St-Takla.org  >   books  >   anba-yoannes  >   apostolic-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة المسيحية في عصر الرسل - الأنبا يوأنس أسقف الغربية

155- الحياة الأدبية

 

1 - الحياة الأدبية:

الكنيسة المسيحية الناشئة -وهي محاطة بكل غوايات الوثنية وشرورها ومفاسدها- كان عليها أن تسهر دائمًا. وكانت هذه هي وصية سيدها ومعلمها دائمًا(136)... وتعكس لنا بعض رسائل القديس بولس صورًا لفساد العالم الوثني القديم، كما تحمل لنا في أسى، إشارات إلى أن العالم كان أقوى من بعض حديثي الإيمان، واستطاع أن يستردهم ويطويهم في لججه... ومن أمثلتهم ديماس الذي "أحب العالم الحاضر" (2تي 4: 10)، وأولئك الذين أشار إليهم بولس في حزن لأنهم صاروا "أعداء صليب المسيح" (في 3: 18).

كانت المعركة التي خاضتها الكنيسة ضد كل أنواع الفساد الخلقي "عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر وأمثال هذه" (غل 5: 19)(137). لكنها تركزت بالأكثر ضد خطايا الجسد(138)، التي قال عنها الرسول بولس "أعمال الجسد ظاهرة (واضحة أو معرفة) التي هي زنى، عهارة، نجاسة، دعارة"(139) (غل 5: 19).

St-Takla.org Image: We are all one in Jesus Christ, different races, heart and a cross, loving others, various believers from all the nations and nationalities - by Fahmy Eshak صورة في موقع الأنبا تكلا: كلنا واحد في المسيح يسوع، مختلف الجنسيات، قلب وصليب، محبة الآخر، مؤمنين متنوعين من كافة الجنسيات - رسم الفنان فهمي إسحق

St-Takla.org Image: We are all one in Jesus Christ, different races, heart and a cross, loving others, various believers from all the nations and nationalities - by Fahmy Eshak.

صورة في موقع الأنبا تكلا: كلنا واحد في المسيح يسوع، مختلف الجنسيات، قلب وصليب، محبة الآخر، مؤمنين متنوعين من كافة الجنسيات - رسم الفنان فهمي إسحق.

ويكشف لنا تحذير القديس بولس المستمر من الوقوع في خطايا الجسد، ما كان يمكن أن تحدثه هذه الخطايا في نفوس البعض، نتيجة استعدادهم الخطير للارتداد إلى غواية الخطية(140). وكانت الكنيسة لا تتساهل مع الأعضاء الدنسين الذين في وسطها، لأنها كانت تدرك تمامًا، أنها لو سمحت بالانحلال الخلقي والدعارة فسيتلاشى وجودها.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

ونلمس من كتابات القديس بولس أن الحياة الأدبية لم تكن إحدى جوانب المسيحية، بل كانت ثمرها وغايتها على الأرض "أما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف... الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل 5: 22-24)... ويمكن القول بأن عمل الرسل الكرازي، كان عملًا روحيًا أدبيًا، يهدف إلى إنهاض الإحساس الأدبي وتقويته، وكانت الوصايا الأدبية لها المكانة الأولى.

وتنعكس هذه الأهمية من ثنايا كتابات الآباء الرسوليين، وآباء وعلماء القرن الثاني. ونلمس ذلك بوضوح في الفصل الأول من رسالة إكليمنضس الروماني إلى كنيسة كورنثوس، وكتاب تعاليم الرسل Didache وخاتمة رسالة برنابا، وكتاب الراعي لهرماس، والمقالة المعنونة إكليمنضس الثانية، والفصل الأخير من دفاع أرستيديز Aristides, كما أن يوستينوس الشهيد يركز في دفاعه على أدبيات المسيحية، وأنها مرعية من المسيحيين(141).

ونلاحظ على هذه الكتابات أنها تتسم بأسلوب العنف والشدة. والسبب في ذلك كما ذكرنا، أن بقاء المسيحية كديانة روحية، كان مرتبطًا بمبادئها التي قدمتها للعالم... وكان دفاع المدافعين المسيحيين منصبًا على دفع شبهات الفساد الخلقي الذي حاول أعداء المسيحية أن يلصقوه بها. والعقوبة القاسية التي أوقعها القديس بولس على الشاب الزاني بالمحارم في كورنثوس (1كو 5)، لم تكن حادثة فريدة. فقد كانت الكنيسة تطرد وتقطع من شركتها، مرتكبي هذه الخطايا الشنيعة.

كان الارتباط بزوجة واحدة في الجماعات المسيحية، هو العلاقة الشرعية الوحيدة المسموح بها بين الجنسين. وكان الزواج الثاني (بعد الترمل) غير مستحب، وبسببه كثرت المناقشات في القرن الثاني، هل يسمح بالزواج الثاني أم لا. ولا شك أن هذا الموضوع يتصل اتصالًا وثيقًا بموقف الكنيسة من الشهوات الجسدية، ونظرتها لحياة العفة ومفهومها. ويتصل بهذا الموضوع أيضًا تحريم الإجهاض تحريمًا باتًا، وتعريض الأطفال للموت.

كانت مهمة الكنيسة كبيرة وخطيرة وشاقة. فقد كان عليها أن ترعى دائمًا -بنفس ساهرة وعين لا تنعس- أعضاءها المبعثرين هنا وهناك في أنحاء المسكونة، وسط غالبية وثنية ساحقة، وفساد متأصل. وبفضل جهود الكرازة والخدمة التي قام بها خدام أمناء ورعاة ملتهبون من أمثال بولس الرسول وغيره من الكارزين، ومؤازرة روح الله وعمله في المخدومين، نمت أدبيات المسيحيين وروحياتهم في ذلك العصر إلى درجة كبيرة من الطهارة والتقوى والقداسة. واتسمت مسيحية الكنيسة الأولى بكل جمال خليقة الله الجديدة. وكان لذلك أثر عظيم في انتشار الإيمان بصورة مذهلة... فقد أحب العالم القداسة، وآمن بأفضليتها، حينما رأوا إناسًا قديسين(142).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(136) انظر: (مت 24: 42، 25: 13، مر 13: 35، لو 12: 37، 21: 26، 1كو 16: 13، 1 تس 5: 6، 1بط 5: 8، رؤ 3: 2، رؤ 16: 15).

(137) انظر أيضًا: (كو3:8، 9).

(138) كان الامتناع عن الزنا هو أحد قرارات مجمع أورشليم (أع 15).

(139) يُقْصَد بالزنى تدنيس مضجع الزوجية بسبب الاتصال الجنسي المحرم من جانب شخص متزوج، واستعملت أصلًا للتعبير عن الغش خاصةً غش العملة. ويقصد بالعهارة الاتصال الجنسي بين أشخاص غير متزوجين أو بين متزوج وغير متزوج. والنجاسة باليونانية هي akatharsia وتعني الدنس الجسدي أو عدم الطهارة الجسدية. أما الدعارة فهي ترجمة للكلمة اليونانية aselgeia التي تشير إلى الشهوة الشديدة المشتعلة المحرمة وعدم ضبط النفس. انظر (1 تس 4: 1-8، 1بط 4: 3-5، 2 بط 2: 5-10، يه 7). انظر أيضًا:

Missionary Methods, p. 149.

(140) انظر: (كو 6: 15-20، كو 3: 5-7).

(141) Harnack, Missions... p. 206-208.

(142) De Pressense, Vol. 1, pp. 395, 396.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/moral-life.html

تقصير الرابط:
tak.la/xfs5t47