St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   contemplations-vespers
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تأملات في مزامير الغروب - البابا شنوده الثالث

13- لأننا كثيرًا ما امتلأنا هوانًا

 

كلمة (كثيرًا) وكلمة (امتلأنا) تدلان على مقدار الهوان الكبير الذي وقع فيه. [يعني يا رب، الحكاية مش بسيطة، دي زادت خالص وامتلأنا هوانًا، وأنت ساكت لغاية لما إمتلأنا]..

إن بولس الرسول عندما ذكر متاعبه في الكرازة قال: (بمجد وهوان، بصيت رديء وصيت حسن) (2كو 6:8) يعني أنه للهوان وللصيت الرديء. أما المرتل فلا يقول هنا إنه تعرض للهوان، وإنما إمتلأ هوانًا، وكثيرا ما حدث، وإن هذا الهوان لم يتعرض له من الخارج، وإنما إمتلأت به نفسه أيضًا. ولم يجد إلا أن يعرض مذلته على الله.

وفي المزمور الأخير من صلاة الغروب يشكو من نفس الأمر فيقول: (على ظهرى جلدنى الخطاة وأطالوا إثمهم) ليس مجرد جلدة واحدة، وإنما أخذوا راحتهم في الجلد، وأطالوا إثمهم، فامتلأنا هوانًا، وإمتلأت نفوسنا.

هذا الهوان قد يكون أحد نوعين: إما هوان بسبب الخطية ومتاعب الشياطين وكثرة العثرات والمثيرات، وإما هوان بسبب ظلم الناس... والنوعان موجودان في الكتاب المقدس.

أما الذل والهوان الذي بسبب الخطية، فمن أمثلته:

ما ورد في صلاة دانيال النبي إذ يقول: (لك يا سيد البر، أما لنا فخزي الوجوه... لأننا أخطأنا إليك) (دا9: 7، 8) ومن أمثلة ذلك أيضًا صلاة عزرا الذي وجد الشعب قد تدنس بزيجات أجنبية فقال (ولما سمعت بهذا الأمر، مزقت ثيابى وردائى، ونتفت شعر رأسى وذقنى... وقلت: اللهم إنى أخجل وأخزى من أن أرفع يا إلهى وجهى نحوك ،؟لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا، وآثامنا تعاظمت إلى السماء منذ أيام آبائنا ونحن في إثم عظيم إلى هذا اليوم) (عز 9: 3-7)

هذا هو الخزي والهوان الذي بسبب الخطية، لأن الكتاب يقول: (عار الشعوب الخطية) (أم 14: 34).

ولهذا يقول إرميا النبي: (نضطجع في خزينا، ويغطينا خجلنا، لأننا إلى الرب إلهنا أخطأنا... ولم نسمع لصوت الرب إلهنا) (إر 3: 25) وهكذا يقول الرب: في سفر حزقيال النبي للأمة كلها: (لكي تتذكرى فتخزى، ولا تفتحى فاك بعد بسبب خزيك، حين أغفر لك كل ما فعلت) (حز 16: 63) كل هذا هوان بسبب الخطية، لأن الخطية تجلب الخزي والعار. والمصلى عندما يقول فإننا كثيرًا ما إمتلأنا هوانًا. انما يذكر أمام الله خطاياه التي أوقعته في العار والذل والخجل، وينسحق أمام الله بسببها...

St-Takla.org Image: Dante Alighieri's death mask (image 2) - Museum of Palazzo Vecchio Palace (Other names: Palazzo della Signoria, Palazzo del Popolo, Palazzo dei Priori, Palazzo Ducale), Florence (Firenze), Italy. The building dates back to the 13th nd 14th centuries. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: قناع الموت تم عمله بعد موت دانتي أليجيري (صورة 2) - صور متحف قصر فيكيو (أسماء أخرى: بالاتزو ڤيكيو، بالاتزو ديلا سينوريا، بالاتزو ديل بوبولو، بالاتزو دي بريوري، بالاتزو دوكالي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع تاريخ المبنى إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 سبتمبر 2014 م.

St-Takla.org Image: Dante Alighieri's death mask (image 2) - Museum of Palazzo Vecchio Palace (Other names: Palazzo della Signoria, Palazzo del Popolo, Palazzo dei Priori, Palazzo Ducale), Florence (Firenze), Italy. The building dates back to the 13th nd 14th centuries. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: قناع الموت تم عمله بعد موت دانتي أليجيري (صورة 2) - صور متحف قصر فيكيو (أسماء أخرى: بالاتزو ڤيكيو، بالاتزو ديلا سينوريا، بالاتزو ديل بوبولو، بالاتزو دي بريوري، بالاتزو دوكالي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع تاريخ المبنى إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 سبتمبر 2014 م.

على أن هناك هوانًا آخر، سببه ظلم الناس واضطهادهم.

وفي ذلك يقول داود النبي: (اليوم كله خجلى أمامي، وخزى وجهى قد غطانى، من صوت المعير والشتائم، من وجه عدو ومنتقم) (مز 44: 15، 16) ولم يكن ذلك بسبب الخطية، إنما من أجل الرب. إذ يقول داود بعدها مباشرة: (هذا كله جاء علينا، وما نسيناك ولا خنا عهدك. لم يريد قلبنا إلى وراء، ولا مالت خطوتنا عن طريقك) إلى أن يقول:

(من أجلك نمات اليوم كله قد حسبنا مثل غنم للذبح) (مز 44: 22)

ومن أمثلة ذلك أيضًا قول داود النبي: (لأني من أجلك إحتملت العار. غطى الخزي وجهى. صرت أجنبيا عند إخوتى، وغريبا عند بنى أمي. لأن غيرة بيتك أكلتنى، وتعييرات معيريك وقعت على) (مز 69: 7-9).

إذن ممكن من أجل الرب، من أجل الحق، ومن أجل غيرة مقدسة، تمتلئ النفس هوانًا، وتعييرا، ويغطى الخزي وجهها وهكذا عاش الأنبياء والقديسون، يصرخون إلى الرب في كثير من الأوقات قائلين: (إرحمنا يا الله إرحمنا. فإننا كثيرًا ما إمتلأنا هوانًا وكثيرا ما إمتلأت نفوسنا).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وعلى العموم فهذا الهوان، أو هذا الخزي، يرفعه الرب عنا، بطرق كثير، منها: الإنسحاق والتوبة، وأيضًا الإيمان

فمن وجهة الإنسحاق، يقول المزمور: (لا يرجعن المنسحق خازيًا) (مز 74: 21) نعم، لا يمكن أن يخزى المنسحق بل أن الله يرفع عنه الخزي. لأنه (يقيم المسكين من التراب، ويرفع البائس من المزبلة، ليجلس مع رؤساء شعبه) فإن كنت يا أخي قد إمتلأت هوانًا، إنسحق أمام الله، فيرفع وجهك. انسحق أمامه حتى يقبل صلاتك، حينما تقول له: (إرحمنا يا رب إرحمنا، فإننا كثيرًا ما إمتلأنا هوانًا).

أصعب من الخزي هنا، الخزي في اليوم الأخير. مساكين الذين يخزون في ذلك اليوم، حينما تُكْشَف الأعمال وَتُفْحَص الأفكار ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍...

أولئك يصرخون إلى الله قائلين: (إرحمنا يا الله إرحمنا، فإننا كثيرًا ما إمتلأنا هوانًا) فيجبيهم:

(الحق أقول لكم إنى لا أعرفكم) فيزدادون هوانًا على هوان، وخزيا على خزى...

هذا الخزي في اليوم الأخير، وهذا الهوان، يرفعه الرب عنا بالإيمان. إذ يقول الرسول:

(كل من يؤمن به لا يخزى) (رو 9: 33) ويكررها مرة أخرى في (رو 10: 11) وطبعا ليس المقصود هو مجرد الإيمان العقلي، بل الإيمان العامل بالمحبة (غل 5: 6) لأن الإيمان بدون أعمال ميت (يع 2: 26) لا يمكنه أن يمنع الخزي في اليوم الأخير.

هذا الخزي، أو هذا الهوان، الخاص بالخطية قد حمله الرب عنا، لكي ننجو نحن من الهوان والخزي.

وهكذا يقول عنه الرسول: (من أجل السرور الموضوع أمامه، إحتمل الصليب مستهينا بالخزي) (عب 12: 2). صار عارا عند البشر، ومحتقرا عند الشعب، كل الذين يرونه يستهزئون به (مز 22: 6، 7). (محتقر ومخذول من الناس... محتقر فلم نعتد به... ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاه تساق إلى الذبح، وكنعجة صامته أمام جازيها، فلم يفتح فاه وأحصى مع أثمة (إش 53) ونحن نقول له في القداس الغريغورى:

(إحتملت ظلم الأشرار بذلت ظهرك للسياط، وخديك أهملت للطم... لم ترد وجهك عن خزي البصاق) (إش 50: 6).

فإن قلت يا أخي في صلاتك: (إرحمنا يا الله إرحمنا لأننا قد إمتلأنا هوانًا، تذكر حينئذ الهوان الذي تحمله المسيح من أجلك، وهو برئ، وتحمله صامتا لم يفتح فاه...

حينئذ ستصغر ضيقاتك في عينيك، وحينئذ ستغير صلاتك وتقول: (إرحمنا يا الله، فإننا قد ملأناك هوانًا بسبب خطايانا، حينما وضع عليك إثم جميعنا).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-vespers/filled-with-contempt.html

تقصير الرابط:
tak.la/k8tvs8n