St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   1-AkhbarElYom
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات متفرقة لقداسة البابا شنودة الثالث - نشرت في جريدة أخبار اليوم يوم السبت الموافق 04-03-2006

العطاء: أهميته - نوعيته - قمته

 

إن حياة الإنسان تقاس أو تقيّم، بمقدار ما يقدّمه من عطاء. لذلك فكل يوم يمّر عليك، دون أن تعطى فيه شيئًا لغيرك، لا تحسب هذا اليوم من أيام حياتك...

ومن جهة العطاء، وضع سليمان الحكيم وصيتين ذهبيتين هما: "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يدك أن تفعله" "لا تقل لصاحبك اذهب وعُدْ غدًا فأعطيك، وموجود عندك" الواجب إذن أن تعطى، ولا تؤجل العطاء إلى غدٍ.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فإن أنعم الله عليك ببعض الخيرات، فلا تظن أنها كلها لك وحدك!

بل الله - فيما يعطيك - إنما يختبرك: هل أنت بدورك سوف تعطى أيضًا؟ أم سوف تملكك الأنانية فتستأثر بكل شيء لذاتك دون غيرك!!

إن العطاء هو خروج من محبة الذات إلى محبة (الآخر). والعطاء يحمل فضيلة البذل، وشيئًا من فضيلة التجرد، وبعدًا عن الجمع والتكويم.

St-Takla.org Image: Poverty in Ethiopia, from Saint Takla.org's visit to Ethiopia, 2008 صورة في موقع الأنبا تكلا: الفقر في الحبشة، من صور رحلة موقع  الأنبا تكلاهيمانوت للحبشة عام 2008

St-Takla.org Image: Poverty in Ethiopia, from Saint Takla.org's visit to Ethiopia, 2008 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008

صورة في موقع الأنبا تكلا: الفقر في الحبشة، من صور رحلة موقع  الأنبا تكلاهيمانوت للحبشة عام 2008 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008

والذي يتصف بالعطاء، يدل على أن المال ليس هو الذي يملُكه، بل هو الذي يملُك المال وينفقه في خير الآخرين.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

والعطاء على درجات كثيرة: أولها التدرب على العطاء، ثم النمو فيه.

+ تدرب أولًا على أن كل ما يصلك من خير، أعطِ منه للغير.

وثِق أن ما تعطيه منه، إنما يجعل البركة فيما تبقى، فيزداد... وأيضًا ما تحصل عليه من محبة ودعاء ممن أعطيتهم يكون أكثر بمراحل من العطية ذاتها. وتكسب بذلك أصدقاء يشفعون فيك أمام الله...

وهكذا يكون العطاء خيرًا للمُعطي، ولمن يتقبل العطية.

ومثال ذلك الأم التي تُعطي من لبنها لرضيعها: يسعد هذا الابن برضاعته، وتستريح الأم أيضًا وتسعد. وبنفس الوضع يسعد المُعطي حينما يرى فرح من يتقبل أيضًا عطاءه، فيفرح بفرحه. إن الشجرة تنتعش حينما يرويها الفلاح. كما ينتعش الفلاح بذلك ويفرح بانتعاش الشجرة...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويتقدم الإنسان في العطاء، فيصل إلى السخاء والكرم:

فيعطي بسخاء وليس بتقتير، ولا بحسابٍ دقيق! ليس فقط ما يكفى بالكاد حاجة غيره، وإنما بالأكثر ما يفيض.

ويُعطي ليس فقط ما يطلبه الناس، وإنما ما يحتاجون إليه حتى دون أن يطلبوا. كالأب الذي يعطى لابنه ما يحتاجه، ولا ينتظر حتى يطلب...

وهكذا الله -تبارك اسمه- يعطينا دون أن نطلب، وفوق ما نطلب...

وهو بهذا يقدم لنا درسًا في العطاء وكيف يكون. سواء كان ذلك بالنسبة إلى الأفراد، أو إلى المجتمع جملةً... إلى الذين يعرفون كيف يُعبّرون عن احتياجاتهم، والذين ليست لهم القدرة على ذلك أو الوسيلة...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويرتقي العطاء، فيصل إلى أن يُعطي الإنسان أفضل ما عنده:

ليس فقط الأشياء البالية أو المرفوضة منه. فليس في هذا احترام للذي يأخذ. إنما يُعطي الأشياء التي يتشرف بها الآخذ. وإن كان المثل يقول "إن الهدايا على قدر مُهديها"، فهل نقول أيضًا إن العطايا على قدر مُعطيها، مع احترام من تُعطىَ إليه...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Every morning people willingly came and gave their gifts to make the Tabernacle. They brought jewelry and objects made of gold, silver and bronze, ram’s skins, leather and acacia wood. (Exodus 35: 20-29) - "Moses and the Tabernacle" images set (Exodus 25 - 40): image (5) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فخرج كل جماعة بني إسرائيل من قدام موسى، ثم جاء كل من أنهضه قلبه، وكل من سمحته روحه. جاءوا بتقدمة الرب لعمل خيمة الاجتماع ولكل خدمتها وللثياب المقدسة. وجاء الرجال مع النساء، كل سموح القلب، جاء بخزائم وأقراط وخواتم وقلائد، كل متاع من الذهب. وكل من قدم تقدمة ذهب للرب. وكل من وجد عنده أسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص وشعر معزى وجلود كباش محمرة وجلود تخس، جاء بها. كل من قدم تقدمة فضة ونحاس جاء بتقدمة الرب. وكل من وجد عنده خشب سنط لصنعة ما من العمل جاء به. وكل النساء الحكيمات القلب غزلن بأيديهن وجئن من الغزل بالأسمانجوني والأرجوان والقرمز والبوص. وكل النساء اللواتي أنهضتهن قلوبهن بالحكمة غزلن شعر المعزى. والرؤساء جاءوا بحجارة الجزع وحجارة الترصيع للرداء والصدرة، وبالطيب والزيت للضوء ولدهن المسحة وللبخور العطر. بنو إسرائيل، جميع الرجال والنساء الذين سمحتهم قلوبهم أن يأتوا بشيء لكل العمل الذي أمر الرب أن يصنع على يد موسى، جاءوا به تبرعا إلى الرب" (الخروج 35: 20-29) - مجموعة "موسى وخيمة الاجتماع" (الخروج 25 - 40) - صورة (5) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Every morning people willingly came and gave their gifts to make the Tabernacle. They brought jewelry and objects made of gold, silver and bronze, ram’s skins, leather and acacia wood. (Exodus 35: 20-29) - "Moses and the Tabernacle" images set (Exodus 25 - 40): image (5) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فخرج كل جماعة بني إسرائيل من قدام موسى، ثم جاء كل من أنهضه قلبه، وكل من سمحته روحه. جاءوا بتقدمة الرب لعمل خيمة الاجتماع ولكل خدمتها وللثياب المقدسة. وجاء الرجال مع النساء، كل سموح القلب، جاء بخزائم وأقراط وخواتم وقلائد، كل متاع من الذهب. وكل من قدم تقدمة ذهب للرب. وكل من وجد عنده أسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص وشعر معزى وجلود كباش محمرة وجلود تخس، جاء بها. كل من قدم تقدمة فضة ونحاس جاء بتقدمة الرب. وكل من وجد عنده خشب سنط لصنعة ما من العمل جاء به. وكل النساء الحكيمات القلب غزلن بأيديهن وجئن من الغزل بالأسمانجوني والأرجوان والقرمز والبوص. وكل النساء اللواتي أنهضتهن قلوبهن بالحكمة غزلن شعر المعزى. والرؤساء جاءوا بحجارة الجزع وحجارة الترصيع للرداء والصدرة، وبالطيب والزيت للضوء ولدهن المسحة وللبخور العطر. بنو إسرائيل، جميع الرجال والنساء الذين سمحتهم قلوبهم أن يأتوا بشيء لكل العمل الذي أمر الرب أن يصنع على يد موسى، جاءوا به تبرعا إلى الرب" (الخروج 35: 20-29) - مجموعة "موسى وخيمة الاجتماع" (الخروج 25 - 40) - صورة (5) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ومن النبل أيضًا: العطاء من العوز، أي تُعطي ما أنت محتاج إليه!

وهنا ننبّه إلى أن فضيلة العطاء، ليست هي فقط للأغنياء القادرين الذين يفيض المال عنهم. إنما يقوم بها أيضًا أهل الخير الذين يدفعون من أعوازهم، وبهذا يُفضّلون غيرهم على أنفسهم. ولا شك أن هؤلاء الذين يعطون رغم عوزهم، يكونون عند الله أكثر أجرًا، كما يكونون عند الناس أكثر تقديرًا...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

والعطاء الحقيقي هو العطاء بفرح:

فلا يُعطي الإنسان نتيجة ضغط واضطرار، أو وهو ساخط ومتذمر، أو خوفًا من انتقاد الناس!! فمن يفعل ذلك، إنما يُعطي من جيبه، وليس من قلبه، ولا ينال من الله أجرًا على ما يُعطيه...

أما الذي يُعطي عن حب وإشفاق، ويفرح للخير الذي يقدمه لغيره بعطائه، فهذا هو المقبول أمام الله والناس... 

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قديمًا كان الناس يعطون ما يسمى بالبكور:

أي أوائل الأشياء. فيُعطي الشخص أول نتاج زرعه أو غنمه. كما يُعطي أول ثمار شجره. وهكذا يبارك الله كل ما له في حقله.

على أن الأمر الآن لم يعد قاصرًا على المجال الزراعي، بل امتد إلى الوظائف والحرف. وأصبحت فضيلة البكور لها اتجاه آخر:

فيُمكن للموظف أن يقدّم أول مرتب له وأول علاوة له لعمل الخير. والمدرّس بالإضافة إلى المرتب يقدم ما يأخذه من أول درس خصوصي، وكذلك المحامي من أول أجر على قضية، والطبيب كذلك يدفع لأوجه الخير ما يصل إليه من أول كشف وأول عملية.. وهكذا الباقون...

وبهذا يبارك الله دخل كل هؤلاء، لأن أول إيراد لهم لم يكن لأنفسهم، بل كان عطاءً منهم لغيرهم...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ومن صفات العطاء أن يكون بمدامة:

لأن هناك من يدفع مرة أو مرتين، ثم يسأم ويملّ، ويرفض إذا طُلبَ منه أكثر... أما القلب الواسع فهو لا يملّ من طلبات المحتاجين، بل يُعطيهم مهما طلبوا، برضىّ مقدرًا لإعوازهم...

كذلك لا يكون العطاء بكل تحقيق وتدقيق:

ولا بإهانة الطالبين، ووصفهم بالكذب (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) والاحتيال. فإن كان البعض يطلب عن غير استحقاق، فليس الكل كذلك. ونحن في عصر، غالبية الناس فيه محتاجون: ليس فقط الذين يُقاسون من البطالة، بل أيضًا أصحاب الدخل المحدود، مهما كانت مرتباتهم. وبخاصة إن وقع أحدهم في مشكلة مالية، تتعلق بمرض أو عملية جراحية، أو تكاليف زواج ابنه، أو احتياج إلى سكن، وما إلى ذلك...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هناك نوع آخر من العطاء هو العطاء المعنوي، غير المادي:

كمن يُعطي كلمة عزاء لإنسان حزين، أو يُعطي كلمة تشجيع لمن هو يائس أو واقع في صغر النفس، أو يُعطي عبارة حنان لطفل يتيم، أو كلمة منفعة لمن يحتاج إليها، ومثل ذلك من الأمور...

كذلك يوصف بالعطاء من قدموا للناس فكرًا نافعًا، أو فنًا مفيدًا، أو علمًا وكان له تأثيره في راحة الناس أو في علاجهم أو في تعمير الأرض. ولا أقصد العلم أو الفن الذي أسئ استخدامه. كل أولئك كان في حياتهم عنصر العطاء، كل في تخصصه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

على أن قمة العطاء تتمثل في من يُعطي نفسه لأجل غيره:

أي أنه يفدي غيره بذاته... مثال ذلك من يفدي وطنه بحياته، أو يبذل حياته من أجل دينه أو من أجل مبدأ من المبادئ السامية، أو من يقدم حياته لإنقاذ غريق، أو إنقاذ أسرة من الحريق. ولا يوجد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه عن أحبائه...

إن الإنسان يبذل نفسه لأجل غيره، يذكّرنا بالشمعة التي تذوب لكي تنير للآخرين، ويذكّرنا أيضًا بحبة البخور التي تحترق تمامًا لكي تُعطي بخوراَ عطراَ للغير... إنها أمثلة واضحة لبذل الذات كاملة..

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بقى سؤال هام، وهو: ماذا عن الذين يريدون أن يعطوا وليس لهم؟

إنه عطاء بالنية، والله هو فاحص القلوب، والعارف بقدرة كل شخص أو عدم قدرته. ونحن نُصلّي من أجلهم في الكنيسة ونقول: "أذكر يا رب الذين يريدون أن يقدموا لك وليس لهم. عوّضهم عِوض الفانيات بالباقيات".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/1-AkhbarElYom/CopticPope-Articles-067-Giving.html

تقصير الرابط:
tak.la/c94n8pd