St-Takla.org  >   books  >   anba-yoannes  >   apostolic-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة المسيحية في عصر الرسل - الأنبا يوأنس أسقف الغربية

81- أثر خراب أورشليم على الكنيسة المسيحية

 

ما أن تذكر مسيحيو أورشليم تحذيرات الرب (مت 24: 15)، حتى تركوا المدينة التي ستحل بها النكبة... تركوها في وقت مناسب وهربوا إلى مدينة بلا Pella في العشر مدن وراء الأردن شمالي بيرية... هناك فتح لهم الملك هيرودس أغريباس الثاني ملجأً أمينًا... ويقول تقليد قديم -كما يروي يوسابيوس المؤرخ وابيفانوس- أن ملاكًا أو صوتًا إلهيًا أعلن لقادة المسيحيين وجوب الهرب. وقد حدث ذلك قبل خراب أورشليم بأربعة أعوام(87)... وهناك وسط سكان معظمهم من الأمميين تأسست كنيسة الختان مرة أخرى... وللأسف لا يمدنا التاريخ بأية معلومات عن الكنيسة المسيحية في بلا...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: General preview of the walls of Jerusalem before the captivity. صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم عام لأسوار أورشليم قبل السبي.

St-Takla.org Image: General preview of the walls of Jerusalem before the captivity.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم عام لأسوار أورشليم قبل السبي.

لقد أحدثت النكبة المروعة التي حلت بأورشليم وهيكلها اليهودي، آثارًا ونتائج عميقة في المسيحيين، يمكن تلخيصها فيما يلي(88):

1- كان المسيحيون حتى قبيل خراب أورشليم وهيكلها، يعيشون في توقع يومي لانقضاء العالم، وعودة الرب يسوع السريعة. لقد اختلط عليهم الأمر في فهم الصورة النبوية التي رسمها الرب عما سيحدث فيما بعد، فلم يستطيعوا أن يفرقوا بين النبوات المختصة بخراب أورشليم والهيكل، وتلك التي تشير إلى انقضاء الدهر والدينونة العامة. لم يفهموا أن خراب أورشليم وهيكلها كان رمزًا للدينونة العامة المحفوظة للعالم أجمع... هذا الخلط الطبيعي في زمان ما قبل خراب الهيكل، لم يعد ممكنًا بعد أن فقدت اليهودية مركزها الديني.

ولدينا دليل على هذا الفهم الجديد فيما رواه هيجيسبوس Hegesippus ونقله إلينا يوسابيوس المؤرخ. فلقد دعا الإمبراطور دومتيان (81-96) بعض أقارب الرب يسوع بالجسد، وسألهم عن مملكة المسيح وعودته. فكان جوابهم: (إن هذه المملكة ليست زمنية أو أرضية، بل سماوية ملائكية، سوف تظهر في نهاية العالم، عندما يأتي في المجد ليدين الأحياء والأموات، ويعطي كل واحد حسب أعماله)(89)...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

2- هذا الفهم -يمثل هذا الوضوح والإيجابية- عن طول مدة النضال والألم (اللذين ينتظران الكنيسة) وارتباطه بزوال نظام العبادة القديمة - الذي كان ما يزال يتمسك به كثير من اليهود المتنصريّن، ساعد على استقرار تنظيم الكنيسة... والواقع أنه ابتداءً من سنة 70 م، نلحظ تقدمًا ملموسًا نحو وضع محدد لتنظيم الكنيسة وعبادتها. لقد بدأت الكنيسة منذ ذلك الوقت تتحق من مكانتها كإسرائيل الحقيقى.

 

3- وثمة نتيجة هامة لسقوط أورشليم وخراب هيكلها... لقد كان هذا الخراب ضربة قوية للمتنصرين من اليهود المتمسكين بالناموس اليهودي. هذا الحدث الهام كان فيه إتمام لكلام السيد المسيح، وإشعار لهم بأنه لا يريدهم أن يستمروا في ممارسة العوائد اليهودية التي كان الهيكل مركزها. ومنذ ذلك الوقت بدأ هؤلاء اليهود المتنصرون يقتربون من الأمم المتنصرين... وبعبارة أخرى بدأ التقارب بين اليهودية المتنصرة والوثنية المؤمنة.

 

4- ومن نتائج خراب أورشليم وهيكلها، أن بدأت نهضة يهودية قادت حربًا تعليمية سافرة ضد المسيحية. فبعد خراب الهيكل بزمن قصير بدأ اليهود ينظمون صفوفهم، وتشكل سنهدرين جديد في جبنه(90) Jabna بدأ يجمع حوله فلول الشعب اليهودي... وقد أظهر هذا المجلس كل عداء نحو المسيحيين. ومما قاله أحد معلميهم وهو الربان تارفو Tarpho: (الأناجيل تستحق الحرق. إن الوثنية أقل خطرًا من الشيع المسيحية. فالأولى لا تقبل الحق اليهودي بسبب الجهل، بينما المسيحيون يعرفونه ومع ذلك يرفضونه. يمكن أن نجد الخلاص في المعابد الوثنية أسرع من وجوده وسط الجماعات المسيحية)... ووضعت قيود مُنِعَ بها اليهود من مشاركة المسيحيين الطعام... وقد وضع الربان غمالائيل صورة لحرم مَنْ يتجاسر على مخالفة ذلك في الصلوات اليومية، مؤداها أنه لا رجاء للمرتدين (اليهود المتنصرين)... وهكذا نرى أنه لا توجد هوة أعمق من ذلك، فصلت بين كنيسة الختان والمجمع اليهودي.

 

5- كان من أثر ذلك أننا نجد في القرن الثاني الميلادي كنيسة مزدهرة -بدون أية اتجاهات يهودية- في إليا كابيتولينا(91) Aelia Capitolina... ومن المؤكد أن عددًا كبيرًا من سكانها كانوا من المسيحيين الذين ينتمون إلى أصل يهودي. وكان هؤلاء يختلطون بالأمم المتنصرين دون أدنى تمييز أو فوارق. وهذا دليل كبير على اضمحلال المسيحية المتهوّدة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(87) Eusebius, H.E., 3.5.3.

(88) Schaff, Vol. 1, pp. 402-404; De Pressense, Vol. 1, pp. 406-.

(89) Eusebius, H.E., 3.20.6.

(90) تذكر أيضًا باسم جمنيا Jamnia, وهي على مقربة من ساحل البحر المتوسط في منتصف المسافة تقريبًا بين يافا شمالًا وأشدود جنوبًا - انظر:

The Westminster Historical Atlas to the Bible, p. 58.

(91) هي المستعمرة الرومانية التي أقيمت على أنقاض مدينة أورشليم عقب عصيان باركوكبا (132-135 م.)، ولم يسمح لليهود بدخولها بموجب مرسوم إمبراطوري.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/jerusalem-destruction-effects.html

تقصير الرابط:
tak.la/a4zn9ts