St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   7-words-on-the-cross
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب كلمات السيد المسيح على الصليب - البابا شنوده الثالث

4- الكلمة الثالثة: هوذا ابنك... هوذا أمك

 

الكلمة الثالثة: هوذا ابنك... هوذا أمك (يوحنا 26:19، 27)

 

كان الاهتمام بالآخرين هو أول ما يشغل الرب على الصليب. فكما أهتم بصالبيه، وقال "يا أبتاه أغفر لهم" وكما اهتم باللص اليمين ووعده قائلًا "اليوم تكون معي في الفردوس"، اهتم أيضًا بأمه، وعهد برعايتها إلى تلميذه الحبيب يوحنا.

عَهَدَ بالبتول إلى تلميذه البتول...

عهد بأمه التي حملته كثيرًا على صدرها، إلى تلميذه الحبيب الذي اتكأ كثيرًا على صدره. عهد بأمه التي وقفت إلى جوار صليبه، إلى تلميذه الوحيد الذي تبعه حتى الصليب.

عهد بأمه التي حملت في داخلها جمر لاهوته، إلى تلميذه الذي كتب إنجيلًا فيما بعد يثبت فيه لاهوته.

قال لها "هذا هو ابنك". وقال له "هذه هي أمك".

ومن ذلك الحين أخذها التلميذ إلى بيته (يو47:19).

St-Takla.org Image: Crucifixion: Christ on the Cross, Virgin Mary, Mary Magdelene, Saint John and Saint Francis of Paola (image 2) - painting by Nicholas Tournier (N. Tournieres), circa 1635, oil on canvas, Height: 422 cm (13.8 ft); Width: 292 cm (114.9 in), Department of Paintings of the Louvre, Room 825 - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة الصلب: السيد المسيح على الصليب وبجانبه: القديسة مريم العذراء، القديسة مريم المجدلية، القديس يوحنا الحبيب، القديس فرنسيس الباولي (فرنسيس من باولا) (صورة 2) - رسم الفنان نيكولاس تورنيه، 1635 م. تقريبًا، زيت على قماش بمقاس 442×292 سم. - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014 م.

St-Takla.org Image: Crucifixion: Christ on the Cross, Virgin Mary, Mary Magdelene, Saint John and Saint Francis of Paola (image 2) - painting by Nicholas Tournier (N. Tournieres), circa 1635, oil on canvas, Height: 422 cm (13.8 ft); Width: 292 cm (114.9 in), Department of Paintings of the Louvre, Room 825 - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة الصلب: السيد المسيح على الصليب وبجانبه: القديسة مريم العذراء، القديسة مريم المجدلية، القديس يوحنا الحبيب، القديس فرنسيس الباولي (فرنسيس من باولا) (صورة 2) - رسم الفنان نيكولاس تورنيه، 1635 م. تقريبًا، زيت على قماش بمقاس 442×292 سم. - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014 م.

وبهذا أعطانا الرب مثالًا عن الاهتمام بالأقرباء حسب الجسد، وبخاصة الأم. لقد اهتم بهذا المستودع الذي حمله تسعة أشهر، وبهذه الأم التي اهتمت به قبلًا، والتي عاش خاضعًا لها (لو51:2).

إن الشخص في آلامه يكون موضع اهتمام الناس به. اما المسيح في آلامه، فكان هو المهتم بغيره...

كَمْ بِالْحَرِيِّ الآن وهو في راحته، يهتم بنا بالأكثر...

اهتمامه الأول وجهه إلى غفران الخطايا، وبعد ذلك اهتم بالرعاية الاجتماعية. وكانت الأم هي أول من اهتم به في هذه الرعاية.

لقد ظن البعض -عن سوء فهم- أن السيد الرب في تركيزه على العلاقات الروحية، قد أبطل الاهتمام بهذه العلاقات العائلية في قوله "من هي أمي، ومن هم أخوتي... الذي يفعل مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي" (متى48:12، 50). ولكن هذا الفهم الخاطئ ألغاه الرب على الصليب.

إن التكريس، والتفرغ لخدمة الرب، والانشغال بالأسرة الكبيرة التي هي الكنيسة الجامعة، كل ذلك لا يعني إهمال الإنسان لأقربائه وخاصة، ولا سيما أهل بيته. (1تى8:5) وكل ذلك لا يعفى الإنسان من أكرام والديه أو من الاهتمام بأمه.

وكأنما كان هناك موعد بين السيد المسيح وأمه القديسة العذراء. كان وجهها الطاهر أول وجه يراه عند مجيئه إلى هذا العالم بالجسد، وكان آخر وجه يراه قبيل تسليمه الروح في يدي الآب... إنه قلب الأم المحب الذي يسعى وراء الابن أينما كان، زمه في آلامه في حب... ويناجيه بتلك العبارة المؤثرة "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص. وأما أحشائي فتلتهب بالنار عند نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه من أجل الكل يا إبني وإلهي".

وهو أيضًا قلب الابن الذي يهتم بأمه وهو في عمق آلامه.

وهكذا وجد السيد المسيح من اللازم أن يعتني بأمه في آلامه، ويقول لها كلمة تعزية بينما يجوز في نفسه سيف (لو35:2).. وجد من المناسب له كابن أن يعزى أمه في آلامها. وقد عَزَّاها بثلاثة أمور: بالحديث معها، وبالعناية بها وتدبير أمورها. وبمنحها ابنا روحيًّا يؤنس وحدتها...

وحديث الرب مع أمه على الصليب، يختلف عن حديثه مع اللص اليمين. هو الذي بدأ الكلام، والرب رد عليه. أما مع القديسة مريم، فالرب هو الذي بدأ الكلام... إنها أمه. لا ينتظر حتى تكلمه فيرد عليها. ولا ينتظر حتى تشكو إليه فينظر في شكواها... وهي لن تشكو. فقد تعودت العذراء أن تصمت. حتى إلى جوار الصليب، لم يقل أحد أنها كانت تصرخ أو تندب، إنما كانت رصينة ورزينة في ألمها، وصامتة. وكان الرب يفهم صمتها ويسمعه، ويعرف دواخِل قلبها ومشاعرها. فكلمها دون أن تطلب. وأطاعت كلامه، وذهبت مع التلميذ الحبيب إلى بيته...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وكانت العذراء بركة ليوحنا، وبركة لبيته، منحه المسيح إياها، مكافأة له على حُبّه... أخذها التلميذ كجوهرة ثمينة أغلى من العالم كله... وظلت في بيته وديعة غالية حتى تنيحت... ويقال أن يوحنا الرسول لم يبرح أورشليم إلا بعد نياحة العذراء... إن كان يوحنا قد وصل في حبه أنه تبع المسيح إلى الصليب، وظل واقفا إلى جواره، فيجب أن ينال مكافأة على ذلك، هنا وفي الأبدية... أما هنا، فقد نال بركة العذراء، وإقامتها في بيته... إن كل الذين يتبعون المسيح، لا بُد أن يأخذوا منه شيئًا... لا بُد أن يغترفوا من بركاته ومن نعمه.

والعذراء أخذت يوحنا لها ابنًا. أعطاها الرب أكثر تلاميذه حبًا وعاطفة ورقة وتعلقًا وإخلاصًا... يوحنا الحبيب أكثر من تكلم من الرسل عن المحبة... هو الذي قال أن "الله محبة" (1يو16:4)، هو التلميذ الذي "يتكئ في حضن يسوع"، وكان "يسوع يحبه". إنه أكثر إنسان يقدم للعذراء صورة ابنها...

كان يبدو أن المسيح على الصليب لا يملك شيئًا. حتى ملابسه، أخذوها واقتسموها فيما بينهم. ولكنه كان يملك يوحنا، فأعطاه لأمه، يوحنا الذي وهب قلبه للمسيح، فأخذ المسيح هذا القلب، ووهبه لأمه... وهكذا جمع الرب محبيه معًا... واهتم بأمه عاطفيا، كما اهتم بها ماديًّا...

تُرَى مَنْ الذي كان يهتم بالآخر: العذراء أم يوحنا... كانت العذراء في بيت يوحنا، لا لتأكل منه، وإنما لتملأه بركة ونعمة... ولكي تمنحه أيضًا معرفة بالمسيح، أعمق من كل ما يعرفونه. وأوسع...

نلاحظ أن كَون المسيح يعهد بأمه إلى تلميذه يوحنا، يحمل دلالة أكيدة على ان السيدة العذراء لم يكن لها أبناء آخرون بعد المسيح كما يَدَّعي البروتستانت. لأنه لو كان لها أبناء، لكانوا أولى برعايتها وبنوال بركتها من آي شخص غريب... لقد كانت العذراء وحيدة في ذلك الوقت: ليس لها أبناء، ويوسف النجار قد تنيح منذ زمن. فعهد بها المسيح إلى تلميذه...

وعبارة "هذا هو ابنك" تعطينا فكرة عن البنوة الروحية كما توضح لنا كرامة العذراء بالنسبة إلى آبائنا الرسل أنفسهم...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/7-words-on-the-cross/thy-son-mother.html

تقصير الرابط:
tak.la/y2np293