St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

607- ما معنى عبارة "فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ" (لو 15: 17)؟ ولماذا قَبِل الأب الابن بعد أن أضاع ميراثه، وعاد ليس اشتياقًا لأبيه إنما هربًا من المجاعة (لو 15: 17-24)، وأين العدل الإلهي؟ وهل الابن الأكبر يشير لطغمة الملائكة والابن الأصغر لجنس البشر، وهل يشير الابن الأكبر لبني إسرائيل والأصغر للأمم (لو 15: 25-32)؟

 

س607: ما معنى عبارة "فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ" (لو 15: 17)؟ ولماذا قَبِل الأب الابن بعد أن أضاع ميراثه، وعاد ليس اشتياقًا لأبيه إنما هربًا من المجاعة (لو 15: 17-24)، وأين العدل الإلهي؟ وهل الابن الأكبر يشير لطغمة الملائكة والابن الأصغر لجنس البشر، وهل يشير الابن الأكبر لبني إسرائيل والأصغر للأمم (لو 15: 25-32)؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- معنى عبارة " فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ" (لو 15: 17)..؟ معنى " فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ" أي أن تيقظ من غفلته وانتبه إلى نفسه، ووقف على حالة نفسه، وما آل إليه حاله، فأدرك حقيقة المأساة التي يعيشها، والحرية الزائفة التي حلم بها، وبئر الأنا الذي سقط فيه، ومحبة الذات التي أضاعته، وقد عاد إلى وعيّه في ضوء الحق الإلهي، ويقول "وليم باركلي": "فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ"، وبهذه العبارة التي تحمل بين حروفها كل معاني الحياة مجتمعة، أظهر يسوع أن البعيد عن اللَّه بعيدًا عن نفسه الحقيقية، وهو لا يمكن أن يكون، ما يحب أن يكون عليه، إلاَّ عند الرجوع لبيت الأب... أن الإنسان عندما يرجع إلى اللَّه يعرف نفسه حقيقة، وهكذا قرر الابن أن يرجع لبيت أبيه وأن يتضرع ليُقبَل كأجير وليس كابن" (347).

ويقول "الدكتور القس إبراهيم سعيد": "فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ" (ع 17). تُقال هذه العبارة في اللغة اليونانية للمجنون بعد شفائه، والسكير بعد صحوه. وهذا يوافقه معنى "التوبة" في اللغة الأصلية، فهيَ "تغيير الفكر" لأن الفاقة طاحت بجنونه، بعد أن عبثت الخطية بقلبه: "الآن راحت السكرة وجاءت الفكرة". الخطية سالبة غادرة، لأنها استلبت من ذلك الشاب نفسه الشريفة، فلما أفاق من غمرة الخطية رجع إلى نفسه، ولما زالت عنه هذه الغاشية حنَّ إلى بيت أبيه وإلى وفرة الغنى الذي كان فيه: "كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ". وذكر حالته التعسة: "أَهْلِكُ جُوعًا ".. لو اكتفى الشاب بالخطوة الأولى، لماتت فيه تلك الفكرة الحسنة، لأن الفكرة إن لم تتحوَّل إلى عزيمة، صارت بخارًا. كانت هذه العزيمة تحتوي:

(أ) ثقة: "أَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ... يَا أَبِي"، فمع أنه خرج من بيت أبيه لكنه لم يخرج بعد من بنوته لأبيه، فمع أنه صار ابنًا ضالًا، لكنه لم يزل بعد ابنًا.

(ب) اعترافًا: "أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ " والقول " أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ " تعبير عبري معناه أخطأت إلى اللَّه.

(جـ) تذللًا: "لَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا" بعد أن استنفذ الشاب حقوقه التي أتاحها له الناموس، إلتجأ الآن إلى باب النعمة " لَسْتُ مُسْتَحِقًّا ".." (348).

 

St-Takla.org Image: Parable of the Prodigal Son: " Then he went and joined himself to a citizen of that country, and he sent him into his fields to feed swine" (Luke 15: 15). In the background, the prodigal son tends pigs - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الابن الضال: في المقدمة: "فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة، فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير" في الخلفية، الابن الضال يرعى الخنازير: (لوقا 15: 15) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Parable of the Prodigal Son: " Then he went and joined himself to a citizen of that country, and he sent him into his fields to feed swine" (Luke 15: 15). In the background, the prodigal son tends pigs - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الابن الضال: في المقدمة: "فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة، فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير" في الخلفية، الابن الضال يرعى الخنازير: (لوقا 15: 15) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

2- لماذا قَبِل الأب الابن بعد أن أضاع ميراثه، وعاد ليس اشتياقًا لأبيه إنما هربًا من المجاعة (لو 15: 17-24)..؟ قَبِل الأب ابنه الذي أضاع الميراث الذي يخصه، لأن هذا الأب صالح وأمين: "إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ" (2 تي 2: 13). لقد عاد الابن لينجو من هلاك المجاعة التي اجتاحت حياته، لكن لا أحد يُنكر أنه كان في اشتياق شديد إلى حضن الأب، أو قل في ظلال البيت، حتى ارتضى أن يعيش كأجير. عاد الابن، والأب الذي طالما كان يترقب عودة الابن يومًا فيومًا، فبمجرد أن لمحت عيناه ابنه من بعيد تحركت فيه مشاعر الأبوة، مشاعر المحبة مرة أخرى: "فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ" (لو 15: 20).. منظر الابن الذي يثير الاشمئزاز فشل في أن يوقف فيضان الحب الأبوي، فاحتضنه رغم الأسمال القذرة الممزقة التي يرتديها، رغم رائحة الخنازير التي تفوح منه، رغم شعره الأشعث الذي يُظهِر التيه والضلال الذي عاشه، رغم أظافره التي استطالت وظهرت قذارتها من جراء العمل في زريبة الخنازير... " وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ" والحضن والقبلات أسمى من أي كلمات أو عبارات، وهذا المنظر العجيب الفريد يقف على مشارف التاريخ محل الاعجاب، من جيل إلى جيل، " وَيَكُونُ أَنِّي قَبْلَمَا يَدْعُونَ أَنَا أُجِيبُ وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بَعْدُ أَنَا أَسْمَعُ" (إش 65: 24).. " فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقًّا وَعَدْلًا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ" (حز 18: 21، 22) (راجع أيضًا إر 31: 20).

لقد احتضن الأب ابنه الشاطر قبل أن يُقدِّم الابن أسفه وقبل أن يُظهِر ندمه، وقبل أن ينطق ببنت شفة. قبَّله وقَبَله وفرح بقدومه وأقام له الأفراح، وقد رده إلى رتبته الأولى، بدون أي لوم، ولا توبيخ ولا تقريع، ولا نقد ولا عتاب، إنما قبَّله وأشاع جو الفرح والمرح والسرور، وإن كان المَثَل قد ذُكر بداية الأفراح إلاَّ أنه لم يذكر متى انتهت، لأنها دائمة إلى الأبد. ويقول "متى هنري" عن هذا اللقاء: "نرى هنا عيون الرحمة وهيَ عيون حادة البصر... " وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ " كما لو كان يرقب من فوق برج عالي الإتجاه الذي سار فيه ابنه حين انصرف عنه...

هنا نرى أعماق الرحمة في تلهفه لرؤية ابنه: "فَتَحَنَّنَ " والبؤس يستدر الشفقة، حتى وإن كان بؤس الخاطئ، وعلى الرغم من أنه هو الذي جلبه على نفسه، ومع ذلك يتحنَّن اللَّه عليه... جاء الابن الضال بخطوات متثاقلة تحت إحساس بالخزي والخوف، ولكن الأب الحنون ركض إليه مسرعًا يشجعه ويرحب به... 

ونرى هنا ذراعي الرحمة، ممتدين لاحتضانه: "وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ "، وعلى الرغم من كونه مدينًا يستحق العقاب، وعلى الرغم من قذارته لأنه راجع للتو من رعاية الخنازير، رغم كل ذلك فقد احتضنه بين ذراعيه، وأخذه قريبًا من قلبه...

ونرى هنا شفتي الرحمة: "وَقَبَّلَهُ"، وهذه القبلة لم تؤكد له الترحيب به فحسب، بل صدقت على مسامحته، فكل حماقاته السابقة ستُغفر له، ولم توجه له كلمة توبيخ واحدة" (349).

3- أين العدل الإلهي هنا..؟ فإننا نعلم أن للخطية عقوبتان أحدهما زمنية والأخرى أبدية، وإن فلت الخاطئ من العقوبة الزمنية فإنه لن يستطيع الهرب من العقوبة الأبدية. وهذا الابن الضال قد تحمل العقوبة الزمنية مُتمثلة في الاحتياج الشديد والجوع والعري والشقاء والتعاسة، أما العقوبة الأبدية فلا يستطيع أي إنسان أن يوفيها، ولذلك هنا نلتقي بصورتين أحدهما ظاهرة والأخرى خفية، الصورة الواضحة في عمل الرحمة بقبول الأب الصالح لابنه الخاطئ التائب، وقبوله إياه ورده إلى رتبته الأولى، أما الصورة الخفية فنرى فيها ابن اللَّه الوحيد الجنس، مُعلقًا على صليب العار حاملًا عقوبة خطايا هذا الابن الشارد، بل عقوبة خطايا العالم كله في كل زمان ومكان.

يظهر ابن اللَّه البرئ مصلوبًا عوضًا عن الابن الضال، وعن كل ابن يضل من جيل إلى جيل، كما يظهر الابن التائب مُتبررًا بدم الحمل، وهذا يضعنا أمام المشهد التاريخي بين ناثان النبي وداود الأثيم، ونسمع صوت داود: "قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ" (2 صم 12: 13) ومعه صوت هذا الابن الضال: "يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا" (لو 15: 21). كما نسمع صوت ناثان النبي: "الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ" (2 صم 12: 13) ومعه صوت الأب الصالح: "أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ. وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ" (لو 15: 22، 23).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

4- هل الابن الأكبر يشير لطغمة الملائكة والابن الأصغر لجنس البشر، أو هل يشير الابن الأكبر لبني إسرائيل والأصغر للأمم (لو 15: 25-32)..؟ هذا التساؤل قديم الأيام، وقد أجاب عليه "القديس كيرلس الكبير" في القرن الخامس الميلادي، حيث يقول: "يرى البعض أن الابنين في المَثل يُشيران إلى الملائكة القديسين من ناحية، وإلينا نحن سكان الأرض من الناحية الأخرى. ومن الابن الأكبر، الذي عاش بتعقل يمثّل مجموع الملائكة القديسين، بينما الابن الأصغر المنحرف يمثل الجنس البشري. وهناك آخرون بيننا يُعطون المَثل تفسيرًا مختلفًا، قائلين: أن الابن الأكبر السالك حسنًا يشير إلى إسرائيل حسب الجسد، بينما الابن الأصغر الذي اختار أن يعيش في الشهوات والملذات والذي ابتعد بعيدًا عن أبيه، إنما يشير إلى جمهور الأمم الوثنيين. هذه الشروحات أنا لا أوافق عليها وأرجو من يحب التعليم، أن يبحث ما هو حقيقي وما ليس عليه اعتراضات...

فإن كنا نشير بالابن المُستقيم إلى الملائكة، فإننا لا نجده يتكلم الكلمات التي تليق بالملائكة، ولا نجده يشارك الملائكة فرحهم بالخطاة التائبين الذين يرجعون من حياة دنسة إلى حياة وإلى سلوك جدير بالإعجاب، لأن مُخلص الجميع يقول: "إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ" (لو 15: 7)، بينما الابن الموصوف لنا في هذا المَثل، باعتباره مقبولًا من أبيه، ويسلك حياة بلا لوم، يظهر أنه غاضب، بل ويصل في مشاعره غير الحبية إلى درجة أنه ينسب اللوم إلى أبيه بسبب محبته الطبيعية لابنه الذي خلص. فالمَثل يقول: "إنه لم يرد أن يدخل البيت".. ولكن هذا، كما قلت، يختلف عن مشاعر الملائكة القديسين، لأنهم يفرحون ويسبحون اللَّه حينما يرون سكان الأرض يخلصون...

ولكن إن كان أحد يقول: إن إسرائيل حسب الجسد هو المقصود بالابن الأكبر في المَثل الذي كان متمسكًا بوصية أبيه فإننا أيضًا لا نستطيع أن نوافق على هذا الرأي، ذلك لأنه من غير المناسب على الإطلاق أن نقول عن إسرائيل أنه عاش حياة بلا لوم، ففي كل الأسفار الموحى بها نجد شعب إسرائيل متهمين بأنهم متمردون وعصاة... (إر 2: 5).. (إش 29: 13)" (350).

ومن الملاحظات حول الابن الأكبر:

أ– إنه تعجَّل وسأل أحد العبيد عوضًا أن يفهم الحقيقة من أبيه.

ب- سقط في البر الذاتي وشعر في نفسه بالكمال: "هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هذَا عَدَدُهَا وَقَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ"، وكأن أبيه مديون له بخدمة السنين العديدة التي مرَّت.

جـ- كان يشتهي أن يُعطيه أبيه جديًا ليفرح مع أصدقائه " وَجَدْيًا لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي" فهو يعيش في بيته بروح الأجير الذي لا يملك شيئًا، وليس بروح الابن الذي يملك كل ما يملكه أبيه.

د– لم يشعر بالفرح وهو في بيت أبيه، إنما كان يتلمس الفرح مع أصدقائه.

هـ- تنكَّر لأخيه قائلًا لأبيه: "ابْنُكَ هذَا".

و– اتهم أخيه بأنه أكل معيشة أبيه مع الزواني، بينما المَثل لم يحمّل الابن الأصغر هذا الاتهام، إنما قال عنه: "بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ" ولم يقل مع الزواني.

ومن الملاحظات حول معاملة الأب للابن الأكبر:

أ– لم يتعامل الأب مع الابن الأكبر بخشونة مثلما تعامل هو مع أخيه الأصغر متنكّرًا لإخوّته، متهمًا إياه بالجحود " وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هذَا الَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي"، ولم يذكر المَثل أن هذا الأب الطيب الصالح قد عنَّف الابن الأكبر على هذه المشاعر الرديئة، ولم يحرجه ولم يذكّره بأن المال ماله، وهو حر التصرف فيه كما يشاء، فالحلة الأولى والحذاء والخاتم والعجل وكل شيء في البيت هو من ممتلكاته يتصرف فيه كما يشاء ما دام على قيد الحياة وفي كامل قواه العقلية.

ب- تعامل الأب مع الابن الأكبر بلطف زائد، إذ لم ينتظره حتى يدخل البيت، بل خرج إليه وصار يتفاهم معه بروح الأبوة الخاصة، شارحًا له بأه لم يسئ له من قبل ولا من بعد، وأن كل ممتلكاته هيَ ملك لهذا الابن أيضًا، مذكّرًا إياه أنه ابن وليس عبدًا ولا أجيرًا، له كافة الحقوق الشرعية: "يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ" (لو 15: 31).

جـ- بينما تنكّر الابن الأكبر لرباط الإخوة، ذكَّره أبوه بهذا قائلًا له: "أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ وَكَانَ ضَالُا فَوُجِدَ"، وإنه لم يفعل شيئًا غير الواجب " كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ ".

لقد تحمل هذا الأب الصالح كلا الابنين، فالأكبر كانت له أفكاره المنحرفة بالرغم أنه لم يُفارق البيت، والأصغر كانت له الأفكار المنحرفة وقد هجر البيت ثم عاد، وانتهى المَثل دون أن يذكر هل استجاب الابن الأكبر لتضرعات أبيه ودخل البيت مشاركًا في الأفراح والسرور، أم أنه ما زال يقف خارجًا، وعلى كلٍ فإن هذا المَثل كان تنبيهًا ونداءً للكتبة والفريسيين الذين طالما احتجوا على قبول السيد المسيح الخطاة والعشارين والزواني.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(347) ترجمة القس مكرم نجيب - تفسير العهد الجديد - إنجيل لوقا، ص366.

(348) شرح بشارة لوقا، ص399، 400.

(349) التفسير الكامل للكتاب المقدَّس جـ 1 العهد الجديد - الأناجيل الأربعة، ص496.

(350) ترجمة دكتور نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص518، 519.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/607.html

تقصير الرابط:
tak.la/cf4jcyz