St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   23-El-That-Ana
 

كتب قبطية

كتاب الذات (الأنا) - البابا شنودة الثالث

3- الباب الثاني: الذات (الأنا) Ego: محبة الذات: من الخطايا الأمهات

 

نقول إنها من الخطايا الأمهات، لأن محبة الذات، أو المحبة الخاطئة للذات، هي أم وَلُود، تلد كثرة من الخطايا.

من أولي الخطايا التي تلدها (الأنا): الكبرياء.

المهتم بالأنا، يريد باستمرار أن يكبّر ذاته. فتكون ذاته كبيرة في عينيه، وأيضًا كبيرة في أعين الآخرين. وفي ذلك يكون معجبًا بذاته. وقد يقع فيما يسمونه (عشق الذات). نفسه جميلة جدًا في عينيها. كمن يحب باستمرار أن ينظر في مرآة، ويتأمل محاسنه..!

ومن هنا الذي يقع في محبة (الأنا)، قد يقع أيضًا في الغرور.

ويظن في ذاته أكثر من حقيقة ذاته... إنه إنسان يحس بقيمة ذاته. يحس أنه شيء، وأن له أهمية خاصة، أو له مواهب خاصة، أو أنه يمتاز على غيره: يفهم أكثر، أو له مركز أكبر. وهذا الشعور يعطيه ثقة زائدة بالنفس، يريد أن يفرضها على الآخرين.

وبهذا الشعور ينقاد إلى العظمة، وإلى محبة المتكآت الأولى...

St-Takla.org         Image: Painting by Alessandro Botticelli (1444 1510) - Portrait of a Man : Michele Marullo Tarcaniota صورة: لوحة للفنان أليخاندرو بوتيشيللي (1444-1510) - صورة رجل: ميشيل مارولو تاركانيوتا

St-Takla.org Image: Painting by Alessandro Botticelli (1444 1510) - Portrait of a Man : Michele Marullo Tarcaniota

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة للفنان أليخاندرو بوتيشيللي (1444-1510) - صورة رجل: ميشيل مارولو تاركانيوتا

ربما هذا الشعور بالذات يأتي إلى الإنسان في سن المراهقة.

عندما يشعر بانتقاله إلى مرحلة أعلى تمنحه أهمية معينة. وما أكثر ما يستمر هذا الشعور المراهق معه كلما طال به العمر، ولكنه يأخذ مظاهر أخرى غير مظاهر سن المراهقة.

وقد يحدث هذا الشعور للطفل من كثرة المديح أو التشجيع، أو بسبب التفوق، أو بسبب ملكات خاصة. غير أن هذا الشعور قد لا تكون له خطورة عند الطفل. ولكنه غالبا ما ينحرف عند الكبار.

في كل هذا يكون المتهم بذاته بعيد كل البعد عن التواضع.

ذلك لأن محبته للكرامة قد تقف حائلًا أمامه في الوصول إلى حياة الاتضاع. فهو يرى في التواضع إقلالًا من شأنه، وإبعادًا له عن العظمة التي يريدها لنفسه. إنه يحب لذاته أن تحترم من الجميع. بل يلذ له أن يكون المحترم الوحيد. ويريد أن يكون هو الوحيد الذي هو موضع اهتمام الناس وتقديرهم...

من أجل هذا قد يقع أيضًا في خطايا الغيرة والحسد.

وفي هذه الغيرة، يريد أن كل شيء يصل إليه هو: المديح والمال والإعجاب والنجاح والتفوق والاهتمام.

إنه ليس فقط يحب لذاته أن تمدح، بل أن يكون المدح كله له وحده. إن مدحوا غيره، تتعب نفسه ويتضايق. كما لو كان ذلك الغير الذي مدحوه، قد اغتصب منه حقًا موقفًا عليه.

وهكذا كانت الذات أو الأنا سببًا لصراعات سجلها الكتاب:

بسبب (الأنا) قام قايين على أخيه هابيل وقتله. لأن هابيل كان أبر منه، وقد استجاب الله لهابيل وقبل منه محرقته (تك4).

وبسبب (الأنا) قام الخلاف بين إبراهيم ولوط. وقال عنهما الكتاب "ولم تسعهما الأرض أن يكسنا معًا" (تك13: 6). "فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرآم، ورعاة مواشي لوط"... لمن تكون الأرض المعشبة. حتى أن أبانا ابرآم القديس قال للوط ابن أخيه "لا تكن مخاصمة بيني وبينك، وبين رعاتي ورعاتك، لأننا نحن أخوان. أليست الأرض كلها أمامك. اعتزل عني. إن ذهبت شمالًا، فأنا يمينًا. وإن يمينًا، فأنا شمالًا" (تك13: 7-9). وهكذا افترقا.

وبسبب (الذات) أيضًا قامت عداوة بين يعقوب وعيسو، وهما شقيقان.

يعقوب قال في قلبه: أنا الذي آخذ البكورية بدلًا من أخي، وانتهز فرصة جوع أخيه وإعيائه، واشتري منه البكورية بأكلة عدس (تك25: 29-34) (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وعاد بنفس الأنا وتحايل بمساعدة أمه أن يأخذ لنفسه البركة بدلًا من أخيه. ولا مانع في سبيل ذلك من أن يخدع أباه الكفيف البصر. ويكذب ويقول لأبيه "أنا بكرك عيسو" (تك27: 19).

وعيسو أيضًا من أجل انتقامه لذاته يقول في قلبه "قربت أيام مناحة أبي. فأقبل يعقوب أخي" (تك27: 41).

كذلك فإن (الأنا) أوجدت صراعًا بين شقيقتين هما ليئة وراحيل.

كل منهما تريد أن تكسب الرجل، وأن تنافس أختها في كثرة البنين. حتى أن راحيل في هذا الصراع على محبة زوجها المشترك، وفي التنافس في الإنجاب، قالت "مصارعات الله قد صارعت أختي" (تك30: 8). وفي هذا الصراع منحت كل منهما جاريتها ليعقوب لكي ينجب منها نسلا يحسب لها.

بسبب (الأنا) أيضًا كانت فننة تغيظ حنة.

لأن فننة كان لها أولاد، وضرتها حنة كانت عاقرًا... فظلت فننة تغيظها حتى أبكتها. ولم تستطع أن تأكل من شدة الغيظ والحزن (1صم1: 2-7).

وكأن فننة تقول: أنا التي لها أولاد. وهي ليس لها...

وبنفس (الأنا) اشتكت مرثا من أختها مريم التي تجلس عند قدمي المسيح... وشعورها: لماذا أتعب أنا، ومريم مستريحة تستمع للرب. وهكذا قالت له "يا رب، أما تبالي بأن أختي قد تركتني أخدم وحدي فقل لها أن تعينني" (لو10: 40).

وبنفس (الأنا) شاول الملك عادي داود وطلب أن يقتله.

تضايق منه، وغار منه، وحسده. لأن النساء مدحته أكثر منه (حينما قتل جليات)، وأنشدن قائلات "ضرب شاول ألوفه، وداود ربواته". "فاحتمي شاول جدًا، وساء هذا الكلام في عينيه. وقال أعطين داود ربوات، وأما أنا فأعطينني الألوف... وبعد فقط تبقى له المملكة" (1صم18: 6-8). ومنذ ذلك الحين بذل كل جهده ليقتل داود الذي أنقذه وأنقذ الجيش كله من جليات الجبار... ولكنها الذات!

وبسبب الذات استاء الابن الأكبر، من إكرام أبيه لأخيه التائب!

St-Takla.org Image: The Parable of the Lost Son: the prodigal son (Luke 15:11-32): "Now his older son was in the field. And as he came and drew near to the house, he heard music and dancing. So he called one of the servants and asked what these things meant. And he said to him, ‘Your brother has come, and because he has received him safe and sound, your father has killed the fatted calf.’ “But he was angry and would not go in" - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900. صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الابن الضال (لوقا 15: 11-32): غضب الأخ الأكبر: "وكان ابنه الأكبر في الحقل. فلما جاء وقرب من البيت، سمع صوت آلات طرب ورقصا. فدعا واحدا من الغلمان وسأله: ما عسى أن يكون هذا؟ فقال له: أخوك جاء فذبح أبوك العجل المسمن، لأنه قبله سالما. فغضب ولم يرد أن يدخل. فخرج أبوه يطلب إليه" - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

St-Takla.org Image: The Parable of the Lost Son: the prodigal son (Luke 15:11-32): "Now his older son was in the field. And as he came and drew near to the house, he heard music and dancing. So he called one of the servants and asked what these things meant. And he said to him, ‘Your brother has come, and because he has received him safe and sound, your father has killed the fatted calf.’ “But he was angry and would not go in" - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الابن الضال (لوقا 15: 11-32): غضب الأخ الأكبر: "وكان ابنه الأكبر في الحقل. فلما جاء وقرب من البيت، سمع صوت آلات طرب ورقصا. فدعا واحدا من الغلمان وسأله: ما عسى أن يكون هذا؟ فقال له: أخوك جاء فذبح أبوك العجل المسمن، لأنه قبله سالما. فغضب ولم يرد أن يدخل. فخرج أبوه يطلب إليه" - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

فلما سمع صوت الفرح برجوع أخيه، غضب ولم يرد أن يدخل إلى البيت، ولا أن يشترك في الفرح بعودة أخيه. ولما خرج إليه أبوه ليدعوه إلى الدخول، عاتب أباه بشدة، مركزًا على ذاته، بقوله لأبيه: "ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك. وجديًا لم تعطني قط، لأفرح مع أصدقائي! ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني، ذبحت له العجل المسمن!!" (لو15: 25-30).

حقًا، إن التركيز على الذات، قد يضيع المحبة بين الأخوة والأشقاء.

بل يوجد العداوة بينهم، عداوة تتطور إلى القتل. أو على الأقل يصل الأمر إلى التنافس والصراع، أو إلى الشكوى والانتقاد...

وبنفس السبب يفترق الأقارب كما حدث بين ابرآم ولوط...

كذلك نلاحظ أن المتهم بالأنا، يركز على تحقيق ذاته.

إنه لا يفكر في ملكوت الله، وإنما في ملكوته هو. ملكوت الله لا يشغله، إنما تشغله ذاته، وكيف يحقق لها وجودها وطموحاتها...

حتى في صلاته، يرى أن عمل الله الأول هو أن يكون له ذاته، ويكبر له ذاته، على الأرض وفي السماء. ولا تشمل صلاته إلا عبارات أريد... وأريد!

الذي يركز على ذاته، يريد أن الكل يحقق له ذاته.

المجتمع الذي يحيط به، عليه أن يحقق له ذاته. والكنيسة واجبها أن تحقق له ذاته. وكذلك هذا هو عمل أب الاعتراف. وإن دخل في الخدمة، يهدف إلى الخدمة أيضًا تحقق له ذاته!

وإذا لم يحدث هذا، يثور على الكل! يثور على الكنيسة، إذا وجد أنها لا تحقق له ذاته. ويثور على أب الاعتراف، إن رأى أنه لا يحقق له ذاته. ويبتعد عن الوسط الديني كله، ساخطًا عليه، لأنه لا يجد ذاته فيه!! بل أن كل شخص لا يحقق له ذاته، يبتعد عنه – حتى الله نفسه!!

لعل هذا يذكرنا بالوجوديين الملحدين.

الذين كل منهم يبحث عن وجوده هو، وكيف يتمتع بهذا الوجود... ولسان حاله يقول: من الخير أن الله لا يوجد، لكي أوجد أنا!!

ومعنى الوجود عنده، هو أن يتمتع باللذة، واللذة في نظره، تتعلق بالمادة والحواس. فإن كانت وصية الله تقف ضد متعته الجسدية والمادية، فلا كان الله، ولا كانت وصيته!! إلى هذا الحد، تقود الأنا والذات...!

محبو الذات: كل فرحتهم في الأخذ، لا في العطاء.

يظنون أنهم بالأخذ يبنون الذات ويكبرونها، ويضيفون إليها جديدًا! يذكروننا بالغني الغبي الذي قال "أهدم مخازني وأبني أعظم منها. وأجمع هناك غلاتي وخيراتي. وأقول لك يا نفسي خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. استريحي وكلي وأشربي وافرحي..." (لو12: 16-19).

أما العطاء، فيقوم به الإنسان الذي يخرج من الاهتمام بذاته إلى الاهتمام بغيره ويؤمن بأنه "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع20: 35).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/23-El-That-Ana/The-Ego_03-Mother-Sins.html

تقصير الرابط:
tak.la/p7bxg5w