St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   judge-not-others
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب إدانة الآخرين - البابا شنوده الثالث

29- الإدانة إساءة إلى الذي يدين

 

2- إساءة إلى الذي يدين

 

والذي يدين غيره، ترتفع عنه النعمة والمعونة، فيسقط.

وذلك لكي تنسحق نفسه في هذا السقوط، فلا يعود ويدين غيره. ولكي يشعر أنه معرض أن يسقط فيما سقط فيه أخوه، لولا أن النعمة تسنده. فبقاؤه قائمًا في الوقت الذي سقط فيه غيره، ليس دليلًا على قوته الذاتية، إنما هو راجع إلى عمل النعمة. فلا يتكبر ويدين أخاه، لكيلا ترتفع عنه النعمة فيسقط.

فإنه بهذه الإدانة يوقع نفسه في الحكم، إذ أن الرب قد قال "لا تدينوا لكي لا تدانوا. لأنه بالدينونة التي بها تدينون تدانوا. وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم" (متى 7: 1، 2).

إذن فالذي يدين غيره، يعرض نفسه للدينونة.

St-Takla.org Image: Judging others: A man with a plank in his eye points out the speck in another's eye: "Hypocrite! First remove the plank from your own eye, and then you will see clearly to remove the speck from your brother’s eye." (Matthew 7:5) Engraved by John Sturt. - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: إدانة الآخرين: شخص بخشبة في عينه يدين رجل آخر لديه قذى في عينه: "يا مرائي، أخرج أولا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك!" (متى 7: 5)، رسم جون ستيرت - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Judging others: A man with a plank in his eye points out the speck in another's eye: "Hypocrite! First remove the plank from your own eye, and then you will see clearly to remove the speck from your brother’s eye." (Matthew 7:5) Engraved by John Sturt. - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إدانة الآخرين: شخص بخشبة في عينه يدين رجل آخر لديه قذى في عينه: "يا مرائي، أخرج أولا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك!" (متى 7: 5)، رسم جون ستيرت - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

وبنفس الكيل، ليس أقل. بل ورد في الإنجيل لمعلمنا مرقس الرسول "يُكال لكم وَيُزاد" (مر 4: 24). فالذي يقسو مثلًا في إدانته لغيره، إنما يعرض نفسه لنفس القسوة وأزيد. وقد يتعرض لهذا الحكم هنا على الأرض كما هناك في السماء. مثال ذلك العبد الذي عامل بالقسوة رفيقه المدينة له، إذ قيل عنه في الإنجيل "فدعاه حينئذ سيده وقال له: أيها العبد الشرير، كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت مني. أفما كان ينبغي أنك أيضًا ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا. وغضب سيده وسلمه للمعذبين" (متى 18: 32-34).

قال أخ لشيخ "لماذا يا أبي شيطان الزنى يحاربني بقسوه حتى أنني أسقط فأجابه الشيخ "ذلك لأنك تدين أخاك، فتفارقك النعمه، فتشعر بقسوه الحرب وتسقط". ولعل الإنسان لأول وهلة يعجب قائلًا "وما علاقة الإدانة بالزنى؟" حقًا لا توجد علاقة مباشرة. ولكن هي هذه النتيجة: مفارقة النعمة لمن يدين غيرة...

إذن لا تدين غيرك، ليس لمجرد الشفقة عليه، وإنما أيضًا إشفاقًا على نفسك.

إشفاقًا على نفسك من نتائج الإدانة بالنسبة إليك أنت. سواء تعرضك لتخلي النعمة هنا، أو تعرضك للدينونة هناك، أو مقاساتك من مرارة الخطية التي دنت النعمة هنا، أو تعرضك للدينونة هناك، أو مقاساتك من مرارة الخطية التي دنت أخاك عليها. كما حدث في قصة ذلك الشيخ الذي قسا في حكمة على شاب سقط في الحرب على هذا الشيخ ليقاسي في شيخوخته ما لم يجربه في شبابه.

كذلك الذي يدين غيره، قد يعامله الناس بالمثل.

كما قيل في المثل "من غربل الناس نخلوه". فكثيرًا ما يحدث للذي يعيب غيره، أن يرد عليه بالمثل. وكما كشف ضعفات غيره، يكشف هذا الغير ضعفاته مدافعًا بأن الكل تحت الضعف: الذي يدين كالذي يدان منه.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

إذن أنت إن دنت غيرك، تتعرض لكشف ضعفاتك.

إما أن يكشفها مَن تسيء إليه، أو يكشفها أصدقاؤه واحباؤه وكل المدافعين عنه. أو تنكشف ضعفاتك بأي سبب، بسماح من الله، حتى لا تعود تجلس في منصة القضاء تدين غيرك، كأنك بلا عيب. انظر ماذا قال الرب للذين دانوا المرأة الخاطئة المضبوطة في ذات الفعل... قال لهم.

"مَن كان منكم بلا خطية، فليرميها أولًا بحجر" (يو 8: 7).

وورد في معاملة الرب لأولئك القساة الديانين أنه "أنحني إلى أسفل، وكان يكتب على الأرض" وقيل في التفسير إنه كان يكتب لكل واحد منهم خطيته لذلك ورد بعدها "وأما هم فلما سمعوا، وكانت ضمائرهم تبكتهم، خرجوا واحدًا فواجدًا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين" (يو 8: 8، 9). لذلك لما سمعوا عبارة "من كان منكم بلا خطية فليقذفها أولًا بحجر".. وكأن الرب يقول لهم:

بدلًا من أن تنظروا إلى خطية المرأة، انظروا إلى خطاياكم.

مع أن المرأة كانت خاطئة فعلًا، وهم لم يظلموها ولم يدعوا عليها إدعاءات باطلة لأنها "أمسكت في الخطية" أمسكت وهي تزني في ذات الفعل. ولكن السيد المسيح أراد لهؤلاء أن ينظروا إلى خطاياهم، وليس إلى خطية غيرهم.

الله هو وحده الديان، أيضًا لأنه هو وحده القدوس (رؤ 15: 4).

أما باقي البشر، فينطبق عليهم المثل القائل "من كان بيته من زجاج، فلا يقذف الناس بالحجارة". ليتك تذكر نفسك بهذا المثل، حتى لا يتهشم بيتك...

ارحم إذن ما دمت محتاجًا إلى الرحمة.

واستر على غيرك، ما دمت محتاجًا إلى الستر.

وبالكيل الذي تريد أن يكال به لك، يمكنك أن تكيل لغيرك. أتريد سترًا، إذن استر. أتريد أن خطاياك تظل مخفاة لا يعرف بها أحد، إذن اعمل المثل، وأترك خطايا غيرك مستورة لا يعلم بها أحد...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/judge-not-others/offense-to-the-one-who-condemns.html

تقصير الرابط:
tak.la/n8x2msd