St-Takla.org  >   books  >   youssef-habib  >   seven-deacon-ranks
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب سبع الرتب الكنسية للشماسية - المقدس يوسف حبيب

8- الفصل السابع: نماذج من الشمامسة القديسين والعلماء

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

الشماس تاويسطس
الشماس ميخائيل بدير الدمنهوري
الشماس يحنس
الشماس بقيره الرشيدي
الشماس بطرس أبو شاكر بن الراهب
إنذار القديس أثناسيوس الرسولي للخدام المستهترين

إن التاريخ مليء بالقصص الفياضة عن شمامسة تمكنوا من الوعظ والتعليم الصحيح، وقديمًا إختار الرسل سبعة شمامسة وهؤلاء فضلًا عن خدمة الفقراء جالوا مبشرين بالكلمة واستشهد في سبيل ذلك أولهم القديس إسطفانوس.

وبشر الشماس فيلبس أحد التلاميذ السبعين في مدينة السامرة (عيده في 14 بابه) كما بشر القديس تيمون أحد الشمامسة السبعة في مدينة بصرى ببلاد العرب. وهكذا نمت كلمة الرب وازدادت بفعل قوة الروح القدس في هؤلاء الشمامسة القديسين.

ونأتي هنا ببعض المُثل العليا من شمامسة القرون الأولى البطاركة الملهمون شديدى الإهتمام برسامة الأكفاء وصحَّ ما توقعوه منهم بما كانوا يعملون ومن إمتلائهم بالروح القدس وكل حكمة وعلم.

 

فهذا هو البابا بطرس خاتم الشهداء كان تلميذًا للبابا ثيؤناس البطريرك السادس عشر، وتربى تربية صحيحة في المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية ورسمه البطريرك شماسًا لعلمه وعفافه وملازمة خدمة الكنيسة ليلًا ونهارًا.

 

وإذا نظرنا إلى تاريخ البطاركة العظام الذين تفخر بهم الكنيسة القبطية نجد الكثيرين منهم كانوا شمامسة وكانوا ممتازين في القداسة والطهارة وعلى جانب عظيم من غزارة العلم وقوة الحجة فالقديس أثناسيوس الرسولي كان تلميذًا للبابا ألكسندروس البطريرك التاسع عشر وقد أصدر وهو بعد تلميذ سنة 318 م رسالة ضد الوثنيين دلت على غزارة مادته وقوة حجته حتى أعجب به البابا ألكسندروس فرسمه شماسًا فرئيسًا لشمامسة الكرسي البطريركي سنة 319 م ثم صار مساعدًا للبطريرك تحال إليه المشكلات فيكشف عن غوامضها وظهرت مواهبه مع حداثة سنه ورسم بطريركًا.

 

والقديس كيرلس الكبير (هو البطريرك الرابع والعشرون) وهو ابن أخت البابا ثيؤفيلس، أضحَى دعامة أقوى من الصخر وأشمخ من الجبل، لا تزعزعه أعاصير البدع والهرطقات، فكانت نشأته أساسًا راسخًا، ظل يقوِّي وَيُرَسِّخ. اعتنى خاله بتعليمه إعتناءً زائدًا فأدخله أولًا المدرسة اللاهوتية بالأسكندرية فدرس العلوم الفلسفية التي تَلزم لكل من يقوم مدافعًا عن الدين المسيحي ضد الهراطقة والمبتدعين، وبعد ذلك أرسله إلى جبل النطرون إلى برية القديس مكاريوس الكبير ليتتلمذ لسيرابيون الحكيم وقد أوصاه البابا ثيؤفيلس بأن يهذبه بعلوم الكنيسة فأقام هناك خمس سنوات يقرأ الكتب الإلهية ولم يكن ينقطع عن المذاكرة في أغلب الليالي. روى أنه كان يقف يقرأ وفي يده سيف من حديد فإذا نعس ينخسه فيستيقظ وظل مواظبًا على ذلك حتى برع في فهم الأسفار المقدسة براعة غريبة فاستدعاه البابا ثيؤفيلس إلى الإسكندرية وبقى معه في قلايته يقرأ بين يديه –ولما رآه مستحقًا للرتب الكهنوتية رسمه شماسًا وكلفه بالقيام بالوعظ فحاز إعجاب سامعيه وكان موضوع فرح جميع الكهنة والعلماء حتى أنهم كانوا إذا تكلم يشتهون أن لا يسكت لطلاوة حديثه...

 

وأيضًا القديس ياروكلاس (البطريرك الثالث عشر) ولد من أبوين وثنيين آمنا وتعمدا بعد ولادته فأدباه بالآداب المسيحية وعلماه الكتب المقدسة فبرع في الوعظ والتعليم فأحبه البابا ديمتريوس الثاني عشر ورسمه شماسًا...

 

والقديس اندرونيكوس (البطريرك السابع والثلاثين) عرف عنه أنه درس الكتب المقدسة وبرع في معرفة معانيها ونظرًا لذلك ولحسن تقواه وقداسة سيرته رسم شماسًا...

 

أما القديس يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية فكان ناسكًا يواظب على الصوم والصلاة ودرس الكتب المقدسة وتعمق في التأمل فيها ورسم شماسًا سنة 381 م...

 

St-Takla.org Image: Martyr Timothy the deacon in Mauretania (309) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library. صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيد تيموثاوس الشماس بموريتانيا - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

St-Takla.org Image: Martyr Timothy the deacon in Mauretania (309) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيد تيموثاوس الشماس بموريتانيا - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

ومن الأمثلة عن القديسين الذين رفضوا رتبة الشماسية رهبةً منها وإجلالًا لكرامتها. أنبا تاوضروس أحد رهبان برية شيهيت طلب إليه أن يرسم شماسًا فاعتذر وطلب من الله أن يكشف له ما ينبغي عليه أن يعمله، ففتح الله عينيه وأراه عمودًا من نور ضاربًا في الأرض ومرتفعًا إلى السماء وناداه صوت قائلًا: يا تاوضروس، إذا كنت تجد نفسك مثل هذا العمود تقدم لخدمة المذبح فلما رأى الرؤيا لم يتقرب لهذه الخدمة إلى يوم نياحته.

هذه السيرة مكتوبة بالقبطية البحيرية ومترجمة إلى الفرنسية:

Amélineau, Etude sur le Christianism en Egypte.

وقد نشرها العلامة المتنيح الأستاذ يسى عبد المسيح بمجلة مدارس الأحد سنة 1955.

فلأن هذه الخدمة رهيبة ولها جلال فائق يجب على صاحبها أن يعرف لها قدرها ويفحص وزنها ولا يستخف بشيء ما منها جملة.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

وحدثنا التُّقاة ودونها المرحوم الشماس بشارة بولس المدرس بالأكليريكية في مؤلفه عن "تاريخ حياة الشهيد الأمير تادرس الشطبى" ما حدث لأحد الشمامسة يوم عيد الشهيد إذا اعتادت كنيسة حارة الروم للسيدة العذراء (الكنيسة السفلية) أن تحضر الأنبوبة التي برسمه من ديره بجوار الكنيسة وفي ليلة الغطاس 11 طوبة 1640 ش (1923 م) بعد صلاة القداس حانت عودة الأنبوبة إلى الدير فكلف شماس الكنيسة أحد زملائه وكان طالبًا بالأكليريكية وهو شماس الكنيسة من طوخ النصارى بالتقدم لحمل الأنبوبة فأظهر استخفافًا بها ونطق بألفاظ غير لائقة، فأقنعه خادم الكنيسة بحملها، ولما وصل توفيق إلى دير الأمير تادرس شعر بثقل شديد في ذراعه الأيمن ولم يستطيع تناول الكوب ليشرب وذهب إلى حيث يقيم بالكلية الأكليريكية ولاقى صعوبة شديدة في خلع ملابسه حتى أبكى زملاءه.

وفي اليوم التالي أخبر المتنيح حبيب جرجس مدير الكلية بأمره فأوصاه بالعودة إلى الكنيسة وعمل تمجيد وكان في أول الأمر الألم يزداد اليوم بعد الآخر حتى كان العجز بذراعه عجزًا تامًا والتجأ إلى الأطباء دون جدوى حتى يئس وأخيرًا لجأ إلى المستشفى الانجليزى بمصر القديمة في يوم السبت 24 برمهات لفحصه وعاد باكيًا حزينًا حيث لم يكن هناك أي بارقة أمل في شفائه، وبعد أن قضى على هذه الحالة 74 يومًا وكان يبكي بكاءً مرًا لسوء حالته رآه كاهن الكنيسة الأب الحنون المتنيح القمص بولس غبريال(15) فرثى لحاله وأدخله البيعة وأوقفه أمام إيقونة الشهيد تادرس الأمير وطلب من المصلين الصلاة لله طالبين شفاءه متشفعين بالقديس الأمير تادرس ثم دهنه الكاهن بزيت مقدس وعصم ذراعه.

وفي المساء نام المريض في الكنيسة فرأى الشهيد أتاه بصفة دليل طاف به على الأطباء الذين زارهم في مرضه ومارس معه أنواع العلاج الذي وصفوه له، أخيرًا أتى به إلى الكنيسة، وأوقفه أمام أيقونة الشهيد تركه وانصرف، فاستيقظ المريض من نومه وقص رؤياه على شماس الكنيسة المرحوم الاستاذ بشارة بولس والشماس سامي غطاس والثاني أخبر الكاهن برؤيا المريض فأقام الكاهن صلاة باكر وأحضر الأنبوبة التي بها جسد القديسة مارينا وهي موجودة بالكنيسة وظهرت بإسمها عجائب كثيرة، وفتحها الكاهن وأخرج ذراعها أمام المصلين ووضعه على ذراع المريض وللحال بسط ذراعه كأن لم يكن به مرض وأخذ بالبكاء فقام الشعب وراهبات الدير بعمل تمجيد وصلاة شكر لله الذي شفى هذا المريض بشفاعات قديسيه وكان ذلك في يوم الثلاثاء 27 برمهات سنة 1640 ش، وقد دهش لهذا الحادث كثير من الأطباء الذين عالجوه ونشر ذلك في بعض الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية الدينية وسواها.

 

ومن الأمثلة على النابهين من الشمامسة الأقدمين الذين توفروا على خدمة الشعب وقاموا بأعمال عظيمة في القرن الثامن مرقس الشماس النشط قوي الشخصية تلميذ الأب البطريرك أنبا يوحنا الذي وُلِّيَ البطريركية سنة 776 م فلم يزل عندما نزل الغلاء بمدينة الإسكندرية يمد يده لأغاثة كل محتاج وكانت مخازن البيعة وحسابها تحت يده واستمر يحض الأغنياء على مساعدة الفقراء حتى شفق الرب ورفع الغلاء ونال المكافأة من الله(16). وحدث أنه لما تنيح أنبا جرجس أسقف مصر كتبت رعيته إلى البطريرك تلتمس منه إقامة شماسه مرقس عوضًا عنه فأجاب طلبهم واستدعى الشماس ليقيمه أسقفًا فأبى البتة فشدد عليه وأرغمه على قبول القسيسية ليصير أسقفًا فالتمس منه أن يعفيه من هذه الخدمة، ولما لم يقبل البطريرك طلبه لاذ مرقس بالهروب واضطر البطريرك أن يكرس لشعب مصر قسًا يدعى ميخائيل أسقفًا لهم. فحنق البطريرك على مرقس بسبب هروبه وكتب لشيخ قديس بالبرلس يُسَمَّى جرجس يخبره أنه واجد على مرقس لعصيانه عليه وعدم قبوله للأسقفية، فأرسل إليه الشيخ جرجس يقول: "إن عدم قبول الأسقفية من الله الذي سيجعله بطريركًا بعدك، فتعجب البطريرك وطلب الشماس مرقس إليه ورفع شأنه ووضعه عنده موضع الاحترام والتبجيل، ولما تنيح الأب البطريرك سنة 799 م أقيم الشماس بدله كما قال ذلك الشيخ عنه(17).

 

وعن الشمامسة أنقياء القلب، يذكر السنكسار تحت يوم 25 أبيب خبر استشهاد القديس دوماديوس السريانى، الذي تربى في بلاد الفرس وتعلم علوم التنجيم وأوضح السنكسار كيف صار نصرانيًا. وملخص ذلك، أنه وجد راهبًا فارسيًا في السوق اسمه أوغالس فعرف منه طريق الله، وابتهج جدًا حتى انه كان يعظ أهل بيته ويعلمهم ما يسهل لهم طريق الإيمان. ثم إعتمد وترهب وصار يعمل أعمالًا عظيمة، فحسده بعض الإخوة، فلما شعر بذلك مضى من هناك وأتى إلى دير القديس سرجيوس. فأقام هناك عند رجل متوحد عشر سنين، لم يأكل في أثنائها شيئًا مطبوخًا. ثم رسموه شماسًا، وفيما هو يخدم مع القسيس المتوحد في الهيكل رأى شبه حمامة بيضاء حسنة المنظر جدًا، قد أتت وحلت فوق المذبح، فظن أنها حمامة جسدانية، وأخذ يشير إليها برأسه ويده ليطردها خوفًا منه على ما في الكأس. وبعد إنقضاء القداس سأله القس عن سبب انزعاجه وقت القداس فعرفه بما كان قد رآه. فأخبره القس أن ينبهه إذا ما رآها ثانية. وعندما صعد إلى المذبح للخدمة في اليوم التالي وفي الوقت الذي كان رآها فيه قال للقسيس يا أبي: هوذا الحمامة، فالتفت الشيخ ولكنه لم ينظر شيئًا. فإنطرح على وجهه قدام الرب ببكاء وصلاة ليلًا ونهارًا وظل على هذه الحالة زمانًا حتى إستحق أن يرى هذه الحمامة... ولم يقل للقديس دوماديوس شيئًا لئلا تدخله الكبرياء ولكنه أعلم الأب الأسقف بأمره فرسمه قسًا...

 

ويذكر التاريخ عن القديس أنبا مؤسيس أسقف أوسيم أنه نشأ على حب الطهارة والبتولية منذ حداثته وتعلم علوم البيعة فأقاموه شماسًا...

 

هذه بعض قصص ذكرناها على سبيل المثال لشمامسة قديسين أحبوا الطهارة وامتلأوا من كل حكمة وعلم لم يرسموا إلا بعد أختبارات طويلة، رقى منهم أساقفة وبطاركة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هذا وقد نبغ في الكنيسة شمامسة علماء(18) في فروع المعرفة المختلفة نذكر منهم:

الشماس تاويسطس:

شماس البطريرك أنبا ديسقوروس البطريرك 25 وذكر عنه في (كتاب الدر الثمين المحفوظ بمكتبة الدار البطريركية تحت 171 لاهوت) ما يلي:

إن سيرة أبينا السيد المغبوط العظيم من بطاركة مدينة الإسكندرية الطوباوى أنبا ديسقورس سطرها تاويسطس الشماس وأرسلها إلى مدينة الإسكندرية من الخمس مدن لأنه كان مع الأب ديسقوروس إلى وقت نياحته (4/ 9/ 454 م).

وكان قد كتب إليه قس محب لله يعرفه أن الهراطقة بعد نياحة الأب ديسقوروس دسوا عند الملك (مركيان) وقالوا أن عنده أموال البيع، فهرب إلى الخمس مدن وكتب هذه السيرة المقدسة هناك وأظهر فيها يسيرًا من القوات والعجائب التي أجراها الله على يدي هذا القديس الأب ديسقوروس في جزيرة غاغرا...

وقد سافر الشماس تاويطس مع البابا ديسقوروس من الأسكندرية إلى القسطنطينية وبقى معه في النفى إلى حين نياحته.

 

الشماس ميخائيل بدير الدمنهوري:

ذكر ساويرس بن المقفع في المقدمة الأولى من كتاب سير البطاركة أنه لما أراد معرفة سير الآباء البطاركة خلفاء مرقس البشير على الكرسي الاسكندري قال عن نفسه أنه ممن لا يجب لهم أن يكتب بخط يده البائسة الفانية شيئًا من أخبارهم واستعان بالإخوة المسيحيين على نقل ما وجده منها بالقلم القبطي واليوناني إلى العربي... وبدأ بكتابة سير البيعة المقدسة وجمعها من دير القديس مكاريوس الكبير.

وقال بعد ذلك أنه تولى نقل بعضها الشماس التقى ميخائيل بن بدير الدمنهورى من اللغة القبطية إلى العربية...

 

الشماس يحنس

الابن الروحي لأنبا مؤسيس أسقف أوسيم وتلميذه من رجال القرن الثامن وقام بكتابة وشرح السير إلى نياحة الطوباوى البطريرك 46 (743-767).

 

الشماس بُقَيْرَه الرشيدي

وهو أحد الذين ساعدوا ساويرس بن المقفع في جمع سير البطاركة ونقلها من اليونانية والقبطية إلى العربية في أيام البابا زخارياس ال64 في القرن الحادى عشر وكان كاتبًا بالديوان وترك الخدمة. ذكر عنه أنه حمل صليبه ومضى إلى قصر الحاكم بأمر الله فلقبوه بصاحب الصليب، وعند باب القصر صاح مناديًا بأن المسيح ابن الله فأحضره الحاكم وعذبه وذكر صديقه مينا وكان مهندسًا ورئيسًا على النشارين أنه تمكن من افتقاد بقيره فوجده مشدودًا في وتد كبير مضروب في الأرض وهو قائم يصلي وبيده كراسة صغيرة ووجهه إلى الشرق يقرأ ويصلي رغم ثقل الحديد المقيد به، وابتهج بقيره برؤيته إبتهاجًا عظيمًا وأنبا صديقه مينا أنه في المساء يفرج عنه وكلفه بإعلان هذه البشرَى لأهله لينتظروا قدومه وقت مغيب الشمس، وقد كان أن أرسل الحاكم وأخرجه من الاعتقال وكتب بأن لا يعترضه أحد في أي أمر من الأمور...

 

الشماس بطرس أبو شاكر بن الراهب

شماس كنيسة المعلقة في القرن الثاني عشر وهو صاحب كتاب "الشفا في كشف ما استتر من لاهوت السيد المسيح واختفى "وهو من المراجع الهامة وله أيضًا مقدمة في التثليث والتوحيد، وكتاب أبقطى ذو مقدمة إضافية بالقبطية والعربية وله كتاب التواريخ...

وكانت كنيسة المعلقة في زمانه الكاتدرائية البطريركية الأولى بين كنائس مصر ولم يكن متبحرًا في العلوم اللاهوتية فحسب بل كان متضلعًا في علم الفلك ملمًا بعلم التاريخ عارفًا باللغتين القبطية والعربية.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إنذار القديس أثناسيوس الرسولي للخدام المستهترين(19)

"قال أنا أبوكم أثناسيوس أصرخ اليكم اليوم واشكر الله في وسط الكنيسة العروس النقية فعندما رجعت من النفي وجدتكم ثابتين على الأعتقاد الأرثوذكسى لأمانتنا الحقيقية لأني كنت غائبًا عنكم سبع سنين أقاتل عن الأمانة الأرثوذكسية، ولما رجعت من النفى وجدتكم كاملين في الأمانة المستقيمة مثلما كنتم في الأيام التي خرجت من عندكم فيها. فأنا سعيد بالحقيقة لأن الرب وهب لي شعبًا متغايرًا على أعمال البر كل حين. فلتفرح السماء والأرض معي اليوم لأني نظرت الكنيسة وهي مضيئة بعظم فرح وسرور والشعب في وسطها يمجد العريس الحقيقي يسوع المسيح بتماجيد روحانية وأغاني سمائية.

والآن يا أولادي الأحباء المباركين، أحفظوا الأمانة التي قبلتموها مني لأنفسكم. لأنكم تعرفون كل الإضطهاد الذي لاقيناه بسبب الأمانة المستقيمة. وقد أعانني الرب إلى هذه الساعة. إبتعدوا عن كلام الهراطقة الباطل الذي بسببه يأتي غضب الله ولا تأكلوا معهم أو تسلموا عليهم بل احفظوا نفوسكم، لا تخالطوهم فإن ليس لهم إله. وفي آخر الزمان يحيد أناس كثيرون عن الأمانة المستقيمة من أجل مجد الناس ومحبة الرئاسة. من أجل الأكل والشرب ومحبة المال حادوا عن الإيمان وصاروا غرباء عن الثالوث المقدس. فالآن أيها الأساقفة والقسوس والشمامسة علموا شعبكم بمخافة الله وعظوهم من الكتب المقدسة لأنكم ستعطون جوابًا يوم الدين في يوم حكم الله. وإذا علمتموهم في الناموس ولم يقبلوا تعليمكم ولم يطيقوا أدبكم فدينونتهم عليهم.

انظروا ما حل بالكهنة والمتوانين عن تعليم الشعب، وما نزل عليهم من الهلاك. انظروا ما حَلَّ ببني هرون، وكيف ضربهم الله وقتلهم على المذبح المقدس، من أجل الخطايا التي عملوها في بيته. لم يرحمهم ولم يشفق عليهم، من أجل هرون أبيهم وموسى عمهم. فإن كان الله لم يشفق عليهم من أجل آبائهم الصديقين، فكيف يشفق علينا نحن كهنة الكمال الذين نقسم جسده المقدس بأيدينا، ونهرق دمه في الكأس ونعطيه للشعب ليس بخيال بل بحق. انظروا الهلاك الذي حل بعالي الكاهن حيث توانى عن تعليم أولاده بمخافة الله. انظروا أيضًا المحنة التي حاقت ببني عالي لما عملوا الخطيئة العظيمة في بيته المقدس.

على أنه في ذلك الزمان لم تكن معرفة الله قد ملأت الأرض كلها بعد بل كانت أمورهم مثالًا، فإذا كان الله غضب عليهم وسحقهم من وجهه مع كونهم كانوا يعملون المثال فما مقدار العقوبة التي نستوجبها نحن الكهنة الذين نصنع الكمال إذا خالفنا ناموسه ووصاياه. أنا أسمع موسى وأصغى إلى الناموس يقول ليتطهر الكهنة القريبون من الله لئلا يهلك الرب قومًا منهم. كيف يتطهرون يا واضع الناموس؟ يطهرون أجسادهم وقلوبهم، من كل نجس ومن كل فكر رديء، وينزعون عنهم الحسد والبغضة والخصام ومحبة النصيب الأكبر والغضب والضجر والمكر والدغل والزنى والدنس ومحبة الأكل والشرب بغير مقدار والكبرياء والكذب والهم والتضجر والقساوة وقلة الرحمة وبغضة المساكين وأخذ الربا والظلم، هذه جميعها وما يشبهها يجب على الكاهن أن يتطهر منها جميعًا ويحفظ نفسه أن يلحقه شيء من هذه الأشياء التي ذكرناها.

ومَن وجد من أولاد الكنيسة يتعلم هذه الأشياء أو يعمل بها أو على شيء منها فهو غريب عن الأسرار المقدسة ومن قسمة الكهنوت التي نالها وبعيد عن خدمة الكنيسة.

إن كنت ترفض الكهنوت وتحتقره وتجرأ فتدخل فيه، ولا تعمل به أفلا تعلم أن الكاهن والراهب بسببهما يأتي الغضب على العالم. إن كنت لا تستطيع أن تصنع وصية الكهنوت فمن ألزمك أن تحمل هذا الثقل على نفسك. هناك أعمال كثيرة في العالم فلماذا لم تشتغل بواحدة منها وتعيش بها.

أنا أعترف لكم أيها الشعب المحب لله أن كل وقت يطلع الكاهن على المذبح المقدس ويقرب الشعب ينزل ابن الله وملائكته ويتقرب المسيحيون من يده ولا يزال قائمًا على المذبح حتى يقول الكاهن انصرفوا بسلام.

أقول لكم أنا أبوكم أثناسيوس انه لولا تحنن الله الكثير الرحمة لكنتم تجدون قسوسًا وشمامسة مطروحين حول المذبح موتى.

الويل الويل ثم الويل لمن يعمل أعمال الرب بتوان ولا سيما الكهنة. وأسقف يأخذ مالًا على عطية المسيح أو يأخذ بوجه إنسان ولا ينظر لليتيم والمسكين والأرملة فهذا أسقفيته باطلة.

أما الأسقف والكاهن والشماس فإنهم إذا كانوا أكملوا جميع الوصايا التي أمروا بها وحفظوا أجسادهم ونفوسهم طاهرة، هم أيضًا يجدون وسيلة في كنيسة الأبكار في السموات إذا خرجوا من هذا العالم. وإنه لفضيحة على المسيحي أن يكون في قلبه لرفيقه دغل أتقول بفمك "أبانا الذي في السموات" وأنت لست عاملًا أعمال البنوة. تدعو الله وتقول بفمك إغفر لي فإني أغفر لمن يذنب إلىَ لكنك تكذب وما تعمل بما تقول. تضيق على المسكين وتطلب الربا ممن يقترض منك، ترجع على اليتيم وتأخذ ما دفعت اليه، تعذب الأرملة المسكينة بأعمال الظلم ثم بعد ذلك تكذب قدام الله وتقول اغفر لي كما غفرت لأخي. إن هذا كله دينونة عليك فما إنتفاعك بما تأخذه من جسد المسيح ودمه؟

أما سمعت قول الرب في الإنجيل المقدس إذا قدمت قربانك على المذبح وذكرت أن أخاك واجد عليك دع قربانك هناك قدام المذبح وامض أولًا وصالح أخاك... فقد علمت أن الله ما يقبل قربان من يتكلم على أخيه ورفيقه بل يريد أن يصطلحوا قبل تقدمة القربان. انظروا إلى السيد المسيح لما كان معلقًا على الصليب وإلى ما عمله به عبيده الذين خلقهم وأتى لخلاصهم، انظروا كيف ضربوه بقصبة وسقوه خلًا مخلوطًا مع مرارة وبصقوا في وجهه وسمروا يديه ورجليه وطعنوه في جنبه وبعد هذا كله قال "يا أبتاه اغفر لهم فإنهم لا يعلمون ما يصنعون". فأنت أيها الإنسان الترابى الرماد إن كنت لا تقدر أن تحتمل كلمة رفيقك فكيف تكون مسيحيًا؟ عرفنى يا جاهل أما سمعت المكتوب "أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم وأحسنوا إلى مبغضيكم" إن كنت لا تستطيع أن تقف أمام ملك العالم وعليك ثوب وسخ فكيف وأنت دنس الجسد والنفس بالأفكار الرديئة والبغضاء والحسد تقف على مذبح الله.

فإن كنت تريد أن تأكل من جسد المسيح وتشرب من دمه أعد نفسك وطهرها وإصطلح مع أخيك وأعط المساكين من مالك وكن على شبه الله. وإن كنا لا نصلي بلا فتور فلنصل بقدر كل يوم، وإن كنا لا نصوم على الدوام فلا نهمل صوم يومي الأربعاء والجمعة، وإن كنا لا نستطيع أن نكون بتوليين فلنحفظ طهارة مضجعنا ولا نستعمل الزواج بالإنحلال مثل الحنفاء. أسمع الله يأمر موسى قائلًا إذا زنت إبنة الكاهن تحرق وهي حية لأنها فضحت سيرة أبيها في كهنوته من أجل أنها تأكل من خبز التقدمة، فإذا زنى الكاهن إلى كم مرة يستحق الحرق؟ تحرق نفسه وجسده لأجل زناه وخاصة إن كان يشارك الهراطقة في أقاويلهم الباطلة.

بالحقيقة عندي حزن عظيم من أجل ما قد كشفه الله لي وما سيكون في آخر الزمان. فإنهم ينحرفون أمام جميع الناس ويصنعون خطايا عظيمة جدًا من الصغير إلى الكبير، ولاسيما الكهنة والرهبان فإنهم لم يكونوا راسخين أمام الشعب ويكون الأساقفة محبين للفضة مبغضين للمساكين، ولا يقدرون أن ينطقوا بكلام الحق لأن الرشوة تكون قد أعمت عيونهم، والشعب أيضًا يمشي في طريقه، ويصيرون محبيين للذة أكثر من محبة الله. ويكون الأساقفة أيضًا مسرعين في الخطايا بعينها ويكون القسوس في ذلك الزمان وكذا الشمامسة محبين للأكل والشرب والأرباح الدنيئة مستكبرين ومكثرين من شرب الخمر وكذلك الرهبان في الأديرة...".

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

هذا ونود أن نوضح أن للقديس أثناسيوس قوانين مشهورة عددها 107 قانونًا وردت رؤوس مواضيعها في كتاب مصباح الظلمة لايضاح الخدمة.

وفي القانون 105 من قوانينه نبه إلى الثلاثة أمور الآتية:

أ- مخافة المذبح.

ب- التحنن على المساكين.

ج- حفظ البتولية.

إن إنذارات القديس أثناسيوس الرسولي لأصحاب الرتب الكهنوتية الذين وضعت عليهم الأيدي صارمة ومخيفة لأن الرسامة بوضع اليد نهائية لا تعاد ولا تتغير ولا تتعدل، فمتى تمت الرسامة وتسلم صاحبها "التقليد" الذي يوضح اختصاصه وعمله كاملًا فإنه لا يمكن إلا تنفيذ مقتضى هذا التقليد...

قال كتاب مجموع القوانين الباب التاسع:

"... والذين يغيرون الرتب لا يقاوموننا (الرسل) نحن بل هم مقاومون لأسقف كل البرية ابن الله عظيم الكهنة".

ملاحظة: يجب التفرقة بين وضع اليد الخاصة بالرسامة وبين وضع اليد للبركة عندما يبارك الكاهن أو الأسقف رعيته بوضع يده على رؤوسهم.

وتقول الأوامر الرسولية: أقبل الخاطئ عندما يتقدم باكيًا تائبًا وبعد وضع اليد عليه دعه في الرعية، وكما أنك تقبل غير المؤمن بعد ما تعمده كذلك إقبل الخاطئ بعد وضع اليد عليه في المرعَى الروحي.

الذين رسموا خِلَافًا للقانون قبل أن يقطعوا من مجمع يكونون كهنة حقيقةً.

هذا ولئلا يعثر البعض فإن الكنيسة أمرت أن الذين رُسِمُوا دون استحقاق ما لم يقطعوا من مجمع يكونون كهنة حقيقةً(20). يقول القديس يوحنا ذهبي الفم "أنهم جميعًا بشر وطنهم الله وهو يفعل بواسطتهم كلهم لأجل خلاص الشعب وإن كانوا غير مستحقين لأن النعمة تفعل بواسطة غير المستحقين أيضًا ليس لأجلهم بل لأجل المزمعين أن ينتفعوا" وأيضًا. "أما الآن فقد شاء الله أن يفعل بواسطة غير المستحقين لأن نعمة المعمودية لا تضرر البتة من قبل سيرة الكاهن" وقال "إن نعمة الله هي التي تفعل في غير المستحق أيضًا ليس لأجلنا بل لأجلكم. لأنك لا تزدرى بي بل بالكهنوت فلو رأيتني عاريًا منه احتقرني لأني لا أقوى حينئذ على أن آمرك، ولكن ما زلنا جالسين على هذا الكرسي ومحرزين الجلسة الأولى فلنا المقام والقوة وإن كنا غير مستحقين".

انظر قصة الكاهن سيء السيرة التي ذكرناها في كتابنا "القديس أنبا يحنس قمص شيهيت". كان إذا دخل إلى الهيكل للتقديس يأتي ملاك ويطرد عنه الأرواح النجسة، وإذا خرج من باب الكنيسة تعود إليه الأرواح الشريرة وتحدق به كالأول.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(15) رقد في الرب 19/ 2/ 1943، كان مُحِبًّا للكنيسة، محبًا لأولاده يفتح لهم الكنيسة في كل وقت للصلاة وللتعليم، وكان يقيم في المبنَى المُلْحَق بالكنيسة.

(16) هذه الخدمة كانت من ضمن الخدمات الواجبة على الشماس طبقًا لما ورد في سفر الأعمال ص 6 ولذا نرى البطريرك يكلف تلميذه الشماس مرقس بهذه الخدمة فقام بما أوصاه به خير قيام.

(17) لم يترك البطريرك نفسه والغضب يملأ قلبه من جهة الشماس لكنه استشار أحد الآباء القديسين في أمره، لما لم ينفذ رغبته، وهكذا تحول قلبه الذي كان واجدًا على الشماس إلى زيادة محبته وإكرامه.

(18) من جداول البطاركة لكامل صالح نخلة.

(19) عن مخطوطات مكتبة دير أنبا أنطونيوس نشرت بمجلة الأنوار في 6/ 1/ 1948 وقد نقحنا عبارتها.

(20) المنار عدد 14 سنة 1898.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/youssef-habib/seven-deacon-ranks/saints-scholars.html

تقصير الرابط:
tak.la/3w4rvar