St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   cross
 
St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   cross

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول الصليب - أ. حلمي القمص يعقوب

13- ما هي نبوات العهد القديم التي تصوّر لنا رحلة الصليب؟ وأين تحققت في العهد الجديد؟

 

س8: ما هي نبوات العهد القديم التي تصوّر لنا رحلة الصليب؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: هناك نبوَّات العهد القديم التي تصوّر لنا رحلة الصليب بالكامل، والآن هيا بنا يا صديقي إلى هذه النبوَّات التي تمثل كنزًا ملوكيًا مختومًا، وقد فك ختومه الأسد الخارج من سبط يهوذا، فصار سهلًا متاحًا لأي إنسان ليدركه ويتمتع به.

  1. تحقق نبوة العهد القديم: "نسل المرأة يسحَق رأس الحيَّة" في شخص السيد المسيح

  2. تحقق نبوة العهد القديم: "تآمر الرؤساء والملوك" في شخص السيد المسيح

  3. تحقق نبوة العهد القديم: "رفض حجر الزاوية" في شخص السيد المسيح

  4. تحقق نبوة العهد القديم: "بُغضة الشعب اليهودي" في شخص السيد المسيح

  5. تحقق نبوة العهد القديم: "دخول أورشليم" في شخص السيد المسيح

  6. تحقق نبوة العهد القديم: "دم العهد الجديد" في شخص السيد المسيح

  7. تحقق نبوة العهد القديم: "خيانة يهوذا" في شخص السيد المسيح

  8. تحقق نبوة العهد القديم: "بيعه بثلاثين من الفضة" في شخص السيد المسيح

  9. تحقق نبوة العهد القديم: "نهاية يهوذا" في شخص السيد المسيح

  10. تحقق نبوة العهد القديم: "هروب التلاميذ" في شخص السيد المسيح

  11. تحقق نبوة العهد القديم: "غيرة بيتك والتعييرات" في شخص السيد المسيح

  12. تحقق نبوة العهد القديم: "القبض على المسيح" في شخص السيد المسيح

  13. تحقق نبوة العهد القديم: "شهود الزور" في شخص السيد المسيح

  14. تحقق نبوة العهد القديم: "حَمَل بلا عيب" في شخص السيد المسيح

  15. تحقق نبوة العهد القديم: "الذي بلا خطية مات من أجلنا" في شخص السيد المسيح

  16. تحقق نبوة العهد القديم: "اللَّه هو الفادي" في شخص السيد المسيح

  17. تحقق نبوة العهد القديم: "صمت السيد المسيح أثناء المحاكمات" في شخص السيد المسيح

  18. تحقق نبوة العهد القديم: "إكليل الشوك" في شخص السيد المسيح

  19. تحقق نبوة العهد القديم: "الجَلد واللَّطم والبصق" في شخص السيد المسيح

  20. تحقق نبوة العهد القديم: "صلبه بين لصين" في شخص السيد المسيح

  21. تحقق نبوة العهد القديم: "ثقب الأيدي والأرجل والجروح" في شخص السيد المسيح

  22. تحقق نبوة العهد القديم: "الاستهزاء والسخرية" في شخص السيد المسيح

  23. تحقق نبوة العهد القديم: "الزلزلة والظلمة" في شخص السيد المسيح

  24. تحقق نبوة العهد القديم: "إحصاء عظامه والعطش وشُرب الخل" في شخص السيد المسيح

  25. تحقق نبوة العهد القديم: "وقوف أقاربه من بعيد" في شخص السيد المسيح

  26. تحقق نبوة العهد القديم: "الصلاة من أجل صالبيه" في شخص السيد المسيح

  27. تحقق نبوة العهد القديم: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني" في شخص السيد المسيح

  28. تحقق نبوة العهد القديم: "في يديك أستودع روحي" في شخص السيد المسيح

  29. تحقق نبوة العهد القديم: "منظر المصلوب" في شخص السيد المسيح

  30. تحقق نبوة العهد القديم: "عدم كسر عظامه" في شخص السيد المسيح

  31. تحقق نبوة العهد القديم: "الطعن بالحربة" في شخص السيد المسيح

  32. تحقق نبوة العهد القديم: "اقتسام الثياب" في شخص السيد المسيح

  33. تحقق نبوة العهد القديم: "إطلاق أسرى الجحيم" في شخص السيد المسيح

  34. تحقق نبوة العهد القديم: "التكفين والدفن" في شخص السيد المسيح

  35. تحقق نبوة العهد القديم: "جسده لا يرى فسادًا" في شخص السيد المسيح

  36. تحقق نبوة العهد القديم: "القيامة والقبر الممجَّد" في شخص السيد المسيح

  37. تحقق نبوة العهد القديم: "زمن صلب المسيح" في شخص السيد المسيح

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نسل المرأة يسحَق رأس الحيَّة:

عقب سقوط الإنسان قال اللَّه للحيَّة "وأضَع عداوةً بينك وبين المرأة، وبين نَسْلِك ونسلها. وهو يسحَق رأسَكِ، وأنتِ تسحَقِين عقبه" (تك 3: 15).

وتحقَّقت النبوَّة فإن كان كل إنسان ينسب إلى أبيه، فإن السيد المسيح هو الوحيد الذي ينسب إلى أمه العذراء القديسة الطاهرة مرتمريم، فهو الوحيد في الكون كله الذي يمكن أن ندعوه "نسل المرأة"، وهذا ما أوضحه معلمنا بولس الرسول: "ولكن لمَّا جاء ملءُ الزمان، أرسل اللَّه ابنه مولودًا من امرأة" (غل 4: 4) ونسل المرأة وردت هنا بصيغة المفرد "نسل" ولم ترد بصيغة الجمع "أنسال" وهو يقصد بهذا السيد المسيح وحده كما أوضح ذلك بولس الرسول: "وأمَّا المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسلِهِ. لا يقول: (وفي الأنسَال) كأنه عن كثيرين، بل كأنه عن واحدٍ: (وفي نَسلِك) الذي هو المسيح" (غل 3: 16). أمّا الحيَّة فهي الشيطان، وقد دعاه السفر الأول بالحيَّة، ودعاه السّفر الأخير بـ "الحيَّة القديمة" (رؤ 20: 2) والسيد المسيح سَحَق بالصليب رأس الحيَّة وأنقذ البشرية منه، وكل ما أستطاع أن يفعله الشيطان مع السيد المسيح هو أن يسحق عقبه بآلام الصليب التي حاقت بجسده.

 

تآمر الرؤساء والملوك:

قبل الصلب بحوالي ألف عام رأى داود النبي بعين النبوَّة الضجة التي فعلها اليهود بدون حجة، وتآمرهم مع الرومان لصلب السيد المسيح، وظنوا أنهم قضوا عليه ولكنهم فوجئوا بالقيامة "لماذا ارتجَّت الأمم، وتفكَّر الشعوب في الباطل؟ قام ملوك الأرض، وتآمَرَ الرؤساء معًا على الرب وعلى مَسيحه، قائلين: لنقطع قيودهُما ولنطرح عنا رُبُطهَما. السَّاكن في السموات يَضْحَك. الرب يستهزئُ بهم" (مز 2: 1 –4).

St-Takla.org Image: The Crucified Jesus Christ and Saint Dominic (San Domenico), by Fra Angelico between 1437-1446 - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: يسوع المسيح المصلوب مع القديس دومينيك، رسم الفنان فرا أنجيليكو في الفترة ما بين 1437-1446 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014

St-Takla.org Image: The Crucified Jesus Christ and Saint Dominic (San Domenico), by Fra Angelico between 1437-1446 - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: يسوع المسيح المصلوب مع القديس دومينيك، رسم الفنان فرا أنجيليكو في الفترة ما بين 1437-1446 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014

 وتحقَّقت النبوَّة فبعد الصلب والقيامة، وقد هدَّد رؤساء الكهنة بطرس ويوحنا، صلّى الرسل وأشاروا للنبوَّة السابقة "فلمَّا سَمعوا، رفَعُوا بنفسٍ واحدةٍ صوتًا إلى اللَّه وقالوا: أيها السيد، أنت هو الإله الصَّانـع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، القائل بفم داود فتاك: لماذا ارتجَّت الأمَم وتفكَّر الشعوب بالباطل؟ قامت ملوك الأرض، واجتمع الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه. لأنه بالحقيقة اجتمع على فَتاك القدُّوس يسوع، الذي مسَحْته، هيرودس وبيلاطس البنطيُّ مع أمم وشعوب إسرائيل، ليفعلوا كل ما سَبقت فعيَّنت يدك ومشورَتُك أن يكون" (أع 4: 24 – 28).

 

رفض حجر الزاوية:

أشارت النبوَّة إلى رفض اليهود للسيد المسيح حجر الزاوية الذي ربط الأرضيين بالسمائيين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فقال المرنم "الحَجر الذي رَفَضَه البناؤون قد صار رأس الزاوية. من قِبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا" (مز 117: 22، 23).

وتحقَّقت النبوة ففي ختام مثل الكـرم والكرامين قال السيد المسيح لليهود "أمَا قرَأتم قَطُّ في الكتب: الحجر الذي رَفَضَـهُ البنَّاؤون هو قد صار رأس الزاوية؟ من قِبل الرب كان هذا وهو عجيبٌ في أعيننا! لذلك أقول لكم: إن ملكوت اللَّه يُنزَع ويُعطى لأمَّةٍ تعمَل أثمَاره. ومن سَقَط على هذا الحجر يترضَّض، ومن سَقَط هو عليه يسحَقُهُ" (مت 21: 42 – 44)، وقد أشار لهذه النبوَّة أيضًا مُعلمنا بطرس الرسول في رسالته الأولى (1بط 2: 6، 7).

 

بُغضة الشعب اليهودي:

أشار لهذه البغضة داود النبي عندما قال: "أكثَر من شَعر رأسي الذين يُبغضونني بلا سبب... حينئذٍ رَدَدت الذي لم أخطَفْه... صِرتُ أجنبيًّا عند إخوتي، وغريبًا عند بني أُمي" (مز 69: 4، 8) وقال أيضًا: "بكلام بُغضٍ أحاطوا بي، وقاتلوني بلا سببٍ. بدل محبَّتي يخاصمونني. أما أنا فصلاةٌ. وضعوا عليَّ شرًا بدل خيرٍ، وبغضًا بدل حُبّي" (مز 109: 3 – 5).

 وتحقَّقت النبوّة فهذا ما حدث مع السيد المسيح الذي صنع أعمالًا عظيمة ومعجزات مدهشة مع الشعب اليهودي، ورغم ذلك أبغضوه: "أجابهم يسوع أعمالًا كثيرة حسنـةً أريتُكم من عند أبي. بسبب أي عمل ترجمونني؟" (يو 10: 32).. "لو لم أكن قد عَمِلتُ بينهم أعمالًا لم يعمَلها أحد غيري، لم تكن لهم خطيَّةٌ، وأمَّا الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي. ولكن لكي تتمَّ الكلمة المكتوبة في ناموسهم: إنهم أبغضوني بلا سبب" (يو 15: 24، 25) وقال الإنجيل: "إلى خاصَّته جاء، وخاصته لم تقبَلْهُ" (يو 1: 11).. لقد أخطأ الإنسان وكسر الوصية وسلب حق اللَّه في الطاعة واختطف لنفسه قضية الموت، وجاء يسوع البار ليحمل عقاب خطايانا ويدفع ما لم يأخذه وما لم يختطفه وأطاع حتى الموت موت الصليب.

 

دخول أورشليم:

تنبأ إشعياء النبي عن دخول يسوع ملك المجد إلى أورشليم فقال: "على جبلٍ عالٍ اصعدي، يا مُبشِّرة صهيون. ارفعي صوتك بقوَّة، يا مبشِّرة أورشليم. ارفعي لا تخافي. قولي لمدن يهوذا: هوذا إلهك. هوذا السيد الرب بقوَّة يأتي... كراع يرعى قطيعه. بذراعه يجمع الحُملاَن، وفي حِضْنِهِ يحمِلُها، ويقود المُرضِعَات" (إش 40: 9 – 11)، وأيضًا تنبأ زكريا النبي قائلًا: "ابتهجي جدًا يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا مَلِكُكِ يأتي إليكِ. هو عادِلٌ ومنصورٌ وديع، وراكب على حمار وعلى جَحْشٍ ابن أتان" (زك 9: 9).

 وتحقَّقت النبوَّة وأشار إليها متى الإنجيلي قائلًا: "ولمَّا قَرُبوا من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزّيتون، حينئذٍ أرسَل يسوع تلميذين قائلًا لهُما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما، فللوقت تجدان أتانًا مربوطةً وجحشًا معها، فحلاَّهُما وأتياني بهمـا. وإن قال لكما أحدٌ شيئًا، فقولا: الرب محتاجٌ إليهما. فللوقت يرسِلُهما. فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل. قولوا لابنة صهيون: هوذا ملِكُكِ يأتيك وديعًا، وراكبًا على أتان وجحش ابن أتان. فذَهَب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع، وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجَلَس عليهما" (مت 21: 1 – 6).

 

دم العهد الجديد:

تنبأ إرميا عن العهد الجديد الذي سيقطعه اللَّه مع الكنيسة متمثلة في التلاميذ الأطهار بعد أن نقضت الأمة اليهودية عهده فقال: "ها أيام تأتي، يقول الرب، وأقطَع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهدًا جَديدًا. ليس كالعهد الذي قطَعْتُهُ مع آبائهم يوم أمسكتُهم بيدهم لأُخرجهم من أرض مصر، حين نَقَضوا عهدي فرفضتُهُم، يقول الرب. بل هذا هو العهد الذي أقطَعَهُ مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام، يقول الرب: أجعل شريعتي في داخلهم وأكتُبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهًا وهم يكونون لي شعبًا. ولا يُعلِّمون بعد كل واحد صاحِبَه، وكل واحدٍ أخاه، قائلين: اعرفوا الرب، لأنهم كلَّهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم، يقول الرب، لأني أصفَح عن إثمهم ولا أذكر خطيَّتهم بعد" (إر 31: 31 – 34).

 وتحقَّقت النبوّة يوم الخميس الكبير عندما قدَّم السيد المسيح دمه عهدًا جديدًا للكنيسة "ثم أخذ الكأس وشكر وأعطاهم فشربوا منها كلهم. وقال لهم هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين" (مر 14: 23، 24) وأشـار إلى هـذه النبوّة وتحقُّقها معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين (عب 8: 8 ـ 12).

 

خيانة يهوذا:

تنبأ داود النبي عن خيانة يهوذا الذي عاش مع معلِّمه وأكل وشرب معه ويدعوه "رجل سلامتي"، و"إلفي وصديقي" فيقول: "وإن دخَل ليراني يتكلَّم بالكَذب. قلبُهُ يجمَع لنفسِهِ إثمًا. يخرُجُ في الخارج يتكلَّم. كل مُبغضيَّ يتناجون معًا عليَّ. عليَّ تفكَّروا بأذيَّتي. يقولون: أمرٌ رديءٌ قد انسكب عليه. حيثُ اضطَجَع لا يعود يقوم. أيضًا رَجُل سلامتي، الذي وثِقتُ به، آكل خبزي، رفع عليَّ عقبه" (مز 41: 6 ـ 9). وتنبأ أيضًا قائلًا: "لأنه ليس عدُوٌّ يُعيّرني فأحتَمِل. ليس مُبغضي تعظَّم عليَّ فأختَبئ منه. بل أنت إنسان عديلي، إلفِي وصديقي. الذي معه كانت تحلُو لنا العِشرة. إلى بيت اللَّه كنا نذهب في الجُمهور" (مز 55: 12 ـ 14).

وتحقَّقت النبوّة عندما تشاور يهوذا مع رؤساء الكهنة ليُسلّم لهم المسيح، وقد أشار إلى هذه النبوة الرب يسوع قائلًا: "أنا أعلَمُ الذين اختَرتُهُم. لكن ليتمَّ الكتاب: الذي يأكُل معي الخبز رفع عليَّ عَقِبَه... لمَّا قال يسوع هذا اضطَرب بالروح، وشَهد وقال: الحقَّ الحقَّ أقول لكم: إن واحدًا منكم سيُسلّمني... أجاب يسوع هو ذاك الذي أغمِسُ أنا اللُّقمَة وأعطِيهِ. فَغَمَس اللُّقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطي" (يو 13: 18 ـ 26) وفي بستان جثسيماني أقبل يهوذا مع الغوغاء "فللوقت تقدَّم إلى يسوع وقال: السلام يا سيدي! وقبَّلَهُ. فقال له يسوع يا صاحب لماذا جئت؟" (مت 26: 49، 50).. "وبينما هو يتكلَّم إذا جَمعٌ، والذي يُدعَى يهوذا، أحَد الاثني عشر، يتقدَّمهم، فَدَنا من يسوع ليقبّله. فقال له يسوع يا يهوذا، أبقُبلَةٍ تُسلّم ابن الإنسان؟" (لو 22: 47، 48).

 

بيعه بثلاثين من الفضة:

تنبأ زكريا النبي عن تسليم يهوذا للسيد المسيح مقابل ثلاثين من الفضة، كما أشار إلى رد يهوذا للفضة، وشراء حقل الفخاري مقبرة للغرباء بها فقال: "فقُلت لهم: إن حَسُن في أعيُنكم فأعطُوني أُجرتي وإلاَّ فامتنعوا. فوزَنوا أُجرتي ثلاثين من الفِضَّة. فقال لي الرب ألقِها إلى الفخَّاري، الثمن الكريم الذي ثمَّنوني به. فأخذت الثلاثين من الفِضَّة وألقيتها إلى الفخَّاري في بيت الرب" (زك 11: 12، 13).

 وتحقَّقت النبوَّة: عندما ذهب يهوذا لرؤساء الكهنة: "وقال ماذا تريدون أن تُعطوني وأنا أُسَلّمه إليكم؟ فجعلوا له ثلاثين من الفِضّة" (مت 26: 15) وبعد القبض على السيد المسيح: "حينئذٍ لمَّا رأى يهوذا الذي أسلَمه أنه قد دِين، نَدِم وردَّ الثلاثين من الفِضَّة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ. قائلًا: قد أخطأت إذ سَلَّمت دمًا بريئًا. فقالوا ماذا علينا؟ أنت أبْصِر. فطرح الفضَّة في الهيكل وانصَرف، ثم مضى وخَنق نفسَه. فأخذ رؤساء الكهنة الفِضَّة وقالوا: لا يَحِلُّ أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمَن دم. فتشاوَروا واشتروا بها حَقل الفخَّاري مقبَرَةً للغُرَباء" (مت 27: 3 – 7).

 

نهاية يهوذا:

تنبـأ داود النبي عن النهاية المأسوية ليهوذا التلميذ الخائن فقال: "فأقِم أنت عليه شريرًا، وليَقِف شيطان عن يمينِهِ. إذا حُوكِمَ فليخرج مُذنبًا، وصلاتُهُ فلتَكُن خطيَّة. لتكُن أيامُهُ قليلَةً، ووظيفَتُهُ ليأخُذها آخَر. ليكن بنوه أيتامًا وامرأته أرمَلَةً" (مز 109: 6 – 9) كما تنبأ عن خراب دياره وديار نسله قائلًا: "لتَصِر دارهُم خرابًا، وفي خيامِهم لا يَكُن ساكِنٌ" (مز 69: 25).

 وتحقَّقت النبوَّة وأشار إليها بطرس الرسول قائلًا: "كان ينبَغي أن يتمَّ هذا المكتوب الذي سَبَق الروح القدس فقالَهُ بفَم داود، عن يهوذا الذي صار دليلًا للذين قَبَضُوا على يسوع. إذ كان معدودًا بيننا وصَار له نصيب في هذه الخدمة. فإن هذا اقتنى حقلًا من أُجرَة الظُّلم، وإذ سَقَط على وجهِهِ انشَقّ من الوسط، فانسَكَبَت أحشاؤه كلها... لأنه مكتوبٌ في سِفر المزامير: لتَصِر دارهُ خرَابًا ولا يَكُن فيها ساكِنٌ وليأخذ وظيفَتَه آخَر" (أع 1: 16 ـ 20).

 

10ـ هروب التلاميذ:

تنبأ زكريا النبي عن هروب التلاميذ في لحظة القبض على راعيهم فقال: "استيقِظ يا سَيْف على راعيَّ، وعلى رَجُـل رفقَتي، يقول ربُّ الجنود. اِضرب الرَّاعي فتَتَشتَّت الغنم" (زك 13: 7).

وتحقَّقت النبوَّة وأشار إليها الرب يسوع: "حينئذٍ قال لهم يسوع: كُلُّكم تشكُّون فيَّ في هذه الليلة، لأنه مكتوبٌ: أني أضربُ الراعي فتتبَدَّد خراف الرعيَّة" (مت 26: 31).. "أمَّا هذا كُلُّه فقد كان لكي تُكمَّل كتب الأنبياء. حينئذٍ ترَكه التلاميذ كلهم وهربوا" (مت 26: 56).

 

11ـ غيرة بيتك والتعييرات:

أشار داود النبي إلى غيرة السيد المسيح على الهيكل وتعييرات اليهود له وهو على الصليب فقال: "لأن غيرَةَ بيتِكَ أكَلَتْني، وتعييرات مُعَيِّريكَ وقَعَت عليَّ" (مز 69: 9).

 وتحقَّقت النبوَّة أولًا في تطهير الهيكل وأدركها التلاميذ: "ووُجِد في الهيكل الذين كانوا يبيعُون بقرًا وغَنَمًا وحمَامًا، والصيَّارف جُلوسًا. فَصَنع سوطًا من حبالٍ وطرَدَ الجميع من الهيكل، الغَنم والبقر، وكبَّ دراهم الصَّيارف وقلب موائِدَهم. وقال لباعة الحمام: ارفعوا هذه من ههنا! لا تجعلوا بيت أبي تجارة! فتذكَّر تلاميذه أنه مكتُوبٌ: غيرة بيتكَ أكَلَتني" (يو 2: 14 – 17) ثم تحقَّق الجزء الثاني من النبوَّة عندما عيَّره المعاندون مع اللصين "أيضًا كان اللِّصان اللّذان صُلِبا معه يُعيّرانه" (مت 27: 44) وأشار لهذه النبوّة معلمنا بولس الرسول عندما قال لأهل رومية: "لأن المسيح أيضًا لَم يُرضِ نفسُه، بل كما هو مكتوب تعييرات معيّريك وقعت عليَّ" (رو 15: 3).

 

12ـ القبض على المسيح:

تنبأ داود النبي عن طريقة القبض على السيد المسيح فقال: "أحاطت بي ثيران كثيرةٌ. أقوياء باشان اكتنفتني. فَغَروا عليَّ أفواههم كأسد مفتَرس مُزَمْجر "(مز 22: 12، 13).

 وتحقَّقت النبوَّة ففي بستان جثسيماني تقدم الغوغاء مع الجنود ورؤساء الكهنة السابقين للقبض على مُخلّصنا الصالح "ثم قال يسوع لرؤساء الكهنة وقوَّاد جُندِ الهيكل والشيوخ المقبلين عليه: كأنه على لصٍّ خَرَجتم بسيوف وعصيٍّ! إذ كُنت معكم كل يوم في الهيكل لم تَمُدُّوا عليَّ الأيادي. ولكن هذه ساعُتكُم وسلطان الظلمة. فأخَذوه وساقُوه.." (لو 22: 52 – 54).. "ثم إن الجُند والقائد وخدَّام اليهـود قبضـوا على يسـوع وأوثَقُوه" (يو 18: 12).. وفي دار الولاية "فأخَذ عَسْكر الوالي يسوع إلى دار الولاية وجَمَعوا عليه كل الكتيبة" (مت 27: 27).

 

13ـ شهود الزور:

تنبأ داود النبي عن شهود الزور الذين شهدوا على السيد المسيح أثناء المحاكمات زورًا فقال: "شهود زورٍ يقومون، وعمَّا لم أعلَم يسألونني. يجازونني عن الخير شرًا" (مز 35: 11، 12).

وتحقَّقت النبوَّة: "وكان رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع كلُّه يطلبون شهادةَ زورٍ على يسوع لكي يقتلوه. فلم يَجدوا. ومع أنه جاء شهودُ زورٍ كثيرونَ، لم يجدوا. ولكن أخيرًا تقدَّم شاهدا زورٍ. وقالا: هذا قال إني أقدِر أن أنقُضَ هيكل اللَّه، وفي ثلاثة أيام أبنيه" (مت 26: 59 – 61).. "ولا بهذا كانت شهادتُهُم تتفق" (مر 14: 59).

 

14ـ حَمَل بلا عيب:

تنبأ إرميا النبي قائلًا: "وأنا كخروف داجن يُساق إلى الذبح، ولم أعلَم أنهم فكَّروا عليَّ أفكارًا، قائلين: لنُهلِك الشجرة بثمرها، ونقطَعه من أرض الأحياء، فلا يُذكَر بعد اسمه" (إر 11: 19) وتكرَّرت النبوَّة على لسان إشعياء النبي: "ظُلم أمَّا هو فتذلَّل ولم يفتح فاهُ كشاةٍ تُساق إلى الذَّبح، وكنعجةٍ صامتةٍ أمام جازِّيها فلم يفتَح فاه" (إش 53: 7).

 وتحقَّقت النبوَّة فشهد يوحنا المعمدان للحَمَل الذي بلا عيب: "وفي الغَدِ نَظَر يوحنا يسوع مقبلًا إليه، فقال: هوذا حَمَلُ اللَّه الذي يرفَع خطيَّة العالم" (يو 1: 29) وقال عنه بطرس الرسول: "الذي إذ شُتِم لم يكن يَشتِم عِوَضًا، وإذ تألم لم يكن يُهدِّد بل كان يُسلِّم لمن يَقضي بعدْل. الذي حَمَل هو نفسُهُ خطايانا في جَسَدِهِ على الخشبة" (1بط 2: 23، 24).

 

15ـ الذي بلا خطية مات من أجلنا:

أوضح إشعياء هذه الحقيقة فأشار إليها بعدّة أساليب مختلفة في إصحاح واحد قائلًا: "لكن أحزاننا حَمَلها، وأوجَاعنا تحمَّلها. ونحن حَسِبناه مُصابًا مضروُبًا من اللَّه ومذلولًا. وهو مجروحٌ لأجل معاصينا، مسحوقٌ لأجل آثامِنا. تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شُفينا. كلنا كغنم ضَلَلنا. مِلنا كلُّ واحدٍ إلى طريقه، والربُّ وضَعَ عليه إثم جَميعنا... أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي... على أنه لم يَعمل ظُلمًا، ولم يكُن في فَمِهِ غِشٌّ. أمَّا الرب فسُرَّ بأن يسْحَقَه بالحَزن. إن جَعَل نفسَهُ ذبيحة إثم... وعبدي البارُّ بمعرفَته يُبرّر كثيرين، وآثامهم هو يحمِلُها... أنه سَكَب للموت نفسَهُ... وهو حَمَل خطيَّة كثيرين وشَفَع في المُذْنبين" (إش 53: 4 – 12).

وتحقَّقت النبوَّة إذ وهو القدوس الذي بلا خطية وحده وقال لليهود: "مَن مِنكُم يبكّتُني على خطيَّة" (يو 8: 46) قدَّم نفسه بإرادته ليموت نيابة عنا وقال عن نفسه: "ليس أحدٌ يأخذها مني، بل أضعُها أنا من ذاتي. لي سلطانٌ أن أضَعَهَا ولي سُلطـانٌ أن آخُذها أيضًا" (يو 10: 18) وقال أيضًا: "أنا هو الرَّاعي الصَّالح، والرَّاعي الصَّالح يَبذِلُ نفسَهُ عن الخِراف" (يو 10: 11) وقال قيافا رئيس الكهنة: "أنه خَيـرٌ لنا أن يمـوتَ إنسانٌ واحِدٌ عن الشعب ولا تهلِكَ الأُمَّة كلها! ولم يَقُل هذا من نفسِهِ، بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة، تنبَّأ أن يسوع مُزمِعٌ أن يموت عن الأمَّة. وليس عن الأمَّة فقط، بل ليَجْمَع أبناء اللَّه المتفرِّقين إلى واحد" (يو 11: 50 ـ 52) وأوضح هـذه الحقيقـة مُعلمنا بطرس الرسول قائلًا: "الذي حَمَل هو نفسُهُ خطايانا في جَسَدِهِ على الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبرّ،ِ الذي بجَلْدَتِهِ شُفِيتُم" (1بط 2: 24).

 

16ـ اللَّه هو الفادي:

هذا هو الخط العام في الكتاب المقدَّس ومن أمثلة ذلك:

* قـال موسى النبي للرب: "تُرشِدُ برأفَتِكَ الشعب الذي فَدَيْتَهُ" (خر 15: 13).. "اغفر لشَعْبِكَ إسرائيل الذي فَدَيْتَ يارب، ولا تَجْعل دم بريء في وسَط شَعْبِكَ إسرائيل. فيُغفَر لهم الدَّم" (تث 21: 8).

* قال أليهو بن برخئيل: "فَدَى نفسِي من العبور إلى الحُفْرَة، فَتَرى حياتي النُّور" (أي 33: 28).

* قال المرنم: "الرب فادي نُفُوس عَبِيدِهِ" (مز 34: 22).. " إنما اللَّه يَفْدِي نفسي من يَدِ الهاوية" (مز 49: 15).. "معَاصِينا أنت تُكَفِّر عنها" (مز 65: 3).. "وهو يَفدي إسرائيل من كل آثامِهِ" (مز 130: 8) وقال داود النبي: "باركي يا نفسي الرب... الذي يَفْدي من الحُفْرَة حياتك. الذي يُكَلِّلُكِ بالرَّحمة والرَّأفة" (مز 103: 1 – 4).

* قال اللَّه على لسان إشعياء النبي: "لا تخف يا دودَةَ يعقوب، يا شرْذِمَةَ إسرائيل. أنا أُعِينُك، يقول الرب، وفادِيكَ قُدّوس إسرائيل" (إش 41: 14).. "قَدْ مَحَوت كغيم ذُنُوبَكَ وكسحابَةٍ خطاياكَ. ارجع إليَّ لأني فَدَيتُكَ. ترَنَّمي أيتها السموات لأن الرب قد فَعَل... لأن الرب قد فَدى يعقوب، وفي إسرائيل تمجَّد. هكذا يقول الرب فاديكَ وجابِلُكَ من البَطن" (إش 44: 22 – 24).. "ها إن يَدَ الرب لم تَقْصُر أن تخلّص، ولم تثقَل أُذنه عن أن تسمَع... فرأى أنه ليس إنسان، وتحيَّر من أنه ليس شَفِيعٌ. فخلَّصت ذِراعُهُ لنفسِهِ، وبرُّه هو عَضَده... ويأتي الفادي إلى صهيون وإلـى التائبين عـن المعصيَةِ في يعقوب، يقول الرب" (إش 59: 1، 16، 20).

* وقال الرب على فم إرميا النبي: "ها أيام تأتي، يقول الرب، وأُقِيم الكلمة الصَّالحة التي تكلَّمت بها إلى بيت إسرائيل وإلى بيت يهوذا. وفي تلك الأيام وفي ذلك الزَّمان أُنبت لداود غُصن البر، فيُجري عَدلًا وبرًّا في الأرض. وفي تلك الأيام يَخلُص يهوذا، وتَسْكُن أورشليم آمِنَةً، وهذا ما تتسمَّى به: الرب برُّنا" (إر 33: 14 – 16).

* قال الرب على لسان هوشع النبي: "وأمَّا بيت يهوذا فأرحمُهُم وأُخلّصهم بالرب إلههم، ولا أُخَلّصُهم بقوسٍ وبسيفٍ وبحربٍ وبخيلٍ وبفرسانٍ" (هو 1: 7).. "وأنا الربُّ إلهُكَ من أرض مصر. وإلهًا سُواي لست تعرفُ، ولا مُخَلِّص غيري... من يد الهاوية أفديهم. من الموت أُخلِّصهم. أين أوباؤُكَ يا موت؟ أين شوكَتُك يا هاوية؟" (هو 13: 4، 14).

* قال الرب على فم زكريا النبي: "أجمَعُهُم لأني قد فَدَيتُهُم" (زك 10: 8).. "ويُخلّصُهُم الرب إلهُهُم" (زك 9: 16).

* وقال زكريا الكاهن: "مبارك الرب... لأنه افتَقَد وصَنَع فِدَاءً لشَعبه" (لو 1: 68).

وتحقَّقت جميع هذه النبوَّات ومثيلاتها إذ تجسد اللَّه وتأنس وصُلب عنا ومات وفدانا واشترانا بدمه كقول بولس الرسول: "لأنكم قد اشتُريتم بثمَن" (1كو 6: 20).. "الذي بَذَل نفسَهُ لأجلِنا، لكي يفدينا من كل إثمٍ" (تي 2: 14).. "المسيح افتَدَانا من لعنَةِ الناموس" (غل 3: 13).. "لأن هذا حَسَنٌ ومقبُولٌ لدى مُخلّصنا اللَّه" (1تي 2: 3) وقال بطرس الرسول: "عالمين أنكم افتُدِيتُم لا بأشياء تفنى، بفضَّةٍ أو ذهبٍ، من سيرَتِكُم الباطلة... بل بدم كريم، كما من حَمَلٍ بلا عيب ولا دنس، دم المسيح، معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم" (1بط 1: 18 – 20) وقال يوحنا الحبيب: "يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا" (1يو 2: 1، 2).

 

17ـ صمت السيد المسيح أثناء المحاكمات:

تنبأ عن هذا الصمت داود النبي قائلًا: "وأمَّا أنا فكأصَمَّ. لا أسمع. وكأبكم لا يفتَح فاه. وأكون مثل إنسان لا يسمَعُ وليس في فَمِهِ حُجَّة" (مز 38: 13، 14)، وقال إشعياء النبي: "ظُلِم أمَّا هو فتذلَّل ولم يفتح فاهُ كشاةٍ تُساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" (إش 53: 7).

وتحقَّقت النبوَّة أمام رؤساء الكهنة: "فقام رئيس الكهنة في الوسَط وسأل يسوع قائلًا: أما تُجيبُ بشيء؟ ماذا يشهَد به هؤلاء عليك. أما هو فكان ساكتًا ولم يُجِب بشيء" (مر 14: 60، 61).. "وأمَّا هيرودس فلمَّا رأى يسوع فَرِحَ جدًا، لأنه كان يُريد من زمان طويل أن يراه، لسماعِهِ عنه أشياء كثيرة، وترجَّى أن يَرى آيةً تُصنَع منه. وسألَهُ بكلام كثير فلم يُجبه بشيء" (لو 23: 8، 9) وأشار بطرس الرسول إلى هـذا الصمـت قائلًا: "الذي إذ شُتِم فلـم يكن يَشتِم عوضًا" (1بط 2: 23).

 

St-Takla.org Image:  The crown of thorns is put on the head of our Savior Jesus Christ by the soldiers: John 19:2 - by Titian. bx19 صورة في موقع الأنبا تكلا: وضع تاج الشوك، إكليل الأشواك على رأس السيد المسيح يسوع بواسطة الحراس و الجنود: يوحنا 19: 2 - رسم الفنان تايتان

St-Takla.org Image:  The crown of thorns is put on the head of our Savior Jesus Christ by the soldiers: John 19:2 - by Titian. bx19

صورة في موقع الأنبا تكلا: وضع تاج الشوك، إكليل الأشواك على رأس السيد المسيح يسوع بواسطة الحراس و الجنود: يوحنا 19: 2 - رسم الفنان تايتان

18ـ إكليل الشوك:

نظر سليمان الحكيم بعين النبوَّة لهذا الإكليل فرآه تاجًا على رأس ربنا يسوع: "اخرجنَ يا بنات صهيون، وانظُرنَ الملك سليمان بالتَّاج الذي توَّجَته به أُمُّه في يوم عُرسِهِ وفي يوم فرح قلبه" (نش 3: 11) ومن الثابت أن بثشبع أم سليمان لم تلبس ابنها تاجًا يوم عرسه.

وتحقَّقت النبوَّة في شخص السيد المسيح: "وضفروا إكليلًا من شوكٍ ووضَعُوه على رأسِهِ وقَصَبَةً في يمينه. وكانوا يجثون قُدَّامه ويستهزئون به قائلين: السلام يا ملك اليهود" (مت 27: 29). فقد ألبسته أمه أي الأمة اليهودية إكليل الشوك في يوم عرسه يوم فرحه بفداء وخلاص البشرية: "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومُكَمِّله يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه، احتَمَل الصليب مستهينًا بالخزي" (عب 12: 2) وفي مثل العذارى شبّه ربنا يسوع نفسه بالعريس، وقال عنه إشعياء النبي: "لأن بَعْلَكِ (أي زوجكِ أو عريسكِ) هو صانعـكِ، رَبّ الجُنود اسمُهُ، ووليُّكِ قدوس إسرائيل، إله كل الأرض يُدعى" (إش 54: 5).

 

19ـ الجَلد واللَّطم والبصق:

تنبأ المرنم عن جلدات المسيح قائلًا: "على ظهري حَرَث الحُرَّاث طوَّلوا أتلامَهُم" (مز 129: 3) أي إن الجلدات أحدثت جروحًا عميقة في ظهر المُخلّص حتى شابهت خطوط المحراث في الأرض. وجاء في سفر إشعياء "بَذَلت ظَهري للضَّاربين، وخدَّيَّ للنَّاتفين. وجهي لم أستُر عن العار والبَصق" (إش 50: 6) وفي سفر أيوب: "أما الآن فصِرت أُغنيَتَهم، وأصبحت لهم مثلًا. يكرهونني. يبتعدون عني. وأمام وجهي لم يُمسِكُوا عن البَصْق" (أي 30: 9، 10) وقـال ميخا النبـي: "يضربون قاضي إسرائيل بقضيبٍ على خدّه" (مي 5: 1).

 وتحقَّقت كل هذه النبوَّات فيقول الإنجيل: "فحينئذٍ أخَذَ بيلاطُس يَسوع وجَلَدَهُ" (يو 19: 1).. "والرِّجال الذين كانوا ضابطين يسوعَ كانوا يَستهزئون به وهُم يَجلِدُونَه" (لو 22: 63).. "حينئذٍ بصَقُوا في وجهِهِ ولكَمُوه وآخرون لطَمُوه. قائلين: تنبأ لنا أيها المسيح، مَن ضربك؟" (مت 26: 67، 68).. "ولمَّا قال هذا لَطَم يسوع واحدٌ من الخُدَّام" (يو 18: 22).

 

20ـ صلبه بين لصين:

الذي كان يتطلَّع على جبل الجلجثة كان يقول: "اليوم صُلب ثلاثة رجال" دون أن يميز بين الشخصيات الثلاث، وهذا ما عبَّر عنه إشعياء النبي قائلًا: "أنه سَكَب للموتِ نفسَهُ وأُحصيَ مع أثمَةٍ" (إش 53: 12).

وتحقَّقت النبوَّة: "حينئذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّان، واحِدٌ عن اليمين وواحِدٌ عن اليسار" (مت 27: 38).

 

21ـ ثقب الأيدي والأرجل والجروح:

قال داود النبي: "لأنه قَد أحَاطَت بي كلابٌ. جماعةٌ من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يديَّ ورجليَّ" (مز 22: 16) ولم يحدث قط أنهم ثقبوا يدي داود ورجليه، لأن داود مات فوق سريره مكرَّمًا ودُفِن بشيبة صالحة: "ولما قَرُبَت أيام وفاة داود أوصَى سليمان ابنَهُ قائلًا: أنا ذاهبٌ في طريق الأرض كلّها. فتَشَدَّد وكُن رجُلًا... واضْطَجَع داود مع آبائِهِ ودُفِن في مدينة داود" (1مل 2: 1 – 10) وقال إشعياء النبي: "وهو مجرُوحٌ لأجل معاصِينا" (إش 53: 5) وزكريا النبي: "فيقول له ما هذه الجروح في يديك؟ فيقول: هي التي جُرِحت بها في بيت أحبائي" (زك 13: 6).

 وتحقَّقت هذه النبوات: "حينئذٍ أطلق لهم باراباس، وأمَّا يسوع فجَلَده وأسلَمَهُ ليُصلب" (مت 27: 26).. "ولمَّا مضوا به إلى الموضع الذي يُدعى جمجمة صلبوه هناك" (لو 23: 33).

 

 22ـ الاستهزاء والسخرية:

تنبأ عن هذا الجانب داود النبي قائلًا: "كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشِّفاه ويُنغِضُون الرَّأس قائلين: اتَّكَل على الربّ فليُنَجِّـه، ليُنقِذْهُ لأنه سُرَّ به" (مز 22: 7، 8).. "وهم ينظرون ويتفرَّسون فيَّ" (مز 22: 17).. "وأنا صِرت عارًا عِندهم. ينظرون إليَّ وينغضونَ رؤوسهم" (مز 109: 25) وأكمل سليمان جانب آخَر من النبوّة قائلًا: "ويتبَاهى بأن اللَّه أبُوه. فلننظُر هل أقوالُهُ حقٌّ، ولنَختَبر كيف تكون عاقبتُهُ. فإنه إن كان الصِّديق ابن اللَّه فهو ينصُرُه وينقِذُهُ من أيدي مقاومِيهِ. فلنمتحِنهُ بالشَّتم والعذاب حتى نَعلَـم حِلْمُـه ونختَبـِر صَبْـرُه، ولنَقْضِ عليه بأقبَح ميتَةٍ" (الحكمة 2: 16 – 20).

وتحقَّقت هذه النبوات: فإن عسكر الوالي "بعدما استهزَأوا بهِ، نَزَعوا عنه الرِّداء وألبَسُوه ثيابَهُ، ومضوا به للصَّلب" (مت 27: 31).. "وكان المُجتازون يُجدِّفون عليه ويَهزُّون رؤوسهم" (مت 27: 39) وقال رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ: "قد اتَّكل على اللَّه، فليُنقِذه الآن إن أرادَهُ. لأنه قال: أنا ابن اللَّه" (مت 27: 43).. "وكذلك رؤساء الكهنة وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة، قالوا: خلَّص آخرين وأمَّا نفسه فما يقدر أن يُخلِّصها. لينزل الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب، لنرى ونؤمن. واللذان صُلبا معه كانا يعيرّانه" (مر 15: 31، 32).

 

23- الزلزلة والظلمة:

تنبأ عاموس عن ظلمة الشمس في وسط النهار قائلًا: "أليس من أجل هذا ترتعد الأرض... ويكون في ذلك اليوم، يقول السيد الرب، أني أُغَـيّب الشمس في الظُهر، وأُقتِمُ الأرض في يوم نور" (عا 8: 8، 9).

وتحقَّقت هاتان النبوتان فيقول الإنجيل: "والأرض تزَلزلت، والصُّخور تشقَّقت" (مت 27: 51).. "وأمَّا قائد المئة والذين معه يحرُسون يسوع فلمَّا رأوا الزلزلة وما كان، خافوا جدًا وقالوا: حقًا كان هذا ابن اللَّه!" (مت 27: 54).. "ومن الساعة السادسة كانت ظُلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة" (مت 27: 45). وعندما حدثت الظلمة في وقت كان يستحيل فيه حدوث كسوف كلي للشمس تعجَّب عالم الفلك ديوناسيوس الأريوباغي وقال: "إما أن يكون خالق الطبيعة متألمًا أو أن العالم آخذ في التمزُّق".

 

24ـ إحصاء عظامه والعطش وشُرب الخل:

تنبأ داود النبي عـن هذا فقال: "كالماء انسكبتُ. انفصلت كل عظامي. صار قلبي كالشَّمع. قد ذاب في وسَط أمعائي. يَبِسَت مثل شقفةٍ قوَّتي، ولَصِقَ لساني بحنكي، وإلى تراب الموت تضعـُني... أُحصيَ كلَّ عظامـي، وهـم ينظرون ويتفرَّسون فيَّ" (مز 22: 15 ـ 17).. "ويجعلون في طعامي علقَمًا، وفي عطشي يسقُونني خلًا" (مز 69: 21).

وتحقَّقت هذه النبوَّات فمن شدة جذب الأذرع على الصليب، ومن شدَّة الآلام صارت عظام ربنا يسوع ظاهرة ومُحصَاة، وتعبيرًا عن شدة العطش قال النبي: "لصق لساني بحنكي" وعن شُرب الخل يقول الإنجيل: "أعطوه خلًا ممزوجًا بمرارةٍ ليشرب. ولمَّا ذاق لم يُرد أن يشرب" (مت 27: 34).. "بعد هذا رأى يسوع أن كل شيء قد كَمَل، فلكي يتمَّ الكتاب قال: أنا عطشان. وكان إناءٌ موضوعًا مملوًّا خلًا، فملأوا إسفِنجَةً من الخَلِّ، ووضعوها على زوفا وقدَّموها إلى فمِهِ. فلمَّا أخذ يسوع الخَلَّ قال: قد أُكمِل" (يو 19: 28، 29)، فالخل قُدّم للسيد المسيح مرتين، في المرة الأولى كان ممزوجًا بمرارة لتخفيف الآلام عنه، وهذا المزيج رفضه يسوع ليتحمل الآلام كاملة، وهذا ما ذكره متى الإنجيلي، وفي المرة الثانية كـان خلًا بدون مرارة وهـذا شرب منه المسيح وهو على الصليب ليتم المكتوب: "وفي عطشي يسقونني خلًا".

 

25ـ وقوف أقاربه من بعيد:

قال داود النبي: "أحبَّائي وأصحابي يقفون تجاه ضربتي وأقاربي وقفوا بعيدًا" (مز 38: 11).

وتحقَّقت النبوة فقال الإنجيل "وكان جميع معارفِهِ ونساءٌ كُنَّ قد تَبعنَه من الجليل، واقفين من بعيد ينظرون ذلك" (لو 23: 49).

 

26ـ الصلاة من أجل صالبيه:

قـال إشعيـاء النبي "وشَفَع في المُذنبين" (إش 53: 12).

وتحقَّقت النبوَّة عندما قال السيد المسيح وهو على الصليب: "يا أبتاه، اغفِر لهُم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعَلُون" (لو 23: 34).

 

27ـ إلهي، إلهي، لماذا تركتني:

بدأ داود النبي المزمور الثاني والعشرين بالآية: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني" (مز 22: 1).

وتحقَّقت النبوة عندما كان السيد المسيح مُعلَّقًا على الصليب: "ونحو الساعة التاسعة صَرَخ يسوع بصوت عظيم قائلًا: إيلي، إيلي، لَمَا شَبَقْتَني؟ أي: إلهي، إلهي، لماذا تَرَكْتني؟" (مت 27: 46).

 

28- في يديك أستودع روحي:

تنبأ داود النبي عن تسليم السيد المسيح لروحه البشرية في يد الآب السماوي، بعكس جميع البشر من آدم حتى الصليب، والذين كان الشيطان يتسلّم أرواحهم ساعة موتهم، فقال المزمور: "أخرجني من الشَّبَكَةِ التـي خبَّأُوهـا لي، لأنك أنت حِصني. في يَدِيك أستودع رُوحي" (مز 31: 4، 5).

 وتحقَّقت النبوَّة على الصليب عند موت المسيح: "ونادى يسوع بصوت عظيم وقال: يا أبتاه، في يدَيك أستودع روحي" (لو 23: 46).

 

29ـ منظر المصلوب:

رآه إشعياء النبي بعين النبوّة وقدَّم لنا وصفًا دقيقًا وكأنه كان واقفًا مع يوحنا الحبيب والمريمات بجوار الصليب فقال: "لا صورَة له ولا جَمال فننظر إليه، ولا منظَر فنشتهيَهُ. مُحْتَقرٌ ومَخذُولٌ من الناس، رجل أوجاع ومختَبر الحَزَن، وكمَستَّر عنه وجُوهُنا، مُحتَقَرٌ فلم نَعْتَدَّ به" (إش 53: 2، 3) ثم سأل إشعياء المصلوب قائلًا: "من ذا الآتي من أدوم، بثيابٍ حُمْر من بُصْرَة؟ هذا البَهيُّ بملابسِهِ المتعظّم بكثرة قوَّتِهِ" (إش 63: 1) فسمع الإله المتكلّم بالبر يجيبه قائلًا: "أنا المتكلّم بالبِرّ، العظيم للخلاص" (إش 63: 2) ويتعجّب إشعياء من البار الذي بلا خطية وجسده قد تلطّخ بالدماء فيسأله: "ما بال لباسك مُحَمَّرٌ وثيابُكَ كدائس المعصَرة؟" (إش 63: 2) فيجيبه البار بأن هذه الدماء هي آثار معركة الصليب الرهيبة: "قد دُسْتُ المِعصَرَة وحدي، ومن الشعوب لم يَكُن معي أحَدٌ. فدُستُهم بغضبي، ووطئتُهُم بغيظي. فَرُشَّ عَصِيرُهم على ثيابي، فلَطَختُ كلَّ ملابسي. لأن يوم النقمة في قلبي وسنة مفدييَّ قد أتت" (إش 63: 3، 4).

 

30ـ عدم كسر عظامه:

تنبأ داود النبي عن عدم كسر ساقي السيد المسيح قائلًا: "يحفَظُ جميع عظامهِ واحد منها لا ينكسر" (مز 34: 20).

وتحقَّقت النبوَّة فيقول يوحنا الإنجيلي: "فأتى العَسْكَر وكَسَروا ساقي الأوَّل والآخَر المصلوب معه. وأمَّا يسوع فلمَّا جاءوا إليه لم يكسروا ساقية، لأنهم رأوه قد مَـات... لأن هـذا كان ليتـمّ الكتاب القائـل عَظْمٌ لا يُكْسَر منه" (يو 19: 32 – 36).

 

31ـ الطعن بالحربة:

تنبأ زكريا النبي عن طعن السيد المسيح الإله الحق بالحربة، كما تنبأ عن الماء الذي جرى من جنبه فقال: "ينظرون إليَّ الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيدٍ له ويكونون في مرارةٍ عليه كمن هو في مرارة على بكره" (زك 12: 10).. "ويكون في ذلك اليوم أنه لا يكون نور... ويكـون فـي ذلك اليوم أن مياهًا حيَّة تخرج من أورشليم نصفها إلى البحر الشرقي، ونصفها إلى البحر الغربي. في الصَّيف وفي الخريف تكون" (زك 14: 6، 8).

وتحقَّقت النبوّة فيقول معلمنا يوحنا الحبيب: "ولكن واحدًا من العسكر طَعَنَ جنبَه بحربةٍ، وللوقت خَرَج دمٌ وماءٌ... وأيضًا يقول كتاب آخر سينظرون إلى الذي طعنوه" (يو 19: 34، 37) ونزول الدم من جنب المُخلّص رمز التطهير والمغفرة: "لأنه بدون سَفْكِ دَم لا تحصُلُ مغفِرَة" (عب 9: 22) والماء رمز الحياة، فالصخرة التي ضربها موسى بأمر الرب كانت رمزًا لهذا الماء المتدفّق من جنب مُخلّصنا الصالح (1كو 10: 4)، وأيضًا في سر الأفخارستيا يمزج الأب الكاهن عصيـر الكرمة بالماء إشارة للدم والماء المتدفقان من جنب مخلصنا الصالح. كما إن الدم والماء يشيران إلى أهم أسرار الكنيسة، فالماء يرمز للمعمودية والدم يرمز للأفخارستيا. أي أننا نستطيع أن نقول أنه من جنب المسيح خرجت كنيسة العهد الجديد كما خرجت حواء من جنب آدم وهو في سبات، ولا ننسى لنجينوس الذي طعن السيد المسيح أنه عندما رأى الزلزلة هو ومن معه آمن (مت 27: 54) وصار كارزًا بِاسم المصلوب في بلاد الكبادوك حيث موطنه الأصلي، وقبض عليه الإمبراطور طيباريوس قيصر وقطع رأسه بالسيف، وما زالت كنيستنا القبطية تذكره وتعيّد له يوم 23 أبيب بذكرى استشهاده، ويوم 5 هاتور بذكرى ظهور رأسه المقدَّسة وسطوع نور منها فتح عيني السيدة الضريرة.

 

32ـ اقتسام الثياب:

تنبأ داود النبي قائلًا: "يَقسِمُون ثيابي بينهم، وعلى لِباسي يَقْتَرعُون" (مز 22: 18) وقطعًا هذا لم يحدث مع داود قط لا قبل مُلكَه ولا بعد مُلكَه، إنما تنبأ عن المصلوب.

وتحقَّقت النبوة وأشار إلى هذه النبوة يوحنا الإنجيلي فقال: "ثم إن العَسكر لمَّا كانوا قد صَلبوا يسوع، أخذوا ثيابَه وجعلوها أربعة أقسامٍ، لكل عسكري قِسمًا. وأخذوا القميص أيضًا. وكان القميص بغير خياطةٍ، منسُوجًا كله من فوق. فقال بعضهم لبعض: لا نشُقُّه بل نقترع عليه لِمَن يكون ليتمَّ الكتاب القائل: اقتسَمُوا ثيابي بينهُم، وعلى لباسي ألقوا قُرْعةً. هذا فَعَلَهُ العَسْكر" (يو 19: 23، 24) وتقسيم الثياب إلى أربعة أقسام إشارة لانتشار البشارة بالمصلوب في جهات الأرض الأربع. أما القميص المنسوج كله والذي لا يُشق فهو يشير للكنيسة الواحدة الوحيدة المقدَّسة الجامعة الرسولية جسد المسيح الواحد.

 

33ـ إطلاق أسرى الجحيم:

هناك عدة نبوّات عن نزول السيد المسيح إلى الجحيم، فأيوب الصديق يقول: "ليتَكَ تواريني في الهاوية، وتُخفيني إلى أن ينصَرف غَضَبُكَ، وتُعَيِّن لي أجلًا فتذكُرني" (أي 14: 13) وتنبأ إشعياء النبي قائلًا: "هوذا عبدي الذي أعضُدُهُ مختاري الذي سُرَّت به نفسي. وَضَعت روحي عليه فيُخرج الحَقّ للأُمَم... لتُخرِجَ من الحَبْس المأسورين، من بيت السجن الجالسين في الظلمة" (إش 42: 1، 7).. "ترنّمي أيتها السموات لأن الرب قد فَعَل. اهتفي يا أسافل الأرض... لأن الرب قد فدى يعقوب، وفي إسرائيل تمجَّد" (إش 44: 23).. "فقد جعلتُكَ نورًا للأُمم لتكون خلاَصي إلى أقصى الأرض... قائلًا للأسرى: اخرُجوا. للذين في الظلام: اظهروا" (إش 49: 6، 9).. "روح السيد الرب عليَّ، لأن الرب مسَحني لأبَشّر المساكين، أرسلني لأعصِبَ مُنكسري القلب، لأُنادي للمسبيِّين بالعِتق، وللمأسُورين بالإطلاق" (إش 61: 1)، وتنبأ هوشع النبي قائلًا: "من يد الهاوية أفديهم. من الموت أُخَلِّصُهم. أين أوباؤُكَ يا موت؟ أين شوكَتُكَ يا هاوية" (هو 13: 14) وتنبأ زكريا النبي قائلًا: "وأنتِ أيضًا فإني بدم عهدكِ قد أطلقتُ أسراكِ من الجُبّ الذي ليس فيه ماءٌ. ارجعوا إلى الحصن يا أسرَى الرَّجاء" (زك 9: 11، 12).

وتحقَّقت هذه النبوَّة فبعد انطلاق روح السيد المسيح البشرية من جسده وهو مُعلَّق على الصليب وهي متحدة باللاهوت، انطلقت إلى سجن الجحيم وحرَّرت جميع الذين ماتوا على رجاء، فتحقَّقت طلبة أيوب البار وذكره الرب وأخرجه من الهاوية. بل أخرج من الحبس جميع المأسورين الأبرار وصعد بهم إلى الفردوس الحصن المنيع حيث العشرة الحلوة مع اللَّه "اسم الرب بُرجٌ حَصِين" (أم 18: 10).. لقد نزل إلى أسافل الأرض لأنه فدى البشرية بدمه الثمين على عود الصليب، ويقول معلمنا بولس الرسول: "لا تَقُل في قَلبِكَ مَن يصعد إلى السماء؟ أي ليُحدِر المسيح، أو مَن يَهبِط إلى الهاوية؟ أي ليُصعِد المسيح من الأموات" (رو 10: 6، 7).. "لذلك يقول: إذ صَعِدَ إلى العلاء سبي سبيًا وأعطى الناس عطايا. وأمَّا أنه صَعِدَ، فما هو إلاَّ إنه نَزَل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السُّفلى" (أف 4: 8، 9) وقال بطرس الرسول: "مُماتًا في الجَسد ولكن محييً في الروح. الذي فيه أيضًا ذهب فكَرَز للأرواح التي في السِّجن" (1بط 3: 18، 19) وفي القداس الباسيلي "نزل إلى الجحيم من قبل الصليب "وفي القداس الغريغوري" أعطيت إطلاقًا لمن قُبض عليهم في الجحيم".

 

34ـ التكفين والدفن:

تنبأ إشعياء النبي عن دفنه فقال: "وجُعِل مع الأشرار قَبرُهُ، ومع غنيٍّ عند موته" (إش 53: 9).

وتحقَّقت النبوَّة إذ قام بتكفين السيد المسيح نيقوديموس مع يوسف الرامي الرجل الغني، والذي وهب القبر الذي أعدَّه لنفسه للسيد المسيح ليُدفَن فيه "ولمَّا كان المساء، جاء رجُلٌ غنيٌّ من الرَّامة اسمه يُوسف، وكان هو أيضًا تلميذًا ليسوع... فأخـذ يوسف الجسد ولفَّه بكتَّانٍ نقيّ، ووضَعَهُ في قبره الجديد الذي كان قد نَحَتَهُ في الصخـرة، ثم دَحْرَج حجرًا كبيرًا على باب القبر ومضى" (مت 27: 57 ـ60).

 

35ـ جسده لا يرى فسادًا:

تنبأ داود النبي عن عدم فساد جسد المسيح في القبر فقال " لأنك لن تترُك نفسي في الهاوية. لن تَدَع تقيَّك يرى فسادًا" (مز 16: 10).

وتحقَّقت النبوَّة وأشار إليها بطرس الرسول قائلًا: "لأن داود يقول فيه... لأنك لن تترُك نفسي في الهاوية ولا تَدَع قُدُّوسَك يرى فسادًا... أيها الرجال الإخوَّة، يُسوغُ أن يُقال لكم جهارًا عن رئيس الآباء داود أنه مات ودُفِنَ، وقبرُهُ عندنا حتى هذا اليوم. فإذ كان نبيًّا، وعَلِمَ أن اللَّه حَلَفَ له بقسَمٍ أنه من ثمَرَة صُلبهِ يقيم المسيح حسب الجَسد ليجلِسَ على كُرسِيِّه. سَبق فرأى وتكلَّم عن قيامة المسيح، أنه لم تُترَك نفسُهُ في الهاوية ولا رأى جَسَدُهُ فسادًا" (أع 2: 25 – 31).

 

36ـ القيامة والقبر الممجَّد:

وردت عدَّة نبوّات عن قيامة السيد المسيح من الأموات، فقال أيوب الصديق: "أمَّا أنا فقد عَلِمْتُ أن وَليِّي حيُّ والآخَر على الأرض يقوم" (أي 19: 25) وقال داود النبي: "أنا اضطَجَعْتُ ونِمْتُ. استيقَظتُ لأن الرب يَعْضُدُني" (مز 3: 5).. "ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكنَّ، وارتفعنَ أيتُها الأبواب الدَّهريَّات، فيَدخُل مَلِك المجد. مَن هو هذا ملك المجد؟ الربُّ القَدِير الجبَّار، الربُّ الجبَّار في القتال. ارفعنّ أيتها الأرتاج رؤوسكنَّ، وارفعنها أيتها الأبواب الدَّهريَّات فيدخل مَلك المجد. مَن هو هذا ملك المجد؟ ربُّ الجنود هو ملك المجد" (مز 24: 7 – 10) وفي المزمور الثاني والعشرين أشار إلى موته قائلًا: "وإلى تراب الموت تضَعـني" (مز 22: 15) ثم أشار إلى قيامته فقال: "أُخبِر باسمِكَ إخوَتي. في وسَطِ الجماعة أسَبِّحكَ" (مز 22: 22) وتنبأ هوشع النبي قائلًا: "يُحيينا بعد يومين. في اليوم الثالث يُقيمنا فنحيا أمامه" (هو 6: 2).. "مـن يد الهاوية أفديهم. من الموت أخَلِّصهم. أين أوباؤُك يا موت؟ أين شوكَتُكِ يا هاوية" (هو 13: 14).

وتحقَّقت النبوّة وقام السيد المسيح ظافرًا منتصرًا على الموت والخطية والشيطان: "ليس هو ههنا، لأنه قام كما قال! هَلُمَّا انظرا الموضع الذي كان الرب مضطَجعًا فيه" (مت 28: 6). والصرخة التي أطلقها هوشع في القديم بروح النبوّة أختبرها بولس الرسول بروح القيامة فقال: "أين شوكتُكَ يا موت؟ أين غلبَتُكِ يا هاوية؟ أمَّا شوكَة الموت فهي الخطية" (1كو 15: 55 – 56) ومن مزمور داود الرابع والعشرين أخذت الكنيسة تمثيلية القيامة.

 

37ـ زمن صلب المسيح:

حدَّد دانيال النبي زمن الصلب، فقد ربط هذا الوقت بالسنة التي صدر فيها الأمر بتجديد أورشليم سنة 458 ق.م. "سبعون أسبوعًا قُضِيَتْ على شعبِكَ وعلى مدينتِكَ المقدَّسة لتكميل المعصِيَة وتتميم الخطايا، ولكفَّارة الإثم، وليؤتَى بالبر الأبدي... ولِخَتم الرؤيا والنبوَّة، ولمَسح قُدُّوس القُدُّوسين. فأعلَم وافهَم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرَّئيس سبعة أسابيع واثنان وستُّون أسبوعًا... وبعد اثنين وستين أسبوعًا يُقَطع المسيح... وفي وسَط الأسبوع يُبطِّل الذَّبيحة والتقدمة" (دا 9: 24 – 27). واليوم النبوي هنا يشير إلى سنة كاملة، والمدة المحدَّدة سبعون أسبوعًا قسَّمها الوحي إلى ثلاثة مدد كالآتي:

أ ـ المدة الأولى: سبعة أسابيع = 49 يومًا أي 49 سنة وهي المدة التي استمر فيها بناء المدينة وتجديدها.

ب ـ المـدة الثانية: اثنين وستون أسبوعًا = 62 × 7 = 434 يومًا أي 434 سنة، وخلال هذه المدة لم يطرأ أي تغيير يُذكر على مدينة أورشليم والهيكل.

مجموع المدتين أ، ب = 49 + 434 = 483 سنة.

وبالطرح من سنة التجديد وهي 458 ق.م.

458 ق. م. ـ 483 ق. م = 25 ب. م، وهي تقريبًا السنة التي بدأ فيها السيد المسيح خدمته، وبذلك يكون ميلاد المسيح سنة 4 ق.م.، وهذا توافقه أقوال العلماء الذين قالوا بأن التقويم الميلادي بدأ في منتصف القرن السادس الميلادي بدلًا من التقويم الروماني والذي كان سائدًا أنحاء العالم، وذلك بناءً على دعوة من الراهب الروماني "ديونيسيوس أكسيجونوس" Dionysius Exiguus وحدثت استجابة سريعة، فبدأ العالم يعرف التقويم الميلادي سنة 522م، ولكن بعد استخدام هذا التقويم بفترة طويلة أكتشف الباحثون أن هناك فرقًا يُقدَّر بأربعة سنوات، ولكن بسبب استقرار الأوضاع على استخدام التقويم الميلادي كما وضعه ديونيسيوس لذلك فضّلوا أن يظل التقويم كما هو، مع الأخذ في الاعتبار أن السيد المسيح وُلِد سنة 4 ق. م.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 وأخيرًا نقـول ما أجمل قول عروس النشيد: "عَلَمُهُ فوقي محبة" (نش 2: 4) وعَلَم المسيح هو صليبه، ولهذا صوَّره الفنان قائمًا من الأموات ممسكًا بعلم الصليب، فالسيد المسيح لم يعد ثانية إلى مزوده ولا إلى قبره، ولم يرتبط بأي منهما كما ارتبط بالصليب، حتى يبدو لك وكأن الصليب قد انصهر وصار مع المسيح واحدًا، وصارت القوات السمائية كل أعلامها تتحلى بالصليب المقدّس، والكنيسة المقدَّسة تشبّهت بالسماء، فصار علمها هو الصليب.

  عَلَمُه فوقي... وكل ما تحت العلم هو مِلك لدولة العلم، وأنا وأنت يا صديقي مِلكًا للمصلوب وسمائه، وإن كان العلم لا يُرفَع إلاَّ على أرض محرَّرة، فيا ليتنا نحتفظ بحريتنا في المسيح المصلوب الذي سُمّر على الصليب ليحرّرنا... الصدر الذي يعلوه الصليب يا ليته يخفي قلبًا مُحرَّرًا من أهواء العالم وشهواته... اليد التي رُسِم عليها الصليب يا ليتها تكون مُحرَّرة لفعل الخير... الجسد الذي رُشِم 36 مرة بعلامة الصليب في سر الميرون يا ليته يكون جسدًا مُحرَّرًا لا يقوى عدو الخير على سكناه.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/cross/old-testament-prophesies-list.html

تقصير الرابط:
tak.la/w9bn5ag