St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   trials-of-jesus
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب محاكمات السيد المسيح وصلبه حسبما جاءت في العهد الجديد: دراسة تاريخية وتحليلية - القمص يوحنا فايز زخاري

19- ثالثًا: المُحَاكَمَة الرومانية الثالثة: أمام بيلاطس للمرة الثانية

 

كان بيلاطس يريد أَن يتخلص من ثقَل الحُكْم على يسوع؛ فقد وقع في صراع بين ضميره الذي يراه بريئًا، وبين الشعب بقيادة رؤساء الكهنة والشيوخ الذين يُهَيجونهم ويدفعونهم للمطالبة بموت المسيح. وكان بيلاطس أضعف من أن ينتصر لضميره، وللحق كما يراه. فقد هدده الشعب العنيد بأنه غير مُحبٍ لقيصر. وحاول أكثر من مرة أن يُبَرِّئ البَرِيء، فينصر الحق، أو يهرب من منصة القضاء دون جدوى.

 

1. إعلان بيلاطس لبراءة المسيح لأول مرة:

كان بِيلاَطُسُ قد وجد مَهربًا من هذه الأزمة وهذا الصراع، إذ أحال يسوع الجليلي إلى هيرودس والي الجليل، الذي كان موجودًا بأورشليم، فتخلَّص من ثِقل الحُكْم على البريء واستراح. لكن سريعًا ما عادت القضية إليه ثانيةً.

كان الرب قد أراد أن يُعطِي بيلاطس فُرصة أخيرة؛ ليستيقظ ويَفيق!

فهل ينتصر النور الذي يعمل داخله، وقد عاد له الرب مرة أُخرَى؟

بعد فترة هدوء، لا شك أن ضميره كان يعمل فيها، وصوت الحق يصرخ داخله: لماذا تَنحَيْتَ عن مُهمتك؟ أليس واجبُك أن تُعلن براءته، فأنت مقتنعٌ بها. لماذا تَهابُ إعلان الحق، وأنت المَنوطُ بالانتصار له؟ لماذا تخاف الشعب وتَهاب قيصر؟ ها الآن الفرصة سانحةٌ لكَ ثانيةً.

فإن كنتَ قد هربتَ من الحُكم، والآن هرب هيرودس أيضًا، فالقضية شائكة والقضاة يهربون! لستَ وحدك الهارب، هيرودس أيضًا معك، فهذا عُذرُك! القاضي العادل لا يحكم بالموت؛ إلا إذا كان واثقًا أن المُتهَم يستحق الموت. واهتزاز الأدلة يجب أن يُفسَّر في صالح المتهم. والآن هذه فرصتك لتُرِيح ضميرك وتَحكم بالبراءة. فبعودة الرب إليك قُدِّم لك الامتحان مرة ثانية، لتنتصر للحق ولضميرك.

 

(لوقا13:23-16)

(يوحنا38:18)

فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ، وَقَالَ لَهُمْ: "قَدْ قَدَّمْتُمْ إلَيَّ هذَا الإنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلاَ هِيرُودِسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إلَيْهِ. وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ. فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ".

وَلَمَّا قَالَ هذَا خَرَجَ أَيْضًا إلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ:

"أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً".

 

[ كان حديث المسيح مع بِيلاَطُس هو الذي أقنع بِيلاَطُس أن يَخْرُجَ إلَى الْيَهُودِ ويُعلن براءة المسيح من التُّهم التي وُجِّهَت إليه. فكانت صفعة لرؤساء الكهنة، الذين أحكموا الخطة لينتهوا من المسيح.][164]

«أَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ» (لو23: 16 و22)

عجبًا من بِيلاَطُس الذي يحكم: «هَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلاَ هِيرُودِسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إلَيْهِ. وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ.» ثُم يَحكم على الرب في نفس الوقت وفي نفس القضية بالجَلْد، أول خطوة نحو الصليب، على الرغم أنه عارفٌ ببراءته.

 لكنه قدَّم حَلًّا وسطًا: فلا يكون بِيلاَطُسُ قد نجح به تمامًا، ولا يكون قد رسب رسوبًا نهائيًا.

فهذه الكلمات تحْكُم لصالح بيلاطس، كما تحْكُم ضده في نفس الوقت.

تحْكُم لصالحه لأنه:

كان مُحبًا للعدل، يَجِدُّ في أثَرِه. يفحص المتهم بشفافية، ويُشرك آخَرين معه؛ ليَصِل إلى العدالة.

كان يعرف الحق، ومقتنع ببراءة المسيح، ويريد أن يُبَرِّءَه، وماضٍ في طريق إطلاق سَراحه.

كما تشهد هذه الكلمات ضد بيلاطس، فما دام قد وصل فعلًا للحق، فلماذا الخضوع والخنوع؟ لماذا الضعف والتردد؟!

أَعلنتَ براءة يسوع، فلماذا تُؤَدِّبُهُ؟ ولماذا تجلده؟

أَأَردتَ أن تُهَدِّئَ ثورة المشتكين حسدًا؟ فتُضحي بالعدالة وتتواطأ مع الرعاع، وأنت الجالس على كرسي القضاء، وقد أقسمت أن تُقيم العدل!

موقفك الضعيف المتردد أعطى الجموع الجُرأة عليك، وساعدهم على المطالبة بموت الرب. فحينما يسمعون القاضي يقول «أُؤَدِّبُهُ!»، إذن هو مُجرم يستوجب التأديب. وعندما يُضيف «وَأُطْلِقُهُ!» تكون متواطئًا معه، وهكذا يضيع الحق الضعيف.

ولو اتخذ بيلاطس موقفًا قويًا حاسمًا بإعلان براءته بعد فحصه هو وهيرودس، ولم يجدا فيه عِلَّة، لكانت هيبة المحكمة، وسلطان العدالة قد أبْكَما الثائرين. وتَبرَّأَ بيلاطس أمام الله والتاريخ.

نعم، إن الرب يسوع لابد أن يموت فداءً للبشرية، ولكن جريمة بيلاطس الذي حكم ضد البريء، تستقر على رأسه؛ فقد صار أحد المسؤولين عن موت المسيح.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. إعلان بيلاطس براءة المسيح ثاني مرة:

 

(متى15:27)

(مرقس6:15)

(لوقا17:23)

(يوحنا39:18)

وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ.

وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ طَلَبُوهُ.

وَكَانَ مُضْطَرًّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِدًا

وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِدًا فِي الْفِصْحِ.

 

بينما كان بيلاطس يتباطأ في الحُكْم على يسوع، كان رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب دائبين في إضرام نار الغضب على الرب والمطالبة بموته. حتى أن بيلاطس الخائف أمسى أكثر خوفًا. وفي ضعفه وَجد وسيلة لجأ إليها، لعله يُهدئ بها ضميره المُتعَب بإطلاق المسيح.

فقد كانت العادة في عيد الفِصْح، رأس الأعياد اليهودية، أن يُطلق الوالي الروماني للشعب اليهودي أَسِيرًا

وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ. لذلك «صَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِمًا يَفْعَلُ لَهُمْ.» (مر8:15).

وهيَ عادة لا تعتمد على نص كتابي، كقول القديس كيرلس الكبير، بل [على تقليد يهودي مأخوذ

من المِشْنا في باب الفِصْح، أنه يجب إطلاق سجين عشية العيد قبل ذبح الخروف (6:8).][165]

 [أما بيلاطس بِحِكمةٍ برَّأ المسيح أولًا، ثُم أشار إلى إطلاقه أثناء العيد، إن لم يُطلقوه كبريء.][166] فقال لهم: «أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟». (يو39:18).

 

(متى16:27)

(مرقس7:15، 8)

(لوقا19:23)

وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ.

وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقًا مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ، الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلًا. فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِمًا يَفْعَلُ لَهُمْ.

وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْل.

 

كان باراباس اللص سجينًا سياسيًا «طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْل.» (لو19:23)

 

· يسوع أم باراباس؟

كان بيلاطس يعلم أن عامة الشعب يُقَدِّرون يسوع، ولذلك تحوَّل عن رؤساء الكهنة وقال لهم:

 

(متى17:27، 18)

(مرقس9:15، 10)

(يوحنا39:18)

فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟" لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا.

فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ: "أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ"؟ لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا.

"أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ"؟

 

كان باراباس رمزًا للشيطان، والمسيح هو الله الظاهر في الجسد. وهتف هؤلاء: «لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ!» (يو40:18)، مفضلين الشيطان وجنوده على الرب إلههم.

يقول العلامة أوريجينوس: [إنهم أقاموا مقارنة بين يسوع وباراباس، والحقيقة ثمة تشابه بين اسميهما. والعجيب أن بَارَابَاسَ هذا قُبض عليه مَعَ رُفَقَائِهِ لأنهم تسببوا فِي الْفِتْنَةِ، وفِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلًا. أما الرب يسوع فهو صانع سلام رئيس السلام.][167]

[ وُصف باراباس بواسطة مرقس على أنه ثوري، واحد من حزب المتعصبين. التلاعب في اسمه واضح؛ "بارابا" بالآرامية يعني "ابن الأب"، ويتم اختياره بالتفضيل على يسوع، الابن الحقيقي. التلاعب في اسمه ليس سببًا كافيًا لاستدعاء أسطورة مرحلة باراباس أو مدراش.][168]

 

(متى20:27،21)

(مرقس11:15)

(لوقا18:23)

(يوحنا40:18)

وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. فَأجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: "مَنْ مِنْ الاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ"؟ فَقَالُوا: "بَارَابَاسَ"!

فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ.

فَصَرَخُوا بِجُمْلَتِهِمْ قَائِلِينَ: "خُذْ هذَا! وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ"! وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْل.

فَصَرَخُوا أَيْضًا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ: "لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ"! وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصًّا.

 

[اختارت الأُمَّة الجاحدة رجلًا قاتلًا، وأسلمت عريسها البار إلى قضاء الموت. وهذا ما تفعله كل نفْس تختار الخطية، وترفض البِّر الذي في المسيح. «هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ.» (أَعْمَالُ23:2).][169]

[ كان الحاكم الروماني يرمز للقضاء الإلهي، و«بَارَابَاسَ!» يرمز للبشرية الخاطئة. فلو أُطلق يسوع حرًا لأُسلم «بَارَابَاسَ!» إلى قضاء الموت عقابًا على خطاياه. ولو مات يسوع مصلوبًا، لأمكن لباراباس أن يحيا، ويكون يسوع مات عوضًا عنه. وهكذا كان التدبير الإلهي أن يموت يسوع عوضًا عن البشرية الخاطئة، ليُنقذها من الموت الأبدي.][170]

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: Ancient icon: Third civil trial of Jesus Christ: Pilate again, (John 18:39 - 19:6). صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة اثرية: المحاكمة المدنية الثالثة للسيد المسيح: أمام بيلاطس مرة أخرى (يوحنا 39:18 - 6:19).

St-Takla.org Image: Ancient icon: Third civil trial of Jesus Christ: Pilate again, (John 18:39 - 19:6).

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة أثرية: المحاكمة المدنية الثالثة للسيد المسيح: أمام بيلاطس مرة أخرى (يوحنا 39:18 - 6:19).

· رسالة سِرية عاجلة من زوجة بِيلاَطُس

«وَإذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً:

"إيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ"». (متى19:27).

عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ جَلس بِيلاَطُسُ. وبين يديّه وقف الرب، في مشهدٍ مهيب، اجتمعت فيه طبقات المجتمع اليهودي الثائر. فالرب يسوع أمام الحاكم الروماني المتردد الحائر، صامتًا لا يفتح فاه. وكان على بِيلاَطُس أن يحْكُم بإطلاق يسوع، لكن رغم قناعته الداخلية ببراءته، كان يستسلم لرغبات اليهود الهائجة التي رفضت رئيس الحياة، وطلبت لصًا قاتلًا.

لم يقف شخصًا واحدًا يُناصِر الحق ويُدافِع عنه. ولم يرتفع صوتًا واحدًا يُشدد عزيمة الحاكم الحائر ليتخذ قرارًا عادلًا يَقتنع به في قرارة نفسه. كان الكل ضد يسوع كما قال مار لوقا البشير: «رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ» (لو13:23) كل الأحزاب الدينية، والجماهير. مُجتمعٌ يتم فيه قول إشعيا النبي «وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ، الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإثْمِ، نَسْلِ فَاعِلِي الشَّرِّ، أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ، تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إسْرَائِيلَ» (إش4:1-5).

وبينما كان بيلاطس مترددًا فيما ينبغي أن يحكم، تَقدم رسولٌ وشَقَّ طريقه وسط المحكمة وسلَّمه رسالة هامة وعاجلة، من زوجته. تَحمِلُ رسالة من السماء، قصيرة لكنها شديدة: «إيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ» (مت19:27). والأحلام في روما لها شأنها واحترامها.

[لم يحدث مِثْلَ هذا مع بِيلاَطُسُ من قبل. أن يتَسلم رسالة عائلية في محفل قضائي في قاعة المحكمة، ولكن حينما يكون الموقف خطيرًا، والوقت محسوبًا بالثواني، لا يُعمَل حسابًا لما هو معتاد. لذلك تخطت بروكولا[171] زوجة بِيلاَطُس التقاليد المُتَّبعة؛ فالأمر لا يحتمل التأجيل، والتباطؤ يأتي بنتائج خطيرة. كانت امرأة مُحِقة في سرعتها، أمينة وَوَفِية لزوجها وللحق نفسه، حكيمة تُقَدِّر الأمور قَدرها. كانت أداة خاضعة في يد الله؛ لِتُنذر الوالي الضعيف، لعله يستيقظ، أو يكون بلا عذر. فهي رسالة تحذيرية من الزوجة المُخْلِصة.][172]

«عَلِمَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا.» (متى18:27)، وأراد الله أن يُرشده بواسطة زوجته. وكان درسًا ليس لبِيلاَطُس وحده، وإنما لرؤساء الكهنة أيضًا؛ إذ رأوا وسمعوا بِيلاَطُس الوثني يُعلِن براءة المسيح في مشهد رِوائي؛ فقد حاول أن يزيح المسؤولية عن نفسه، بأن أخذ ماءً وغسل يديه أمام الشعب وهو يقول: «إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُم». (متى24:27).

العجيب أن الذي دَافَع عن المسيح امرأة وَثنية هيَ امرأة بيلاطس، وكان صوتها إنذارًا الهيًا!! فالله يتكلم بأنواع وطرق شتى. فلا يزال الله مُهتمًا ببيلاطس، يكلمه في أعماقه ليفهم أن: «مُبَرِّئُ الْمُذْنِبَ وَمُذَنِّبُ الْبَرِيءَ كِلاَهُمَا مَكْرَهَةُ الرَّبِّ.» (أمثال15:17).

رأت زوجة بيلاطس الرب فِي حُلْمٍ، وآمنت أنه بار، و«تَأَلَّمْت كَثِيرًا مِنْ أَجْلِهِ». فماذا رأت؟! أرأَتْه مُوثَقَ اليدين يُحاكَم في دار القضاء كمُجْرِم؟، أم رأت الجنودُ يهزأون به ويسخرون منه؟ أم رأت رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب في حسدٍ يشتكون عليه قائلين: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ.» (يو7:19)؟ وعرفت أن زوجها المسكين يُسَلِّمه للجَلْد بعدما نطق بالبراءة!

أرأته مصلوبًا فـ«تَأَلَّمَت كَثِيرًا»؟ أم رأته في قيامته ومجد مجيئه الثاني فأعلنت «إيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ»[173]. أم رأته يدين المسكونة بالعدل، والأشرار الذين يشتركون في آلامه وصَلبِه يقفون في رُعبٍ أمامه، فقالت لزوجها محذرة: «إيَّاكَ!!».

 

· «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ

 

(متى22:27)

(مرقس15: 12، 13)

(لوقا23: 20، 21)

قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ"؟ قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: "لِيُصْلَبْ"!

فَأجَابَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: "فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ"؟ فَصَرَخُوا أَيْضًا: "اصْلِبْهُ"!

فَنَادَاهُمْ أَيْضًا بِيلاَطُسُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُطْلِقَ يَسُوعَ، فَصَرَخُوا قَائِلِينَ: "اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ"!

 

وفي ترددٍ وحيرةٍ سأل بيلاطس: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» (مت22:27، مر12:15)

فتعالت أصواتهم الهائجة وازْدَادُوا صُرَاخًا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!» (لو21:23).

عجيبٌ أن [من يعرفون الشرائع الإلهية، ويفتخرون بأنهم تلاميذ موسى، يطالِبون بالموت لمن لم يفعل إثمًا، مُعلِّم التَقْوَى. وحينما برَّأه مَن له حق المُحَاكَمَة، طلبوا صارخين: «خُذْ هذَا! وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ» (لو18:23). أَنْكَروا الْقُدُّوسَ الْبَارَّ، وَطَلَبُوا أَنْ يُوهَبَ لَهُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ. (أع14:3)][174].

و[نرى في داخل النفس البشرية، المسيحَ وباراباس. فمن يُعَلِّم تعليم اليهود ويحيا كحياتهم، يُحرِّر باراباس ويُقيد المسيح فيه، أما من يصنع الخير ويحيا بالبر فالمسيح حُرٌّ فيه وباراباس مُوثَق.][175]

 

(متى23:27)

(مرقس14:15)

(لوقا 22:23)

فَقَالَ الْوَالِي: "وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ"؟

فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ"؟

فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: "فَأَيَّ شَرّ عَمِلَ هذَا؟ إنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ، فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ".

 

كان المسيح الصامت قد أثَّر في بيلاطس ونفذت كلماته إلى أعماقه، نظراته المقدسة جذبته وملأته هيبة. وحُلم زوجته أدخل الخوف لقلبه. فَقَالَ لَهُمْ بيلاطس ثَالِثَةً:

«فَأَيَّ شَرّ عَمِلَ هذَا؟ إنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ، فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ.» (لو22:23)

 

· جلدوك بالسياط

«فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ.» (يوحنا1:19)

فشل بيلاطس في إقناع رؤساء الكهنة ببراءة يسوع، فأمر بما لا يؤمن أو يقتنع به، وأَسْلَمَهُ. وفورًا أخذوا يسوع، خلعوا ثيابه، عُلِّق على صارية التأديب، فسالت دماؤه. أما لَسَعات الجَلْد الكاوية الأليمة، فحَرَثُوا بها ظَهرَه.

 

(متى26:27)

(مرقس15:15)

(لوقا25:23)

(يوحنا1:19)

وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.

وأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ.

وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ.

فَحِينَئِذٍ أَخَذ بيلاطس يَسُوعَ وَجَلَدَهُ.

 

جُلد المسيح ظلمًا؛ لِكَيْ يخلصنا من العقوبة التي نستحقها، [فآلام المسيح كانت لأجلنا لأننا نستحق هذه التأديبات؛ فقد تَمردنا على الله. أَمَّا المسيح فكان قادرًا أَن يَفك رباطات الموت لكل البشر. ورغم أَنَّهُ واحد، فإنه مات عن الكل. هكذا نفهم كيف صارت آلام المسيح كافية أن تُنقذنا من الجلد والعار. وهذا معنى «بِحُبُرِهِ (بجلداته) شُفِينَا.» (إشعيا53: 5). «أَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا.» (53: 4)، «مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا.» (إشعيا50: 6).][176]

كان الجَلْد بأمر بيلاطس الوالي الروماني، جَلْدًا بالطريقة الرومانية، وهو أقسى من الطريقة اليهودية. [فاليهود يُعَرُّون الجزء الأعلى فقط من الجسد، أما الرومانيون فيُعرون الجسد كله.

وعند اليهود عدد الجلدات لا يزيد عن الأربعين؛ ولذلك يجلدون أربعين إلا واحدة، خوفًا من الخطإ في العدد، أما الرومانيون فيجلدون بلا عدد وبكل عنف. ففي جَلْدهم للمجرمين، كثيرًا ما مات البعض أثناء الجلد. وبهذا النوع جُلِد الرب يسوع، وقد رُبط الرب في عمود عاريًا لجَلْدِه][177]

وكنيسة العمود بالقدس[178] التي [بُنيت حول عمود صغير مثبت في الأرض رُبط فيه رب المجد لكي يُجلد. وشمال هذه الكنيسة المكان الذي حُبس فيه السيد المسيح مع اللصين. وغَربُه مذبح عليه الحَجر الذي وقف علَيه السيد المسيح في الحبس. وبعده بقليل المكان الذي اقتسم الجنود فيه ثياب الرب، وسُمي هذا المكان باسم القديس لونجينوس الجُندي الذي طَعن السيد المسيح، ثم آمن به][179].

 

· إكليل الشوك وثوب الأرجوان:

«وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إكْلِيلًا مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوانٍ.» (يوحنا2:19).

وضفروا إكليلًا من الشوك ووضعوه على رأسه. وألبسوه ثوبًا أرجوانيًا على كتفيه الغارقتَيْنِ في الدماء، وجعلوا قصبة في يمينه، وهزأوا به قائلين: السلام يا ملك اليهود.

هذا الثوب الأرجواني كثياب الرؤساء في الجيش، وقد ألبسوه إياه تحقيرًا له؛ لأنه قال أنه ملك. أما من الجِهة الروحية، فقد لبس الثوب الأرجواني وإكليل الشوك باعتباره ملكًا غالبًا.

ويضيف القديس متَّى: «وَوَضَعُوا قَصَبَةً فِي يَمِينِهِ» (متَّى29:27)، كمُمسك صولجان المُلك؛ فهو «ملك الملوك ورب الأرباب» (رؤيا14:17).

ويقول القديس كيرلس الكبير: [ألبسوه ثوب أرجوانٍ رمزًا للمُلك، وأهانوه بطريقة تتفق مع هذه المظاهر، فاقتربوا منه، وكانوا يقولون له: السلام يا ملك اليهود.

ويُضيف قائلًا: إن إكليل الشوك يرمز إلى الوثنيين الذين سيعودون للمسيح وسيَقبلهم، فيجعلهم تاجَه الملوكي؛ فالأمم مثل الشوك بلا ثمر ولا نفع. وكما يُجمَع الشوك للحريق، هكذا الأُمم كانوا بلا فائدة. أَمَّا الآن في المسيح يسوع لهم كل الفوائد. أَمَّا الرداء الأرجواني، فهو يرمز إلى ملكوت المسيح الذي سوف ينتشر في العالم كله.][180]

«وَكَانُوا يَقُولُونَ: "السّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ". وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ» (يوحنا3:19).

هل كان الجنود الرومان هنا يسخرون بالأُمةِ اليهودية، أم يسخرون منه، أم من الِاثنين معًا؟!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. إعلان بيلاطس لبراءة المسيح ثالث مرة:

«فخرج بيلاطس خارجًا وقال لهم: "هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إلَيْكُمْ"» (يو4:19).

ظن بيلاطس أن الشعب اليهودي حينما يرى المسيح في آلامه، يرِقُ قلبه ويسمحوا بإطلاقه. لكن هذا الشعب العنيد كان يرى في كل اقتراح جديد لبيلاطس، انهزامًا جديدًا أمامهم. ولم ييأس بيلاطس من التَّوَسُّل بينما هم لم يسمحوا بإطلاقه.

«هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً» (يو4:19).

بهذه العبارة يعترف بيلاطس بخَطَئِه، وأنه جَلَدَه بلا سبب، وأنه يُظهِره لليهود مُفترِضًا أنهم يَحِسُّون بالذنب ويخجلون. وبهذا أيضًا يُظهِرُ بيلاطسُ اليهودَ أنهم يرغبون فِي قَتْلِهِ بلا سبب. أَمَّا اليهود فكان يمكنهم أَن يتهموا بيلاطس بعدم تنفيذ القانون الروماني الذي يقضي بمعاقبة من يثور ضد روما.

[أثار الشيطان اضطرابًا، ولم يجد في ابن الله أي خطية. «لأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.» (يوحنا14: 30). وهذا هو سِر هدوء مُخَلِّصنا الذي لم يجد فيه الشيطان ما يُؤخَذ حُجةًّ عليه أو يُدان بِمُوجَبِه][181].

ومرةً أخيرة عاد بيلاطس يستجدي عطف الشعب القاسي. «فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "هُوَذَا الإنْسَانُ"!». (يو5:19).

 

· لُقِّب الرب يسوع في قصة آلامه بـ«الإنْسَان» خمس مرات:

1. عاد خُدام الهيكل إلى رؤساء الكهنة والفريسيين الذين أرسلوهم للقبض على المسيح، دون أن يمسكوه. فلما سألوهم «"لِمَاذَا لَمْ تَأْتُوا بِهِ"؟ أَجَابَ الْخُدَّامُ: "لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إنْسَانٌ هكَذَا مِثْلَ هذَا الإنْسَانِ"» (يو46:7)

2. في حيرة اليهود «جَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعًا وَقَالُوا: "مَاذَا نَصْنَعُ فَإنَّ هذَا الإنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً"؟» (يو47:11).

3. «فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: "أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإنْسَانِ"؟» (يو17:18)

4. فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ من دار الولاية إلى اليهود يسألهم: «أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هذَا الإنْسَانِ» (يو29:18)

5. «فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "هُوَذَا الإنْسَانُ"» (يو5:19).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

· بيلاطس الضعيف المُترَدِّد:

«فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِلِينَ: "اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ"!

قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً"». (يو6:19)

يقول القديس كيرلس الإسكندري: [كلام بِيلاَطُس يعني أنه إذا كان لديكم شريعة تدين البريء، فطبقوها أنتم بأيديكم. فأنا لا أحتمل أن أقوم بهذا الظلم.][182]

أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ» (يو6:19).

وعبارة "ابن الله"، وإن أثارت اليهود وملأتهم حَمَقًا، إلا أنه «لَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفًا. فَدَخَلَ أَيْضًا إلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: "مِنْ أَيْنَ أَنْتَ"؟ وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا.» (يو7:19-9).

ارتعب بِيلاَطُسُ عندما سَمِعَ أنه أمام من «جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ»، فسأل الرب «مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟» لكن الرب استمر في صمته، و«لَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا». لم يُرِدِ أن يُدافع عن نفسه، أو يُعلن لاهوته. أراد أن يَقْبَل الموت كآدم الثاني، حامل خطايا البشرية.

أثناء المحاكمات صمَت الرب أربع مرات: مرة أمام قَيَافَا[183] ، ومرتَيْنِ أمام بيلاطس[184] ، ومرة أمام هيرودس[185]. صَمَتَ «اللهُ الكلمة» فتمم نُبُوَّة إشعيا النبي «لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ» (إش11:53).

وفي غضبٍ قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟» (يو10:19). أَجَابَ يَسُوعُ: «"لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ". مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ.» (يو11:19-12).

وازداد بِيلاَطُسُ حيرة ماذا يفعل بيسوع؟ وقد تَحرَّكَ ضميره: أنه بريء وأنه البار، فكان «يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ». لكِنَّ طيباريوس قيصر الشيخ العجوز القاسي يقف بالمرصاد، وأصوات اليهود مُدَوية. وَالْيَهُودُ يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «إنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ!» (يوحنا12:19).

الَّذِي أَسْلَمَنِي إلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ»: هكذا قال الرب يَسُوع لبِيلاَطُس مشيرًا إلى خطية اليهود، وأنها أعظم من خطية بِيلاَطُس. فقد كان المفروض أن هؤلاء هم شعبه وخاصته، الذين يدافعون عنه أمام الحاكم الروماني، غير أنه «إلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ».][186]

وخَطِيَّة بِيلاَطُس أيضًا: [لم يكن بِيلاَطُس عادلًا في حُكْمه، فقد حَكَم بالبراءة والإعدام على شخصٍ واحد في نفس الجلسة. وفي وقت واحد. غسَلَ يَدَيْهِ وقال «إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ» حاكمًا أنه بار، ثُم جَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ][187].

«فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ "الْبَلاَطُ" وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ "جَبَّاثَا". وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: "هُوَذَا مَلِكُكُمْ"!» (يو13:19-14).

 

فشل بيلاطس أمام اليهود

 

(متى23:27)

(مرقس14:15)

(لوقا23:23)

(يوحنا15:19)

فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: "لِيُصْلَبْ!"

فَازْدَادُوا جِدًّا صُرَاخًا: "اصْلِبْهُ"!

فَكَانُوا يَلِجُّونَ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ طَالِبِينَ أَنْ يُصْلَبَ. فَقَوِيَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ.

فَصَرَخُوا: "خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ"! قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ"؟ أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: "لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إلاَّ قَيْصَرَ"!

 

«فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: "إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ، أَبْصِرُوا أَنْتُمْ".

فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: "دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا".» (متى24:27،25).

وَغَسْلُ بيلاطس يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ: [عادة يهودية تعني إظهار نقاوة الضمير وتَبْرِئة الإنسان نفسه من المسؤولية (تث6:21-9). واستخدم بيلاطس هذه العادة اليهودية، ليُوَضِّح موقفه من قضية يسوع أمام اليهود الذين لا يعرفون اليونانية التي بها قال: «إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». (مت27: 24)][188]

[وعبارة «أَبْصِرُوا أَنْتُمْ»: فيها يُحّمِل بيلاطس اليهود مسؤولية قتْل هذا البار.][189]

 

إطْلاَقَ بَارَابَاسَ:

 

(متى26:27)

(مرقس15:15)

(لوقا24:23،25)

حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ

فَبِيلاَطُسُ إذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ

فَحَكَمَ بِيلاَطُسُ أَنْ تَكُونَ طِلْبَتُهُمْ. فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْل، الَّذِي طَلَبُوهُ

 

سقط من يدَيِّ بيلاطس سلاح الجهاد، وإقامة الحق والعدل، وأسلمه إليهم ليصلب. وهكذا سجَّلَ التاريخ في

 المجمع المسكوني الأول سنة 321 مجمع نيقية، وسجلت الكنيسة في قانون إيمانها. ["تألم على عهد بيلاطس البنطي"][190].

[كان بِيلاَطُسُ الحاكم الروماني أصدق حِسًّا من كهنة اليهود ورؤساء كهنتهم. فطلب مَاءًا وَغَسَلَ يَدَيْهِ، وقال «إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ»، أما رؤساء الكهنة فقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». واللص نطق بكلماتٍ عادلة، وقال لزميله: «أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ» (لوقا41:23)، أما رؤساء الكهنة فقالوا: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إلَيْكَ!» (يو30:18). وبِيلاَطُسُ يقول: «وأَيَّ شَرّ عَمِلَ هذَا؟ إنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ» (لو22:23).][191]

 

ويُظهر القديس يوحنا الحبيب براءة الرب في النقاط التالية:

· محاولة القاضي الروماني بِيلاَطُس من البداية إعفاء نفسه من الحُكْم في قضية يسوع عندما خاطب رؤساء اليهود وقَالَ لَهُمْ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ». (يو31:18).

· محاولة القاضي الروماني بِيلاَطُسُ مرةً ثانيةً الهروب من الحُكْم في قضية يسوع، إذ سمع أنه جليلي، فأرسله إلى هيرودس، بعد أن حكم ببراءته.

· أرجع هيرودس الملك الربَّ إلى بِيلاَطُس هاربًا من محاكمته، مع أنه حكم ببراءته.

· أظهر بيلاطس خوفًا من يسوع ومن محاكمته، خاصة عندما سمع من اليهود أن يسوع جعل نفسه "ابن الله" (يوحنا7:19 و8).

· الاعتراف الثلاثي من بيلاطس أثناء المُحَاكَمَة ببراءة يسوع ومحاولاته المستمرة لإطلاق سراحه (يوحنا38:18 و39، 4:19 و6 و12).

· قَوْل الرب لبيلاطس «لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ» (يوحنا11:19)، ويقصد أولًا يهوذا الخائن، ثم القيادات الدينية اليهودية التي عضَّدَت ذاك الخائن، وفي النهاية الشعب اليهودي الذي انساق وراء رؤساءِه الأشرار. على هؤلاء تقع مسؤولية قتل المسيح.

بيلاطس لا يُعفَى من المسؤولية بسبب موافقته على هذه الجريمة.][192] فخطأ بيلاطس أنه لم يُطبِّق القانون، ولم يُنفذِ العدل. فعلى الرغم من اعترافه ببراءة يسوع ثلاث مرات، إلاّ أنه أسلمه للصلب. بينما خطأ رؤساء الكهنة أنهم لم يحافظوا على الناموس، واستخدموه في قتل البريء (يوحنا17:19)، لذلك خطيتهم أكبر من خطية بيلاطس.

· ذكر القديس يوحنا أن [أول من صرخوا في وجه يسوع قائلين: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ» هم رؤساء الكهنة وخُدامهم (يوحنا6:19). وبينما تأثر الجمْع المُحتشِد من منظر السيد بعد التعذيب الذي احتمله، رفعوا هم أصواتهم يطالبون بِصَلْبِه، دافعين الشعب إلى الانقياد ورائهم.][193].

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[164]الأب متى المسكين، تفسير إنجيل يوحنا: ج2، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1990م، ص1165.

[165]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص50.

[166]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظاته على إنجيل يوحنا، رقم 184.

[167]العَلَّامَة أورِيجِينُوسDie griechischen christlichen Schriftsteller der ersten Jahrhunderte, Berlin Akademie, Verlag, 1897-, vol.38/2: p.256- 57

[168]"Barabbas: Described by Mark as a revolutionary, one of the party of the Zealots. The play on his name is evident; Bar-'abbā in Aramaic means "son of the father," and he is chosen in preference to Jesus, the true son. The play on the name is not a sufficient reason for calling the Barabbas episode legend or midrash." Brown, Raymond E., Joseph A. Fitzmyer, and Roland E. Murphy. The Jerome Biblical Commentary, Prentice-Hall 1968, p. 111.

[169]الأنبا بيشوي مطران دمياط، المسيح مشتهى الأجيال، مطرانية دمياط ودير القديسة دميانة براري بلقاس، ص562.

[170]المرجع السابق، ص563.

[171]الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا، بيلاطس البنطي: الوالي الذي حوكم السيد المسيح أمامه، ص8.

[172]العَلَّامَة أورِيجِينُوس PG, vol.17:1,0سة القديس أنطونيوس ،ط للنشر ، p.308.

[173]مار ديونيسيوس يعقوب ابن الصليبي المطران السرياني الأرثوذكسي في أوائل ق12، تفسير إنجيل متى، ص524.

[174]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، شرح إنجيل القديس لوقا، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد بطرس، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية 2007م، ص740.

[175]Die griechischen christlichen Schriftsteller der ersten Jahrhunderte, Berlin Akademie, Verlag, 1897-, vol.38/2: p.256-57.

[176]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص54.

[177]Marjorie Carpenter, trans. & ed, Kontakia of Romanos, Byzantine Melodist, Columbia, Mo. University of Missouri Press 1970–1973, vol.1: p.212.

[178]شمال كنيسة السريان الأرثوذكس.

[179]دليل القدس، رابطة القدس للأقباط الأرثوذكس، طبعة سابعة 1960م. ص37.

[180]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص55.

[181]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص55.

[182]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص55.

[183]فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ:" أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هذَانِ عَلَيْكَ؟» وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا." (مت62:26،63).

[184]فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ "أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟" فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا. (مت13:27)، فَدَخَلَ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: "مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟". وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا. فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: "أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟" (يو9:19، 10).

[185]وَأَمَّا هِيرُودُسُ... سَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. (لوقا9:23)

[186]الأنبا بيشوي مطران دمياط، المسيح مشتهى الأجيال، مطرانية دمياط ودير القديسة دميانة براري بلقاس، ص558.

[187]نفس المرجع السابق ص559.

[188]القديس بطرس السدمنتي، القول الصحيح في آلام المسيح، تنقيح القمص يوحنا المقاري وشنوده عبد السيد، سنة 1926م، ص326، 327.

[189]Westcott, The Gospel according to St. John, 1962, p. 273.

[190]قانون الإيمان النيقاوي.

[191]الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، موسوعة الأنبا غريغوريوس: ج42: عظات في أسبوع الآلام، طبعة أولى 2013م، ص371.

[192]القديس كِيرِلُّس الإسكندري PG, vol.74: p.641.

[193]القديس كِيرِلُّس الإسكندري PG, vol.74: p.632.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/third-civil.html

تقصير الرابط:
tak.la/g7j7vbf