St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1630- هل يمكن تصنيف المزامير بناءً على خطوط عريضة مشتركة بينها؟

 

 ج : بالرغم من تعدد كتَّاب المزامير إلاَّ أنه توجد تشابهات كبيرة بين المزامير وبعضها البعض، ولذلك اجتهد الدارسون في تقسيم المزامير، ومن هذه التقسيمات ما يلي:

 أولًا: مزامير تاريخية.

 ثانيًا: مزامير مسيانية.

 ثالثًا: مزامير مرتبطة بأحداث في حياة داود. رابعًا: مزامير المناسبات.

 خامسًا: مزامير التسبيح.

 سادسًا: مزامير الشكر.

 سابعًا: مزامير التهاليل.

 ثامنًا: مزامير التوبة.

تاسعًا: مزامير المصاعد.

عاشرًا: مزامير تنصيب يهوه ملكًا.

حادي عشر: المزامير الملكيَّة.

اثنى عشر: مزامير التوسل والمراثي.

ثالث عشر: مزامير تعليمية.

رابع عشر: مزامير النقمة.

خامس عشر: المزامير الأبجدية.

 

 أولًا: مزامير تاريخية:

وهذه المزامير جاء فيها أحداث تاريخية، وشخصيات تاريخية، فهناك أكثر من عشرين مزمورًا ارتبطت بأحداث تخص شعب إسرائيل (مز 14، 44، 46، 47، 48، 53، 66، 68، 74، 76، 79، 80، 83، 85، 87، 108، 122، 124، 125، 126، 129)، بالإضافة إلى أربعة مزامير حملت تاريخًا مفصلًا عن معاملات الله مع شعبه (مز 78، 81، 105، 106) ومما جاء في هذه المزامير التاريخية:

(1) خلق السموات والأرض (مز 135 : 5 - 7، 136 : 4 - 7).

(2) إبراهيم وإسحق ويعقوب (مز 105 : 6-15، 23) ويوسف (مز 105 : 17، 18)، وموسى وهرون (مز 105 : 26، 27).

(3) الضربات العشر (مز 78 : 42 - 51، 105 27 - 36).

(4) الخروج من أرض مصر (مز 78 : 12-13، 53، 105 : 38، 106 : 9 - 12، 135 : 8، 9، 136 : 10 - 15).

(5) عجائب الله مع شعبه في البرية (مز 78 : 14 - 16، 105 : 39 - 45).

(6) تزمر الشعب في البرية ومعاقبتهم (مز 106 : 13-34).

(7) الدخول إلى أرض الموعد (مز 78 : 54، 55، 105 : 43، 44).

(8) هزيمة ملوك الأمم (مز 135 : 10-12، 136 : 17-22).

(9) سقطات الشعب في عصر القضاة (مز 78 : 56-59، 106 : 34-45).

 (10) استيلاء الفلسطينيين على تابوت العهد (مز 78 : 60، 61).

 (11) السبي إلى بابل والعودة من السبي (مز 137 : 1-3، 53 : 16، 85 : 1، 126 : 1).

 

 ثانيًا: المزامير المسيانية:

وقد حوت نبوات عن حياة السيد المسيح وآلامه وموته وقيامته وصعوده، وقد دُعيَ داود نبيًا لأنه ذكر الكثير من هذه النبوات في سفر المزامير، ويقول "القمص تادرس يعقوب": " نقـدم هنا المزامير المسيانية الهامة، وهيَ:

 مز 2: الملك المرفوض يقيم مملكته ويملك.

 مز 8: الإنسان سيد الخليقة بالمسيح ابن الإنسان.

 مز 16: قيامة السيد المسيح من الأموات.

 مز 22، 69: آلام السيد المسيح وصلبه.

 مز 23: عناية الراعي الصالح بخرافه الناطقة.

 مز 24: رئيس الرعاة ملك المجد.

 مز 40: المسيح المطيع.

 مز 45: عروس المسيح الملكة، وعرشه الأبدي.

 مز 68 : 18: صعود السيد المسيح.

 مز 72: مُلك المسيح المجيد الأبدي.

 مز 80: الرجاء العظيم واشتهاء مجيء المسيا (80 : 1 - 31، 89 : 46، 49).

 مز 89: تأكيد لا نهائية أسرة داود الملكية.

 مز 97: الملك يملك.

 مز 101: المسيح يحكم بالبر.

 مز 110: لقبا المسيح الوظيفتين: الملك الأبدي والكاهن.

 مز 118: تمجيد الحجر المرذول.

 مز 132: الوارث الأبدي لعرش داود (45).

 

 ثالثًا: مزامير مرتبطة بأحداث فـي حياة داود:

وهذا واضح من عناوين المزامير:

1ــ مز 3 لداود حينما هرب من وجه أبشالوم ابنه.

2ــ مز 7 لداود غناه بسبب كلام كوش البنياميني.

3ــ مز 18 لداود في اليوم الذي أنقذه فيه الرب من أيدي كل أعدائه ومن يد شاول.

4ــ مز 34 لداود عندما غير عقله قدام أبيمالك فطرده فانطلق.

5ــ مز 51 لداود عندما جاء إليه ناثان النبي بعدما دخل إلى بثشبع.

6ــ مز 52 لداود عندما جاء دواغ الأدومي وأخبر شاول بمجيء داود إلى أخيمالك.

7ــ مز 54 لداود عندما أخبر الزيفيون شاول بمكان اختباء داود.

8ــ مز 56 لداود عندما أخذه الفلسطينيون إلى جت.

9ــ مز 57 لداود عندما هرب من قدام شاول في المغارة.

10ــ مز 59 لداود عندما أرسل شاول رسلًا لقتل داود في بيته.

11ــ مز 60 لداود عندما حارب آرام النهرين وآرام صوبة.

12ــ مز 63 لداود لما كان في برية يهوذا.

13ــ مز 142 لداود لما كان في المغارة.

 

 رابعًا: مزامير المناسبات:

كان لكل يوم مزمور يترنمون به، فيوم السبت يترنمون بمزمور (92)، والأحد بمزمور (24)، والأثنين بمزمور (48)، والثلاثاء بمزمور (82)، والأربعاء بمزمور (94)، والخميس بمزمور (81)، والجمعة بمزمور (93).

 وكان اليهود يرنّمون (مز 81) فـي عيـد الأبواق (رأس السنة العبرية)، ويرنّمون مزامير التهاليل (113-118) في عيد الفصح، وفي عيد المظال كانوا يرنّمون (مز 65، 67، 29)، ويرنّمون (مز 12) في اليوم الثامن لعيد المظال، وفي يوم الكفارة كانوا يرنّمون مزموري (103، 130) وأيضًا مزامير التوبة، وفي صلوات المجمع كـان الشعب يصلي بمزامير الهللويا (مز 104، 106، 111 - 113، 115 - 117، 135، 146 - 150).

 

 خامسًا: مزامير التسابيح:

ترتبط هذه المزامير بعمل الله في الخليقة، كما أنها تعلن عظمة الله ومراحمه وإحساناته تجاه شعبه، وتتميز مزامير التسابيح بروح الفرح والسرور، ولها بدايات مميزة إذ تبدأ بالدعوة للتسبيح والفرح والغناء الروحي والهتاف، وحدَّد "درايفر" مزامير التسابيح بسبعـة عشر مزمورًا (مز 8، 19، 29، 33، 104، 105، 111، 113، 114، 117، 135، 136، 145 – 148، 150)، ويقول "القمص تادرس يعقوب": " التسبحة هيَ أغنية تُمجّد عظمة الله المُعلَنة في أعماله الخاصة بالخلق (مزامير الخليقة) وأيضًا عبر التاريخ. المزامير التي من هذا النوع غالبًا ما تبدأ بأمر ودعوة نحو العبادة، عندئذ توضح أسباب التسبيح، غالبًا ما يمهد لها بكلمة "لأنه".. ويُختَم المزمور أحيانًا بتجديد الدعوة نحو التسبيح، مُرددًا صدى ما بدأ به. يمكن رؤية هيكل مزامير التسبيح هذا بوضوح في المزمــور 117، أقصر مزمور في السفر" (46).

 ولئلا يقول أحد أن مزامير التسابيح مقتبسة من التسابيح البابلية، فإن هناك فرق هام وهو أن التسابيح البابلية يغلب عليها طابع التوسل، بينما مزامير التسابيح يغلب عليها طابع الفرح والسرور والتسبيح، وإن كان هناك توسل فأنه يأتي كأمر استثنائي.

 

 سادسًا: مزامير الشكر:

وهيَ قريبة من مزامير التسابيح، والفارق أن مزامير التسبيح تُمجّد الله من أجل أعماله وصفاته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. مثل قول المرنم: " أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ" (مز 8 : 1)، أما مزامير الشكر فإنها تُمجّد الله من أجل عمله مع الإنسان، فعندما يتعرض الإنسان لضيقة ويصرخ لله وربما ينذر نذرًا ويستجيب له الرب يقدم ذبيحة شكر لله ويترنَّم بمزامير الشكر مثلما فعل حزقيا الملك بعد أن فداه الله من الموت وأطال حياته عشرة أعوام، وقد يكون الشكر فردي بسبب تدخل الله في إنقاذ إنسان من ضيقة أو مرض، فيقول المرنم: " اَللَّهُمَّ عَلَيَّ نُذُورُكَ. أُوفِي ذَبَائِحَ شُكْرٍ لَكَ. لأَنَّكَ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ. نَعَمْ وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ لِكَيْ أَسِيرَ قُدَّامَ اللهِ فِي نُورِ الأَحْيَاءِ" (مز 56 : 12، 13) وقد يكون الشكر جماعي كما جاء في (مز 46، 48، 65-76... إلخ.) ويقول داود النبي في أحد مزامير الشكر": مِنْ قُدَّامٍ الْمُغَنُّونَ. مِنْ وَرَاءٍ ضَارِبُو الأَوْتَارِ. فِي الْوَسَطِ فَتَيَاتٌ ضَارِبَاتُ الدُّفُوفِ" (مز 68 : 25).

 ويعلق على هذا "الأب متى المسكين" قائلًا: "وهكذا دخلت كل الآلات في تقديم تسبيح الشكر لله، كما دخلت خوارس الراقصات مع المرنمات. شيء لم تبلغه أوركسترا أرقى الدول الأوربية إلاَّ بعد ذلك بألفي سنة ويزيد" (47).

 

 سابعًا: مزامير التهاليل:

وهيَ المزامير التـي جــاء في بدايتها أو نهايتها كلمة "هللويا"، وهيَ كلمة عبرية تعني "حمدًا ليهوه" وجاء اسم يهوه في صورته المختصرة "ياه"، ومزامير التهاليل هيَ (مز 104 - 106، 111، 113، 115 - 117، 135، 146 - 150)، وارتبطت بعض هذه المزامير باحتفالات عيد الفصح.

 

 ثامنًا: مزامير التوبة:

أخطأ داود وقدم توبة قوية وذرف الدمع سخينًا، وكتب المزامير التي توضح مدى ندمه وحزنه وتأوهاته من جانب، وبهجته بالصفح عن خطاياه من جانب آخر، وهذه المزامير هيَ سبعة مزامير (مز 6، 32، 38، 51، 102، 130، 143).

 

 تاسعًا: مزامير المصاعد:

وهيَ خمسة عشر مزمورًا (مز 120-134) ولم يكتبها شخص واحد، ولم تُكتب في وقت واحد، فكتب منهـا داود النبي (مز 122)، وكتب سليمان (مز127)، وكتبت بقية المزامير بعـد العودة من السبي، فتركز على حراسة الرب لشعبه، وهذا واضح من نبرة هذه المزامير:

· " لَوْلاَ الرَّبُّ الَّذِي كَانَ لَنَا لِيَقُلْ إِسْرَائِيلُ. لَوْلاَ الرَّبُّ الَّذِي كَانَ لَنَا عِنْدَ مَا قَامَ النَّاسُ عَلَيْنَا. إِذًا لاَبْتَلَعُونَا أَحْيَاءً... مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي لَمْ يُسْلِمْنَا فَرِيسَةً لأَسْنَانِهِمْ" (مز 124 : 1، 2، 6).

· " اَلْمُتَوَكِّلُونَ عَلَى الرَّبِّ مِثْلُ جَبَلِ صِهْيَوْنَ... سَلاَمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ" (مز 125 : 1، 5).

· " وَتَرَى بَنِي بَنِيكَ. سَلاَمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ" (مز 128 : 6).

· " وَهُوَ يَفْدِي إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ آثَامِهِ" (مز130 : 8).

· " لِيَرْجُ إِسْرَائِيلُ الرَّبَّ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ" (131 : 3).

 وهذه المزامير جميعها صغيرة باستثناء مزمور (132) فهو طويل إلى حد ما (18آية)، وكان الوافدون إلى أورشليم من شتى البقاع يترنَّمون بهذه المزامير وهم يصعدون في الأعياد الثلاث، عيد الفصح وعيد الحصاد وعيد المظال بحسب قول الرب: " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي السَّنَةِ يَحْضُرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ فِي عِيدِ الْفَطِيرِ وَعِيدِ الأَسَابِيعِ وَعِيدِ الْمَظَالِّ. وَلاَ يَحْضُرُوا أَمَامَ الرَّبِّ فَارِغِينَ" (تث 16 : 16).. " حَيْثُ صَعِدَتِ الأَسْبَاطُ أَسْبَاطُ الرَّبِّ شَهَادَةً لإِسْرَائِيلَ لِيَحْمَدُوا اسْمَ الرَّبِّ" (مز 122 : 4)، ويقول "ستيفن م. ميلر وروبرت ف. هوبر": " فكانت الموسيقى تصدح من قمة جبل أورشليم عندما كان الكهنة يقدمون ذبائح الصباح والمساء، وعندما كان يأتي العابدون بتقدماتهم، فكان البعض منهم يأتون وهم ينشدون ترانيم أصبحت تُعرَف بِاسم ترانيم المصاعد (المزامير 120 - 134) وهيَ ترانيم كان بنو إسرائيل يهتفون بها في سيرهم إلى أورشليم وسُميت هذه الترانيم بِاسم ترانيم المصاعد، لأنه من أي اتجاه كان يجئ الناس، كان عليهم أن يصعدوا الجبل" (48).

 وبعد أن جدّد "هيرودس" هيكل أورشليم كان اللاويون يقفون على درجات السلالم الخمسة عشر الفاصلة بين الدار الخارجية والدار الداخلية بالهيكل، فينشدون على كل درجة مزمورًا من المزامير الخمسة عشر الخاصة بالمصاعد، وذلك بصحبة الآلات الموسيقية، بينما رواق النساء يلمع بإضاءات شديدة، ويستمر هذا الاحتفال البهيج حتى صياح الديك، وفي هذه المزامير نجد الكلمات الدالة على الصعود والارتقاء والارتفاع:

· " أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ" (مز 121 : 1).

· " إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ" (مز 122 : 1).

· " إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ" (مز 123 : 1).

· " الْوَاقِفِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ" (مز 134 : 1).

 

 عاشرًا: مزامير تنصيب يهوه ملكًا:

وتشمل سبعة مزامير (مز 47، 93، 95-99) وتتحدث عن يهوه كملك إسرائيل غير المرئي الذي لبس الجلال والبهاء، وهو ملك على الأرض كلها، وهو فوق الزمان والمكان، يعلن خلاصة لشعبه فتفرح السموات وتبتهج الأرض لأنه يأتي ليدين الأرض، وتكثر في هذه المزامير عبارات " مُلك الرب"، و " مَلك الرب"، و "ملك":

· " مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ... رَنِّمُوا ِللهِ، رَنِّمُوا. رَنِّمُوا لِمَلِكِنَا رَنِّمُوا... مَلَكَ اللهُ عَلَى الأُمَمِ" (مز 47 : 2، 6، 8).

· " اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. لَبِـسَ الْجَلاَلَ. لَبِسَ الـرَّبُّ الْقُدْرَةَ، ائْتَزَرَ بِهَـا" (مز 93 : 1).

· " قُولُوا بَيْنَ الأُمَمِ الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ" (مز 96 : 10).

· " اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِــرُ الْكَثِيرَةُ" (مــز 97 : 1).

· " اِهْتِفِي لِلرَّبِّ يَا كُــلَّ الأَرْضِ... اهْتِفُوا قُدَّامَ الْمَلِكِ الرَّبِّ" (مز 98 : 4، 6).

· " اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. تَرْتَعِدُ الشُّعُوبُ. هُوَ جَالِسٌ عَلَى الْكَرُوبِيمِ" (مز 99 : 1).

 

 إحدى عشر: المزامير الملكية:

في المفهوم الكتابي أن الله هو الملك دائمًا وأبدًا، وإن كان هناك ملك أرضي فهو ينال القوة والبركة والمعونة من الله لكي ما يسوس شعبه، وكان بنو إسرائيل يعظمون ملكهم لأنه هو الشخص المختار من الله لهذه الوظيفة، ولأنه يتمم المشيئة الإلهيَّة، وفي يوم تنصيبه ومسحه ملكًا يمنحه الرب قلبًا جديدًا كما فعل مع شاول أول ملوك إسرائيل، ولكن لم يؤلّه بنو إسرائيل ملكهم كما فعل المصريون والبابليون قديمًا. وكانت الاحتفالات بتنصيب الملك تشمل:

 أولًا : مسح الملك في الهيكل، وفي هذا تجديد لمراحم الله التي أعطاها لداود النبي (مز 132 : 11، 89 : 19، 20، 28).

 ثانيًا: تجليس الملك على عرشه في القصر الملكي وتتويجه بالتاج الملكي (مز 2 : 6 - 8، 110 : 1-5، 89 : 3، 4، 24، 26-29، 35-37).

 وأهم المزامير الملكية التي تتحدث عن شخصية الملك وصفاته ثمانية مزامير (مز 2، 20، 21، 45، 72، 101، 110، 144)، وهذه المزامير تُبرِز قوة الملك في الحق والعدل والحكمة والحروب، كما أنها تحمل صلوات من أجل الملك، ويقول "الخوري بولس الفغالي": " التنصيب عمل ديني وسياسي... يهتف الشعب: ليحيى الملك (2مل 11 : 12) وينطلق الملك من الهيكل إلى القصر يرافقه تصفيق الجماهير والموسيقى. وحين يصل إلى قاعة العرش، تسلَّم إليه شارات المُلك (الصولجان، السيف) ويمر أمامه جيشه (كانوا يكتفون ببعض القواد) مقدمًا له خضوعه. ثم يأتي عظماء المملكة يقدمون له ولاءهم، وسفراء الممالك المجاورة. وبعد أن يُلقي الملك كلمته يُعلن أحد الأنبياء بشكل صلاة تمنياته للملك الجديد" (49).

 

 ثاني عشر: مزامير التوسل والمراثي:

وتبلغ مزامير التوسل والتضرع أكثر من ثلاثين مزمورًا بها يتقرَّب المرنم لله ويتوسل إليه، وقد يأتي التوسل بصورة فردية يعبر فيها المُرنم عن نفسه (أنا) مثلما يطلب مغفرة خطاياه في (مز 51)، وقد تأتي مزامير التوسل في صورة جماعية (نحن) يعبر فيها المُرنّم عن إسرائيل وأحيانًا يأتي الحديث بلسان إسرائيل في صورة المفـرد باعتبار إسرائيل كيان واحد، كقول المُرنّم: " كَثِيرًا مَا ضَايَقُونِي مُنْذُ شَبَابِي لِيَقُلْ إِسْرَائِيلُ" (مز 129 : 1). وفي مزامير التوسل يصرخ المُرنّم لله بسبب معاناته الشديدة من مضايقة الأعداء أو القحط أو الوباء أو الكوارث، مع الإشارة إلى الثقة في استجابة الله الذي يحرس شعبه وينجيه في الشدائد.

 

 ثالث عشر: مزامير تعليمية:

وهيَ مزامير تهذيبية مثل (مز 1، 34، 37، 73، 112، 119، 128، 133) ومنها مزامير الحكمة، فمزموري (127، 133) بهما أقوال الحكمة، ويقــول "العلامة أوريجانـوس": " بما أن (المزامير) هيَ صلوات وضعها الروح ونطق بها بالحقيقة، لذا فهيَ ممتلئة بتعاليم حكمة الله، حتى يمكن القول عما احتوته من تعاليم: "مَنْ هُوَ حَكِيمٌ حَتَّى يَفْهَمَ هذِهِ الأُمُورَ وَفَهِيمٌ حَتَّى يَعْرِفَهَا؟!" (هو 14 : 9) (50). وهناك مزامير تركز على وحدانية الله الخالق وطبيعته مثـل (مز 50، 86 : 8، 89 : 6، 139 : 7، 33 : 13).

 

 رابع عشر: مزامير النقمة:

وهذه المزامير تصب اللعنات على الأشرار المعاندين سواء كانوا من الأمم أو من بني إسرائيل، فهذه المزامير تُنزل اللعنة عليهم، فهيَ صرخات المظلومين المقهورين المتألمين لعدالة السماء، ليقيم الله العدل سريعًا، ويقتص من الأشرار المُصرّين على شرهم.

 ويقــول "القمص تادرس يعقــوب" : "مزاميـر اللعنة The Imprecatory Psalms: يوجد أكثر من عشرين مزمورًا تستنزل اللعنة على الأشرار، لماذا؟

(أ) يقول J. H. Raven بأن تعبيرات اللعنة ليست فردية (خاصة) إنما هيَ جماعية رسمية، فالمرتل يطلب عقاب أولئك الذين حطموا شعب الله، ملكوت الله المنظور، وهم بذلك أعداء الله (مز 139 : 21، 22). لم يدافع داود عن نفسه أمام أعدائه الذين يقاومونه شخصيًا، بل بالعكس كان يُظهر روحًا متسامحة بشكل واضح كما يظهر في تعامله مع شاول الملك وأهل بيته (1صم 24، 26 : 5-12، 2صم 1 : 17، 2 : 5، 9). أمَّا في هذه المزامير فهو يُصلِّي إلى الله كي يعاقب أعداء الله ولا يقوم هو بهذا الدور.

(ب) طلب المرتلون العدالة الإلهيَّة وليس انتقامًا بشريًا ضد الظالمين والمستهترين بالحب الإلهي.

(ج) يكره الله الخطيَّة لكنه يحب الخاطئ، لم يكن في الفكر العبراني فصل قاطع بين الخاطئ وخطيته. (فبابل ترمز إلى الكبرياء، وفرعون إلى الظلم، وأدوم إلى سفك الدماء... إلخ).

(د) يشعر المرتل كنبي أن أعداءه هم أعداء الله، فبروح النبوءة يتنبأ أنهم لا يستحقون الحياة، فما نطق به هو نبوءة" (51).

 

 خامس عشر: المزامير الأبجدية:

وخير مثال لها (مز 119) الذي يتكون من (22) قطعة مرتَّبة أبجديًّا، وكل قطعة مكوَّنة من ثمان آيات تبدأ جميعها بنفس حرف الهجاء، والقطع الأثنين والعشرون مرتَّبة على الحروف الأبجدية العبرية الأثنين والعشرين بحسب ترتيبها الدارج، والمزامير الأبجديَّة هـيَ مزامير أرقام (9، 10، 25، 34، 37، 111، 112، 114، 119) (راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 234).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(45) تفسير سفر المزامير جـ 1 ص 23، 24.

 (46) تفسير سفر المزامير جـ 1 ص 21، 22.

 (47) المزامير - دراسة وشرح وتفسير جـ 1 ص 223.

 (48) تاريخ الكتاب المقدَّس منذ عهد التكوين وحتى اليوم ص 46.

 (49) المدخل إلى الكتاب المقدَّس جـ 1 التوراة وعالم الشرق القديم ص 21.

(50) أورده القمص تادرس يعقوب - تفسير المزامير جـ 1 ص 18.

 (51) تفسير سفر المزامير جـ 1 ص 34.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1630.html

تقصير الرابط:
tak.la/gsns75x