St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   divinity-of-christ
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول ألوهية المسيح - أ. حلمي القمص يعقوب

76- الله في تجسده اهتم بجدته بالجسد حنة، وأمه مريم... هل يمكن توضيح ذلك من خلال القرآن؟

 

س 47: الله في تجسده اهتم بجدته بالجسد حنة، وأمه مريم... هل يمكن توضيح ذلك من خلال القرآن؟

 

ج: في تجسد الله وولادته العجيبة نلاحظ الآتي:

1- اهتمام الله بحنة جدة المسيح: أظهر القرآن اهتمام الله بالعذراء مريم لكي يعدُّها للرسالة العظيمة التي ستقوم بها... بل إن الله اهتم بحنة أم مريم، فقد نذرت حنة ما في بطنها لخدمة البيت المقدَّس " إذ قالت امرأة عمران ربّ إني نذرت لك ما في بطني مُحرّرًا فتقبَّل مني إنك أنت السميع العليم" (آل عمران 35) {ملاحظة: مريم العذراء ابنة يواقيم. أما مريم أخت موسى وهرون فهي ابنة عمرام " وأخذ عمْرام يوكابد عمته زوجة له. فولدت له هرون وموسى" (خر 6: 20)} وكانت حنة ترجو أن يرزقها الله ذكرًا ليقوم بالخدمة في الهيكل ولكنها ولدت أنثى، فحزنت وتحسَّرت، ولكن الله طمأنها وبشرها بالمكانة العظيمة التي ستتبوأها القديسة الطاهرة مريم. ويقول الشيخ محمد متولي الشعراوي تحت عنوان "مريم في خدمة العقيدة" حينما تحسَّرت حنة امرأة عمران على ولادتها للأنثى جاء في السياق قوله تعالى {وليس الذكر كالأنثى} (آل عمران 36).. وهذه الجملة تحتمل أمرين:

St-Takla.org Image: The birth of Saint Mary from Saint Joachim and Saint Anna صورة في موقع الأنبا تكلا: ميلاد القديسة مريم العذراء من القديس يواقيم و القديسة حنة

St-Takla.org Image: The birth of Saint Mary from Saint Joachim and Saint Anna

صورة في موقع الأنبا تكلا: ميلاد القديسة مريم العذراء من القديس يواقيم و القديسة حنة

أولهما: أن تكون من تمام كلامها حين قالت {ربّ إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى} أي إن الذكر وحده هو الذي يصلح أن يكون منذورًا لخدمة البيت.

ثانيهما: أن تكون من كلام الله عزَّ وجل، فهو يقول لها: ليس الذكر الذي كنت تريدينه مثل هذه الأنثى. بل إن لهذه الأنثى شأنًا عظيمًا أعظم من شأن الذكور. ونرى إن هذا المعنى أنسب بالسياق...

يقول الله عزل وجل لها: أنت تريدين ذكرًا بمفهومك في الوفاء بالنذر وليكون في خدمة البيت، وأنا وهبت الأنثى، لكني سأعطي بها آية أكبر من خدمة البيت. سأخدم بها العقائد، لن أخدم بها رقعة تقام فيها الشعائر بل سأخدم بها العقائد حتى تقوم الساعة، لأني سأعطي بها آية ليست موجودة في غيرها. آية طلاقة القدرة الإلهية" (62).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2- اهتمام الله بمريم في طفولتها: بعد ولادة مريم تعهدها الله بالرعاية والتربية، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ويقول الشيخ محمد متولي الشعراوي تحت عنوان مريم تحت التربية الربانية " لقد تقبَّلها ربها بقبول حسن والقبول الحسن هو أخذ الشيء برضا، والحسن شيء فوق الرضا ستلمحه في تربية مريم العذراء. هو ليس قبولًا عاديًا، ولكنه قبول حسن ولهذا قال تعالى {وأنبتها نباتًا حسنًا وكفلها زكريَّا} (آل عمران 37).

فالإنبات الحسن يحمل ملاحظتين في حياة مريم:

أولهما: أنها كانت تحت التربية الربانية منذ بدايتها الأولى في بطن أمها كما يرعى الفلاح نباته بالعناية والنماء.

ثانيهما: إن إجابة الله لامرأة عمران دليل على إخلاصها لأن الله اختص مريم بالتربية التي هي من خصائص الربوبية من الإنبات الحسن وكفالة زكريَّا لها" (63).

ويقول أيضًا الشيخ الشعراوي تحت عنوان تربية فوقية " الله سبحانه وتعالى هو الذي تقبَّل مريم وهو الذي أنبتها نباتًا حسنًا وهو الذي كفلها زكريَّا، وذلك في قوله تعالى {فتقبَّلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتًا حسنًا وكفلها زكريَّا} وهذا دليل على إن أمر مريم من فوق" (64)

ويقول القرآن إن زكريَّا كلما كان يدخل الهيكل يجد عندها طعامًا فيسألها: من أين هذا؟ فتجيبه بأنه من عند الله " كلَّما دخل عليها زكريَّا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قال هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" (آل عمران 37) .

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- اصطفاء العذراء مريم: يذكر القرآن اختيار الله لمريم العذراء وتفضيله لها على نساء العالمين فيقول " وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين" (ال عمران 42) ويشرح هذا الموقف الشيخ محمد متولي الشعراوي قائلًا "هنا اصطفاءان: أصطفى الأولي لم يقل فيها أنه اصطفاها على أحد، والثانية قال فيها: أنه اصطفاها على نساء العالمين. وإذا قال الحق اصطفيت فلانًا ولم يقل أنه اصطفاه على أحد فلا مانع حينئذ من أن يصطفي معه غيره. اصطفاه واصطفى غيره كذلك في أي زمان ومكان. أما إذا قال: أنه اصطفى فلانًا على فلان فإن هذا الاصطفاء لا يشاركه فيه أحد أبدًا، وهنا اصطفى الله مريم ضمن اصطفاء آل عمران... واصطفاها وحدها على نساء العالمين، وهو الذي كان اصطفاءًا على نساء العالمين في أي زمان ومكان وذلك للمهمة التي لم تقم بها امرأة غيرها في العالم كله" (65).

وجاء في كتاب أوضح التفاسير لإبن الخطيب " يا مريم إن الله (إصطفاك) اختارك (وطهرك) من كل سوء، وقيل من مس الرجال، (واصطفاك على نساء العالمين) قيل عن سائر النساء، من بدء الخليقة حتى قيام الساعة... والضمير أميل إلى أنها أفضل نساء العالمين، من بدء الخليقة وحتى قيام الساعة. فإن ذكر الله تعالى لها بالتطهير، وتكرير الاصطفاء، وتبشيرها بأحد الأنبياء الوجهاء كل ذلك يدل على التفضيل المطلق" (66).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4 - حلول الروح القدس على العذراء وولادتها للمسيح: يذكر القرآن أن الملاك عندما بشر العذراء مريم بولادة المسيح تساءلت: كيف يكون لي هذا وأنا لم أعرف رجلًا؟ فأجابها الملاك بأن هذا آية من الله، ورحمة منه للعالم " قال آنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيًا. قال كذلك. قال ربك هو عليَّ هَيّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرًا مقضيًّا" (مريم 20، 21) ويشرح القرآن حلول الروح القدس على مريم العذراء وولادتها للمسيح فيقول " فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرًا سويًا" (مريم 16).. لقد حل الروح القدس على العذراء مريم فقدَّسها وطهرها ونقاها، فولدت السيد المسيح بدون زرع بشر إذًا ولادة السيد المسيح فوق مستوى الطبيعة لأنه هو فوق مستوى البشر، ويعلق الإمام البيضاوي على هذه المعجزة الفريدة فيقول " إن هذه المعجزة في ولادة المسيح تضعه في مرتبة مختلفة عن باقي البشر والرسل إذ إن ولادته كانت بدون أية غريزة أو رغبة بشرية" (البيضاوي ج 1: 17) (67).

وإن كان القرآن رفع وكرَّم مريم العذراء إلى هذه الدرجة، وجعل لها سورة باسمها في القرآن، وأظهر اصطفاءها على نساء العالم، فكل هذا ليس لذاتها ولكن مرد ذلك أنها ستلد السيد المسيح... قال القرآن " فناداها من تحتها ألاَّ تحزني قد جعل ربُّك تحتك سريّا. وهذي إليك بجزع النخلة تُسقِط عليك رطبًا جنيًّا" (مريم 24، 25).

وقد أعتبر القرآن أن مريم العذراء وابنها المسيح آية "وجعلنا ابن مريم وأمه آية" (المؤمنين 50). ابن مريم آية لأنه هو كلمة الله الظاهر في الجسد، وأمه آية لأنها الوحيدة التي ولدت ولادة معجزية فريدة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(62) مريم والمسيح - جمع وإعداد عبد القادر أحمد عطا ص 14.

(63) مريم والمسيح - جمع وإعداد عبد القادر أحمد عطا ص 12، 13 .

(64) المرجع السابق ص 17.

(65) مريم والمسيح - جمع وإعداد عبد القادر أحمد عطا ص 29، 30.

(66) أورده ثروت سعيد في كتابه حقيقة التجسد ص 148.

(67) أورده القمص بولس باسيلي في كتابه المسيح... من هو؟ ص 199.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/incarnation.html

تقصير الرابط:
tak.la/d7gvk3a