St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   trials-of-jesus
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب محاكمات السيد المسيح وصلبه حسبما جاءت في العهد الجديد: دراسة تاريخية وتحليلية - القمص يوحنا فايز زخاري

36- صليب الرب فوق جبل الجلجثة | صليب الفداء وعقيدة الكَفَّارَة | المسيح هو المُخلص والفادي | الصليب إعلان محبة الله اللانهائية مع عدالته الكاملة

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

صليب الرب فوق جبل الجلجثة
صليب الفداء وعقيدة الكَفَّارَة
وقد أعلن السيد المسيح أنه المُخلص والفادي
في الصليب تلتقي محبة الله اللانهائية مع عدالته الكاملة

صليب الرب فوق جبل الجلجثة:

 شجرةٌ في جنة عدْن، كانت سببًا في سقوط آدم الأول وكل ذُرِّيته.

وشجرةٌ على جبل الجلجثة صعد إليها آدمُ الثاني، فصنع فداءً لآدم وبنيه.

اِمتدت يدُ آدم الأول إلى ثمرة الشجرة الأولى، وأكلت فجَنَتْ موتًا.

فسُمِّرت يدُ آدم الثاني على شجرة الصليب؛ لتَحمل جَزاء ما فعلت أيدينا الآثِمة، فأثمرت الحياةً.

وسُمرت رجلاه عِوضًا عن قدمي آدم اللتين سعَتَا مُخطِئتين إلى الشجرة المُحَرَّمة.

 

وكما خُلِق آدم في اليوم السادس، عُلِّقتِ الإنسانية في آدم الثاني في اليوم السادس وقت الساعة السادسة، لتُعاد خِلقتها بموت الرب وقيامته.

وإذ صار آدَم عُريانًا بأَكْلِه من الشجرة، صعد آدم الثاني عُريانًا على شجرة الصليب ليَستُر عِرْيَنا.

وإذ حاول آدم أن يستر عُرْيَه بِوَرق التين دون جدوى، ألبسوه ثيابًا لامعة ازدراءً وهُزءًا؛ ليَستُر خِزيَنا.

والشوك الذي أَنْبَتته الأرض كثَمرة لخطية آدَم الأول، لَبِسَه آدمُ الثاني تاجًا مضْفورًا مغروسًا في رأسه.

وبقصبةٍ من شجرة عدن التي أكل منها آدمُ عِصيانًا، ضُرِب آدمُ الثاني على رأسه. وأمسَكَها صولجانَ مُلْكٍ، فشَرعوا يسجدون له، مُقِرِّين بغير قصْدٍ أنه الإله المعبود، مصلوبًا على العود يستعيد ممَلَكَته على البشر.

مزقوا ثيابه وجعلوها أربعة، كجهات المسكونة، كما مَزَّق الرب كتاب صَك خطايا[286] البشرية.

وصار المسيح ثمرة معلقة على شجرة الصليب، بالأكْل منها تُمحَى آثامُنا، وتَبطُل خطايانا، وننال الحياة. فالصليب شَجَرَةُ الْحَيَاةِ من يَأْكُلُ منها يَحْيَا إلَى الأَبَدِ[287].

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The Crucified Jesus Christ and Saint Dominic (San Domenico), by Fra Angelico between 1437-1446 - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: يسوع المسيح المصلوب مع القديس دومينيك، رسم الفنان فرا أنجيليكو في الفترة ما بين 1437-1446 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014 م.

St-Takla.org Image: The Crucified Jesus Christ and Saint Dominic (San Domenico), by Fra Angelico between 1437-1446 - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: يسوع المسيح المصلوب مع القديس دومينيك، رسم الفنان فرا أنجيليكو في الفترة ما بين 1437-1446 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014 م.

صليب الفداء وعقيدة الكَفَّارَة:

ظلت الذبائح الدموية سفرًا مختومًا لم يَحِلْ ختومَه إلا «الأَسَدُ الغَالِبَ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ وذُرية دَاوُدَ» (رؤيا6:5). فدَمُ الحَمَل المتجسد «المَعْرُوف سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ» (1بط20:1) هو الذي كانت كل ذبائح العهد القديم ترمز إليه؛ فهي «ظِلّ الْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ» (عِبْ1:10).

أما الكَفَّارَة: فقدَّمها الكلمة المتأنس نائبًا عن البشرية المحكوم عليها بالموت، «لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية23:6). و«كَأَنَّمَا بِإنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ (رومية12:6) أو بالذي جميعهم خَطِئوا فيه[288]، «لأَنَّهُ إنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ» (رو15:5)، و«كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ» (1كورنثوس22:15). «لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا» (رومية 19:5).

 

وقد أعلن السيد المسيح أنه المُخلص والفادي:

وقدَّم الدكتور القس بيشوي حلمي، أستاذ اللاهوت العقيدي بالكلية الاكليريكية، النصوص الكتابية التي تثبت ذلك وهي:

· [لأَنَّ ابْنَ الإنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ (متى18: 11).

· لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ (يوحنا16:3).

· لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ (يوحنا47:12)][289].

لذلك تأنَّس ربُّ المجد ليَحمِل في إنسانيته ثِمار خطايانا «أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ». (فيلبي7:2-8)، الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ... الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ (1بطرس24:2) «وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا... كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.... ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إثْمٍ» (إشَعْيا5:53-10)

[ذُبِح عنا مرفوعًا على الصليب. فصار المذبح جديدًا ومُختلفًا؛ لأن الذبيحة جديدة ومختلفة، فهو الذبيحة والكاهن، هو التَّقدِّمة والمُقدِّم. لذلك يقول بولس الرسول: «لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ النَّاسِ يُقَامُ لأَجْلِ النَّاسِ فِي مَاِ للهِ، لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ الْخَطَايَا، فَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِهذَا أَيْضًا شَيْءٌ يُقَدِّمُهُ. وَأَمَّا الْمَسِيحُ... قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ بِلاَ عَيْبٍ» (عب3:5، 3:8، 9: 11-14). «هكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ» (عب28:9). أرأيتَ كيف صار ذبيحةً وكاهنًا معًا، والصليب مذبحًا له؟][290]

ومن خلال الصليب فتح لنا الفردوس ووَهَبنا الحياة الأبدية. وتَحوَّل الصليب إلى عرش مملكته، ورِداء الأرجوان الذي ألبسوه هُزءًا وسُخريةً رِداء مُلكه، والقصبة في يمينه هي صَولجان مملكته، والجواهر التي تُزَيِّن تاج الشوك الذي لبسه هي قطرات دمه الثمين. وارتفع الملك على عرشه المجيد فجذب إليه الجميع، محققًا قوله: «"وَأَنَا إنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إلَيَّ الْجَمِيعَ"، قَالَ هذَا مُشِيرًا إلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ» (يوحنا32:12). فجذبَ إلَيه اليَهود والأُمم.

 

في الصليب تلتقي محبة الله اللانهائية مع عدالته الكاملة:

أخطأ الإنسان في حق الله، وعدالة الله تقتضي موته، لكن محبة الله ورحمته تقتضيان الغفران، فكيف تلتقي رحمة الله وعدالته معًا، هذا ما حدث بالصليب، «لأَنَّ خَلاَصَهُ قَرِيبٌ.. لِيَسْكُنَ الْمَجْدُ فِي أَرْضِنَا. الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا... الْحَقُّ مِنَ الأَرْضِ يَنْبُتُ، وَالْبِرُّ مِنَ السَّمَاءِ يَطَّلِعُ» (مز9:53-11). «لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ» (يو13:15). «وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية8:5). فالله بيَّنَ عدله بحُكْم الموت الذي لم يسقط، بل تأنَّس وحَمَله على الصليب بِحُبه بديلًا عنا.

والآن كيف تم تنفيذ الحُكْم بالصلب على رب المجد؟

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[286]الأجبية المقدسة، قطع صلاة الساعة السادسة.

[287](تكوين22:3).

[288]الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، موسوعة الأنبا غريغوريوس: ج7 اللاهوت العقيدي:سِرَّيّ التجسد والفداء: ج2، أكتوبر 2004م، ص273.

[289]د. القس بيشوي حلمي إبراهيم، من هو يسوع الناصري، طبعة أولى 2014م، ص173.

[290]القديس يوحنا الذهبي الفم، العظة الثانية من ثلاث عظات عن الصليب، ترجمة د. جوزيف موريس فلتس، PG, vol.40: p.418.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/golgotha.html

تقصير الرابط:
tak.la/8v4nx37