St-Takla.org  >   books  >   anba-yoannes  >   apostolic-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة المسيحية في عصر الرسل - الأنبا يوأنس أسقف الغربية

150- الأرامل

 

الأرامل(112):

أول ما نقرأ عن الأرامل في الكنيسة المسيحية في (أع 6: 1)، فيما يتصل بموضوع إقامة السبعة شمامسة، ثم نقرأ عنهن في قصة طابيثا (أع 9: 39، 41)... ويبدو أن رعاية الكنيسة لهن في الفترة المبكرة من تاريخها كان ينحصر في تقديم وجبات طعام يوميًا (أع 6: 1). لكن سرعان ما تزايد عدد الأرامل، حتى أن الرسول بولس يعطي اهتمامًا خاصًا لهن في رسائله الرعوية. وإزاء تزايد الأعباء المادية على الكنيسة بسبب مساعدتها للأرامل، كتب القديس بولس هكذا: "إن كان لمؤمن أو مؤمنة أرامل فليساعدهن، ولا يثقل على الكنيسة لكي تساعد هي اللواتي هن بالحقيقة أرامل" (1 تي 5: 16).

على أن ما يهمنا في موضوع الأرامل، ليس هو رعاية الكنيسة لهن ماديًا، فهذا أمر مفروغ منه، ويتكلم عنه يعقوب الرسول على أنه الديانة الطاهرة (يع 1: 27)... لكن الكنيسة الناشئة عرفت كيف تقوم بواجبها إزاء هذه الفئة البائسة، وفي نفس الوقت رفعت من معنوياتهن، واستفادت منهن بعد أن كن يشكلن عبئًا عليها... لقد عرفت الكنيسة كيف تحول هذه الفئة إلى طاقة فعالة ضمن طاقاتها.

لقد شكلت الأرامل طغمة خاصة داخل الكنيسة، لهن عمل ورسالة... وهكذا نقلتهن الكنيسة من وضع المنتفعين الذين يتقاضون مساعدات مادية، إلى وضع الخادمات... ليس معنى هذا أن الكنيسة تخلت عن إعالتهن والعناية بهن، لكن كانت عليهن أعمالآً يؤدونها، مقابل إعالتهن...

St-Takla.org Image: Widow mourning in a graveyard (a sad woman), by Leopold Carl Muller - from the book: Egypt: Descriptive, Historical, and Picturesque - Vol. 1 - by Georg Ebers (tr. Clara Courtenay Poynter Bell), 1885. صورة في موقع الأنبا تكلا: أرملة في حالة حداد في المقابر (امرأة حزينة)، رسم الفنان ليوبولد كارل مولر - من صور كتاب: مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا - جزء 1 - لـ جيورج إبيرس (ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل)، 1885 م.

St-Takla.org Image: Widow mourning in a graveyard (a sad woman), by Leopold Carl Muller - from the book: Egypt: Descriptive, Historical, and Picturesque - Vol. 1 - by Georg Ebers (tr. Clara Courtenay Poynter Bell), 1885.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أرملة في حالة حداد في المقابر (امرأة حزينة)، رسم الفنان ليوبولد كارل مولر - من صور كتاب: مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا - جزء 1 - لـ جيورج إبيرس (ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل)، 1885 م.

يقول القديس بولس لتلميذه الأسقف تيموثاوس: "لتكتتب أرملة إن لم يكن عمرها أقل من ستين سنة، امرأة رجل واحد مشهود لها في أعمال صالحة. أن تكن قد ربت الأولاد، أضافت الغرباء، غسلت أرجل القديسين، ساعدت المتضايقين، اتبعت كل عمل صالح. أما الأرامل الحدثات فارفضهن لأنهن متى بطرن على المسيح يردن أن يتزوجن" (1 تي 5: 9- 11)... هذا الكلام يوضح أنه كانت هناك شروط لعضوية طغمة الأرامل في الكنيسة... ليس معنى هذا أن الكنيسة كانت تساعد فريقًا من الأرامل دون فريق، بل هي كانت تساعد الجميع، لكنها اشترطت مؤهلات معينة لعضوية طغمة الأرامل، اللائي سيوكل إليهن خدمات معينة(113).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

هكذا نرى أن مؤهلات الأرملة كانت مؤهلات عالية، حتى أن القديس يوحنا الذهبي فمه، في تعليقه على قول الرسول "اتبعت كل عمل صالح". (1 تي 5: 10) يقول: [عجبًا! أي نوع من التدقيق هذا الذي يطلبه الرسول من الأرامل. إنه يكاد يكون نفس ما يطالب به الأسقف..](114) وليس هذا فحسب، بل إن قوانين الرسل أمرت بأن تبقى الأرملة فترة تحت الاختبار، إن لم يكن موثوقًا بها، وذلك قبل أن تُدرج في قوائم طغمة الأرامل(115) ولا شك أن هذا يوضح لنا مدى اهتمام الكنيسة الأولى بهذه الفئة، التي غدت عبر الأجيال كمًا مهملًا في كنيسة المسيح!!!

هكذا نرى أن الأرامل قد شكلن طغمة خاصة داخل الكنيسة، لهن كيان خاص متميز عن العلمانيين العاديين(116). لكن يبدو أن الأرامل في عملهن وخدمتهن كن على نوعين: نوع منقطع للصلاة وملازمة الكنيسة تشبهًا بحنة بنت فنوئيل(117) التي وهي "أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل، عابدة بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا" (لو 2: 37)، ونوع كان يخدم بين المرضى، ويحث الشابات على حياة الطهارة، ويبشر بين غير المؤمنات(118). وهذا يتمشى مع وصية القديس بولس لتلميذه الأسقف تيطس عن العجائز "معلمات الصلاح(119)، لكي ينصحن (يدربن) الحدثات" (تي 2: 3، 4).

وقد أشار الآباء الرسوليون إلى الأرامل وخدمتهن، وأوصوا بهن... أشار إليهن هرماس في كتابه الراعي(120) والقديس أغناطيوس الشهيد، عيًر الهراطقة لأنهم أهملوا الأرامل(121).

ويحث القديس بوليكاربوس، ألا يهمل الأرامل، بل يجعلهم موضع عنايته الخاصة(122)... بوليكاربوس نفسه يحث قسوس فيلبي ألاَ يهملوا الأرامل، ويدعوهم [مذبح الله](123)... وقوانين الرسل تُشَبِه الأرامل والأيتام بمذبح المحرقة الذي كان في العهد القديم، الذي كانت التقدمات تقدم عليه لله(124)... ويوستينوس الشهيد، يضع الأرامل والأيتام على رأس قائمة مَن توزع الكنيسة عليهم مساعداتها(125).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(112) اهتم الآباء بوضع الأرامل في الكنيسة ووضعوا لهن القوانين - انظر: قوانين باسيليوس الكبير ص 366 -370،

S. Augustin, Good of widowhood.

(113) Wuest; The Pastoral Epistles, p. 78.

(114) Commentary on first Timothy, Homily 14 (N.P.N.F., p. 454).

(115) Apostolical Constituions, 8. 25 (A.N.F., p. 493).

(116) Ibid, 3. 1. 2; 8. 25.

(117) Ibid, 3. 1 (A.N.F., p. 426).

(118) Dictionary of Christian Antiquities, Vol. 2, p. 2034; Hastings, Dictionary of the Bible, p. 972.

(119) لفظ معلمات الصلاح في اليونانية هو Kalodidaskalos وتعني معنى التعليم الشفوي والتدريب. انظر: Wuest; The pastoral Epistles, p. 191.

(120) Hermas; The Pastor, 3. 26.

(121) Epistle to the Smyrnaeans, ch. 6.

(122) Epistle to Polycarp, ch. 4.

(123) Epistle to the Philipians, ch. 4.

(124) Apostolical Constitutions, 2. 26.

(125) Justin Martyr, 1 Apol. 67.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/widows.html

تقصير الرابط:
tak.la/pyqvjj3