St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   28-Al-Khedma-Wal-Khadem-3
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث

2- الآخرون في حياتك

 

صدق ذلك الأديب الذي قال:

ما استحق أن يعيش، من عاش لنفسه فقط.

لذلك فالشخص الروحي، في حياته في المجتمع، يجد لذته في أين يحيا لأجل غيره، متبعًا قول الرب، "تحب قريبك كنفسك" (مت39:22). وهكذا يحب كل أحد من أعماق قلبه..

وتكون محبته للآخرين محبة عملية حسبما قال الرسول "لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (1يو18:3).

هذه المحبة تتميز بالعطاء، وتتميز بالبذل، سواء من الناحية الجسدية، أو الناحية الروحية..

لذلك فإن الشخص الروحي، هو بطبيعته إنسان خادم.

يخدم غيره في كل مجال، لا لأنه مطالب بهذا، وإنما لأن الخدمة جزء من طبيعته، وجزء من كيانه، يشعر فيها بالحب، ويتغذى بها أكثر مما يغذي غيره.

وإذا كانت الخدمة هي من عمل الملائكة (عب14:1). فكم بالأولى البشر..

St-Takla.org Image: Isaiah Visited by a Seraph by Giovanni Battista Tiepolo from Fresco Cycle Depicting Old Testament Scenes, 1726 - "Then one of the seraphim flew to me, having in his hand a live coal which he had taken with the tongs from the altar. And he touched my mouth with it, and said: "Behold, this has touched your lips; Your iniquity is taken away, And your sin purged." (Isaiah 6:6,7). صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة زيارة السارافيم، سيرافيم، ساراف، إلى إشعياء النبي، رسم الفنان جيوفاني باتيستا تايبولو، فريسكو، 1726 - "فطار إلي واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومس بها فمي وقال: «إن هذه قد مست شفتيك، فانتزع إثمك، وكفر عن خطيتك»" (إشعياء 6: 6،7).

St-Takla.org Image: Isaiah Visited by a Seraph by Giovanni Battista Tiepolo from Fresco Cycle Depicting Old Testament Scenes، 1726 - "Then one of the seraphim flew to me، having in his hand a live coal which he had taken with the tongs from the altar. And he touched my mouth with it، and said: "Behold، this has touched your lips; Your iniquity is taken away، And your sin purged." (Isaiah 6:6،7).

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة زيارة السارافيم، سيرافيم، ساراف، إلى إشعياء النبي، رسم الفنان جيوفاني باتيستا تايبولو، فريسكو، 1726 - "فطار إلي واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومس بها فمي وقال: «إن هذه قد مست شفتيك، فانتزع إثمك، وكفر عن خطيتك»" (إشعياء 6: 6،7).

والملائكة حينما يخدمون البشر، إنما يخدمونهم في حب وبذل، وليس عن مجرد واجب أو تكليف. أنظروا إلى السارافيم المخصصين للتسبيح، لما سمعوا من أشعياء أنه نجس الشفتين، طار واحد منهم بسرعة، وأخذ جمرة من على المذبح، وطهر بها شفتي أشعياء (أش6:6).

هوذا السيد المسيح ظهرت محبته للبشر في الخدمة والفداء:

وهكذا ورد عنه في الكتاب "إن ابن الإنسان لم يأت ليُخدم، بل ليَخدم، ويبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مر45:10). وكما قال الرب أيضًا "ليس حب أعظم من هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه" (يو13:15).

ما أجمل أن يكون الإنسان سبب سعادة لكل من حوله:

من هنا كانت المحبة التي تتصف بها الأمومة، والتي تتصف بها الأبوة، كما قال الرب لأورشليم، كم مرة أردت أن أجمع أولادك، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها" (مت33:23). "إن نسيت الأم رضيعها، لا أنساكم" (أش15:49). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). هذا الحب الذي يسعد الغير، بالعطاء والبذل، هو سمة من سمات الروحيين، ولذلك حسنًا قال الرب:

"مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع35:20). ففي العطاء محبة للآخرين، أما الأخذ فكثيرًا ما يحوي اهتمامًا بالذات..

إن المحبة التي تعطي، تظهر فيها أعماق قول الرب "كنت جوعانًا فأطعمتموني.." (مت35:25). وأعماق قول الرسول "الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس" (يع27:1). والعطاء الذي ينبغ من الحب، غير العطاء الذي هو مجرد تنفيذ للوصية، أو هو لكسب المديح أو لأداء الواجب..

هناك وظائف هي موضع محبة للناس، لأنها تعتني بهم:

مثال ذلك الطب والتمريض والخدمة الاجتماعية. وهناك أيضًا الأطباء الروحيون، آباء الاعتراف الذي يحملون أثقال الناس، ويخففون من متاعبهم. وقد يوجد شخص لا يقدم لغيره معونة مادية، ولكنه يقدم أذنًا صاغية تستمع فتريحهم، أو يقدم ابتسامة طيبة أو كلمة تطيب الخاطر، فيحبونه.

بعكس ذلك، الذي يتمركزون حول أنفسهم، ذواتهم هي كل شيء.

ما أصعب من يقول "أنا أو الطوفان" أو الشاعر الذي قال:

إذا مت عطشانًا فلا نزل المطر.

لم يكن موقفًا روحانيًا، ذلك الذي وقفه يونان حينما اغتاظ لخلاص أهل نينوى، وغضب لأن كلمته من جهة عقوبتهم، لم تنفذ، فاعتبر ذلك ضد كرامته!! لذلك عاتبه الله قائلًا له: "هل اغتظت بالصواب" (يون4:4).

أما موسى النبي، فقد ضرب مثلًا عاليًا في محبة الآخرين.

St-Takla.org Image: ‘I haven’t been drinking, Hannah protested. ‘I was pouring out my heart to the Lord in great anguish and sorrow.’ ‘In that case,’ Eli replied, ‘Go in peace! May God answer your prayer.’ Hannah thanked Eli and went away comforted. (1 Samuel 1: 15-18) - "Samuel is born" images set (1 Samuel 1: 1-28): image (10) - 1 Samuel, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأجابت حنة وقالت: «لا يا سيدي. إني امرأة حزينة الروح ولم أشرب خمرا ولا مسكرا، بل أسكب نفسي أمام الرب. لا تحسب أمتك ابنة بليعال، لأني من كثرة كربتي وغيظي قد تكلمت إلى الآن». فأجاب عالي وقال: «اذهبي بسلام، وإله إسرائيل يعطيك سؤلك الذي سألته من لدنه». فقالت: «لتجد جاريتك نعمة في عينيك». ثم مضت المرأة في طريقها وأكلت، ولم يكن وجهها بعد مغيرا" (صموئيل الأول 1: 15-18) - مجموعة "ميلاد صموئيل" (صموئيل الأول 1: 1-28) - صورة (10) - صور سفر صموئيل الأول، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: ‘I haven’t been drinking، Hannah protested. ‘I was pouring out my heart to the Lord in great anguish and sorrow.’ ‘In that case،’ Eli replied، ‘Go in peace! May God answer your prayer.’ Hannah thanked Eli and went away comforted. (1 Samuel 1: 15-18) - "Samuel is born" images set (1 Samuel 1: 1-28): image (10) - 1 Samuel، Bible illustrations by James Padgett (1931-2009)، published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأجابت حنة وقالت: «لا يا سيدي. إني امرأة حزينة الروح ولم أشرب خمرا ولا مسكرا، بل أسكب نفسي أمام الرب. لا تحسب أمتك ابنة بليعال، لأني من كثرة كربتي وغيظي قد تكلمت إلى الآن». فأجاب عالي وقال: «اذهبي بسلام، وإله إسرائيل يعطيك سؤلك الذي سألته من لدنه». فقالت: «لتجد جاريتك نعمة في عينيك». ثم مضت المرأة في طريقها وأكلت، ولم يكن وجهها بعد مغيرا" (صموئيل الأول 1: 15-18) - مجموعة "ميلاد صموئيل" (صموئيل الأول 1: 1-28) - صورة (10) - صور سفر صموئيل الأول، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

وذلك حينما تضرع إلى الرب من أجل الشعب المخطئ قائلًا "والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت" (خر32:32). ويشبه ذلك قول بولس الرسول "فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح، لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد.." (رو3:9).

فكلا الاثنين فضل أن يحرم هو نفسه من الرب -أي يفقد أبديته- من أجل إنقاذ الآخرين.. وهذا أمر عجيب، مثالي في الحب، وإن كان من جهة التنفيذ غير ممكن..

فلا أقل من جهة الحب – أن تصلي من أجل الآخرين.

ولهذا هناك أناس يجعلون الآخرين عنصرًا بارزًا في صلواتهم. والكنيسة في صلواتها الطقسية لا تترك أحدًا لا تصلي من أجله، بل تصلي حتى من أجل الحيوان والطبيعة.

والسيد الرب أعطانا تعليمًا جميلًا في الصلاة من أجل الآخرين، حينما وضع لنا الصلاة الربية، وفيها تكلم الله بأسلوب الجمع -لا بأسلوب الفرد- مدمجين حاجيات الآخرين معنا. وكذلك نصلي قانون الإيمان:

وتعلمنا المسيحية أننا جميعًا أعضاء في جسد واحد..

إن تألم عضو، تتألم معه بقية الأعضاء (1كو26:12). ويقول لنا الرسول "فرحًا مع الفرحين، وبكاء مع الباكين" (يو15:12).

فماذا فعلنا نحن من أجل الآخرين، أيًا كانوا؟

إننا نحب الذي يحبوننا، ولكن السيد المسيح يقول لنا "إن سلمتم على الذي يسلمون عليكم، فأي أجر لكم؟! الخطاة أيضًا يفعلون هكذا" (مت46:5، 47). إذن علينا واجب حيال الخطاة والمسيئين أيضًا.. حيال من يسخرنا ميلًا. أو من يخاصمنا ويريد أن يأخذ الثوب، أو من يلعن أو من يسيء..

الإنسان الروحي لا يبني راحته على تعب الآخرين. بل يتعب دائمًا لكي يريح غيره، هو شمعه تذوب لكي يستضيء الناس بها، الذي يضعهم في قمة اهتمامه..

الرجل الروحي يعمل كل جهده لكي يبني الآخرين.. لا يبحث من فيهم مستحق، ومن هو غير مستحق إنما يفكر من فيهم محتاج، وكيف يبذل كل جهده حتى لا يدع أحدًا محتاجًا إلى شيء حين يكون بإمكانه أن يعطيه إياه..

وتربطه بجميع الناس رابطة قوية من حسن المعاملة. في جو من المجاملة ومن التفاهم، ومن الروح الواحد، مراعيًا قول الرسول، الذي نردده في صلاة باكر "أسألكم أنا الأسير في الرب، أن تسلكوا كما يليق بالدعوة التي دعيتم إليها، بكل تواضع القلب، والوداعة، وطول الأناة، محتملين بعضكم بعضًا في المحبة، مسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل، لكي تكونوا.. روحًا واحدًا (أف4).

إن الابن الأكبر، لم يضع أخاه الراجع في اعتباره، لم يفرح لفرحه، ولم يشترك في الوليمة التي صنعت لأجله، بل ركز اهتمامه في نفسه وما ينبغي أن يعطي له من أبيه.

أما نحن فلننكر ذواتنا، لكي نحب الآخرين.. ونسعدهم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/28-Al-Khedma-Wal-Khadem-3/Spiritual-Ministry-and-Minister-III-02-Others.html

تقصير الرابط:
tak.la/4xj4mxx