St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

72- كيف يمكن أن يستقي "متى" مادة إنجيله من "مرقس"، مع أن متى من التلاميذ الاثني عشر، عاش مع المسيح نحو ثلاث سنوات، بينما لم يرَ مرقس المسيح، ولم يتبعه إذ كان طفلًا في العاشرة من عمره؟ بل كيف نعتمد على كتابات مرقس ولوقا وهما ليسا من الاثني عشر، ولم يبصرا المسيح في حياتهما؟

 

س72 : كيف يمكن أن يستقي "متى" مادة إنجيله من "مرقس"، مع أن متى من التلاميذ الاثنى عشر، عاش مع المسيح نحو ثلاث سنوات، بينما لم يرَ مرقس المسيح، ولم يتبعه إذ كان طفلًا في العاشرة من عمره؟ بل كيف نعتمد على كتابات مرقس ولوقا وهما ليسا من الاثنى عشر، ولم يبصرا المسيح في حياتهما؟

 يقول "أحمد ديدات": " ألاَّ يتساءلون: كيف يقوم شاهد عيان (مثل متى) وهو أحد حواريي عيسى بسرقة معلومات رآها بعينه - كما يدَّعون - من كتابة مرقس الذي كان لا يزال في العاشرة من عمره حين كان عيسى يدعو بني إسرائيل؟. إن الحواري متى لم يفعل هذه الحماقات، فهذه أكاذيب ألصقها به أشخاص مجهولون مدَّعين أنه هو الذي كتبها"(522).

 وجاء في "موقع ابن مريم" : "والسؤال الآن إذا كان متى هو شاهد العيان الحواري الذي عاصر المسيح لماذا ينقل من مرقس حوالي 90% من إنجيله مع أن مرقس ليس شاهد عيان!! بل هو جاهل بأحوال اليهود وأرض فلسطين".

 ويقول "موريس بوكاي": "ويتفق الجميع على الاعتقاد بأن متى كتب إنجيله اعتمادًا على مصادر مشتركة بينه وبين مرقس ولوقا. ولكن روايته تختلف... قد استخدم متى بشكل واسع إنجيل مرقس الذي لم يكن أحد حواريي المسيح (أ. كولمان)"(523).

 ويقول "حفيظ أسليماني" تعليقًا على ما جاء في (لو1 : 1 - 14): " النص يبرز بما لا مجال للشك فيه أنه ليس من وحي الروح القدس، يضيف محمد شلبي: فهذا النص يتضمن اعترافًا من لوقا بأنه لم يكن شاهدًا ولا معاينًا لعيسى إنما تسلَّم هذه الأمور من جماعة آخرين كانوا معاينين ومشاهدين للمسيح عليه السلام (الإنجيل ودراسة تحليلية ص 61 - 62).

 فلوقا إذًا بعيد كل البعد عن شيء اسمه وحي الروح القدس وهذه بشهادة مصادر ومراجع  مسيحية.

 وهناك قضية ذات أهمية وهيَ المتعلقة بالمصدر الذي اعتمد عليه لوقا في كتابة إنجيله، وفي هذا يقول "ول ديورانت": لوقا يقتبس كثيرًا من كتابات مرقس كما يقتبس منها متى، فأنك لتجد في إنجيل متى ستمائة آية من الستمائة والإحدى والستين (الحقيقة 678) التي يشتمل عليها النص المعتمد لإنجيل مرقس. وتجد منها ثلثمائة وخمسين في إنجيل لوقا تكاد أن تكون هيَ بنصها. وفي إنجيل متى كثير من الفقرات التي توجد في لوقا ولا توجد في إنجيل مرقس، وهنا تكاد تكون هيَ بنصها، ويبدو أن لوقا أخذ هذه عن متى، أو أن لوقا ومتى أخذاها من أصل مشترك، لم نعثر عليه بعد" (قصة الحضارة جـ 11 ص 209).

 في هذا النص نجد كل من متى ولوقا يقتبسا من مرقس، وهذا الأخير كما سبق الحديث هو إنسان مجهول، فكيف يتم النقل من مجهول؟ وأين هو الوحي" (524).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج : 1ـــ لم يكـن عُمر مرقس الرسول وقت كرازة السيد المسيح وصلبه وقيامته عشر سنوات:

أ - نعم لم يكن الرسول الإنجيلي مرقس من الاثنى عشر، ولكنه كان من السبعين رسولًا " وَبَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ الرَّبُّ سَبْعِينَ آخَرِينَ أَيْضًا وَأَرْسَلَهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ حَيْثُ كَانَ هُوَ مُزْمِعًا أَنْ يَأْتِيَ" (لو 10 : 1) وأكد هذا العلامة أوريجانوس والقديس أبيفانيوس أسقف قبرص في كتابه ضد الهرطقات (51 : 5)، والأنبا ساويرس أسقف الأشمونين في القرن العاشر، كما قال "ابن الصليبي" أسقف آمد سنة 1149م أن مرقس الرسول: "من جوقة الأثنين والسبعين"(525).

ب - كانت أم مرقس من النسوة اللواتي خدمن يسوع وتلاميذه، وفتحت بيتها له، فكيف يقول بعض النقّاد أن مرقس لم يرى السيد المسيح..؟! ففي بيت مارمرقس كان يجتمع الرب يسوع مع تلاميذه، وفيها أكل الفصح وقدم سر الإفخارستيا، وبينما يقول لوقا (الذي لم يحضر الحدث): " وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ اتَّكَأَ وَالاثْنَا عَشَرَ رَسُولًا مَعَهُ" (لو 22 : 14)، بينما يتحدث مارمرقس كشاهد عيان فيقول: " وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ" (مر 14 : 17).

St-Takla.org Image: St. Mark’s icon, US Parish. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس مرقس الإنجيلي، من أحد إيبارشيات أمريكا.

St-Takla.org Image: St. Mark’s icon, US Parish.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس مرقس الإنجيلي، من أحد إيبارشيات أمريكا.

ج - مارمرقس هو الشاب الذي كان في بستان جثسيماني ليلة آلام الرب، وقال عن نفسه: " وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ. فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا" (مر 14 : 51).

د - في بيت مارمرقس احتمى التلاميذ بعد صلب معلمهم، وكانوا في خوف ورعبة لئلا يلحقهم مصير معلمهم، وفي يوم الأحد فوجئوا بظهور السيد المسيح لهم: " وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ لَهُمْ سَلاَمٌ لَكُمْ" (يو20 : 19).

هـ- صار بيت مرقس الرسول مكانًا لاجتماع المؤمنين بعد حلول الروح القدس عليهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. حتى أن الملاك عندما أنقذ بطرس من السجن توجه بطرس إلى هذا البيت: " ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ" (أع 12 : 12).

وجاء في "دائرة المعارف البريطانية" أن بيت مارمرقس كان مركزًا للحياة المسيحية في أورشليم، وقال "الكاردينال بارونيوس" وهو من علماء الكاثوليك في القرن السادس عشر أن بيت مارمرقس: " كان محط رجال المسيح وتلاميذه، ففيه أكل الفصح معهم، وفيه اختفوا بعد موته، وفي علية منه حلَّ عليهم الروح القدس. وقد كان هذا البيت أول كنيسة مسيحية"(526).

و - خرج مرقس الرسول مع خاله برنابا وبولس الرسول في الرحلة التبشيرية الأولى: " وَلَمَّا صَارَا فِي سَلاَمِيسَ نَادَيَا بِكَلِمَةِ اللهِ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ. وَكَـانَ مَعَهُمَا يُوحَنَّا خَادِمًا" (أع 13 : 5).

ز - ذهب مارمرقس مع برنابا للكرازة في قبرص وطن برنابا: "وَبَرْنَابَا أَخَذَ مَرْقُسَ وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ" (أع 15 : 39).

ح - طلب بولس الرسول مرقس لأنه كان يحتاج له في الخدمة، فكتب لتلميذه تيموثاوس: " خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ" (2تي 4 : 11)، وقد أوصى به أهل كولوسي: " يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا. إِنْ أَتَى إِلَيْكُمْ فَاقْبَلُوه" (كو4 : 10)، وقال لفليمون: " يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَبَفْرَاسُ الْمَأْسُورُ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. وَمَرْقُسُ وَأَرِسْتَرْخُسُ وَدِيمَاسُ وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي" (فل 23، 24).

ط - خدم مرقس الرسول في أماكن عديدة في مصر والخمس مدن الغربية وقبرص وروما والبندقية وكولوسي وجبيل في لبنان... وخرج للخدمة مع بطرس الرسول الذي كان ذو قرابة لأمه، حتى أن بطرس الرسول يدعوه بابنه: " تُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّتِي فِي بَابِلَ الْمُخْتَارَةُ مَعَكُمْ وَمَرْقُسُ ابْنِي" (1بط 5 : 13)، وقال "الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين": " بعد صعود المسيح صحب مرقس بطرس وبشرا الجموع في أورشليم، وذهبا إلى بيت عنيا وبشرا بكلام الرب".

إذًا مرقس الرسول والإنجيلي كان شاهد عيان، ولهذا تُلقّبه كنيستنا القبطية بناظر الإله، ويقول العالِم " ترنر" أن إنجيل القديس مرقس يعتبر سرًا فريدًا من نوعه، مُسجَّلًا لنا بلا مواربة، ممّن هو صاحب خبرة عينية كشاهد ورفيق مُخلص للمسيح على مدى خدمته بطولها.

 

2ــ لم يكن لوقا من التلاميذ الاثنى عشر، لكنه كان مؤرخًا مدققًا أمينًا، مرافق بولس الرسول في رحلاته وتجوالاته، قال عنه بولس الرسول لأهل كولوسي: " يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ" (كو 4 : 14) وقال عنه لتلميذه تيموثاوس: " لوقَا وَحْدَهُ مَعِي" (2تي4 : 11) وذكره بولس الرسول لفليمون ضمن القلائل العاملين معه (فل 24)، وهو كاتب سفر الأعمال، وعندما أمضى بولس في سجن قيصرية سنتين، كانت الفرصة مؤاتيه للوقا لتقصي الحقائق من كنيسة أورشليم وبالأخص من الآباء الرسل والعذراء مريم، حتى استطاع أن يجمع المعلومات التي تعينه في كتابة إنجيله.

 

3ـــ رفضت الكنيسة عشرات الأناجيل أبوكريفا، رغم أن بعضها نُسب للآبـاء الرسل (كذبًا) مثل أناجيل بطرس، وتوما، ويعقوب، والاثنى عشر... إلخ، بينما قبلت إنجيلي مرقس ولوقا وهما ليسا من الاثنى عشر تلميذًا، وهذا يبين حيدة ونزاهة الكنيسة في حكمها بقانونية الأسفار المقدَّسة. كما يكشف عن مدى دقة الفحص والتمحيص الذي جرى على الأناجيل لتحديد القانوني منها، ولم تقبل الكنيسة سوى هذه الأناجيل الأربعة بعد أن تأكدت تمام التأكد من قانونيتها وأنها مُوحَى بها من الله، وفوق أي شبهة كانت. لقد عملت الكنيسة بالمبدأ القائل " إذا خامرك الشك في سفر ما فالقه جانبًا".. فهل بعد هذا يأتي مَن يطعن في إنجيلي مرقس ولوقا؟!

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(522) هل الكتاب المقدَّس كلمة الله؟ ص 42.

(523) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل ص 81، 82.

(524) الأناجيل الأربعة دراسة نقدية ص 86.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/72.html

تقصير الرابط:
tak.la/mfmkb8c