St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   trinity-and-unity
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول حتمية التثليث والتوحيد - أ. حلمي القمص يعقوب

69- ما هيَ تشبيهات الثالوث التي تُقرب المعنى إلى أذهاننا؟

 

س 39: ما هيَ تشبيهات الثالوث التي تُقرب المعنى إلى أذهاننا؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: في الحقيقة أن ليس لله شبيه "فبمن تشبهون الله، وأي شبهٍ تعادلون به" (إش 40: 18) "بمن تشبهونني وتسوُّوني وتمثلونني لنتشابه"(إش 46: 5)، فالله ليس له مثيل قط "لا ينبغي أن نظن أن اللاهوت شبيه بذهب أو فضة أو حجر نقش صناعة واختراع إنسانٍ" (أع 17: 29)، ولذلك أي تشبيه نذكره يُقرّب لنا المعنى من جانب أو أكثر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكن لا يمكن أن يطابق الحقيقة في جميع جوانبها، ولذلك فنحن نسوق عدة تشبيهات لعلها تُقرّب المعنى إلى أذهاننا الترابية الثقيلة لنقترب ولو من بعيد للأمور اللاهوتية العالية:

  1. الإنسان من تشبيهات الثالوث

  2. الشمس من تشبيهات الثالوث

  3. النار من تشبيهات الثالوث

  4. مثلث الذهب من تشبيهات الثالوث

  5. الحجم من تشبيهات الثالوث

  6. الينبوع من تشبيهات الثالوث

  7. التفاحة من تشبيهات الثالوث

 

 أ ـ الإنسان:

الإنسان هو المخلوق الوحيد على صورة الله ومثاله "وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا"(تك 1: 26)، والإنسان واحد يحوي ثالوثًا، ويتمثل الثالوث الإنساني في الروح والنفس والجسد، أو العقل والفكر والإرادة، أو الجسد والعقل والروح، ونحن سنأخذ المفهوم الأخير... لقد قصد الله أن يكون أكبر شاهد لذاته هو الإنسان، ولذلك جبله على صورته ومثاله، ولهذا جعل الله شهادته عن نفسه داخل كل إنسان منا، وفهم حقيقة الإنسان يساعدنا على فهم حقيقة الله... الإنسان له كيان أو جسد منظور، وله عقل مفكر، وله روح حيَّة خالدة... الكيان والعقل والروح في الإنسان الواحد مثال للكيان والعقل والروح في الله الواحد... والعقل والـروح كائنان في الجسد مثال الابن والروح القدس كائنان في الآب... في أي مكان بالجسد توجد الروح؟ الروح تتغلغل في كل الكيان الجسدي، ولا تخلو خلية واحدة من ملايين الخلايا من الحياة. هذا مثال لاتحاد الروح القدس بالآب والابن، فهو روحهما.

 والإنسان منذ وجوده وُجِد بالجسد والعقل والروح، ولم يوجد قط الإنسان بالجسد ثم جاء إليه العقل أو الروح... هذا يلفت نظرنا إلى عقل الله وروحه الأزليان بأزلية الآب... الكيان غير العقل وغير الروح، ولكل واحد من الثلاثة عمل يتمايز عن الآخر، فعندما يأكل الإنسان يأكل بجسده، فالجسد هو الذي يأكل وليس الروح ولا العقل، لأنه ليس من المعقول أن يكون الأكل المادي غذاء للعقل أو للروح، وعندما يحل الإنسان مشكلة أو مسألة فإنه يستخدم عقله في هذا، وعندما يحيا الإنسان ويتحرك فهو يفعل ذلك بروحه... هذا يوضح لنا التمايز بين الآب والابن والروح القدس، فنقول أن الذي تجسد هو عقل الله... هو ابن الله، وليس الآب ولا الروح القدس، ومن يخلط الأمور ويقول بما أن الابن تجسد إذًا الآب تجسد لأن الابن في الآب والآب في الابن، فهذا يشبه إنسان يخلط بين الجسد والروح بحجة أن الروح في الجسد، فيقول أن الاثنين واحد وإذا كان الجسد يأكل فول فالروح تأكل أيضًا فول.

 وأيضًا وظائف الإنسان يمكن أن تتعدد، ومثال على هذا شاب طبيب يدعى مينا. إذًا مينا طبيب، ويحب مينا الطبيب رسم صور القديسين فهو يحب فن الرسم ويبدع فيه. إذًا مينا طبيب وفنان، وأيضًا يعشق مينا كتابة الروايات والأدب. إذًا مينا طبيب وفنان وأديب. فنحن أمام شخص متعدد الجوانب... مينا طبيب... مينا فنان... مينا أديب، وفي نفس الوقت مينا واحد لا أكثر. عندما يعالج مينا مريضًا ويصف له الدواء فهو يفعل هذا بصفته طبيب ناجح، وعندما يرسم صورة البابا بطرس خاتم الشهداء فهو يفعل هذا بصفته فنان مبدع، وعندما يؤلف رواية جميلة فهو يكتبها بصفته أديب متمكن... إذًا طب مينا غير فنه غير أدبه... هذا مثال على أن الآب غير الابن غير الروح القدس...

 ومثال آخر على هذا عندما نقول عن رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الحزب الوطني وهو رئيس واحد لا أكثر، وفي كلا المثلين التشبيه مع الفارق لأن مينا يمكنه أن يقتني أعمال ومواهب أخرى وهكذا رئيس الجمهورية، لكن الثالوث القدوس هو بلا زيادة ولا نقصان.

 

 ب ـ الشمس:

الشمس التي ترسل أشعتها لملايين الأميال فتضئ ظلمة الأرض، وتبعث بحرارتها للنباتات والحيوانات والإنسان، هيَ مثال للوحدانية المثلثة، فالشمس واحدة وثلاثة في آن واحد... كيف؟ الشمس واحدة من حيث الجوهر، وفي نفس الوقت تحوي القرص والشعاع والحرارة... الشعاع متولد من القرص والحرارة منبعثة من القرص... هيَ مثال لله الواحد الآب والابن والروح القدس... الابن مولود من الآب، والروح القدس منبثق من الآب.

St-Takla.org         Image: The Sun, with sun flare صورة: الشمس، مع اللهب النهارية

St-Takla.org Image: The Sun, with sun flare

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشمس، مع ألسنة اللهب النارية

 ليس الشعاع هو شمس أُخرى وليست الحرارة هيَ شمس أُخرى، وليس الشعاع غريبًا عن الشمس لكنه هو شعاع الشمس، وكذلك الحرارة ليست غريبة عن الشمس، لكنها حرارة الشمس... القرص والشعاع والحرارة وحدة واحدة... هذا مثال على وحدة الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس.

 والقرص هو علة وسبب الشعاع والحرارة، والآب علة الابن والروح القدس، ويوضح "البابا أثناسيوس الرسولي": هذه الحقيقة قائلًا: "كما أن قرص الشمس وحده هو علة وغير مولود من أحد، أمَّا الشعاع فمعلول ومولود من القرص، والنور منبثق وبارز من القرص وحده، وهو بالشعاع مُرسَل ومُشرق على الأرض. هكذا الله الآب وحده علة الاثنين وغير مولود، وأمَّا الابن فإنه من الآب وحده معلول ومولود، والروح القدس نفسـه من الآب وحده معلـول ومنبثق، وهو بالابن مُرسَل إلى العالم"(154).

 ونستطيع أن نقول عن قرص الشمس أنه الشمس بعينها، فنقول أن الشمس توسطت كبد السماء، ونستطيع أن نقول عن شعاع الشمس أنه الشمس فنقول الشمس أضاءت الكون، ونستطيع أن نقول عن حرارة الشمس أنها الشمس فنقول أن الشمس بعثت فينا الدفء. هذا مثال لقولنا عن الآب أنه الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله، وليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد، وقرص الشمس غير الشعاع غير الحرارة مثال على أن الآب غير الابن غير الروح القدس... قرص الشمس هو كتلة هائلة من الغازات الملتهبة لا يمكن أن يصل إليها الإنسان هو مثال للآب الذي لا يمكن أن يراه إنسان قط ويعيش، وشعاع الشمس هو نور من نور... صادر من القرص ويصل إلينا على الأرض دون أن ينفصل عن الأصل هو مثال الابن الذي تجسَّد ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقًا ومع هذا فإنه لم ينفصل قط عن الآب.

 ولا يمكن بأي حال فصل الشعاع عن القرص، ولا القرص عن الشعاع، ولا يمكن فصل الحرارة عن أحدهما. هذا مثال لاستحالة فصل الآب عن الابن أو انفصال الروح القدس عنهما، وإذا تساءلنا من أسبق في الوجود: القرص أو الشعـاع أو الحرارة؟ نجد أنه ليس بينهم سابق ومسبوق، فاللحظة التي وُجِد فيها القرص وُجد فيها الشعاع ووجدت فيه الحرارة، ولم يكن القرص بدون شعاع أو بدون حرارة قط. هذا مثال على أنه لم تمر لحظة كان فيها الآب بدون الابن أو بدون الروح القدس.

 والشعاع مولود من قرص الشمس بدون تزاوج ولا مباضعة ولا ألم، فيقول "البابا كيرلس عمود الدين": "نأخذ مثالًا وليكن طبيعة الشمس والشعاع الذي يخرج منها، ولا يمكن أن نطبق آلام الولادة والتمزق (الانفصال) وخلافه على خروج الشعاع من الشمس، وهذا (الشعاع) كائن فيها رغم إشعاعه، وهكذا فالشمس تمتلك في طبيعتها الخاصة شعاع النور الذي لا ينفصل عنها، ولكنه يبدو بعد خروجه منها أن له فرادة خاصة به، وأحيانًا يفكر البعض في الشمس نفسها، ولكنهم لا يستطيعون أن يتخيلوا جوهرها (الملتهب نارًا)، ففي هذا الجوهر يوجد الشعاع، ومن الجوهر يخرج الشعاع دون أن ينفصل الشعاع عن الجوهر، إلاَّ أنه يتميز عنه، إذ أن الشعاع يخرج من الشمس إلى خارجها، ولهذا فمن العبث والضحك أن نتصوَّر أن الشمس أقدم من الشعاع، وكأن الشعاع الخارج منها يجئ متأخرًا، ولا أعتقد أن إنسانًا حكيمًا وسليم العقل يفكر هكذا (أن الشمس أقدم من الشعاع) فهذا التصوُّر معناه أن الشمس غير موجودة بسبب أنها لا تمتلك النور موجودًا معها" (155).

 

 جـ- النار:

وقال الكتاب "إلهنا نار آكلة "وقال الرب يسوع: "أنا هو نور العالم" (يو 8: 12).. في النار نرى اللهب، ومن اللهب يتولد النور، وتنبعث الحرارة، واللهب والنور والحرارة نار واحدة لا أكثر، ويقول "القديس ديونسيوس السكندري": "من الضروري الإيمان بالكائن العاقل الحيَّ، جوهر واحد بسيط أزلي، لأن الثلاثة غير منفصلين، ولم يُوجد أحدهم قبل الآخرين. إنهم كالنار التي لها لهيب ونور وحرارة في ذات الوقت. هكذا نفهم أن الوحدانية غير متجزئة إلى ثالوث، بالعكس يجتمع الثالوث دون فقدان للوحدانية"(156).

 في اللحظة التي وُجِد فيها اللهب وُجِد فيها النور ووجدت فيها الحرارة، ولم يمر وقت ولا طرفة عين كان فيها اللهب بدون نور وبدون حرارة، وحينما وُجِدت النار وُجِد الشعاع، فيقول "البابا أثناسيوس الرسولي": "لأنه حيث وُجِد النور وُجِد أيضًا الشعاع، وحيث وُجِد الشعاع وُجِد أيضًا نشاطه ووُجِدت نعمته اللامعة" (الرسائل إلى سرابيون1: 30) (157). ويقول أيضًا: "وهذا يمكن أن نراه في مثال النور والشعاع، لأن ما ينيره النور إنما ينيره بشعاعه، وما يشعه الشعاع فهو يأخذه من النور، هكذا أيضًا حينما يُرى الابن يُرى الآب، لأنه هو شعاع الآب، ولذلك فالآب والابن هما واحد" (فقرة 13 من المقالة الثالثة) (158).

 ولا يمكننا يا أحبائي تخيل نار بلا حرارة، فيأتي الإنسان يومًا ويقول للنار: "اسمعي يا حبيبتي أنا سألقي بنفسي في أحضانك وإياك أن تحرقيني أو تأكليني... هذا مستحيل لأنه لا توجد نار بلا حرارة، ولا نار بلا نور.

 والشعاع غير النار رغم أن لهما الجوهر الواحد، فيقول "البابا أثناسيوس الرسولي": "حين نقول أن الآب والابن اثنان، فإننا لا نزال نعترف بإله واحد، هكذا أيضًا عندما نقول: أن هناك إلهًا واحدًا فإننا نؤمن بأن الآب والابن اثنان. بينما عن واحد في اللاهوت، وأن كلمة الآب لا ينحل ولا ينقسم ولا ينفصل عن الآب. ولتكن النار والشعاع الخارج منها مثالًا أمامنا، فهما (أي النار وشعاعها) اثنان في الوجود والمظهر، لكنهما واحد في أن شعاع النار هو من النار بدون انقسام" (فقرة 10 من المقالة الرابعة ضد الأريوسيين) (159).

 

د ـ مثلث الذهب:

St-Takla.org Image: Golden Trinity Triangle in Arabic صورة في موقع الأنبا تكلا: مثلث الذهب: مثلث التثليث والتوحيد: الآب  (والد للابن) - (وباثق للروح القدس) - الابن (مولود من الآب): ليس هو الروح القدس (منبثق من الآب)

St-Takla.org Image: Golden Trinity Triangle in Arabic

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثلث الذهب: مثلث التثليث والتوحيد: الآب  (والد للابن) - (وباثق للروح القدس) - الابن (مولود من الآب): ليس هو الروح القدس (منبثق من الآب)

 انظر إلى مثلث الذهب هذا المتساوي الأضلاع، وتابع إجابة الأسئلة التالية:

س أ: كم مثلث يبدو أمامك؟

 ـ أنه مثلث واحد من الذهب الخالص، فهو مثال للجوهر الإلهي الواحد... للكيان الإلهي الواحد... للطبيعة الإلهية الواحدة.

 

س ب: كم رأس للمثلث الواحد؟

 ـ ثلاثة رؤوس أ، ب، جـ، وجميعها من الذهب الخالص... كل رأس ترمز لأقنوم من الأقانيم الثلاثة... "أ" ترمز لأقنوم الآب، " ب " ترمز لأقنوم الابن، " جـ " ترمز لأقنوم الروح القدس.

 

س جـ: هل الرؤوس الثلاث متساوية؟

 ـ نعم لأن المثلث متساوي الأضلاع، فهو بالتالي متساوي الزوايا... هذا يوضح لنا تساوي الأقانيم الثلاثة في جميع الكمالات الإلهية، فليس بينهم عظيم وأعظم والأعظم.

س د: هل الرأس (أ) هيَ الرأس (ب) هيَ الرأس (جـ)؟

 ـ كلا فالرأس (أ) غير (ب) غير (جـ)، وكل منهم غير الأخرى... هذا مثال على أن الآب غير الابن غير الروح القدس، والابن غير الآب غير الروح القدس، والروح القدس غير الآب غير الابن، ويقول "القديس أُوغسطينوس": "الآب والابن والروح القدس جوهر واحد، ولكن ليس كل أقنوم منهم هو عين الآخر" (160).

 ونلاحظ أن لو الرأس (أ) اندمجت مع الرأس (ب) لاختفى المثلث من الوجود وصار مجرد خطًا بلا مساحة، ولو اندمجت الرؤوس الثلاثة لاختفى المثلث والخط وتلاشى الذهب إذ صار نقطة بلا مساحة هكذا ليفهم الذين يظنون أن الآب هو الابن هو الروح القدس.

 

س هـ: هل كل رأس من الرؤوس الثلاثة هيَ ذهب؟

St-Takla.org Image: Gold triangle صورة في موقع الأنبا تكلا: مثلث ذهبي

St-Takla.org Image: Gold triangle

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثلث ذهبي

 ـ نعم... كل رأس من الذهب، ولكن كل رأس غير الأخرى، وهذا يوضح لنا أن الآب هو الله من حيث الجوهر مع انفراده بخاصية الأبوة والبَثْق، والابن هو الله من حيث الجوهر مع انفراده بخاصية البنوة، والروح القدس هو الله من حيث الجوهر مع انفراده بخاصية الانبثاق.

 

 هـ ـ الحجم:

حجم الشيء هو واحد وثالوث، فهو حجم واحد ولكن يشمل ثلاث أبعاد: الطول والعرض والارتفاع.

 الحجم = الطول × العرض × الارتفاع.

 الله = الآب × الابن × الروح القدس.

 

 وـ الينبوع:

لا يمكن تصوُّر ينبوع بدون ماء، ولا يمكن تصوُّر ماء بدون ينبوع. بل أن الينبوع دُعي ينبوعًا منذ أن بدأ يفيض بالماء، وقد دعى الكتاب المقدس الآب بينبوع الحكمة والحياة، فالآب هو الينبوع، والابن هو الحكمة، والروح القدس هو روح الحكمة، ويعقد "البابا أثناسيوس" مقارنة لطيفة بين الينبوع والله الآب فيقول: "إن كان يُقال عن الله (الآب) أنه ينبوع حكمة وحياة، كما جاء في سفر إرميا {تركوني أنا ينبوع المياه الحيَّة} (إر 2: 13) وأيضًا {.. أيها الرب رجاء إسرائيل، كل الذين يتركونك يخزون. الحائدون عني في التراب يُكتبون، لأنهم تركوا الرب ينبوع المياه الحيَّة} (إر 17: 12، 13)، وقد كُتِب في باروخ {أنكم قد هجرتم ينبوع الحكمة} (باروخ 3: 12) وهذا يتضمن أن الحياة والحكمة لم يكونا غريبين عن جوهر الينبوع، بل هما خاصة له، ولم يكونا أبدًا غير موجودين. بل كانا دائمًا موجودين... كيف إذًا لا يكون كافرًا من يقول {.. كان هناك وقت كان فيه الينبوع جافًا خاليًا من الحياة ومن الحكمة}، ولكن مثل هذا الينبوع لا يكون ينبوعًا. لأن الذي لا يلد من ذاته لا يكون ينبوعًا... يتجاسر هؤلاء ويجدفون عليه قائلين: أنه عقيم ومجدب من حكمته الذاتية... أمَّا الحقيقة فتشهد بأن الله هو الينبوع الأزلي بحكمته الذاتية، ولما كان الينبوع أزليًا، فبالضرورة يجب أن تكون الحكمة أزلية أيضًا" (فقرة 19 من المقالة الأولى) (161).

 كما قال "البابا أثناسيوس الرسولي": "يجب علينا ألاّ نتصور وجود ثلاثة جواهر منفصلة عن بعضها البعض في الله – كما ينتج عن الطبيعة البشرية بالنسبة للبشر– لئلا نصير كالوثنيين الذين يملكون عديدًا من الآلهة. ولكن كما أن النهر الخارج عن الينبوع لا ينفصل عنه، وبالرغم من ذلك فأن هناك بالفعل شيئين مرئيين واسمين. لأن الآب ليس هو الابن، كما أن الابن ليس هو الآب، فالآب هو أب للابن، والابن هو ابن الآب. وكما أن الينبوع ليس هو النهر، والنهر ليس هو الينبوع، ولكن لكليهما نفس الماء الواحد الذي يسري في مجرى من الينبوع إلى النهر، وهكذا فإن لاهوت الآب ينتقل في الابن بلا تدفق أو انقسام، لأن السيد المسيح يقول: {خرجت من الآب} وأتيت من عند الآب، ولكنه دائمًا أبدًا مع الآب، وهو في حضن الآب، وحضن الآب لم يَخْلُ أبدًا من الابن بحسب ألوهيته" (162).

 

 ويقول أيضًا "البابا أثناسيوس الرسولي": " كما أن الآب ينبوع، ودعى الابن نهرًا، فقد قيل أننا نشرب من الروح القدس، لأنه مكتوب: {وجميعًا سُقينا روحًا واحدًا} (1 كو 12: 13)، وإن كنا نشرب من الروح القدس فإننا نشرب من المسيح لأنه قيل: {لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحيةٍ تابعتهم، والصخرة كانت المسيح} (1 كو 10: 4). (الرسائل إلى سيرابيون 1: 19).

 

 ز ـ التفاحة:

هيَ واحدة وثلاثة في ذات الوقت، فالتفاحة هيَ واحدة وتحوي جسم التفاحة وطعم التفاح ورائحة التفاح، ولا يمكن فصل الجسم عن الطعم ولا الطعم عن الجسم، ولا يمكن فصل الرائحة عنهما أو عن أحدهما، وقد أعترض البعض قائلًا: "قد نسى هؤلاء المشبهون أن التفاحة لها أيضًا لون يميزه الإنسان بحاسة الإبصار، أو لها ملمس ونعومة يميزها الإنسان بحاسة اللمس، أو لها حجم وشكل معين... فهل نضيف أقانيم أُخرى لله قياسًا على عناصر وخواص التفاحة" (163). ونحن نقول لمثل هؤلاء المعترضين: أنه سواء كان لون التفاحة أحمرًا أو أصفرًا فأن هذا لا يغير عن كونها تفاحة، وكذلك إذا كان ملمسها ناعمًا أو خشنًا بعض الشيء، أو إذا كـان حجمها كبيرًا أو صغيرًا فكل هذه الأمور لا تؤثر في كونها تفاحة. لكن لا يمكن أن نتصور تفاحة بدون جسم أو بدون طعم أو بدون رائحة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(154) الأسقف إيسيذوروس ـ المطالب النظرية في المواضيع الإلهية ص 256، 257.

(155) حوار حول الثالوث للقديس كيرلس الإسكندري ـ المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية ص 104.

(156) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والعقائد 1ـ الله ص 20.

(157) القديس أثناسيوس الرسولي في مواجهة التراث الديني غير الأرثوذكسي ص 150.

(158) مركز دراسات الآباء ص 32، 33.

(159) المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية ص 31، 33.

(160) مطرانية البحيرة ـ هذا إيماني ص 34.

(161) الشهادة لألوهية المسيح للقديس أثناسيوس الرسولي ـ مركز دراسات الآباء ص 41، 42.

(162) حوارات مسكونية ـ لنيافة الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ص 43.

(163) الله واحد أم ثالوث ص 16.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/trinity-and-unity/eg.html

تقصير الرابط:
tak.la/8rmj9wy