St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

630- لماذا أمسكت أعين تلميذي عمواس عن معرفة السيد المسيح (لو 24: 16)؟ وهل كسر الخبز في بيت تلميذي عمواس (لو 24: 30) كان سر إفخارستيا؟ ولماذا جزع واضطرب التلاميذ من ظهور السيد المسيح لهم (لو 24: 37، 38) بالرغم من أن تلميذي عمواس قد أخبروهم بظهوره لهما (لو 24: 31) وقد سبق وظهر لسمعان بطرس (لو 24: 34) ورأى يوحنا الأكفان وآمن (يو 20: 8)؟ ولماذا أبقى السيد المسيح آثار الجراحات في جسده (لو 24: 40)؟ ولماذا قال القديس لوقا عن السيد المسيح "وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ" (لو 24: 51) ولم يقل أنه صعد إلى السماء؟

 

س630: لماذا أمسكت أعين تلميذي عمواس عن معرفة السيد المسيح (لو 24: 16)؟ وهل كسر الخبز في بيت تلميذي عمواس (لو 24: 30) كان سر إفخارستيا؟ ولماذا جزع واضطرب التلاميذ من ظهور السيد المسيح لهم (لو 24: 37، 38) بالرغم من أن تلميذي عمواس قد أخبروهم بظهوره لهما (لو 24: 31) وقد سبق وظهر لسمعان بطرس (لو 24: 34) ورأى يوحنا الأكفان وآمن (يو 20: 8)؟ ولماذا أبقى السيد المسيح آثار الجراحات في جسده (لو 24: 40)؟ ولماذا قال القديس لوقا عن السيد المسيح "وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ" (لو 24: 51) ولم يقل أنه صعد إلى السماء؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- لماذا أُمسكت أعين تلميذي عمواس عن معرفة السيد المسيح (لو 24: 16)..؟ كان كليوباس وزميله يسيران من أورشليم إلى عمواس، عابسين إذ فقدا رجائهما في خلاص إسرائيل، وما كان يظنونه المسيا الذي يبقى معهم للأبد قد صُلِب ومات، فكانت أحداث الصلب تستولي على كل تفكيرهما ومشاعرهما، أنه عندما اقترب إليهما رفيق الدرب وسألهما عن سبب بؤسهما وكآبتهما، أجابه كليوباس: "هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ"، فمن كثرة إنهماكهما في خضام الأحداث ظنا أن كل الناس مثلهما. وبالرغم من أنه قد وصلتهم أخبار القيامة عن طريق النسوة ولم يصدقوها، وقالا في أنفسهما: لو قام حقًا فلماذا لم يعد إلينا؟! ويقول "متى هنري": "لقد اعترفا بأن هناك من بينهم من يقول أنه قام، لكن يبدو أنهما يذكران ذلك باستخفاف تام: "بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِرًا عِنْدَ الْقَبْرِ" (ع 22، 23) ولم يجدن الجسد بالقبر وقلن أنهن "رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ" إلاَّ أنه يراودنا الاعتقاد بأن ذلك كان محض خيال، فالنساء من السهل خداعهن. كما اعترفا أن بعض الرسل توجهوا إلى القبر فوجدوه خاليًا "وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ" (ع 24) ولهذا تساورنا المخاوف بأنه "لم يقم" لأنه لو كان قد قام فمن المؤكد أنه كان قد أراهم نفسه، ولذلك ليس لدينا ما يحملنا على الاعتقاد أنه قد قام. لقد سُمرت كل آمالنا على صليبه ودُفنت في قبره" (465).

فكل ما تبقى في ذهن تلميذي عمواس صورة يسوع المصلوب المذلول المحتقر الذي تخضب جسده بدمه، فعندما سار يسوع معهما في الطريق، وقد أخفى مجد قيامته، ظنوه إنسانًا عاديًا ولم يعرفاه، مثلما لم تعرفه مريم المجدلية، ولم يشأ الرب يسوع أن يفتح أعينهما ليعرفاه إلاَّ بعد أن يُشفي جراحاتهما الداخلية، ويُزيل الأزمة التي يعاينان منها، وذلك بواسطة شهادات الأسفار المقدَّسة عنه، فصار بكليهما حتى أن قلبيهما إلتهبا فيهما، وفي الوقت المناسب " انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا" (لو 24: 31). ويقول "الأب ثيوفلاكتيوس": "قيل " أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ" حتى يعلنا حقًا مفاهيهما المملوءة شكًا، فينكشف جرحهما ويتقبلا الشفاء، ولكي يعرفا أنه وإن كان ذات الجسد الذي تألم قام ثانية لكنه لم يعد منظورًا للكل، وإنما لمن يريدهم أن ينظروه" (466). ويقول "البابا غريغوريوس الكبير": "بحق حجب إعلان نفسه عنهما بظهوره بهيئة لا يعرفونها، فعل هذا بخصوص الأعين الجسدية من أجل ما فعلاه هم بنفسيهما داخليًا بخصوص عين الذهن، فإنهما في الداخل، وإن كان قد أحبا لكنهما شكا. فإذ تحدثا عنه ظهر لهما، ولكنهما إذ شكا أخفى هيئته عنهما" (467).

ويقول "القديس أُغسطينوس": "قالا: "كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ" آه أيها التلميذان العزيزان، هذا ما رجوتما! فهل فقدتما رجاءكما؟ انظرا، أن المسيح حي، هل مات الرجاء فيكما؟ بالتأكيد، المسيح حي! المسيح الحي وجد قلبي تلميذيه مائتين. لقد تراءى لهما وما عرفاه، كان مرئيًا ومخفيًا في آن واحد، فما كانا ليرياه لو لم كان يمشي معهما في الطريق رفيقًا وقائدًا كان مرئيًا، لكنهما لم يتعرَّفا على هويته الحقيقية. ولأن أعينهما أُعميت، مثلما سمعنا، فلم يتمكنا من معرفته... ما كانا قد آمنا بعد بأنه قد قام. لم يكن لهما رجاء بأنه سيقوم. فقدا إيمانهما ورجاءهما. وكان يمشيان مع الحياة ذاتها وهما ميتان. وكانت الحياة تمشي معهما من دون أن تكون الحياة قد تجددت في قلبيهما" (الموعظة 235: 1 - 4)" (468).

St-Takla.org Image: Road to Emmaus: Jesus converses with Cleopas and another disciple on the road to Emmaus. Upon coming to Emmaus, the disciples insist that he stay with them for the night: (Luke 24) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: الطريق إلى عمواس: يسوع يتحدث مع كليوباس وتلميذ آخر على الطريق إلى عمواس. عند مجيئهم إليها، وأصر التلاميذ على أن يبيت معهم الليل: (لوقا 24) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Road to Emmaus: Jesus converses with Cleopas and another disciple on the road to Emmaus. Upon coming to Emmaus, the disciples insist that he stay with them for the night: (Luke 24) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الطريق إلى عمواس: يسوع يتحدث مع كليوباس وتلميذ آخر على الطريق إلى عمواس. عند مجيئهم إليها، وأصر التلاميذ على أن يبيت معهم الليل: (لوقا 24) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

2- هل كسر الخبز في بيت تلميذي عمواس (لو 23: 30) كان سر إفخارستيا..؟ قال القديس لوقا: "فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا" (لو 24: 30). وقد يستشف من بعض أقوال الآباء بأن ما قدمه السيد المسيح لتلميذي عمواس هو سر الإفخارستيا. فيقول "القديس أُغسطينوس": "متى أعلن الرب عن نفسه؟ عند كسر الخبز... لذلك عندما نكسر الخبز نتعرف على الرب، فهو لم يعلن نفسه إلاَّ هنا على المائدة... لنا نحن الذين لم نستطع أن نراه في الجسد، ولكنه أعطانا جسده لنأكل، وإذ كنت تؤمن بهذا فتعال مهما كنت. وإن كنت تثق فأطمئن عند كسر الخبز" (469). ويقول "الأب ثيوفلاكتيوس": "تُفتح أعين الذين يتقبلون الخبز المقدَّس لكي يعرفوا المسيح، لأن جسد الرب يحمل فيه قوته العظيمة غير المنطوق بها" (470). ولكن ما فعله الرب يسوع مع تلميذي عمواس لم يكن إفخارستيا، لعدة أسباب:

أ– الإفخارستيا تشمل الخبز وعصير الكرمة، وفي هذه المائدة لا ذكر على الإطلاق إلى عصير الكرمة الذي يتحوَّل إلى الدم الكريم، ولا توجد إفخارستيا على الإطلاق تشمل عنصر واحد، سواء كان خبزًا، أو عصير الكرم، في غياب العنصر الآخر.

ب- عندما كسر الخبز وناولهما لم يقل لهم: "هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ" (لو 22: 19).

جـ- لم يذكر القديس لوقا أن تلميذي عمواس أكلا من الخبز، لأنه بمجرد أن أخذا الخبز " انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا" (لو 24: 31) وإذ بالتلميذين يجمعان أشتاتهما " فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ" (لو 24: 33). فلو كان ما قدم إفخارستيا لأكلاه بالكامل، وسبحا اللَّه، كما فعل التلاميذ في العلية عندما قدم لهم السيد المسيح سر جسده ودمه مرة واحدة وحيدة، ولم يكن هذان التلميذان معهم.

3- لماذا جزع واضطرب التلاميذ من ظهور السيد المسيح لهم (لو 24: 37، 38) بالرغم من أن تلميذي عمواس قد أخبروهم بظهوره لهما (لو 24: 31) وقد سبق وظهر لسمعان بطرس (لو 24: 34) ورأى يوحنا الأكفان وآمن (يو 20: 8)..؟ قال القديس لوقا: "وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ سَلاَمٌ لَكُمْ. فَجَزِعُوا وَخَافُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحًا. فَقَالَ لَهُم مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ.." (لو 24: 36-38). فالظهور المفاجئ للسيد المسيح، والأبواب والنوافذ موصدة... فمن أين جاء؟ وكيف دخل إلى هذا المكان؟ لذلك كان لهم الحق أن يجزعوا ويخافوا ويضطربوا... لقد كان فكرة القيامة بعيدة عن أذهانهم تمامًا، فكيف قام وهزم الموت الذي هزم الجميع بلا استثناء؟!! وربما بعضهم تأثر بالإشاعة التي تقول بسرقة الجسد. ويقول "القديس أمبروسيوس": "جلي أن يوحنا... آمن حين رأى القبر فارغا من الجسد (والأكفان مرتبة) (يو 20: 8)، فلماذا يقول لوقا أنهم اضطربوا؟ أولًا: إن كلام الأكثرية يشمل رأي الأقلية. ثانيًا: رغم أن بطرس آمن بالقيامة (وقد رأى الرب بعد قيامته) فإنه اضطرب لما رأى الرب قد ظهر فجأة بجسده في غرفة كانت أبوابها مقفلة وجدرانها متماسكة (يو 20: 19)" (شرح لإنجيل لوقا الكتاب 10: 179)" (471).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

4- لماذا أبقى السيد المسيح آثار الجراحات في جسده (لو 24: 40)..؟ لقد قصد السيد المسيح له المجد أن يترك أثر الجراحات في جسده:

أولًا: علامة على أن الجسد الذي وُلِدَ وصُلب به هو الجسد الذي دُفن في القبر، وهو هو الجسد الذي قام به من الموت بعد أن صار جسدًا مُمجدًا، وهو هو الجسد الذي سيأتي به في مجيئه الثاني، فالجسد الذي اتحد باللاهوت منذ بداية تكوينه في أحشاء الطاهرة البتول العذراء مريم، لم يضمحل ولم ينتهي، وبعد قيامته من الموت ظل محتفظًا بآثار الجراحات، وعندما أخبر التلاميذ توما بقيامة الرب " إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ" (يو 20: 25) وعندما فعل ذلك توما صرخ قائلًا: "رَبِّي وَإِلهِي" (يو 20: 28).

ثانيًا: ستظل هذه الآثار علامة حبه الدائم للبشرية المفدية التي اشتراها بدمه الكريم الذي سُفك على عود الصليب. ألم يقل إشعياء النبي قديمًا: "وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا" (إش 53: 5)؟!! و" حُبُرِهِ" أي جراحاته، ورآه يوحنا في رؤياه: "وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ" (رؤ 5: 6).

ويقول "القديس أُغسطينوس": "مع أن جراحاته شُفيت، فإن أثارها قد بقيت! إذ حكم هو بأن هذا نافع للتلاميذ، أن يستبقي آثار جراحاته لكي يشفي جرح أرواحهم، جراحات عدم إيمانهم! فقد ظهر أمام عيونهم، وأظهر لهم جسده الحقيقي، ومع هذا ظنوه روحًا..! وماذا قال لهم الرب؟ "مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ"" (472).

ويقول "القمص تادرس يعقوب": "السبب الرئيسي لإبقاء آثار الجراحات كما يقول القديس كيرلس الكبير هو الشهادة للتلاميذ أن الجسد الذي قام هو بعينه الذي تألم، أما البابا غريغوريوس الكبير، فيُقدِّم أربعة مبررات لهذه الجراحات وهيَ:

أ– لكي يبني تلاميذه في الإيمان بقيامته.

ب- تبقى هذه الجراحات تعلن شفاعته الكفارية لدى الآب عنا.

جـ- لكي يتذكر المؤمنين حبه لهم ورحمته تجاههم.

د– تبقى لإدانة الأشرار في يوم الرب العظيم" (473).

ويقول "الأنبا بولس البوشي": "وإن كان بعد القيامة العامة للكل لا يكون أكل ولا شرب، ولا إذا كان أحد به جرح يقوم به... إنما صنع الرب هذا ليحقق لنا أجمعين أن الجسد الذي تألم ومات هو الذي انبعث من بين الأموات" (474).

5- لماذا قال القديس لوقا عن السيد المسيح " وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ" (لو 24: 51) ولم يقل أنه صعد إلى السماء.السيد المسيح من جهة لاهوته كائن في كل مكان وزمان، مالئ الكلا بلاهوته، ولهذا قال لنيقوديموس: "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يو 3: 13) فاللاهوت لا ينزل ولا يصعد، لأنه مالئ كل مكان وزمان. أما القديس لوقا فيركز على صعود السيد المسيح للسماء جسديًا، أي بجسده البشري وروحه البشرية، لذلك قال: "وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ الله مِنَ الأَمْوَاتِ" (أع 3: 15)، وقول بولس الرسول: "وَلكِنَّ الله أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" (أع 13: 30). وإن كان القديس لوقا هنا ركز على السيد المسيح من جهة الناسوت فقال " أُصْعِدَ"، فإن القديس مرقس قال: "ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِين الله" (مر 16: 19). وقوله " ارْتَفَعَ" أي "صعد"، وقال السيد المسيح لمريم المجدلية: "إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ" (يو 20: 17). وإن كان القديس لوقا في إنجيله قال " وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ" فإنه في سفر الأعمال قال: "وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ" (أع 1: 9) أي "صعد". إذًا ليس هناك أي فارق بين قول لوقا "وأُصْعِدَ" وبين قوله " ارْتَفَعَ"، وقال بولس الرسول: "إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ... وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ" (أف 4: 8، 9).. وبينما قام السيد المسيح من الموت سرًّا لم يره أحد قط من البشر، ثم ثبَّت قيامته بظهوراته العديدة لمدة أربعين يومًا، فإنه صعد إلى السماوت علانية، ولم يعد يظهر لخاصته، ولكنه ثبَّت في أذهانهم أنه معهم بلاهوته: "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (مت 28: 20).

ويقول "الدكتور القس إبراهيم سعيد": "وأُصعد إلى السماء... وهكذا انتهت الزيارة الملكية القصيرة، التي قضاها ملك المحبة في أرض البؤس والعار، وفي نهايتها عاد إلى السماء كما كان، مُحققًا بذلك قوله المأثور: "وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ". وهكذا أسدلت السماء ستارًا من السحب، فاختتمت آخر فصل من حياة المسيح على الأرض. أكان من الممكن أن تُختتم حياة المسيح بغير هذا الختام؟! إن لصعود المسيح معنى مثلثًا: صعوده خاتمة طبيعية لحياته المجيدة، وباكورة عصر جديد للكنيسة، ونبؤة لمجيئه الثاني" (475).

وكما بدأ القديس لوقا إنجيله بتسابيح أليصابات، والعذراء مريم، وسمعان الشيخ، انتهى إنجيله بتسابيح كل أعضاء الكنيسة الحيَّة: "وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ الله" (لو 24: 53).

شكرًا لإلهنا الصالح الذي وهبني هذه الدراسة الشيقة، وقد خرجت من دراستي لإنجيل لوقا بصداقتي لديماس الطوباوي... إلى هنا أعاننا الرب.

 

رالي - نورث كارولينا

تكريس كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس الروماني

واستشهاد القديس مارجرجس الإسكندري

7 هاتور 1739 ش - 16 نوفمبر 2022م

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(465) التفسير الكامل للكتاب المقدَّس جـ 1 العهد الجديد - الأناجيل الأربعة، ص553.

(466) أورده القمص تادرس يعقوب - الإنجيل بحسب لوقا، ص579.

(467) المرجع السابق، ص579.

(468) التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدَّس - العهد الجديد جـ 3 - الإنجيل كما دوَّنه لوقا، ص573، 574.

(469) أورده القمص تادرس يعقوب - الإنجيل بحسب لوقا، ص582، 583.

(470) المرجع السابق، ص583.

(471) التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدَّس - العهد الجديد جـ 3 - الإنجيل كما دوَّنه لوقا، ص582.

(472) أورده القمص تادرس يعقوب - الإنجيل بحسب لوقا، ص586.

(473) المرجع السابق، ص587.

(474) المرجع السابق، ص587.

(475) شرح بشارة لوقا، ص645.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/630.html

تقصير الرابط:
tak.la/bzaj7qj