St-Takla.org  >   books  >   fr-morcos-dawoud  >   incarnation-of-the-word
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تجسد الكلمة للقديس أثناسيوس الرسولي - القمص مرقس داود

47- الفصل الرابع والأربعون: إن كان الله قد خلق الإنسان بكلمة، فلماذا لا يرده بكلمة؟

 

الفصل الرابع والأربعون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8

وإن كان الله قد خلق الإنسان بكلمة، فلماذا لا يرده بكلمة؟ ولكن:

  1. الخِلْقَة من العدم تختلف عن إصلاح ما هو موجود فعلاً،

  2. والإنسان كان موجودًا وله حاجة معيّنة ويتطلَّب عِلاجًا معينًا.

ولقد تأصَّل الموت في طبيعة الإنسان. فكان لا بُد لله أن يقرِّب الحياة للطبيعة البشرية، بل يمزجها بها. لذلك تجسد الكلمة لكي يلتقي بالموت ويقهره في دائرته المُغْتَصَبَة. تشبيه بالقش والأسبستوس.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1- ولعلهم -إذ يخجلون عن الموافقة على هذا- يفضلون أن يقولوا أن كان الله قد أراد أن يصلح البشرية ويخلصها، وجب أن يتمم ذلك بمجرد نطق ملكي كريم، دون حاجة إلى تجسد “الكلمة”، أي بنفس الطريقة التي اتبعها سابقًا عندما أوجدها من العدم.

 

2- أما عن اعتراضهم هذا فنجيبهم جوابًا معقولًا قائلين: سابقًا لم يكن شيء موجودًا على الإطلاق، فالذي كان مطلوبًا لخلقة كل شيء هو النطق الملكي، ثم مجرد الإرادة لإتمام ذلك. أما وقد خُلق الإنسان، وأصبح الأمر يحتاج إلى علاج ما هو موجود ووصل إلى تلك الحال، لا ما هو ليس موجودًا، لهذا السبب، ولكي يبرئ الموجود، دعت الضرورة بطبيعة الحال أن يظهر الطبيب، والمُخَلِّص تأنس، واستخدم جسده أداة بشرية.

 

St-Takla.org Image: Creation of Adam (Genesis 2:7), by Michelangelo, Sistine Chapel, Vatican - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909. صورة في موقع الأنبا تكلا: خلق آدم (التكوين 2: 7)، رسم الفنان ميكلانجلو، كنيسة سيستين، الفاتيكان - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909 م.

St-Takla.org Image: Creation of Adam (Genesis 2:7), by Michelangelo, Sistine Chapel, Vatican - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909.

صورة في موقع الأنبا تكلا: خلق آدم (التكوين 2: 7)، رسم الفنان ميكلانجلو، كنيسة سيستين، الفاتيكان - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909 م.

3- وإن لم تكن هذه هي الطريقة المُثلى فكيف كان ممكنًا “للكلمة” -وقد اختار أن يستخدم أداة- أن يظهر؟ ومن أين كان ممكنًا أن يتخذها سوى من الموجودين فعلًا، الذين هم في حاجة إلى لاهوته بواسطة شخص مشابه لهم؟ لأن الخلاص لم يكن مطلوبًا لما ليس له وجود حتى كان يكفي مجرد صدور أمر، ولكن الإنسان الذي كان موجودًا فعلًا، كان منحدرًا إلى الفساد والهلاك(134). لهذا كان طبيعيًّا وعدلًا أن يستخدم “الكلمة” أداة بشرية، ويعلن نفسه في كل مكان.

 

4- ثم يجب أن تعلم أيضًا، أن الفساد الذي حصل لم يكن خارج الجسد بل لصق به، وكان مطلوبًا أن تلتصق به الحياة عوض الفساد، حتى كما تمكن الموت من الجسد، تتمكن منه الحياة أيضًا.

 

5- والآن لو كان الموت خارج الجسد لكان من اللائق أن تتصل به الحياة من الخارج. أما وقد صار الموت ممتزجًا بالجسد وسائدًا عليه، كما لو كان متحدًا به، فكان مطلوبًا أن تمتزج الحياة أيضًا، حتى إذا ما لبس الجسد الحياة بدل الموت، نزع عنه الفساد. وفضلًا عن هذا فلو افترضنا أن “الكلمة” جاء خارج الجسد وليس فيه، لكان الموت قد غُلب منه (من المسيح) وفقًا للطبيعة، إذ ليس للموت سلطان على “الحياة”، أما الفساد اللاصق بالجسد فكان قد بقى فيه رغم ذلك.

 

6- لهذا السبب كان معقولًا جدًا أن يلبس المُخَلِّص جسدًا، حتى إذا ما اتحد الجسد “بالحياة”، لا يبقى في الموت كمائِت، بل يقوم إلى عدم الموت إذ يلبس عدم الموت. وما دام قد لبس الفساد، فما كان ممكنًا أن يظهر الموت إلا في الجسد وفقًا لطبيعته، لهذا لبس (المسيح) جسدًا لكي يلتقي بالموت في الجسد ويبيده. لأنه كيف كان ممكنًا إقامة الدليل على أن الرب هو “الحياة”، لو لم يكن قد أحيا ما كان مائتًا(135).

 

7- والمعلوم أن القش(136) تفنيه النار بطبيعة الحال. فلنفرض (أولًا) أن إنسانًا أبعد النار عن القش. فإن القش ولو لم يحترق، يبقى رغمًا عن ذلك مجرد قش يخشى خطر النار، لأن للنار خاصية احراقه. (ثانيًا) بينما لو أحاطه بمادة الاسبستوس Asbestos -التي يقال عنها(137) انها تصمد أمام النار- فإن القش لا يرهب النار فيما بعد، إذ قد تحصن بإحاطته بمادة غير قابلة للإحتراق.

 

8- كذلك أيضًا بنفس هذه الطريقة يستطيع المرء أن يقول عن الجسد والموت، أنه لو كان الموت قد أُبعد عن الجسد بمجرد إصدار أمر من الله، لبقى -رغم ذلك- قابلًا للموت والفساد حسب طبيعة الأجساد. ولكن، لكي لا يكون هذا حال الجسد، فقد لبس (الجسد) كلمة الله الخالي من الجسد، ولذلك فإنه لا يعود يرهب الموت أو الفساد، لأنه لبس الحياة كثوب، ولأن الفساد قد أُبيد فيه.

← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(134) لو إن الخلاص قد تم بمجرد صدور أمر لكان هذا دليلًا على قدرة الله، أما التجسد فهو دليل محبته.

(135) أي قابلًا للموت.

(136) أو القصب.

(137) انظر (فصل 28: 6) ويظهر أنه لم يشهد تلك المادة.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/just-a-word.html

تقصير الرابط:
tak.la/kz8br9q