St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

579- هل شكَّ يوحنا المعمدان بسبب سجنه في كون السيد المسيح هو المسيا المنتظر (لو 7: 19) وهذا أمر طبيعي يسقط فيه العظماء كما حدث مع إيليا (1 مل 19: 4) وإرميا (إر 20: 14-18) وبولس الرسول (2 كو 1: 8، 9)؟ ومن هو المقصود بالأصغر في ملكوت اللَّه (لو 7: 28)؟ وهل اللَّه يحتاج إلى تبرير الشعب والعشارين (لو 7: 29)؟ وهل أناس ذلك الجيل كانوا محقين في نقدهم ليوحنا المعمدان والسيد المسيح (لو 7: 33، 34)؟

 

س579: هل شكَّ يوحنا المعمدان بسبب سجنه في كون السيد المسيح هو المسيا المنتظر (لو 7: 19) وهذا أمر طبيعي يسقط فيه العظماء كما حدث مع إيليا (1 مل 19: 4) وإرميا (إر 20: 14-18) وبولس الرسول (2 كو 1: 8، 9)؟ ومن هو المقصود بالأصغر في ملكوت اللَّه (لو 7: 28)؟ وهل اللَّه يحتاج إلى تبرير الشعب والعشارين (لو 7: 29)؟ وهل أناس ذلك الجيل كانوا محقين في نقدهم ليوحنا المعمدان والسيد المسيح (لو 7: 33، 34)؟

 

ج: 1- هل شكَّ يوحنا المعمدان بسبب سجنه في كون السيد المسيح هو المسيا المنتظر (لو 7: 19) وهذا أمر طبيعي....؟ كلاَّ. لم يشك يوحنا المعمدان في السيد المسيح، فهو طالما شهد له، وشخصية عظيمة وقوية مثل شخصية يوحنا الذي لم يرهب سجن هيرودس ولا سيفه، من المُستبعد أن يتراجع ويشك في شخص السيد المسيح الذي عمَده، وسمع صوت الآب من السماء يشهد له. لقد كان يوحنا نبي بل وأكثر من نبي فهو الذي وُضِعت بسببه نبوءات (إش 40: 3، ملا 3: 1)، ولم يكن قصبة تحركها الريح. قال القديس هيلاريون والقديس يوحنا الذهبي الفم ما معناه: "إن يوحنا يعرف كل المعرفة أن يسوع هو الآتي، وأنه لا مجال لانتظار مسيح آخر. أما الشك الذي في سؤاله فلا يُمثِل فكره الخاص، بل فكر تلاميذه. تظاهر بالجهل ليُقدم ليسوع مناسبة يشهد فيها بوضوح لمسيحانيته أمام مُرسَلي السابق" (187). فعندما رأى يوحنا أن شمس حياته تقترب من المغيب أراد أن يربط تلاميذه بالمسيا.

ويقول "القديس كيرلس الكبير": "ماذا فعلت أيها المعمدان الرائع!

ألاَّ تعرف ذلك الذي كرزت عنه إن كنت أنت نفسك سابقًا لظهوره....؟ أنت أشرت للرسل القديسين عنه قائلًا بكل وضوح: "هُوَذَا حَمَلُ الله الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" (يو 1: 29).. فكيف تسأل إن كان هو الآتي؟"..

ولكن المعمدان المُبارك لم يفشل في أن يعرف كلمة اللَّه الذي صار إنسانًا. لا تتصوَّروا هذا. فقد كان مقتنعًا تمامًا وبكل وضوح أنه هو الآتي، ولكن ما فعله كان أمرًا حكيمًا ومُخططًا تخطيطًا جيدًا ومناسبًا بدرجة كبيرة لمنفعة تلاميذه. فلأن تلاميذ يوحنا لم يكونوا قد عرفوا المسيح بعد، إذ أن مجده وجلاله الفائق كان مخفيًا عنهم. قد صُدِموا عندما رأوه يصنع المعجزات ويتفوق على المعمدان في عظمة الأعمال التي يقوم بها" (188).

كما يقول "القديس كيرلس الكبير" عن تلميذي يوحنا: "وعندئذ قدموا السؤال متوسلين بِاسم يوحنا بأن يرد عليهم إن كان هو الآتي. وهنا أرجو أن تلاحظوا الطبيعة الجميلة في معاملة المُخلص، لأنه لا يقول ببساطة: أنا هو، رغم أنه لو قال هذا لكان صحيحًا، ولكنه بالحري يقودهم إلى البرهان المُعطى عن طريق الأعمال نفسها حتى إذا قبلوا الإيمان به على أساس جيد، ويكونون قد تزودوا بالمعرفة مما قد حدث أمامهم، فإنهم يمكن أن يرجعوا إلى ذلك الذي أرسلهم، إذ قال لهم الرب: اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما.." (189).

ويقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": "إذ يعرف المسيح غاية يوحنا، لم يقل "أنا هو".. وإنما تركهم يتعلمون خلال أعماله... فإنهم بالطبع يحسبون شهادة أعماله أكثر تأكيدًا فوق كل شك عن شهادة الكلمات" (190).

St-Takla.org Image: Ancient icon of Saint John the Baptist. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوحنا المعمدان، أيقونة أثرية.

St-Takla.org Image: Ancient icon of Saint John the Baptist.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوحنا المعمدان، أيقونة أثرية.

ويقول "البابا شنوده الثالث": "1- مُحال أن يُشك في المسيح، الملاك الذي جاء يمهد الطريق قدامه (مر 1: 2). "هذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ" (يو 1: 7). ولا يمكن أن يشهد له، إلاَّ إذا كان يعرفه. فقد أدى يوحنا هذه الشهادة بكل قوة... (يو 1: 15).

2- وظهرت معرفة يوحنا له وشهادته له واضحة في وقت العماد... (يو 1: 29، 30).

3- وشرح يوحنا كيف أرشده اللَّه إلى معرفته... (يو 1: 33، 34).

4- ومن أجل معرفة يوحنا له، وإيمانه به، تحرَّج من معموديته... (مت 3: 14).

5- وزاد إيمان يوحنا بالظهور الإلهي الذي رآه وقت العماد... (مت 3: 16، 17).

6- وشهد يوحنا شهادة أخرى، لما بدأ المسيح يُعمد ويُعلم... (يو 3: 29-31).

7- بل في ثاني يوم للعماد، شهد أيضًا، وأرسل تلاميذه إليه... (يو 1: 35-37).

8- لماذا إذًا أرسل يوحنا تلميذين للمسيح يقولان له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟ يوحنا أرسل هذين التلميذين وهو في السجن (مت 11: 2)، ولما سمع أعمال المسيح المعجزية، وكان يعرف أن رسالته قد انتهت وموته قريب، فأراد قبل موته أن يسلم تلاميذه للمسيح، فأرسلهم بهذه الرسالة، ليسمعوا ويروا وينضموا إلى الرب وكان كذلك... أما عن يوحنا، فقال الرب للناس في نفس المناسبة: "مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ"..

9- ومن غير المعقول أن يقول الرب هذه الشهادة على إنسان يشك فيه.

10- تعرف يوحنا بالمسيح وهو في بطن أمه.."(191).

وقال البعض أن يوحنا المعمدان كان يريد أن يستحث ويستعجل السيد المسيح في إعلان ملكوت اللَّه، ولا سيما أن شر هيرودس أنتيباس زاد واستشرى، بينما يوحنا مقيَّد بالأصفاد، وهو ابن البرية الذي اعتاد الحياة بعيدًا عن الأسوار، فإذ به في سجن كئيب حبيس الجدران، فقد كان ينتظر المسيح الذي يُعلن مُلكه كديان عادل يحمل رفشه في يده ويُنقي بيدره ويقطع كل شجرة رديئة بفأسه ليطرحها في النار، وإذا بالمسيح يقبل الخطاة والعشارين والزواني ويُعلن أنه قد جاء ليُخلص ما قد هلك، فتعجب يوحنا من رأفته وطول أناته.

وحتى لو قال أحد أن يوحنا المعمدان وقع تحت الضعف البشري مثل إيليا وإرميا وبولس، فإن يوحنا يكون قد أحسن التصرف، إذ لم يكبت أفكاره داخله تدمره بل أرسل إلى سيده ليستمد العون منه ويستمع إلى ما يريحه، أن رسالة الملكوت قد بدأت ولن تتوقف أبدًا. وبعد أن انصرف تلميذي يوحنا امتدح السيد المسيح يوحنا المعمدان. ويقول "الأنبا غريغوريوس" أسقف عام الدراسات القبطية والبحث العلمي: "ثم لما انصرف رسولا يوحنا، أراد مُخلصنا أن يمحو ما قد يكون خامر نفوس الحاضرين من الظن بأن السؤال الذي أوفد يوحنا رسوليه ليوجهاه إليه يدل على أن يوحنا نفسه قد تزعزع إيمانه به وتراجع في شهادته له" (192).. شهد السيد المسيح ليوحنا المعمدان خلال ثلاثة أسئلة (لو 7: 24-26).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

2- من هو المقصود بالأصغر في ملكوت الله (لو 7: 28)..؟ قال السيد المسيح: "بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ الله أَعْظَمُ مِنْهُ" (لو 7: 28) وقد سبق مناقشة هذا الموضوع بالتفصيل، فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ 4 س330. وقد رأى القديس يوحنا ذهبي الفم أن المقصود بالأصغر هو السيد المسيح لأنه كان بحسب الجسد أصغر من يوحنا المعمدان بستة أشهر، لكن مُعظم الآراء ترى أن الأصغر هو أي شخص في العهد الجديد وذلك لعدة أسباب:

أ– إن يوحنا عاش في ظلال الناموس، بينما الإنسان المسيحي يعيش في نور الإنجيل.

ب- عرف يوحنا المعمدان قداسة اللَّه وعدله، أما الإنسان المسيحي فقد أدرك عمق المحبة الإلهيَّة.

جـ- معمودية يوحنا حركت القلوب تجاه التوبة، أما معمودية العهد الجديد فإنها تهب الولادة الجديدة.

د– يمثل يوحنا المعمدان صديق العريس، أما الإنسان المسيحي فهو يمثل عروس المسيح.

هـ- عند استشهاد يوحنا ذهب إلى الجحيم، ولم يذهب للفردوس إلاَّ بعد الصلب والفداء، أما أي إنسان مسيحي ينتقل فإن الملائكة تحمله للفردوس.

ونضيف هنا قول "القس ليون موريس" عن يوحنا المعمدان: "رفعه (السيد المسيح) إلى أعلى منزلة، هذه المنزلة التي ميَّزته على جميع الرجال. ولم يتوقف يسوع عند هذا بل قال: "وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ الله أَعْظَمُ مِنْهُ"، لأن مجيء يسوع يمثل حدًا فاصلًا. لقد جاء يوحنا ليعد الطريق للملكوت، أما الأصغر في هذا الملكوت فهو أعظم من أعظم الرجال. وهذه عبارة عن حقيقة تاريخية، فيوحنا كان ينتمي لزمن الموعد، فالأصغر في الملكوت أعظم منه، ليس من أجل خصال شخصية يتحلى بها، بل لأنه ينتمي إلى زمن تحقيق الموعد. ولم يكن يسوع يقلل من أهمية يوحنا بل يضع عضوية الملكوت في منظورها الصحيح" (193).

 

3- هل يحتاج الله لتبرير الشعب والعشارين (لو 7: 29)..؟ قال الإنجيل: "وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ سَمِعُوا وَالْعَشَّارُونَ بَرَّرُوا الله مُعْتَمِدِين بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنّا" (يو 7: 29)، ومعنى " بَرَّرُوا الله" أي اعترفوا بأن اللَّه بار، يعاقب المخطئ، ويغفر ويصفح عن التائب. " بَرَّرُوا الله" أي قبلوا كلام اللَّه، واعترفوا وشهدوا أن اللَّه بار وعادل وصادق في أقواله: "لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ" (مز 51: 4). و" بَرَّرُوا الله" جاءت هذه العبارة في "الترجمة العربية المشتركة": "أقرُّوا بصدق الله"، وعبارة " بَرَّرُوا الله" مثل عبارة " باركوا الله" أي أعطوا البركة لاسم اللَّه "مبارك اسمه القدوس": "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ" (مز 103: 1). والدليل على اعتراف الشعب بأن اللَّه بار وصادق في أقواله أنهم اعتمدوا مع العشارين بمعمودية يوحنا، أما الفريسيون الذين رفضوا معمودية يوحنا فهم لم يبرّروا اللَّه: "وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ وَالنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ الله مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ" (لو 7: 30). فرفض معمودية يوحنا كان بمثابة عدم تبرّير اللَّه، ورفض للمشورة الإلهيَّة. جاء في "الكتاب المقدَّس الدراسي": "يختلف الحكماء روحيًا عن الناقدين الحمقى من حيث أنهم عرفوا أنه رغم اختلاف خدمة يوحنا والرب يسوع، فإن كليهما من اللَّه" (194).

 

4- هل أناس ذلك الجيل كانوا مُحقّين في نقدهم ليوحنا المعمدان والسيد المسيح (لو 7: 33، 34)..؟ يُجيب على هذا التساؤل "القديس كيرلس الكبير" فيقول: "أيها الفريسي الغبي بأي طريقة إذًا يمكن أن تُربَح إلى الإيمان، وأنت هكذا تلوم كل الأشياء بلا تفريق، ولا تعتبر أي شيء مستحقًا المديح؟ فالمعمدان المُبارك كان سابقًا للمُخلص... كان رجل يستحق أن ينال الثقة، وهو قادر على الإقناع، حتى أنهم هم أنفسهم شهدوا له أن حياته كانت نبيلة وجديرة بالإعجاب، فهو سكن في البراري وكان يرتدي ثيابًا فقيرة وخشنة وبالكاد كان يلبي ضرورات جسده بالجراد والعسل البري... وقد وصل إلى كمال كل فضيلة... أخبرني هل أنت تظن أن هذا الإنسان به شيطان، وهو إنسان ليس للشيطان سلطان عليه... وهو قد أمر جميع الشياطين أن تسكت، وقاوم هجماتهم برجولة..؟ ألا تخجل إذًا أن تشتم واحدًا قد وصل إلى مثل هذا الصبر العظيم والاحتمال الكبير... هل تحرك لسانك ضده وتتجاسر بوقاحة أن تفتري عليه، بأن تقول أنه إنسان مجنون وتافه وليس مالكًا لقواه العقلية..؟

(أما المسيح) فالمسيح لم يكن في البرية، بل بالحري جعل مسكنه في المدينة بصحبة رسله القديسين، هو لم يأكل جرادًا وعسلًا بريًا، وثيابه لم تكن من وبر الأبل، ولم يكن له منطقة من جلد على حقويه. وطريقة حياته بالحري كانت كالطريقة المعتادة في المدن، ولم تكن فيه خشونة مثل تلك التي كان يُمارسها المعمدان القديس. فهل أنت إذًا تمدحه على الأقل، وهو توافق على سهولة طريقته، واختلاطه بحرية مع الآخرين، وعدم اهتمامه بالمرة من جهة طعامه؟ لا أظن... فأنت تقول أيها الفريسي: "هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ".. كيف يمكنك أن تثبت ذلك لأنه حينما كانت مرة مريم ومرثا باستقباله في بيت عنيا، وكانت واحدة منهما منشغلة بخدمة كثيرة، فإننا نرى المسيح يمنع المبالغة والزيادة، ويدعوا إلى ما هو ضروري فقط، لأنه قال: "مَرْثَا مَرْثَا أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ" (لو 10: 41، 42)..

هل أنت تتهم المسيح بسبب أنه كان يمشي مع العشارين والخطاة؟ وهل هذا هو سبب استيائك؟ ولكن أي ضرر يمكن أن تتخيله أصاب المسيح من ترحيبه أن يكون مع الخطاة؟ فهو لم يكن معرَّضًا بأن يتأثر بخطاياهم لأنه كان فوق كل خطية تمامًا... لا يمكن أن يتلوث من أي ناحية بوجوده مع الخطاة" (195).

كما يقول "القديس كيرلس الكبير": "إن كل إنسان يمدح الأطباء، ليس حيثما يتحاشون الاختلاط بالمرضى، بل حينما يكونون معهم دائمًا... وإذا كان يسوع هو طبيب النفوس والأرواح، فلماذا تلومه لتخليصه الخطاة؟ إنه لا يمكن أن يتلوث، حتى لو أكل مع الخطاة، لأن الشمس الساطعة ترسل أشعتها وتدخل إلى كل شيء تحت السماء، ويحدث إذًا أن القاذورات تتعرض لتأثيرها. أما الشمس التي ترسل أشعتها فهيَ لا تتلوث بالمرة رغم أنها تسطع على مواد كريهة جدًا. أن ربنا يسوع المسيح هو شمس البر ولا يستطيع إنسان شرير مهما كان أن يلوثه حتى لو كان قريبًا بجواره ويأكل معه" (196).

ويقول "رايل" Ryle: "علينا التخلي عن فكرة إرضاء جميع الناس، فهذا الأمر ضرب من المستحيل، كما أن هذه المحاولة ليست سوى مضيعة للوقت حسبنا نحن أن نقتفي آثار المسيح، وليقل العالم ما يشاء، فمهما فعلنا، فلن ننجح في إرضائه ولا في إسكاته عن توجيه الملاحظات اللاذعة إلينا. فالعالم لام يوحنا المعمدان أولًا، ومن بعده سيده المُبارك، وهكذا سيواصل إثارته للاعتراضات التافهة ضد تلاميذ الرب، ولو لم يبقَ سوى واحد منهم فقط على وجه الأرض"(197).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(187) أورده الخوري بولس الفغالي - إنجيل لوقا جـ 1 - ظهور الكلمة والرسالة في الجليل، ص459.

(188) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص162، 163.

(189) المرجع السابق، ص167.

(190) أورده القمص تادرس يعقوب - الإنجيل بحسب لوقا ص181.

(191) سنوات مع أسئلة الناس - أسئلة خاصة بالكتاب المقدَّس، ص94-96.

(192) الأنجيل حسب القديس لوقا - ترجمة لجنة قداسة البابا كيرلس السادس ص240.

(193) ترجمة نيكلس نسيم - التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - العهد الجديد - إنجيل لوقا، ص147.

(194) الكتاب المقدَّس الدراسي، ص2439.

(195) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص176-178.

(196) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص179.

(197) أورده وليم ماكدونالد - الأنجيل بحسب لوقا ص283.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/579.html

تقصير الرابط:
tak.la/2yb9nzp