St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   trials-of-jesus
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب محاكمات السيد المسيح وصلبه حسبما جاءت في العهد الجديد: دراسة تاريخية وتحليلية - القمص يوحنا فايز زخاري

17- أولًا: المُحَاكَمَة الرومانية الأولى: أمام بيلاطس الوالي

 

أمام بيلاطس الوالي[133]

1. أَسْلَمُوهُ إلَى بِيلاَطُسَ.

قضى الرب الليل كُله في دار رئيس الكهنة، يحتمل الإهانات، وقد قرروا تسليمه للحاكم الروماني لقَتْلِه. فتحرك الموكب من الهيكل، حيث غُرفة المشورة التي اجتمع فيها مجمع السِّنْهِدْرِيم، إلى قصر بيلاطس، في دار الولاية[134] بأورشليم، باكرًا في صباح الجمعة، والمسيح موثقًا في الوسط.

وكان بِيلاَطُسُ[135] البنطي[136]: Pontius Pilate على نهج هيرودِس الكبير الذي استمر أبناؤه الثلاثة عُنفاء في اضطهاد اليهود دينيًا ومدنيًا. [فأرخيلاوس الِابْن الأول لهيرودس، عندما اشتكاه اليهود إلى قيصر، وثَبتَ ظُلمه، خلعه القيصر عن عرشه سنة 6 م.، وضم اليهودية إلى سوريا، فصار حُكَّام سورية حُكامًا لليهودية أيضًا. وصار بِيلاَطُس البنطي واليًا على سورية واليهودية معًا. "ولم يكن خافيًا على بِيلاَطُسَ الذي عاش في البلاط الإمبراطوري، واختبر السياسة في روما، وخَبِرَ دُروبها، أنه لا راحة بين اليهود وروما. فخلال تسعين عامًا، قامت نحو اثنين وعشرين ثورة، سُفِكت فيها الدماء، لذلك فهو يُقدر تمامًا صعوبة قيادة شعبٍ كهذا.][137]

اِعتاد بيلاطس أن يأتي إلى أورشليم في الأعياد، ولذلك كان موجودًا أثناء مُحَاكَمَة السيد المسيح وصلبه في فترة عيد الفِصْح، وكان للوالي الروماني رئاسته العسكرية والمالية؛ كالإشراف على جباية الضرائب لمصلحة روما، كما كان له سلطة قضائية تمتد إلى الإعدام. ولم تكن روما عادةً تحكم بالإعدام، إلا إذا كانت القضية تمَسُّ أمْنَها. أما القضايا الأخرى، فكانت تتركها للمحكمة الوطنية تتصرف فيها وتقضي بالعقوبة كما تشاء. أما حُكم الإعدام فيُرفَع للوالي الروماني، ولذلك حوكِم السيد المسيح أمام المحكمة اليهودية الوطنية. ولما شاء اليهود أن يحكموا عليه بالموت، أحالوه إلى بيلاطس الوالي، مُطالبينَ إياه أن يحكم عليه بالموت كرغبتهم.

وفي صباح الجمعة أمر الوالي الروماني بفتح ساحة المحكمة:

لِلقضاء الروماني عدالته وقُدسيته في التاريخ. والمحكمة الرومانية تهتم بحقوق المُتهَم. وقد سجَّل التاريخ عدالة القانون الروماني. فرأينا فَسْتُوسُ أثناء مُحَاكَمَة القديس مار بولس يضع المبادئ العامة الرومانية أثناء التحقيقيات فيقول «يُوجَدُ رَجُلٌ تَرَكَهُ فِيلِكْسُ أَسِيرًا، وَعَرَضَ لِي عَنْهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَمَشَايِخُ الْيَهُودِ لَمَّا كُنْتُ فِي أُورُشَلِيمَ طَالِبِينَ حُكْمًا عَلَيْهِ. فَأَجَبْتُهُمْ أَنْ لَيْسَ لِلرُّومَانِيِّينَ عَادَةٌ أَنْ يُسَلِّمُوا أَحَدًا لِلْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ مُواجَهَةً مَعَ الْمُشْتَكِينَ، فَيَحْصُلُ عَلَى فُرْصَةٍ لِلاحْتِجَاجِ عَنِ الشَّكْوَى.» (أعمال14:25-16)

جاء بيلاطس البنطي الوالي الروماني، في ساعةٍ مبكرة من الصباح، على عَجَلٍ ليلتقي بيسوع. ويُثبِت حقيقة وتاريخية هذه المُحَاكَمَة أمام بيلاطس، المؤرخ اليهودي الشهير يوسيفوس (37-110 م.) الذي يقول عن الرب: ["إنه إنسان حكيم وفاعل أعمال عجيبة. وأن بيلاطس حكم عليه بالموت صلبًا".][138]

وفي دار الولاية، جلس الوالي على كرسي القضاء يَقِظًا، جادًا؛ فاليهود في نَظَرِه مُعانِدون مُتعصِّبون ضَيِّقُوا الفِكر. ولديه تعليمات من روما تُنَبِّهه ألا يُثير عواطفهم بلا داعٍ. ولم تكن في القانون الروماني نيابةٌ عامة تُقيم الدعوى لتُحرِّك القانون؛ لذلك أقام الدعوى مجمع السِّنْهِدْرِيم اليهودي، ووَجَّه التُّهمة ضد الرب. فنظر بيلاطس إلى يسوع نظرةً فاحصة؛ ليرَى هذا الإنسان الذي يريد رؤساء اليهود محاكمته والقصاص منه بهذه السرعة.

 

(متى1:27، 2)

(مرقس1:15)

(لوقا1:23)

(يوحنا28:18)

وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي.

وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إلَى بِيلاَطُسَ.

فَقَامَ كُلُّ جُمْهُورِهِمْ وَجَاءُوا بِهِ إلَى بِيلاَطُسَ،

ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ.

 

St-Takla.org Image: The trial of Jesus Christ before Pontius Pilate. - Bible Clip Arts from NHP. صورة في موقع الأنبا تكلا: محاكمة يسوع أمام بيلاطس البنطي. - صور الإنجيل من إن إتش بي.

St-Takla.org Image: The trial of Jesus Christ before Pontius Pilate. - Bible Clip Arts from NHP.

صورة في موقع الأنبا تكلا: محاكمة يسوع أمام بيلاطس البنطي. - صور الإنجيل من إن إتش بي.

وبعد أحداث لَيلة الجُمعة: صلاة الرب في بُستان جثسيماني، وتَسليم يَهوذا لَهُ والقَبض عَليه، ثُم تَشَاوُر رُؤَسَاء الْكَهَنَةِ وَشُيُوخ الشَّعْب (متى27: 1) وَالْكَتَبَة (مرقس1:15) عَلَى الرب يَسُوعَ حَتَّى يَجِدوا عليهِ حُجَّة ليحاكموه ويَقتلوهُ.

«وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ»: [الوقت الذي انتظره اليهود بقُلوبهم الحاقدة، ليتَخَطَّوا الشريعة، ويَبطُل كهنوتهم، ويقتلوا مُنشئ الحياة ورب المجد][139].

«قَامَ كُلُّ جُمْهُورِهِمْ وَجَاءُوا بِهِ إلَى بِيلاَطُسَ» (لوقا1:23).

«فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي» (متى27: 2):

وفي دار الولاية الرومانية، التي [اختلف المؤرخون حول مكانها، أَفِي قلعة أنطونيا قُرب الهيكل، أم على الأرجح في قصر هيرودس في مدخل أورشليم الغربي؟][140] وقف السيد المسيح مُوثَق اليدين أمام بيلاطس، وحوله الحرس من جنود الرومان، وجماهير الناس يتقاطرون بأعدادٍ كبيرة.

كان اهتمامهم أن يُقدِّموه إلى بيلاطس مقبوضًا عليه كمجرمٍ ثائرٍ ضد الرومان، فالتُّهمة الأساسية التي يُركِّزون عليها الآن ليست التجدِّيف، التُّهمة التي تخصّهم هم، بل التمرد على قيصر ووضعوا في يدي المسيح القيود كمذنب.

عجبًا!: أيُّ قيودٍ هذه يُقيَّد بها المسيح الذي جاء ليِحِل الإنسان من رباط الخطية واللعنة الأبدية، ويُطلِقه حُرًّا ويُصالِحه مع الآب. ولكن الذي تخلَّى عن مجده وأخذ شكل العبد، الآن يَمُدُّ يديه للقيود راضيًا بالموت، موت الصليب لفداء الإنسان.

«ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ» (يو28:18).

أما رؤساء الكهنة، وأعضاء السِّنْهِدْرِيم، وشيوخ الشعب، فوقفوا خارج الباب؛ لئلا يتنجسوا، فيُحرموا من الاحتفال بعيد الفِصْح. فلا ينبغي الدخول إلى دار الولاية الرومانية التي للأُمم (تث23: 10-11، أعمال11: 1-3). أما الرشوة الظالمة التي بها قبضوا على يسوع، والبغضة القاتلة التي بها يطلبون قتله، وشهود الزور الكذبة ليثبتوا القضية ضده، كُلها أمور لا تنجس الإنسان في ضميرهم الملوث، ولا تمنعهم من أكل الفِصْح. لقد أُعميت أعينهم عن أن ترى في المسيح خروف الفِصْح الحقيقي.

وظن رجال السِّنْهِدْرِيم، بعدما حكموا بإدانة يسوع، أنهم أتوا به إلى بيلاطس ليُؤيد الحكم، ويُنَفِّذ الجزاء، بينما كانت السلطة الرومانية تتجنب التدخُّل في الأمور اليهودية الدينية. وقد قدم سفر الأعمال أمثلة لذلك: فكتب مار لوقا: «قَامَ الْيَهُودُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى بُولُسَ، وَأَتَوْا بِهِ إلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ قَائِلِينَ: "إنَّ هذَا يَسْتَمِيلُ النَّاسَ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ بِخِلاَفِ النَّامُوسِ". وَإذْ كَانَ بُولُسُ مُزْمِعًا أَنْ يَفْتَحَ فَاهُ قَالَ غَالِيُونُ لِلْيَهُودِ: "لَوْ كَانَ ظُلْمًا أَوْ خُبْثًا رَدِيًّا أَيُّهَا الْيَهُودُ، لَكُنْتُ بِالْحَقِّ قَدِ احْتَمَلْتُكُمْ ، وَلكِنْ إذَا كَانَ مَسْأَلَةً... نَامُوسِكُمْ، فَتُبْصِرُونَ أَنْتُمْ. لأَنِّي لَسْتُ أَشَاءُ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا لِهذِهِ الأُمُورِ". فَطَرَدَهُمْ مِنَ الْكُرْسِيِّ، فَأَخَذَ جَمِيعُ الْيُونَانِيِّينَ سُوسْتَانِيسَ رَئِيسَ الْمَجْمَعِ، وَضَرَبُوهُ قُدَّامَ الْكُرْسِيِّ، وَلَمْ يَهُمَّ غَالِيُونَ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ». (أعمال18: 12-17). وكان اليهود يعرفون أنه [ليس في سلطانهم أن يحكموا بالموت على أحد، إلا إذا كان القتْل يتم رجمًا (يوحنا8: 1-11)، أما الصلب فيتم من قبل السلطة الرومانية (يو18: 32)][141].

يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [جاءوا بيسوع إلى بيلاطس، وسَلَّموه لعساكر الرومان الذين استولوا على أراضيهم وجعلوهم أسرى، واقتحموا مدينتهم التي كانت سابقًا المدينة المقدسة، وجعلوا سُكانها فريسة للسيف والنار، ولذلك تحقَّقت فيهم نبوة عوبديا النبي القائل: «كَمَا فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ. عَمَلُكَ يَرْتَدُّ عَلَى رَأْسِكَ» (عوبديا15).][142]

ويقول القديس كيرلس الكبير: [أما قَيَافَا رئيس الكهنة ومجمع السِّنْهِدْرِيم فكانوا عاجزين عن منع أنفسهم من الخجل لعدم وجود تهمة يأخذونها على الرب، وموعد تقديم الذبيحة الكفارية خروف الفِصْح يقترب، فشرعوا في صلب المسيح، وفَقدت الذبيحة قُوَّتها بالنسبة لهم ولم تَمنحهم شيء؛ لذلك جاءوا لبيلاطس وخافوا أن يَتَنجسوا؛ فإذا تَنجَّس اليهودي كان يؤجِّل الاحتفال بالفِصْح لمدة شهر (عدد3: 6- 12).][143]

[ظن المؤتمنون على الشريعة أنهم إذا قتلوا الرب عن طريق بيلاطس لا يُحسَبون مذنبين؛ لأنهم لم يقتلوه بأيديهم. دهاؤهم قادهم إلى الحُكْم على البار بالموت وهو بلا خطية، فدنسوا أيديهم بهذا الذنب الرهيب. ثم حاولوا ألا يدخلوا دار الولاية كما لو أن المكان يدنسهم، بينما سفك دم البريء لا يدنسهم. ظنوا أن ذبْح الحَمَل الذي يرمز للمسيح سوف يُطهرهم. فيُكرِمون الرَّمْز ويستعدون له بالطهارة الطقسية اللازمة، أما المسيح الذبيحة الحقيقة الكائن أمامهم فاحتقروه. حسنًا قال المسيح عنهم «يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ.» (متى23: 24).][144]

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ὁ Πιλᾶτος بيلاطس الوالي والقاضي أمام الاتهام:

الأبيض والأسود: أهُما اللونانِ فقط اللذان يَتَلَّوَن بهما البشر؟!

نَميلُ دائمًا أن نَصِفَ الناس هكذا، والحقيقة غير ذلك. فالإنسان المُدَقِّق لا يَصِف الناس بأحد هذَيْنِ اللونين. فالبشر ليسوا ملائكة ولا شياطين! وبِيلاَطُس البنطي الوالي الروماني، كان له سيئاته الظاهرة وأهمها فَزَعه من الإمبراطور الروماني الشرير. لكنه أظهر تعاطفه مع الرب يسوع الذي وقف أمامه كمُتَّهَم. وخِلال مُحاكمته، أظهر براءته وحاول إنقاذه من أيدي المُشتَكين عليه. لكن الخوف على المَنصِب كان سِرَّ بلاء بِيلاَطُس.

 

(لوقا2:23)

(يوحنا29:18-32)

وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: "إنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلًا: إنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ".

فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إلَيْهِمْ وَقَالَ: "أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هذَا الإنْسَانِ"؟ أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: "لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إلَيْكَ"! فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: "خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ". فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: "لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا". لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ.

 

خَرَجَ بِيلاَطُسُ إلَيْهِمْ وشرع يفحص الدعوى فسألهم: «أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هذَا الإنْسَانِ؟»

هذَا الإنْسَانِ: إنسانٌ ترتسم على مُحَيَّاه مِسْحَة الطهارة والرِّفْعة.

 وَجْهُه الأبرع جَمالًا، لا يَشُوبه خَوفٌ ولا استهتارٌ.

ملامح الهُدوء والعظمة المُتضعة تُطفِي على وَجهِه نورًا وجمالًا.

فاستيقظت في بيلاطس مشاعرٌ صالحة، فقد سمع عن يسوع وأعماله العظيمة: شفى المرضى، وأقام الموتى، وعَلَّم بالحب والوداعة.

كان عجيبًا أن رؤساء الكهنة وقادة الدين، يُجيبون الحاكم الروماني الذي يسألهم عن الرب: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إلَيْكَ!» (يو30:18).

ورؤساء الكهنة بهذا لم يُجيبوا على سؤال بيلاطس؛ إذ لم يقدموا شكوى أو اتهام. إنما كانت إجابتُهم انفعالًا، أثبتوا به إن الأمر في ذِهنِهم ليس فِكرًا مَنطِقيًا، ولا حُكمًا عادلًا، فلَيست عندهم تُهمة واضحة يُجيبون بها. بل أرادوا أن يستجيب بيلاطس لحُكمِهم بلا فَحْصٍ. وكأنهم يُريدونه ألا يتدخلَ في أُمور دينهم. وفَاتَهُم أن الحُكمَ الروماني كان متميزًا بجعل: "العدالة فوق كل شيء".

ظنوا أنهم فوق عدالة المحكمة، وعندما يُقدِّمون الرب كمُستحِقٍّ الموت، فلا داعي لِبَحث التهمة الموجهة إليه. فمَكانَتُهم تُصادر عدالة المحكمة الرومانية، وما عليها إلا أن تُصَدِّقَ على حُكمِهم بلا فحص. أما بيلاطس الماكِر فلم تَفُتْهُ حِيلة اليهود، ليَكسِرَ كِبرياءَهم قائلًا:

«خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ». (يو31:18).

[يرفض بيلاطس بشدة أن يُشرِك نفسه في هذه الأمور، مما يُجبر اليهود على التحدث بصراحة عن خططهم بشأن حياة يسوع. "لا يُسمَح لنا بإعدام أحد" : غالبًا تم إنكار تاريخية هذا البيان. بل دافعوا عنه في كثير من الأحيان لصالح قدرة السنهدريم على فرض عقوبة الموت في زمن يسوع مثل (يو8: 7؛ أعمال 7:58؛ 25: 9-11) ثم الاستشهاد بها. أقرب شيء لتأكيد ما قرره يوحنا هو الرواية التي قدمها يوسيفوس لإقالة رئيس الكهنة حنان، بسبب دعوته غير القانونية للسنهدريم الذي حكم على يعقوب "أخَ الرب" بالموت رجمًا. فالدليل ليس قاطعا ضد يوحنا، وهو مؤرَّخ موثوق. ربما سمح الرومان أو تسامحوا بإعدام اليهود في بعض الأحيان، لكن هذا لا يثبت أنهم سمحوا بها من حيث المبدأ. علاوة على ذلك، من المحتمل، أنه عند صياغة بيان اليهود، كان يوحنا يقصد أن يشير إلى شيء مختلف قليلًا عما كان يُفترض أن يعنيه عادةً. وهذا يعني أن اليهود لم يستطيعوا، بموجب قانونهم الخاص، أن يقتلوا يسوع كما أرادوا أن يموت كمُجرم مصلوب، يؤدي موته إلى تركيز انتباه الرومان بعيدًا عن الشعب والأُمة (يو11: 49). إن إعدام يهودي لمخاوف يهودية بحتة لم يكن ليجذب انتباه الرومان.][145]

لماذا تأتوني به إذا كانت أحكامكم كافية؟! «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ.»

قال هذا وهو عالِمٌ أنهم لا يقدرون أن يفعلوا ذلك، لكنه يُريد أن يَجْرَح اعتِزازهم بأنفسهم، ويُظهِر عدم إمكانيتهم أن يستقِلُّوا بالحُكم. فقوانين الحُكْم الروماني تَسمَح لهم بالحُكْم في حدود ألا يَصِلَ إلى الإعدام. فلم يشَإ الرومان أن يتركوه لِحَاكم غير روماني حِفاظًا على العدالة. لذلك أجاب اليهود بيلاطس صاغرين ومُعترفين بضعفهم أمام سلطان النَّسْر الروماني فقالوا: «لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا» (يو31:18). [فلابد أن ينطق هو بالحُكْم ليكون حُكمًا قانونيًا. وإذا قيل كيف قتل اليهود استفانوس خِلافًا للقانون الروماني الذي اعترفوا بخضوعهم له؟ نجيب أنهم قتلوه أثناء ثورة عامة، وليس بصورة قانونية.][146]

«لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ». (يو32:18).

[بغض النظر عن المعنى الدقيق للآية السابقة، يرى يوحنا النتيجة، أن يسوع سيُصلب ولا يُرجَم وفقًا للتقليد اليهودي، لتحقيق نُبوات يسوع عن نفسه المتعلقة بموته (يو3:14؛ 8:28؛ 12: 32)][147]

لكن بيلاطس أدرك أنهم يقيمون على الرب اتهامًا خطيرًا، فسألهم عن ادعائهم، وتَفَرَّد القديس لوقا وحده بتسجيل هذا الاتهام الثلاثي:

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الاتهامات الثلاثة ضد السيد المسيح:

أظهِر القديس لوقا أن الاتهام ليس من رُؤَسَاء الْكَهَنَةِ فقط بل من الجُمْهُورِ أيضًا، فقال:

«فَقَامَ كُلُّ جُمْهُورِهِمْ وَجَاءُوا بِهِ إلَى بِيلاَطُسَ. وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ»:

1. «إنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ»

2. «وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ»

3. «قَائِلًا: إنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ» (لو2:23).

 

والاتهامات الثلاثةَ:

 

أولها: «إنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ»: وعبارة " يُفْسِدُ الأُمَّةَ" مسألةٌ روحية أخلاقية أو إيمانية، وتُهمة عامة غامضة، لا تَصلُح أن تُقدَّم أمام محكمة يُفترَض فيها الدِّقة والعدل. ثم إنها لا تَهُم بيلاطس أو قيصر أو الإمبراطورية الرومانية. وعجبًا من أين أتوا بتهمة كهذه؟! وتعاليم الرب مملوءة رِفعة وسُمُوًّا وطهارة.

 

والثانية: يَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ: حاول الفريسيون أن يُمسِكوا على المسيح حُجةً في هذا الأمرفما استطاعوا. فهي تُهمة كاذبة.

إذ أرسل الفريسيون إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين ليجرِّبوه فسألوه: «"أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ"؟ فَقَالَ: أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ". فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَارًا. فَقَالَ لَهُمْ: "لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ"؟ قَالُوا لَهُ: "لِقَيْصَرَ". فَقَالَ لَهُمْ: "أَعْطُوا إذَن مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ".» (مت17:22-21). [إذن ففي أي موضع مَنع الرب أن تُعطى جزية لقيصر؟! كان هدفهم أن يدفعوا للموت ذلك الذي يَهبُهم الحياة.][148]

وعجيب أَن الذين يضمرون القتل لا يسألون عن الحلال والحرام، بل عن الجائز وغير الجائز «فسألوه أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ»، وكان سؤالهم خبيثًا وماكرًا.

اجتمع الضِّدان لتكون إجابة المسيح له المجد سَهْمًا يرتد عليه. فإذا أجاب أن تُعطَى الجزية لقيصر، كان هذا أمام الفريسيين دليلًا على خيانته لأُمَّتِه، تُهمةً قومية، بأنه يُشجِّع الاستعمار الروماني. واذا أجاب لا تعطَى، كان أمام الهيرودسيين دليلًا على إثارته للشعب ضد قيصر، تُهمة سياسية بأنه يُقاوم قيصر.

أما الرب «فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: "لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي"؟». (لوقا20: 23) وكلمة «تُجَرِّبُونَنِي» تجعلهم أبناء لِسَيد واحد إبليس المجرب. وقال: «"أَرُونِي دِينَارًا.. لِمَنِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ"؟ فَأَجَابُوا وَقَالوُا: "لِقَيْصَرَ". فَقَالَ لَهُمْ: "أَعْطُوا إذَن مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ".» (لوقا20:24،25).

كان الدينار يحمل صورة طيباريوس قيصر. فليأخُذ إذن قيصر ديناره؛ فَعَلَيهِ صورته. أَمَّا الله خالق الإنسان على صورته، فمِن حَقِّه الإنسانُ كلُّه؛ فهو على صُورته.

 

والتهمة الثالثة: «إنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ»

 

(متى11:27)

(مرقس2:15)

(لوقا3:23)

(يوحنا33:18-37)

فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلًا: "أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: "أَنْتَ تَقُولُ".

فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ: "أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: "أَنْتَ تَقُولُ".

فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ قِائِلًا: "أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؟ فَأَجَابَهُ وَقَالَ: "أَنْتَ تَقُولُ".

ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا إلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ، وَدَعَا يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: "أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؟ أَجَابَهُ يَسُوعُ: "أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي"؟ أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: "أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ"؟ أَجَابَ يَسُوعُ: "مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إلَى الْيَهُودِ". فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: "أَفَأَنْتَ إذَن مَلِكٌ"؟ أَجَابَ يَسُوعُ: "أَنْتَ تَقُولُ: إنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي".

قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: "مَا هُوَ الْحَقُّ"؟

 

سَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلًا: "أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؟

أَجَابَ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُولُ: إنِّي مَلِكٌ ἀπεκρίθη ὁ Ἰησοῦς· σὺ λέγεις ὅτι βασιλεύς εἰμι · وهو تعبير يوناني يعنِي التصديق على هذا القول بطريقة غير مباشرة، كما لو أن السيد المسيح يقول لبيلاطس [أنا كما تقول ملك.][149]

[وجد الرب حُجة تُعرَف لدى رجال القانون الإنجليزي، باسم "الاعتراف والاعتراض". فقد اعترف بأنه ادَّعَى أنه ملك، ولكن اعترض على الاتهام الذي وَضَعه المُشتَكون عليه. ويُمكِن القول أنه أنكر أن يكون ملكًا بما تَعنِيه كلمة مَلِك عندهم، أي مُنافِسًا لقيصر. فوضَّح الرب لبيلاطس أن مملكته لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. واقتنع بيلاطس بهذا الدفاع والتفسير، وأعلن رسميًا أن المسيح بَرِيءٌ من الاتهامات التي وُجِّهت ضده.][150]

كان الكهنة مستعدين أن يشهدوا زورًا ليَصِلوا إلى أغراضهم الخبيثة!

أما بيلاطس فلم يُصدِّق أن هذا الأسير تآمر ضد حكومته، فالوداعة والطُّهر يُشِعَّان من وَجهِه.

كان مقتنعًا أن ثمة مؤامرةً تُحاكُ خُيُوطُها ضد هذا البَرِيء، الذي تعارضت تعاليمه السامية وحياته العفيفة الطاهرة مع طُموحاتِهم الشريرة.

كان يعرف أنهم مخادعون، ولو قبِل يسوع أن يكون مَلكًا يَقودُهم للتخلُّص من الرومان لفَعَلوا.

كان يعرف أنهم لا يَهتَمُّون بِجِزية قيصر، بل يشتهون التَّخلُّص منها، فما صَدَّقهم ولا اعتَبَرَهُ عَدُوًّا. ولذلك «دَخَلَ بِيلاَطُسُ إلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ:

 «أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؟» (يوحنا33:18، لو3:23).

وهو سؤال جاء في البشائر الأربعة. وسُئِل مرتان: الأولى: أمام الجمهور. «فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: "أَنْتَ تَقُولُ"»، كما في البشائر الثلاثة الأولى. والثانية: حينما دخل بيلاطس إلى دار الولاية، حيث لا يقدر أن يدخل اليهود في العيد لئلا يتنجسوا، ودعا يسوع منفردًا وسأله نفس السؤال.

وحدث حوار بأكثر حرية وصراحة. وهكذا وقف قاضي القضاة أمام القاضي ليُحاكَم.

وهذه التهمة أمام قيصر خَطِرة؛ فهي خيانة للدولة، وكان لِزامًا على بيلاطس أن يفحصها جيدًا. والتهاون يعرضه أن يَشُوا به لدى قيصر. لكن بيلاطس يدرك أنها تهمة تُجافي الحقيقة.

 

«فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي، فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلًا "أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؟» (مت 11:27، مر2:15)

هُناك فَرقٌ بين سُؤال بِيلاَطُس الْوَالِي، وسؤال رئيس الكهنة، كما يقول العلامة أوريجينُوس:

[فالوالي الروماني يَهُمه الجانب السياسي، وسؤاله «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟». أما رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فيَهُمُّهم الجانب الديني، وسؤالهم: «هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟» (متى63:26). وفي الموقِفين كانت إجابة المسيح واحدة: «أَنْتَ تَقُولُ».][151]

لم يصدق بِيلاَطُس الاتهام، فكثيرٌ علَى يسوع أن يُتَّهَم بأنه يَدَّعِي المُلك! ولعل سؤاله للمسيح «أأنت؟» يحمِل لهجة التحقير.

 

فسأل الربُ بيلاطس سؤالًا غامضًا، أراد به أن يجعله يحدد سؤاله أكثر:

«أَجَابَهُ يَسُوعُ: "أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي"؟» (يوحنا34:18).

أهذا سؤالك أنت يا بيلاطس؟، فنفهم كلمة «مَلِك» بمفهومك السياسي؟

أم أنت تُردِّد اتهامات الكهنة فتكون كلمة «مَلِك» بمفهوم اليهود ويصير المعنى هو المُلك الأبدي؟

أأنت الذي تسأل أَمْ آخَرُونَ؟ وكأن الرب يسأله عن معنى كلمة «مَلِك» في سؤاله.

إن كان «مِنْ ذَاتِكَ» يا بيلاطس، يكون السؤال حول المُلك الأرضي، والرب ليس ملكًا بهذا المعنى.

«أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟»: فيكون السؤال حول المُلك الأبدي، فلا يتعارض مع ملوك الأرض؟

فالمسيح ملكٌ حقًا، ولكن ليس بالمعنى السياسي الذي يقصده بيلاطس، بل بالمعنى الروحي.

 

وهنا نرى المسيح وقد تحوَّل من مُتَّهم يستجوبه بِيلاَطُسُ، إلى مُعلِّم يَستجْوِب بِيلاَطُس.

وفَهِمَ بِيلاَطُسُ، ماذا يريد المسيح؟ فهو يقدم له فرصة ليتجاوب مع الإيمان.لكن بِيلاَطُس منعه كبرياؤه، وأضاع أثمن فرصة، فأَجَابَ بِيلاَطُسُ بغضب قائلًا:

«أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟» (يوحنا35:18)

«أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟؟»: المشكلة ليست معي، بل مع «أُمَّتكَ وَرُؤَسَاء الْكَهَنَةِ الذين أَسْلَمُوكَ إلَيَّ». أما أنا، فكقاضٍ أسألك مَاذَا فَعَلْتَ؟ وهكذا خبَا نورُ الإيمان قبل أن يُشرِق. وَأَدَهُ الشيطانُ في مَهدِه. لكن الرب لم يتركه، بل ظل يُقَدِّم له الإيمان فـ«أجاب يسوع» معترفًا الاعتراف الحَسَن أمام بيلاطس البنطي:

· «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ» (يو36:18). ثُم أقام الدليل فقال:

«لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إلَى الْيَهُودِ».

· «وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا» (يو36:18).

· «مَمْلَكَتِي من فوق، والعالم من أسفل» (يو23:8).

[وسمع بيلاطس المسيح يقول: «مَمْلَكَتِي» عدة مرات؛ لذلك أسرع يستجوِبُه، وقد ألْقَت كلمة المُلْك الرعب في نفْسِ بيلاطس إذ أَمسَك بظاهر الكلام وليس بِجَوْهَرِه. فأخذ يسوع وأدخله دار الولاية وقال: «أَفَأَنْتَ إذَن مَلِكٌ؟!» (يو37:18)][152].

حاول بيلاطس أن يمسك عليه التهمة التي اتهمه بها اليهود بأنه مَلِكٌ. أما الرب فبحِكمةٍ أجاب، بكلمات بيلاطس فقال له: «أَنْتَ تَقُولُ: إنِّي مَلِكٌ» (يو37:18). فسؤالك «أأنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» وأنا أخذتُ التعبير من كلماتك، ولكن بمعناه الروحي لا السياسي. ثُم بدأ الرب يشرح شيئًا عن مُلْكِه ومَملكتِه.

فأَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ» (يو36:18):

أراد الرب أن يُطَمئِن بيلاطس أن أهدافه ليست أرضية، بل إنه يدعوه إلى الفكر الروحي، والمملكة الروحية. التي لا تُعادي الممالك الأرضية، ولا تُناهض الملوك الأرضيين.

وفهم بيلاطس إجابة الرب. وظهر فهمه بأنه لم يحكم ضده، بل بَرَّأَهُ.

واستمر حديثُ الرب روحيًا، فأكمل جاذبًا إيَّاهُ إلى فهم الحق:

«لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إلَى الْعَالَمِ لأشهد للحق» (يو37:18). وهذه الإجابة تُوَضِّح أن ولادته ليست بدايته. فهو موجودٌ منذ الأزل، وولادته هي مجيء «أَتَيْتُ إلَى الْعَالَمِ» متجسدًا ومتأنسًا. وهكذا قاد الرب بيلاطس أن يدخل معه إلى الحديث الروحي العميق اللائق بالإله المتأنس.

 

ومَمْلَكَتِه ستُعلَن على الصليب:

لأجل هذا المُلْك الروحي وُلِد المسيح، ومن أجله أَتَى إلَى الْعَالَمِ. وأعلن مملكته على الصليب، فالصليب غاية التجسد. ومع أنه المَلِك فهو أيضًا النبي:

«خَرَجَ إلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: "أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً"» (يو38:18). فحَكَمَ بِبَراءته.

«أَتَيْتُ إلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي» (يو37:18).

بدأ المسيح يُعَلِّم بيلاطس. أتعرف يا بيلاطس الحق؟ «كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي»

وهكذا قاد المسيحُ بيلاطسَ للدخول إلى الفكر السامي حتى سألهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟» (يو38:18). وهكذا صار بيلاطس تلميذًا أمام المعلم، واهتز أمامه. وشعر أن سؤاله عن الحق سيُوَرِّطُه أمام المسيح، ولذلك خرج سريعًا من دار الولاية.

عجبًا! تجاوب بيلاطس مع الرب، وصار باحثًا عن «الْحَقّ»، ودخله شوقٌ لمعرفة «الْحَقّ». فبيلاطس لم ينظر إلى المسيح كقائد ثورة كما يتهموه (لو2:23)؛ فليس في سلوكه ما يُوحي بذلك الادعاء، وحديث الحق غريب على مسامعه كإنسان وثني. فشعر بأنه أمام فكرٍ عالٍ راقٍ، ملأه إجلالًا واحترامًا ليسوع. وأدرك أن ديانته الوثنية ديانة مادية تُؤَلِّهُ قِوَى الطبيعة والغرائز الإنسانية، لكن يسوع ينقلنا إلى «الْحَقّ». إنها مشكلة دينية، لا سياسية فتُؤرِق روما العُظمى. عقيدة متعلقة بالروح والحق، باحثة عن الكمال، وحياته وتعاليمه مرتبطة بهذه المبادئ؛ فلا يجب قتله بل إطلاق سراحه.

بدأ المسيح يُعَلِّم بيلاطس، وأدرك الوالي أن يسوع لا يريد استرسالًا في أمور العالم. فهو فوق هذا. إنه الحق الذي يشهد للحق ويتحدث عن الحق. ولهذا وُلِد، وأتى إلى العالم ليشهد للحق. (يو37:18).

[وتأتي عبارة حق الإنجيل وتعني الحقيقة والصدق. فالكلمة اليونانية ἀληθείας التي تُترجَم الحق تعني تعليم الإنجيل الصحيح مقابل التعاليم الضالة، فيقول «استبدلوا حق الله بالكذب» (رو25:1) أي استبدلوا الحقيقة الخاصة بالله بالتعليم الخاطئ. وعندما يقول «كما هو حق في يسوع» (أفسس21:4)][153] أي أن يسوع هو الحق الكامل، كما قال المسيح عن نفسه «أَنَا هُوَ... الْحَقّ» ἐγώ εἰμι.. ἡ ἀλήθεια (يوحنا6:14). [ولم يُكمل بِيلاَطُسُ حِوَاره مع الرب عن «مَا هُوَ الْحَقُّ؟» حتى أدرك أنه من الحق أن يُطلِق يسوع أثناء الفِصْح، فهذه إرادة قلبه.][154]

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

1. الحُكْم الأول بالبراءة

بينما أَجَاب رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ بِيلاَطُسُ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إلَيْكَ» (يو30:18) رأينا

 بِيلاَطُسُ الحاكم الروماني، الوثني يفحصه ثلاث مرات، ويقَولَ لَهُمْ ثَالِثَةً: «إنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ». (لوقا23: 22)، معلنًا براءة السيد المسيح بِفمه، وسجلتها البشائر:

و«أَخَذَ بِيلاَطُسُ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: "إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ"!» (مت24:27).

ويُسجِّل القديس لوقا هذه البراءة فيقول:

1. «إنِّي لاَ أَجِدُ عِلَّةً فِي هذَا الإنْسَانِ». (لوقا23: 4)

2. «هَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلاَ هِيرُودِسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إلَيْهِ. وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ». (لوقا23: 15،14).

3. «فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: "إنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ"». (لوقا23: 22).

ويُؤكد القديس يوحنا هذه البراءة فيقول:

1. «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً». (يوحنا38:18).

2. «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً». (يوحنا19: 4)

3. «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً» (يوحنا19: 6)

4. «كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: "إنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ!"». (يوحنا19: 12).

تمت المحاكمة، وصدر الحكم. وقام القضاء الروماني بدوره على أكمل وجه، وأعلن براءة يسوع المسيح؛ ولهذا ازدادت كراهية الغوغاء، وارتفعت هتافات تمردهم على القانون وعلى الوالي الحاكم ببراءة الرب يسوع «فَكَانُوا يُشَدِّدُونَ قَائِلِينَ: "إنَّهُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ."» (لو5:23). وأمام تمرد الغوغاء اضطرب بيلاطس، وخضع في ضعفه لإرادة اليهود ورؤساء كهنتهم. وخاف على كرسيه وانحدر من النور، حيث حَكَم ببراءة يسوع، إلى الظلمة التي فيها يخشى أن يُعلِن براءة إنسان هو متأكد من براءته فيطلق سراحه، وهو الجالس على كرسي القضاء وكرسي الولاية معًا.

وهكذا نطق بيلاطس الوالي بحُكْم البراءة: «إنِّي لاَ أَجِدُ عِلَّةً فِي هذَا الإنْسَانِ». (لو4:23).

وبهذا الحكم، ينبغي أن تنتهي المُحاكمة؛ فبيلاطس رغم إعلان يسوع أنه المسيا، ولا يُنكِر أنه ملك. ومع أن اليهود والكهنة يَعتبرون هذا عصيانًا ضد السلطة الرومانية، إلا أن السلطة الرومانية نفسها التي يُمثلها بيلاطس، تَعتبِر أن يسوع لا يُضمِر عِصيانًا أو تَمرُّدًا ضد الإمبراطور؛ فهو بريءٌ من تُهمة الخيانة كما يَدَّعون.

[«وكَانُوا يُشَدِّدُونَ قَائِلِينَ: "إنَّهُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ إلَى هُنَا."» (لو5:23)، ظن اليهود بهذا أنهم يُهَيِّجُون بيلاطس على يسوع، ولكن بيلاطس ليس جاهلًا حتى يُصدِّق أنهم يُدافعون عن قيصر.][155]

 كان بيلاطس يعرف أنهم يشتكون على يسوع حِقدًا، وأن واجبه أن يُقيم العدل بِتَبرِئَةِ المسيح.

وكان بيلاطس [يخشى الشعب الرافض ليسوع مدفوعًا بالكهنة الحاقدين. ولم يطلق سراحه، وهو الجالس على كرسي القضاء والولاية معًا. فإذ علم أن يسوع هذا جليلي، أرسله إلى هيرودس حاكم الجليل الذي كان بأورشليم تلك الأيام؛ ليَتخلَّص من مسؤولية الحُكْم على يسوع.][156]

 «يُعَلِّمُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ إلَى هُنَا».

[اتهموه بالتعليم، ولكنهم صمتوا عن طبيعة تعاليمه؛ إذ خافوا لئلا يكون بيلاطس نفسه يُقَدِّر هذه التعاليم، التي تدعو الضالين إلى معرفة الله الحقيقية وإلى حياة البر؛ ليكون الإنسان صالحًا لطيفًا ورحيمًا، حكيمًا مستقيمًا بلا لوم.][157] فوبَّخهم بيلاطس وبرَّأه قائلًا: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إلَيَّ هذَا الإنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ، وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلاَ هِيرُودِسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إلَيْهِ. وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ» (لو13:23-15).

 

لماذا صَمَتَ إذَن؟!

 

(متى12:27-14)

(مرقس3:15-5)

وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: "أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ"؟ فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا.

وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيرًا. فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضًا قِائِلًا: "أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ اُنْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ"! فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضًا بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ.

 

«حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ» (مر5:15)

تَعَجَّبَ متسائلًا: هل يسوع هذا لا يكترث بإجراءات المُحَاكَمَة؟! رَآه مُحتملًا للإهانات في صمتٍ هادئٍ، وليست هذه صورة الأَثَمة. فلَمْ يُجِبْ بِشَيْء سواء أمام رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أو الوالي.

كانت وَقفَتُه الصامتة الهادئة أقوى من صرخاتهم العالية، والسلام الذي يملأه يُبرهِن على براءته. وأعماله أفضل من الكلام لدحض شهادة الزور، وأسمى من أي رد على الاتهامات.

«وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودِسَ، أَرْسَلَهُ إلَى هِيرُودِسَ، إذْ كَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ.» (لو23: 6، 7).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[133]اُنظر صورة رقم (3) ورقم (4).

[134]دار الولاية بناها هيرودس الكبير لينزل فيها الولاة الرومانيون أيام الأعياد إذا جاءوا إلى أورشليم. وكانت مُجاورة للهيكل ومحسوبة من بيوت الأمم، ولذا اعتبر اليهود الدخول إليها يُنَجِّس الإنسان. الأرشيدياكون بانوب عبده، موسوعة كنوز النعمة: ج5، ص469.

[135]وتعني المُتسلِّح برُمح، كما في موسوعة البستاني: الجُزْء الخامس، تحت كلمة بيلاطس.

[136] كلمة Ποντίου هي كلمة يونانية تعني الخامس؛ لأنه الوالي الخامس على اليهودية Πόντιος Πιλάτος.

[137]الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا، بيلاطس البنطي، ص15.

[138]يوسيفوس المؤرخ اليهودي، Complete works of Josephus: Antiquities of the Jews, vol. XVIII, p.36f.

[139]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 41 NPNF, series 2: vol.12: p.166.

[140]القس سمعان كلهون، اتفاق البشيرين ودليل المُسترشدين، بيروت 1876، ص654.

[141]د. موريس تاوضروس، محاضرات على قناة ME Sat.

[142]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 151، تسليم يسوع إلى بيلاطس.

[143]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص40.

[144]المرجع السابق، ص41.

[145]"Pilate haughtily refuses to involve himself on these terms, thus forcing the Jews to speak bluntly of their designs on Jesus’ life. we are not permitted to put anyone to death: The historicity of this statement has often been denied. and just as often defended. In favor of the Sanhedrin's power to inflict the death penalty in Jesus' time such as 8:7; Acts 7:58.; 25:9-11 have been cited. The closest thing to a confirmation of John's reporting is the account given by Josephus of the deposition of the high priest Ananus for his illegal convocation of a Sanhedrin that condemned James, "the Lord's brother," to death by stoning. The evidence is not conclusive against John, who is a reliable historian; that the Romans may have permitted or tolerated Jewish executions on occasion does not prove that they allowed them in principle. It is possible, moreover, that in phrasing the Jews' statement John meant to signify something slightly different from what it has usually been taken to mean. That is to say, by their own Law the Jews could not put Jesus to death as they intended him to die, as a crucified criminal whose death would serve to focus Roman attention away from the people and the nation (John 11:49). A Jewish execution of purely Jewish concerns would not have engaged the Romans' attention."

Brown, Raymond E., Joseph A. Fitzmyer, and Roland E. Murphy. The Jerome Biblical Commentary, Prentice-Hall 1968, p. 459.

[146]القس أبو الفرج، تفسير المشرقي: ج2، هذب عباراته يوسف منقريوس، طبعة أولى 1908م، ص644.

[147]"Whatever the precise meaning of the preceding verse, John sees the result, that is, that Jesus would be crucified rather than stoned according to the Jewish custom, as the fulfillment of Jesus' own prophecies concerning his death (John 3:14; 8:28; 12:32)." Brown, Raymond E., Joseph A. Fitzmyer, and Roland E. Murphy. The Jerome Biblical Commentary, Prentice-Hall 1968, p. 459.

[148]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 151.

[149]فرانك ج. باول، محاكمة يسوع المسيح، ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم، مراجعة الأنبا غريغوريوس، ص20.

[150]It is an indirect affirmative. “It is you who say” (A grammatical Analysis of the Greek New Testament Vol. l. By Max Zerwick and Mary Crosvenor , Rom Biblical Institute 1974).

[151]العَلَّامَة أورِيجِينُوس Die griechischen christlichen Schriftsteller der ersten Jahrhunderte, Berlin Akademie, Verlag, 1897-, vol.38/2: p. 250–51.

[152]الأرشيدياكون بانوب عبده، موسوعة كنوز النعمة: ج5، طبعة ثالثة 1962م، ص470.

[153]د. موريس تاوضروس، محاضرات عن حياة السيد المسيح، قناة CTV.

[154]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظاته على إنجيل يوحنا، رقم 184.

[155]القس أبو الفرج، تفسير المشرقي: ج2، هذب عباراته يوسف منقريوس، طبعة أولى 1908م، ص346.

[156]الأرشيدياكون بانوب عبده، موسوعة كنوز النعمة: ج5، طبعة ثالثة 1962م، ص472.

[157]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، تفسير إنجيل لوقا، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد بطرس، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية 2007م، عظة 151، ص739.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/first-civil.html

تقصير الرابط:
tak.la/988zng2