St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   do-not-rebuke-me-in-your-anger
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب يا رب لا تبكتني بغضبك - البابا شنوده الثالث

15- بكاء داود

 

لقد بكى داود. ولكنة لم يبك طلبًا للمغفرة، وإنما بعد أن نال المغفرة!

لقد قدَّم توبة والتوبة تغفر الخطية. ولكن هذه المغفرة لا تمنع من أن الخطية قد ارتكبت وتم الأمر، ولها آثارها النفسية التي قد لا يستطيع الإنسان أن يتلافها...

بالنسبة إلى داود، كان قد نال المغفرة عن خطيئته من قبل، حينما شرح له ناثان النبي عمق تلك الخطية، فقال داود " أخطأت إلى الرب". وقال له ناثان " الرب أيضًا قد نقل عنك خطيتك، لا تموت" (2صم12: 13)، أي نقلها إلى حساب المسيح ليمحوها بدمه، وتغفر لك، فلا تموت. إذن لماذا بكى داود؟

لقد بكي تأثرًا وحزنًا، إذ قد نزل إلى المستوى الذي فعل فيه كل ما فعل...

لقد حزن لأنه أغضب الله. وأيضًا لأنه أحزن الروح القدس الذي حل عليه يوم مسحته... حزن أيضًا لأنه فقد سموه، وفقد نقاوته، وفقد بره وعفته وطهارته، وفقد نبله وانحدر مستواه الروحي...

من جهة المغفرة، قد غفرت الخطية. ولكن في نفسه صوتًا يقول: كيف أفعل كل هذا؟! وأين كان ضميرى؟! وهكذا كانت خطيته أمامه في كل حين" (مز51)، لا تفارق ذاكرته ولا تفارق مخيلته، تذكره بأنه فقد الصورة الإلهية التي له ولم يحتفظ بكرامة المسحة التي نالها من الروح القدس، فتضطرب عظامه، ونفسه تنزعج جدًا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Contemplations on Psalm 6: O Lord, do not rebuke me in Your anger - book cover, by Pope Shenouda III. صورة في موقع الأنبا تكلا: غلاف كتاب يا رب لا تبكتني (مز 6) - البابا شنوده الثالث.

St-Takla.org Image: Contemplations on Psalm 6: O Lord, do not rebuke me in Your anger - book cover, by Pope Shenouda III.

صورة في موقع الأنبا تكلا: غلاف كتاب يا رب لا تبكتني (مز 6) - البابا شنوده الثالث.

إنه يقول: أُعَوِّمُ كل ليلة سريري. وبدموعي أبل فراشي.

ولماذا يعوِّم سريره كل ليلة، وليس بالنهار؟

في النهار مشغول عن نفسه بأشياء كثيرة... مشغول بأمور الملك والجيش والقضاء، والتعامل مع الناس ومع الشعوب المقاومة له. مشغول بأعباء المملكة، وليس لديه وقت للبكاء على خطاياه. بل ولا يخطر ذلك على فكره... أما بالليل، حينما يخلو إلى نفسه بعيدًا عن دوامة العمل. وإذ ينفرد بنفسه، يحاسب نفسه كثيرًا، فيتذكر خطاياه ويبكي...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويقول أُعَوِّمُ كل ليلة سريري، وبدموعي أبل فراشي...

لو قال أُعَوِّمُ الوسادة بدموعي، لكان الأمر معقولًا... ولكنه يقول أُعَوِّمُ سريري. أبل فراشي.

وهذا يدل على كثرة البكاء الذي لا ينقطع، الذي لا يبل وسادته فحسب، بل فراشه كله، ويعوِّم سريره بالدموع... إنه بكاء غير عادي. من دموع لا تهدأ ولا تقف عند حد... كل جزئية من تفاصيل خطيته تحتاج إلى بكاء. وعلى فراشه خطيته أمامه في كل حين (مز51).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نعم هذا داود الباكي في لياليه، الذي يقول:

"في المساء يحل البكاء.." (مز30: 5).

إنها فترة هادئة يقضيها مع نفسه، بعيدًا عن دوامة العمل والمشغوليات، يصلي ويتأمل، ويتذكر خطاياه فيبكي.

حينما تتذكر بكاء داود اسأل نفسك: هل لك بكاء على خطاياك مثل بكائه؟!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إنه يقول أيضًا بعد ذلك:

"تعكرت من الغضب عيناي... شاخَت من سائر أعدائي".

وفي ترجمات أخرى " تعكرت من الغم عيناي". والقصد واحد: سواء حزنه، أو غضبه على نفسه، أو غضب الله بسبب كل هذا تعكرت عيناه".

أي أنه بسبب الحزن والبكاء، ومن الغضب الذي ثار في صدره ضد ما ارتكب من خطايا، تعكرت عيناه، وأدركتهما الشيخوخة في غير وقتها. وهذا واضح الحدوث...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/do-not-rebuke-me-in-your-anger/david-wept.html

تقصير الرابط:
tak.la/vmgnm78