصين أو الاثنين حدث بينهما اقتران أو مصاحبة. وبالتالي فالسيدة العذراء هي أم يسوع وليست والدة الإله..

وقد تصدى القديس البابا كيرلس الكبير عمود الدين 24 (412-444) لهذه الهرطقة منذ البداية في رسالته الفصحية عام 429 م. حيث أكد على إيمان الكنيسة المستقيم أن للسيد المسيح طبيعة بعد الإتحاد التام والكامل فيها خصائص وصفات الطبيعتين بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. كما كتب رسالة إلى نسطور بهذا الخصوص، ولكنه أصر على موقفه وتعاليمه المنحرفة.. فكتب له أيضًا القديس كيرلس رسالة ثانية عام 430م يشرح فيها الإيمان ومستعينًا بنصوص من كتابات القديس البابا أثناسيوس الرسولي.. ولكن نسطور رفض هذه الرسالة أيضًا. بل رفض مقابلة الوفد الإسكندري..

وعليه عقد البابا كيرلس الكبير مجمع الإسكندرية الأول عام 430م بحضور جميع أساقفة مصر، وناقش هذه الهرطقة النسطورية الخطيرة والتي تهدد الإيمان.. وقرر ما يلي:

1- إدانة نسطور وشجب تعاليمه.

2- التمسك بقانون إيمان نيقية القسطنطيني.

3- كتب نص "نعظمك يا أم النور الحقيقي.. إلخ.".

وأرسل هذه القرارات إلى جميع أساقفة العالم. وإلى شعب القسطنطينية.. ولكن نسطور أصر على تعاليمه رافضًا قرارات مجمع الإسكندرية الأول..

St-Takla.org Image: Chair of Saint Peter (Cathedra Petri, Throne of Saint Peter: relic), gilt bronze sculpture by Gian Lorenzo Bernini (between 1647–1653) - St. Peter's Basilica: The Papal Basilica of St. Peter in the Vatican: Basilica Papale di San Pietro in Vaticano, Rome, Italy. Completed on 18 November 1626 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 22, 2014 صورة في موقع الأنبا تكلا: كرسي القديس بطرس الرسول، نحت برونزي مُذْهَب للفنان جان لورينزو برنيبني (في الفترة ما بين 1647–1653) - صور كاتدرائية القديس بطرس الرسول، الفاتيكان، روما، إيطاليا. انتهى العمل بها في 18 نوفمبر 1626 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 22 سبتمبر 2014

St-Takla.org Image: Chair of Saint Peter (Cathedra Petri, Throne of Saint Peter: relic), gilt bronze sculpture by Gian Lorenzo Bernini (between 1647–1653) - St. Peter's Basilica: The Papal Basilica of St. Peter in the Vatican: Basilica Papale di San Pietro in Vaticano, Rome, Italy. Completed on 18 November 1626 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 22, 2014

صورة في موقع الأنبا تكلا: كرسي القديس بطرس الرسول، نحت برونزي مُذْهَب للفنان جان لورينزو برنيبني (في الفترة ما بين 1647–1653) - صور كاتدرائية القديس بطرس الرسول، الفاتيكان، روما، إيطاليا. انتهى العمل بها في 18 نوفمبر 1626 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 22 سبتمبر 2014

وإزاء ذلك عقد البابا كيرلس الكبير مجمع الإسكندرية الثاني في نوفمبر 430 م. وقرر ما يلي:

1- التمسك بقرارات مجمع الإسكندرية الأول.

2- مطالبة نسطور بالتوقيع على رسالة البابا الثالثة له، والتي ألحق بها الحرومات الاثني عشر. وهي التي تعرف بالرسالة المجمعية.

ولكن نسطور ظل على عناده ورفضه.. وتأزم الموقف تمامًا بين مؤيد ومعارض.. فعقد على أثر ذلك مجمع أفسس المسكوني الثالث 431 م. وبحضور 200 أسقفًا.

وفي هذا المجمع برئاسة البابا كيرلس الكبير كانت هناك أحداث كثيرة ومناورات من قبل النسطوريين.. كما قرأ الآباء المجتمعون رسالة البابا كيرلس المجمعية. وفي نهاية الأمر صدرت هذه القرارات:

1- حرم نسطور وعزله.

2- الموافقة على قرارات مجمع الإسكندرية الأول 340م والتي تتضمن مقدمة قانون الإيمان "نعظمك يا أم النور..".

3- التأكيد على أن سر التجسد المجيد قائم في إتحاد اللاهوت بالناسوت في أقنوم الكلمة الأزلي بدون انفصال أو امتزاج أو تغيير. وأن السيدة العذراء هي "والدة الإله" ثيؤتوكس qeotokoc.

 في خلال هذه الأحداث، كتب البابا كيرلس الكبير رسالة إلى كليستينوس الأول أسقف روما (422-432) يشرح له فيها هرطقة نسطور ومدى خطورتها على الإيمان المسيحي، كما أرسل له قرارات مجمع الإسكندرية الأول..

وعلى الفور عقد البابا الروماني كليستينوس الأول مجمعًا في روما حضره جميع أساقفته. وناقش رسالة البابا كيرلس الكبير. وقرر إعطاء نسطور مهلة عشرة أيام ليرجع عن تعاليمه، وإلا سيكون محرومًا مقطوعًا من شركة الكنيسة.. وأرسل له رسالة بهذا الأمر.

وفي نفس الوقت كتب كليستينوس رسائل رائعة إلى القديس كيرلس الكبير يشكره فيها على يقظته ودفاعه عن الإيمان فقال له: "ونحن نفرح أن مثل هذه اليقظة توجد في تقواكم. حتى أنكم تفوقتم على أمثلة سابقيكم الذين كانوا دائمًا أنفسهم مدافعين عن التعليم المستقيم.. ونحن نخبرك كمدافع قوي جدًا لتثبيت الإيمان. أن كل شيء كتبته قداستكم بخصوص هذا الأمر قد سلم إلينا. لقد عريت كل فخاخ التعليم الغادر، وقويت الإيمان. (الرسالة 17).

من ناحية أخرى نجد البابا كليستينوس الأول يرسل وفدًا من كنيسة روما لحضور مجمع أفسس المسكوني وكلفهم بالاعتذار للآباء المجتمعين عن عدم حضوره شخصيًا لكبر سنه. أيضا تفويضه للبابا كيرلس الكبير في تنفيذ أحكام مجمع أفسس.. ومما هو جدير بالذكر أنه عندما قرأت رسالة البابا كليستينوس في المجمع، والتي جاءت أفكارها وتعليمها مطابقة تمامًا لتعاليم البابا كيرلس الكبير وعمود الدين. هتف الآباء الأساقفة قائلين: "ليس كليستينوس إلا بولس الجديد وليس كيرلس إلا بولس الجديد. إيمان واحد للجميع. وإيمان واحد للعالم بأسره..

ولم يمض على انقضاء مجمع أفسس عدة أشهر، حتى تنيح بسلام البابا كليستينوس الأول، والذي كان رفيقًا في الجهاد ضد النسطورية مع البابا كيرلس الكبير. وتم اختيار البابا سيكستوس الثالث (432-440) عوضًا عنه. وكان هذا البابا الروماني مؤيدًا للبابا كيرلس، وكتب رسالة إلى شعب كنيسة القسطنطينية، يُشيد فيها بدور البابا كيرلس ويعتبر عمله من أعمال الرسل.

_____

الحواشي والمراجع:

(1) راجع كتابنا: 1- الكنيسة تواجه الهراطقة ج1 عصر البابا أثناسيوس الرسولي.

                    2- الكنيسة تواجه الهراطقة ج2 عصر ما بعد البابا أثناسيوس (تحت الطبع)].

(2) راجع كتابنا: الكنيسة تواجه الهراطقة ج3 عصر البابا كيرلس الكبير (تحت الطبع).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/amir-nasr/alex-rome/opposition.html

تقصير الرابط:
tak.la/rkg9z3b