St-Takla.org  >   books  >   anba-yoannes  >   apostolic-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة المسيحية في عصر الرسل - الأنبا يوأنس أسقف الغربية

221- إنجيل يوحنا

 

الإنجيل الرابع -إنجيل يوحنا- هو إنجيل الأناجيل، قدس أقداس كتاب العهد الجديد... يشبهه إكليمنضس الإسكندري بالروح بينما الأناجيل الثلاثة الأخرى هي الجسد... ويدعوه أوريجينوس [تاج الأناجيل كما أن الأناجيل هي تاج جميع الكتابات المقدسة]..

التلميذ المحبوب، الذي كان يتكئ على صدر المسيح، الذي أوكل إليه العناية بأمه، الذي عَمَّر أكثر من جميع الرسل، هيأته النعمة أن يقدم للكنيسة أعماق رب المجد... لقد امتص في شبابه المبكر أعمق كلمات سيده، وحفظها في قلبه الأمين ككنز ثمين... وفي شيخوخته المتقدمة استعادها بإلهام الروح القدس الحال فيه، وأرشده إلى كل الحق...

حين ننتقل من بشارة إلى أخرى في نطاق البشائر الثلاث الأولى، لا نشعر بتغيير جوهري. لكن ما أن ننتقل من أيها إلى إنجيل يوحنا، حتى نستنشق عبيق جو آخر مختلف... إن إنجيل يوحنا هو الذي رفع الحجاب عن قدس الأقداس، وكشف مجد الابن الوحيد المملوء نعمة وحقًا... وصدق القديس أغسطينوس(82). في تصويره حينما قال: [لقد سار الإنجيليون لثلاثة الآخرون مع الرب على الأرض كما مع إنسان، ولم يذكروا إلَّا القليل عن لاهوته. أما يوحنا، فكما لو كان يأبى السير على الأرض، يدوى في فاتحة إنجيله ويحلق -ليس فوق الأرض وكل دائرة الهواء والسماء فحسب- بل حتى فوق كل جيش الملائكة، وكل رتب القوات غير المرئية، ويصل إلى ذاك الذي به كان كل شيء]..

ليس إنجيل آخر بين الأناجيل أكثر وضوحًا وعمقًا... كلامه مفهوم وإن كان مفعمًا بالأسرار. وهو بسيط كطفل ساميًا كالسارافيم... وديعًا كحمل جريئًا كنسر، عميقًا كبحر عاليًا كالسموات... لقد كُتب آخر القرن الأول، وكأنه شمس الغروب الذهبية لعصر الإلهام الرسولي ، وقد مدت خيوطها إلى كل أجيال الكنيسة...

St-Takla.org Image: St John the Evangelist in Patmos, painting by Hans Burgkmairm 1508, Wood, 153 x 124,7 cm, Alte Pinakothek, Munich. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة القديس يوحنا الحبيب في بطموس، رسم الفنان هانز بورجكمايرم سنة 1508، رسم على الخشب بمقاس 153×124.7 سم، محفوظة في متحف ألتيه بيناكوثيك، ميونيخ.

St-Takla.org Image: St John the Evangelist in Patmos, painting by Hans Burgkmairm 1508, Wood, 153 x 124,7 cm, Alte Pinakothek, Munich.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة القديس يوحنا الحبيب في بطموس، رسم الفنان هانز بورجكمايرم سنة 1508، رسم على الخشب بمقاس 153×124.7 سم، محفوظة في متحف ألتيه بيناكوثيك، ميونيخ.

كتب يوحنا إنجيله في أفسس أواخر القرن الأول الميلادي... وهو لا يهدف إلى سرد تاريخ كامل لحياة السيد المسيح، وإلَّا كان تكرارًا لما سجله الإنجيليون الثلاثة الذين سبقوه إلى الكتابة... ويوحنا نفسه يذكر ذلك صراحةً "وآيات أُخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تُكتب في هذا الكتاب" (يو 20: 30 بالمقارنة مع 21: 25).

أما السبب الذي حمله على الكتابة فهو "لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله. ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو 20: 31)... لقد صاغ يوحنا إنجيله تبعًا لحالة الكنيسة واحتياجاتها أواخر القرن الأول، مفندًا البدع التي ظهرت وقتذاك...

يذكر إيريناؤس أن يوحنا الذي اتكأ على صدر الرب كتب إنجيله في أفسس بآسيا(83)... وفي موضع آخر يجعل إيريناؤس قيام الهرطقة الغنوسية الحافز على كتابة هذا الإنجيل(84)، ويؤيد ذلك جيروم وفيكتورنيوس(85) (+304).

وهناك تقليد قديم يقول إن يوحنا كتب إنجيله بناءً على طلب أساقفة آسيا شركائه في الخدمة(86)...

وإنجيل يوحنا هو إنجيل التجسد "الكلمة صار جسدًا"... ويبدأ يوحنا إنجيله بالكلام عن أزلية الكلمة (اللوغوس)... وهو إنجيل الحب، وفيه وحده تقرأ الآية الذهبية "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (3: 16)... ونقرأ عن الوصية الجديدة "أحبوا بعضكم بعضًا" (13: 14).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الشهادات التاريخية عنه(87):

قبلت الكنيسة منذ البداية، إنجيل يوحنا كسفر قانوني، لا يلحقه أي ظل من الشك، وأنه من كتابة يوحنا الرسول. والأدلة على ذلك قديمة جدًا، وترجع إلى بداية القرن الثاني، بعد كتابته بفترة وجيزة جدًا... وهذه الأدلة تشمل شهادات أرثوذكسية وهرطقية، وكتابات بعض الوثنيين من أعداء المسيحية... ولا يشذ عن هذا الإجماع سوى صوت واحد مخالف لا يكاد يُسمع، وهو الخاص بشيعة الألوجيين(88) The Alogi الذين أنكروا هذا الإنجيل لأنهم كانوا يعارضون عقيدة اللوغوس، التي انفرد بها يوحنا في إنجيله، ومن ثم نسبوا إنجيله وسفر الرؤيا إلى عدوه كيرينثوس الهرطوقي... والآن نعرض لأهم هذه الشهادات:

الشهادات الأرثوذكسية - شهادات الهراطقة - شهادة الوثنيين

 

(أ) الشهادات الأرثوذكسية:

ونبدأ بشهادات القرن الرابع ونتدرج حتى نصل إلى عصر يوحنا نفسه... جميع مخطوطات العهد الجديد القديمة اليونانية -بما في ذلك النسخة السينائية والفاتيكانية التي ترجع إلى القرن الرابع- والتي هي منسوخة عن مخطوطات أقدم منها ترجع إلى القرن الثاني، وجميع النصوص القديمة بما في ذلك السريانية واللاتينية القديمة في القرنين الثاني والثالث... جميع هذه -بلا استثناء- تحوي إنجيل يوحنا. ولا شك أن هذه المخطوطات والنصوص تمثل إجماع الكنائس العام في أنحاء العالم.

بعد ذلك لدينا شهادات جميع آباء الكنيسة حتى منتصف القرن الثاني بدون أي صوت مخالف، أو ظل من الشك. ومن هؤلاء إيرونيموس (جيروم) (+ 414) ويوسابيوس (+ 430) وأوريجينوس (+254) وهو عالم عصره الكبير ومفسر إنجيل يوحنا، وترتليانوس وإكليمنضس الإسكندري (+ حوالي 190). وهو الفيلسوف المسيحي الذي تنقل وزار بلاد اليونان وإيطاليا وسوريا وفلسطين معلمًا، وإيريناؤس أسقف ليون منذ سنة 178، وهو مواطن من آسيا الصغرى وتلميذ بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول، الذي بنى دفاعه الأساسي ضد هرطقة الغنوسيين على إنجيل يوحنا، ويشهد أن الأناجيل القانونية أربعة لا أكثر ولا أقل، كما قبلتها جميع كنائس العالم المسيحي في زمانه بإجماع عام، وثاؤفيلس الأنطاكي (+ 180) الذي اقتبس من إنجيل يوحنا وأشار إلى ذلك، ووثيقة موراتوري Muratorian Fragment التي تروي ظروف كتابة إنجيل يوحنا. وتتيان السوري (155 - 170) في "خطابه إلى اليونانيين" يقتبس كثيرًا من إنجيل يوحنا، وبدأ كتابه "الدياتيسرون" Diatessaron, الذي انتشر انتشارًا واسعًا في الكنيسة الأولى، بافتتاحية إنجيل يوحنا، ويوستينوس الشهيد معلم تاتيان في دفاعيه الأول والثاني وحواره مع تريفو اليهودي -قبيل منتصف القرن الثاني- اقتبس من إنجيل يوحنا، وكذلك الآباء الرسوليين. فقد اقتبس منه أغناطيوس(89)، وكذلك بوليكاربوس(90) تلميذ يوحنا نفسه اقتبس من رسالة يوحنا الأولى وهي شهادة بطريق غير مباشر للإنجيل لأنه إما أن نقبل هذين الكتابين أو نرفضهما معًا. ثم بابياس الذي اقتبس من إنجيله واستشهد برسالته الأولى.

 

(ب) شهادات الهراطقة:

في الأكليمنضيات المزورة عدة إشارات واقتباسات من إنجيل يوحنا. وقد استخدم الغنوسيون في القرن الثاني، إنجيل يوحنا بكثرة واستشهدوا به. وقد كتب هيراكليون Heracleon تلميذ فالنتينوس Valentinus المبتدع تفسيرًا لإنجيل يوحنا.

وقد حاول فالنتينوس نفسه -بناء على رواية ترتليانوس- أن يفسره. وباسيليدس Basilides الذي اشتهر حوالي سنة 125 اقتبس من هذا الإنجيل. وشهادات الهراطقة في حد ذاتها قاطعة. كان ممكن أن يرفض الغنوسيون الإنجيل الرابع كله. كما فعل مرقيون Marcion لتعارضه مع عقيدته. لكن الغنوسيين اعترفوا به في ذلك الوقت المبكر -أول القرن الثاني- لأنهم كانوا لا يملكون إنكاره.

 

(ج) شهادة الوثنيين:

والفيلسوف الوثني كلسوس -عدو المسيحية اللدود- في كتابه ضدها حوالي سنة 178، استمد المادة التي هاجم بها المسيحية من الأناجيل الأربعة. ويذكر تفاصيل دقيقة لم تَرِد إلَّا في إنجيل يوحنا.

والآن بعد أن عرضنا للشهادات التاريخية المختلفة لإنجيل يوحنا، نختم بعبارة لطيفة دوّنها العالم والمؤرخ شاف Schaff, يقول: [لا يمكن لكاتب من القرن الثاني أن يخرج مثل هذا الكتاب الرائع (إنجيل يوحنا)، الذي يسمو على كتابات يوستينوس الشهيد وإيريناؤس وترتليانوس وإكليمنضس وأوريجينوس، أو أي أب آخر أو عالم أو مصلح. وما كان ممكنًا لأى كاتب من القرن الأول أن يكتبه إلَّا رسول، ولا رسول آخر سوى يوحنا. ويوحنا نفسه ما كان يمكنه أن يكتبه دون وحي إلهي](91).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(82) St. Augustin, Troctates 36 on th Gospel of St. John (N. P. N. F. Vol. 7, p. 208.

(83) Against Heresies, 3. 1.

(84) Ibid, 3.11.1.

(85) Schaff, Vol.1, pp.678, 679

(86) Ibid, pp. 678, 679.

(87) Schaff, Vol. 1, pp. 701 - 714.

(88) تسمية هذه الشيعة Alogi تتضمن معنى مزدوجًا: غير معقول، وضد اللوغوس.

(89) Rom., 7; Phild., 9.

(90) Phil. 7.

(91) Schaff, Vol. 1, p. 714.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/gospel-of-john.html

تقصير الرابط:
tak.la/4xjk6ay