St-Takla.org  >   books  >   nagy-gayed  >   christian-management
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المفاهيم المسيحية.. والفكر الإداري المتجدد: فلسفة "الإدارة بالمحبة" - أ. ناجي جيد

15- أهم نظريات التنظيم

 

أولًا: أهم نظريات التنظيم

من أهم نظريات التنظيم خلال مراحل تطوره، النظريات التالية:(6)

النظرية الكلاسيكية - النظرية السلوكية - نظرية النظم

 

(أ) النظرية الكلاسيكية (النظرية التقليدية):

من أقدم النظريات في الفكر التنظيمى، حيث إنها قد بدأت في أوائل القرن العشرين (عام 1912) تقريبا ولأهمية هذه النظرية في الحياة العملية فإنها لا تزال من أكثر النظريات شيوعًا وإستخدامًا حتى اليوم. وتعتمد هذه النظرية بإيجاز على بعض المحاور مثل: تقسيم العمل، حدود ومجال الإشراف، تصميم الهيكل الإداري أو هرمية الإدارة... إلخ..

إن مصطلح تقسيم العمل يعني تجزئة العمل الإداري مثل الإنتاج أو التسويق أو التمويل أو الأفراد إلى أجزاء صغيرة، اعتمادًا على مبدأ التخصص بغرض رفع كفاءة الأداء البشرى. فعلي سبيل المثال يمكن تقسيم عمل إدارة التسويق إلى أقسام فرعية للمبيعات، الدعاية والإعلان، العلاقات العامة، بحوث السوق... إلخ.. ويتم تقسيم قسم المبيعات إلى مبيعات خارجية ومحلية، ويتم تقسيم المبيعات المحلية طبقا للمجموعات السلعية إلى المجموعة أ، ب، جـ. ويتم تقسيم كل مجموعة سلعية إلى مبيعات جملة وتجزئة، ثم يعاد تقسيم كل نوع جغرافيا إلى القاهرة والإسكندرية ووجه بحري ووجه قبلي... وغير ذلك من تقسيمات.

إن هذا التقسيم الجزئي أو الفرعي يساعد على التخصص في بيع نوعيات معينة من المجموعات السلعية، وكذلك التخصص في البيع لنوعية معينة من المتاجر (الجملة، أو التجزئة). والتخصص أيضا في البيع لنوعية معينة من المحافظات أو المناطق الجغرافية، وسوف ينعكس هذا التخصص الدقيق بالإيجاب على رفع كفاءة الأداء وسرعة الإنجاز وتحقيق أدنى درجات الخطأ.. إلخ.. ويجدر الإشارة إلى أنه كلما تم تقسيم الوظائف أو تجزئتها على أسس علمية أو منطقية مناسبة كلما تم تحقيق النتائج المرجوّة.

وفيما يتعلق بمجال أو حدود الإشراف، فإنها تعنى عدد التقسيمات أو الأجزاء الفرعية الوظيفية التي يمكن تجميعها مع بعضها بغرض إدارتها والإشراف عليها بما يحقق النتائج المستهدفة. ويلاحظ أن حدود أو مجال الإشراف تتوقف على عدة عوامل مثل العدد الإجمالي لأفراد الوظائف الفرعية المراد تجميعها داخل نطاق إشرافي معين، ومدى الانسجام والاتساق بين الأقسام والأجزاء الوظيفية المزمع تجميعها في المجال الإشرافي، والشكل الإشرافى أو الرئاسى التي ترغب الإدارة العليا في تطبيقه فيما بين الشكل الأفقي (الواسع المفلطح) أو الرأسى (الضيق المدبب) وغير ذلك من العوامل.

وبالتطبيق على مثال إدارة التسويق. نجد أن مجال الإشراف يمكن أن يأخذ أحد الشكلين التاليين: 

St-Takla.org Image: Field of supervision in the marketing area - a graph from "The Christian Concepts.. and the Renewed Management Thinking" book, by Nagy Gayed. صورة في موقع الأنبا تكلا: شكل مجال الإشراف في مجال التسويق - شكل من كتاب "المفاهيم المسيحية.. والفكر الإداري المتجدد: فلسفة الإدارة بالمحبة" - ناجي جيد.

St-Takla.org Image: Field of supervision in the marketing area - a graph from "The Christian Concepts.. and the Renewed Management Thinking" book, by Nagy Gayed.

صورة في موقع الأنبا تكلا: شكل مجال الإشراف في مجال التسويق - شكل من كتاب "المفاهيم المسيحية.. والفكر الإداري المتجدد: فلسفة الإدارة بالمحبة" - ناجي جيد.

أما فيما يتعلق بالتدرج الهرمي للسلطة، فإنه يمكن القول أن التجميع الوظيفى لتحديد مجال الإشراف قد يترتب عليه تعقد العلاقات الإدارية بين مستويات الإشراف، الأمر الذي يؤدى إلى ضرورة وجود سلطة عليا واحدة (أو مركزية) تجلس على قمة الهرم الإداري، يمكنها اتخاذ القرارات العليا وإصدار الأوامر للمستويات الإدارية التي تليها بخصوص أهداف المنظمة التي يراد تحقيقها.

أما عن كيفية تسلسل السلطة من أعلى إلى أسفل، فإنها تتم من خلال تفويض السلطة، ولكن يجب مراعاة أن عملية تفويض السلطة إلى المستويات الإدارية الأقل لا بُد أن تكون في حدود أو على القدر الذي يحتاجه كل مستوى إداري، وذلك لتنفيذ العبء الذي يقع عليه فيما يتعلق بالأهداف المطلوب تحقيقها. هذا وقد يحتاج تنفيذ العمل الإداري أثناء مراحله المتعددة إلى الاستعانة بأعمال وجهود بعض المتخصصين والمستشارين سواء من خارج المنظمة أو داخلها، ولمواجهة بعض الموضوعات أو المشاكل الإدارية المتخصصة أو صعبة الحل.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(ب) النظرية السلوكية:

وجه رواد هذه المدرسة في التنظيم انتقادات كثيرة لأصحاب النظرية الكلاسيكية لعل من أهم هذه الانتقادات: إن كثرة القوانين واللوائح والإجراءات الرقابية تؤدى إلى ضجر وسخط العاملين ومن ثم ظهور وتكوين تنظيمات غير رسمية مضادة، يكون تأثيرها على الأفراد كبيرًا بشكل يعوق تحقيق الأهداف الرسمية التي يسعى إلى تحقيقها التنظيم الإداري بالمنظمة، بالإضافة إلى ما قد يترتب على ذلك من حالات قلق وفوضى لدى العاملين.

ومن الانتقادات أيضا إن مركزية اتخاذ القرارات والسلطة قد لا تتيح الفرصة لظهور كوادر إدارية بديلة، كما قد لا تساعد المركزية على التخصص الإداري أو تقسيم العمل بشكل جيد يحقق الغرض الأساسي من مركزية القرار. وقد يؤخذ على الفكر الكلاسيكى أيضا كثرة عدد المراكز الإشرافية خلال التدرج الهرمى وصعوبة التنسيق بينها.

وقد يزيد من مشاكل النظرية الكلاسيكية التي تظهر في الواقع بعد فترة من التطبيق، حالة القدسية التي قد يكتسبها التنظيم والتي تجعل من الصعب الاقتراب من الهيكل الإداري بالتعديل أو التغيير، وتؤثر هذه الحالة من (التبجيل) سلبا على سهولة وانسياب العمل الإداري سواء رأسيا (من أعلى إلى أسفل) أو أفقيا (يمينا ويسارا) على نفس المستوى الإداري الواحد.

أضف إلى ما تقدم عدم انتباه الفكر الكلاسيكى لأهمية حاجات العاملين النفسية ودوافعهم ودرجة الرضا الداخلي عن العمل لديهم... إلخ.. كما أن العنصر التحفيزى للعاملين الذي تعتمد عليه هذه النظرية غالبًا ما يركز على العوامل المادية فقط دون العوامل المعنوية والنفسية والاجتماعية الأخرى. هذا ويرى المؤلف أن كل الانتقادات التي وجهت للنظرية الكلاسيكية في التنظيم يمكن التعامل معها والتغلب عليها.

أما عن النظرية السلوكية. فقد قامت بتجنب الانتقادات للفكر الكلاسيكي في التنظيم، من خلال التعامل مع الفرد ليس باعتباره (وحدة مستقلة منعزلة) بل كعضو في جماعة يتأثر بها ويؤثر فيها. وعليه فأن هذه النظرية تأخذ في الاعتبار السلوك البشرى – والذي قد يكون إنفعاليًا أو غير مخطط – ومدى تأثيره في التنظيم، كما تهتم هذه المدرسة التنظيمية أيضا بالصداقات بين أعضاء التنظيم، حيث ترى هذه المدرسة أن قوة العلاقة والمصالح المشتركة بين الأفراد داخل المجموعات الوظيفية أو التنظيمات غير الرسمية، تكون لها تأثيرًا مباشرًا على أداء هؤلاء الأفراد، كما أن هذا التأثير غالبا ما يكون أهم وأقوى من تأثير التخصص وتقسيم العمل فيما يتعلق بتحقيق الأهداف. ∙

وكما يتضح من أسم هذه النظرية أو المدرسة في الفكر التنظيمى وهو "المدرسة السلوكية"، فإن التركيز أو الاهتمام سوف ينصب على علم الاجتماع أو على العلوم السلوكية والنفسية. وقد ظهر هذا الأمر واضحًا في فكر هذه المدرسة، حيث قد أهتم علماء الاجتماع مثلًا بتأثير الجماعات والتنظيمات غير الرسمية على درجة التوافق والانسجام بين الأفراد وبعضهم، وعلى علاقة الأفراد والتنظيمات غير الرسمية بالمستويات الإدارية المتنوعة للتنظيم الرسمي ومدى التعاون معها، والأثر السلبي لكل هذا على أداء الأفراد وإنتاجيتهم.

وسوف يهتم علماء النفس ويركزون دراستهم على رغبات وحاجات العاملين المادية والنفسية، وعلى تحديد الدوافع الوظيفية والاجتماعية لهم، وكذلك على معرفة مدى الرضا الداخلي

للعاملين عن الوظيفة والتنظيم وبيئة العمل... إلخ.. وتمشيا مع اهتمامات المدرسة السلوكية في التنظيم أيضا فأنها سوف تهتم بالدور القيادى في شحذ همم الأفراد وتحفيزهم لزيادة إنتاجيتهم، وسوف تجمع هذه المدرسة كذلك بين المكافآت التشجيعية المادية وغير المادية (النفسية والمعنوية) لتشجيع ورفع معنويات العاملين ورفع كفاءة الأداء... وغيرها من العوامل السلوكية والاجتماعية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 (ج) نظرية النظم:

ينظر أصحاب هذه النظرية إلى التنظيم على أنه بناء متكامل، أو نظام يتألف من مجموعة من الأجزاء التي تعتمد على بعضها البعض لتكون منظمة متكاملة، ويعرف هذا الفكر التنظيمي بمدخل أو نظرية النظم.

ولكن ماهى عناصر النظام طبقا لهذه النظرية؟ إن العنصر البشري هو العنصر الأول الرئيسي في نظرية النظم. وينقسم العنصر البشري إما إلى مرؤوسين وإما إلى رؤساء، والمرؤوسين هم الذين يتمركزوا في المستويات الإدارية والتنفيذية الدنيا كعمال الإنتاج في المجال السلعي أو الخدمي ومندوبي المبيعات... وغيرهم، أما الرؤساء فهم المشرفين والمديرين المنتشرين بالمستويات الإدارية المتنوعة خلال الهيكل التنظيمي. والحديث عن العنصر البشرى يستوجب معرفة ودراسة كل ما يتعلق بحاجات واتجاهات ودوافع المرؤوسين، وكيفية التعامل معهم ومكافآتهم وطرق تحفيزهم. كما يستوجب أيضا معرفة أنواع المشرفين والقادة والسمات الشخصية أو صفات كل نوع منهم ومعرفة ما هو الفرق بين القائد والمدير... إلخ..

أما العنصر الثاني فيتمثل في الهيكل التنظيمى الرسمى والجماعات (التنظيمات) غير الرسمية. إن الهيكل التنظيمي يجب أن يتلاءم مع احتياجات وأهداف المنظمة الحالية وكذلك مع الرسالة والرؤية المستقبلية لها. كما يجب أن تتمشى الوظائف الاشرافية والقيادية للمستويات الإدارية المتنوعة مع الحاجات الوظيفية للعاملين، من تدريب وتعليم طبقا لمبدأ التخصص وتقسيم العمل، من جهة أخرى فإن أي إضافات اشرافية جديدة تتم على الهيكل التنظيمى لا بُد أن تلبى حاجة حالية أو تطورًا مستقبليا للمنظمة وليس تلبية لرغبات وحاجات كوادر إدارية بشرية بعينها.

ولتجنب أي معوقات أو مشاكل قد تحدثها الجماعات والتنظيمات غير الرسمية داخل العمل، فإنه يجب العمل قدر الإمكان على تطويع أو توظيف أغراض وأهداف هذه الجماعات والتنظيمات لخدمة الأهداف العامة والرسمية للمنظمة، والإستفادة من التأثير الفعال لهذه الجماعات على العاملين.

إن العنصر الثالث الذي يجب الإشارة إليه هو "التكنولوجيا والتقنيات المتاحة". وهنا نود أن نلفت الإنتباه إلى أن التكنولوجيا المزمع استخدامها في التشغيل من آلات وعمليات وتقنيات ينبغى أن تتلاءم مع كم العمالة المستخدمة وإمكانياتهم الوظيفية والجسمانية والنفسية، حيث يمكن استخدام نظام كثيف للآلات في وجود عنصر بشري قليل (في الكم والكيف)، واستخدام نظام ميكنة قليل أو متواضع مع عنصر بشرى كثيف، أو استخدام نظام متوازن بين الآلات والعمالة.

ويلاحظ إن أكثر العناصر التي يمكن أن تجد رفض ومقاومة كبيرة عند التفكير في تغييرها وتطويرها هو عنصر التكنولوجيا المستخدمة في التشغيل، بسبب قلق وخوف الكثير من العمال على فقدان وظائفهم (توفيرهم) الذي يمكن أن يصاحب عمليات تغيير أو تطوير التكنولوجيا، أو بسبب إعادة التأهيل والتدريب للعمالة الحالية بما قد يفوق قدراتهم واستعدادهم لإكتساب خبرات جديدة تتناسب ومتطلبات التكنولوجية المقترحة، وتعرف هذه الظاهرة لدى المتخصصين (بظاهرة مقاومة التغيير) وهي شائعة الحدوث في كل دول العالم تقريبًا.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(6) د. سيد الهوارى، الإدارة، الأصول والأسس العلمية للقرن ال 21، مرجع سبق ذكره، ص 172 - 186.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-management/theories.html

تقصير الرابط:
tak.la/5tkxn4g