St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   the-lord-answer-you
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب يستجيب لك الرب - البابا شنوده الثالث

8- ملاحظات على الاستجابة

 

1- أول نصيحة نقدمها لك، لكيما تصل إلى الاستجابة هي:

اعمل ما يساعد على الاستجابة، إذ لا شك عليك دور:

لا تنم مغمضًا عينيك، ثم تصرخ (يا رب استجب) إنما اعمل مع الله، لأجل نفسك، فتتم الاستجابة... قد تطلب وتعاتب الرب لماذا لم يعمل، ويكون السبب هو أنك أنت لم تعمل معه...

إن استجابة الرب لك، ليس معناها تراخيك وتكاسلك...

جاهِد إذن واتعب، وابذل كل ما تستطيع. اعمل مع الله اشترك مع الروح القدس. سلم إرادتك كلها. واذكر قول الكتاب:

(ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة) (أر48: 10).

لذلك في بعض الأحيان يكون عدم الاستجابة، ليس سببه الله وإنما نحن. نحن الذين كنا السبب في وقوعنا في الشدة بتصرفاتنا الخاطئة. ونحن الذين كنا السبب في عدم الاستجابة، بعدم وضع أيدينا مع الله في العمل للخروج من هذه الشدة. لم نكن أقوياء القلب، ولا أشداء في الإيمان، ولا نُشَطَاء في العمل الإلهي. لم نسهر معه ساعة واحدة، ولم نلق شباكنا في الأعماق كما أمر، ولم نسر معه تحت السحابة، ولم نلطخ أعتاب أبوابنا بدم الفصح كما أمر، ولم نلبس سلاح الله الكامل (أف 6).

 

2- ربما تحتاج الاستجابة أحيانًا إلى صبر وانتظار للرب...

قد يكون الله قد حدد وقتا للاستجابة -حسب حكمته- ولم تأت ساعته بعد. وعلينا أن ننتظر، ولكن ليس في قلق أو ضيق أو يأس، وإنما كما قال داود النبي (انتظر الرب. تقو، وليتشدد قلبك، وانتظر الرب) وقد حكى خبرته الشخصية في ذلك فقال (انتظرت نفسي الرب من محرس الصبح حتى الليل) إن الرب لا بُد سيستجيب، ولكن في مل الزمان

لقد استجاب لابينا إبراهيم، ولكن بعد زمن، حورب فيه أبرآم باليأس فأخذ هاجر، وضحكت سارة في قلبها من إمكانية تحقيق وعد الرب (تك 18: 12) ولكن وعد الرب تحقق على الرغم من طول المدة.

ولعلنا نلاحظ أن الأبناء الذين سمح الله بولادتهم بعد عقر وعقم، وبعد انتظار طويل لاستجابة الرب، كانوا كلهم من نوعيات طيبة جدًا: سواء إسحق الذي حمل حطب المحرقة، أو صموئيل الذي مسح الملوك بقنينة الدهن، أو يوحنا المعمدان أعظم من ولدته النساء أو يوسف الصديق مثال العفة والنجاح الذي أخذ سبطين ضعف أخوته...

St-Takla.org Image: A crying man, praying beside the Holy Cross,, with an angel around him - Coptic art. صورة في موقع الأنبا تكلا: رجل يبكي وهو يصلي بجانب الصليب المقدس، وملاك حوله - فن قبطي.

St-Takla.org Image: A crying man, praying beside the Holy Cross,, with an angel around him - Coptic art.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رجل يبكي وهو يصلي بجانب الصليب المقدس، وملاك حوله - فن قبطي.

صلاتك التي تصليها، تأكد أنها محفوظة عند الرب، لم تضع.

إنها مخزونة عنده، سيحققها ما دامت توافق مشيئته، ولكن في الحين الحسن. تمامًا مثل بذرة تودعها الأرض، وتظل أيامًا وأسابيع، وربما شهورًا، دون أن تجد شيئًا قد نبت منها على وجه الأرض ولكنها لم تمت مطلقًا هي مخزونة، في حفظ أمين، تنتظر عوامل الإنبات، أو موعد الإنبات، أو قد تكون فترة نضوجها طويلة، مثل نواة النخيل مثلًا (نفاية البلح) ربما تستمر بضعة شهور تحت الأرض وبعد ذلك ترى شيئًا مثل سن الدبوس فوق سطح الأرض، يكون هو بدء حياة النخلة المقبلة فوق سطح الأرض. لذلك حسنا أن تضع البذرة في الأرض، ولا تقلق على موعد ظهورها، ولا تستعجله... هكذا أيضًا في صلاتك واستجابتها.

صلاتك قد سمعها الله. هي في فِكره وفي قلبه، وفي إرادته أيضًا. اتركها أذن ولا تقلق على استجابتها، يكفيك أنها دخلت إلى حضرة الله. يكفيك أن الله قد سمعها. وعن هذا الأمر فقط كان يصلي داود أحيانًا (يا رب استمع صلاتي) (فلتدخل طلبتي إلى حضرتك).

ما دام الرب قد سمع الصلاة، اطمئن إذن.

 

3- الأمر إذن يحتاج إلى إيمان، بأنه إذا سمع استجاب.

كان داود النبي يفتخر بهذا الأمر، ويؤمن بهذه الاستجابة، وهو ما زال واقفًا يصلي. فهو في المزمور السادس، يبدأ صلاته بقوله (يا رب لا تبكتني بغضبك، ولا تؤدبني بسخطك. ارحمني يا رب فإني ضعيف. اشفني فان عظامي قد اضطربت، ونفسي قد انزعجت جدًا) ولكنه يقول في آخر صلاته: (ابعدوا عني يا فاعلي الإثم، لان الرب قد سمع صوت بكائي، الرب سمع تضرعي، الرب لصلاتي قبل (مز6) لقد وثق -وهو يصلي- من سماع صلاته ومن قبولها، لذلك انتهر أعداءه الشامتين به.

في وثوقه بالاستجابة، كان يقول (بصوتي إلى الرب صرخت، فاستجاب لي من جبل قدسه) (مز 3) ليتك تردد هذه الآية من المزمور لتعطيك عزاء.

لذلك ما كان داود يكلم الله فقط، إنما كان يكلمه ويسمع صوته، أعنى يسمع صوت استجابته بالإيمان.

انظروا إليه ماذا يقول؟ (إني اسمع ما يتكلم به الرب الإله لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه وللذين رجعوا بكل قلوبهم)

ما أكثر الأمثلة التي تحملها المزامير عن هذه الخبرة الروحية في استجابة الرب، وفي ثقة المُصَلِّي بهذه الاستجابة. الآن مجال سرد هذه الأمثلة. فلننتقل إلى نقطة أخرى

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

4- ما أكثر الحالات التي يستجيب فيها الرب، دون أن تطلب.

إن الله كأب، يعرف احتياجات أبنائه. يعرف ضيقاتهم وشدتها وحاجتهم إلى الخلاص، لذلك فهو يستجيب أحيانًا للشدة التي هم فيها، وليس فقط للصلاة بسبب الشدة. انه أرسل موسى النبي لخلاص شعبه المستعبد من فرعون، دون أن يطلب هذا الشعب الخلاص من العبودية...

إن الأجرة المبخوسة التي يأخذها الفعلة الحصادون، تصرخ إلى الله، قبل صياح الحصادين (يع 5:4) وحتى إن الله لم يصرخ الحصادون، فان الظلم نفسه يصعد إلى الله. (والرب يحكم للمظلومين) (مز 145) حتى دون أن يصرخوا إليه. الرب يصنع العدل على الأرض، ويقيم الميزان بين الناس، ولا ينتظر منهم أن يقدموا الشكاوى... إنه يعرف...

بل هناك شدائد ينقذك الله منها أن تعرفها. كانت تدبر ضدك، والرب رأى من سمائه، وأفسد تدبير أعدائك دون أن تعلم به، وبالتالي دون أن تصلي.

إذن الرب يستجيب لحاجتك، قبل أن يستجيب لصلاتك.

هو يعرف حاجتك، ويعطيك إياها دون أن تطلب. كما يفعل الأب مع أطفاله، والطفل لا يعرف أن يطلب. ويقول المزمور (حافظ الأطفال هو الرب).

وكما يفعل الراعي الأمين مع الخروف الضال، يبحث عنه، وينقذه مما هو فيه، ويرجعه إلى حظيرته، دون أن يطلب. مجرد حالته تحتاج إلى استجابة...

بنفس الوضع، يستجيب الله لحالة الأرض، ينزل لها من السماء ما تحتاجه من المطر، ويشرق عليها بما تحتاجه من الضوء والحرارة، دون أن تطلب.

 

5- إن أسلوب الاستجابة من الشدة يختلف عند الله من حالة إلى أخرى:

فهناك حالات يستجيب لها الرب استجابة فورية، في نفس لحظة الطلب، حالات لا ينفع معها الإبطاء، كحالة بطرس حينما سقط في الماء، وكحالة الثلاثة فتية في أَتُّونِ النَّارِ، ودانيال في جُبِّ الأُسُود، وكشق البحر الأحمر، وضرب الصخرة لكي تفجر ماء.

وهناك حالات تأخذ بعض الوقت، كبقاء يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وكإنزال المطر من السماء في الصلاة السابعة لإيليا النبي، وليس من أول صلاة. وهذا المثال يعلمنا اللجاجة في الصلاة.

وهناك أمثلة أخرى تأخذ زمنًا طويلًا، وتعلم الصبر، مثل الاستجابة لإبراهيم في إعطائه نسلًا من سارة.

هذا من جهة الوقت، أيضًا يوجد تمايز من جهة النوعية في استجابة الرب للصلوات، ويتوقف هذا الأمر على حكمة الرب ونظرته إلى الأمور...

وماذا أيضًا..؟

 

6- توجد استجابة، يقصد بها الرب أن يمنح المُصَلِّي إكليلًا.

أو أن يمنحه الرب أمجادا من هذه الشدة، كما فعل الرب مع الشهداء والمعترفين وأبطال الإيمان. فعبارة (يستجيب لك الرب في يوم شدتك) معناها أن الرب سيمجدك في الشدة ويقبلك أمامه كمحرقة... المحرقة التي توضع على النار وتظل النار تعمل فيها، حتى تصعد إلى الله رائحة طيبة، يتنسم منها الله رائحة الرضا (لا 1؛ 6).

كحفنة بخور في المجمرة. وظلت النار تشتعل في البخور، إلى رائحة سرور، وصعد إلى الرب وظل يحتمل الشدة إلى آخر حبة من حباته، إلى آخر نسمة من نسماته.

هنا لا يحدث مطلقًا أن تتمرد حبات البخور على النار. بل إن بعدت حبة منها، نأتي بالمستير، بملعقة البخور ونقربها إلى الجمر لتحترق، لان مجدها في احتراقها. رسالتها هي هذه أن تقدم ذاتها رائحة زكية في الكنيسة، وأن تصعد إلى فوق واستجابة الرب لها تعني قبولها كمحرقة، قبولها كرائحة طيبة، قبولها كمستحقة للأكاليل وللأمجاد المعدة.

هذا المثال لقديسين كبار، من نوع معين، ليس للكل...

إن استجابة الرب للشهداء في يوم شدتهم، لم تكن بإنقاذهم من الاستشهاد، إنما كانت بإعطائهم الاحتمال في آلامه، والقوة على إتمامه، لكي ينالوا المجد المعد لهم. وكما تألموا معه، يتمجدون أيضًا معه.

والسيد المسيح وهو على الصليب، في يوم شدته، استجابة الآب له لم تكن في إنقاذه من الصليب، مثلما صاح المتجمهرين، إنما كانت الاستجابة في قبوله كذبيحة حب، كفارة عن خطايا العالم، وفي تمجيده باعتباره الفادي الذي فدى العالم كله. ولذلك قال الرب في طريقه إلى الجلجثة (مجدني أنت أيها لآب عند ذاتك، بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم) (يو 17: 5).

في كل شدة، الرب يستجيب، بالطريقة التي تناسب حكمته ومحبته.

وما دام الرب يستجيب لك، إذن لا تضطرب ولا تقلق...

ليمتلئ قلبك سلامًا، وافرح في صلاتك. تَصَوَّر أن داود النبي يربت على كتفك، وأنت تصلي مزامير الساعة الثالثة، ويهمس في أذنك قائلًا (يستجيب لك الرب في يوم شدتك) وأنت بكل فرح وطمأنينة تقول مبارك أنت أيها الرب في وعودك الصالحة، وفي وعودك الصادقة الأمينة.

أنا يا رب سأتمسك بهذه العبارة، كلما أقع في ضيقة، وأحاججك بها... ألم تقل (هلم نتحاجج) ليكن. أنت وعدت بأن تستجيب في وقت الشدة ووعدك صادق وأمين، وأنا متمسك به، بكل إيماني ويقيني وثقتي بك كاله محب للبشر، وكاله إذا وعد لا بُد ينفذ...

يقول المزمور (يستجيب لك الرب في يوم شدتك، ينصرك اسم إله يعقوب) فما هي أعماق هذه العبارة الثانية: ينصرك اسم إله يعقوب.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/the-lord-answer-you/response.html

تقصير الرابط:
tak.la/mzcb786