St-Takla.org  >   books  >   youssef-habib  >   sts-petronius-horsiesius
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديسان بترونيوس وأورسيسيوس (وغيرهما من تلاميذ القديس أنبا باخوم) وعن جهادهم وأقوالهم المأثورة - المقدس يوسف حبيب

11- التجرد

 

ويقول أيضًا: "انى اسحلفكم أن تثبتوا باستمرار في القرار الذي اتخذتموه بدخولكم الحياة الرهبانية. انظروا إلى أوامر أبينا كأنها سلم سرى يرفع إلى السماء. لا تشتهوا مزيدًا بعد أن وطأته أقدامكم. اكتفوا بالضروري في احتياجات الحياة، ولا تبحثوا عن الأمور الزائدة. قميصان بدون أكمام، ورداء صغير من الكتان، وغطاء للرأس، وحزام، وفروة جلد، وعصا للذين يشغلون الوظائف الخارجية، تكفي، ولزم أيضًا أن تحذركم من أن ترغبوا في اقتناء أي شيء من هذه بصفة خاصة: فأنه في ذلك يكون ذنبًا كبيرًا".

ان الرهبان الصالحين الذين يخضعون باتضاع ونسك تحت نير الفقر الرهباني، ذلك الفقر المطوَّب الذي يغنيهم بتجريدهم بصفة مؤقتة، أقول أن هؤلاء الرهبان الصالحين، عندما يتركون جسدهم الفانى، سوف يسعدون بمشاركة البطاركة والأنبياء والرسل، وسوف يستريحون مثل لعازر في حضن ابراهيم، أما الذين يحترثون داخل الأديرة على امتلاك ما يجب أن يكون استعماله مشتركًا مع أخوتهم، فسوف يقال لهم عند خروجهم من هذا العالم، كما قيل للغني الشرير في الانجيل، انهم امتلكوا الخيرات في هذه الحياة، بينما كان اخوتهم يعيشون في العمل والصوم والنسك والتجرَّد، وأنه من العدل أن يتمتع هؤلاء بنعيم الأديرة، طالما انهم رفضوا راحة العالم لكي يربحوه، أما هم الذين لم يريدوا إطاعة الإنجيل، فإنهم لا يستحقون سوى العذابات وبؤس الجحيم الفظيع.

إن القديس أورسيسيوس يُبَيِّن بذلك كم كان اهتمامه بممارسة الفقر الرهباني. انه يؤكد على ذلك أكثر مما يؤكد على أية نقطة أخرى. أنه يوصى بألا يحتفظ أحد بأي شيء غير نافع، بل بما يكون مسموحًا به فقط حسب القوانين الديرية، وهو ما يعدَّ من الضرورى وحده. يقول أنه إذا كان أحد يمتلك بعض الأثاث ويحتفظ به لديه، أو يعطيه لأخ آخر، فإن الاثنين يكونان مذنبيين، ويجب الا َّ يعتبروا من عداد الاخوة، بل بالحري كأجراء، وغرباء، مغيرين هادمين للنظام الرهباني.

St-Takla.org Image: Modern Coptic icon of St. Pachom, Pachomius, Pachome, Pakhom of Egypt (Saint Bakhomious Ab El Shareka), founder of Christian cenobitic monasticism صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة - أنبا باخوم

St-Takla.org Image: Modern Coptic icon of St. Pachom, Pachomius, Pachome, Pakhom of Egypt (Saint Bakhomious Ab El Shareka), founder of Christian cenobitic monasticism

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة - أنبا باخوم

ويضيف أنه إذا حضر أحد من العالم لكي يدخل في النظام الديرى، ويريد أن يحتفظ لنفسه بشيء ما مما كان يمتلكه في العالم، وألا يتجرد منه إلا بالموت، حتى لصالح الإخوة، فذلك غير سليم الرأي. بل هو إنسان مخدوع من الشيطان، وتكون رغبته أن يصير راهبًا ضربًا من التهور، طالما أنه يريد أن يحتفظ لنفسه بذلك الشيء في نفس الوقت. يقول:

"لذلك فلنرفض العالم لكي نتبع كأناس كاملين يسوع المسيح مثال الكمال والذين يتركون أنفسهم تحت سيطرة البخل، ينظرون إلى فقر يسوع المسيح كحمل، ولكنهم في ذلك لا يتبعون سوى طمع الفريسيين البخلاء المكروه، الذين كانوا يستهزئون بيسوع المسيح عندما كان يكلمهم عن التجرد من أموال العالم.

إن الرهبان لا ينقصهم شيء مما تسمح القوانين باستعماله بفضل عناية الرؤساء، لذلك يجب الا يقبلوا شيئًا ما من ذويهم، أو من أصدقائهم، ولا حتى قميص أو رداء صغير. وإذا حدث أن احتاج أحدهم إلى أي شيء بحسب القانون، فإن الربيتة أو الرئيس يكون المسئول. يلزم أن يعاقب".

هذا أهم ما ورد في بحث القديس أورسيسيوس في النسك. أما الباقي فهو حث على المحبة والتقشف والافتداء بالآباء القديسين والمحافظة على قوانين القديس أنبا باخوم الذي يذكر سلطته كثيرًا.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

ومع أنه يوصى كثيرًا بالمحبة والوحدة، فإنه لا يرغب في تلك الصداقات البشرية والطبيعية، التي تتنافى مع الصداقة المشتركة وتكون امتيازات خاصة. وبصفة خاصة، عندما يقوم أحد الرؤساء بتأنيب أحد الرهبان، فان القديس يمنع أي أحد من الاخوة الآخرون من الاقدام على الدفاع عنه بحجة الصداقة أو المحبة، فيترافع عنه ضد رئيس الدير. يقول:

"لأنه يقال قام من سقطته وأنت تقبله على الأرض ليرجع عن تيهانه وأنت في الواقع تضله. الويل لك يا من تجعل الأعمى يحيد عن طريقه. أنك توحي التشبث بالغرور لذلك الذي يكون قد خضع، وتملأ قلبه مراره، بينما يكون قد ذاق حلاوة المحبة: أنك تفسده بينما يكون قد خضع للنظام، وتثير حفيظته ضد من لا يبغى سوى تعليمه بحسب روح الله".

وأخيرًا ينهى القديس أورسيسيوس بحثه بهذه الكلمات المؤثرة جداَ النافعة للتعليم والتي تبين أنه كان قريبًا من نهاية طريقه عندما خاطب رهبانه بها:

"أحدثكم أيضًا بثقة، يا أولادي الأحباء. منذ أن أراد الرب أن أتحمل قيادتكم، لن أفتر عن أن أسدى النصح إلى كل واحد على انفراد. وأن أحثكم بالدموع أن تجعلوا أنفسكم مرضيين لله. أنني لا ألوم نفسي أني أخفيت شيئًا ما مما كنت أعتقد أنه يكون نافعًا لخلاص نفوسكم. والآن استودعكم الرب، وأتمنى أن تقويكم نعمته وتجعلكم تصلون إلى الميراث السمائي. كونوا متيقظين، اعملوا بحماس، لا يغرب عن نظركم أبدًا الهدف الذي جعلتموه نصب أعينكم، وكملوا بأمانة التعهدات التي تهعدتم بها.

أما أنا فأني أشعر أني ذاهب وأن وقت انحلالي قد قرب.

"لقد جاهدت جزئيًا جهادًا حسنًا، أكملت سعى، حفظت الإيمان، ولا يبقى لي سوى أن آخذ إكليل البر الذي أعده لي الله كديان عادل، في ذلك اليوم، كما أيضًا لكل الذين أحبوا البر وحفظوا وصايا أبيهم. وانى أنهى حديثى بهذه الكلمات التي تتضمن كل ما يمكننى أن أقوله لكم: خافوا الرب، احفظوا وصاياه، لأنه في حكمة سوف بفحص كل أعمال الإنسان، سواء أكانت صالحة أم شريرة".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/youssef-habib/sts-petronius-horsiesius/detachment.html

تقصير الرابط:
tak.la/47whg6g