St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   judith
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   judith

تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

يهوديت 16 - تفسير سفر يهوديت

* تأملات في كتاب يهوديت:
تفسير سفر يهوديت: مقدمة سفر يهوديت | يهوديت 1 | يهوديت 2 | يهوديت 3 | يهوديت 4 | يهوديت 5 | يهوديت 6 | يهوديت 7 | يهوديت 8 | يهوديت 9 | يهوديت 10 | يهوديت 11 | يهوديت 12 | يهوديت 13 | يهوديت 14 | يهوديت 15 | يهوديت 16

نص سفر يهوديت: يهوديت 1 | يهوديت 2 | يهوديت 3 | يهوديت 4 | يهوديت 5 | يهوديت 6 | يهوديت 7 | يهوديت 8 | يهوديت 9 | يهوديت 10 | يهوديت 11 | يهوديت 12 | يهوديت 13 | يهوديت 14 | يهوديت 15 | يهوديت 16 | يهوديت كامل

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ السادس عَشَرَ

شكر الله وعظمة يهوديت

 

(1) تسبحة يهوديت (ع1-21)

(2) تقديم الهدايا لبيت الرب (ع22-24)

(3) عظمة يهوديت ونياحتها (ع25-31)

 

(1) تسبحة يهوديت (ع1-21):

1 حِينَئِذٍ أَنْشَدَتْ يَهُودِيتُ هذَا النَّشِيدَ لِلرَّبِّ فَقَالَتْ: 2 «سَبِّحُوا الرَّبَّ بِالدُّفُوفِ، رَنِّمُوا لِلرَّبِّ عَلَى الصُّنُوجِ، أَنْشِدُوا لَهُ إِنْشَادًا جَدِيدًا، عَظِّمُوهُ وَادْعُوا بِاسْمِهِ. 3 الرَّبُّ يَمْحَقُ الْحُرُوبَ، الرَّبُّ اسْمُهُ. 4 جَعَلَ مُعَسْكَرَهُ فِي وَسْطِ شَعْبِهِ لِيُنْقِذَنَا مِنْ أَيْدِي جَمِيعِ أَعْدَائِنَا. 5 أَتَى أَشُّورُ مِنَ الْجِبَالِ الشَّمَالِيَّةِ، أَتَى فِي كَثْرَةِ قُوَّتِهِ، فَسَدَّتْ كَثْرَتُهُ الأَوْدِيَةَ وَخُيُولُهُ غَطَّتِ الْوِهَادَ. 6 قَالَ إِنَّهُ سَيُحْرِقُ تُخُومِي، وَيَقْتُلُ فِتْيَانِي بِالسَّيْفِ، وَيَجْعَلُ أَطْفَالِي غَنِيمَةً وَأَبْكَارِي سَبْيًا؛ 7 الرَّبُّ الْقَدِيرُ ضَرَبَهُ وَأَسْلَمَهُ إِلَى يَدِ امْرَأَةٍ فَطَعَنَتْهُ. 8 إِنَّ جَبَّارَهُمْ لَمْ يَسْقُطْ بِأَيْدِي الشُّبَّانِ وَلَمْ يَبْطُشْ بِهِ بَنُو طِيطَانَ وَلاَ جَبَابِرَةٌ طِوَالٌ تَعَرَّضُوا لَهُ، بَلْ يَهُودِيتُ ابْنَةُ مَرَارِيَ بِجِمَالِ وَجْهِهَا أَهْلَكَتْهُ. 9 نَزَعَتْ ثِيَابِ إِرْمَالِهَا، وَتَرَدَّتْ بِثِيَابِ فَرَحِهَا لاِبْتِهَاجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 10 دَهَنَتْ وَجْهَهَا بِالطِّيبِ، وَضَمَّتْ ضَفَائِرَهَا بِالتَّاجِ، وَلَبِسَتْ حُلَلَهَا الْفَاخِرَةَ لِتَفْتِنَهُ. 11 بَهَاءُ حِذَائِهَا خَطِفَ أَبْصَارَهُ، وَجَمَالُهَا أَسَرَ نَفْسَهُ، فَقَطَعَتْ بِالْخَنْجَرِ عُنُقَهُ. 12 إِرْتَاعَتْ فَارِسُ مِنْ ثَبَاتِهَا، وَالْمَادِيُّونَ مِنْ جُرْأَتِهَا. 13 حِينَئِذٍ أَعْوَلَتْ مَحَلَّةُ الأَشُّورِيِّينَ عِنْدَمَا ظَهَرَ مُتَوَاضِعِيَّ مُلْتَهِبِينَ مِنَ الْعَطَشِ. 14 بَنُو الْجَوَارِي أَثْخَنُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ كَأَنَّهُمْ صِبْيَةٌ مُنْهَزِمُونَ، فَهَلَكُوا فِي الْقِتَالِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ إِلهِي. 15 فَلْنُسَبِّحِ الرَّبَّ تَسْبِيحًا، وَنُرَنِّمْ نَشِيدًا جَدِيدًا لإِلهِنَا. 16 أَيُّهَا الرَّبُّ أَدُونَايُ إِنَّكَ عَظِيمٌ شَهِيرٌ بِجَبَرُوتِكَ وَلاَ يَقْوَى عَلَيْكَ أَحَدٌ. 17 إِيَّاكَ فَلْتَعْبُدْ خَلِيقَتُكَ بِأَسْرِهَا، لأَنَّكَ أَنْتَ قُلْتَ فَكَانُوا أَرْسَلْتَ رُوحَكَ فَخُلِقُوا، وَلَيْسَ مَنْ يُقَاوِمُ كَلِمَتَكَ. 18 تَهْتَزُّ الْجِبَالُ مِنْ أَسَاسِهَا مَعَ الْمِيَاهِ، وَالصُّخُورُ كَالشَّمْعِ تَذُوبُ أَمَامَ وَجْهِكَ، 19 وَالَّذِينَ يَتَّقُونَكَ يَكُونُونَ أَعِزَّةً عِنْدَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 20 اَلْوَيْلُ لِلأُمَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى شَعْبِيَ، الرَّبُّ الْقَدِيرُ يَنْتَقِمُ مِنْهُمْ وَفِي يَوْمِ الدَّيْنُونَةِ يَفْتَقِدُهُمْ. 21 يَجْعَلُ لُحُومَهُمْ لِلنَّارِ وَالدُّودِ، لِكَيْ يَحْتَرِقُوا وَيَتَأَلَّمُوا إِلَى الأَبَدِ».

 

ع1، 2: الدفوف : جمع دف وهي أقراص نحاسية وتعتبر من الآلات الإيقاعية وتستخدم في الكنائس.

الصنوج: هي إما أقراص نحاسية يضرب عليها، فتحدث صوتًا قويًا، أو آلات وترية.

بدأ الاحتفال ويهوديت تقود موكب التسبيح لله وحولها النساء والشبان، يرددون وراءها نشيد النصرة، مستخدمين كل ما عندهم من آلات موسيقية، ليعلنوا بكل قوتهم الفرح بالرب وتمجيده.

وهذه التسبحة تعتبر مزمورًا، أو نشيدًا ليهوديت يشبه مزامير داود النبي، وفيها تعظيم لله الذي انتصر على الأعداء.

واستخدام الموسيقى أمر قديم، استخدمه الإنسان من بداية حياته، كما يخبرنا سفر التكوين (تك4: 21، 22). ويعد داود النبي من أشهر من استخدموا الموسيقى المصاحبة لتلاوة المزامير. ومن المعروفين في هذا المجال أيضًا مريم أخت موسى.

إن يهوديت ترمز للمسيح، أو للكاهن الذي يقود الشعب في تسبيح الله، الذي له وحده السلطان على حياتنا.

وتنبه يهوديت الشعب بالدفوف والصنوج، بأصواتها العالية ليشتركوا معها في تسبيح الله، وهي بهذا ترمز للخادم الذي يوقظ كل متكاسل؛ ليمجد الله ويقدم له نشيدًا جديدًا، مختلفًا عن الأناشيد والصلوات السابقة في حياته، التي قدمها بفتور.

إن تسبيحنا لله في العهد الجديد هو تسبيح جديد، إذ أظهر الله محبة تفوق العقل على الصليب، لم تكشف للبشر طوال العهد القديم وعمله في البشر لم يعمل من قبل، إذ جدد طبيعتهم بالميلاد الثاني بالمعمودية. وأعطاهم جسده ودمه الأقدسين في سر الأفخارستيا. فيا ليتنا ننهض روحيًا بحماس واهتمام، لننشد نشيد الحب لله، الذي يتمجد بشكل جديد في حياتنا كل يوم.

 

ع3، 4: يمحق: يسحق ويهلك.

إن الرب عظيم فوق جميع آلهة الأمم وكل قوى العالم وإذا دخل في حرب، فهو قطعًا المنتصر ويسحق أعداءه. واسمه الرب، أي السيد لكل الخلائق. وقد رضى أن يسكن وسط شعبه، ليعلن أنه إلههم والمدافع عنهم ومنقذهم من كل شر. ولعظمة قوة الله المدافعة عن شعبه، ظن الوثنيون القدماء أن إله إسرائيل هو إله حرب، فخافوا شعبه.

لنتمتع بالوجود في الكنيسة؛ لأن عمانوئيل إلهنا يحل في وسطنا ويبارك كل أولاده، بل يتحد بهم في سر التناول.

هل تعطى لله مكانًا في قلبك؛ ليسكن فيك ويحفظك ويبعد عنك كل خطية؟ إفتح قلبك باتضاع للصلوات والقراءات الروحية والتأمل، فتنعم بحلوله فيك بروحه القدوس وعمله بكل حرية.

 

ع5: الوهاد: المنخفضات.

وإذ سحقت جيوش الأشوريين أممًا كثيرة وهي آتية من الشمال الشرقى ازدادت قوة، بكثرة تابعيها وأسلحتهم، فقد خرجوا من أشور وعددهم مئة وعشرين ألفًا من المشاة، بالإضافة إلى إثنى عشر الف فارسًا وانضم إليهم عشرات الآلاف من الشباب الأسرى، الذين ضموهم إليهم من البلاد المحتلة، فكان تحرك هذه الآلاف مخيفًا، يسد كل الطرق والوديان، فتنهار أمامهم كل قوة المدن.

 

ع6: وإذ وثق الأشوريون في قوتهم صمموا على حرق مدينة بيت فلوى؛ لأنها أغلقت أبوابها في وجههم، كما أحرقوا مدنًا كثيرة من التي هاجموها وتوعدوهم بالقتل وإفناء الكبار والصغار، الشبان والأطفال والرجال والنساء.

لا تنزعج من قوة البشر الظاهرة وتهديداتهم، عالمًا أن قوة الله فوق كل قوة. إثبت في إيمانك وأغلق أبواب حواسك عن الخطية وثق أن الرب الساكن فيك يحفظك نقيًا ولا يضرك أحد، بل تزداد فرحًا وتسبيحًا كل يوم.

 

ع7، 8: يبطش: يهلك.

طيطان: إله إغريقى يتميز بالقوة في الحرب وسُمى وادي الرفائيين بوادى بنى طيطان وهو وادي خصيب، يقع جنوب غرب أورشليم (2 صم5: 18). والرفائيون يتميزون بقوتهم وطول قاماتهم ولعل هذا هو السبب في تسمية واديهم بوادى بنى طيطان.

إن الحرب ليست ضد شعب الله، بل ضد الله نفسه، الساكن في وسطهم، لذا فالرب هو الذي سحق أليفانا وأسلمه ليد يهوديت لتقتله والله غير محتاج لقوة الشباب، أو عمالقة وجبابرة العالم ليتمم مقاصده، بل تكفيه يدى امرأة ضعيفة البنية قد وهبها الله جمالًا، فتمجد في ضعفها، لأن القوة هي من الله، فيستطيع أن يستخدم أية أداة مهما بدت ضعيفة.

لا تنظر إلى ضعفك وعجزك أمام صعوبة المشكلة، أو سلطان الخطية، فالله هو المحارب عنك وهو يستطيع أن يسحق أية قوة تحت قدميك، فتبدو كأنك أنت المنتصر، مع أنه هو المنتصر فيك.

 

ع9: تردت: إرتدت، أي لبست.

عندما أتت ساعة الجهاد والحرب نزعت يهوديت ثياب الترمل، التي تشير إلى الضعف، إذ ليس لها زوج يحميها ويدافع عنها ولبست بدلًا منها ثياب فرحها، ليس لإشباع شهوتها والغرور بجمالها، بل لتفرح قلوب شعبها، فقد لبست هذه الثياب لعريسها السماوى، الذي يفرح قلبها، ويخلصها هي وكل شعبها ويبهج قلوبهم، وهكذا صارت الضعيفة قوية؛ لأنها أقتنت الله عريسًا لها وهو أقوى من أي زوج في العالم.

إذا شعرت أنك بلا سند وقوة تعتمد عليها في العالم مثل الأرملة، فحينئذ تستطيع أن ترفع نظرك نحو المسيح عريس نفسك، فتتقوى وتفرح كل أيامك.

 

ع10: واستكملت زينتها بوضع الأطياب على وجهها، لتكون جميلة أمام الله، فيصرع أليفانا تحت قدميها.

إن طيب وجهك هو عرق الجهاد الروحي الممتزج بدموع التوبة المنسابة على خديك، فيتعطر وجهك أمام الله، الذي "قدم ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة". (لحن يقال يوم الجمعة العظيمة).

 

أما شعرها المنساب في ضفائر جميلة، والذي هو فخر وتاج كل إمرأة، قد جمعته يهوديت وضمته بتاج لامع، لبسته على رأسها، فبدت أكثر جمالًا. هذا التاج هو إيمانها بالله، الذي تخضع له ويزين رأسها، فيعطيها خلاصًا كاملًا. لقد لبست سلاحها الروحي، إيمانها بالله المخلص أي "خوذة الخلاص" (أف6: 17). وتسلحت بباقى أسلحتها ضد أليفانا، إذ لبست حللها الفاخرة، أي كل أسلحتها، لتصرعه.

لا تهمل كل وسائط النعمة لتقهر حروب إبليس.

 

ع11: وفى النهاية لبست حذاءً لامعًا جميلًا في قدميها، جذب ناظريه وأسر قلبه، فذل بالشهوة تحت قدميها وحينئذ سهل عليها أن تقتله بسلاحه، إذ قد أصبح ذليلًا وضعيفًا جدًا.

ثق أن لك سلطان على العالم كله وتستطيع أن تدوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو، فلا تتنازل عن سلطانك، فتُذلك الشهوة وتصرع نفسك، أي بخنجرك تموت وبشهوتك تفنى.

 

ع12: كل قوة بلاد فارس وبلاد مادي الخاضعة لإمبراطورية أشور والمتمثلة في رئيس جيوشها أليفانا وكل جيوشه، قد إنزعجت وارتعبت أمام شجاعة يهوديت وكل شعب الله.

 

ع13: ظهر الرجال الضعفاء الخائرين من شدة العطش ولكنهم متكلين على الله، فصرخ كل الأشوريين وهربوا أمامهم؛ لأن الله تمجد في ضعفهم ولهيب العطش في حلق شعب الله أحرق الأشرار وقتلهم. حقًا كما قال الله "لأن قوتى في الضعف تكمل" (2 كو12: 9).

إن أتعاب صومك وجوعك وعطشك وتذللك في الميطانيات ودموعك المنسكبة أمام الله تحرق كل خطية وتهزم جبروت إبليس، فبالعطش والجوع جال القديسون في البرارى، يطأون كل قوة إبليس.

 

ع14: أثخنوهم: أكثروا الجراح فيهم.

كان اليهود في نظر الأشوريين عبيدًا لهم، مثل باقى الأمم، فخرج أهل بيت فلوى، الذين هم بنو الجوارى - في نظر الأشوريين - وهجموا على محلتهم، فقتلوهم بسهولة وكان جبابرة الأشوريين كصبية بين يدى اليهود، فتغلبوا عليهم وهرب الأشوريون خائفين. كل هذا القتل والجرح كان بقوة الله على يدى الضعفاء المتواضعين؛ شعب الله المتكل عليه.

لا تضطرب إذا احتقرك الناس، فستغلب حتمًا في النهاية وسيتمجد الله فيك وإبليس الذي يحتقرك أيضًا، سيصرعه الله تحت قدميك.

 

ع15: نادت يهوديت كل سامعيها ثانية، ليسبحوا الله وينشدوا بحماس وقوة جديدة.

 

ع16، 17: أدوناى: هو اسم لله في العهد القديم، يمثل الله المهوب الذي تخشع أمامه كل نفس والإله الخاص لشعبه، الذي يدافع عنهم ويحميهم.

رفعت يهوديت صوتها إلى الرب العظيم، الذي ليس سواه ومجدته؛ لأن قوته فوق كل قوة وهو خالق جميع الأشياء، فمن الطبيعي أن تتعبد له كل الخلائق.

 

ع18: وإن كانت الطبيعة تظهر متشامخة، في شكل جبالها وصخورها القوية المتعالية وبحارها الضخمة العميقة، فكلها تهتز وتذوب كالشمع أمام وجه الله، كما تكرر نفس المعنى في (مى1: 4، مز97: 5).

إن كانت الطبيعة الجامدة وغير العاقلة تخضع لله، فكم بالأحرى أنت أيها الإنسان ينبغى أن تعبد الله بأمانة وتمجده كل حين.

سبح الله في قوته وتأمل في خليقته، لعلك تهابه، فترفض الخطية وتسلك بأمانة أمامه.

 

ع19: أعزه: أعزاء مكرمين.

مما سبق يظهر واضحًا أن الله يعظم كل من يعبده ويتقيه ويتكل عليه، فقد اعتز اليهود فوق كل قوة الأشوريين. لأنهم شعب الله الذين يعبدونه.

على قدر ما تعبد الله بإيمان وأمانة يعطيك الرب نعمة في أعين الناس وسعادة على الأرض، ثم مجدًا لا يعبر عنه في السموات.

 

ع20، 21: ما أتعس الذي يقاوم أولاد الله؛ لأنه يقاوم الله نفسه، فتنتظره متاعب كثيرة على الأرض والعذاب الأبدي في السماء، الذي عبرت عنه يهوديت بعذاب النار والدود كما يؤكد الكتاب المقدس ذلك في مواضع كثيرة (سيراخ 7: 19؛ أش14: 11، مر9: 44).

وتعبير النار والدود هو تشبيه لما يحدث في العذاب الأبدي، إذ يظل الدود يأكلهم والنار تحرق فيهم للأبد، فليس هناك دود ونار مادية، بل أشد بكثير، إذ هي روحية فالعذاب لا ينتهى. وتستخدم يهوديت تعبير الدود والنار لأنه كان معروفًا عند اليهود في وادي يسمى وادي هنوم ويقع جنوب أورشليم وتلقى فيه بقايا وجثث الحيوانات وتحرق بالنار، فلكثرة الجثث تظل النار مشتعلة في هذا الوادى وعلى أطراف الوادى يظل الدود يأكل في هذه الجثث، ومنه أتت كلمة جهنم؛ لأن وادي بالعبرية = جه وهنوم إسم هذا الوادى وبهذا يكون ج + هنوم = جهنم.

وهكذا تبدلت الأحوال، فأصبح بنو إسرائيل الخائرون من العطش والجوع أقوياء، فانتصروا بقوة الله على الأشوريين الجبابرة، رغم قوتهم وأسلحتهم وأعدادهم الضخمة، فهرب الجبابرة كالأطفال أمام قوة الله في شعبه.

لا تظلم الضعفاء، أو تكسر وصايا الله، لئلا تصيبك ضيقات كثيرة في هذه الحياة. وإن أصابتك فأسرع بالتوبة، لينجيك الله من العذاب الأبدي.

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(2) تقديم الهدايا لبيت الرب (ع22-24):

22 وَكَانَ بَعْدَ هذَا أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ بَعْدَ غَلَبَتِهِمْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدُوا لِلرَّبِّ، وَلَمَّا تَطَهَّرُوا قَدَّمُوا جَمِيعُهُمْ مُحْرَقَاتِهِمْ وَنُذُورَهُمْ وَأَوْعَادَهُمْ. 23 وَيَهُودِيتُ أَيْضًا قَدَّمَتْ جَمِيعَ أَدَوَاتِ حَرْبِ أَلِيفَانَا الَّتِي أَعْطَاهَا لَهَا الشَّعْبُ وَالْخَيْمَةَ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ سَرِيرِهِ إِبْسَالَ نِسْيَانٍ. 24 وَكَانَ الشَّعْبُ مَسْرُورِينَ بِمُشَاهَدَةِ الْمُقَدَّسَاتِ، وَعَيَّدُوا لِفَرَحِ هذِهِ الْغَلَبَةِ مَعَ يَهُودِيتَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ.

 

ع22: وبعدما احتفل أهل بيت فلوى بنصرة الرب على الأشوريين بيد يهوديت وبيدهم، لم ينسوا أن يذهبوا إلى أورشليم، حيث هيكل الله ليقدموا ذبائح الشكر ومحرقات التسبيح لله ويقدموا كل نذورهم وما وعدوا به الله أثناء ضيقتهم.

جيد أن تصلى لله في مخدعك (بيت فلوى) ولكن لا تنسى مسكن الله (هيكله)، أي الكنيسة المقدسة، حيث يحل الله حلولًا خاصًا من خلال الأسرار المقدسة ويتحد بشعبه. فالله يفرح بك ويرحب بقدومك إليه؛ لتزوره في بيته، أي الكنيسة.

 

على قدر الصلوات التي رفعوها أثناء ضيقهم كان التعبير عن شكرهم لله بعد انتصارهم في احتفالات بيت فلوى وفى زيارتهم لأورشليم، لتقديم التقدمات المقدسة.

هل الشكر له مكانة كافية في صلواتك وحياتك؟ أم أن الطلبات كثيرة والشكر قليل بعد تحقيق الطلبات؟

 

ع23: إبسال نسيان: تعبير عبري معناه وقف مؤبد، أو شيء محرم على أي أحد أن يأخذه ومخصص لله، وفى ترجمة الآباء اليسوعيين يعبر عنه بـ"قربته لله تحريمًا" أي خصصته ولا يستطيع أحد من الشعب، أو الرؤساء أن يأخذه إلى الأبد. وفى الترجمة الإنجليزية "Votive offering to God"

أما يهوديت التي اختصوها بأغلى الغنائم وهي ممتلكات القائد أليفانا وقبلتها بشكر من شعبها، فقد حرمت كل ما اقتنته من غنائم، أي كرسته لله، ليظل في بيت الله على مدى الأجيال، دليلًا على قوة الله وعنايته بشعبه، وأدوات حرب أليفانا، أي خنجره وسلاحه وخيمة السرير، أي الناموسية التي تحميه من الحشرات والتي لم تستطع رغم جبروته أن تحميه من يد الله. كل هذه الأدوات بقيت في هيكل الله، دليلًا على ضعف الأشرار أمام عظمة الله. وهكذا نرى أن يهوديت لم تأخذ شيئًا لنفسها مقابل تعبها وتحقيقها للنصرة؛ لأنها تؤمن أن الله هو الذي حقق النصرة وحده، فهو وحده المستحق التكريم وتقديم الهدايا له ولأنها إنسانة متجردة تحيا متعبدة لله في حياة الوحدة في غربة عن العالم ومقتنياته.

من الجميل أن تذكر نفسك بكل ما ينميك في حياتك الروحية، فالصلبان وصور القديسين وكل بركة تأتى بها من الأماكن المقدسة تحرك مشاعرك إذا فترت؛ فترتبط بالله.

 

ع24: وكان فرح عظيم لكل أهل بيت فلوى، الذين أتوا مع يهوديت إلى أورشليم، عندما رأوا الأماكن المقدسة، وظلوا ثلاثة أشهر يعيدون لله بشكر وفرح وعبادات كثيرة في الهيكل. إن عدد ثلاثة يمثل كمال عمل الثالوث المقدس في الإنسان، أي أعطوا فرصة لله أن يعمل فيهم بكل قوة.

ليتنا نعيد أعيادنا بطريقة روحية، في ارتباط أكبر بالكنيسة والصلوات والقراءات وأعمال الرحمة، بدلًا من الانهماك في اللذات المادية من مأكل وملبس.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) عظمة يهوديت ونياحتها (ع25-31):

25 وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ، وَعَظُمَتْ يَهُودِيتُ فِي بَيْتِ فَلْوَى جِدًّا، وَكَانَتْ أَجَلَّ مَنْ فِي جَمِيعِ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 26 وَكَانَ فِيهَا الْعَفَافُ مَقْرُونًا بِالشَّجَاعَةِ، وَلَمْ تَعُدْ تَعْرِفُ رَجُلًا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهَا مُنْذُ وَفَاةِ مَنَسَّى بَعْلِهَا، 27 وَكَانَتْ فِي الأَعْيَادِ تَظْهَرُ بِمَجْدٍ عَظِيمٍ. 28 وَبَقِيَتْ فِي بَيْتِ بَعْلِهَا مِئَةً وَخَمْسَ سِنِينَ، وَأَعْتَقَتْ وَصِيفَتَهَا، وَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ مَعَ بَعْلِهَا فِي بَيْتَ فَلْوَى. 29 فَنَاحَ عَلَيْهَا جَمِيعُ الشَّعْبُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 30 وَلَمْ يَكُنْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا كُلِّهَا مَنْ يُقْلِقُ إِسْرَائِيلَ وَلاَ بَعْدَ مَوْتِهَا سِنِينَ كَثِيرَةً، 31 وَأُحْصِيَ يَوْمُ هذِهِ الْغَلَبَةِ عِنْدَ الْعِبْرَانِيِّينَ فِي عِدَادِ الأَيَّامِ الْمُقَدَّسَةِ، وَالْيَهُودُ يُعَيِّدُونَهُ مُنْذُ ذلِكَ الْوَقْتِ إِلَى يَوْمِنَا هذَا.

 

ع25-27: أجل: من الجلال ومعناها أعظم.

عاد أهل بيت فلوى إلى مدينتهم بفرح بعد ثلاثة أشهر وسكنوا في بيوتهم، وعادت يهوديت إلى بيتها وصعدت إلى عليتها؛ لتواصل حياة الوحدة والصلوات والتسبيح لله في نسك شديد، ولم تنشغل بمديح الناس وإكرامهم؛ لأن هدف حياتها هو محبة الله. ولم تكن تظهر إلا في الأعياد الروحية، لتشارك شعبها في عبادة الله، فكان يظهر مجدها وعظمتها كقديسة مباركة، تحيا مع الله ليلًا ونهارًا.

إذا تغيرت ظروف حياتك ومشاغلك، أو سافرت يمينًا أو يسارًا، فلتعد بنشاط بعد ذلك إلى حياتك الروحية وقانونك المعتاد ولا تعطلك مشاغل الحياة، فتفتر في عبادتك، لأن هدف حياتنا واحد وهو محبة الله.

 

كانت أهم فضائل يهوديت - التي ظهرت في نصرتها على أليفانا واستمرت طوال حياتها - هي فضيلة الشجاعة المبنية على الإيمان بالله والتضحية بالنفس، بالإضافة إلى فضيلة العفاف، إذ اكتفت بالترمل بعد زوجها؛ لتعيش مكرسة لله، مع أنه منطقيًا أن يشتهى الكثير من العظماء أن يقترنوا بها، خاصة بعد تحقيق النصرة على يديها، ولكنها أصرت على تكريس حياتها لله، مفضلة إياه على الاقتران بأى إنسان.

لكيما تقتنى فضيلة العفة اكتفى بما عندك واشكر الله، بل وحاول أن ترى الله في كل الماديات التي معك وتنازل قدر ما تستطيع، بالتجرد عن الماديات، التي يتعلق بها قلبك.

 

ع28: وأنعم الله على يهوديت بحياة طويلة في الوحدة، فعاشت مئة وخمسة أعوام، كما عاش بالضبط أب جميع الرهبان القديس العظيم الأنبا أنطونيوس. لعل حياتها كانت أحد الأمثلة على حياة الوحدة في العهد القديم، وتمهيدًا لظهور أنظمة الرهبنة الجماعية، التي بدأت على يد القديس الأنبا أنطونيوس.

وهكذا تظهر يهوديت كقديسة عظيمة من أشهر النساء القديسات اللاتي ظهرن في العهد القديم وتحمل فضائل كثيرة، لعل أهم أسبابها تذوقها لعشرة الله في حياة الوحدة.

وإذ عاشت حياة التجرد ولم تحتفظ بأى غنائم من الأشوريين استمرت في حياة العطاء، فأعتقت وصيفتها وكانت هذه بركة من الله لهذه الجارية الأمينة، التي شاركت في تقديم الخلاص لشعب الله. إنها ترمز إلى يوسف الرامى، أو نيقوديموس، أو مريم المجدلية، أو سمعان القيروانى، الذين أعطاهم الله بركة؛ لأجل مشاركتهم في صلب المسيح ودفنه ووضع الحنوط على جسده.

إن الله يبارك أصغر عمل تقدمه له شركة في محبته، حتى لو كان فقط كأس ماء بارد، أو فلسين، أو خمس خبزات وسمكتين فلن يضيع أجره. فقدم ما عندك لله، في عبادة وخدمة، مهما بدا صغيرًا، فهو غالٍ جدًا في عينى الله.

 

ع29: وعندما توفيت يهوديت، التي كان يعظمها، ليس فقط شعب مدينتها، بل كل اليهود، حزنوا جدًا عليها وعملوا مناحة لها سبعة أيام، وعدد سبعة يشير إلى الكمال، أي كمال الحزن، لفراقها. وعدد سبعة يرمز إلى الروح القدس أيضًا، ففى نهاية السبعة أيام نالوا تعزية من الله. ونوحهم عليها سبعة أيام يظهر أنهم اعتبروها من مشاهير اليهود وفى هذه المناحة تعطل الأفراح والاحتفالات.

 

ع30: ومن بركات الله على شعبه لأجل يهوديت أنه لم تقم حروب، أو اعتداءات من الأمم على اليهود طوال حياة يهوديت، بل وبعد وفاتها أيضًا بمدة.

إن الله يرحم شعبه من أجل قديسيه. ليتك تكون بارًا، فيحفظ الله أسرتك، وأقاربك، ومن تخدمهم في الكنيسة من أولادك؛ لأجل محبتك له. ولتكن لك صداقة مع القديسين، فيرحمك الله من أجل صلواتهم.

 

ع31: وصار يوم قتل أليفانا بيد يهوديت وهجوم اليهود على محلة الأشوريين، عيدًا عند اليهود على مدى السنين، يمجدون فيه الله العظيم المنتصر على أعدائه والمنقذ شعبه من الضيقات والعامل في المتضعين المتكلين عليه. وما زال اليهود حتى الآن يعيدون هذا العيد في اليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر ويقرأون فيه سفر يهوديت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يهوديت: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16

 


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/judith/chapter-16.html

تقصير الرابط:
tak.la/s85wmm2