St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   anti-christian-questions
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرد على بعض الأسئلة التشكيكيَّة الموجهة ضد العقيدة المسيحية - الأنبا بيشوي

9- لكي يكون ابنًا فهذا يعنى أنه أقل من الإله، ولكي يكون إلهًا فهذا يعنى أنه ليس ابنًا لأحد فكيف جمع يسوع بين الصفتين معًا؟

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

الأبوة ليست حدثًا بالنسبة للآب
ولادة الكلمة
المفاضلة بين المولودية وعدم المولودية

سؤال 1: لكي يكون ابنًا فهذا يعنى أنه أقل من الإله، ولكي يكون إلهًا فهذا يعنى أنه ليس ابنًا لأحد فكيف جمع يسوع بين الصفتين معًا؟

 

يقول واضع السؤال عن الابن أنه يكون أقل من الإله. هذا هو رأيه الخاص. لكن هل هناك أبوة بدون بنوة؟ وهل هناك بنوة بدون أبوة؟!

 

الأبوة ليست حدثًا بالنسبة للآب

دار حوار قديمًا بين إفنوميوس، وهو من أتباع أريوس، وبين القديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات، ناقشه فيه إفنوميوس على أن الابن الكلمة له بداية وأنه مخلوق. فقال له القديس غريغوريوس [متى جاء الآب إلى الوجود؟ لم يكن أبدًا وقت لم يكن فيه الآب... ولتسألني مرة تلو المرة، أجيبك. متى ولد الابن؟ حينما لم يولد الآب].(4) وهو يقصد أن يقول له أنا لا أتفق معك، لأنه لم يكن هناك وقت لم يكن فيه الآب أبًا!! إن الأبوة ليست حدثًا بالنسبة لله، بل الأبوة هي في صميم طبيعته الإلهية، أو في صميم الوجود الإلهي.

بمعنى أنه في الثالوث هناك أبوة وبنوة ومحبة، فالأبوة في الله تستدعى وجود الابن، والمحبة في الله تستدعى وجود الابن. إن الأبوة هي خاصية أقنومية في الآب، والمحبة هي خاصية جوهرية عامة للأقانيم الثلاثة. من جهة الجوهر: الحب يستوجب وجود محب ومحبوب، ومن جهة الأقانيم: الأبوة تستدعى وجود البنوة، فالآب لكي يكون آبًا لابد أن يكون له ابن.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولادة الكلمة:

هنا نعود إلى تبسيط المسألة، هل مرسل السؤال ينكر أن المسيح هو كلمة الله؟ الكلمة في اللغة العربية وفي جميع المصادر العربية هي مؤنث، مثلًا تقول استمعت إلى كلمة قوية أو كلمة بليغة أو كلمة مقنعة، ولا تقول كلمة مقنع أو كلمة بليغ. ولكن المرة الوحيدة التي ذكر فيها الكلمة بالمذكر هو حينما يذكر ابن الله.

الدكتور أحمد حسن الزيات: (هو وزير خارجية مصر ومندوب مصر في الأمم المتحدة أيام جمال عبد الناصر وأمين عام الحزب الوطني الديمقراطي في دمياط، وكان شخصية كبيرة إلى حين وفاته) حينما ذهبت إليه لأعزيه في وفاة زوجته التي كانت ابنه للدكتور طه حسين، في قصره بعزبته في ضياع دمياط، دار بيننا حديث فقال لي: "نحن اعترفنا أن المسيح هو كلمة الله".

ونحن أيضًا نقول أن المسيح هو كلمة الله، والكلمة يولد لأن الفكر يولد من العقل، فإذا نطقنا بالفكر المولود فهو كلمة. ولماذا لا ندعو المولود ابنًا؟

St-Takla.org Image: Jesus healing Bartimaeus the blind man (Mark 10: 46-52) - from "Story of the Bible", authored by Rev. Hurlbut, 1904 صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يشفي بارتيماوس الأعمى ابن تيماوس (إنجيل مرقس 10: 46-52) - من كتاب "قصة الكتاب المقدس"، إصدار الكاهن هيرلبات، 1904

St-Takla.org Image: Jesus healing Bartimaeus the blind man (Mark 10: 46-52) - from "Story of the Bible", authored by Rev. Hurlbut, 1904

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يشفي بارتيماوس الأعمى ابن تيماوس (إنجيل مرقس 10: 46-52) - من كتاب "قصة الكتاب المقدس"، إصدار الكاهن هيرلبات، 1904

وهنا أسأله: العقل يلد الفكر، فهل يوجد عقل بغير فكر؟ إذا كان العقل بغير فكر فهو ليس بعقل على الإطلاق. وهل يوجد فكر بغير عقل؟ إن العقل والفكر متلازمان. فإذا كان الله أزلي فإن الكلمة أيضًا أزلي لأنه لا يمكن أن يوجد الله بغير الكلمة.

قابلني صديق غير مسيحي في أحد المرات وسألني: لماذا تقولون أن المسيح هو ابن الله؟ فسألته: هل يمكن أن تقول أن الله ليس له كلمة؟ قال: بالطبع لا. فقلت له: هل الله وكلمته متلازمان لا ينفصلان؟ قال طبعًا. فقلت له: إن كان الله أزلي فإن كلمته إذن أزلي؟ قال: طبعًا. فقلت له: أليس المسيح هو كلمة الله؟ قال: نعم. قلت له: والكلمة يولد أم لا يولد؟ لأن الفكر يولد من العقل، وحينما يعبّر عن الفكر نطقًا فهو كلمة، لذلك يقول بولس الرسول "اَللهُ،.. كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ" (عب1:1)، ويوحنا الحبيب يقول "الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا" (يو14:1). فقلت له: هل يمكن أن يوجد الله بغير الكلمة؟ فقال لي: لا. فقلت: والكلمة مولود؟ قال: نعم. قلت: والمولود يدعى ابنًا؟ قال لي: طبعًا، فقلت له إذن ما الذي يغضبك، فقال أنا غير غاضب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المفاضلة بين المولودية وعدم المولودية:

نرجع لواضع الأسئلة الذي يقول: لكي يكون ابنًا فهذا يعنى أنه أقل من الإله. ما معنى هذه العبارة؟ إن هذه العبارة في أصلها قالها أريوس نفسه.

قال أريوس أن الآب متفوق عن الابن، لأن الآب لم يأت من مصدر ولكن الابن جاء من مصدر وهو الآب؛ الآب غير مولود (أجينيتوس) والابن مولود (جينيتوس)؛ إذن الكائن الوحيد الغير المولود هو الآب، إذن فهو المتفوق. فكيف نرد على هذا المفهوم؟

نرد بقولنا: إذا كان الابن يستمد وجوده أزليًا من الآب بالولادة، فإن الآب أيضًا لا يمكن أن يكون إلهًا بدون الابن، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كما قلنا أن العقل بدون فكر لا يكون عقلًا، واللهب لا يكون نارًا إلا إذا كان يلد حرارة. فإذا كانت الحرارة تستمد وجودها باللهب، فاللهب يحقق حقيقته بالحرارة. لأن اللهب بدون حرارة لا يكون نار، والحرارة بدون لهب ليس لها وجود. فإذا كانت الحرارة تستمد وجودها باللهب فاللهب قيمته بحرارته، هكذا إذا فقد الآب الابن فقد ألوهيته.

لذلك قال القديس أثناسيوس الرسولي: [إن كان يقال عن الله أنه ينبوع حكمة وحياة كما جاء في سفر أرميا "تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ" (أر2: 13) وأيضًا "كُرْسِيُّ مَجْدٍ مُرْتَفِعٌ مِنَ الاِبْتِدَاءِ هُوَ مَوْضِعُ مَقْدِسِنَا. أَيُّهَا الرَّبُّ رَجَاءُ إِسْرَائِيلَ كُلُّ الَّذِينَ يَتْرُكُونَكَ يَخْزُونَ. الْحَائِدُونَ عَنِّي فِي التُّرَابِ يُكْتَبُونَ لأَنَّهُمْ تَرَكُوا الرَّبَّ يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ" (أر17: 12، 13). وقد كتب في باروخ أنكم قد هجرتم ينبوع الحكمة (باروخ3: 12) وهذا يتضمن أن الحياة والحكمة لم يكونا غريبين عن جوهر الينبوع بل هما خاصة له (خواص له)، ولم يكونا أبدًا غير موجودتين، بل كانا دائمًا موجودين. والآن فإن الابن هو كل هذه الأشياء وهو الذي يقول "أَنَا هُوَ الْحَيَاةُ" (يو14: 6) وأيضًا "أَنَا الْحِكْمَةُ أَسْكُنُ الذَّكَاءَ" (أم8: 12) كيف إذًا لا يكون كافرًا من يقول "كان وقت ما عندما لم يكن الابن فيه موجودًا لأن هذا مثل الذي يقول تمامًا كان هناك وقت كان فيه الينبوع جافًا خاليًا من الحياة والحكمة. ولكن مثل هذا الينبوع لا يكون ينبوعًا، لأن الذي لا يلد من ذاته (أي من نبعه الخاص) لا يكون ينبوعًا] (المقالة الأولى ضد الأريوسية ف6 : 19).(5)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مشكلة البعض هو أنهم يريدون أن يحوّلوا الله إلى حالة صَنَمَّية لا يكون فيها إمكانية أن يكون الآب ينبوع تفيض منه الحكمة وتفيض منه الحياة. هكذا نحن نعرف الله: أن الله الآب هو ينبوع بالولادة للابن وبالانبثاق للروح القدس، فهو الوالد وهو الباثق.

فإذا كان الابن قد استمد وجوده من الآب أزليًا بالولادة، فالآب بدون الابن يفقد كنهه كإله، لأننا إذا جردنا الحكيم من حكمته فكيف يكون حكيمًا بعد؟! إذا كان الآب هو الحكيم فالابن هو الحكمة والروح القدس هو روح الحكمة. فهل يمكن أن نفصل الحكمة عن الحكيم؟! وإذا فقد الحكيم الحكمة هل يدعى حكيمًا؟! الحكيم هو ينبوع الحكمة ولكن الحكيم لا يستطيع أن يكون حكيمًا بغير الحكمة النابعة منه؟! إذن الحكيم هو ينبوع الحكمة، ولكنه بدون الحكمة لا يكون حكيمًا. إذن هو مصدر وجودها، وهي سبب حقيقته وكنهه وقيمته. فإذا قلنا أن الآب أعظم من الابن لأن الابن يولد من الآب أزليًا هنا نخطئ خطاءً كبيرًا، لأن الآب بدون الابن لا يكون آبًا ولا يكون ينبوعًا ولا يكون حكيمًا ولا ولا ولا...

إنه خداع وضعه الأريوسيون: أن الأجينيتوس أي غير المولود أعلى من الجينيتوس أي المولود. لكن رد عليهم القديس أثناسيوس والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات بكثير من البراهين والأدلة المفحمة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(4) Phillip Schaff & Henry Wace, Nicene & Post Nicene Fathers, Vol.VII, Second Series. Hendrickson Publishers June 1995, St Gregory, 3rd Theological Oration, Article III, pp.301,302

(5) P. Schaff & H. Wace, N. & P.N. Fathers, series 2, Vol. IV, Eerdmans Pub. Company, Sept. 1978, St. Athanasius, Four Discourses Against the Arians- Discourse I, point 19.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/anti-christian-questions/son-vs-father.html

تقصير الرابط:
tak.la/6tpfj24