St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   ecclesiastes
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   ecclesiastes

تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

الجامعة 7 - تفسير سفر الجامعة

 

* تأملات في كتاب جامعة:
تفسير سفر الجامعة: مقدمة سفر الجامعة | الجامعة 1 | الجامعة 2 | الجامعة 3 | الجامعة 4 | الجامعة 5 | الجامعة 6 | الجامعة 7 | الجامعة 8 | الجامعة 9 | الجامعة 10 | الجامعة 11 | الجامعة 12

نص سفر الجامعة: الجامعة 1 | الجامعة 2 | الجامعة 3 | الجامعة 4 | الجامعة 5 | الجامعة 6 | الجامعة 7 | الجامعة 8 | الجامعة 9 | الجامعة 10 | الجامعة 11 | الجامعة 12 | الجامعة كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ السَّابِعُ

الحكمة طريق الخلاص

 

(1) الاستعداد للأبدية (ع1-7)

(2) فضل الحكمة (ع8-22)

(3) الابتعاد عن الشر (ع23-29)

 

(1) الاستعداد للأبدية (ع1-7):

1 اَلصِّيتُ خَيْرٌ مِنَ الدُّهْنِ الطَّيِّبِ، وَيَوْمُ الْمَمَاتِ خَيْرٌ مِنْ يَوْمِ الْوِلاَدَةِ. 2 اَلذَّهَابُ إِلَى بَيْتِ النَّوْحِ خَيْرٌ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى بَيْتِ الْوَلِيمَةِ، لأَنَّ ذَاكَ نِهَايَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَالْحَيُّ يَضَعُهُ فِي قَلْبِهِ. 3 اَلْحُزْنُ خَيْرٌ مِنَ الضَّحِكِ، لأَنَّهُ بِكَآبَةِ الْوَجْهِ يُصْلَحُ الْقَلْبُ. 4 قَلْبُ الْحُكَمَاءِ فِي بَيْتِ النَّوْحِ، وَقَلْبُ الْجُهَّالِ فِي بَيْتِ الْفَرَحِ. 5 سَمْعُ الانْتِهَارِ مِنَ الْحَكِيمِ خَيْرٌ لِلإِنْسَانِ مِنْ سَمْعِ غِنَاءِ الْجُهَّالِ، 6 لأَنَّهُ كَصَوْتِ الشَّوْكِ تَحْتَ الْقِدْرِ هكَذَا ضَحِكُ الْجُهَّالِ. هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ. 7 لأَنَّ الظُّلْمَ يُحَمِّقُ الْحَكِيمَ، وَالْعَطِيَّةَ تُفْسِدُ الْقَلْبَ.

 

ع1: السلوك المستقيم الذي يخلف وراءه سمعة طيبة، ويكون قدوة لمن حوله، أفضل بكثير من الانشغال باللذات المادية، من طعام وشراب، وراحة، وتمتع بالأطياب؛ وذلك لما يلي:

  1. السلوك المستقيم والصيت الحسن يختص بحياة الإنسان كله، أما الأطياب فتختص بالجسد فقط.

  2. الصيت الحسن يؤدى إلى خلاص نفس الإنسان، أما الطيب ولذات العالم فتبعد الإنسان عن خلاصه وأبديته السعيدة. فالطيب زائف، أما الصيت فدائم إلى الأبد.

  3. الصيت يفيد الآخرين كقدوة، أما الأطياب فتحمل معنى الأنانية، وانشغال الإنسان برفاهيته الشخصية.

المرأة ساكبة الطيب على جسد المسيح قدمت محبتها لله؛ من أجل هذا ذكر اسمها في الكتاب المقدس، لتعرف كل الأجيال مدى محبتها، وهذا أحسن صيت. كما أن المسيح انشغل بالصليب، فقدم أعظم حب، وترك أفضل صيت قدوة لكل البشر على مدى التاريخ (مت26: 13).

تذكر يوم الموت يولد في الإنسان الاستعداد للأبدية، بينما تذكر يوم الميلاد يشغل الإنسان بلذاته في العالم. فيوم الممات ينبه الإنسان لنهايته، فيحيا مستقيمًا ويرضى الله. أما يوم الميلاد، فهو تذكر للطفولة والشباب والحياة الماضية ولا يفيد شيئًا.

لذا فالإنسان الروحي يتذكر يوم الممات ويوم الميلاد لفائدته الروحية، فيستعد كل يوم ليوم الممات بالتوبة والجهاد الروحي واقتناء الفضائل، ويستخدم تذكر يوم الميلاد ليشكر الله على نعمه، ويتذكر أيضًا الفترات الروحية التي عاشها مع الله، فيبدأ بحماس جديد لحياة أفضل مع الله.

ويوم الممات للإنسان الروحي أفضل من يوم الولادة؛ لأنه ينهى حياته الزائلة على الأرض، ويدخله إلى الحياة الأبدية السعيدة. أما يوم الولادة، فهو بداية لحياة مجهولة لا يعرف ماذا سيحدث فيها، فيوم موته إعلان لنجاحه في جهاده الروحي، كما أعلن بولس الرسول ذلك في نهاية حياته (2 تى4: 7، 8).

 

ع2: يستكمل سليمان حديثه عن الموت، فيعلن في هذه الآية أن الذهاب إلى بيت النوح أفضل من الذهاب إلى بيت الوليمة، إذ أن مشاركة المتألمين، وتعزيتهم تفيدهم جدًا، كما أنها تذكر من يصنع هذا بنهايته، فيستعد لها وهو حى قبل أن يموت. أما بيت الوليمة فيشغل الذاهب إليه باللذات المادية، وكل الماديات الزائلة (عن حياته الروحية).

فالذهاب إلى بيت النوح يذكر الإنسان بنهايته. والإنسان الحي، أي المنتبه لخلاص نفسه، عندما يعزى من حدث عندهم وفاة، يضع الموت أمام عينيه، ويتأثر قلبه، فيهتم بالاستعداد لأبديته.

 

ع3: المقصود بالحزن هو الحزن على الخطية في التوبة، إذ أن الإنسان كثير الخطأ، ويحتاج إلى التوبة الدائمة. والأفضل له أن يقتنى حزن التوبة، بدلًا من أن ينشغل بالضحك الذي يخرجه عن فحص نفسه، والرجوع إلى الله، فالضحك يربط الإنسان بأهواء العالم وملذاته.

وهذا هو المقصود بكآبة الوجه، أي الحزن على فعل الخطية، وانسكاب الدموع أيضًا؛ كل هذا يساعد القلب على الرجوع إلى الله.

وليس المقصود منع الابتسامة، أو الضحك البرئ البسيط، ولكن سليمان يخبرنا أن الحزن خير من الضحك، أي يفضل الاهتمام بحزن التوبة عن انشغال الإنسان بالضحك، فيظن أن كثرة ضحكه، وسخريته تميز عظيم، وهو في الحقيقة يشغله عن توبته.

وكآبة الوجه تكون بين الإنسان والله في مخدعه، أو الكنيسة، ولكن في التعامل مع الناس يلزم أن يكون بشوشًا، مبتسمًا، مرحبًا بالآخرين، ومظهرًا محبته لهم.

 

ع4: أعلن سليمان في (ع2) أن الذهاب إلى بيت النوح أفضل من الذهاب إلى بيت الوليمة. وفى (ع4) يتأكد نفس المعنى؛ لأن قلب الحكماء، أي مشاعرهم في بيت النوح؛ ليتذكروا الموت، ويستعدوا للأبدية، وفى نفس الوقت يشعرون بالمتألمين ويعزونهم. أما الجهال فقلوبهم منشغلة بأفراح العالم وملذاته.

 

ع5، 6: القدر: وعاء يوضع فيه الطعام لطهيه.

الحكيم أيضًا كلامه مفيد لسامعيه، حتى لو وبخهم. فالإنسان الطبيعي لا يميل إلى سماع الانتهار والتوبيخ، بل يميل إلى سماع الكلمات الطيبة والتشجيع، ولكنه محتاج للانتهار؛ حتى يصلح أخطاءه. والله نفسه يسمح بالتجارب والضيقات لتنبيه أولاده؛ حتى يرجعوا عن أخطائهم، ويتعلموا فضائل كثيرة، مثل الاتضاع، والاحتمال، والالتجاء إلى الله.

من ناحية أخرى فغناء الجهال، أي مدحهم، وكلماتهم الطيبة، قد تكون نفاقًا وغشًا للوصول إلى أغراضهم، أو خوفًا ممن أمامهم، فالاستماع إليها يضر السامع، ويبعده عن الحق، وبالتالي يلزم الابتعاد عن الاستماع لكلامهم؛ حتى لو بدا لذيذًا، ولكنه ضار جدًا.

وكلام الجهال يشبه القدر الموضوع فيه طعام، وتحته شوك مشتعل بالنار لإنضاج الطعام. هذا الشوك يحدث أصواتًا قوية (فرقعة) ولكنه لا يدوم طويلًا، وينطفئ سريعًا، فلا يعطى فرصة للطعام أن يكمل نضجه، وبهذا فالشوك غير مفيد، مثل ضحك وغناء الجهال وكله باطل يضلل المستمع إليه.

 

ع7: الظلم ضغط شديد على الإنسان، فحتى لو كان حكيمًا مرتبطًا بالله، ولكن من قسوة الظلم قد يخطئ، ويتذمر على الله، وقد يسقط في خطايا باستخدام وسائل شريرة ليتخلص من الظلم، وأحيانًا من ضيقه يظلم غيره. وهكذا يصبح الحكيم أحمقًا وجاهلًا لسقوطه في هذه الخطايا.

والعطاء بدون حكمة يفسد قلوب الناس الذين يأخذون العطية؛ لأن العطاء الكثير قد يدعو الناس للكسل، أو الطمع، فيبتعدوا عن الله.

وقد يكون العطاء كاذبًا إذا كان المعطى منافقًا، فيعطى كلمات مديح، ليغش الآخرين، كما ذكرنا، أو يعطى هدايا لتعويج القضاء، وكسب النفوس بجانبه؛ ليكونوا ضد الآخرين، أي يخلق روح التحزب.

لا تسرع إلى لوم الآخرين، فقد يكونوا واقعين تحت ظلم، ومن ضغطتهم أخطأوا. فالتمس لهم العذر، ولا تدينهم، واحترس أن تسقط مثلهم إن واجهت ظروفهم. إتضع، واطلب أن يسامحك الله ويسامحهم، ويسندك ويسندهم، خاصة إذا كان المخطئون من المتقدمين في الحياة الروحية والخدمة، لأن حروب إبليس تكون شديدة ضدهم. كما يقول الكتاب المقدس "إضرب الراعى، فتتبدد خراف الرعية" (مت26: 31).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: "It ends" (It will come to an end), a quote by His Holiness Pope Shenouda III (117) - Arabic calligraphy, designed by Michael Ghaly for St-Takla.org, 8 February 2024. صورة في موقع الأنبا تكلا: "مصيرها تنتهي"، من أقوال قداسة البابا شنوده الثالث 117 - خط عربي، تصميم مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 8 فبراير 2024 م.

St-Takla.org Image: "It ends" (It will come to an end), a quote by His Holiness Pope Shenouda III (117) - Arabic calligraphy, designed by Michael Ghaly for St-Takla.org, 8 February 2024.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "مصيرها تنتهي"، من أقوال قداسة البابا شنوده الثالث 117 - خط عربي، تصميم مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 8 فبراير 2024 م.

(2) فضل الحكمة (ع8-22):

8 نِهَايَةُ أَمْرٍ خَيْرٌ مِنْ بَدَايَتِهِ. طُولُ الرُّوحِ خَيْرٌ مِنْ تَكَبُّرِ الرُّوحِ. 9 لاَ تُسْرِعْ بِرُوحِكَ إِلَى الْغَضَبِ، لأَنَّ الْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ الْجُهَّالِ. 10 لاَ تَقُلْ: «لِمَاذَا كَانَتِ الأَيَّامُ الأُولَى خَيْرًا مِنْ هذِهِ؟» لأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ حِكْمَةٍ تَسْأَلُ عَنْ هذَا. 11 اَلْحِكْمَةُ صَالِحَةٌ مِثْلُ الْمِيرَاثِ، بَلْ أَفْضَلُ لِنَاظِرِي الشَّمْسِ.12 لأَنَّ الَّذِي فِي ظِلِّ الْحِكْمَةِ هُوَ فِي ظِلِّ الْفِضَّةِ، وَفَضْلُ الْمَعْرِفَةِ هُوَ إِنَّ الْحِكْمَةَ تُحْيِي أَصْحَابَهَا. 13 اُنْظُرْ عَمَلَ اللهِ: لأَنَّهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَقْوِيمِ مَا قَدْ عَوَّجَهُ؟ 14 فِي يَوْمِ الْخَيْرِ كُنْ بِخَيْرٍ، وَفِي يَوْمِ الشَّرِّ اعْتَبِرْ. إِنَّ اللهَ جَعَلَ هذَا مَعَ ذَاكَ، لِكَيْلاَ يَجِدَ الإِنْسَانُ شَيْئًا بَعْدَهُ. 15 قَدْ رَأَيْتُ الْكُلَّ فِي أَيَّامِ بُطْلِي: قَدْ يَكُونُ بَارٌّ يَبِيدُ فِي بِرِّهِ، وَقَدْ يَكُونُ شِرِّيرٌ يَطُولُ فِي شَرِّهِ. 16 لاَ تَكُنْ بَارًّا كَثِيرًا، وَلاَ تَكُنْ حَكِيمًا بِزِيَادَةٍ. لِمَاذَا تَخْرِبُ نَفْسَكَ؟ 17 لاَ تَكُنْ شِرِّيرًا كَثِيرًا، وَلاَ تَكُنْ جَاهِلًا. لِمَاذَا تَمُوتُ فِي غَيْرِ وَقْتِكَ؟18 حَسَنٌ أَنْ تَتَمَسَّكَ بِهذَا، وَأَيْضًا أَنْ لاَ تَرْخِيَ يَدَكَ عَنْ ذَاكَ، لأَنَّ مُتَّقِيَ اللهِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا. 19 اَلْحِكْمَةُ تُقَوِّي الْحَكِيمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ مُسَلِّطِينَ، الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَدِينَةِ. 20 لأَنَّهُ لاَ إِنْسَانٌ صِدِّيقٌ فِي الأَرْضِ يَعْمَلُ صَلاَحًا وَلاَ يُخْطِئُ. 21 أَيْضًا لاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَى كُلِّ الْكَلاَمِ الَّذِي يُقَالُ، لِئَلاَّ تَسْمَعَ عَبْدَكَ يَسِبُّكَ. 22 لأَنَّ قَلْبَكَ أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ كَذلِكَ مِرَارًا كَثِيرَةً سَبَبْتَ آخَرِينَ.

 

ع8: نهاية الأمر تعلن نتيجة كل جهاد في الحياة، وهي خير من البداية، فالإنسان لم يصنع شيئًا، ولا يعرف ماذا سيحقق من آمال. والحياة مملوءة بالأتعاب، فبداية الحياة بداية التعب، أما نهاية الحياة فهي نهاية الأتعاب؛ ليكلل الإنسان وينال مكافأته. مثل انتهاء الطالب من امتحاناته، ونجاحه فيها أفضل من بداية العام، التي لا يعرف ماذا سيفعل فيه. ونهاية أي مشروع، أو عمل تعلن الحصول على النتائج الطيبة، أما البداية فهي خطط يود الإنسان أن يحققها. وبالتالي يدعونا الحكيم سليمان للنظر إلى نهاية حياتنا، وهدفنا السماوى، فنجتهد بكل طاقتنا للوصول إليه خلال عمرنا.

وبالتالي، يُفهم أن طول الأناة في جهاد هذه الحياة أفضل بالطبع من التكبر أثناء مواقف الحياة، التي قد تمجد الإنسان. وطول الروح يعنى أيضًا الاتضاع، والاحتمال، والمثابرة، واحتواء الآخرين، فطول الروح يحمل فضائل كثيرة. وهذا يظهر في الاستمرار في الجهاد حتى النهاية، أما التكبر والإنشغال بمديح الناس، فهو يعطل الإنسان عن مواصلة جهاده وتحقيق أهدافه.

 

ع9: الغضب خطية خطيرة، ومنتشرة؛ لأن لها أسباب كثيرة. فتنهى الآية هنا عن التسرع في الغضب، أي الانفعال السريع، والتجاوب مع أسباب الغضب دون تريث، وتفهم للأمور بهدوء. فقد تكون الأمور لا تحتاج إلى كل هذا الاهتمام. وخطورة الغضب أنه يسبب مشاكل كثيرة للغاضب، ولمن يسمعونه، وتحدث انقسامات ومشاكل يصعب حلها. وقد ينتهى الغضب، ولكن لا ينسى الناس الكلمات السيئة التي قيلت أثناء الغضب، فيتجدد الغضب في قلوب الآخرين كل فترة. ومعنى الآية أنه إذا حدث ما يدفع إلى الغضب، لا يتسرع الإنسان في إظهاره للآخرين، بل يهدئ روحه بالصلاة.

وتؤكد الآية خطورة الغضب أنه ناتج من الجهل والبعد عن الله، فالغضب ابن للجهل، ويستقر في حضنه؛ لذا يلزم الابتعاد عنه بكل الوسائل، وإذا حدث غضب لا يستمر فيه الإنسان، بل يهرب لحياته؛ حتى لا تتزايد المشكلة.

 

ع10: هذه الآية تنهينا عن التذمر بدعوى أن الأيام السابقة التي كانت قبلنا ظروفها أفضل من الظروف الحاضرة، فنتمنى لو كنا عشنا في الأيام القديمة، لكي نتمتع أكثر من تمتعنا الحالى.

وقد يتذمر الإنسان بأن الأيام الماضية خير من الحالية، إذ أنه كان في حيوية الشباب، وله قدرات جسدية وذهنية أكثر، فأيام الشباب أفضل من أيام الشيخوخة التي يحياها الآن.

كل هذه التذمرات خاطئة، وليست من الحكمة أن يفكر الإنسان هكذا؛ لأن الله هو مدبر الأيام الماضية، مثلما يدبر الأيام الحاضرة، وكل تدابيره خير، كما يقول الكتاب المقدس "كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو8: 28). وبالتالي يحتاج الإنسان أن يشكر الله طوال حياته؛ ليتمتع بنعمة الله، ويتخلص من التذمر.

 

ع11: إن كان الميراث المادي أمل واهتمام الكثيرين لأهمية وتأثير المال على الحياة، فالحكمة هامة جدًا مثل الميراث؛ لأنه بدون الحكمة يمكن أن يضيع الميراث، فالحكمة تساعد الإنسان على الاستفادة من الميراث، فيعطى منها للمحتاجين، ويستثمرها حسنًا، وتكون بركة الله معه.

وبالحكمة تستطيع أن تستفيد من ميراث قليل، فتستثمره وينمو، ولكن بدون حكمة، كما قلنا، يضيع الميراث مهما كان كبيرًا.

الحكمة أيضًا أفضل من الميراث لناظرى الشمس، أي الأحياء، لأنه إن لم توجد ثروة، فالحكيم قادر أن يكونها، فيصبح له ثروة يورثها لأولاده. والحكيم الفقير قنوع، ويشكر الله على حاله، فيكون سعيدًا.

والحكيم يستثمر ثروته لمجد الله، فيعتبر الميراث ليس حقًا خاصًا به، بل لكل محتاج، ويعطى لله حقه، ويتمتع بالباقى. والحكيم لا ينشغل بالمال عن الله، ولكن يشكر الله عليه، فيتعلق قلبه بالله. والحكمة تعطى كرامة لصاحبها، بالإضافة إلى أن الحكمة تدوم مع الإنسان، أما الميراث فغير مضمون بقاؤه أثناء الحياة، ولا يدوم إلى الأبد. والحكيم ببصيرته يرى ميراثه الحقيقي الذي في الأبدية، فينشغل به، سواء كان له ميراث على الأرض، أم لا، فيسعى باهتمام، ويستعد للملكوت كل يوم.

والحكيم الناظر إلى الشمس، يرى فيها الله، فالشمس تذكره بشمس البر، أي المسيح، فهو ليس فقط حى على الأرض، ولكنه حى بالله، يتمتع بعشرته، وينال بركات الحكمة.

 

ع12: إن كانت الحياة في ظل الفضة، أي استنادًا عليها تعتبر حياة ناجحة، فالاستناد على الحكمة، أي الحياة في ظلها سند عظيم؛ لأن المال - كما ذكرنا - زائل، أما الحكمة فثابتة؛ لأنها من الله.

والحكمة، أي المعرفة، أفضل من الفضة، أي المال؛ لأن المال يحيى الجسد، أما الحكمة فتحي الإنسان كله، ليس فقط في هذه الحياة، بل أيضًا في الدهر الآتي. وعلى العكس، فإن الجاهل، الذي ليس عنده حكمة، يبتعد عن الله، فيهلك نفسه.

 

ع13: تقويم: تعديل الشئ وجعله مستقيمًا.

تدعونا هذه الآية للتأمل في عمل الله؛ لنرى حكمته ومحبته لنا، فنشكره، ونتعلم حكمته. فالتأمل يربط قلوبنا بالله، ويعطى نفوسنا سلامًا، وطمأنينة.

وأعمال الله مستقيمة، وإن كان الإنسان أحيانًا يظنها خاطئة، لكنه لا يستطيع تقويمها؛ لأنها في الحقيقة مستقيمة. فمثلًا بنو إسرائيل رأوا البحر أمامهم، وجيش فرعون خلفهم، فتأكدوا أنهم سيهلكون، والسبب هو طاعتهم لله على فم موسى، ولكن إذ صبروا، رأوا حكمة الله، الذي شق البحر لهم، فعبروا فيه بسلام، وهلك فرعون المطارد لهم.

 

ع14: "فى يوم الخير كن بخير": إذا أعطاك الله خيرًا تمتع به واشكره على عطاياه.

"فى يوم الشر اعتبر": وإذا أتت عليك الضيقة، أى شر لا تتوقعه، فاعتبر، أي راجع نفسك، فقد تكون فيك خطية تحتاج إلى توبة، وتمسك بالله، واطلب معونته، فتجتاز الضيقة بسلام.

"إن الله جعل هذا مع ذاك لكيلا يجد الإنسان شيئًا بعده": إن الله جعل الخير مع الشر يحدث في حياتك، فاشكر الله، كما قلنا، في فترة الخير، واعتبر في فترة الشر، واعلم أن حياتك كلها ستكون أحيانًا خيرًا، أى سعة، وأحيانًا شرًا، أي ضيقة، وأنك لا تستطيع أن تجد، أو تعرف المستقبل، أي ما بعد الأيام التي تحياها على الأرض؛ حتى تستعد كل يوم للأبدية، وتتكل على الله باتضاع؛ لأنك صغير جدًا ويستحيل عليك أن تعرف ماذا سيحدث بعد أيامك هذه. فكن أمينًا مع الله في الحاضر، فيكون الله معك في الحاضر والمستقبل، وتحيا مطمئنًا، وتنتظرك أبدية سعيدة.

 

ع15: "قد رأيت الكل في أيام بطلى": أيام بطل سليمان يقصد بها عندما كان مبتعدًا عن الله، منشغلًا بحكمته الأرضية. وقد يكون أيام بطله المقصود بها عمره كله، باعتبار كل أيام الحياة باطلة، والأيام الحقيقية في السماء، إذ أن العالم زائل، أما الملكوت السماوى فدائم.

"قد يكون بار يبيد في بره": قد يموت البار سريعًا، وهو بار، ويتعجب الناس لماذا مات هذا سريعًا، فالأفضل أن يعيش، ويفيد من حوله ببره، ولكن الله يعرف الأفضل له، ويختاره في الوقت المناسب، إذ أكمل جهاده، وليحميه من الأيام الشريرة المقبلة، كما يقول أشعياء "من وجه الشر يضم الصديق" (اش57: 1). فهابيل البار مات صغيرًا، ونابوت اليزرعيلى قتلته إيزابل وهو بار.

"وقد يكون شرير يطول في شره": قد يوجد إنسان شرير، ويعيش عمرًا طويلًا وهو مصر على الشر، ونتعجب لماذا سمح له الله أن يعيش كثيرًا. وقد يكون بسبب أن الله يريد أن يظهر مجده فيه؛ ليعتبر الآخرون، مثل الضربات العشر لفرعون قاسى القلب، ثم هلاكه أخيرًا، وقد يكون ليتوب في نهاية حياته، مثل منسى ملك يهوذا (2 أى33: 12، 13).

 

ع16-18: "لا تكن بارًا كثيرًا": أي لا تبالغ في عمل البر، فتعمل ما هو فوق طاقتك، أي تصوم أكثرمن احتمالك، فيضعف جسدك ويخور، ولكن تصوم بالمقدار المناسب الذي تعرفه من مرشدك. وكما يدعونا بولس الرسول إلى هذا (رو12: 3).

"لا تكن حكيمًا بزيادة": الحكمة الزائدة هي التمسك بالرأى وعدم الخضوع للمرشد والآباء الروحيين، فتسقط في الكبرياء، إذ تظن نفسك أحكم من غيرك، فتنحرف عن الطريق المتزن. فالفريسيون تمسكوا بحرفية الناموس، وظنوا أنهم أبر من غيرهم، ولكن المسيح وبخهم وهددهم بالويلات الكثيرة (مت23).

"لماذا تخرب نفسك": وذلك بالمغالاة في أية ممارسة روحية تكون فوق طاقة الإنسان، فتحدث فعلًا عكسيًا فيه. فمن يصلى أكثر مما يناسبه قد يصاب بالملل، ثم التهاون وترك الصلاة. ومن يغالى في الصدقة فوق طاقته الروحية، قد يشكو من استغلال الفقراء، فيبتعد عنهم ولا يساعدهم. فالمغالاة بدون إرشاد تأتى بنتيجة عكسية، وتخرب الحياة الروحية. والخلاصة فإن الاتزان هو أفضل شيء في الحياة الروحية والسلوك مع الآخرين.

وقد تكون هذه الكلمات من سليمان تحذير للأشرار الذين حاولوا مقاومته بدعوى الإصلاح، إذ شعروا أنهم أكثر حكمة. مثل يربعام، الذي تمرد على سليمان، وعندما حاول القبض عليه هرب إلى مصر، ثم عاد بعد موته، وقسم المملكة، وانشق بالعشرة أسباط.

"لا تكن شريرًا كثيرًا ولا تكن جاهلًا": لا تكثر في الشر، أي تتمادى فيه، ولا تكن جاهلًا، أي تصر على الجهل والابتعاد عن الله، بل ارجع إلى الله، وتب.

"لماذا تموت في غير وقتك": الله يطيل أناته عليك رغم شرك؛ حتى ترجع إليه وتتوب، ولكن تماديك في الشر سيفقدك الفرص الإلهية المعطاة لك للتوبة، وتموت في خطيتك وتهلك، فتموت في غير وقتك، إذ تنتهي حياتك، وتفقد فرص التوبة؛ بسبب إصرارك على الشر.

"حسن أن تتمسك بهذا": (لا تكن بارًا كثيرًا) أى تتمسك بالاعتدال في السلوك الروحي.

"وأيضًا أن لا ترخى يدك عن ذاك": (لا تكن شريرًا كثيرًا) لا ترخى، أي لا تتهاون في التوبة والرجوع إلى الله. أو لا ترخى بمعنى إمسك يدك عن الشر، فلا تفعل الشر، وإن فعلته تسرع للتوبة.

"لأن متقى الله يخرج منهما كليهما": متقى الله، أي من يخاف الله يخرج منهما كليهما، أي يبتعد عن المبالغة في البر، فلا يتمادى في الحياة الروحية، وأيضًا يبتعد عن الشر؛ حتى لا يغضب الله، وإن سقط يسرع إلى التوبة، فينال مراحم الله وغفرانه.

 

ع19، 20: تظهر أهمية الحكمة في تأثيرها على قلوب الناس، وإقناعهم بالابتعاد عن الشر؛ لأن القائد المتسلط في الأرض ينفذ القوانين، ويعاقب المخطئ، فيخافه الناس، ولكن قد يحتفظون بالشر في قلوبهم، ويسقطون بحواسهم، وأفكارهم. فلو كان في المدينة عشرة مسلطين - وعدد عشرة يمثل الكمال - أي لو كان عد المسلطين في المدينة كثيرًا، فوجود حكيم واحد في المدينة، يعمل عملًا أقوى من هؤلاء الرؤساء المتسلطين.

ولأن الحكيم يلتمس العذر للناس، حتى لو كانوا من الصديقين المكثرين الصلاح، فهم أيضًا بشر، معرضون للسقوط، فهو يعذرهم، ويرشدهم بلطف؛ ليرجعوا عن أخطائهم. فالحكيم هو المؤثر الحقيقي في المجتمع، والذي يعلن الحق، ويوصله إلى الناس، فيقتنعون به، ويطيعونه.

 

ع21، 22: يسبك: يشتمك.

الإنسان الحكيم لا يهتم بكل كلمة تقال عليه، سواء بالمدح، أو الذم، لأن الناس متغيرون في آرائهم، وبالتالي آراؤهم أيضًا متغيرة. وإذا كنت كثير السمع لكلام الناس الذين يوصلون لك الأخبار، فقد تسمع أن عبدك يسبك، فتتضايق جدًا، وقد يكون من أوصل إليك هذا الكلام غير دقيق، ولم يحدث بهذا الشكل، وقد تكون قد ظلمت عبدك، فأعلن ضيقه منك، فالتمس له العذر.

ومن ناحية أخرى تذكر أنك قد تكون سقطت في نفس الخطية، وسببت غيرك، "فلا تدينوا لكي لا تدانوا" (مت7: 1). فالتمس العذر، وكن حنونًا على الناس، لتتمتع برحمة الله.

إذا سمعت بخطأ إنسان في حقك، أو أية إساءة، وقبل أن تتضايق ممن أساء إليك، راجع نفسك لئلا تكون قد أسأت إلى بعض الناس، أو إلى الله، فتسرع للتوبة؛ لتخلص نفسك، ولا تدين غيرك، فتزيد خطية جديدة على خطاياك.

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) الابتعاد عن الشر (ع23-29):

23 كُلُّ هذَا امْتَحَنْتُهُ بِالْحِكْمَةِ. قُلْتُ: «أَكُونُ حَكِيمًا». أَمَّا هِيَ فَبَعِيدَةٌ عَنِّي. 24 بَعِيدٌ مَا كَانَ بَعِيدًا، وَالْعَمِيقُ الْعَمِيقُ مَنْ يَجِدُهُ؟ 25 دُرْتُ أَنَا وَقَلْبِي لأَعْلَمَ وَلأَبْحَثَ وَلأَطْلُبَ حِكْمَةً وَعَقْلًا، وَلأَعْرِفَ الشَّرَّ أَنَّهُ جَهَالَةٌ، وَالْحَمَاقَةَ أَنَّهَا جُنُونٌ. 26 فَوَجَدْتُ أَمَرَّ مِنَ الْمَوْتِ: الْمَرْأَةَ الَّتِي هِيَ شِبَاكٌ، وَقَلْبُهَا أَشْرَاكٌ، وَيَدَاهَا قُيُودٌ. الصَّالِحُ قُدَّامَ اللهِ يَنْجُو مِنْهَا. أَمَّا الْخَاطِئُ فَيُؤْخَذُ بِهَا. 27 اُنْظُرْ. هذَا وَجَدْتُهُ، قَالَ الْجَامِعَةُ: وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً لأَجِدَ النَّتِيجَةَ 28 الَّتِي لَمْ تَزَلْ نَفْسِي تَطْلُبُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا. رَجُلًا وَاحِدًا بَيْنَ أَلْفٍ وَجَدْتُ، أَمَّا امْرَأَةً فَبَيْنَ كُلِّ أُولئِكَ لَمْ أَجِدْ! 29 اُنْظُرْ. هذَا وَجَدْتُ فَقَطْ: أَنَّ اللهَ صَنَعَ الإِنْسَانَ مُسْتَقِيمًا، أَمَّا هُمْ فَطَلَبُوا اخْتِرَاعَاتٍ كَثِيرَةً.

 

ع23: "كل هذا امتحنته بالحكمة" : فحص سليمان كل الأشياء المحيطة به في العالم، أي امتحنها بدقة، فاكتشف ما يلي :

  1. إن كل الماديات التي على الأرض باطلة، وهذا ما أوضحه في كل الأصحاحات السابقة في هذا السفر.

  2. إن الشر هو سبب شقاء الإنسان، وهذا ما سيوضحه في الآيات التالية.

"قلت أكون حكيمًا": طلب سليمان من الله أن يهبه الحكمة (1 مل3: 9) فأعطاه حكمة لم يأخذها أحد قبله، أو بعده، وهذا ألهب قلبه بمحبة الحكمة، فظل يطلبها طوال حياته؛ ليصير حكيمًا، فهو مهتم أن يتعلم الحكمة كل يوم، ويتتلمذ على يديها.

"أما هي فبعيدة عنى": الحكمة ما زالت بعيدة عن سليمان، فهو يبحث عنها، ولكن لم يصل إلا إلى القليل منها، وكلما بحث، وتقدم في معرفتها يكتشف أن أمامه الكثير ليعرفه، وهو ما زال في البداية، فما يعرفه أقل بكثير مما لا يعرفه.

 

ع24: "بعيد ما كان بعيدًا": يواصل سليمان كلامه عن الحكمة، فيعلن أن الحكمة البعيدة عنه ما زالت بعيدة مهما تقدم في المعرفة. ولأن الحكمة هي الله، فلا يمكن أن يعرف عن الله إلا القليل، مهما اهتم أن يعرفه.

"العمق العميق من يجده": يتحدث هنا أيضًا عن الله، الذي لا يستطيع أحد أن يصل إلى أعماقه، فمهما تقدم الإنسان في معرفة الله، ومعرفة حكمته، فلا يستطيع أن يصل إلا إلى القليل، الذي يحتمله الإنسان.

 

ع25: "درت أنا وقلبى": انشغل سليمان بالشهوات التي حوله في محبة النساء، واقتناء الذهب والفضة، وكل ما في العالم، وانشغل بهذا سنينًا كثيرة بعقله وبقلبه، أي بكل مشاعره.

كان هدف سليمان من انغماسه في الشهوات أن يعلم ويعرف الحكمة، فاكتشف أن الشر والشهوات الردية هي الجهل، والابتعاد عن الله، وأيضًا أن الحماقة هي جنون، إذ أن الشهوات تخرج الإنسان عن عقله المتزن، فيفعل ما لا يقتنع بفعله. وهكذا يخرب الإنسان نفسه بلا داعٍ إذا انغمس في شهواته، والأجدر به أن يبتعد عن الشر، فينجى نفسه من الجهل والحماقة. وهذا يتم بالتوبة والرجوع إلى الله. فاكتشاف أن الجهل سببه الشر، يدفع الإنسان للتوبة ليتخلص من الجهل، ويصير حكيمًا.

 

ع26: أشراك: جمع شرك أي فخ.

الخطية خطيرة جدًا يصفها سليمان بما يلي:

  1. أمر من الموت: فإن كان الموت أصعب شيء يواجهه الإنسان، ويحزن جدًا إذا مات أحد أحباؤه، فالخطية أكثر مرارة من الموت.

  2. شباك: وهي التي ينصبها الصياد بأشكال مختلفة؛ ليسقط فيها أية فريسة يريد اقتناصها.

  3. أشراك: وهي الفخاخ المخادعة التي يخفيها الصياد؛ ليسقط فيها كل من يريد أن يستولى عليه.

  4. يداها قيود: هذه هي المرأة الزانية التي هي أخطر من الموت، وهي شباك وفخاخ. ويصف يديها الناعمتين اللتين تقتنصان الرجال الخطاة بأنها قيود، إذ تمسك بهم، ولا يستطيعون أن يفلتوا من يديها؛ لأنهم بعيدون عن الله، فينغمسون في الخطية.

"الصالح قدام الله ينجو منها": الوحيد الذي يستطيع أن ينجو من الشهوة الردية، والزنا، هو الإنسان الصالح المتمسك بوصايا الله، فالله ينقذه من أجل اتضاعه، وإيمانه به.

"الخاطئ يؤخذ بها": أما الإنسان الخاطئ المنشغل بالشهوة الشريرة، فيؤخذ بها، أي يسقط في شباكها، ولا يستطيع التخلص منها؛ بجهله وابتعاده عن الله.

 

ع27، 28: أخذ سليمان الجامعة يفحص نفسه ليعرف خطاياه واحدة فواحدة، واستمر في بحثه، ولم يصل إلى النتيجة، وهي حصر كل خطاياه، فوجد نفسه غارقًا في شرور كثيرة. ولعله تزوج بنساء كثيرات وفحص علاقته بهن، فلم يجد الإخلاص الذي يتمناه.

وبفحصه الرجال المساعدين له، وجد معظمهم غير مخلص، فبالكاد يجد رجلًا واحدًا في الألف. أما النساء الشريرات المغرضات اللائى تزوج بهن، أو تعرف عليهن، فلم يجد واحدة منهن مخلصة. وليس المقصود هنا أن كل نساء العالم شريرات، بل فيهن من هي أفضل من الرجال في نقاوتها وإخلاصها، ولكنه يتكلم عن النساء الشريرات اللاتي أحطن به. فهو هنا يحذرنا من النساء الشريرات اللاتي تكلم عنهن في سفر الأمثال اللاتي يغوين الرجال ليبتعد الإنسان عنهن (أم2: 16؛ 5: 3).

 

ع29: لئلا يظن أحد من الآيتين السابقتين أن العالم كله شرير، والله خلقه في الشر، يعلن سليمان في نهاية الأصحاح أن الله خلق الإنسان مستقيمًا ويميل أيضًا للحياة المستقيمة، سواء كانوا رجالًا أو نساءً.

أما الشر فهو من صنع الإنسان، فترك الناس الحياة المستقيمة التي خلقهم الله؛ ليحيوا فيها، وزاغوا عنه، وعملوا الشرور التي أحبوها (مز14: 1-3).

إن كانت فخاخ الشياطين كثيرة لإسقاط الكل، فاحترس منها بأن تتمسك بوصايا الله، ولا تختلط بالأشرار، بل ابعد عنهم، مهما كانت عشرتهم فيها فوائد مادية؛ فتحفظ نفسك، وتسير في طريق الملكوت.

St-Takla.org                     Divider

← تفاسير أصحاحات جامعة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/ecclesiastes/chapter-07.html

تقصير الرابط:
tak.la/qwyg2kz