س10: لا يوجد أي كائن غير الله وحده الغير محدود، فهل السيد المسيح غير محدود؟
ج: الوجود في كل مكان أي صفة عدم المحدودية هي صفة إلهية تخص الله وحده الغير محدود، فلا يمكن لأي إنسان ولا لأي ملاك أن يدَّعي أنه يحوز هذه الصفة، فالله وحده هو الكائن في كل مكان ولا يخلو منه زمان، ولذلك نسمعه يقول " إذا إختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما أراه أنا يقول الرب. أما أملأ أنا السموات والأرض يقول الرب" (أر 23: 24) وجاءت وصية موسى لشعبه " فأعلم اليوم وردد في قلبك إن الرب هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواه" (تث 4: 39) ورنم داود النبي قائلًا "أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السموات فأنت هناك وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر. فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك" (مز 139: 7 - 10) وصلى سليمان الحكيم قائلًا "لأنه هل يسكن الله حقًا على الأرض. هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيتُ" (أم 8: 27) وقال الرب يسوع " لا تحلفوا البتَّة. لا بالسماء لأنها كرسي الله. ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه" (مت 5: 34، 35).
ولأن السيد المسيح هو الله المتأنس لذلك فهو الحائز صفة عدم المحدودية، ولنأخذ بعض الأمثلة التي توضح هذه الحقيقة:
1- تساءل أجور في القديم قائلًا "من صعد إلى السموات ونزل" (أم 30: 4) وجاء الرد على لسان رب المجد يسوع عندما قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13) فالسماء مكان العرش الإلهي الذي لم يصعد إليه أحد من البشر قط، ولكن ربنا يسوع المسيح نزل منه، ومع هذا فهو كائن فيه بلاهوته، وبينما كان الرب يسوع في بطن العذراء كان جالسًا على العرش الإلهي يملأ الكل بلاهوته ويدبر الكون كله ويديره بحكمته، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وبينما كان طفلًا صغيرًا في حجر العذراء يرضع اللبن. كان يقوت الخليقة كلها من نعمته، وبينما كان جالسًا معلمًا لنيقوديموس كان يستمع تسابيح الملائكة ويستجيب لطلبات البشر المرفوعة إليه من كافة أرجاء المسكونة، فهو الإله غير المحدود، وليس معنى أنه نزل من السماء أي خلت منه السماء ولكن معنى النزول هنا التنازل، فالله الغير منظور قد تنازل إلى ضعفنا. وما أجمل قول القديس أغسطينوس "أو ليس هو ذاك الذي جاء إلى أرضنا دون أن يبتعد عن السماء؟ أو ليس هو ذاك الذي صعد إلى السماء دون أن يتخلى عنا" (31).
2- في قصة نثنائيل نرى السيد المسيح الكائن في كل مكان وزمان بلاهوته، فعندما دعى فيلبس نثنائيل لرؤية المسيا قال له نثنائيل أمن الناصرة يخرج شيء صالح فأجابه فيلبس قائلًا "تعال وانظر" وذهب الاثنان لرؤية المسيح "ورأى يسوع نثنائيل مقبلًا إليه فقال هوذا إسرائيلي لا غش فيه. قال له نثنائيل من أين تعرفني. أجاب يسوع وقال له قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك. أجاب نثنائيل وقال له يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل" (يو 1: 47 - 49) وكانت قصة التينة سرًا خطيرًا في حياة نثنائيل لا يعرفه أحد إلاَّ هو وأمه كما تقول التقاليد، إذ أنه عندما كان طفلًا كان من المفروض أن يذبح مع أطفال بيت لحم، ولكن أمه وضعته في سفط تحت شجرة التين، ولم يلتفت إليه جنود هيرودس. في هذه الأثناء كان السيد المسيح طفلًا صغيرًا في أرض مصر أو في الطريق إليها. فكيف رأى نثنائيل وهو في بيت لحم؟ لقد رآه بلاهوته، ولذلك عندما كشف الرب يسوع عن هذا السر لنثنائيل آمن نثنائيل واعترف بالمسيح ابن الله " أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة. سوف ترى أعظم من هذا. وقال له الحق الحق أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" (يو 1: 50، 51) وصار نثنائيل تلميذًا للحمل وهو المعروف باسم برثولماوس.
3- أعطى السيد المسيح وعدًا للبشرية عندما قال "حينما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت 18: 20).. أنظر يا صديقي إلى ألاف الكنائس التي يجتمع فيها المؤمنون يوم الأحد والسيد المسيح قائم في كل كنيسة، فلو كان السيد المسيح ناسوت مجرد أي إنسان عادي لاستحال عليه الوجود في أكثر من مكان، ولكن لأنه هو الإله المتأنس فهو كائن مع كل من يدعوه في كل مكان وزمان.
4- قول الإنجيل " ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم" (أف 3: 17) فالسيد المسيح الإله الغير محدود يقدر أن يحل في قلوب ملايين البشر، وقال الرب يسوع " هانذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤ 3: 20) وقال ليهوذا ليس الإسخريوطي " إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلًا "(يو 14: 23) ولذلك نحن نشعر بالتعزية رغم ضيقات العالم، ونتمتع بالسلام وسط اضطرابات العالم لأن الله معنا، ونحن نثق في وعده الإلهي " ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20) فهو الكائن فوق الزمان وفوق المكان. هو عمانوئيل أي الله معنا.
5- صعد السيد المسيح إلى السماء جسديًا، ورآه إسطفانوس وقت استشهاده " فرأى مجد الله ويسوع قائمًا عن يمين الله" (أع 7: 56) فهو في الملكوت، وهو أيضًا قائم في الفردوس ولذلك قال للص اليمين " الحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43) وقال بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا" (في 1: 23) ومن المعروف أن بولس عند انطلاقه سيذهب للفردوس، وأيضًا السيد المسيح في قلوب وبيوت المؤمنين في أرجاء المسكونة، فكيف يوجد السيد المسيح في السماء وفي الفردوس وفي كل مكان على الأرض في آن واحد؟ هذا أمر سهل لأنه هو الإله المتأنس غير المحدود "لكي تجثوا باسم يسوع كل رُكبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض" (في 2: 10).
_____
(31) أورده نيافة المتنيح الأنبا يؤانس مطران الغربية في كتابه عقيدة المسيحيين في المسيح ص 87.
الفصل الرابع من الباب الأول: عدم التغيُّر |
أسئلة حول ألوهية المسيح |
الفصل الثالث من الباب الأول: مالئ كل مكان وزمان (غير محدود) |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/unlimited.html
تقصير الرابط:
tak.la/fkah3x6