St-Takla.org  >   books  >   anba-yoannes  >   apostolic-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة المسيحية في عصر الرسل - الأنبا يوأنس أسقف الغربية

74- أورشليم وهيكلها

 

خراب أورشليم وَهيكلها:

 

أورشليم وهيكلها(65):

وقبل أن نتناول موضوع خراب أورشليم وهيكلها، نرى من المفيد أن نقف قليلًا ونلقي نظرة سريعة عليهما...

على الرغم من الثراء العريض الذي حققه كثير من اليهود خارج اليهودية في الأقطار الأخرى، فقد كانوا يتطلعون دائمًا بشوق إلى أورشليم، وما يحيط بها... كانوا يعتبرون أورشليم -وكل سكانها من اليهود- أنها المكان الوحيد في العالم، حيث يشعرون -إلى حد ما- أنهم سادة في بيتهم، وأن منها ستظهر -حسب فهمهم المادي الخاطئ- المملكة اليهودية الكبيرة الموعود بها، وفيها سيظهر أيضًا المسيا المنتظر... وهكذا كانت أورشليم مركز اليهودية في العالم كله، وقلبها النابض.

وفي عهد الرسل كانت أورشليم على جانب كبير من الثراء المادي، وبلغ عدد سكانها نحو مائتي ألف نسمة. لكنها لم تعد -كما كانت في زمان داود وسليمان- تستمد عظمتها وثروتها من قوتها العسكرية، أو تجارتها مع شعوب فلسطين، بل من هيكل يهوه وحده... كان على كل ذكر يهودي تجاوز عمره السنتين، أينما يعيش، غنيًا كان أم فقيرًا، أن يسهم في الحفاظ على الهيكل، بأن يدفع درهمين (نصف شاقل) سنويًا ضريبة للهيكل ترسل إلى أورشليم. وقد أوفى الرب يسوع هذه الضريبة (مت 17: 24).

St-Takla.org Image: General preview of the walls of Jerusalem before the captivity. صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم عام لأسوار أورشليم قبل السبي.

St-Takla.org Image: General preview of the walls of Jerusalem before the captivity.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم عام لأسوار أورشليم قبل السبي.

وإلى جانب ذلك، كانت تصل إلى أورشليم تقدمات كثيرة لا تحصى... كما كان لزامًا على كل يهودي غيور أن يحج إلى أورشليم -مرة واحدة على الأقل في حياته- حيث مسكن إلهه يهوه... ففيه وحده يقبل الله التقدمات. هكذا ترنم داود وقال عن هذا المسكن أن الله يسكن فيه إلى الأبد (مز 68: 16)... أما المجامع اليهودية المنتشرة في المدن المختلفة خارج أورشليم، فكانت أماكن اجتماعات وعبادة ومدارس... لكنها لم تكن بحال ما هياكل تقدم فيها الذبائح.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

لا بُد إذن وأن تكون ضرائب الهيكل، والحج، قد أمدتها بأموال طائلة، وأنعشت الحالة الاقتصادية، وأتاحت فرصًا للعمل والكسب لكثير من اليهود... وهكذا فإن عبادة يهوه في أورشليم -بصورة مباشرة وغير مباشرة- قد أفادت، ليس فقط كهنة الهيكل والكتبة وحدهم، بل أيضًا أصحاب المتاجر والحرف والصيارف والفلاحين والرعاة وصيادي اليهودية والجليل، الذين وجدوا في أورشليم سوقًا رائجة لمنتجاتهم... وإذا كان السيد المسيح قد وجد في الهيكل باعة ومشترين وصيارف، فقد كان هذا يتمشى ووضع الهيكل بالنسبة لحياة أورشليم وشعبها.

كانت حياة اليهود وآمالهم متعلقة بأورشليم (إن نسيتكِ يا أورشليم تُنْسى يميني، ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكركِ. إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحي) (مز 137: 5، 6)... من أجل هذا قامت بعض محاولات لبناء أماكن يحج إليها اليهود خارج أورشليم، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل... من أمثلة ذلك، المحاولة التي قام بها شخص يدعى انياس Onias -وهو ابن لرئيس كهنة يهودي- هذا بنى هيكلًا ليهوه في مصر في عهد بطلميوس فيلوباتر (173 - 146 ق. م)، بمعاونة هذا الملك، الذي كان يأمل أن يصبح رعاياه من اليهود أكثر ولاءً له، حينما يكون لهم هيكل في بلده... لكن هذا الهيكل فشل في فكرته وغرضه...

وهكذا ظلت أورشليم وهيكلها قبلة أنظار اليهود في كل أنحاء العالم، يولون وجوههم شطرها في الصلاة، وإليها يرسلون تقدماتهم، ويحجون إليها للتبرك وتقديم الذبائح... ويحفظون لها كل ولائهم(66)...

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(65) Karl Kautsky, foundations of Christianity,pp. 226-228

(66) كانت هناك حكمة إلهية من وراء ذلك... كان الله يريد أن يجعل المكان الذي سيظهر فيه المسيح بالجسد قبلة أنظار العالم... وقد أتت هذه الخطة الإلهية بثمارها، فيما حدث يوم الخمسين، يوم تأسست الكنيسة المسيحية، وآمن بالمسيح ثلاثة آلاف نفس من مختلف الأوطان واللغات، وجميعهم من اليهود.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/jerusalem-altar.html

تقصير الرابط:
tak.la/y5nfw24