St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   27-Sefr-El-Ro2ya
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

الرؤيا 4 - تفسير سفر الرؤيا

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب سفر رويا يوحنا الإنجيلي:
تفسير سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي: مقدمة سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي | الرؤيا 1 | الرؤيا 2 | الرؤيا 3 | تعليق على رسائل الكنائس السبع | الرؤيا 4 | الرؤيا 5 | الرؤيا 6 | الرؤيا 7 | الرؤيا 8 | الرؤيا 9 | الرؤيا 10 | الرؤيا 11 | الرؤيا 12 | الرؤيا 13 | الرؤيا 14 | الرؤيا 15 | الرؤيا 16 | الرؤيا 17 | الرؤيا 18 | الرؤيا 19 | الرؤيا 20 | الرؤيا 21 | الرؤيا 22 | تسلسل الأحداث في سفر الرؤيا

نص سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي: الرؤيا 1 | الرؤيا 2 | الرؤيا 3 | الرؤيا 4 | الرؤيا 5 | الرؤيا 6 | الرؤيا 7 | الرؤيا 8 | الرؤيا 9 | الرؤيا 10 | الرؤيا 11 | الرؤيا 12 | الرؤيا 13 | الرؤيا 14 | الرؤيا 15 | الرؤيا 16 | الرؤيا 17 | الرؤيا 18 | الرؤيا 19 | الرؤيا 20 | الرؤيا 21 | الرؤيا 22 | الرؤيا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في الرسائل السبع التي وردت في الإصحاحين الثاني والثالث رأينا تأسيس ملكوت الله على الأرض في الكنيسة المجاهدة. وفي نهاية السفر نرى أورشليم السماوية أي ملكوت الله في صورته النهائية. وهذا الملكوت السماوي سيكون لمن يغلب، وهذه الكلمة تكررت سبع مرات خلال الرسائل السبع. إذًا إمكانية الغلبة موجودة وعلينا أن نجاهد. وكان آخر وعد في آخر رسالة وهي لاودكية أن من يغلب يجلس في عرش المسيح. وهنا نجد المنظر يتغير وإذا باب مفتوح في السماء ويرى يوحنا عرش الله. الله يُرِي يوحنا حبيبه عرشه وأن ما كلمه عنه في رسالة لاودكية عن المجد والعرش هو حق. ونلاحظ في رسالة لاودكية أن المسيح واقف على الباب يقرع وباب القلب مقفل أمامه، أما الله فيصور لنا باب السماء مفتوحا لكل من يأتي. ومن يفتح باب قلبه للمسيح يرى الباب مفتوحا في السماء. وقارن فالله يفتح أمامي باب السماء حيث المجد والطهارة والقداسة وأنا أغلق أمامه باب قلبي المملوء نجاسة (أر9:17).

وهذا الإصحاح والإصحاح التالي نجد فيهم منظر للسماء والله ضابط الكل هو الذي يتحكم في كل شيء. فسفر الرؤيا نجد فيه يوحنا في المنفى والكنيسة تعاني من اضطهاد دومتيانوس. بل سفر الرؤيا يحمل أخبار آلام كثيرة ستعاني منها الكنيسة. والله قبل أن يخبرنا بالآلام نراه متحكما في كل شيء، والمعنى أن الله يريد أن يقول أنا أحبكم فلا تخافوا مما سيحدث. كل شيء في يدي، وها أنا أريكم المجد المُعَّد لمن يصبر.

 

أيات 1-3 "بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ، وَالصَّوْتُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَبُوق يَتَكَلَّمُ مَعِي قَائِلًا: «اصْعَدْ إِلَى هُنَا فَأُرِيَكَ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا». وَلِلْوَقْتِ صِرْتُ فِي الرُّوحِ، وَإِذَا عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَعَلَى الْعَرْشِ جَالِسٌ. وَكَانَ الْجَالِسُ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهَ حَجَرِ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ، وَقَوْسُ قُزَحَ حَوْلَ الْعَرْشِ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهُ الزُّمُرُّدِ".

St-Takla.org Image: One of the twenty four priests (Four and Twenty Elders: 1) "Around the throne were twenty-four thrones, and on the thrones I saw twenty-four elders sitting, clothed in white robes; and they had crowns of gold on their heads" (Revelation 4: 4) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: واحد من الأربعة والعشرون قسيسًا (1): "وحول العرش أربعة وعشرون عرشا. ورأيت على العروش أربعة وعشرين شيخا جالسين متسربلين بثياب بيض، وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب" (الرؤيا 4: 4) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: One of the twenty four priests (Four and Twenty Elders: 1) "Around the throne were twenty-four thrones, and on the thrones I saw twenty-four elders sitting, clothed in white robes; and they had crowns of gold on their heads" (Revelation 4: 4) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: واحد من الأربعة والعشرون قسيسًا (1): "وحول العرش أربعة وعشرون عرشا. ورأيت على العروش أربعة وعشرين شيخا جالسين متسربلين بثياب بيض، وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب" (الرؤيا 4: 4) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

 بعد هذا = أي أن يوحنا انتقل إلى رؤيا جديدة فبعد ما سمع يوحنا صوتا من ورائه. التفت ليرى المسيح والآن يرتفع لدرجة روحية أعلى وأعلى ليرى عرش الله. وهذا التدرج حتى يحتمل يوحنا ما سيراه. وكان يوحنا ينمو في الروح، أي يدخل لدرجات روحية أعلى ليرتقي فيرى ما لا يرى بالجسد العادي. وهذا ما نفهمه من عبارة صرت في الروح. وهذه درجة أعلى من درجة كنت في الروح (رؤ10:1) وبهذه الدرجة الأعلى رأى يوحنا عرش الله. هو لم ينتقل بالجسد بل بالروح التي تستطيع أن تصل لأي مكان، وحينما ترتقي تصعد حتى إلى السموات. ولذلك قال له إصعد إلى هنا هو صعود بالروح، فهي درجة روحية أعلى أعطاها له الله. وهذه الدرجات العُليا تستلزم أن يكون الجسد شبه ميت فالجسد يشتهي ضد الروح وهو يجذب لأسفل. ويوحنا كان متألما منفيا في جزيرة قاحلة يسكنها لصوص ومجرمين، فالجسد كان شبه ميت فاستطاع الروح القدس أن يجذب الروح لدرجات عالية. فيها يسمع يوحنا ويرى بالروح دون أن ينتقل جسمه من على الأرض. وهذه ليست الحواس الطبيعية (1 كو9:2-12) + (2كو1:12-4) لذلك تكثر الكنيسة الأرثوذكسية من أصوامها وصلواتها لتعطي فرصة للروح لتصعد وتتمتع بالسماويات. فنحن لا نستطيع أن نتمتع بالسماويات ما لم تكن هناك دفعة روحية يساعدنا عليها الصوم والصلاة. ولنلاحظ أن من لا يتذوق ملكوت الله والسمائيات على الأرض يصعب أن يكون له نصيب في الملكوت السماوي فما نحصل عليه في الأرض هو عربون ما سنحصل عليه في السماء. فمن لم يستطع أن يقول مع داود ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب لن يكون له نصيب في عرش المسيح السماوي. ونلاحظ هنا شركة الصليب والمجد، فيوحنا المتألم المقفولة أمامه أبواب الأرض فتحت له أبواب السماء. وهكذا من يحبه الرب يسمح له بتجربة قاسية ويشترك معه في صليبه ليعزيه ويفتح له أبواب السماء فيختبر تعزيات سماوية لا ينالها غير المُجَرَّب.

والسماوات ثلاث:

1. سماء الطيور.

2. سماء الكواكب.

3. الفردوس.

وهناك سماء السموات التي فيها عرش الله، وتعبير سماء السموات هو مثل ملك الملوك أي أعظم الملوك ورب الأرباب ونشيد الأناشيد أي أعذب نشيد. وبهذا تعني سماء السموات، أعلى وأسمى وأمجد مكان، فكلمة سماء مشتقة من يسمو. وهذه هي التي رآها يوحنا. أما بولس صاحب المعرفة اللاهوتية والفلسفة الروحانية فاختُطِف للسماء الثالثة.

ويوحنا صاحب القلب المملوء حبا فرأى سماء السموات. وإذا كان يوحنا قد استطاع أن يرى كل هذا وهو ما زال في الجسد، فما الذي سيراه حينما يفارق الجسد . ولكن ما رآه يوحنا وصفه على قدر فهمه، وبقدر ما تستطيعه لغتنا البشرية العاجزة. فالأوصاف التي استخدمها كان يقول مثل كذا وكذا، فلا يوجد مثيل لما في السموات على الأرض. يوحنا كان كطفل سمع محاضرة في العلوم الرياضية من عالم كبير في الرياضيات وحاول أن يكرر ما سمعه، فهو حينئذ سيتكلم على قدر طاقته مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ = وما يقوله الله لا بُد وسيحدث. وفي تشبيه لطيف للقمص تادرس يعقوب "أنك لو أخذت طفلا إلى المطار ورأى الطائرات سيعود ويقول رأيت بطًا كبيرًا.

وعلى العرش جالس = حينما تأتي هذه الرؤيا هنا بعد الرسائل وقبل الأخبار المرعبة عن الحروب واضطهاد الكنيسة. فالمعنى أن كل الأمور يتحكم فيها الله. هو مسيطر على كل المصائر، وبيده كل سلطان في السماء وعلى الأرض.

ولكن من بهاء جلال الجالس على العرش لم يعرف يوحنا كيف يصفه فدعاه جَالِسٌ فالشرح فوق طاقة استيعاب يوحنا وتعجز اللغة البشرية أن تعبر عنه، وهذه الصورة لله جالسا على عرشه هي التي نضعها في شرقية الهيكل ونسميها البانطوكراطور أي ضابط الكل. والعرش له أربع أرجل. كل رجل ترسم بشكل أحد الحيوانات الأربعة (آية 7) والله يظهر جالسا رمزًا لاستقرار ملكه، فعرشه لا يهتز كملوك الأرض لقوته وقدرته وحكمته ولا تغيير في قراراته فهو ضابط الكل يتحكم في كل أمر وهو لا يخطئ فلا يندم.

وَعَلَى الْعَرْشِ جَالِسٌ = كلمة العرش لا تعني قطعًا كرسي يجلس عليه الله، فالله لا يحده زمان ولا مكان، هو الذي يحوى الكل ولا يحويه شيء (1مل8: 27). ولكن كلمة العرش يفهم منها المُلك والسلطان فهو رئيس ملوك الأرض (رؤ1: 5). بل هو الذي يتحكم في قلوب الملوك (أم21: 1). وكلمة جالس يُفهم منها الراحة، كما أن كلمة ماشى وسط الكنائس (رؤ2: 1) يُفهم منها العمل من أجل كنيسته ورعايته الدائمة للكنيسة. أما كلمة واقف حينما تقال عن الله فتعني أنه مقبل على عمل عقاب لشعبه "هَكَذَا أَرَانِي وَإِذَا ٱلرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَى حَائِطٍ قَائِمٍ وَفِي يَدِهِ زِيجٌ ... هَأَنَذَا وَاضِعٌ زِيجًا فِي وَسَطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. لَا أَعُودُ أَصْفَحُ لَهُ بَعْدُ فَتُقْفِرُ مُرْتَفَعَاتُ إِسْحَاقَ وَتَخْرَبُ .. (عا7: 7-9). أما كلمة جالس فتفيد راحة الله لأنه تمم تدابيره لراحة شعبه. وبنفس المفهوم نجد كلمة يخرج الرب، فهذه تعني أن الرب يخرج من مكانه. والمفهوم أن الله محبة وهو صانع خيرات، فحينما يحكم ضد شعبه أو أي شعب فيقال الرب خرج من مكانه، أي عمل عملًا هو لا يحب أن يعمله، عملًا ضد طبيعته الخيِّرَة يكون هذا العمل للتأديب والعقاب. وأمثلة على ذلك:-

"فيخرج الرب ويحارب" (زك14: 3). وأيضًا "فَإِنَّهُ هُوَذَا ٱلرَّبُّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَانِهِ وَيَنْزِلُ وَيَمْشِي عَلَى شَوَامِخِ ٱلْأَرْضِ، فَتَذُوبُ ٱلْجِبَالُ تَحْتَهُ، وَتَنْشَقُّ ٱلْوِدْيَانُ كَٱلشَّمْعِ قُدَّامَ ٱلنَّارِ. كَٱلْمَاءِ ٱلْمُنْصَبِّ فِي مُنْحَدَر. كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ إِثْمِ يَعْقُوبَ، وَمِنْ أَجْلِ خَطِيَّةِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ" (مى1: 3-5). وعندما أهانوا الرب وأدخلوا عبادة الأوثان إلى داخل بيت الرب خرج الرب من الهيكل الذي أحب السكنى فيه، فدخله البابليون وخربوه "وَخَرَجَ مَجْدُ ٱلرَّبِّ مِنْ عَلَى عَتَبَةِ ٱلْبَيْتِ وَوَقَفَ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ" (حز10: 18). وأيضًا نفهم تعبيرات مثل وعاد الرب أو رجع الرب بأن الرب يرجع عن قراره بعقاب كان قد قرره إذا هم تابوا وأمثلة ذلك: *"يَرُدُّ ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ، وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ بَدَّدَكَ إِلَيْهِمِ ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ" (تث30: 3). *"فَقُلْ لَهُمْ: هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: ٱرْجِعُوا إِلَيَّ، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، فَأَرْجِعَ إِلَيْكُمْ" (زك1: 3). *"وَلَا يَلْتَصِقْ بِيَدِكَ شَيْءٌ مِنَ ٱلْمُحَرَّمِ، لِكَيْ يَرْجِعَ ٱلرَّبُّ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ، وَيُعْطِيَكَ رَحْمَةً" (تث13: 7).

شبه حجر اليشب = حجر كثير الشفافية، هو يرمز لمجد الله وبهاء قداسته، وبساطة محبته للبشر. هو لا يحمل في قلبه سوى المحبة بلا حقد ولا ضغينة. فالبساطة تشير لعكس ما يشير إليه التعقيد أو التركيب. فمشاعر الله كلها محبة، ومحبة فقط فالله محبة، هذه هي طبيعته، طبيعة بسيطة لا يوجد فيها أي شائبة كراهية.

العقيق = لونه أحمر، لون الدم إشارة لفدائه، فإن كان الله في بساطته، كله محبة لنا، فهذه المحبة وصلت لسفك دم ابنه. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به" (يو16:3).

قَوْسُ قُزَحَ حَوْلَ الْعَرْشِ = هو علامة ميثاق بين الله والإنسان، فالله لا يريد هلاك الإنسان وموته كما وعد نوح. ووجود هذه العلامة هنا وحَوْلَ الْعَرْشِ = إشارة تعطينا اطمئنان أن الله يذكر هذا الوعد ولا يريد هلاكنا. فالله لا ينسى وعده لنوح ولا لأبنائه. وتعدد ألوان قوس قزح يشير لتعدد بركات ومواهب الروح القدس للكنيسة

شبه الزمرد = الزمرد لونه أخضر وهو لون الحياة. ولاحظ الرمز في سفر الرؤيا، فقوس قزح متعدد الألوان فكيف يكون لونه أخضر. المعنى أن الله لا يريد لنا الموت والهلاك بل يريد لنا الحياة (يو16:3) فالله حيّ ويريد أن تكون لنا حياة. ونحن نصلي في أوشية الراقدين "عُلْهُم في موضِع خُضرة على ماء الراحة" إشارة لحياة أبدية للراقدين ولا حياة بدون خضرة أو ماء.

 

آية 4 "وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ".

St-Takla.org Image: The twenty four elders of the Book of Revelation - Lake Tana Monasteries, Bahir Dar - From St-Takla.org's Ethiopia visit - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008 صورة في موقع الأنبا تكلا: الأربعة والعشرون شيخا من سفر الرؤيا - من ألبوم صور أديرة بحيرة تانا، بحردار، الحبشة - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، من رحلة موقع الأنبا تكلا إلى إثيوبيا، إبريل - يونيو 2008

St-Takla.org Image: The twenty four elders of the Book of Revelation - Lake Tana Monasteries, Bahir Dar - From St-Takla.org's Ethiopia visit - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008

صورة في موقع الأنبا تكلا: الأربعة والعشرون شيخا من سفر الرؤيا - من ألبوم صور أديرة بحيرة تانا، بحردار، الحبشة - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، من رحلة موقع الأنبا تكلا إلى إثيوبيا، إبريل - يونيو 2008

هنا نسمع عن طغمة سمائية عالية المستوى جدًا هم الأربعة والعشرون "قسيسًا" وَمُتَرْجَمَة في طبعة بيروت "شيوخًا". وأصل الكلمة إبرسفيتيروس `precbuterwc ومنها إبريسفيا `precbi`a أي شفاعة، فهم لهم عمل كهنوتي إذ يقدمون أمام العرش صلوات القديسين. ولكن لأن البروتستانت يرفضون فكرة الشفاعة والكهنوت ترجموها "شيوخًا". بينما في أماكن أخرى مثل (أع17:20) يترجمونها قسوس، فالقسيس عند الطوائف البروتستانتية هو مُعَلِّم، فإذا جاءت الكلمة في مجال التعليم تُتَرجَم "قسيس" وإذا جاءت بمعنى الصلاة يترجمونها "شيخ". وهذا راجع لرفضهم فكرة العمل الكهنوتي. ففي (يع 5: 14) يترجمون الكلمة "شيوخ" فهي تتحدث عن مسحة المرضى التي يقوم بها الكهنة. عموما أصل الكلمة (إبرسفيتيروس) في اليونانية كان يعني شيوخ. لكن لما قامت الكنيسة وسامت قسوسًا للخدمة الكهنوتية وجدت أن أنسب كلمة في اليونانية هي إبرسفيتيروس فاستعملتها للقساوسة، وصارت هذه الكلمة بمعنى الكهنة القساوسة لمدة 15 قرنًا من الزمان حتى أعادها البروتستانت بمعنى "شيوخ". على أن هذا خطأ فهناك كلمات كثيرة تغير معناها بعد المسيحية مثل كلمة إكليسيا وكانت تعني في اليونانية جماعة ولكنها بعد المسيحية صارت تعني كنيسة. فهل يقبل البروتستانت أن تسمى كنائسهم جماعة كذا أو جماعة كذا بحسب القاموس اليوناني. وكلمة أسقف في أصلها تعني ناظر ثم صارت درجة الأسقف.

عموما كان لا يصح أن يتم ترجمة نفس الكلمة مرة بمعنى شيوخ ومرة بمعنى قسوس.

وملحوظة أخرى طريفة على هذه الترجمة، فربما يصح تسمية شيوخ وهي بالإنجليزية Elders والمعنى الكبار سنًا هنا في كنائسنا على الأرض ، ولكن لهذه الطغمة السمائية فالسؤال هنا عن الأربعة والعشرون.. هم أكبر سنا مِنْ مَنْ وهل هناك طغمات سمائية أصغر سنًا . وهل كانوا صغارا في السن حين خلقهم الله ومع الزمن صاروا شيوخا. واضح أن الترجمة ليست في مكانها.

وهؤلاء الأربعة والعشرون قسيسا متسربلين بثياب بيض = وهذه قد تعني الطهارة والبر، ولكن في نفس الوقت تشير لملابس الكهنة فعملهم كهنوتي ولهم جامات أي مجامر يقدمون فيها بخورًا هو صلوات القديسين (رؤ8:5).

وهذا يعني قيامهم بدور شفاعي، فهم يقدمون صلواتنا ويرفعونها لله والمعنى أن صلواتنا بها الكثير من الأخطاء ولا يجب أن تقدم لله، هكذا فنحن نقول ما لا يجب أن نقوله، وقد نقف بلا خشوع. بينما الله يطلب أن نقف في خشوع واحترام كاملين، لذلك ظهرت ظواهر طبيعية مخيفة قبل أن يظهر الله للشعب في سيناء مع موسى وقبل أن يكلم إيليا لتضعهم هذه الظواهر في موقف خشوع.

"لقد فهمت عمل الأربعة والعشرون قسيسًا من حوادث وقعت معي، فقد كان كثيرين من الناس يعطوني طلباتهم مكتوبة في ورق مطوي لأضعها على المذبح أثناء القداس. وذات مرة فتحت ورقة منهم وقرأتها فوجدت فيها طلبات غير مقبولة مثل "يا رب انتقم لي من فلان" فأعدت لِمَنْ أعطاها لي وقلت له: لماذا تجعلني أخطئ بوضع هذه الطِلبة أمام الله؟ ومن يومها صِرْت أراجع كل ورقة تُعْطَى لي قبل وَضْعَها على المذبح".

وعلو منزلة الـ24 قسيسًا تتضح من أن لهم عروش وأكاليل. فهم طغمة سمائية ملائكية كهنوتية عملها الشفاعة. وهم يرمزون لشعب العهد القديم (12 سبط) وشعب العهد الجديد (12تلميذ) أو يرمزون للعمل الكهنوتي في العهدين.

ويبدو أن لهم درجة ملوكية فهم لهم عروش وأكاليل. وهم لهم ذوكصولوجية خاصة في الكنيسة وتعيد لهم الكنيسة سنويًا.

 

آية 5 "وَمِنَ الْعَرْشِ يَخْرُجُ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ. وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ".

 بروق ورعود وأصوات = هذا ما حدث في سيناء قبل أن يظهر الله للشعب، وهذا ما حدث مع إيليا قبل أن يكلمه الله، حتى يكونوا في خشوع حين يتكلم الله فهذه البروق والرعود إشارة، أو أنها تثير الرهبة، وترمز لهيبة الله وقوته وعظمته التي ترعب البشر (عب21:12). وهي تشير أيضًا لدينونة الله العادلة. أما الله مع خاصته الذين هم أصلا في خشوع سيكون الله معهم كالنسيم الهادئ كما تكلم مع إيليا.

البروق = البروق تسبق المطر. والمطر يشير للبركات الإلهية. لذلك فالبروق تشير لوعود الله للأبرار والبرق يلمع في السماء ويراه الكل، هكذا وعود الله للكل.

St-Takla.org Image: Christ Jesus with some of the Revelation's twenty four priests - from St. George Church, Agouza, Giza , Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح مع جانب من الأربعة والعشرين كاهنًا من سفر الرؤيا - من صور كنيسة الشهيد مارجرجس، العجوزة، الجيزة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

St-Takla.org Image: Christ Jesus with some of the Revelation's twenty four priests - from St. George Church, Agouza, Giza , Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح مع جانب من الأربعة والعشرين كاهنًا من سفر الرؤيا - من صور كنيسة الشهيد مارجرجس، العجوزة، الجيزة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

الرعود = تشير لإنذارات الله لمن لا يريد التوبة، فهناك من لا يتأثر بالوعود لكنه يخشى من الإنذارات فيتوب.

الأصوات = هي أحكام وقرارات إلهية تعلن سلطان الله على السماء والأرض. إذًا الله أعطى وعود (برق) مثل "من يغلب يجلس معي في عرشي". وأعطى إنذارات (رعود) مثل "فتب وإلا فإني آتي وأزحزح منارتك". ومن يستفيد ويتوب تصدر له أحكام وقرارات بالبركة ومن لا يستفيد تصدر ضده قرارات بالعقوبة. وكل ما يصدر عن العرش هي قرارات ووعود وإنذارات لا تتغير.

سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ = رمز لعمل الروح القدس الكامل في الكنيسة، فرقم 7 هو رقم الكمال. فالروح القدس يقدم كل ما هو لازم لخلاص الإنسان منذ ولادته الولادة الثانية، وتثبيته في المسيح واستمرارية ثباته عن طريق التبكيت والتعليم والإقناع والتوبيخ والنصح والإرشاد وهو يعطي قوة تعين الإنسان ويقود الكنيسة (سَمِّيَ "سفر أعمال الرسل": "سفر أعمال الروح القدس") وهو الذي يعطي الثمار والمواهب ورآه على هيئة مَصَابِيحِ نَارٍ = لأن الروح القدس حلَّ على التلاميذ على هيئة ألسنة نارية. وإلهنا نار آكلة (عب29:12).

أَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ = أي أمام عيني الله، والمعنى أن خلاص الكنيسة والحفاظ عليها (وهو عمل الروح القدس الآن) وإعدادها لتكون عروس الخروف هو محل اهتمام الله بالدرجة الأولى (راجع شرح رؤ4:1). ولاحظ أن المصابيح كانت عبارة عن ألسنة لهب، فتائل مغموسة في زيت ومشتعلة، وتمثل الفتائل المؤمنين (الكنيسة يمثلها هنا في سفر الرؤيا 7 مناير هي 7 كنائس أي كل الكنائس) . والمؤمنين مملوئين من الروح (الزيت) فيكونوا نورا للعالم. وهكذا كانت المنارة في خيمة الاجتماع، والله عينه على هذه الكنيسة عروسته.

 

آية 6 "وَقُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ. وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ:"

قُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ= العالم مشبه بالبحر لملوحته ومن يشرب منه يعطش. (لذاته وتنعماته) بالإضافة لاضطرابه وأمواجه التي ترفع يوما وتخفض يوما. ومن يعيش في البحر يغرق ويموت إشارة لمن يحيا للعالم فقط تاركا الله. لكن هنا نجده يشبه الكنيسة ببحر من زجاج شبه البلور.

1. إشارة للمعمودية التي نولد منها. وكان في الهيكل بحر يغتسل فيه الكهنة قبل دخولهم للهيكل. فالبحر في المفهوم اليهودي يشير لمكان الاغتسال في الهيكل ولاحظ أن الله أمامه البحر والسبعة المصابيح، فالطريق للعرش يمر خلال البحر والروح. فلن يعاين ولن يقدر أن يدخل ملكوت الله من لا يولد من الماء والروح الولادة الثانية وبها يصبح ابنًا لله (يو 5:3) والبحر زجاج فلا معمودية في السماء. ولكن نفهم أن البحر الزجاجي هو إشارة لكل أولاد الله بالمعمودية وأنهم أمام عينيه دائما.

2. البلور شفاف رمز للنقاء فالكنيسة كما أن فيها سر المعمودية، فيها سر توبة واعتراف به تغفر الخطايا، ويسمى سر التوبة معمودية ثانية. وكان البحر في الهيكل يُستخدم بطريقتين.

أ‌. يستحم الكاهن فيه بالكامل في بداية خدمته عندما يصل سنه إلى 30 سنة.

ب‌. يغتسل فيه الكاهن (يديه ورجليه فقط) كل مرة يدخل الهيكل. الأولى تشير للمعمودية والثانية تشير للتوبة وكلاهما يشير للنقاوة التي يشير لها البلور. وهاتين المرتين لاستعمال البحر في الهيكل هما ما أشار لهما السيد المسيح في حديثه مع بطرس حين رفض غسل قدميه. ولأن سريّ المعمودية والتوبة مع الإعتراف كلاهما فيه مغفرة للخطايا قال ميخا النبي "يَعُودُ يَرْحَمُنَا، يَدُوسُ آثَامَنَا، وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ ٱلْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُ" (مى7: 19). والبحر في هذه الآية يشير للبحر الذي كان في الهيكل، والبحر الذي في الهيكل يشير لسرى المعمودية والتوبة اللذين بهما نولد كأولاد لله (المعمودية)، ونستمر أولادا له (التوبة).

3. شبه البلور فهو يعكس أمجاد الله. وأمجاد الله تتلألأ على القديسين، وتنعكس من عليهم.

4. هو بلا أمواج فلا اضطراب في السماء.

إذًا بحر الزجاج يرمز للكنيسة المولودة من المعمودية، وبها ماتت وقامت مع المسيح وصارت نورا للعالم تعكس نور إلهها شمس البر

وهي قدام العرش أي أنها أيضًا محل اهتمام الله وقدام عينيه . (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). الله مهتم بكنيسته وبقيادة وإعداد الروح القدس لها. وهذا واضح من وجود السبعة المصابيح أمام العرش (آية4) مع البحر البلور (راجع تفسير نش5: 12). وبعد أن نسمع عن كل هذا الاهتمام بنا وأن القرارات الخاصة بنا خارجة من عرش من يحبنا.. فلماذا الخوف مما رأينا ونرى أن الطريق للعرش الذي بحسب وعد المسيح لنا مكان فيه، هو كالآتي:

1. يجب أن يكون أولاد الله معمدين تائبين أنقياء.

2. ماتوا عن العالم وقاموا مع المسيح. هم نور للعالم يعكسون نور المسيح.

3. قاموا في جدة الحياة ولا يقاوموا عمل الروح القدس.

4. يستجيبوا لأصوات وإنذارات الله.

St-Takla.org Image: Jesus Christ on His throne: "The four living creatures, each having six wings, were full of eyes around and within. And they do not rest day or night, saying: “Holy, holy, holy, Lord God Almighty, Who was and is and is to come!”" (Revelation 4: 8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح على العرش: "والأربعة الحيوانات لكل واحد منها ستة أجنحة حولها، ومن داخل مملوة عيونا، ولا تزال نهارا وليلا قائلة: «قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيء، الذي كان والكائن والذي يأتي»" (الرؤيا 4: 8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: Jesus Christ on His throne: "The four living creatures, each having six wings, were full of eyes around and within. And they do not rest day or night, saying: “Holy, holy, holy, Lord God Almighty, Who was and is and is to come!”" (Revelation 4: 8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح على العرش: "والأربعة الحيوانات لكل واحد منها ستة أجنحة حولها، ومن داخل مملوة عيونا، ولا تزال نهارا وليلا قائلة: «قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيء، الذي كان والكائن والذي يأتي»" (الرؤيا 4: 8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

5. مستفيدين من عمل الكهنوت الأرضي وشفاعة السمائيين.

 

آيات 6-8 "وَقُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ. وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ: وَالْحَيَوَانُ الأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ، وَالْحَيَوَانُ الثَّانِي شِبْهُ عِجْل، وَالْحَيَوَانُ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ، وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ. وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ حَوْلَهَا، وَمِنْ دَاخِل مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا، وَلاَ تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلًا قَائِلَةً: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي»".

المركبة الكاروبيمية (الأربعة الحيوانات)

هناك بعض كُتَّاب الصحف يحلو لهم أن يصفوا ما رآه حزقيال النبي في رؤية المركبة الكاروبيمية حاملة عرش الله بأنها مركبة فضاء. فما هي قصة هذه المركبة وما هي قصة الأربعة الحيوانات الذين يستحسن تسميتهم الأربعة المخلوقات الحية (غير المتجسدين) نلاحظ أنه يقول شبه كذا، فكل ما يراه هو أشباه الحقائق لأنه يستحيل علينا إدراك ورؤية السماويات على حقيقتها، ونحن في الجسد الترابي. وهذه الأربعة المخلوقات الحية هي الكاروبيم كما يتضح من (حز1:10). فنفس الرؤيا التي رآها يوحنا هنا هي نفسها التي رآها حزقيال من قبل(حز4:1-11) والكاروبيم هم طغمة من طغمات الملائكة، وكما يحدث في اللغة الهيروغليفية إذ كانوا يستخدمون الأشكال للتعبير عن معاني الأشياء نرى هنا الوحي يستخدم أشباه حيوانات نعرفها للتعبير عن بعض المعاني لعمل هؤلاء الملائكة.

هم يمثلون عرش الله. فالله يقال عنه الجالس فوق الشاروبيم، ففي (مزمور10:18) نسمع أن الله ركب على كاروب وطار. وهم مملوءون أعيُنًا وهذا إشارة لمعرفتهم الفائقة، فهم يعرفون الله. ومن هنا نفهم أن الله ركب على كاروبيم أو جلس عليه بمعنى أنه يرتاح أو أنه يجد راحته في هؤلاء الملائكة الذين يعرفونه بالحق.

ونسمع هنا أن الكاروبيم موجودون في وسط العرش وحول العرش = هذا يذكرنا بمشهد أب جالس في فرح وأولاده حوله.

عموما كل من يعرف الله حقيقة يستريح الله فيه، بل إن معرفة الله هي الحياة الحقيقية (يو3:17). "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي"

ماذا قال الآباء عن هذه الأربعة المخلوقات الحية:-

1- كلمة كاروبيم جمع كلمة كاروب، وكاروب تعني ملء المعرفة، وتم تصوير هذا هنا بقوله مملوءة عيونا من قدام ومن وراء. أما نحن فمعرفتنا الآن محدودة ولكن في السماء ستزداد معرفتنا إذ سنراه وجها لوجه. أما الكاروبيم فهم مملوئين أعينا لأنهم يعرفون الله. ونحن نعرف الله عن طريق الأناجيل. لذلك قال الآباء أنهم يشيرون للأناجيل الأربعة. فالذي يشبه الإنسان يشير لإنجيل متى الذي بدأ إنجيله بنسب المسيح وكان أكثر من كتب عن المسيح ابن الإنسان. والذي على شبه أسد يشير لإنجيل مرقس الذي نسمع فيه عن المسيح القوي القادر كما يقدمه مرقس للرومان الذين يعشقون القوة، وقد بدأ مرقس إنجيله بالصوت الصارخ في البرية وأنهاه بأن المعجزات التي صنعها المسيح، أعطى لمن يؤمن به أن يفعل مثلها (مر17:16) فليس المسيح وحده هو القوي، بل من يتبعه أيضًا. والذي يشبه العجل يشير لإنجيل لوقا الذي بدأ بكهنوت زكريا وقدم المسيح الكاهن الذي يخلص العالم بدم ذبيحته. والذي يشبه النسر يشير لإنجيل يوحنا الذي أثبت أن المسيح هو ابن الله. ومن خلال الأربعة أناجيل نتعرف على المسيح فنعرفه هنا جزئيا أما في السماء فنعرفه كما يعرفنا (1كو12:13). ومن يعرفه يصير له حياة أبدية. ومن يعرفه يسكن المسيح فيه ويرتاح وبهذا نتحول لمركبة كاروبيمية تحمل الله... ألسنا هيكل الله والروح القدس يسكن فينا. ومن يصنع إرادة الله يسكن فيه الآب والابن ويصنعون عنده منزلا (يو23:14).

2- قالوا إن الأربعة المخلوقات الحية تشير لعمل المسيح الفدائي فمن هو على وجه إنسان يشير لتجسد المسيح، ومن له وجه العجل يشير للصليب، ومن له وجه الأسد يشير للقيامة. ومن له وجه النسر يشير للصعود. إذًا بعمل المسيح الفدائي نصير أهلا ليسكن المسيح فينا ويرتاح فينا نقوم معه ونصعد معه.

3- يشير الأسد للقوى العضلية الجسمانية في الإنسان، ويشير وجه الإنسان للقوى العقلانية الذهنية، ويشير وجه العجل للقوى الشهوانية. ويشير وجه النسر للقوى الروحية. ولن يرتاح الله في إنسان ما لم تتقدس كل قواه أي تتكرس له، فبقواه العقلية يدرك ما يريده الله. وبقواه العضلية يخدم الله. وبقواه الشهوانية يقدم كل طاقاته لحب الله فيفرح بالله. وبطاقته الروحية يتصل بالله، فالروح القدس يتصل بالروح. وإذا وصل الإنسان لهذه الدرجة يقول مع بولس الرسول "الله الذي أعبده بروحي" (رو9:1) ولن تتصل الروح بالله إلا لو قدسنا باقي الطاقات لحساب الله. ومن يفعل ذلك يتحول لمركبة كاروبيمية. فالجسد يشتهي ضد الروح والروح يشتهي ضد الجسد، وإذا قمنا بقمع الجسد واستعبدناه نعطي فرصة للروح أن تتصل بالله ولهذا ازدادت أيام الصوم في كنيستنا.

St-Takla.org Image: Jesus Christ on the throne around His angels in heaven: "who is to come" (Revelation 1: 4, 8; 4: 8; 11: 7) - Details (14) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح على عرشه وسط ملائكته في الملكوت: "الذي يأتي" (الرؤيا 1: 4، 8؛ 4: 8؛ 11: 17) - تفاصيل (14) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: Jesus Christ on the throne around His angels in heaven: "who is to come" (Revelation 1: 4, 8; 4: 8; 11: 7) - Details (14) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح على عرشه وسط ملائكته في الملكوت: "الذي يأتي" (الرؤيا 1: 4، 8؛ 4: 8؛ 11: 17) - تفاصيل (14) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

4- صورهم الله في هذه الصورة لندرك أن لهم طاقات تفوق طاقات الإنسان فمن صورة الأسد نرى قوة جبارة تفوق قوة الإنسان. ومن صورة العجل نرى أنهم يعملون بلا كلل. ومن صورة النسر نرى أن لهم رؤية ثاقبة لا يستطيعها الإنسان، وكل هذا مجموع فيمن له وجه الإنسان أي الحنو والشفقة والعقل. وهذا يحدث لنا إذا سكن الله فينا فتصير لنا إمكانيات غير عادية. لذلك قال بولس الرسول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني".

وربما بهذه الصور يعكسون لنا صفات الله فبالأسد نرى قوة الله غير المحدودة فهو الأسد الخارج من سبط يهوذا الذي يدافع عن كنيسته وعن شعبه كما يدافع الأسد عن أشباله. وهو الأسد في إفتراس الأشرار (هو 14:5).

وبوجه العجل نرى أن الله لا يكف عن العمل بلا كلل "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو17:5). ونرى فيه أيضًا طول أناة الله وصبره. ووجه النسر يشير لسمو وعلو الله. ونرى أيضًا في وجه الإنسان حنان الله ولطفه وشفقته.

5- قالوا إن الذي يشبه الإنسان عمله أن يشفع في البشر. ونرى محبة الملائكة وشفاعتهم في البشر في الآتي "فَأَجَابَ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ وَقَالَ: «يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ، إِلَى مَتَى أَنْتَ لَا تَرْحَمُ أُورُشَلِيمَ وَمُدُنَ يَهُوذَا ٱلَّتِي غَضِبْتَ عَلَيْهَا هَذِهِ ٱلسَّبْعِينَ سَنَةً" (زك12:1). فهنا الملاك يطلب الرحمة لأورشليم والساكنين فيها. وأيضا يقول رب المجد "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي ٱلسَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ" (لو7:15). ولكن هل يحتاج الله لمن يشفع في البشر أو في خليقته؟ الإجابة نعم. بل هو يطلب ذلك كما قيل بإشعياء النبي "مِنْ جِهَةِ بَنِيَّ وَمِنْ جِهَةِ عَمَلِ يَدِي أَوْصُونِي" (إش11:45). فالله يفرح بروح المحبة حين تملأ قلوب أولاده. ولذلك يقول القديس يعقوب الرسول "وصَلُّوا بَعْضُكُمْ لِأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا" (يع16:5). والذي يشبه الأسد يشفع في الحيوانات التي تحيا في البرية. والذي يشبه العجل يشفع في حيوانات الحقل، هذه التي يهتم بها الإنسان ويرعاها لفائدته. ولكن حيوانات البرية كالأسد لن يهتم بها أحد ليرعاها ولكن نرى الله هنا يرعاها فهو خالقها. والذي يشبه النسر يشفع في الطيور. ولكن لا يوجد من يشفع في الزواحف فمنهم الحية، ولا يوجد من يشفع في البحريات لأن البحر يشير للعالم المتقلب. ومن يحمل منا الله في داخله ويرتاح الله فيه يصير مركبة كاروبيمية وتكون له شفاعة في العالم الذي يحيا فيه، فقد قيل عن الأنبا بولا أنه بصلاته كان الله يفيض النيل على أرض مصر. ونلاحظ أن الأرض لعنت بسبب خطية الإنسان ودخل لها الفيضانات أو عكسها حين تشح المياه ويموت الناس والحيوانات. والعكس بسبب إنسان بار يرضي الله عن الأرض. وربما أن الطبع الوحشي للحيوانات كان نتيجة لعنة الأرض أيضا. والعكس فبسبب إنسان بار تفقد الحيوانات وحشيتها كما حدث مع ثعبان الأنبا برسوم العريان، ومع أسود دانيال.

6- الكاروبيم لهم ستة أجنحة. بجناحين يغطون أجسامهم (حز11:1). وكما جاء بالقداس يغطون أرجلهم في حياء من الله. وبجناحين يغطون وجوههم إذ لا يستطيعون النظر في الله كلي المجد. وبجناحين يطيرون أي مستعدين لتنفيذ أوامر الله فورًا. والكاهن إذ يتشبه بالملائكة في القداس واقفا أمام جسد المسيح ودمه يضع في بعض الأحيان لفافة أمام وجهه كما يفعل الكاروبيم إذ يغطون وجوههم، ويضع لفافتين على يديه متشبها بهم.

7- نرى الكاروبيم في سفر الرؤيا مسبحين الله في فرح لأجل خلاص البشر، ولكننا وجدنا الله يقيم كاروبيم على الجنة حتى لا يدخل الإنسان ويأكل من شجرة الحياة فيحيا إلى الأبد. فهل كان هذا لقلة محبتهم لنا؟ بالعكس فنحن هنا نجدهم مملوئين محبة للإنسان (رؤ9:5) فهم هنا يسبحون الله على فدائه لنا بل يتكلمون بلساننا. إذًا هم ليسوا ضد الإنسان. وإنما كان وقوفهم أمام الجنة سببه أنهم شهود على رحمة الله الذي يريد أن لا يحيا الإنسان إلى الأبد وهو في خطيته، والخطية قد شوهت كيانه. أي حتى لا يحيا الإنسان للأبد بهذه الصورة المشوهة. وكان لا بُد للإنسان أن ينتظر حتى يقوم المسيح بعمله الفدائي لفداء الأجساد فيحصل الإنسان على جسد ممجد يشبه جسد المسيح ابن الله في مجده وبهذا الجسد نحيا للأبد. وبهذا المفهوم وجدنا كاروبين فوق تابوت العهد على الغطاء المُغَطَّى بدم الكفارة. فهم كانوا شهودا على رحمة الله ومحبته الغافرة.

8- تسبحتهم " قدوس قدوس قدوس" وهذا ما رآه وسمعه إشعياء أيضًا (أش 6) وهي تسبحة ثلاثية يردد فيها كلمة قدوس ثلاث مرات فهي (1) مقدمة للإله مثلث الأقانيم (2) في العبرية تكرار الكلمة ثلاث مرات تعني القداسة التي ليس بعدها قداسة. ونلاحظ في تسبحاتهم أنهم لا يطلبون شيئا، بل هم يسبحون ويشكرون الله على عطاياه، فرحين بالله على قدرته ومحبته ومجده. وهكذا سنكون في السماء لا نطلب شيئًا فلن نكون محتاجين إلى شيء، بل نسبح الله على مجده الذي لا يوصف والذي وهبنا أن نستمتع به معه. وتسبحة الكاروبيم تنطق بمحبتهم للبشر (رؤ12:5) فنجدهم يسبحون الله الذي خلقنا وفدانا. وعموما نرى في سفر الرؤيا تسابيح كثيرة إعلانًا عن أن حياة السماء هي حياة تسبيح. فلنتعلم من الآن حياة التسبيح لنستعد للسماء ونكون مثلهم. وهذا يبدأ بالتغصب أولًا.

 

St-Takla.org Image: "The four living creatures, each having six wings, were full of eyes around and within. And they do not rest day or night, saying: “Holy, holy, holy, Lord God Almighty" (Revelation 4: 8) - Details (23) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: واحد من السارافيم ذوي الستة أجنحة، بجانبه: "قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيء" (الرؤيا 4: 8) - تفاصيل (23) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The four living creatures, each having six wings, were full of eyes around and within. And they do not rest day or night, saying: “Holy, holy, holy, Lord God Almighty" (Revelation 4: 8) - Details (23) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: واحد من السارافيم ذوي الستة أجنحة، بجانبه: "قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيء" (الرؤيا 4: 8) - تفاصيل (23) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

تدريب:

حاول أن تجعل يومًا من أيام الأسبوع تقدم فيه تسبحة لله فقط دون أن تسأل فيه أي سؤال، أو يكون لك تسبحة يومية بجانب صلاتك.

نهارا وليلا = هذا قول مجازي بمعنى كل الوقت، فلن يكون هناك ليل في السماء، فالله سيكون نورا دائمًا في السماء (رؤ 5:22).

القادر على كل شيء = ضابط الكل الإله القدير الذي لا يستحيل عليه شيء (تك 14:18).

 

آيات 9-11 "وَحِينَمَا تُعْطِي الْحَيَوَانَاتُ مَجْدًا وَكَرَامَةً وَشُكْرًا لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، الْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ: «أَنْتَ مُسْتَحِقٌ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ»".

هنا نرى الأربعة والعشرون قسيسا الذين لهم عروش وتيجان، نجدهم يطرحون أكاليلهم= تيجانهم أمام الله ساجدين، إظهارا لخضوعهم وأن كل ما نالوه هو من الله. فلنتعلم منهم السجود بخشوع والميطانيات metanoia، واحتقار كل أمجاد العالم أمام مجد الله المعد لنا. بل أن سجودهم يعلمنا أن طريق الاقتراب لله هو الانسحاق أمامه وطرح كل مجد لنا أمامه. فلولا أن الأربعة والعشرون قسيسا وجدوا أن سجودهم أمام الله وطرح أكاليلهم أمامه في انسحاق قد أعطاهم فرحا أكبر ما كانوا قد فعلوا هذا. وما هو السبب الذي يجعل المتواضع والمنسحق يقترب من الله ويفرح به؟ هذا ببساطة لأن هذه هي صفة الله، فهو وديع ومتواضع القلب (مت11: 29). ولذلك يقول الله "فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُرْتَفِعِ ٱلْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ، وَمَعَ ٱلْمُنْسَحِقِ وَٱلْمُتَوَاضِعِ ٱلرُّوحِ، لِأُحْيِيَ رُوحَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ، وَلِأُحْيِيَ قَلْبَ ٱلْمُنْسَحِقِينَ" (إش57: 15). فالمسيح المتواضع لا يتلاقى مع من يسلك في طريق مضاد للتواضع أي طريق الكبرياء، ولكنه يسكن عند المتواضع الذي يسلك في نفس طريقه. وبنفس المعنى يقول الرب "كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ" (لو17. 10).

وطرح الأكاليل يعني أن الفضل كله لله وهذا ما علمه لنا الآباء أن من يمارس الميطانيات، سريعًا ما تأتي له بالفرح. وهذا يتفق مع تعليم السيد المسيح بالجلوس في المتكآت الأخيرة (أي الشعور بعدم الاستحقاق والانسحاق أمامه) ليأتي صاحب الفرح ويجلس هذا المتواضع في المتكآت الأولى بكرامة (أي الفرح الذي يحصل عليه المنسحق) فخلع الأكاليل والسجود هو الجلوس في المتكأ الأخير. والانسحاق هو طريق الفرح الحقيقي.

إذا المركبة الكاروبيمية ليست مركبة فضاء بل نحن أمام صورة سمائية فيها ملائكة خدام لله وفيها قسوس يشفعون في الخليقة، ولكن كل هذا تم تصويره بلغة يفهمها البشر فلغة السماء لا مثيل لها على الأرض. إلا أن من عاش في جو كنيستنا الأرثوذكسية لن يجد السماء غريبة عليه فنحن كمن يعيش السماء على قدر ما نفهم على الأرض.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الكنيسة هي صورة السماء:

1. الرسول رأى عرش الله والله جالس عليه، والكنيسة بها مذبح عليه جسد الرب ودمه المتحدين بلاهوته.

2. الرسول رأى أمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة والروح القدس يعمل في الكنيسة خلال أسرارها وثماره في المؤمنين ومواهبه، هو يملأ الكنيسة وأفرادها ويقودها.

3. الرسول رأى بحر زجاجي في السماء. والكنيسة بها معمودية.

4. الرسول رأى 24 قسيسًا في السماء. والكنيسة بها كهنة قساوسة.

5. كان القساوسة السمائيين يلبسون ثيابًا بيض وهكذا الكهنة في الكنيسة.

6. كان القساوسة السمائيين يرفعون بخورا أمام العرش. وهكذا الكهنة في الكنيسة.

7. يحمل العرش 4 حيوانات رمزًا للإنجيل الذي يقرأ في الكنيسة دائما.

8. الشموع المضاءة تمثل الملائكة. وفي بعض أجزاء القداس يخفي الكاهن وجهه بمنديل كما يفعل الكاروبيم. وأحيانا يحمل لفائف على يديه كأنها أجنحتهم.

9. الرسول سمع تسابيح كثيرة في السماء. والكنيسة مملوءة تسابيح في عشية وباكر والقداس.

حقا إن من يعيش في جو الكنيسة على الأرض لن تكون السماء غريبة عليه.

وأسلوب الله هو هو نفسه لا يتغير فهذه كانت نفس الصورة في هيكل العهد القديم. فالله ليس عنده تغيير أو ظل دوران (يع 17:1).

1. عرش الله يقابله قدس الأقداس وتابوت العهد.

2. سبعة مصابيح نار متقدة يقابلها المنارة ذات الأفرع السبعة.

3. البحر الزجاجي يقابله بحر النحاس.

4. الـ24 قسيسًا يقابلهم الكهنة.

5. الثياب البيضاء للكهنة هي هي.

6. البخور كان موجودا على مذبح البخور.

7. الكاروبيم يمثلهم كاروبين على تابوت العهد.

8. الهيكل مملوء تسابيح وصلوات ومزامير.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مقارنة بين الرؤيا السماوية والكنيسة وهيكل العهد القديم

الرؤيا السماوية

الكنيسة

هيكل العهد القديم

الله جالس على العرش

7 مصابيح نار متقدة

 بحر زجاجي

24 قسيسًا

القسوس لهم ثياب بيض

القسوس يقدمون بخورًا

الكاروبيم (4 حيوانات)

السماء موطن الملائكة

 تسابيح كثيرة

جسد ودم المسيح على المذبح

الروح القدس يعمل في الكنيسة

المعمودية

كهنة

القسوس لهم ثياب بيض

الكهنة يقدمون بخورًا

4 بشائر نرمز لها بأربع وجوه

 شموع مُضاءة رمزًا للملائكة

تسابيح كثيرة

تابوت العهد في قدس الأقداس

منارة ذات 7 شُعَب

 بحر نحاس

كهنة

الكهنة لهم ثياب بيض

الكهنة يقدمون بخورًا

كاروبيم فوق تابوت العهد

 كاروبان في قدس الأقداس

 تسابيح كثيرة

 

حقا يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد (عب 8:13).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تعليق

 

الأربعة المخلوقات الحية (الكاروبيم)

يقول المرنم داود النبي عن الرب ابن الله الكلمة:

"طأطأ السموات ونزل ... ركب على كروب وطار" (مز18: 9 ، 10).

* وقوله نزل هو نبوة عن تجسد الابن.

* وقوله طأطأ السموات يعني أن المسيح أتى لنا بالحياة السماوية نحيا فيها بينما نحن ما زلنا على الأرض، كما قال بولس الرسول "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع" (أف2 : 6). ويقول أيضًا "فإن سيرتنا (مواطنتنا our citizenship) نحن هي في السماوات" (فى3: 20). وأعطانا الله أن نرتفع كل بحسب جهاده في الدرجات السماوية، لذلك يقول المرنم "إليك يا رب أرفع نفسي" (مز 25: 1).

* وقوله ركب على كروب هو نفس ما نردده في ألحان الشعانين "الجالس فوق الشاروبيم" وجلس تعني ارتاح. أي أنه يرتاح لأن الكاروبيم المملوءين أعينا يعرفونه. ومن يعرفه حقيقة يحبه إذ هو يستحق هذا الحب. لكن المسيح اشتكى من قسوة قلوب البشر وقال "ليس لابن الإنسان أين يسند رأسه" (مت8: 20). وهؤلاء لم يحبوه إذ هم لم يعرفوه. ونحن نعرف المسيح من خلال الأناجيل التي يمثلها وجوه الكاروبيم الأربعة.

* وراجع معنى يعرف الله، وأنه يعني الإتحاد بالله في تفسير الآيات (مت11: 25 - 30). وهناك علاقة واضحة بين المعرفة والمحبة، فكلا الكلمتين يعبران عن الوحدة (راجع تفسير الآية يو15: 9)، لذلك كلما نمت المحبة بيننا وبين المسيح نزداد ثباتا فيه. وكلما ازداد الثبات في المسيح نرتفع معه في السماويات درجة فوق درجة. وهكذا كل منا إذ نعرف الله نتحد به في حب فنرتفع عن الأرضيات ونحيا في السماويات.

* ومن هذا نفهم أن قوله وطار أنه يعني أن الكاروبيم إذ هم يعرفونه حق المعرفة فهم اكتشفوا حلاوته وأحبوه. إذًا هم قد اتحدوا به. وإذ هم اتحدوا بالله المتعالي فهم قد ارتفعوا في درجاتهم السماوية إذ سحبهم الله إلى الأعالي.

* والمعرفة ليست كل شيء لنرتفع إلى السماويات، لكن كان لا بد من عمل المسيح الفدائي وهذا كما رأينا يمثله أيضًا وجوه الأربعة المخلوقات الحية.

* وأيضا لا بُد من تكريس كل طاقاتنا لحساب مجد الله، ورأينا هذا في أربعة وجوه المخلوقات الحية. والدافع لتكريس طاقاتنا يكون نتيجة لحب من أحبنا وقدم لنا هذا الفداء وهذه الحياة السماوية.

* ومن يرتفع في السماويات يعطيه الله إمكانيات تفوق إمكانيات البشر:- حدة البصر كالنسر/ العمل بلا كلل كالعجل/ الفكر السديد والرحمة، ويمثل هذا وجه الإنسان/ القوة ويمثل هذا وجه الأسد. بل ويكون لهذا الإنسان دالة عند الله وشفاعة لمن يشفع فيهم. وهذا معنى قول بولس الرسول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى4: 13).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/27-Sefr-El-Ro2ya/Tafseer-Sefr-Roia-Youhanna-El-Lahouty__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/q85ttk7