St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1303- لو كانت إيزابل تنوي فعلًا الانتقام من إيليا فلماذا منحته فرصة يوم ليهرب من أمام وجهها (1مل 19: 2)؟

 

          يقول " ليوتاكسل": "ثمة أمران يثيران الدهشة في هذه الرواية، أولًا: غباء الملكة إيزابل، الذي بلغ درجة تحذيرها لإيليا أنها أمرت بقتله في اليوم التالي، وهذا ما أعطاه أربعًا وعشرين ساعة ليهرب، بعيدًا عن موقع الخطر. ثانيًا: جبن هذا السيد الذي كانت له القدرة على إحياء الموتى واستنزال الصواعق الحارقة، وتلبيد السماء بالغيوم الماطرة، ولكنه لم يستطع الصمود في وجه امرأة وثنية عندما وجهت له أول تهديد"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Jezebel (Jesabel), wife of Ahab (Achab), King of Israel - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: إيزابل زوجة آخاب الملك - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: Jezebel (Jesabel), wife of Ahab (Achab), King of Israel - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إيزابل زوجة آخاب الملك - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

ج: 1- صُدِمت إيزابل صدمة قوية من قتل 450 نبيًا من أنبياء البعل الذين كانوا يناصرونها ويمشون في ركابها، ويتنبأون لها بحسب مسرة قلبها، يمدحونها ويؤلّهونها مع زوجها... لقد اهتز سلطانها وكبرياؤها، ومما زاد من صدمتها سقوط الأمطار بعد طول انقطاع، وفي غير موعدها، كل هذا أفقدها القدرة على التركيز واتخاذ القرار " فَأَرْسَلَتْ إِيزَابَلُ رَسُولًا إِلَى إِيلِيَّا تَقُولُ: هكَذَا تَفْعَلُ الآلِهَةُ وَهكَذَا تَزِيدُ، إِنْ لَمْ أَجْعَلْ نَفْسَكَ كَنَفْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَحْوِ هذَا الْوَقْتِ غَدًا" (1مل 19: 2) وللوقت هرب إيليا من كل المنطقة، وربما خشيت إيزابل ثورة الشعب الذي عمته فرحة عارمة لو قتلت إيليا الذي كان بمثابة المفتاح الذي فتح باب السماء، ولذلك اكتفت بتهديده، لكيما يبتعد عن المنطقة، فأنها لم تكن تطيق أن ترى وجهه ثانية، ولو أرادت قتله لأرسلت له جلادًا يقتله، ولم ترسل له رسولًا يهدده، ويقول "الخوري بولس الفغالي": "عرفت إيزابل أن إيليا قتل أنبياء البعل، فأرادت له أن يختفي من البلاد، فأرسلت رسولًا يُهدّده، ولو أرادت قتله لأرسلت جلادًا، لكنها خافت من ردة الفعل الشعبية. ومع ذلك خاف إيليا كما خاف موسى قبله (عد 11: 11 - 15) وذهب إلى جنوبي بلاد يهوذا، إلى بئر سبع، تاركًا وراءه خادمه"(2).

          ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس":" (1) اغتاظت إيزابل لقتل أنبيائها الكذبة وأرسلت إليه رسولًا عرَّفه بعزمها الأكيد بقتله مثلما قتل كل نبي منهم، وأكدت تهديدها بقولها: "هكذا تفعل الآلهة وهكذا تزيد " أي لا بُد من قتلك وإن لم أقتلك فلتقتلني الآلهة.

 (2) يرى بعض المفسرين أن الملكة لم تكن جادة في وعيدها وأنها لم تعزم على قتله خفاء لأنها كانت تخاف من ثورة الشعب بعد العجائب التي جرت على يديه وبعد أن استجاب الرب صلاته وأرسل المطر والفرج إلى الأرض، وإنما أرسلت تهديدها لتعطيه فرصة ليهرب، وفي نفس الوقت لكي تحتفظ بكرامتها وتخفي خذلانها عن الشعب فيعلموا أنها كانت ستقتله لو لم يهرب.

(3) ولكن الأرجح أن نيتها كانت سيئة وكانت عازمة على قتله، وكان في إمكانها أن تفعل هذا في نفس اليوم الذي أرسلت إليه رسولها، ولكن الرب بعنايته بعبيده جعلها تؤجل عملها إلى الغد، لكي يتيح لعبده إيليا الفرصة للهروب، والرب يُسخّر جميع الأشخاص وجميع الأنبياء لأجل خير عبيده ونجاتهم، وحتى قلب الملك في يدي الرب"(3).

 

2- يقول يعقوب الرسول: "كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا" (يع 5: 17) وعندما عرف إيليا أن إيزابل تكن له الشر وتنوي قتله هرب من تلك المنطقة: "فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ قَامَ وَمَضَى لأَجْلِ نَفْسِهِ، وَأَتَى إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ... ثُمَّ سَارَ فِي الْبَرِّيَّةِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، حَتَّى أَتَى وَجَلَسَ تَحْتَ رَتَمَةٍ وَطَلَبَ الْمَوْتَ لِنَفْسِهِ" (1مل 19: 3، 4) وتصرف إيليا هذا ينم عن حكمة، لأنه ليس من الحكمة التصدي للشر، والدخول في قضية خاسرة بلا هدف، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فلم يشأ إيليا التصدي لإيزابل وهو يعرف مدى شرها وسواد قلبها، وأيضًا هذا التصرف ينم على ضعف الطبيعة البشرية، فإيليا الذي عاين استجابة السماء بالنار والماء، أُصيب بالإحباط. عندما لم يجد ثمرة لخدمته هذه، وإذ فرحته لم تستمر إلاَّ ساعات قليلة، وأدرك أن أخآب يقف عاجزًا أمام إيزابل التي لن تكف عن أن تنفث سمومها، فلم يجد معنى لخدمته بل لحياته أيضًا، حتى طلب لنفسه الموت، تمامًا كما حدث مع موسى رئيس الأنبياء من قبل عندما شعر بثقل المسئولية الملقاة على كاهله " قَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ؟ وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقْلَ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ عَلَيَّ؟ أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ؟ أَوْ لَعَلِّي وَلَدْتُهُ... لاَ أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَلَيَّ. فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هكَذَا، فَاقْتُلْنِي قَتْلًا إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، فَلاَ أَرَى بَلِيَّتِي" (عد 11: 11 - 15) ونفس الموقف سيتكرر فيما بعد مع نبي عظيم وهو يونان الذي شعر بالإحباط لأن الله عفا عن نينوى وقال " فالآن يا رب خذ نفسي مني لأن موتي خير من حياتي" (يون 4: 3) وأعاد نفس الطلب لمجرد أن اليقطينة التي تظلله قد يبست.

     ويقول " القس وليم مارش": "قول إيليا يدل على ضعفه الجسدي ويأسه من إصلاح الشعب، ولكن الرب لم يدِنهُ بل عزّاه. فلا ندِنه نحن"(4).

     ويقول " القمص تادرس يعقوب": "شعر أنه لا يعود يقدر أن يقدم شيئًا صالحًا بعد لشعبه، فقد قدم كل ما لديه، مرت عليه فترة من المرارة، لأن الأمور تسير على خلاف ما يشتهي. كان يود عودة الملك وشعبه لله، وإذ شعر بعجزه في تحقيق ذلك حسب أنه لا قيمة لوجوده بعد، فأنه ليس أفضل من آبائه الذين فشلوا أحيانًا في جذب الشعب إلى الله.

     كان يتوقع بعد نزول النار من السماء علانية وشهادة الشعب للإيمان الحق أن الأمور تسير إلى الأفضل، لكنه وجد الملك خضع للملكة، وبالتالي سيعود الشعب إلى عبادة البعل تحت الإغراء والضغط الملكي... اشتهى إيليا النبي أن يموت، مع أنه هرب إلى بئر سبع من وجه إيزابل الشريرة التي تطلب نفسه. كان يشتهي أن يموت بيد الرب لا بيد هذه السيدة... اشتهى أن يموت في البرية في أرض مقدَّسة ولا يموت في أرض تدنست بعبادة البعل"(5).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 420.

(2) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 463.

(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر ملوك الأول ص 222.

(4) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (ب) ص 339.

(5) تفسير سفر ملوك الأول ص 416، 417.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1303.html

تقصير الرابط:
tak.la/azc84jn