St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   troubled
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب عشر محاضرات للذين في ضيقات - البابا شنوده الثالث

4- مصيرها تنتهي

 

3

مصيرها تنتهي

 

لقد قلت لكم منذ زمن إنه في مواجهة كل مشكلة هناك ثلاث كلمات يقولها الإنسان وهي:

ربنا موجود... وكله للخير... مصيرها تنتهي

وقد تحدثت في المحاضرتين السابقتين عن: كله للخير، وربنا موجود. واليوم أحب أن أحدثكم عن عبارة مصيرها تنتهي.

أريد أن أقول لكم إن كل مشكلة تأخذ شكلا هرميا، ترتفع حتى تصل إلى قمتها، ثم تهبط إلى أسفل، وحينئذ مصيرها تنتهي. لأن الله لا يسمح أبدا أن المشاكل تستمر إلى النهاية، وإلا فالإنسان لا يستطيع أن يحتمل. ونضرب لذلك أمثلة كثيرة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: "It ends" (It will come to an end), a quote by His Holiness Pope Shenouda III (117) - Arabic calligraphy, designed by Michael Ghaly for St-Takla.org, 8 February 2024. صورة في موقع الأنبا تكلا: "مصيرها تنتهي"، من أقوال قداسة البابا شنوده الثالث 117 - خط عربي، تصميم مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 8 فبراير 2024 م.

St-Takla.org Image: "It ends" (It will come to an end), a quote by His Holiness Pope Shenouda III (117) - Arabic calligraphy, designed by Michael Ghaly for St-Takla.org, 8 February 2024.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "مصيرها تنتهي"، من أقوال قداسة البابا شنوده الثالث 117 - خط عربي، تصميم مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 8 فبراير 2024 م.

تجربة أيوب: بدأت المشكلة بحسد الشيطان لأيوب، فإذا برجال أيوب يأتون إليه بأحبار سيئة: سرقة الغنم، وهدم البيوت، وموت الأولاد. مشاكلة متتالية. ولم يتوقف حسد الشيطان عند ذلك، بل زاد عن ذلك فضرب أيوب بضربة في الجسد كما ذكر الكتاب في سفر أيوب (أي 2: 7) "فخرج الشيطان من حضرة الرب، وضرب أيوب بقرح من باطن قدمه إلى هامته" لدرجة أنه قال "نكهتي مكروهة عند إمرأتي" (أي 19: 17).

وزادت الأمور عن ذلك فأصحابه الأحباء الذين أتوا لتعزيته وجلسوا معه أياما صامتين، من هول المصيبة، بدأوا يوبخونه كما أن تلك التجربة هي بسبب خطاياه، وتعب أيوب جدا لدرجة أنه قال لهم "ليتكم تصمتون صمتا، يكون صمتكم لكم حكمة" (أي 13: 5).

زادت الأمور أكثر. وفي ميعاد إنتهاء التجربة بدأ الرب يتفاهم مع أيوب فيقول الكتاب "ورد الرب سبى أيوب" وقال لأليفاز من أصحاب أيوب الثلاثة "قد احتمى غضبى عليك وعلى كلا صاحبيك، لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدى أيوب" (أي 42: 7). وطلب الرب منهم أن يقدموا ذبائح لأجل أنفسهم، وأن يصلى لهم أيوب. وبعد ذلك أتى أقارب أيوب ومعارفه، وأعطوه أموالا، وعوضه الله عن البنات والأولاد بنفس العدد الذي مات، ويقول الكتاب "كانت بنات أيوب من أجمل الناس" وعاش أيوب زمنا طويلًا بعد التجربة.

هناك أناس ينظرون إلى التجربة دائمة، وإلى المشكلة كمشكلة مستمرة! ولا ينظرون أنها لا بُد أن تنتهي، ولابد أن الله سوف يعمل عملا وكل الوضع السابق ينتهى ويأتى شيء جديد من ربنا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويوسف الصديق أيضًا: حسده أخوته وألقو به في البئر وكانوا يريدون أن يقتلوه، وأخيرا باعوه للإسماعيليين الذين باعوه في أرض مصر، وأصبح خادما أو عبدا في بيت فوطيفار. ولم تنته المشكلة عند هذا الحد. بعد ذلك اشتهته امرأة فوطيفار ولما رفض أن يخطئ معها، صرخت واتهمته بأنه يريد أن يخطئ إليها، وألقى به في السجن، وطالت مدة السجن... وكيف انتهت؟!

فسر يوسف أحلام لزملائه في السجن، وكان منهم إثنان خدام عند فرعون، ولما قال أحدهما لفرعون عن يوسف، استدعاه فرعون. ففسر يوسف حلم فرعون، الذي سر منه وجعله الثاني في المملكة وسلمه خاتمه الخاص، وصار يوسف المتسلط في المملكة، وخاف منه أخوته، ولكنه قال لهم "أنتم أردتم بي شرا، ولكن الله أراد بي خيرًا".

متى أراد الله به خيرا؟ في نهاية المشكلة، عندما وصلت إلى أقصى حد لها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مثال آخر مشاكل شاول مع داود الذي سلط عليه زوجته وأولاده، ولم تنجح، فسلط عليه خدامه. أراد أن يضربه حتى في المائدة، ولم ينجح في كل ذلك، فظل شاول يطارد داود في كل بلد، ومن مغارة إلى مغارة حتى قال داود "إني سأهلك يوما بيد شاول".. لا... ليس أنت الذي ستنتهي، ولكن المشكلة هي التي ستنتهي، وفعلا مات شاول وابنه في الحرب وأصبح داود هو الملك الرسمى. صحيح إن المشكلة تأخذ وقتا ومصيرها تنتهي، ولكن واجب الإنسان أثناء المشكلة أن ينتظر الرب، وينتظر بإيمان. يقول الكتاب "أنتظر الرب وتقو وليتشدد قلبك، فانتظر الرب".

داود مع أنه كان يحب الله جدًا، وربنا قال عنه "وجدت قلب داود حسب قلبي"، إلا أنه كانت له مشاكله، حتى بعد أن أصبح الملك، أتت إليه مشكلة مع أخيتوفل. أخيتوفل كان رجلا حكيما، وكان يعرف كيف يدبر الأمور بطريقة جيدة، ومع ذلك حكمته اتجهت إلى الشر، فانضم إلى أبشالوم في حربه ضد داود، وكان يخاف داود من أخيتوفل أن يعطى مشورة لأبشالوم تتسبب في ضياع داود والذين معه. فكان داود يصرخ ويقول "يا رب أبطل مشورة أخيتوفل" وتأزمت الأمور جدا لدرجة أن داود خرج من منزله حافي القدمين، وقابل شمعى بن جيرا الذي سبه في الطريق وقالوا له "يا رجل الدماء".

وأخيرًا أبطل الرب مشورة أخيتوفل. لم يأخذ أبشالوم بمشورته، بل أخذ بمشورة حوشاي الأركي، فمضى أخيتوفل وخنق نفسه.

لازم نؤمن بتدخل يد الله في الأمور، وأنه ينهى المشكلة ويضع لها حدًا، وحينما لا يكون الإنسان قادرا على تخليص نفسه، يتدخل الله ويخلصه.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أخطأ شعب إسرائيل وعاقبه الله بأنه يسبى إلى بابل، وفي بابل حدثت مشاكل كثيرة، وكان الناس يغنون فيها ويقولون "على أنهار بابل هناك جلسنا، فبكينا حينما تذكرنا صهيون، الذين سبونا طلبوا منا أن نقول تسبحة، كيف نسبح الرب في أرض غريبة"!.

وفي أرض بابل الثلاثة فتية ألقوا في النار وربنا أنقذهم، ودانيال ألقى في جب الأسود وربنا نجاه. وجاءت الأخبار من بعيد عن حالة أورشليم، بأنها في كرب عظيم، وأسوارها مهدومة وأبوابها محروقة بالنار، وأصبحت يا رب المشكلة كبيرة، فيقول الرب لا تحزنوا مصيرها تنتهي. وكيف أنتهت؟ الملك أرتحشستا أرسل نحميا إلى مدينة أورشليم ليبنيها. والملك داريوس أيضًا وانتهت المشكلة بعد سبعين عامًا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في العهد القديم أهل السامرة خرجوا عن الدين، اختلفوا مع رحبعام فأخذوا عشرة أسباط ومضوا إلى بعيد، وخافوا أن يشتاق الناس ويذهبوا إلى أورشليم، فابتدأوا أن يصنعوا الأصنام ليعبدوها، ولأنهم في مخاصمة مع رحبعام بن سليمان، قالوا لا عائلة سليمان، ولا عائلة داود يكفي علينا الأسفار الخمسة فقط، والباقى لا يؤمنون بها. وطالت الأمور، وعبادة الأصنام طالت، ولكن بنفس المبدأ الروحانى مصيرها تنتهي، جاء السيد المسيح وقابل المرأة السامرية ودخلت في الإيمان، وتقابل مع باقي الشعب ودخلوا في الإيمان، وبينما كان التلاميذ يقولون يا رب لا تسكت عليهم إنزال نارا من السماء فتحرقهم كما فعل إيليا. فقال لهم: "ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس، بل ليخلص" (مت 9: 56)..

بعد القيامة بشر التلاميذ أهل السامرة فآمنوا بالقيامة وانتهى الأمر كله على خير. فلو كان الله غضب عليهم وأهلكهم، لكنا فقدنا كل هؤلاء، ولكنهم أقتيدوا إلى الإيمان بطول أناة الله.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في المسيحية حدثت أضطهادات كثيرة عليها من أباطرة الرومان ومن أشد العصور كان عصر دقلديانوس الذي استشهد فيه كثير من القديسين وماتوا على اسم المسيح، لدرجة أنه قيل إن دقلديانوس أصيب بالجنون من كثرة الدماء التي أمر بسفكها. ولكن الله يقول لا تخافوا مصيرها تنتهي... وقد أنتهت في سنة 313 حينما صدر مرسوم ميلان بالحرية الدينية وإذ بالإمبراطور نفسه يصبح مسيحيا، وذهب عصر الاستشهاد.

بعد ذلك أتت علينا مشاكل الهراطقة، ولعل أكثر هرطوقى ظهر في ذلك الحين هو أريوس الذي قاومه القديس أثناسيوس، المشهور Contra Arianos، ولكن الأريوسيين كانوا أشداء جدا. وقيل أن أخت الإمبراطور كان أب اعترافها أسقفا أريوسيا. فلم يدير قسطنطين الأمور كما يجب، فاضطر القديس أثناسيوس الرسولي أن يذهب إليه. أولا ذهب بطريقة متنكرة حتى وصل للإمبراطور قسطنطين وعندما بدأ يمشى على حصانه، وقف أثناسيوس وأظهر وجهه وشد سرج الفرس، وقال له "لي كلمة معك يا قسطنطين" فترجل قسطنطين من على جواده واستمع إلى أثناسيوس، كان أثناسيوس رجلًا قويًّا يعمل له حساب. فما الذي حدث؟! مؤمرات الآريوسيين جاءت ضده، ونفي للمرة الأولى إلى الغرب، وإمبراطور الغرب توسط بعد ذلك فعاد بعد أن نشر الإيمان في الغرب. ونفي للمرة الثانية، وللمرة الثالثة، وللمرة الرابعة. والرب يقول لا تخافوا مصيرها تنتهي.

في المرة الخامسة أصدر الإمبراطور قراره بنفي أثناسيوس، وذهب قائد الجيش ليأخذ ليأخذ أثناسيوس للنفي، وهنا تجمع كل الشعب حول الكاتدرائية، آلاف من الناس ازدحموا وقالوا له: "لن تأخذ أثناسيوس إلا على جثتنا جميعًا"، ولم يستطيع القائد أن ينقذ، فعاد إلى الإمبراطور الذي ألغى ذلك. وقضى القديس أثناسيوس باقي أيام حياته في سلام حسب وعد الله أن المشكلة تنتهي.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أمور هامة جدًا في التاريخ: ومنها أن الإنسان الأول أخطأ، وحكم عليه بالموت، وربنا أوقف واحدا من الشاروبيم بسيف من النار يحرس شجرة الحياة، وأصبح الإنسان محكوما عليه بالموت، ولكن مصيرها تنتهي، وكيف انتهت؟

انتهت بالفداء وقال الله لراعى كنيسة أفسس "من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط الجنة". نشكرك يا رب.

وما مصير الموت الذي حكم به على الإنسان؟!. قال الرب الموت سيقضى عليه. مصيره سينتهى... كيف؟

أول درجة لنهاية الموت هي القيامة. التي بها داس الله على الموت وأعجطى الحياة. وثانى درجة للموت هي في الحياة الأبدية يقول الرب في سفر الرؤيا "لا يكون موت فيما بعد" فمشكلة الموت أيضًا مصيرها تنتهي.

نتيجة لأكل الإنسان من الشجرة، عرف الإنسان الشر، وقبلها كان الإنسان لا يعرف إلا الخير، فعندما أكل الإنسان من شجرة معرفة الخير والشر أصبحنا نعرف الشر، ومعرفة الشر كثيرًا ما أتت علينا بالخطايا والأفكار، ولوثت أفكارنا، ولكن الله يقول مصيرها تنتهي. ولكن متى؟ سينتهى ذلك في العالم الآخر حيث لا يكون هناك شر. الشر سوف ينتهى. حتى هذه الأرض التي تلوثت بالخطايا التي قلت فيها مرة بعض الأشعار لربنا:

لي عتاب فاستمعنى         وَأَمِل يا رب أذنا

أرضك الفُضْلَى التي ازدادت         على الأفلاك حُسنا

اسْتُذِلَّت واسْتُبِيحَت،         لم تعد أهلا لِسُكْنَى

يقول الله لا تحزن مصيرها تنتهي... كيف؟

يقول سفر الرؤيا أن هذه الأرض سوف تنتهي "وأبصرت فرأيت أرضا جديدة لأن الأرض القديمة قد مضت ولم تعد فيما بعد" هذه الأرض الجديدة هي أرض الأحياء...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/troubled/it-ends.html

تقصير الرابط:
tak.la/rs57756