St-Takla.org  >   articles  >   george-kyrillos  >   metacopt-hymnology
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقال الألحان القبطية وأبعادها الخمسة (متاقبط همنولوجي) - م. جورج كيرلس

8- الأبعاد الخمس للحن: ني شيروبيم

 

مقدمة:

موضوعنا في هذا العرض عن اللحن الأسبسمس الواطس المختصر "ني شيروبيم".

وكلمة أسبسمس هي كلمة يونانية وتعنى تحية أو ترحيب أو تقبيل، وكلمة واطس أو فاطس هي كلمة قبطية تعنى عُلِّيقة وتستخدم لتمييز الطريقة المستعملة في ألحان أيام الأربعاء، الخميس، الجمعة والسبت، الأسبسمس الواطس عادة ما يكون لحنًا كبيرًا يستغرق حوالى ست دقائق، وأحيانا ما يكون الوقت لا يسمح بلحن طويل كهذا، ومن الممكن أن يستصعب بعضًا من الشعب مثل هذا اللحن الكبير... ولهذا فإن كنيستنا الحكيمة قد أعدت لنا أسبسمس واطس آخر، ولكنه مختصر، حتى أن زمنه حوالي دقيقة واحدة، كأنه مرد بسيط ممكن أن يسبح به كل الشعب في القداس الإلهي، وهذا المرد إسمه "ني شيروبيم" والإسم الطقسي له "الأسبسمس الواطس المختصر"... والآن قد عرفنا ماذا يعني أسبسمس ومعني واطس ولماذا يوصف بأنه مختصر.

 

نص اللحن
1- البُعد الطقسي للحن
2- البُعد الموسيقي للحن
3- البُعد التاريخي للحن
4- البُعد الروحي للحن
5- البُعد اللاهوتي للحن
تأمل

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أولًا: البُعد الطقسي للحن:

والأسبسمس الواطس المختصر يقال بعد صلاة الصلح التي يبدأها الكاهن بإعطاء السلام للكل، ومصالحة البشر مع الله وتبادل السلام بين المؤمنين، فيبدأ ويقول "يا ألله العظيم الأبدي" وتكون يداه عاريتين مثل آدم حينما طرد عاريا من الفردوس، لكن بعد الصلح يضع الكاهن اللفائف على يديه لأنه أكتسي بالنعمة وصار أهلًا للوقوف أمام الله، وبعد المصالحة تأتى القبلة المقدسة والأسبسمس الآدام، وبعد هذا يأتى الحوار الليتورجي الجميل بين الكاهن وكل الشعب فيما يسمى بـ"مقدمة الأنافورا" أو صلاة الشكر الكبرى، فيبدأ الحوار بقول الكاهن: "الرب مع جميعكم" ويرد الشعب "ومع روحك أيضًا"، ويرجع الكاهن ليقول "إرفعوا قلوبكم" ويرد الشعب بثقة قائلًا:"هي عند الرب"، لأن المصالحة تمت، فيقول الكاهن إذن "فلنشكر الرب" ويرد الشعب: "مستحُق وعادل"، وياخد الكاهن الكلمة من فم الشعب وينسج عليها "مستحق وعادل" ويكررها 3 مرات.

(حوار روحاني ليتورجي جميل يبين ذكاء الكنيسة في أنها تشرك الشعب بعمق في الصلاة، لأنها ليست حفلة، يغني فيها شخص ومعه الفرقة والناس مجتمعون ليسمعوا، لا.... إنما هناك مشاركة وحوار، سؤال وجواب، واستفسار ودعوة للشكر، والذي يقوله الشعب يأخده الكاهن ويردده ويكمل عليه).

وبعد ذلك يبدأ الكاهن مخاطبة الله، الكائن قبل الدهور المالك إلي الأبد الجالس على كرسي مجده المسجود له من جميع القوات المقدسة، فيقوم الشماس بمخاطبة كل الشعب قائلًا: "أيها الجلوس قفوا"!...أليس هذا غريبًا... لأن الكل وقوف، فالكل كان جالسًا أثناء العظة، ولم تمر عليهم دقائق منذ هموا بالوقوف للصلاة، ولكن الكنيسة تريد أن تلفت نظرهم أنهم أمام المسجود له من جميع القوات المقدسة... نعم القوات المقدسة... ويبدأ الكاهن في تأكيد وشرح ذلك بكلام خطير قائلًا: "الذي يقف أمامه: (1) الملائكة، (2) ورؤساء الملائكة، (3) والرئاسات، (4) والسلطات، (5) والكراسي، (6) والربوبيات، (7) والقوات، (لنتأمل عظمة البناء الليتورجى!!)... وبعدها يكمل الشماس قائلًا: "وإلى الشرق انظروا"، ومن العجيب أن الشعب أساسًا ناظر جهة الشرق فعلًا.... فهل هذا تَزَيّد؟... لا... فإن الكنيسة تريد أن تلفت النظر "إلى الشرق انظروا، لأنكم ستنظرون المذبح وجسد ودم عمانوئيل إلهنا موضوعين عليه"، ياللعجب!! الذي يقف أمامه الملائكة ورؤساء الملائكة والرئاسات والسلطات والكراسي والربوبيات والقوات، هذا الإله االعظيم أمامنا هنا على المذبح، الله القدير الساكن في الأعالي معنا؟؟ نعم معنا ألم نسمع الكاهن حين قال: "إنه ساكن في الأعالي!! لكنه ناظر إلي المتواضعات"، نعم هو معنا.. ولنرى ماذا يفعل الشعب؟.. للعجب الشعب شاخص لا ينطق، مبهور واقف في جزع، وهنا يضطر الكاهن أن يوضح أكثر فيخاطب ربنا ويقول له على مسمع من الشعب: " أنت هو الذي يقف حولك الشاروبيم الممتلئون أعينًا، والسارافيم ذوو الستة الأجنحة يسبحون على الدوام بغير سكوت قائلين:.......

وهنا الشعب يفهم: الله!! وكل هذه الطغمات تسبحه، ونحن نظل صامتين؟.. لا... يجب أن نسبح مثلهم، ولكنهم بماذا يسبحون؟ لكى نقول مثلهم، ألم تصالح يا رب السمائيين مع الأرضيين؟ وجعلت الإثنين واحدًا وأكملت التدبير بالجسد؟ إذن اجعلنا نشارك الملائكة والشاروبيم والسارافيم ونسبح مثلهم أو معهم، تخيلوا ماذا يقول الشماس للشعب؟؟ من المنطقى أن يقول لهم: "فلتسبحوا معًا"؟ أو يقول لهم: "فلتسبحوا معهم"؟ لا.. ليس هذا ما يحدث، فنجده يقول لهم: "ننصت"... ننصت؟؟!! كيف نسكت؟؟ أكيد الشماس أخطأ، ولكن ننصت هنا لها معنى رهيب، معناها "فليكف كل إنسان عن الاهتمامات الباطلة، فليرفع كل واحد من الشعب أعين قلبه وعقله إلى الشاروبيم الممتليء أعينا، (والممتلئون أعينًا معناها "الممتلئون فهمًا وعلمًا وإدراكًا")، وليتعلم من السارافيم الذين يسبحون على الدوام بغير فتور قائلين "قدوس قدوس قدوس"، فالشماس كأنه يقول للشعب: فلننصت برهة لنفهم حكاية التسبحة الشاروبيمية هذه لكى نتعلم أن نقول مثلها.

 

ونتعلم من القداس الإلهي تقسيم رتب الملائكة:

1) رؤساء الملائكة (ني أرشي انجيلوس)

2) الملائكة (ني أنجيلوس)

3) الرئاسات (ني أرشي)

4) الشاروبيم أو الكاروبيم (ني شيروبيم)

5) الساروفيم (ني سيرافيم)

6) الكراسى (ني اثرونوس)

7) السلطات (ني أكسوسيا)

8) الربوبيات (ني ميت شويس)

9) القوات.. أو العساكر.. أو الجنود (ني جوم).. (ني ستراتيا).. (صاباؤوت)، وهي كلمة عبرانية.

ونحن وسط كل هؤلاء نقف ونقول: "ني شيروبيم سي أو أوشت أمموك، نيم ني سيرافيم سي تي او ا, ناك"، "الشاروبيم يسجدون لك والسيرافيم يسبحونك صارخين قائلين قدوس قدوس قدوس".

يااه، ما هذا الشرف وهذه البركة، نرتل مع تسعة صفوف وطغمات ملائكية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Mural paintings in Saint Anthony Monastery, Red Sea, dating back to 13th Century A.D. It shows angels with six wings (Cherubs); two to cover their legs, two to cover their faces, and two to fly with. These angels are also full of eyes to indicate their vast knowledge. صورة في موقع الأنبا تكلا: رسومات جدارية بدير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، ويرجع تاريخها للقرن الثالث عشر الميلادى. وفيها يظهر الملائكة بستة أجنحة، بإثنين يغطون أرجلهم وبإثنين يغطون وجوههم ويطيرون بإثنين. وتظهر أيضًا هذه الملائكة مملوءة عيونآ فى كل مكان منها، وهذا يشير إلى معرفتهم الكثيرة. مثلهم مثل الكائنات الأربعة غير المتجسدة.

St-Takla.org Image: Mural paintings in Saint Anthony Monastery, Red Sea, dating back to 13th Century A.D. It shows angels with six wings (Cherubs); two to cover their legs, two to cover their faces, and two to fly with. These angels are also full of eyes to indicate their vast knowledge.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رسومات جدارية بدير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، ويرجع تاريخها للقرن الثالث عشر الميلادى. وفيها يظهر الملائكة بستة أجنحة، بإثنين يغطون أرجلهم وبإثنين يغطون وجوههم ويطيرون بإثنين. وتظهر أيضًا هذه الملائكة مملوءة عيونآ فى كل مكان منها، وهذا يشير إلى معرفتهم الكثيرة. مثلهم مثل الكائنات الأربعة غير المتجسدة.

ثانيًا: البُعد الموسيقي للحن:

بنظرة على اللحن نرى البساطة والوقار معًا، ومن الواضح أن مقام هذا اللحن العظيم هو مقام "صبا"، وهذا المقام مشهور بالحزن، ولكن طوعته الكنيسة في ميلودي قوي ليس فيه أي حزن، بمعنى أن من يعيش في حزن وباله مشغول بهموم العالم، والعالم يملأ قلبه وعقله بالهم، يأتى فقط ليسبح هذه التسبحة الشاروبيمية، وسيجد أن الهم والغم زال وحل محله قبلة السلام ولحن القوات السمائية.

والجميل في مقام الصبا، أنه يبدأ بنغمة وينتهي بنغمة مختلفة جدًا ومتنافرة معها، فهو يبدأ بنغمة ال "ري" وينتهي بنغمة ال "ري بيمول"، بمعني أنه يأخذنا من مكان لينقلنا لمكان آخر وهذا هو الفرق بينه وبين باقي المقامات، فكلها تبدأ بنغمة وتنتهي بنفس النغمة، وهذا يبين أنه حتى المقام ممكن أن يأخذنا من نغمة الحزن التي نعيش فيها، وينقلنا في النهاية لنغمة أخرى مفرحة، نغمة نشارك فيها الشاروبيم والسارافيم، فلو أنك نزلت وذهبت للقداس وأنت متعب ومشاكل العمل والرزق تغرق عقلك، أو إذا كنت طالبًا ومشاكل المذاكرة والامتحانات تشغل تفكيرك، فأهم شيء تعمله بعد دخولك للكنيسة، أن تشترك مع الشمامسة والشعب في المردات، فتقوم الألحان بغسلك من همومك، وعندما يقول الشماس "أيها الجلوس قفوا" وأنت أساسًا واقف!! لا فالمطلوب هو أن توقف دماغك عن التفكير في همومك وشغلك ومذاكرتك وامتحاناتك، وحينما يقول "وإلي الشرق انظروا"، تذكر أن الإله القوي الذي يقف أمامه الملائكة ورؤساء الملائكة والرئاسات والسلاطين والكراسي والأرباب والقوات مرتعبون... موجود أمامك على المذبح، فهذه فرصة ذهبية لا تضيعها، أنظر إليه واستنير ووجهك لن يخزي أبدًا، وحين يقول الشماس "ننصت" أَسكِت دماغك عن الذهاب هنا أو هناك، واسمع ماذا يقول الشاروبيم وقل مثله، ستجد نفسك خارجًا من القداس في منتهي السعادة، لأن الله قد حل بسلامه في قلبك بمجرد أن تسبحه.

← انظر مقالات وكتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: البُعد التاريخي للحن:

من دواعى الفخر أننا مصريون، أن أول كنيسة في العالم قالت التسبحة الشاروبيمية هي كنيسة الإسكندرية، وبالتحديد في القداس المرقسي، وتقول كتب التاريخ الطقسي: "نشَأت هذه التسبحة أولًا في كنيسة مصر، إذ عرفتها قبل غيرها من كنائس المسكونة، ومنها إنتشرت في كل أرجاء العالم المسيحي"، وهذه الكتب تشرح بالتفصيل كيف توصل علماء الليتورجيا إلى هذه النتيجة بالإثباتات والبراهين.

ونلخص من ذلك أن كنيسة مصر أعرق كنيسة في العالم، ياللعجب!!... والكنيسة المصرية هي أول كنيسة استخدمت ليتورجية كاملة كتبها القديس مرقس في الستينات من القرن الأول الميلادى، كما أن مصر كان فيها أول كلية للاهوت، ومصر أيضًا كان فيها أول قسم لتدريس الموسيقى والألحان من القرن الأول الميلادي، ونحن نعرف أن مصر هي أول بلد زارها السيد المسيح وعاش فيها أكثر من ثلاث سنين وتكلم لغتها ودندن وهو طفل بنغمات مقاماتها، ومصر هي التي تعلم فيها موسي النبي في بلاط فرعون الموسيقى بكافة أشكالها الهارمونية والإيقاعية وموسيقى الشعر والبحور والأوزان، ألا يدعو هذا للفخر والإعجاب؟ نعم افتخر إنك مصري، أن والديك مصريان، أن أقربائك مصريون، وأن كاهن كنيستك مصري، مصر هي التي علَّمَت العالم كله، كل العلوم تقريبًا، ومن يقرأ في التاريخ يعرف ما هي مصر، مصر التي أشبعت العالم حينما كانت تحدث المجاعات، ونحن والعالم كله نقرأ ذلك في الكتاب المقدس.

ولتأكيد هذا الكلام نرجع لكلام القديس يوحنا ذهبي الفم، فقد كتب القديس يوحنا ذهبي الفم (377 – 407م) وهو يصف الحياة الكنسية وحياة التسبيح والسهر في مصر في زمن القديس أثناسيوس الرسولي ويقول:

"إذهبوا إلى الكنيسة في مصر، وانظروا إلى الفقراء وهم ساهرون من منتصف الليل حتى الفجر، اذهبوا وانظروا السهاري كيف يضمون الليل إلى النهار، انظروا شعب المسيح كيف لا ينامون الليل، لا يهابون النوم ولا العوز... يتشبهون بيقظة الملائكة حينما يقدمون الإبصلمودية والألحان بلا توقف إلى الخالق، يالمواهب المسيح العجيبة، فالملائكة فوق يسبحون لمجد الله، والمسيحيون على الأرض يداومون السهر مع الخورس يسبحون بنفس التمجيد على طقس الملائكة، الشاروبيم فوق يصرخون قدوس قدوس قدوس في تسبحة القدوسات الثلاثة، ومجمع البشر في الكنيسة على الأرض يقدمون نفس التسبحة، وهكذا تكمل شركة الاجتماع العام بين سكان السماء وسكان الأرض معًا، شكرهم واحد وتمجيدهم واحد وخورس الفرح الساهر واحد على الدوام".

إنه كلام يُشرِح القلب، كلام يطيل العمر، كلام مشجع، كلام يجعلنا نتباهى بمصر وكنيسة مصر وتسابيح مصر وخوارس مصر.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

رابعًا: البُعد الروحي للحن:

وبالرجوع إلى التسبحة الشاروبيمية:

يوجد قول جميل للقديس أمبروسيوس يقول: "نحن معشر البشر لا يمكننا أن نجد ما نمدح به ابن الله أفضل من أن ندعوه قدوسًا، كما تسبحه الملائكة بكل طغماتها".

والقديس ذهبي الفم يقول: "كأن الإنسان قد أُخِذَ إلي السماء عينها يقف بجوار عرش المجد ويطير مع السيرافيم ويترنم بالتسبحة المقدسة قدوس".

والقديس غريغوريوس أسقف نيصص يقول: "إننا نترنم بهذه التسبحة علامة مصالحتنا مع الملائكة وإتحادنا معهم، واتفاقنا معًا بالتسبيح دلالة علي أننا وهم صرنا كنيسة واحدة".

 ولذلك فإن كل طغمات الكنيسة نسميهم ملائكة، فالشمامسة نسميهم ملائكة، والكاهن نسميه ملاك المذبح، والأسقف ملاك الإيبارشية، أى أن كل طغمات الكنيسة يُدْعَون ملائكة لأنهم خدام لله.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خامساُ: البُعد اللاهوتي للحن:

طبعًا هناك الرؤيا المشهورة في الإصحاح السادس من أشعياء النبي التي تتكلم عن السيرافيم لأول مرة في الكتاب المقدس (أش 6: 1 – 3) فتقول: "... رأيت السيد جالسًا على كرسى عال ومرتفع، وأذياله تملأ الهيكل. السارافيم واقفون فوقه، لكل واحد ستة أجنحة، باثنين يغطى وجهه، وباثنين يغطى رجليه، وباثنين يطير. وهذا نادى ذاك وقال: قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملئ كل الأرض".

وكلمة سيرافيم كلمة عبرية معناها "محرقة أو متقدة بالنار" وهي جمع لكلمة "ساراف"، والجميل أن طبقة السيرافيم في الملائكة من الطبقات التي لم يُذكر عنها مطلقًا أن أحد أفرادها سقط، فالشيطان -وهو من جماعة الكاروبيم- سقط وجر معه كثيرين من طغمات كثيرة... فسقط معه من جماعة الكاروبيم ومن الرؤساء ومن القواد ومن السلاطين ومن الأرباب، فالقديس بولس الرسول يقول "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء مع السلاطين.. مع أجناد الشر الروحية في السماويات (أف 6: 12)"، فلم يرد مطلقا سقوط ملاك من طبقة السيرافيم أو من طبقة الكراسى... فالسيرافيم المتقدون بالنار يرمزون إلى الحب الالهى، والسيرافيم عملهم هو تسبيح الله... فيقولون على الدوام "قدوس قدوس قدوس".

كما أن في سفر أشعياء، عندما قال أشعياء النبي "ويل لى! أنى هلكت، لأنى إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عينى قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إلىّ واحد من السيرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومس بها فمى وقال: إن هذه قد مست شفتيك، فانتُزع إثمك، وكُفِّر عن خطيتك". (أش 6: 5 – 7(.

والشاروبيم أو الكاروبيم كلمة عبرية معناها ملئ المعرفة، وهي جمع كلمة "كاروب"، والمعرفة تنفخ كما قال سليمان الحكيم، لذلك فاحتمال سقوط بعض الملائكة منها ممكن، فالشيطان كان من طغمة الكاروبيم وسقط في المجد الباطل والمعرفة الكاذبة، وأول ذكر للكاروبيم في الكتاب المقدس كان في سفر التكوين، لما أقامهم الله على أبواب جنة عدن عندما طرد آدم وحواء منها (تك 3: 34).

وطبعًا نحن نذكر لحن الصعود "أفريك إتفي" المبني على كلام داود النبي حينما يقول في (مز 18: 10) "طأطأ السموات وضباب تحت رجليه، ركب على كروب وطار وهف على أجنحة الرياح"، ولذلك يقال أن الكروب له جناحين، وان له أعين رمز المعرفة، لنتخيل ونحن نرتل هذا اللحن، أننا فعلا نرتله مع طغمات الملائكة مع السيرافيم والشاروبيم، ونقوله بعظمة وافتخار: "ني شيروبيم سي أو أوشت إمموك"، "الشاروبيم يسجدون لك"، "والسارافيم يسبحونك قائلين قدوس"، ونقول: يا رب نحن معهم نقول لك قدوس أجيوس أجيوس.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تأمل

يا إلهي الجالس على كرسي مجده، المسجود له من جميع القوات المقدسة، يا مَن يقف أمامه الملائكة ورؤساء الملائكة والرئاسات والسلطات والكراسي والربوبيات والقوات، ويامن يقف حولك الشاروبيم الممتلئون أعينًا والسارافيم ذوو الستة الأجنحة، يسبحونك على الدوام بغير سكوت قائلين "قدوس قدوس قدوس"، نحن يا رب غير قادرين أن نسبح، لساننا عاجز عن التسبيح كما يستحق حبك، وأرجلنا وركبنا مرتخية، غير قادرة على تنفيذ كلام الشماس "أيها الجلوس قفوا"، نبقى واقفين بأرجلنا ودواخلنا مازالت متربعة كسولة وأعيننا ثقيلة غير قادرة على النظر إلى المشرق ولا إلي المذبح، وحينما يقول الشماس "إلى الشرق إنظروا"، نكون ناظرين إلي الشرق لكنننا لا نراك أمامنا ولا حتى نرى المذبح، لأننا منشغلون بمشاكلنا وهمومنا، وحينما يقول الشماس "ننصت" لا نجد عندنا "أذنان للسمع" لكى نسمع، ونكون غير قادرين على سماع ما يقوله الكاهن، ولا ما تقوله الطغمات السمائية.

يا رب إفتح آذان قلوبنا وأفهامنا، وشدد ركبنا المرتخية داخلنا، وثبت أعيننا نحوك، نحن محتاجون أن ترسل لنا السارافيم لكى يمسك بملقط جمرة من على المذبح الموجود أمامنا ولا نراه، ويمس ويطهر بها شفاهنا، لكى يجعلنا نشتاق أن نرتل مع طغمات الملايكة وننطق ونقول: "قدوس قدوس قدوس رب الصاباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك الأقدس".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/george-kyrillos/metacopt-hymnology/ni-cherubim.html

تقصير الرابط:
tak.la/37bwr5s