St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   cross
 
St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   cross

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول الصليب - أ. حلمي القمص يعقوب

23- الآثار لا يمكن أن يتطرّق إليها الشك، فهل هناك أدلة من هذه الآثار تشهد لصلب المسيح وموته؟

 

ثانيًا: الأدلة الأثرية على صلب المسيح وموته:

س17: الآثار لا يمكن أن يتطرّق إليها الشك، فهل هناك أدلة من هذه الآثار تشهد لصلب المسيح وموته؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: أي نعم. إن الآثار لا تكذب ولا يتطرّق إليها الشك، وأي نعم أيضًا إن هناك آثارًا تشهد لصلب السيد المسيح وموته وقيامته، ومن أهم هذه الآثار ما يلي:

خشبة الصليب المقدَّسة.

إكليل الشوك والمسامير.

صورة الحكم على المسيح.

القبر المقدَّس.

سراديب روما.

الفن الكنسي والآثار المختلفة.

النقود الأثرية.

8 ـ كفن المسيح.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 1ـ خشبة الصليب المقدَّسة:

تم اكتشاف خشبة الصليب المقدَّسة بواسطة الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين، وكانت هيلانة ابنة كاهن قرية "فجي" ببلاد السريان، وعندما كان "قسطنطنيوس كلاروس" في طريقه إلى بلاد فارس رآها وأُعجب بها، فخطبها من أبيها وتزوّج بها في مدينة الرها في النصف الثاني من القرن الثالث، وأنجب منها ابنه فلاديوس، وأليريوس أورلينون المعروف بالإمبراطور قسطنطين الكبير، وقد كرَّمها ابنها قسطنطين هذا، فأنعم عليها بلقب الملكة، وسمح لها بالتصرُّف في الخزائن الملكيَّة، فأجذلت العطاء للفقراء والمحتاجين، وأفرجت عن كثير من الأبرياء الذين احتضنتهم سجون روما، وأعادت الكثيرين من المنفى إلى بلادهم، ورغم أنها الملكة إلاَّ أنها كانت تواظب على الصلوات الطقسية بالكنيسة في خشوع وهي ترتدي ثياب بسيطة محتشمة، وكانت تختلط بجماهير الشعب الذي أحبها وأخلص لها (راجع مجدي سلامة ـ الصليب وتساؤلات الأحفاد ص 25).

 وقد رأت الملكة هيلانة رؤيا تحثها على الذهاب إلى أورشليم للكشف عن صليب ربنا يسوع المسيح والقبر المقدَّس، وكان عمرها حينذاك سبعون عامًا، فجاءت إلى أورشليم بصحبة ثلاثة آلاف من الجنود كما ذكر ذلك المؤرخ يوسابيوس القيصري، والتقت بأسقف أورشليم القديس مكاريوس البالغ من العمر نحو ثمانين عامًا، وظلت تسأل عن مكان قبر المسيح، ورفض اليهود إرشادها، وكان هناك رجلًا يهوديًا طاعنًا في السن يُدعى "يهوذا" خبيرًا بأحداث وتواريخ المدينة، وعندما ضيقت عليه أخبرها بمكان القبر تحت معبد فينوس، فأمرت الملكة هيلانة بهدم المعبد وإزالة الأنقاض والأتربة التي كانت تشبه الهضبة، وفي شهر مايو سنة 326م تم اكتشاف القبر المقدَّس، ووُجِد داخله ثلاثة صلبان، مع اللافتة التي كانت مُعلَّقة على صليب المسيح "يسوع الناصري ملك اليهود" باللغات الثلاث العبرانية واليونانية والرومانية أي اللاتينية، وللآن نرى صور الصلبوت عليها لافتة مكتوب عليها I. N. R. I وهي الحروف الأولى من كلمات:Jeusus Nozarenus Rex Jadaeorum علمًا بأن حرف J لا يُستخدم في اللاتينية ولذلك اُستبدل بحرف I، وهذه اللافتة ما زالت محفوظة في روما محاطة بقالب من الطوب مقاسه 32 × 21 سم، ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "أنه حينما وُجِدت الصلبان الثلاثة ملقاة معًا لم يكن صليب الرب مجهولًا إذ وُجِد كما هو في الوسط وعليه العنوان"(119).

 وأشار القديس مكاريوس بوضع الصلبان الثلاثة على ميت كان محمولًا ليُدفن، وذلك للتأكُّد من صليب المسيح، فأوقفوا النعش، ووضعوا عليه الصليب الأول ثم الثاني فلم يقم، ولمّا وضعوا عليه الصليب الثالث قام الميت في الحال، فتأكد الجميع أنه صليب ربنا يسوع فكرَّموه جدًا، ولفُّوه بالحرير، ووضعوه في تابوت من الفضة محلّى بالذهب، وكان طول القائم الرأسي للصليب 84 م، وطول القائم العرضي يتراوح بين 32 ـ 62م، وأمرت الملكة هيلانة ببناء كنيستين أحدهما فوق القبر المقدَّس وهي كنيسة القيامة، والأخرى فوق مغارة بيت لحم وهي كنيسة المهد، وأرسلت الملكة هيلانة إلى البابا أثناسيوس الرسولي ليدشّن كنيسة القيامة، فذهب إلى أورشليم ودشّنها سنة 328م ومعه بطريرك أنطاكية، واحتفلوا بخشبة الصليب المجيد، ورتبت كنيستنا القبطية يوم 17 توت كل عام للاحتفال باكتشاف خشبة الصليب.

 وقد أرسلت الملكة هيلانة جزءًا من خشبة الصليب إلى ابنها قسطنطين في روما، وظلت هذه القطعة من الصليب المقدَّس في روما، وفي سنة 1144م بُنيت لها بازليكا الصليب المقدَّس في الفاتيكان، وجُدّدت بشكلهـا الحالية سنة 1743م في عهد البابا بندكت الرابع عشر، وهذا الجزء من خشبة الصليب ما زال موجودًا بها حتى الآن (The Vatican. P, 442).

 ويذكر القديس كيرلس الأورشليمي أنهم كانوا يوزعون من خشبة الصليب المقدَّسة على الأمراء والعظماء الذين كانوا يزورون أورشليم، وكانوا يضعون بعض القطع في صلبان من الذهب والماس، فأكبر قطعة وُضِعت في صليب ذهب يُعرَف بصليب أورشليم، والتي تليها وُضِعت في صليب من الماس يُدعى صليب القسطنطينية، وفي سنة 885 م أهدى البابا مارينوس بابا روما الملك ألفريد جزءًا من الصليب، وفي رسالة من غريغوريوس أسقف روما سنة 599م إلى ريتشارد ملك أسبانيا أخبره بأنه أرسل إليه صليبًا بداخله قطعة من خشبة الصليب المقدَّسة، وفي رسالة أخرى إلى ملكة لمباروتر يخبرها بأنه أرسل إليها جزءًا من خشبة الصليب داخل صليب من الفضة (كنيسة العذراء محرم بك ـ عيد الصليب المجيد ص 19).

 وفي سنة 1975م نُقِلت قطعتان صغيرتان من فرنسا إلى المقر البابوي بالقاهرة ومطرانية دمياط. ثم وصلت أجزاء أخرى إلى كنيسة السيدة العذراء محرم بك إسكندرية، وكنيسة العذراء والملاك غبريـال بحي بشر إسكندرية، كما يوجد جزء من خشبة الصليب أيضًا في الكاتدرائية التي اشترتها مطرانية بورسعيد من الكنيسة الكاثوليكية.

 

 ومن المؤرخين والقديسين الذين ذكروا حادثة اكتشاف خشبة الصليب:

أ ـ المؤرخ يوسابيوس القيصري (265 ـ 340م) الذي ذكر بأن الملك قسطنطين قد أزال تمثال جوبتر وتمثال فينوس في عهد القديس مكاريوس أسقف أورشليم.

ب ـ القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (339 ـ 397 م) ذكر حادثة اكتشاف خشبة الصليب بواسطة الملكة البارّة هيلانة في عظته التي ألقاها في تذكار عيد الصليب سنة 395م في وجود الأمبراطور هونوريوس.

ج ـ القديس كيرلس الأورشليمي (315 ـ 386 م) تحدّث كثيرًا عن خشبة الصليب في عظاته سنة 348م، فيقول في إحدى عظاته "لقد صُلِب المسيح حقًا، ونحن وإن كنا نُنكر ذلك فهذه هي الجلجثة تناقضني التي نحن مجتمعون حولها الآن، وها هي خشبة الصليب أيضًا تناقضني التي نُوزِع منها على كل العالم... وخشبة الصليب تشهد للمسيح تلك التي نراها حتى اليوم بيننا، وقد ملأت كل العالم بواسطة المؤمنين الذين أخذوا قطعًا منها إلى بلادهم"(120).

 كما ذكر القديس كيرلس الأورشليمي تكريم خشبة الصليب الذي يحدث في أورشليم باكر يوم الجمعة العظيمة حيث يجتمع الأسقف والاكليروس والمؤمنون في كنيسة الصليب التي بناها الملك قسطنطين بالقرب من الجلجثة. كما يذكر في كتابه "مواعظ في التعليم المسيحي" أن أساقفة أورشليم كانوا يوزعون من عود الصليب المقدَّس على أعيان الزائرين حتى إن الدنيا امتلأت من أجزاء منه في زمن قليل، ومع ذلك لم ينتقص منه شيء وذلك بسبب النشوء والنمو بواسطة القوة التي اتخذها من جسد الرب يسوع الإلهي الذي عُلّق عليه، وعندما اعترض "جون كالفن" قائلًا بأن أجزاء الصليب التي وُزِعت في العالم لو جُمعت تملأ سفينة كبيرة ردَّ عليه اللاهوتيون الكاثوليك بروما وقالوا: إن دم المسيح الذي سُفِك على خشبة الصليب أعطاها نوعًا من النشوء الطبيعي، فرغم ما يُؤخذ منها لا تنقص (راجع القس شاروبيم إبراهيم ـ تاريخ خشبة الصليب ص 26).

د ـ القديس يوحنا الذهبي الفم بطريرك القسطنطينية (347 ـ 407 م) تحدّث عن قصة اكتشاف الصليب المقدَّس وقال: "حيث أن خشبة الصليب دُفِنت ولم يهتم أحد أن يأخذها بسبب الخوف من المضايقة"، وشهد لعظمة الصليب فقال إن كثيرين في أيامه يلبسون سلاسل ذهبية تحتوي على أجزاء من خشبة الصليب.

هـ ـ القديس بولنيوس الأسقف (353 ـ 431م) من نولا بفرنسا وقد أرسل خطابًا للمؤرخ الكنسي سالبيسيوس وأرسل معه قطعة من خشبة الصليب المقدَّس.

و ـ المؤرخ الكنسي سقراط (380 ـ 450 م) يحكي قصة اكتشاف الصليب بواسطة الملكة هيلانة، ويخبرنا أنها أرسلت قطعة من خشبة الصليب إلى القصر الإمبراطوري.

ز ـ المؤرخ الكنسي ثيودوريت (393 ـ 458 م) ذكر إن الملكة هيلانة وجدت خشبة الصليب المقدَّسة، وأيضًا وجدت المسامير التي سُمِّر بها جسد مُخلّصنا الصالح، فأخذتها بإكرام وأرسلتها لابنها الملك قسطنطين ففرح بها، وثبّت إحداها فـي خوذته الملكية التي كان يضعها على رأسه أثناء المعارك الحربية.

ح ـ الراهبة الإسبانية "إيجيريا" التي زارت أورشليم في أواخر القرن الرابع ذكرت الصلوات التي تقام أمام خشبة الصليب المقدَّس في كنيسة القيامة.

 

 وقد ذكر الإمام ابن كثير في كتابه قصص الأنبياء طبعة سنة 1981م ص 530، 539 قصة اكتشاف الصليـب على الملكة هيلانة، وإن كان يستبعد حدوثها.

 وقد ظلت خشبة الصليب المقدَّس في التابوت الفضي في كنيسة القيامة حتى سنة 614م، وعندما نشبت الحرب بين الروم والفُرس، انتصر الفرس بقيادة ملكهم "كسرى" Chosraes فنهبوا الكنائس، وعندما دخل أحد أمراء فارس إلى كنيسة القيامة فرأى خشبة الصليب موضوعة في تابوت من الفضة مُحلّى بالذهب ويسطع منه ضوءًا رائعًا، فمد يده يمسك بها فخرجت نارًا وأحرقت أصابعه، وعندما سأل عن سر هذه الخشبة أعلمه المسيحيون أنها خشبة الصليب المقدَّس، ولا يقدر على لمسها إلاَّ الإنسان المسيحي، فأخبر الملك واحتالوا على اثنين من الشمامسة فحملوا التابوت وذهبوا معهم إلى بلادهم فارس، وفي حديقة القصر حفروا حفرة ووضعوا فيها التابوت وهالوا التراب عليه، وذبحوا الشماسين لئلا يفشيان السر، وقد شاهدت هذه الحادثة فتاة مسيحية ابنة كاهن وكانت من ضمن سبايا الفُرس، وأيضًا سُبيَ زخارياس بطريرك أورشليم، وظلت خشبة الصليب مدفونة في ذلك المكان نحو خمسة عشر عامًا.

 

 وفي سنة 629م خاض الإمبراطور "هرقل" ملك الروم الحرب ضد الفرس، وانتصر عليهم ودخل بلادهم، واسترد التابوت الفضة وبه خشبة الصليب المقدَّس بعد أن أرشدته إليه الفتاة ابنة الكاهن، فعاد به إلى كنيسة القيامة، وفي احتفال عظيم حَمل هرقل الصليب على كتفه وهو يرتدي حلّته الملوكية متوشحًا بالوشاح الإمبراطوري وعلى رأسه تاجه الذهبي المرصَّع بالأحجار الكريمة وأراد أن يدخل به إلى كنيسة القيامة إلاَّ أن الصليب ثقل عليه جدًا فلم يقوَ على السير به، فقال له أحد الآباء الكهنة المختبرين: "اذكر يا سيدي الملك أن مولاك دخل هذا المكان حاملًا الصليب وعلى هامته المقدَّسة إكليل الشوك" فخلع الإمبراطور تاجه والوشاح الإمبراطوري، ودخل للكنيسة حافي القدمين حاملًا خشبة الصليب المقدَّس في سهولة ويسـر، ووضعها في مغارة الصليب، والشعب مع الإكليروس يرتلون "خلّص شعبك. بارك ميراثك. امنح ملوكنا المؤمنين الغلبة على البربر بقوة صليبك..".

 وظلت خشبة الصليب في كنيسة القيامة بأورشليم نحو خمس سنوات، وفي سنة 634 م. نُقِل التابوت وبه خشبة الصليب إلى كنيسة هاجيا صوفيا في القسطنطينية(1) خوفًا من وقوعه مرة أخرى في أيدي الفُرس، وفي سنة 670 م. سجّل "أركلنوس" مشاهدته لخشبة الصليب في كنيسة آجيا صوفيا، وبعد هذا التاريخ لا أحد يعلم أين ذهب التابوت بخشبة الصليب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image:  The crown of thorns is put on the head of our Savior Jesus Christ by the soldiers: John 19:2 - by Titian. bx19 صورة في موقع الأنبا تكلا: وضع تاج الشوك، إكليل الأشواك على رأس السيد المسيح يسوع بواسطة الحراس و الجنود: يوحنا 19: 2 - رسم الفنان تايتان

St-Takla.org Image:  The crown of thorns is put on the head of our Savior Jesus Christ by the soldiers: John 19:2 - by Titian. bx19

صورة في موقع الأنبا تكلا: وضع تاج الشوك، إكليل الأشواك على رأس السيد المسيح يسوع بواسطة الحراس و الجنود: يوحنا 19: 2 - رسم الفنان تايتان

 2ـ إكليل الشوك والمسامير:

تم العثور على إكليل الشوك، وهو عبارة عن طاقية من الشوك، وما زال محفوظًا للآن في كاتدرائية "نوتردام دي باري" (أي سيدة فرنسا) وكل يوم جمعة عظيمة توزع الكاتدرائية على المصلين صورة الإكليل.

 أما المسامير فيذكر المؤرخ الكنسي "ثيودوريت" (393 ـ 458 م.) أن الملكة هيلانة عندما اكتشفت خشبة الصليب كان معها المسامير، فأخذتها بإكرام وأرسلتها إلى ابنها الملك قسطنطين الذي فرح بها وثبّت إحداها في الخوذة الملكية، وأحد هذه المسامير في كنيسة الصليب بروما، والثاني كان ضمن كنوز دير "سان دينيس" والثالث كان في دير "سان جرمان دي باري" بفرنسا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 3ـ صورة الحكم على المسيح:

بينما كان العلماء الفرنسيون الذي رافقوا الجيش الفرنسي في زحفه إلى إيطاليا سنة 1820 م. يبحثون عن الآثار الرومانية، اكتشفوا صورة الحُكم الذي أصدره بيلاطس البنطي بصلب ربنا يسوع المسيح، وتم العثور على هذا الحكم منقوشًا على لوح من النحاس الأصفر باللغة العبرانية، وكان محفوظًا داخل علبة من الخشب الأبنوس في خزانة الأمتعة الكنائسية بدير رهبان الكارتوزيان Carthusian بمدينة أكويلا بإيطاليا، وصورته كالآتي:

 

صورة الحكم الذي نطق به بيلاطس البنطي والي ولاية الجليل على يسوع الناصري

 

 في السنة السابعة عشر من حكم الإمبراطور طيباريوس الموافق لليوم الخامس والعشرين من شهر (آذار)، بمدينة أورشليم المقدَّسة في عهد الحبرين حنّان وقيافا، حكم بيلاطس البنطي والي ولاية الجليل الجالس للقضاء في ندوة مجمع البروتوريّين على يسوع الناصري بالموت صلبًا بين لصين بناءً على الشهادات الكثيرة المبيَّنة المقدَّمة من الشعب المثبتة أن يسوع الناصري:

أولًا: مضلّ يسوق الناس إلى الضلال.

ثانيًا: يغري الناس على الشغب والهياج.

ثالثًا: عدو الناموس.

رابعًا: يدعو نفسه ابن اللَّه.

خامسًا: يدعو نفسه كذبًا أنه ملك إسرائيل.

سادسًا: دخل الهيكل ومعه جمع كثير من الناس حاملين سعف النخل.

فلهـذا

 يأمر بيلاطس البنطي لونتيوس كرنيليوس قائد المئة بأن يأتي بيسوع المذكور إلى المحل المُعد لقتله، وعليه أيضًا أن يمنع كل من يتعدى لتنفيذ هذا الحكم فقيرًا كان أو غنيًا.

 

بيان بأسماء من وقّعوا الحكم على يسوع:

أولًا: دانيال روباني فريسي.

ثانيًا: يوحنا زوربابل.

ثالثًا: روفائيل روباني.

رابعًا: كابيت.

وأن يؤتى به إلى خارج مدينة أورشليم من باب الطوراني.

 

وهاك أسماء الذين تشاوروا بالحكم على يسوع المسيح:

1ـ يورام: فهو العاصي الذي يستحق الموت على حسب الشريعة.

2ـ سمعان الأبرص: لماذا يُحكم بالموت على هذا البار؟

3ـ ساراباس: انزعوا عنه الحياة. انزعوه من الدنيا.

4ـ دبارياس: حيث أنه هيج الشعب ـ فمستحق الموت.

5ـ نبراس: فليطرح في هاوية الشقاء.

6ـ أنولومبه: لماذا كل هذه المدة المستطيلة ولم يُحكَم عليه بالموت؟

7ـ يوشافاط: اتركوه في السجن مؤبدًا.

 8ـ سابس: إن كان بارًا أو لم يكن، فمستحق كأس الحمام، حيث أنه لم يحفظ شريعة آبائنا.

بيلاطس البنطي: إني بريء من دم هذا البار.

10ـ سابتل: فلنقاصه حتى في المستقبل لا يكرز ضدنا.

11ـ أُناس: لا يجب الحكم أبدًا على أحد بالموت ما لم نسمع أقواله.

 12ـ نيقوديموس: إن شريعتنا لا تصرّح بالحكم على أحد ما لم نأخذ أولًا أقاويله وأخباره عما فعل.

13ـ يوطفار: حيث إن هذا الإنسان بصفته خدَّاع فيُطرد من المدينة.

14ـ روسمونين: ما فائدة الشريعة إن لم تُحفَظ.

 15ـ هارين: إن كان بارًا أو لم يكن فمن حيث أنه هيج الشعب بكرازته فمستحق العقاب.

16ـ ريفاز: اجعلوه أولًا يعترف بذنبه ومن ثم عاقبوه.

17ـ يوسف الأرماني: إن لم يكن أحد يدافع عن هذا البار فعار علينا.

18ـ سوباط: إن الشرائع لا تحكم على أحد بالموت.

19ـ ميزا: إن كان بارًا فلنسمع منه وإن كان مجرمًا فلنطرده.

20ـ رحبعام: لنا شريعة بحسبها يجب أن يموت.

21ـ كرسي رئيس الكهنة قيافا الذي هو رئيس كهنة اليهود قد تنبأ قائلًا: لا تسمعوا منه شيئًا ولا تعتبروه وإن الأجدر بكم أن يموت إنسان واحد عن الشعب جزاء هلاك الأمة بأسرها.

 

وقد أشارت إلى هذا اللوح جريدة الأجبشيان جازيت Egyptian Gazette في عددها رقم 2167 بتاريخ 26/2/1898م.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 4ـ القبر المقدَّس:

اهتم البشيرون الأربعة بذكر "القبر" كحقيقة شاهدة على موت المسيح وقيامته، حتى أنهم ذكروه في أصحاحات القيامة أكثر من ثلاثين مرة، وكان القبر منحوتًا في صخرة ضخمة، وجديدًا لأن يوسف الرامي كان قد أعدّه لنفسه، وعلى بابه حجر كبير، ومدخل القبر كان منحدرًا عن الجانبين.

 فيقول متى البشير: "فأخَذَ يوسف الجَسَد ولفَّهُ بكتَّان نقيّ، ووضَعَهُ في قبره الجَديد الذي كان قد نَحَتَهُ في الصَّخرة، ثم دحرَج حَجرًا كبيرًا على باب القبر ومضى" (مت 27: 59) فكلمة "دحرج" تفيد حركة الحجر من مستوى أعلى إلى مستوى أدنى، وهذا الموقف جعل يوحنا البشير عندما يصف وضع الحجر بعد القيامة، لا يقول أنه دُحرِج ثانية، إنما يقول أنه رُفِع "فنَظَرَت الحَجَر مرفوعًا عن القَبر" (يو 20: 1) أنه احتاج إلى قوة كبيرة لرفعه وإبعاده عن باب القبر، ولا يمكن أن يفارق الحجر مكانه دون أن تتحطّم الأختام الرومانية، وهذا يمثّل جريمة ضد هيبة الدولة الرومانية تستوجب العقوبة، ولكن مَن من الدولة الرومانية يقدر أن يحاكم ملاك القيامة؟!.. حقًا إن الدولة الرومانية تقف بكل قوتها وهيبتها عاجزة تمامًا أمام ملاك القيامة الذي تحدّاها وحطم أختامها ودحرج الحجر رغم إرادتها وإرادة اليهود. أما الحراس الأقوياء المعروفين بالجراءة والجسارة فقد ارتعبوا وارتعدوا وصاروا كأموات: "وإذا زلزَلَةٌ عظيمة حَدَثت، لأن ملاك الرب نَزَل من السماء وجاء ودحرَج الحجَر عن الباب، وجلس عليه. وكان منظره كالبَرْق، ولباسه أبيَض كالثّلج. فمن خوفِهِ ارتعد الحُرّاس وصاروا كأموات.." (مت 28: 2 ـ 4).. فما بال قوتكم أيها الحرّاس الأشداء تنهار؟!.. وأين صولتكم وجولتكم؟!.. هـل هـول الصدمة أفقدكم الشجاعة حتى صرتم كأموات؟! وهذا القبر الممجَّد الذي ضم في جوفه الجسد المقدَّس الذي لمُخلّصنا الصالح ثلاثة أيام، حاول اليهود إخفاء معالمه، فجعلوه محلًا لإلقاء المخلفات والقمامة، ونادوا في كل أورشليم بأن كل من يكنس بيته أو يهدم بيتًا يلقي بالمخلفات على قبر يسوع الناصري.

 وفي سنة 135م أراد الإمبراطور هدريان إبعاد المسيحيين تمامًا عن منطقة القبر، ورفع مكانتها من نفوسهم، فأقام فوق المنطقة هيكلًا للإلهة الزهرة "فينوس" Venus حامية مدينة روما، كما أقام هيكلًا للإله: "جوبتر" وفي شهر مايو سنة 326م اكتشفت القديسة هيلانة القبر المقدَّس بعد أن هدمت معبد الإلهة فينوس، وبنت فوق القبر كنيسة القيامة.

 وكنيسة القيامة عبارة عن دائرة ضخمة تحيط بالقبر المقدَّس، وتحتوي عدَّة هياكل منهم هيكلًا للأقباط الأرثوذكس. كما يوجد بالكنيسة "المغتسل" حيث تم تكفين جسد مُخلّصنا الصالح، وتعلو المغتسل قناديل لكل الكنائس المسيحية، وتظل هـذه القناديـل مضاءة طـوال العام، وتطفـئ فقط فـي الساعة السادسة (12 ظ) يوم الجمعة العظيمة. ثم تضاء من نور القبر يوم سبت النور من كل عام.

 وعلى جانب باب الكنيسة عمود رخامي به شرخ من أثر النور الذي فجَّ من القبر المقدَّس عندما شكّ إبراهيم باشا ابن محمد على الكبير في هذه المعجزة أيام البابا بطرس الجاولي، وفي مواجهة القبر المنحوت في الصخر يوجد عمودان، اليمين عليه رسم المريمات حاملات الحنوط، والعمود اليسار عليه رسم ملاك البشارة، وعلى واجهة القبر أحد السَّرافيم يعلوه المسيح القائم.

 وعلى الجدار الأيسر للقبر صورة السيدة العذراء ترفع يديها في صلاة خشوعية، وفي المواجهة ثلاثة مناظر للقيامة أسفلهم بروز حجري يحمل الشمعدانات الكثيرة المتلاصقة مع فازات الورود، وفي كل عام يوم سبت النور يدخل بطريرك الروم الأرثوذكس بملابس بسيطة وهو يحمل في يده ثلاثة وثلاثين شمعة بعدد سنوات عمر المسيح، ويصلّي فينبثق النور العجيب يضيء الشموع التي يحملها الآب البطريرك، ويوقد كل قناديل الكنيسة ويشعل كل الشموع التي يحملها الشعب، وفي اللحظات الأولى من انبثاق النور لا يحرق شيئًا قط، فلم نسمع أن شعر إنسان قد تعرّض للحريق بينما يشعل الشموع والقناديل فقط... إنها معجزة حيَّة تحدث كل عام، ومَن لا يصدق فليذهب وليعاين نور المسيح لعله يؤمن ويربح الحياة الأبدية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 5ـ سراديب روما:

سراديب روما تمثل كنزًا تاريخيًا عظيمًا وشاهدًا لصليب المسيح منذ القرن الأول الميلادي، فقد كانت هذه السراديب أماكن لإقامة القداسات والصلوات والاجتماعات للمسيحيين الأوائل هربًا من الاضطهادات العنيفة للرومان، وذلك رغم صعوبة التواجد في هذه الأماكن حيث الرطوبة الشديدة والهواء الملوث من جراء المشاعل وسوء التهوية، ورغم ذلك فإن المسيحيين قد زينوا جدران هذه السراديب برسومات الصليب أشكالًا وألوانًا... فما الذي دعاهم لنقش علامة اللعنة والذل والعار على هذه الجدران لو لم يُصلب السيد المسيح له المجد؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 6ـ الفن الكنسي والآثار المختلفة:

يكفي ما تحتويه أرض مصر من آثار قبطية من القرون الأولى يظهر عليها علامة الصليب واضحة منقوشة أو مرسومة على الحجر والمعادن والأيقونات والأوراق، ويكفي زيارة أديرة وادي النطرون التي ترجع إلى القرن الرابع الميلادي، أو كنائس مصر القديمة التي ترجع إلى القرون الأولى، أو مناطق أسيوط وأخميم وسوهاج وما تحتويه من آثار ومخطوطات، أو المتحف القبطي والكنوز التي بداخله، وقِطَعْ النسيج اليدوي من القرون الأولى، والآثار التي تكشف عن نفسها يومًا فيومًا، والمعموديات الأثرية فإن المعمودية هي موت وقيامة مع المسيح، والنسخ القديمة من الكتاب المقدَّس مثل الاسكندرية والفاتيكانية والسينائية والأفرامية. أو آلاف النسخ الأثرية للعهد الجديد، وقد اكتشف علماء الآثار مخطوطة ترجع إلى القرن الأول الميلادي وهي الآن في المكتبة الأهلية بباريس وجاء فيها: "يا صليب طهرني. أطردك أيها الشيطان بحيث لا تبرح مقرّك إلى الأبد. افعل ذلك بِاسم سيدي الحي.." (من مجلة الهلال العدد العاشر السنة العاشرة)(121) وعندما ينادي الإنسان الصليب فهو يقصد بلا شك المصلوب عليه.

 وقد كتب السير وليم رمزي أحد علماء الآثار كتابًا بعنوان: "الاكتشافات الحديثة وصحة وقائع العهد الجديد"، وما زال في روما درجات سلم قصر بيلاطس التي صعد عليها السيد المسيح أثناء المحاكمة، وأيضًا العمود الحجري الذي رُبِطَ فيه أثناء الجلدات، وفي سنة 1969م عثر علماء الآثار بالإسكندرية على مقابر تعود إلى القرون الأولى منقوش عليها علامة الصليب، وأيضًا اكتشاف المقابر المختلفة في الواحات وغيرها تُظهر كرامة الصليب، ومدى محبة الإنسان المسيحي للصليب، فعلامة الصليب الذي قهر الموت هي أكبر علامة تميز مدافن المسيحيين عن غيرهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 7ـ النقود الأثرية:

أمر الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير (379 ـ 395 م) بصك دراهم ودنانير عليها الصليب والبسملة (بِاسم الآب والابن والروح القدس، إله واحد. آمين)، وأيضًا أمر الإمبراطور هرقل (610 ـ 641م) بضرب الدراهم والدنانير وقد ظهر على أحد وجهي العملة صورة الإمبراطور لابسًا التاج الذي يعلوه الصليب، وعندما دخل عمرو بن العاص إلى مصر، فرض الجزية على كل إنسان مسيحي ما عدا النساء والشيوخ والأطفال بمعدل دينارين لكل إنسان مسيحي من العملة البيزنطية التي أقرَّ التعامل بها، وفي السنة الأولى لولايته جمع 12 مليون دينار بيزنطي عليها علامة الصليب، وأرسل معظمها إلى بيت المال في المدينة، ولم يعترض عليها أحد من الصحابة، وظل التعامل بهذه العملات حتى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان (685 ـ 705 م) الذي أمر بصك عملات عربية عليها صورته. ثم عادت العملة التي عليها الصليب إلى التداول أيام حرب الفرنجة، فضربوا في دمياط في 5 نوفمبر 1219م إلى 7 سبتمبر 1220م نقودًا عليها اسم دمياط باللاتينية، ويزينها صليب داخل دائرة، وفي عكا ضربوا عملات فضية وذهبية سنة 1250م على أحد وجهيها البسملة وعلى الوجه الآخَر ظهر صليب محاطًا بعبارة: "اللَّه واحد هو... الإيمان واحد... المعمودية واحدة" (راجع مجدي سلامة ـ الصليب وتساؤلات الأحفاد ص 98 ـ 100).

St-Takla.org Image: The Holy Shroud of Jesus Christ, Turn, Italy صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة كفن يسوع المسيح، الكفن المقدس، تورينو، إيطاليا

St-Takla.org Image: The Holy Shroud of Jesus Christ, Turn, Italy

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة كفن يسوع المسيح، الكفن المقدس، تورينو، إيطاليا

 ومن حين إلى آخَر تكشف لنا الأرض عما في باطنها من نقود أثرية قد أودعتها طياتها منذ عصور طويلة، وتظهر نقود القرن الرابع وما بعده وعليها علامة الصليب، وقد نشرت جريدة الأهرام المصرية في الصفحة الحادية عشر بتاريخ 19/8/1978م أنه أثناء عمليات الحفر لإقامة سنترال بمدينة الشهداء بمحافظة المنوفية تم العثور على مجموعة من النقود الذهبية القديمة، وقرَّر السيد صلاح الدين عبد السلام مفتش الآثار بمنطقة وسط الدلتا أن النقود الذهبية عبارة عن دنانير من الذهب الخالص التي استعملها العرب قبل الإسلام، وقد رُسِم عليها الإمبراطور البيزنطي هرقل، وبجواره الإمبراطور قسطنطين، ويظهر على النقود رسم الصليب، وقد حضر لمكان الكشف المهندس سليمان متولي محافظ المنوفية، وتبين أن مكان الكشف عبارة عن تل قديم يطلق عليه تل سرسنا، وكان هذا التل يقع عند أطراف المدينة منذ عدّة سنوات، وبعد التوسُّع في الإنشاءات الجديدة أصبح يتوسط المدينة، فتقرَّر إزالته واستغلال مكانة في إقامة السنترال الجديد، وقد تم الاتفاق بين المحافظ وهيئة الآثار على عرض بعض الآثار المكتشفة في المتحف القومي في دنشواي، لإتاحة الفرصة لأبناء المحافظة في معرفة جانب من تاريخ مصر، والعملات التي كان يتم التعامل بها في فترة ما قبل ظهور الإسلام.

 وفي سنة 1989م تم اكتشاف عملات ذهبية أثناء ترميم دير الأنبا شنوده رئيس المتوحدين غرب سوهاج، وظهر على هذه العملات رسمة الصليب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 8ـ الكفن المقدَّس:

موضوع الكفن موضوع طويل نكتفي بعرض ثلاث نقاط فقط وباختصار شديد وهي:

أ ـ رحلة الكفن.

ب ـ فحص الكفن.

ج ـ الأدلة على أن الكفن خاص بالسيد المسيح.

 

أ ـ رحلة الكفن:

 1ـ اشترى يوسف الرامي قماش كتان نقي، وأحضـر نيقوديموس حنوط وأطياب، واشتـرك الاثنان في لف جسد المخلص الصالح بالأكفان كقول الإنجيل: "فأخَذَ يوسف الجسد ولفَّه بكتانٍ نقي" (مت 27: 59).. "وجاء أيضًا نيقوديموس، الذي أتـى أولًا إلى يسـوع ليلًا، وهو حامِلٌ مَزيج مُرٍّ وعُودٍ نحو مئة مَنًا. فأخذا جَسد يسوع، ولفَّاه بأكفان مع الأطياب، كما كان لليهود عادَةٌ أن يكفّنوا" (يو 19: 39، 40)، وقد التصقت هذه الأكفان بجسد السيد المسيح.

St-Takla.org Image: The Shroud of Turin (Shroud of Jesus Christ) is kept in a silver casket inside an iron box within a marble coffer inside the urn on the altar of the church - Turin Cathedral: Duomo di Torino: Cattedrale di San Giovanni Battista, Turin (Torino), Italy. A Roman Catholic Church, consecrated on 1505. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 8, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: كفن تورينو (كفن السيد المسيح) محفوظ داخل تابوت فضي ثم داخل صندوق حديدي وآخر من الرخام في حضن الكنيسة - صور كاتدرائية تورينو: كنيسة القديس يوحنا المعمدان: الدومو، تورينو (تورين)، إيطاليا. وهي كنيسة كاثوليكية تم تدشينها عام 1505 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 8 أكتوبر 2014.

St-Takla.org Image: The Shroud of Turin (Shroud of Jesus Christ) is kept in a silver casket inside an iron box within a marble coffer inside the urn on the altar of the church - Turin Cathedral: Duomo di Torino: Cattedrale di San Giovanni Battista, Turin (Torino), Italy. A Roman Catholic Church, consecrated on 1505. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 8, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: كفن تورينو (كفن السيد المسيح) محفوظ داخل تابوت فضي ثم داخل صندوق حديدي وآخر من الرخام في حضن الكنيسة - صور كاتدرائية تورينو: كنيسة القديس يوحنا المعمدان: الدومو، تورينو (تورين)، إيطاليا. وهي كنيسة كاثوليكية تم تدشينها عام 1505 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 8 أكتوبر 2014.

 2ـ عندما قام المسيح رأى بطرس ويوحنا الأكفان موضوعة في القبر... "وانحنى (يوحنا) فنَظر الأكفان موضوعَةً، ولكنه لم يدخُل. ثم جاء سِمعان بطرس يتبَعَهُ، ودَخَل القَبر ونَظَر الأكفَان موضُوعَةً. والمنديل الذي كان على رأسِهِ ليس موضوعًا مـع الأكفَان بل ملفوفًا في موضـع وحـده" (يو 20: 5 ـ 7) فكلمة "موضوعة" التي تكرَّرت مرتين في اللغة الأصلية اليونانية تعني "رآها كما كانت موضوعة"، وكذلك كلمة "ملفوفًا" الخاصة بالمنديل تعني في الأصل اليوناني كما لو كان الرأس في داخله، وهذا إثبات كافٍ لمعجزة القيامة فالأكفان كانت "موضوعة" في وضعها ولم تلقَ، وأيضًا المنديل لم يلقَ بعيدًا بل كان في مكانه موضع الرأس، مما يشهد بأن الجسد انسحب من الأكفان بطريقة معجزية، وهذا كان دليل كافٍ جعل يوحنا الحبيب يؤمن بالقيامة، ولذلك نجده يذكر الحدث بالتفصيل، فقد ذهب مع بطرس إلى القبر وهما يركضان، وذكر أنه سبق بطرس فوصل إلى باب القبر وانحنى ونظر الأكفان موضوعة وكذلك المنديل كلٍ في مكانه... إنها نظرات فاحصة، وذكر أنه لم يدخل حتى جاء بطرس فاندفع إلى داخل القبر فكان أول من دخل القبر، ثم يذكر أنه دخل بعد بطرس وسجل عبارته الشاهدة للقيامة حيث يقول: "ورأى فآمن" فالإيمان هنا مبني على رؤيته للأكفان والمنديل والقبر الفارغ... رأى فآمن رغم أنه لم يكن يعرف الكتاب "أنه ينبغي أن يقوم من الأموات" رأى فآمن رغم أنه كان يظن أن معلمه لن يقوم إلاَّ في اليوم الأخير... لقد صارت الأكفان شاهدة للقيامة مثل الشرنقة التي خرجت منها الفراشة، فرؤيتنا لشرنقة فارغة يؤكد أن الفراشة قد انطلقت منها وحلقت في الهواء الطلق. ويقول القديس كيرلس الكبير (326 ـ 444م) بأن الطريقة التي وُضِعت بها الأكفان قادت التلاميذ للتأكد من القيامة (راجع جوش مكدويل ـ برهان يتطلب قرارًا ص 264).

 3ـ أرسل "أبيجار الخامس" حاكم أدسا (وهي بلدة بجنوب تركيا) للرب يسوع ليمضي إليه ويشفيه من البرص، فوعده الرب يسوع بأنه سيرسل له تلميذه، وبعد حلول الروح القدس على التلاميذ ذهب تداوس الرسول إلى أبيجار الخامس حاكم أدسا وأخذ معه الكفن المقدَّس، وبشَّرهم بالمسيحية فصارت مدينة أدسا كلها مسيحية، وعندما ارتد "مانيو" الابن الثاني لأبيجار إلى الوثنية واضطهد المسيحيين أخفـى المسيحيون الكفن المقدَّس في كوة فوق الباب الغربي بسور المدينة، فظل بها لفترة طويلة.

 4ـ في سنة 525م حدث فيضان رهيب اجتاح مدينـة أدسا وأطاح بكل المنشآت، ولكن الكفن ظل محفوظًا في الكوة العالية بسور المدينة، وحُفِظ من دمار الفيضان.

 5ـ عقب الدمار الذي لحق المدينة بدأ سكان أدسا بتجديد مدينتهم فعثروا على الكفن المقدَّس، وعلم الإمبراطور بهذا فبنى كاتدرائية أجيا صوفيا الضخمة ووضع فيها الكفن المقدَّس، وعُرِف في ذلك الوقت بِاسم "المنديليون المقدَّس" أو "صورة أدسا".

 6ـ في سنة 1144م نقل الإمبراطور رومانيوس ليسانيوس الكفن إلى القسطنطينية وكان هذا بتدبير إلهي، لأن الأتراك احتلوا أدسا سنة 1164 وهدموا جميع كنائسها بما فيها كاتدرائية أجيا صوفيا، فظل الكفن بمدينة القسطنطينية في كنيسة ماروس.

 7ـ في سنة 1204م وأثناء مرور الصليبيين القادمين من غرب أوروبا هجموا على القسطنطينية بغرض إخضاعها لبابا روما، ونهبوا كنوزها.

 8ـ انتقل الكفن من القسطنطينية إلى فرنسا خلال رحلة تبلغ حوالي 2500 كيلو متر عن طريق جماعة دينية اشتهرت بالحفاظ على الآثار المقدَّسة وهي جماعة Knights Templars.

 9ـ في سنة 1357 م ظهر الكفن المقدَّس في بلدة "ليري" Lirey التي تقع جنوب باريس بمائة ميل لدى عائلة "جيوفري دي شارني" وكان رب العائلة شارني قد قتله الإنجليز سنة 1356م، وقد أرادت زوجته الأرملة تحسين دخلها فعرضت الكفن في كنيسة خشبية صغيرة حتى تجذب الزائرين وتحصل على تقدماتهم، ولكن الأسقف أمر بوقف عرض الكفن حتى لا يتحول إلى تجارة.

 10ـ تعرَّضت الكنيسة الخشبية للقِدَم، فسلّمت عائلة جيوفري دي شارني الكفن المقدس إلى أسرة "سافوي" Savoy المشهورة بالتقوى والقوة والثراء للحفاظ عليه، وكانت أسرة سافوي لها أملاك عديدة في شمال إيطاليا، وبعد زمن قليل صار رئيس أسرة سافوي ملكًا لإيطاليا، فنقلت عائلة سافوي الكفن المقدَّس داخل صندوق فضي إلى كنيسة بمدينة شاميري بفرنسا.

 11ـ في يوم 4 ديسمبر 1532م حدث حريق بكنيسة شاميري، وحاصرت النيران الصندوق الفضي فانصهرت الفضة الداخلية وسقطت على الكفن المقدس، وقد دبر اللَّـه وجود دوق شجاع من أسرة سافوي تقدّم ومعه كاهنان من الفرنسيسكان وأنقذوا الصندوق وأغرقوه بالمياه، والأمر العجيب أن الحريق أحدث ثمانية ثقوب بالكفن وجميعها بعيدة عن صورة السيد المسيح. كما إن مياه الإطفاء تركت آثارًا على الكفن المقدَّس ولكنها بعيدة أيضًا عن الصورة.

 12ـ في سنة 1578م نقلت عائلة سافوي الكفن المقدَّس من مدينة شاميري بفرنسا إلى كاتدرائية يوحنا المعمدان الضخمة بمدينة تورينو بإيطاليا، وهو الذي شاهدناه هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت وقت زيارتنا لتصوير الأماكن المقدسة في إيطاليا عام 2014 م.

 

ب ـ فحص الكفن:

 كفن تورينو عبارة عن قطعة من الكتان القديم مقاس 364 × 101 م لونها يميل للأصفر، وتظهر في أحد وجهيها صورة باهتة غير محدَّدة المعالم، والنسيج من خيوط الكتان قطر كل خيط 15 مم، ويحتوي كل خيط على عدد من الشعيرات يتراوح بين مائة ومائتين.

 وفي شهر مايو سنة 1898م قام رجل قانون إيطالي اسمه "سكوندوبيا" وكان يهوى الفن بأخذ أول صورة فوتوغرافية للكفن بكاميرا بدائية ضخمة (وهذه الكاميرا ما زالت محفوظة للآن في متحف الكفن المقدَّس بتورينو) ولكن الصورة ظهرت مطموسة المعالم. ثم كرر المحاولة مساء 28 مايو من نفس العام، فظهرت صورة ربنا يسوع وهو موضوع في القبر.

 وفي سنة 1973م قام بعض العلماء الطليان بدراسـة عمليـة للكفن المقدّس. ثم اهتم العالمان "جون جاكسون" John Jackson و"أرك جيمبر Eric Jumper" وهما من الأكاديمية الجوية بأمريكا بهذه الدراسة، وأرادا التوسُّع في هذه الدراسة فعقدا مؤتمرًا مفتوحًا... تجمّع عدد كبير من عظماء العلماء، وتكوَّن فريق بحثي من أربعين عالمًا في مختلف التخصصات، وتم وضع مشروع متكامل لدراسة الكفن سميَ "مشروع دراسة كفن تورينو"، حيث قام العلماء بجمع الأجهزة الحديثة المتطورة، وفي أكتوبر سنة 1978م انتقل العلماء لتورينو بإيطاليا ومعهم اثنان وسبعون صندوقًا تشمل أحدث وأدق الأجهزة العلمية، علمًا بأن مجموعة البحث هذه لم تكن تابعة لأي منظمة أو هيئة وقد أنفقت على هذه الأبحاث من مالها الخاص.

 وفي 8 أكتوبر سنة 1978م بدأ الفريق البحثي العمل والفحص، وقد استمر الفحص خمسة أيام متصلة ليل نهار حيث تم فحص كل شيء، وفحص كل نقطة في الكفن، وكان كل دقيقة يقومون بعمل اختبارين على الأقل وأحيانًا أربعة اختبارات، وقد رفعوا جزئيات دقيقة من الكفن على شرائط السليلوز، وفي 12 أكتوبر 1978م انتهى الفحص وبدأت دراسات نتائج الفحص التي استمرت طوال ثلاث سنوات في أماكن مختلفة بأوروبا وأمريكا.

 

ج ـ الأدلة على أن الكفن خاص بالسيد المسيح:

صورة الكفن سلبية (نيجاتيف) - صورة الكفن ثلاثية الأبعاد - دقة الصورة من الناحية التشريحية - عدم وضوح الصورة من قرب - عدم استعمال ألوان تلوين في الصورة -  ثبات صورة الكفن - وجود آثار دم بشري على الكفن - حبوب اللقاح على قماش الكفن - قماش الكفن - آثار قطعتين من النقود كانتا على العينين - شخصية المصلوب

 

صورة الكفن سلبية (نيجاتيف):

 عندما نستعمل فيلم التصوير تظهر عليه الصورة السلبية (نيجاتيف) وعند طبع الفيلم تظهر الصورة الإيجابية التي تمثل الواقع، والنيجاتيف تكون متعاكسة مع الأصل، فالمساحات السوداء في النيجاتيف عند الطبع تصبح بيضاء، والأجزاء البيضاء في النيجاتيف تصبح عند الطبع سوداء، والأجزاء الظاهرة في اليمين في النيجاتيف تظهر عند الطبع في اليسار والعكس صحيح، ولكن الأمر العجيب والذي يعتبر معجزة عظيمة هو أن الكفن المقدَّس قام بوظيفة الفيلم فظهرت عليه الصورة السلبية "النيجاتيف" والفيلم الذي تم تصويره ظهرت عليه الصورة الإيجابية التي تمثل الحقيقة، ومن الطبيعي أنه لا يستطيع أي إنسان أن يرسم صورة سلبية على الكفن بهذه الدقة المتناهية، حتى لو أمكن هذا فما الداعي لأن يرسم فنان صورة "نيجاتيف" غير واضحة المعالم على قماش الكتان؟!

 

صورة الكفن ثلاثية الأبعاد:

 أي صورة عادية لا تصلح لعمل تمثال مجسَّم، فلكي يمكن عمل مجسَّم لا بد من وجود صورتين على الأقل أو أكثر، ولكن المعجزة في صورة الكفن رغم أنها صورة واحدة إلاَّ أنها تصلح لعمل تمثال مجسَّم للسيد المسيح... كيف؟.. يقول العلماء بأن أي صورة ثنائية الأبعاد أي نقطة فيها لها بعدان فقط وهم Y، X ولكن صورة الكفن متميّزة بطريقة معجزية عن أي صورة أخرى، لأن أي نقطة فيها لها ثلاثة أبعاد وهىZ،Y، X وهذا يجعلها تصلح لعمل تمثال مجسَّم للسيد المسيح، وهذا ما صنعه العلماء إذ بمقاييس صورة الكفن وعلى ضوء الصورة أمكن صنع تمثال مجسَّم لربنا يسوع.

 

دقة الصورة من الناحية التشريحية:

 قـام العالـم البيولوجـي الملحد "بول فيجنون" Paul Vignon وصديقـه "يفـز دلاج" Yves Delage أستـاذ التشريـح بجامعـة السوربون وعضو الأكاديميـة الفرنسيـة، بدراسـة الصـور التي التقطها سكوندوبيا، فآمن فيجنون وصار مسيحيًا بعد أن كان ملحدًا، وأثبت إيمانه في كتاب قال فيه: "لا يستطيع أي رسام مهما بلغت مهارته أن يصل إلى مثل هذا المستوى الهائل من الدقة التشريحية والباثولوجية الواضحة في صورة الكفن" Paul Vignon, The shroud of Gist London 1902 P30) (122)

 

 ويقول الدكتور المعاصر "روبرت بيكلين" Robert Bucklin المسئول الطبي بولاية لوس أنجلوس في كتابه الذي طبعه سنة 1961م " إن شكل مختلف الجراحات في صورة الكفن يتفق في كل شيء مع ما يعرفه الطب الآن عنها من صفات. كما أن مسلك الدماء النازفة التي تظهر في الصورة هو نفس ما يحدث فـي الواقع مـن حيث خضـوع اتجاه السريـان لقـوة الجاذبية الأرضية" (Dr. Robert Backlin, The Medical Aspects of the crucifixion of Christ sindon) (123).

 ومن أمثلة الدقة التشريحية أن المسمار يظهر في المعصم وهو المكان الوحيد الذي يمكن للمسمار إذا دق فيه أن يحمل جسد المصلوب، وقد دق المسمار في فراغ اسمه "فراغ دستوت " Space of Destot المحاط بثلاث عظمات، وحين دق المسمار أزاح العظمات الثلاث ونفذ دون أن يكسر أي عظمة وتحقق قول الكتاب "عَـظْـمٌ لا يُكْسَر مـنـه" (يو 19: 36) وعندما نفذ المسمار في فراغ دستوت أذى العصب الأوسط المسئول عن حركة الإبهام فجذب الإبهام نحو راحة اليد، هذا ما ظهر بوضوح في صورة الكفن.

 كما أن بطن السيد المسيح ظهرت في الكفن منتفخة وهذا صحيح لأن المصلوب يموت نتيجة الاختناق Asphyxia لعدم القدرة على التنفس ويصاحب الاختناق حدوث انتفاخ بالبطن.

 فلو افترضنا أن أحد الفنانين قد قام برسم هذه الصورة فهل يفهم هذا الفنان أثر نفاذ المسمار في فراغ دستوت وإيذاء العصب الأوسط؟! وجذب الإبهام نحو راحة اليد؟! وهل يفهم أن انتفاخ البطن يصاحب الميت بالصلب مع أن عقوبة الصلب كانت قد اختفت منذ القرن الرابع الميلادي على يد الملك قسطنطين؟!

 

عدم وضوح الصورة من قرب:

 عندما يقف الإنسان على بعد ذراع من الصورة لا يستطيع أن يرى معالم الصورة، ولكن عندما يبتعد عنها يستطيع أن يراها. فهل يمكن لإنسان فنان أن يرسم صورة لإنسان وهو لا يرى ما قد انتهى منه وما بقيَ من الصورة؟!

 

عدم استعمال ألوان تلوين في الصورة:

 رغم أنه تم التكبير 50000 خمسون ألف مرة لكن العلماء لم يعثروا على أي أثر لمواد التلوين، كما أن ألياف القماش غير ملتصقة معًا مما يثبت عدم استخدام الألوان، وقد استخدم العلماء أشعة أكس الفورية للكشف عن المواد التي تستعمل في الصبغات مثل: الحديد، والزرنيخ، والرصاص، فلم يجدوا أثرًا لمثل هذه المواد، وعندما استخدم العلماء التصوير بالأشعة ذات الطاقة المنخفضة لتحديد الكثافة السطحية في الأجزاء المختلفة من الكفن (حيث أن الكثافة السطحية تتأثر بمواد التلوين) فوجدوا أن هناك اختلافًا في الكثافة السطحية ولكنها غير مرتبطة بالأجزاء التي تظهر فيها الصورة، ولكنها مرتبطة بالتغيرات في سُمك القماش.

 وأيضًا لم يستدل العلماء على وجود أي أثر للوسط اللازم للرسم مثل الشمع أو الزيت، فلو قام أحد الفنانين برسم هذه الصورة هل كانت تعجز أحدث الأجهـزة في الكشف عن هذا رغم الاختبارات العديدة التي أجريت بأحدث الأجهزة؟!

 ورغم فحص الصورة بأقوى وأعظم الميكروسكوبات فلم يعثروا على نقطة واحدة مشبعة باللون، فلو قام أحد الفنانين برسم الصورة أما كان يظهر بالصورة أجزاء مشبعة باللون أكثر من غيرها؟ أليست الأماكن التي تقف فيها فرشاة الفنان مدة أكبر تظهر مشبعة أكثر باللون؟!

 وقام عالمان بتحليل صورة الكفن باستخدام الحاسب الالكتروني المتطور في كاليفورنيا (وهو نفس الحاسب الذي اُستخدم في فحص بعض الصور التي أخذتها إحدى سفن الفضاء الأمريكية لكوكب المريخ) فلم يعثروا على أي أثر لاتجاه ريشة الرسم على قماش الكفن في حالة استعمال فرشاة لهذا الرسم، فهل لو قام فنان برسم الصورة أما كان يظهر أثر الريشة التي استخدمها في الرسم واتجاه حركة يد الرسام؟!

 

ثبات صورة الكفن:

 رغم أن الصورة تعرّضت لدرجات حرارة عالية جدًا أثناء الحريق الذي نشب في كنيسة شاميري بفرنسا في اليوم الرابع من ديسمبر 1532م، حتى إن طبقة الفضة الداخلية من الصندوق الفضي قد انصهرت وأحدثت ثمانية ثقوب بعيدة عن الصورة إلاَّ أن الصورة ظلت ثابتة، ومن الطبيعي أنه لو كانت الصورة مرسومة بأي مواد تلوين لكانت قد تعرّضت للتلف وضياع ملامحها.

 وحينما أنتشل الصندوق من النار وأُغِرق بالماء لم تتأثر الصورة أيضًا من الماء الذي غمرها عقب الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، فلو كانت الصورة مرسومة بأي مواد تلوين... ترى هل كانت تثبت أمام النار والماء؟!

 وأثناء عمل الفحوص في شهر أكتوبر سنة 1978م تم صناعة رقائق من السليولوز النقي لدى شركة كوداك العالمية، وتم رفع بعض الجزئيات الدقيقة من سطح الكفن وهي عبارة عن شعيرات دقيقة من خيوط الكتان المنسوج بها الكفن وتحمل اللون الأصفر، ورغم استعمال كل أنواع المذيبات الكيماوية والأحماض والقواعد والمذيبات العضوية بقصد إزالة هذا اللون الأصفر الذي تتكون منه الصورة إلاَّ أن كل هذه المذيبات لم تغير شيئًا من اللون الأصفر، فلو كان هذا اللون الأصفر مـن مـواد التلوين تُـرى هل كان يثبت أمام هذه المذيبات المتنوعة؟!

 

وجود آثار دم بشري على الكفن:

 بفحص الصورة بجهاز "الميكروسبكتر فوتمبر" اكتشف العلماء آثار دم بشري في أماكن الجراحات بالصورة، فقد وجدوا مادة الهيموجلوبين، فمن أين جاء الدم البشري في أماكن الجراحات بالصورة؟!

 

حبوب اللقاح على قماش الكفن:

 لاحظ العالم "ماكسي فري" Max Frei أن على سطح الكفن توجد حبوب لقاح فأخذ عينات منها، وباستعمال الميكروسكوب فصل كل نوع من حبوب اللقاح عن الآخَر، فوجد أن هناك تسعة وأربعين نوعًا لنباتات مختلفة بعضها ينمو في أوروبا، والآخَر في مدينة أسطانبول بتركيا، ونوع ثالث لا ينمو إلاَّ في أورشليم، وهذا يحكي قصة انتقال الكفن من أورشليم للقسطنطينية (أسطانبول) ثم لفرنسا وأخيرًا لإيطاليا، واكتشف هذا العالِم أيضًا أن بعض حبوب اللقاح يرجع زمنها للقرن الأول الميلادي، وهذا إثبات قوي أن الكفن كان في أورشليم في القرن الأول الميلادي حيث صُلِب مُخلّصنا الصالح.

 

قماش الكفن:

 أجرى العالم "جيلبرت ريس" Gilbert Raec دراسة دقيقة على خيوط الكتان وقد استعان بأحدث الأجهزة العلمية، وبعد أن انتهى من هذه الدراسة توصّل إلى أن طريقة نسج الكتان هي الطريقة التي كانت متداولة في الشرق الأوسط في القرن الأول الميلادي، واكتشف هذا العالم آثار قطن بين شعيرات خيوط الكتان. أي أن قماش الكفن نُسِج على نول كان يستخدم لنسج القطن، مع العلم بأن القطن لا ينمو في أوروبا حيث ظهر الكفن المقدَّس ولكنه ينمو في بلاد الشرق الأوسط.

 وقماش الكفن من الكتان، وهذا يتفق مع ما ورد في الإنجيل: "فأخذ يوسف الجسد ولفَّه بكتان نقي" (مت 27: 59)، والأمر العجيب أن المصلوب غالبًا ما يكون من العبيد أو المجرمين الذين ليس لهم مَن يهتم بهم، ولكن ربنا يسوع اهتم به يوسف الرامي الرجل الغني مع نيقوديموس، فكفَّناه بكتان نقي، والكفن لم يُلَف على الجسد بطريقة لولبية كما كان يصنع قدماء المصريين، ولكن لُفَّ الكفن حول الجسد المقدَّس بالطول من أسفل ثم لأعلى، ولهذا انطبعت صورتين على الكفن صورة أمامية وأخرى خلفية. أي صورة تُظهِر وجه ربنا يسوع والأقدام متقاربة واليـدان متقاطعتان فوق منطقة الحوض، والصورة الأخرى تُظهِر الظهر والجلدات.

 

10ـ آثار قطعتين من النقود كانتا على العينين:

 كان من عادة اليهود وضع قطعتيّ نقود على عيني الميت، وصورة الكفن توضح وجود قطعتين من النقود المعدنية فوق عيني ربنا يسوع، وباستخدام أحدث الأجهزة اكتشف العالم "فرانسيس فيلاز" Francis Filas أن قطعتي النقود من نفس النقود التي اصطكها بيلاطس البنطي ما بين عاميّ 29، 32 م. وهو الزمن الذي صُلِب فيه مخلصنا الصالح.

 

11ـ شخصية المصلوب:

 أ ـ يقول العالم "كارلتون كون" Carlton coon أستاذ علم الأجناس أن ملامح شكل المصلوب تكشف عن أنه ليس رجلًا يونانيًا ولا رومانيًا، ولكنه من الشعوب السامية مثل اليهود والعرب، كما أن طول شعر الرأس وافتراقه في المنتصف وأيضًا شعر اللحية يثبتون أن المصلوب يهودي.

 ب ـ توضح الصورة آثار الجلدات على الظهر بواسطة السوط الروماني ذو السيور الثلاثية الجلدية، حيث ينتهي كل سير منهم بقطعتين من العظم أو الرصاص، وقد حدَّد العلماء بالدراسة الهندسية وضع ربنا يسوع أثناء الجلد إذ كان منحنيًا ومربوطًا لعامود قصير، وجلد بواسطة اثنين من الجلادين إحداهما كان طويل القامة والآخَر قصير القامة.

 وأثبت العالم "ترومان دافيز" Truman Davis بأن هذه الجروح قد نزفت مرتين الأولى عند الجلد، والثانية بعد أن ألبس الجنود ربنا يسوع الثوب الأرجواني وكانت الجروح قد تجلطت، ثم عادوا وانتزعوا هذا الثوب عند الصلب فعادت الجروح تنزف للمرة الثانية.

 ج ـ الصورة توضح تجمعات الدماء فوق فروة الرأس وآثار الدماء المنسابة على الوجه والشعر، وهذه الدماء ناتجة عن طاقية الشوك المضفَّر التي وُضِعت على رأس مُخلّصنا الصالح، وقد أوضح العالم "أنطوين لجراند" صـورة لهذه الأشواك، وقد تم اكتشاف إكليل الشوك الذي وُضِعَ على رأس ربنا يسوع وهو مكتمل، ومحفوظ الآن في فرنسا بكاتدرائية نوتردام دي باري.

 ويقول العالم "جليو ريسيسي" Giulio Ricci أن التتويج بالشوك هو عمل وحيد لم يحدث مرة أخرى على طول التاريخ (راجع كفن السيد المسيح ـ إيبارشية المنيا وأبو قرقاص ص 78).

St-Takla.org Image: Jesus Christ and the crown of thorns - artwork mainly from the book "The Way of the Cross in the Light of the Holy Shroud", by Giulio Ricci. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح وإكليل الشوك، اللوحة في الأغلب للفنان جيليو ريتشي، من كتاب طريق الصليب في ضوء الكفن المقدس.

St-Takla.org Image: Jesus Christ and the crown of thorns - artwork mainly from the book "The Way of the Cross in the Light of the Holy Shroud", by Giulio Ricci.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح وإكليل الشوك، اللوحة في الأغلب للفنان جيليو ريتشي، من كتاب طريق الصليب في ضوء الكفن المقدس.

 د ـ صورة الكفن توضح وجود جرح بيضاوي في المسافة بين الضلعة الخامسة والسادسة مقاسه لا يقل عن 4.6 × 1.1 سم وهو يساوي مقاس الحربة الرومانية في القرن الأول الميلادي، وباستخدام الأجهزة الحديثة والتصوير الفلوري والفوق البنفسجي اكتشف العلماء وجود آثار دماء ومياه، وهذه الدماء قد سالت بعد حدوث الوفاة لأن حركة الدم تبدو أنها حركة بطيئة بدون تأثير ضغط القلب، وصورة الكفن توضح أن جسد ربنا يسوع كان منتصبًا عندما طُعِن بالحربة، وقد كان للعلماء: "إيان ويلسون" و"بيير باربيث" الجراح بمستشفى القديس بولس بباريس و"أنطونـي سافا" تجاربهم ودراستهم وتعليلاتهم لخروج الماء من الجسد بعد الوفاة.

 هـ ـ كان المصلوب يموت نتيجة الاختناق، ولذلك كان يكسر سيقان المصلوب حتى لا يستطيع أن يرتكز بقدميه ويرفع جسمه ليتنفس فيموت سريعًا، ولكن صورة الكفن تظهر أن ربنا يسوع لم تُكسر سيقانه.

 وـ لم يجد العلماء أي أثر على الكفن يثبت تعفُّن الجسد، وهذا يتفق مع جسد ربنا يسوع الذي لم يعاين فسادًا لأن اللاهوت لم يفارقه.

 ز ـ صورة الكفـن تثبت أن عملية الدفن تمّت بسرعة لذلك لم يُغسَل الجسد المقدّس، وهذا صحيح لأن الجسد أُنزل من على الصليب مساء الجمعة، وكان يوم السبت يوم الراحة قد بدأ من مساء الجمعة، لذلك تم التكفين والدفن سريعًا، وهذا ما دفع المريمات للذهاب للقبر فجر الأحد لاستكمال عملية التكفين، وهنا يأتي السؤال الهام: وهو كيف تكوّنت صورة الكفن؟

 في لحظة القيامة خرجت حرارة من جسد ربنا يسوع مثل أشعة الليزر الدقيقة، وهذا اللفح الحراري هو الذي كوَّن الصورة على قماش الكفن دون أن يتلف القماش. ويؤيد هذا التفسير أنه عندما انفجرت قنبلة هيروشيما الذرية كان هناك نقّاشًا يقف على سلم أمام بنك وكان يغمس الفرشاة في جردل البويا، فانطبعت صورته على الجدار الذي أمامه نتيجة هذا الإشعاع الحراري، وهكذا عندما انبعث الإشعاع الحراري لحظة القيامة طبع صورة السيد المسيح على الكفن (راجع مقدمات الكتاب المقدس ـ الكلية الإكليريكية بالبلينا ص 125).

 ومن الذين شكَّكوا في حقيقة الكفن أحمد ديدات، الذي قال: "أكد علماء ألمان من خلال تجارب معينة أن قلب يسوع لم يكن قد توقّف عن العمل ـ أي أنه كان لا يزال حيًّا"(124) ولم يُحدّد ديدات أسماء هؤلاء العلماء الألمان الذين قالوا أن قلب يسوع لم يتوقّف عن العمل، والحقيقة أن هناك كاتبان من الألمان وليس عالمان من العلماء، الأول هو "بلينز" الذي قال: إن الكفن لا يخصّ السيد المسيح إنما وضعه إنسان على تمثال للسيد المسيح، أو وضعه على جثة طبيعية بعد تغطية الجثة بمادة معينة لتطبع شكل معين على قماش الكفن، وقد أثبت العلماء خطأ هذا الاعتقاد، وقد حاول الأستاذ "كليمنت" الفرنسي تنفيذ هذه الفكرة مستخدمًا دمية عبارة عن رأس وصدر، ولكن الصورة التي طُبعت على القماش كانت مشوهّة وقبيحة في كل من النيجاتيف والبوزيتيف، وذلك لمحاولة نقل شكل ثلاثي الأبعاد مثل جسم الإنسان إلى شكل ثنائي الأبعاد مثل القماش.

 والكاتب الألماني الثاني هو "كورت بيرنا" الذي أدعى أن القيامة هي مجرد صحوة من إغماء، والمسيح لم يمت على الصليب، وقوله هذا لا يتفق مع الحقيقة للأسباب الآتية:

 1ـ صورة الكفـن تثبـت أن جسـد المسيح كـان فـي حالة التيبس state of rigor mortis التي تحدث للإنسان بعد الموت.

 2ـ ظهرت صورة الرأس في حالة انحناء تام للأمام كقول الإنجيل أنه نكس الرأس (يو 19: 30).

 3ـ ظهر في صورة الكفن حركة صغيرة في القدم اليسرى للعودة إلى وضع الصلب حيث وُضِعت الرجل اليسرى فوق الرجل اليمنى، دليلًا على تيبسها في هذا الوضع.

 4ـ انسياب الدماء من جنب المصلوب ببطء، وعدم اندفاعه بقوة يثبت حقيقة الموت.

 5ـ يظهر في صورة الكفن أن الجرح الناتج من الطعن بالحربة لم يلتحم مثل بقية الجروح (راجع إيين سميث ـ الكفن المقدَّس بتورينو ـ ترجمة القس جورجيوس عطا اللَّـه ص 14 ـ 39، ود. فريز صموئيل ـ موت المسيح حقيقة أم افتراء ص 148 ـ 152).

 وقد عرض "د / بيير باريت" مشاهداته وملاحظاته على الكفن والتي أجرها في مستشفى "سان جوزيف بباريس" على صديقه الملحد د/ هوفيلاك، فقام هوفيلاك بفحص هـذه المشاهـدات والملاحظـات بدقة كبيرة، ثـم قـال صارخًا: "يا للعجب إذًا يسوع قد قام حقًا من بين الأموات"(125).

 وبعد كل هذا نحن نقول أننا لا نبني إيماننا على هذه الأكفان لكننا نبني إيماننا على كتابنا المقدَّس الموُحى به من الروح القدس، فلو صح كل ما سبق وهو صحيح بالفعل فإننا نقول إن هذه الأكفان تمثل الشاهد الصامت، حتى لو أنكر الكثيرون الصلب والموت والقيامة، فإن الأكفان تتكلّم شاهدة عليهم، ولو ثبت أن هذه الأكفان ليست للسيد المسيح وهذا ما هو مستبعد فإن إيماننا لن يهتز قط.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تعديل من الموقع: كنيسة هاجيا صوفيا، وليس "كنيسة القديسة صوفيا" كما كان مكتوبًا في الكتاب الأصلي.

(119) كنيسة العذراء محرم بك ـ عيد الصليب المجيد ص 14.

(120) نيافة الأنبا يؤانس المتنيح ـ المسيحية والصليب ص 33.

(121) أورده ثروت سعيد ـ حقيقة التجسد ص 347 .

(122) إيبارشية المنيا وأبو قرقاص ـ كفن السيد المسيح ص 32، 33.

(123) المرجع السابق ص 33.

(124) مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء ص 164.

(125) د. صموئيل فريز ـ موت أم إغماء ص 152، 153.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/cross/monuments.html

تقصير الرابط:
tak.la/d7ahxj4