St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

628- هل إظلام الشمس (لو 23: 45) كان مجرد كسوف عادي؟ ولماذا دُفن المسيح في قبر جديد لم يُوضع فيه أحد لا من قبل ولا من بعد (لو 23: 53)؟ وهل اشترت النسوة الحنوط قبل السبت (لو 23: 56) أم بعد السبت (مر 16: 1)؟

 

س628: هل إظلام الشمس (لو 23: 45) كان مجرد كسوف عادي؟ ولماذا دُفن المسيح في قبر جديد لم يُوضع فيه أحد لا من قبل ولا من بعد (لو 23: 53)؟ وهل اشترت النسوة الحنوط قبل السبت (لو 23: 56) أم بعد السبت (مر 16: 1)؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- هل إظلام الشمس (لو 23: 45) كان مجرد كسوف عادي..؟ سبق الإجابة على هذا التساؤل، ورأينا أن إظلام الشمس مدة ثلاث ساعات متتالية لم يكن كسوفًا عارضًا، لأن السيد المسيح صُلب في عيد الفصح حيث يكون القمر بدرًا مُكتملًا، أو في اليوم السابق له مباشرة، فمن المستحيل أن يحدث كسوف كلي على كل الأرض لمدة ثلاث ساعات متتالية، بل أن هذه الظُلمة كانت موضع حديث عاموس النبي (عا 8: 9) نحو سنة 750 ق.م. وشدة الظلام كانت مثل شدة الظلام الذي حلَّ بأرض مصر لمدة ثلاثة أيام في زمن الخروج (خر 10: 22). وقد شهد هذه الظاهرة "ديوناسيوس الأريوباغي" عالِم الفلك فقال أنه إله الطبيعة يتألم الآن، إذ أن العالم أخذ في الانحلال، أو أن ما تعلمناه في شئون الفلك كان خاطئًا، وسجل التاريخ هذا الحديث على لسان "فيلجون" Phlegon الفيلسوف الإغريقي الذي عاش في منتصف القرن الثاني الميلادي، و"ثالوس" Thallus، وسجل هاتين الشهادتين "يوليوس الأفريقي"، كما أن كثيرين من الآباء الأولين تحدثوا عن هذه الظاهرة التي سجلتها الأناجيل، كما أنها عُرفت بالتواتر وعبر التقليد (راجع مدارس النقد - عهد جديد جـ 5 س444). ثم أن الذي يريد أن يُنفي الطابع المعجزي لظُلمة الشمس مدة ثلاث ساعات متتالية... تُرى هل يستطيع أن يُنفي الطابع المعجزي لزلزلة الأرض في هذه المنطقة بالذات وفي هذا الوقت بالذات وقت صلب السيد المسيح؟!!

ونضيف هنا قول "القديس كيرلس الكبير": "لما أوثقوا رب الكل على الصليب، احتجبت الشمس، ولفت الظلمة النور عند الظهيرة، كما أنبأ عاموس (عا 5: 18).. كان هذا علامة واضحة لليهود، لأن عقول الذين صلبوه كانت قد خيَّمت عليها الظُلمة الروحية... لقد انتحبت الخليقة على خالقها. الشمس أُحتجبت، الصخور تفطَّرت، الهيكل إتشح بلباس الرثاء. انشق حجابه من فوق إلى أسفل. هذا ما أشار إليه اللَّه على لسان إشعياء بقوله: "أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَمًا وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا" (إش 50: 3)" (459).

ويقول "مارأفرام السرياني": "انتصر الرب على المصريين، وفتح للعبرانيين الطريق بعمود من نار في شهر نيسان (خر 13: 4، 21-22) أظلمت الشمس لأنهم بادلوا الخير بالشر... وكما شق اللَّه البحر، كذلك شق الروح الحجاب من الوسط، لأنهم رفضوا رب المجد وصلبوه ظُلمًا في موضع الجمجمة (مت 27: 33).. فتألمت الخليقة معه، الشمس أخفت وجهها كي لا تراه مصلوبًا، وحجبت ضوءها لتموت معه، فخيَّم الظلام ثلاث ساعات، ثم عادت الشمس وأشرقت مُعلنة أن الرب سيقوم من بين الأموات في اليوم الثالث، الجبال ارتعدت، والقبور تفتحت، والحجاب انشق (مت 27: 51، 52). كلها تبكي منتحبة على الدمار الذي كان يوشك أن يحصل" (تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان..)" (460).

 

St-Takla.org Image: Joseph of Arimathea asks Pilate for Jesus' Body: (Luke 23) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: يوسف الذي من الرامة (يوسف الرامي) يطلب جسد يسوع من بيلاطس (لوقا 23) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Joseph of Arimathea asks Pilate for Jesus' Body: (Luke 23) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: يوسف الذي من الرامة (يوسف الرامي) يطلب جسد يسوع من بيلاطس (لوقا 23) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

2- لماذا دُفن المسيح في قبر جديد لم يوضع فيه أحد لا من قبل ولا من بعد (لو 23: 53)..؟ هذا القبر الجديد كان قد أعده: "رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلًا صَالِحًا بَارًّا" (لو 23: 50). كان قد أعده لنفسه هذا الرجل الصالح البار، ولأنه كان صالحًا وبارًا وأحب يسوع المصلوب من كل قلبه لذلك قرر أن يُهدي له قبره هذا تعبير عن عظم محبته له: "وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ" (مت 27: 60)، وكأني بهذا الرجل الصالح البار أهديت له قبري شاهد موتي، أما هو فقد أهداني الحياة الأبدية، فصار قبري شاهد النصرة على الموت، القبر الممجَّد الذي تفوح منه رائحة الحياة... ولم يكن هذا القبر في منطقة المقابر، بل هو مُميَّز إذ هو في بستان، ولم يُدفن فيه أحد قط غير يسوع المصلوب، حتى إذا قام من الموت لا يدعي أحد أن الذي قام هو شخص آخر، كما ناقشنا هذا الموضوع من قبل، فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ 5 س451.

حقًا كان يليق بمن وُلِدَ من البطن البتول الذي لم يُولَد منه أحد لا من قبل ولا من بعد، أن يُدفن في قبر بتولي لم يُدفن فيه أحد قط لا من قبل ولا من بعد. ويقول "مكسيموس التوريني": "تبارك جسد المسيح الرب، الذي يأتي في ميلاده من بطن بتولي، ويوضع في موته في قبر رجل بار! هذا الجسد المبارك حقًا. البتولية أنجبته والبر احتواه! قبر يوسف حفظن بلا فساد، مثلما حفظته بكن مريم. في ولادته، لم يمسه رجل بفساد. وفي موته لم يمسه الموت بفساد... القداسة والبتولية تحيطان بذاك الجسد المبارك. بطن جديد حُبل به، وقبر جديد أُغلق عليه. البطن هو بكل للرب. أنه بتولي. أما يحسن أن نقول أن القبر ذاته هو بطن أيضًا؟ هناك تشابه كبير بينهما، فكما جاء الرب من بطن أمه حيًّا، كذلك قام حيًّا من قبر يوسف. وُلِد من بطن ليُعلن البشارة، كذلك وُلِد ثانية من القبر ليبشر بالإنجيل. الولادة الأخيرة أمجد من الأولى... بعد الولادة الأولى نزل إلى الجحيم، لكن، بعد الولادة الثانية عاد إلى السموات... الولادة الأولى أبقت سيد العالم مُغلقًا عليه في بطن مدة تسعة أشهر، لكن الولادة الثانية أبقته في جوف القبر ثلاثة أيام. الأولى قدمت الرجاء للجميع ببطء، والأخيرة منحت الجميع خلاصًا بسرعة" (الموعظة على جسد الرب)" (461).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

3- هل اشترت النسوة الحنوط قبل السبت (لو 23: 56) أم بعد السبت (مر 16: 1)..؟ قال القديس لوقا عن النسوة اللواتي كن يقفن عند الصليب: "فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ"، مما يوحي بأن شراء الحنوط تم قبل السبت، ثم استرحن يوم السبت. وهنا نقف أمام أكثر من احتمال:

الاحتمال الأول: عبارة القديس لوقا: "فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا" (لو 23: 56) تحتمل أنهن أعددن الحنوط والأطياب قبل يوم أو بعده، وبما أن مرقس الرسول أكد أن الشراء تم بعد السبت، إذًا هؤلاء النسوة اشترين الحنوط بعد مضي يوم السبت، ولا سيما أنهن عدن بعد الصلب والدفن في وقت متأخر وشمس الجمعة غربت، وبدأ يوم السبت.

الاحتمال الثاني: هؤلاء النسوة اشترين الحنوط قبل السبت، ولكن رأين أنه غير كافٍ فعدن واشترين حنوطًا بعد مضي يوم السبت، فذكر القديس لوقا المرة الأولى، وذكر القديس مرقس المرة الثانية. ويقول "مارديونسيوس يعقوب ابن الصليبي": "إن النساء أعددن مرتين الحنوط والأطياب، ومضين بها إلى القبر، ودليل ذلك أن مرقس ذكر أسماء ثلاثة منهن أي مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة. وقال أنهن أعددن هذه الأطياب في السبت. ثم قال لوقا أن النساء أعددن ذلك قبل السبت أي في يوم الجمعة وما ذكر أسماءهم. فإذًا الإعداد مختلف والزمن أيضًا، وجعلت عناية اللَّه أن يكون القبر قريبًا. أولًا: ليسهل الذهاب إليه. ثانيًا: لتظهر القيامة أمرًا واضحًا للجميع" (462).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(459) التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدَّس - العهد الجديد جـ 3 - الإنجيل كما دوَّنه لوقا، ص560.

(460) المرجع السابق، ص560.

(461) التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدَّس - العهد الجديد جـ 3 - الإنجيل كما دوَّنه لوقا، ص565، 566.

(462) الدر الفريد في تفسير العهد الجديد جـ 2 - تفسير بشارتي لوقا ويوحنا، ص215، 216.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/628.html

تقصير الرابط:
tak.la/76kyjcd