← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28
اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ
أغلب ما ورد هنا سبق أن ورد في ملوك الثاني 14، غير أنه ضمَّ إضافات هامة.
للأسف بدأ حكمة بالعدل والحكمة ومراعاة شريعة الرب، لكن إذ انتصر على الأدوميين يبدو أنه تشامخ واعتزَّ بقوته وقدرته، فسقط في عبادة الأصنام التي كان يَتَعَبَّد لها الأدوميون، فتخلَّى الرب عنه.
في جهالةٍ وتهورٍ طلب الدخول في معركة مع إسرائيل أخيه، فانهزم أمامه، وأكمل أيامه في خزي. فَتَنُوا عليه في أورشليم واغتالوه.
|
1-4 |
|
|
5-10 |
|
|
11-13 |
|
|
14-16 |
|
|
17-24 |
|
|
25-28 |
1 مَلَكَ أَمَصْيَا وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَلَكَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَهُوعَدَّانُ مِنْ أُورُشَلِيمَ. 2 وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ بِقَلْبٍ كَامِل. 3 وَلَمَّا تَثَبَّتَتِ الْمَمْلَكَةُ عَلَيْهِ قَتَلَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمَلِكَ أَبَاهُ. 4 وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلًا: «لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ، وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ».
مَلَكَ أَمَصْيَا وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً،
وَمَلَكَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ،
وَاسْمُ أُمِّهِ يَهُوعَدَّانُ مِنْ أُورُشَلِيمَ. [1]
وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
وَلَكِنْ لَيْسَ بِقَلْبٍ كَامِلٍ. [2]
لَيْسَ بِقَلْبٍ كَامِلٍ: لقد عمل المستقيم في عينيّ الرب، أي عبد الرب، وأقام خدمة الهيكل، لكنه لم يفعل هذا بقلبٍ كاملٍ.
لا يتجاهل الكتاب المقدس أعمال أمصيا الصالحة، غير أن قلبه لم يكن كاملاً، إذ سرعان ما تَحَوَّل إلى عابد للوثنٍ.
استأجر من إسرائيل مئة ألف جبار بأس دون أن يستشير الرب.
سمع لكلمات النبي الذي وبَّخه على التجائه إلى إسرائيل، وكافأه الرب على ذلك بنصرته على بني ساعير. لكن بعد نصرته جلب أصنام بني ساعير وسجد لها وعبدها، مع أنها لم تنقذ بني ساعير من يد أمصيا نفسه. عوض أن يشكر الله على نصرته، ويُحَطِّم الأصنام العاجزة، ترك الله وعبد هذه الأصنام.
عندما وبَّخه النبي على عبادته للأصنام لم يرجع عن ذلك، بل هَدَّد النبي بقتله.
لم يشرح لنا الكتاب لماذا سمح الله للجنود الإسرائيليين أن يخربوا مدن يهوذا، ويقتلوا ثلاثة آلاف من بني يهوذا وينهبوا الكثير. لعلَّه لعدم استقامة قلب أمصيا، أو مع طاعته للنبي كان في أعماقه مُتذمِّرًا. ولعل هذا دفع الملك أمصيا ألا يقبل النبي ولا يسمع له.
كثيرون من المعاصِرين يُقَدِّمون أعمالاً صالحة، ويهتمون بمساعدة الآخرين، لكن ليس بقلبٍ كاملٍ مشتاق للحياة السماوية الخالدة.
v إذا تطهَّر قلب إنسان يظهر صورة الطبيعة الإلهية في جماله.
v أين يهرب قلبي من قلبي؟ أين أهرب من نفسي؟
v ليُعدّ طريق الرب في قلوبنا، فإن قلب الإنسان هو عظيم ومُتَّسع، كما لو كان هو العالم. أنظر إلى عظمته لا في كمّ جسداني، بل في قوّة الذهن التي تعطيه إمكانيّة أن يحتضن معرفة عظيمة جدًا للحق. إذن فليُعَد طريق الرب في قلوبكم خلال حياة لائقة وبأعمال صالحة وكاملة، فيحفظ هذا الطريق حياتكم باستقامة، وتَدخل كلمات الرب إليكم بلا عائق[1].
وَلَمَّا تَثَبَّتَتِ الْمَمْلَكَةُ عَلَيْهِ،
قَتَلَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمَلِكَ أَبَاهُ. [3]
إذ ثبتت مملكته، انتقم لأبيه من قاتليه، غير أنه التزم بالشريعة، إذ منع قتل أبنائهم.
وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ،
بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى،
حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ،
وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ،
بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ. [4]
بدأ أمصيا بن يوآش الحكم باستقامة، ولكن ليس بقلبٍ كاملٍ. فإنه لم ينزع المرتفعات بالرغم من أنه هو نفسه لم يذبح فيها.
حرص على تنفيذ الشريعة (تث 24: 16) بعدم قتل أبناء قاتلي أبيه، غير أنه لم يرتبط بالإيمان أن الله قادر أن يُخَلِّصَ بالكثير أو بالقليل، كما خلص الملك آسا الذي قضى على مليون محارب لزارح الكوشي (2 أخ 14: 8-9).
قام أمصيا باستئجار مئة ألف متطوّع جبار بأس من إسرائيل دون أن يستشير الرب. جاء رجل الله النبي يحذره مما فعل، لأن الله لم يكن مع إسرائيل.
5 وَجَمَعَ أَمَصْيَا يَهُوذَا وَأَقَامَهُمْ حَسَبَ بُيُوتِ الآبَاءِ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ فِي كُلِّ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، وَأَحْصَاهُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقُ، فَوَجَدَهُمْ ثَلاَثَ مِئَةِ أَلْفِ مُخْتَارٍ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ حَامِلِ رُمْحٍ وَتُرْسٍ. 6 وَاسْتَأْجَرَ مِنْ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ. 7 وَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلُ اللهِ قَائِلًا: «أَيُّهَا الْمَلِكُ، لاَ يَأْتِي مَعَكَ جَيْشُ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ الرَّبَّ لَيْسَ مَعَ إِسْرَائِيلَ، مَعَ كُلِّ بَنِي أَفْرَايِمَ. 8 وَإِنْ ذَهَبْتَ أَنْتَ فَاعْمَلْ وَتَشَدَّدْ لِلْقِتَالِ، لأَنَّ اللهَ يُسْقِطُكَ أَمَامَ الْعَدُوِّ، لأَنَّ عِنْدَ اللهِ قُوَّةً لِلْمُسَاعَدَةِ وَلِلإِسْقَاطِ». 9 فَقَالَ أَمَصْيَا لِرَجُلِ اللهِ: «فَمَاذَا يُعْمَلُ لأَجْلِ الْمِئَةِ الْوَزْنَةِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِغُزَاةِ إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالَ رَجُلُ اللهِ: «إِنَّ الرَّبَّ قَادِرٌ أَنْ يُعْطِيَكَ أَكْثَرَ مِنْ هذِهِ». 10 فَأَفْرَزَ أَمَصْيَا الْغُزَاةَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ أَفْرَايِمَ لِكَيْ يَنْطَلِقُوا إِلَى مَكَانِهِمْ، فَحَمِيَ غَضَبُهُمْ جِدًّا عَلَى يَهُوذَا وَرَجَعُوا إِلَى مَكَانِهِمْ بِحُمُوِّ الْغَضَبِ.
وَجَمَعَ أَمَصْيَا يَهُوذَا،
وَأَقَامَهُمْ حَسَبَ بُيُوتِ الآبَاءِ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ،
فِي كُلِّ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ،
وَأَحْصَاهُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقُ،
فَوَجَدَهُمْ ثَلاَثَ مِئَةِ أَلْفِ مُخْتَارٍ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ حَامِلِ رُمْحٍ وَتُرْسٍ. [5]
بحكمةٍ أقام أمصيا قادة الجيش من رؤساء ألوف ورؤساء مئات حسب بيوت الآباء، لكي يشعر كل فريقٍ أن الجنود والقادة من ذات السبط، تربطهم روح الأخوّة والقرابة والصداقة.
أراد أن يهاجم الأدوميين الذين تَمَرَّدوا على حكم يهوذا منذ فترة طويلة، فقام باستعدادٍ كبيرٍ. جمع قواته الخاصة من يهوذا وبنيامين، وكان عددهم ثلاثمائة ألف مختار صالحين للحرب.
في أيام يهوشافاط، أي قبل ذلك بحوالي ستّ سنوات، كان عددهم أربعة أضعاف هذا الرقم (2 أي 17: 14-19)، غير أن الخطية أضعفت الشعب والجيش، وأفسدت معنوياتهم.
لقد حَطَّمت الحروب الجيش إلى حد ما (2 أي 21: 8، 16؛ 24: 23-34)، وأيضًا كان لانحدار المملكة وضعفها أثره على الجيش.
يقول الحكيم: "البرّ يرفع شان الأمة، وعار الشعوب الخطية" (أم 14: 34). يشهد التاريخ عبر كل العصور أن الأمم، كما الأفراد، يرفعها البرّ، ويُحَطِّمها الشر بفساده. إن كانت الأمم كثيرًا ما تتشامخ بإمكانياتها العسكرية، لكن يبقى التاريخ يشهد لقوة البرِّ وقدرته.
v لا يوجد مكتوبًا في حروف الناموس (أي الكتاب المقدس) ما هو البرّ، ولكن القلب النقي هو برُّ الإنسان.
الخطية تُحَطِّم الجيوش، وتُفقِد الإنسان سلطانه وأبديته، حتى وإن كان ملكًا.
v الكذب والمحاباة مرفوضان هناك؛ لأن الدينونة عادلة وتقف كلها باستقامة.
في تلك المحكمة يدخل أيضًا الحكام، وتُعقَّب أعمالهم وأفعالهم.
تُنزع الدرجات عن الحكام، ويدخلون ليصبحوا مُحاكَمين بمحكمة عادلة من قبل العدالة.
تُمزق هناك حلل السلاطين، ويقفون عراة، ورقبتهم مكشوفة مثل الضعفاء.
لن يرى أحد هناك ملكًا له إكليل، ولا حاكمًا له عرش في تلك المحكمة.
يقوم هناك الأسياد مع الفقراء، ولا أحد يأمر، لكن واحد هو رئيس القضاة.
كل الأحكام التي قُضِي فيها هنا زورًا تدخل إلى المحكمة لتصدر هناك بعدلٍ.
تسقط أكاليل السلاطين وتيجانها وعروشها في المحكمة...
ما لم تكن أفعالهم مستقيمة يقفون هناك مثل مذنبين في خجلٍ بسبب أعمالهم[2].
v أيتها النفس يا محبوبة رَبِّها، مَن أضلك؟ مَن سخر منكِ؟ مَن أغواكِ بالشهوات؟
مَن أنزلكِ من الروحانية إلى دناءة العبيد وحقارتهم الساقطة فيه؟
أنتِ بنت الأحرار، أنتِ بنت الملك، أنتِ بنتِ النور، لماذا أنتِ لابسة لون الليل وأنتِ مُظلِمة؟[3]
v تؤذي الخطايا النفس بخطورة أعظم من أذية الدود للجسم. ومع هذا فنحن لا ندرك فسادها، ولا نشعر بإلحاح ضرورة التطهر منها. وذلك كالسكران الذي يعجز عن أن يعرف كيف أن مذاق الخمر مشمئز، أما المُتعقِّل فيمكنه تمييز ذلك بسهولة. هكذا بالنسبة للخطايا، فمن يعيش في وقارٍ يُمَيِّز بسهولة الوحل والفساد، وأما من يعيش في الشرٍ فيكون كالمخمور بالمسكر، فلا يتحقق من أنه مريض. هذا هو أشر ما في الخطية أنها لا تسمح للساقطين فيها أن يدركوا حالة المرض الخطير التي هم فيها، وإنما يكونون كمن يرقدون في وحلٍ ويظنون أنهم يتمتعون بالأطياب. فليس لديهم أدنى رغبة للتحرُّر. وإذ يعمل فيهم الدود يفتخرون كمن لديهم حجارة كريمة. لهذا لا يريدون قتلها، بل أن ينعشوها ويضاعفوها حتى تعبر بهم إلى الدود الذي في الحياة العتيدة[4].
وَاسْتَأْجَرَ مِنْ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ. [6]
استأجر أمصيا مئة ألف جبار بأس من إسرائيل مقابل دفع مئة وزنة من الفضة. أخطأ أمصيا في هذا التصرُّف، أولاً لأنه لم يستشر الرب خلال أحد أنبيائه، ولأنه لم يتَّعِظْ مما فعله إسرائيل بيهوذا، حيث دخلت عبادة البعل إلى يهوذا خلال التصاقه بإسرائيل.
واضح أن الملك أمصيا قَدَّم هذه الفضة لملك إسرائيل، وأودعت الفضة في خزانة الدولة، ولم تُسَلِّمْ لجبابرة البأس كمنحة لهم مقابل دخولهم في حربٍ وتعرُّضهم للموت[5].
وَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلُ الله قَائِلاً:
أَيُّهَا الْمَلِكُ لاَ يَأْتِي مَعَكَ جَيْشُ إِسْرَائِيلَ،
لأَنَّ الرَّبَّ لَيْسَ مَعَ إِسْرَائِيلَ مَعَ كُلِّ بَنِي أَفْرَايِمَ. [7]
واضح أن أمصيا بجانب عدم استشارته الرب قبل طلب جبابرة من إسرائيل، أنه لم يكن واثقًا في الله الذي يعمل بالقليل كما بالكثير، ولم يأخذ في اعتباره انحراف إسرائيل في عبادة الرب. "لأن الرب ليس مع إسرائيل مع كل بني أفرايم". فأية منفعة نتوقعها من الذين يعلن الرب بنفسه أنه ليس معهم؟
جاء في الترجوم: "كلمة الرب ليست معينًا للإسرائيليين، ولا لمملكة سبط أفرايم[6]".
كانت عبادة الأصنام هي العبادة السائدة في إسرائيل، وأفرايم تضم مراكز القيادة لهذه العبادة[7].
وَإِنْ ذَهَبْتَ أَنْتَ، فَاعْمَلْ وَتَشَدَّدْ لِلْقِتَالِ،
لأَنَّ الله يُسْقِطُكَ أَمَامَ الْعَدُوِّ،
لأَنَّ عِنْدَ الله قُوَّةً لِلْمُسَاعَدَةِ وَلِلإِسْقَاطِ. [8]
قوله هنا: "اعمل وتشدد" هو نوع من التهكُّم، أي مهما عملت وتشددت، فسيسقطك الله، بعدم معاونته لك.
اعتبر الرب الالتجاء إلى إسرائيل المقاوم لله، مقاومة مباشرة للرب نفسه.
فَقَالَ أَمَصْيَا لِرَجُلِ الله:
فَمَاذَا يُعْمَلُ لأَجْلِ الْمِئَةِ الْوَزْنَةِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِغُزَاةِ إِسْرَائِيلَ؟
فَقَالَ رَجُلُ الله: إِنَّ الرَّبَّ قَادِرٌ أَنْ يُعْطِيَكَ أَكْثَرَ مِنْهَا. [9]
قَدَّمَ أمصيا عُذْرًا يمنعه من التراجُع، لأنه دفع مبلغًا عظيمًا مقابل هذا العدد من جبابرة الناس، وإن كانت المئة وزنة ليست مبلغًا كبيرًا بالنسبة لرجال الحرب، غير أن المُستأجرين كانوا ينتظرون نصيبًا من الغنيمة. وهي أيضًا مبلغ زهيد جدًا بالنسبة لله القادر أن يعوضه أضعافًا بحضوره معهم.
أَكَّد له الملك أن القوة أو المساعدة التي يُقَدِّمها الرب أعظم من المال مهما كان قدره.
فَأَفْرَزَ أَمَصْيَا الْغُزَاةَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ أَفْرَايِمَ لِيَنْطَلِقُوا إِلَى مَكَانِهِمْ،
فَحَمِيَ غَضَبُهُمْ جِدًّا عَلَى يَهُوذَا،
وَرَجَعُوا إِلَى مَكَانِهِمْ بِحُمُوِّ الْغَضَبِ. [10]
حسب أمصيا أية خسارة مهما بلغت لا تعادل تعويض الله له بحضوره في وسط جيشه وشعبه!
العجيب أن الله رَدَّ لأمصيا ما يقابل هذه الخسارة، وهو النصرة على أدوم، كما رَدَّ نفس المبلغ لحفيده يوثام (2 أخ 27: 5).
نجح أمصيا في طاعته لأمر الرب، فصرف رُبْعَ الجيش بعد أن استعد في الميدان، ولم يبالِ بغضب حلفائه؛ مُقابِل مَسرَّة الله به ورضاه عنه.
"حميَ غضبهم جدًا على يهوذا". غضبوا لأنهم حسبوا هذا نبذًا وإهانة لهم كرجال غير أهلٍ للخدمة العسكرية، ولعلهم كانوا يترجَّون العودة إلى بلادهم حاملين غنائم من أدوم. فرَفْضهم حسبوه إهانة لسمعتهم وخسارة لمكاسبهم.
يرى البعض أن علّة غضبهم أنهم صاروا في موقفٍ حرجٍ، إذ حسبوا أن مملكة يهوذا قد تشكَّكت في إيمانهم بالله الحي.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
11 وَأَمَّا أَمَصْيَا فَتَشَدَّدَ وَاقْتَادَ شَعْبَهُ وَذَهَبَ إِلَى وَادِي الْمِلْحِ، وَضَرَبَ مِنْ بَنِي سِعِير عَشَرَةَ آلاَفٍ، 12 وَعَشَرَةَ آلاَفٍ أَحْيَاءَ سَبَاهُمْ بَنُو يَهُوذَا وَأَتَوْا بِهِمْ إِلَى رَأْسِ سَالِعَ وَطَرَحُوهُمْ عَنْ رَأْسِ سَالِعَ فَتَكَسَّرُوا أَجْمَعُونَ. 13 وَأَمَّا الرِّجَالُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ أَرْجَعَهُمْ أَمَصْيَا عَنِ الذَّهَابِ مَعَهُ إِلَى الْقِتَالِ فَاقْتَحَمُوا مُدُنَ يَهُوذَا مِنَ السَّامِرَةِ إِلَى بَيْتِ حُورُونَ، وَضَرَبُوا مِنْهُمْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَنَهَبُوا نَهْبًا كَثِيرًا.
وَأَمَّا أَمَصْيَا فَتَشَدَّدَ،
وَاقْتَادَ شَعْبَهُ وَذَهَبَ إِلَى وَادِي الْمِلْحِ،
وَضَرَبَ مِنْ بَنِي سَاعِيرَ عَشَرَةَ آلاَفٍ [11]
وادي الملح: يقع هذا الوادي الضيق الشديد الانحدار جنوب البحر الميِّت.
وَعَشَرَةَ آلاَفٍ أَحْيَاءَ سَبَاهُمْ بَنُو يَهُوذَا،
وَأَتُوا بِهِمْ إِلَى رَأْسِ سَالِعَ،
وَطَرَحُوهُمْ عَنْ رَأْسِ سَالِعَ،
فَتَكَسَّرُوا أَجْمَعُونَ. [12]
رأس سالع: كانت بالقُرْبِ من أرض المعركة.
في وحشية أخذ أمصيا المسبيين، وأتى بهم إلى رأس سالع، وهناك طرحهم الجيش على منحدرات صعبة صخرية، فسقطوا وتكسَّر العشرة آلاف أجمعين. كانت هذه طبيعة الحروب بين الإسرائيليين والأدوميين.
وَأَمَّا الْغُزَاةُ الَّذِينَ أَرْجَعَهُمْ أَمَصْيَا عَنِ الذَّهَابِ مَعَهُ إِلَى الْقِتَالِ،
فَاقْتَحَمُوا مُدُنَ يَهُوذَا مِنَ السَّامِرَةِ إِلَى بَيْتِ حُورُونَ،
وَضَرَبُوا مِنْهُمْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ،
وَنَهَبُوا نَهْبًا كَثِيرًا. [13]
استغلَّ هؤلاء الإسرائيليون رجال البأس انشغال أمصيا وجيشه في الحرب مع أدوم، واقتحموا بعض مدن يهوذا، وضربوا ثلاثة آلاف، ونهبوا الكثير، حاسبين هذا التصرُّف يرد لهم كرامتهم ويُعَوِّضهم عن عدم استيلائهم على غنائم من أدوم.
لقد أطاع أمصيا الله ورَدَّ الإسرائيليين إلى بلادهم، فلماذا سمح للإسرائيليين أن يقتحموا بعض مدن يهوذا ويقتلوا ويسلبوا؟ سمح الله بذلك لتأديب الساكنين في تلك المناطق القريبة من إسرائيل، لأنهم عبدوا الأوثان بإغراء الإسرائيليين لهم. هكذا يفعل إبليس، إذ يغري ويغوي بالشرور والشهوات، وفي نفس الوقت يُفسد ويُهلك.
14 ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً، وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ. 15 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى أَمَصْيَا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ نَبِيًّا فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا طَلَبْتَ آلِهَةَ الشَّعْبِ الَّذِينَ لَمْ يُنْقِذُوا شَعْبَهُمْ مِنْ يَدِكَ؟» 16 وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ قَالَ لَهُ: «هَلْ جَعَلُوكَ مُشِيرًا لِلْمَلِكِ؟ كُفَّ! لِمَاذَا يَقْتُلُونَكَ؟» فَكَفَّ النَّبِيُّ وَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ قَضَى بِهَلاَكِكَ لأَنَّكَ عَمِلْتَ هذَا وَلَمْ تَسْمَعْ لِمَشُورَتِي».
بدا كملكٍ صالحٍ، لكنه عبد آلهة الشعب الذي غلبه [14-16].
ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ،
وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً،
وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ، وَأَوْقَدَ لَهُمْ. [14]
آلهة بني ساعير: جاء في الترجوم: "أصنام بني جبال Gebal[8]".
وهب الرب النصرة لأمصيا على الأدوميين، فإذا به يقتلهم بطريقة وحشية، لكن إذ لم يكن قلبه كاملاً [2]، جذبته الأصنام والرجاسات، فحمل آلهة تلك المنطقة معه لا ليُحَطِّمها، بل ليسجد لها!
حمله آلهتهم كان دليلاً على سقوط أدوم تمامًا، فآخر شيء يُسَلِّمونه هو آلهتهم...
كان حمل صور الآلهة أو تماثيلها من الأمة المهزومة أو المدينة عادة شائعة في الشرق. وأحيانًا كان يمارسها الرومان، ليتعبَّدوا لها، خاصة إذا كانت الأمة الغالبة تعرف هذه الآلهة، وتتطلَّع إليها في شيء من القدسية[9].
يا لغباوة الإنسان الذي يجري وراء الشهوات! ماذا رأى أمصيا في أوثان بني ساعير سوى الضعف والجمود والموت والعار. لمس بنفسه الأمور التي حَلَّت على المُتعبِّدين لها، ومع هذا من أجل لذَّات وقتية باطلة كَرَّمها وسجد لها. ربما ظن أنه بالسجود لها لا تبالي هذه الآلهة بالدفاع عن الأدوميين.
كان يليق به عوض أن يلقي بالأسرى من رأس سالع أن يلقي بهذه الأوثان فتتحطَّم.
ليس من المنطق أن يعبد إنسان آلهة جامدة لأعداء له انتصر عليهم. لكن وحشيته في التعامُل مع الأسرى سلَّمته للجهالة والغباوة وعدم الحكمة.
فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى أَمَصْيَا،
وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ نَبِيًّا، فَقَالَ لَهُ:
لِمَاذَا طَلَبْتَ آلِهَةَ الشَّعْبِ الَّذِينَ لَمْ يُنْقِذُوا شَعْبَهُمْ مِنْ يَدِكَ؟ [15]
غضب الله ليس انتقامًا بالمفهوم البشري، بل لدعوته لشعبه بالتوبة والرجوع إلى الرب، وترك الشر. أرسل إليه نبيًا ليرده إلى صوابه، فيمنع هلاكه. تحدَّث معه النبي بلطفٍ.
وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ، قَالَ لَهُ: هَلْ جَعَلُوكَ مُشِيرًا لِلْمَلِكِ؟
كُفَّ! لِمَاذَا يَقْتُلُونَكَ؟
فَكَفَّ النَّبِيُّ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الله قَدْ قَضَى بِهَلاَكِكَ،
لأَنَّكَ عَمِلْتَ هَذَا، وَلَمْ تَسْمَعْ لِمَشُورَتِي. [16]
لم يحتمل الملك أن يسمع صوت النبي، فعبادته للأصنام كشفت عن قسوة قلب الملك، وجعلت أذنيه لا تحتملان صوت الرب على لسان نبيِّه.
لم يكن لدى الملك ما يُبَرِّر به تصرُّفه الغبي، وعوض الدخول معه في حوارٍ، انفعل مُوَبِّخًا إيَّاه بسخرية، حاسبًا أن النبي بوقاحةٍ يُقِيم نفسه مشيرًا للملك، الأمر الذي لم يطلبه منه أحد. قام بتهديده بالقتل، ولعلّه أراد أن يُذَكِّره بما حدث لزكريا الكاهن من أبيه (2 أخ 24: 21).
كأنه في سخرية يقول له: "هل جعلوك مشيرًا للملك؟ فإن كان لم يُعَيِّنك أحد في هذا المنصب، فلماذا تتطوَّع بتقديم نصيحة للملك لا حاجة به إليها[10]".
لم يخف النبي، بل حَذَّره بأنه سالك في طريق الهلاك لعصيانه للرب، وعدم قبول مشورة نبيِّه.
توقَّف النبي عن الحديث، لأنه رأى الملك متصلّبًا برأيه، مُستعبدًا لشهواته وعبادة الأصنام. يقول الرب بهوشع: "أفرايم موثق بالأصنام، اتركوه" (هو 4: 17).
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
17 فَاسْتَشَارَ أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، وَأَرْسَلَ إِلَى يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ بْنِ يَاهُو مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: «هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً». 18 فَأَرْسَلَ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلًا: «الْعَوْسَجُ الَّذِي فِي لُبْنَانَ أَرْسَلَ إِلَى الأَرْزِ الَّذِي فِي لُبْنَانَ يَقُولُ: أَعْطِ ابْنَتَكَ لابْنِي امْرَأَةً. فَعَبَرَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ كَانَ فِي لُبْنَانَ وَدَاسَ الْعَوْسَجَ. 19 تَقُولُ: هأَنَذَا قَدْ ضَرَبْتُ أَدُومَ، فَرَفَّعَكَ قَلْبُكَ لِلتَّمَجُّدِ! فَالآنَ أَقِمْ فِي بَيْتِكَ. لِمَاذَا تَهْجُمُ عَلَى الشَّرِّ فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟». 20 فَلَمْ يَسْمَعْ أَمَصْيَا لأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ اللهِ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ، لأَنَّهُمْ طَلَبُوا آلِهَةَ أَدُومَ. 21 وَصَعِدَ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فَتَرَاءَيَا مُواجَهَةً، هُوَ وَأَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، فِي بَيْتِ شَمْسٍ الَّتِي لِيَهُوذَا. 22 فَانْهَزَمَ يَهُوذَا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. 23 وَأَمَّا أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا ابْنُ يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ فَأَمْسَكَهُ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ شَمْسٍ وَجَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ مِنْ بَابِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَابِ الزَّاوِيَةِ، أَرْبَعَ مِئَةِ ذِرَاعٍ. 24 وَأَخَذَ كُلَّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكُلَّ الآنِيَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ اللهِ مَعَ عُوبِيدَ أَدُومَ وَخَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ وَالرُّهَنَاءَ وَرَجَعَ إِلَى السَّامِرَةِ.
فَاسْتَشَارَ أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا،
وَأَرْسَلَ إِلَى يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ بْنِ يَاهُو مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً:
هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً. [17]
وردت قصة دخول أمصيا في معركة مع ملك إسرائيل في (2 مل 14: 8-20). ونلاحظ أن أمصيا لم يستشر الله أو أنبياءه، بل استشار من هُم حوله.
لم يُذكَر في سفر الملوك أن أمصيا استشار أحدًا قبل أن يرسل إلى ملك إسرائيل، قائلاً: "هلم نتراءً مواجهة". لم يستشر النبي، إذ لم يكن من مشيري الملك، إنما استشار بعض رجال دولته الذين يداهنوه، والذين لا علاقة لهم بالله ولا بكلمته ولا بأناس الله. قَدَّموا له مشورة تُشبِع كبرياءه وغروره وتهوُّره.
فَأَرْسَلَ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلاً:
الْعَوْسَجُ الَّذِي فِي لُبْنَانَ أَرْسَلَ إِلَى الأَرْزِ الَّذِي فِي لُبْنَانَ، يَقُولُ:
أَعْطِ ابْنَتَكَ لاِبْنِي امْرَأَةً.
فَعَبَرَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ كَانَ فِي لُبْنَانَ وَدَاسَ الْعَوْسَجَ. [18]
غالبًا ما فوجئ ملك إسرائيل بما طلبه منه أمصيا، حيث قال: "هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً". لقد طلب أمصيا عونًا من إسرائيل، واستأجر منه مئة ألف جبّار بأس بمئة وزنة من الفضة [6]. ثم عاد ولم يسمح لهم أن يشتركوا معه في المعركة"، بل رَدَّهم في خزيٍ شديدٍ. وها هم قد انتشروا في يهوذا وقتلوا ثلاثة آلاف، وعادوا إلى إسرائيل بغنائم أكثر مما كانوا سينالونها في المعركة. فبأي وجه يطلب أمصيا أن يتراءى مواجهة. إنه في ضعف العوسج الذي إن سار عليه حيوان برّي يسحقه؟ كيف يطلب مصاهرة الأرز بكل جماله وقوته؟!
تَقُولُ: هَئَنَذَا قَدْ ضَرَبْتُ أَدُومَ.
فَرَفَّعَكَ قَلْبُكَ لِلتَّمَجُّدِ! فَالآنَ أَقِمْ فِي بَيْتِكَ.
لِمَاذَا تَهْجُمُ عَلَى الشَّرِّ، فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟ [19]
فَلَمْ يَسْمَعْ أَمَصْيَا، لأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ الله أَنْ يُسَلِّمَهُمْ،
لأَنَّهُمْ طَلَبُوا آلِهَةَ أَدُومَ. [20]
وَصَعِدَ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ،
فَتَرَاءَيَا مُواجَهَةً هُوَ وَأَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا،
فِي بَيْتِ شَمْسٍ الَّتِي لِيَهُوذَا. [21]
فَانْهَزَمَ يَهُوذَا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ،
وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. [22]
وَأَمَّا أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، فَأَمْسَكَهُ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ شَمْسٍ،
وَجَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ مِنْ بَابِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَابِ الزَّاوِيَةِ أَرْبَعَ مِئَةِ ذِرَاعٍ. [23]
وَأَخَذَ كُلَّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكُلَّ الآنِيَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الله مَعَ عُوبِيدَ أَدُومَ،
وَخَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ وَالرُّهَنَاءَ،
وَرَجَعَ إِلَى السَّامِرَةِ. [24]
جاء في (1 أي 26: 15) أن عوبيد أدوم ونسله كانوا يحفظون الكنوز الإلهية.
25 وَعَاشَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكُ يَهُوذَا بَعْدَ مَوْتِ يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً. 26 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَمَصْيَا الأُولَى وَالأَخِيرَةِ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ.؟ 27 وَمِنْ حِينَ حَادَ أَمَصْيَا مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ فَتَنُوا عَلَيْهِ فِي أُورُشَلِيمَ، فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ إِلَى لَخِيشَ وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ، 28 وَحَمَلُوهُ عَلَى الْخَيْلِ وَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ يَهُوذَا.
وَعَاشَ أَمَصْيَا بْنُ يَهُوآشَ مَلِكُ يَهُوذَا،
بَعْدَ مَوْتِ يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً. [25]
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَمَصْيَا الأُولَى وَالأَخِيرَةِ،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ. [26]
جاء في الترجوم: [(الأمور) الأولى عندما سار في مخافة الرب؛ والأخيرة عندما ترك الطريق المستقيم الذي أمام الرب، والتي لم تُكتب[11].]
وَمِنْ حِينَ حَادَ أَمَصْيَا مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ،
فَتَنُوا عَلَيْهِ فِي أُورُشَلِيمَ،
فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ،
فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ إِلَى لَخِيشَ وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ [27]
يقصد الكاتب أن اغتيال أمصيا جاء تابعًا لارتداده عن الإيمان، ليس بعد الارتداد فورًا من جهة الزمن، إنما على الأقل جاء بعد خمسة عشر عامًا من ارتداده (2 أي 25:25). فقد أطال الرب أناته عليه، وإذ امتلأ كأس شرِّه تحققت فيه النبوة الواردة في (2 أي 25: 16).
إذ ابتعد قلبه عن الله، ابتعدت قلوب شعبه عنه. لقد فتنوا عليه، أي دَبَّروا له مؤامرة قتله، لأنهم شعروا أنه متهوِّر. تعجَّل في عبادته لآلهة أدوم، وتعجَّل في دخوله في حرب مع إسرائيل بغير داعٍ.
يبدو أن تدبير قتله لم يكن من شخصٍ أو اثنين، إنما بواسطة عدد كبير من الشعب...
لقد فقد شعبيته بعد أن خسر المعركة ضد الإسرائيليين، وفقدت أورشليم سورها، وسُلِبت الكنوز الملكية. لقد صارت أورشليم مدينة غير مُحَصّنة، لذلك هرب إلى لخيش يحتمي فيها.
وَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ يَهُوذَا. [28]
v تبقى حياة أمصيا ملك يهوذا مثالاً خطيرًا.
بدأ حياته باستقامة حتى في عينيّ الرب.
لكن لم يكن قلبه كاملاً.
يحرص على اللقاء مع الله وطاعة وصيته،
أما أبواب قلبه فكانت مفتوحة لتتسلل الخطية تدريجيًا إليه.
حين انتقم لأبيه لم يقتل أبناء مغتاليه.
إنما التزم بالشريعة الإلهية، لا يحمل الابن جريمة أبيه.
v إذ أراد الدخول في معركة مع أدوم،
اهتم أن يجمع رجال حرب مختارين من كل يهوذا وبنيامين.
لكنه مع اهتمامه بشعبه،
لم يسأل الرب المعونة.
استأجر مئة ألف جبار بأس من إسرائيل المُنحرِفة عن الحق الإلهي.
ظَنَّ أنه بفضته يستأجر جبابرة بأس.
ولم يدرك أن النصرة في يد الرب.
وأن المعركة ليست ليهوذا بل للرب.
v أرسل له الله نبيًّا يُحَذِّره، فسمع وأطاع.
وهبه الله نصرة على بني أدوم.
أما هو فمن جانبه تعامل مع الأدوميين بوحشية غير لائقة.
وفي نفس الوقت حمل أصنامهم لا ليُحَطِّمها،
إنما ليسجد لها ويعبدها، ويُقَدِّم لها بخورًا.
يا لبؤسه، يكرّم الأصنام التي عجزت عن إنقاذ عابديها من يده!
v سمح الله بتأديبه، فقام جبابرة البأس الإسرائيليون بغزو الكثير من مدن يهوذا.
صار كالعوسج الذي تسحقه أقدام حيوان برّي.
وصار ملك إسرائيل كالأرز، ليس للعوسج أن يواجهه.
v في مذلةٍ اصطاده ملك إسرائيل،
وباستخفاف رَدَّه إلى أورشليم بعد أن أفسد سورها.
حمل ما في خزائن بيت الرب والقصر الملكي وأيضًا الرهناء!
v ترك الرب بإصرارٍ وعنادٍ، فتركه الرب.
فقد عرشه والمدينة المقدسة وهيكل الرب.
هرب إلى لخيش ليختفي فيها،
هناك اغتيل، ففقد مملكته وحياته وأبديته.
يا لها من نهاية مخزية أمام الجميع في هذا العالم وفي الحياة الأبدية.
v احفظني يا إلهي كي لا ينحرف قلبي.
بروحك القدوس هبه أن يشبع بك ويستريح فيك.
مع كل نسمةٍ من نسمات حياتي،
تنطلق بي نعمتك من مجدٍ إلى مجدٍ، ومن قوةٍ إلى قوةٍ.
تتهلل نفسي مترنمة مع إرميا النبي:
"مراحمك جديدة في كل صباح،
نصيبي هو الرب، قالت نفسي."
v لتكن نهاية حياتي أكثر بهجة من بدايتها.
أنت هو البداية والنهاية.
أنت هو الطريق، فلا أنحرف عنك يمينًا ولا يسارًا!
أنت فرحي وقوّتي ومجدي ونصيبي الأبدي!
_____
[1] In Luc. hom 21.
[2] الميمر 31 (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).
[3] الميمر 30 (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).
[4] Homilies on Rom., 40.
[5] Jamieson, Fausset and Brown Commentary.
[6] Adam Clarke Commemtary.
[7] Jamieson, Fausset and Brown Commentary.
[8] Adam Clarke Commentary.
[9] Barnes' notes.
[10] Barnes' notes.
[11] Adam Clarke Commemtary.
← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أخبار الأيام الثاني 26 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير أخبار الأيام الثاني 24 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/g43t678