St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-020-Father-Tadros-Yaacoub-Malaty  >   007-Short-Stories
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب قصص قصيرة (مع مجموعة من القصص الطويلة) - القمص تادرس يعقوب ملطي

561- قصة: أخطأت سامحني

 

مارينا المخادع

خرج رئيس الدير علي صوت بعض الزائرين الذين جاءوا يطلبون مقابلته. استقبل الرئيس زائريه، وإذا هم كانوا ثائرين جدًا علي جميع الرهبان.

حاول أن يستوضح أمرهم، فصرخ أحدهم قائلًا: "نريد أن نري مارينا، أين هو؟"

حاول الرئيس أن يهدئ من روعهم، لكن بغير جدوى، إذ كانت ثورتهم شديدة، وضيقة نفسهم مرة. قال أحدهم:

"أريد أن أري مارينا، ذاك المجرم الزاني، الذي جاء ليبيت منذ شهور في فندقي، فانتهك حرمتي وأفسد عفة ابنتي.

يبيت عندي ليصنع هذا الشر؟!

هل هذا هو جزاء قبولنا الرهبان في فنادقنا؟!

هل هذه هي تعاليم مسيحيتكم وآداب رهبنتكم؟!"

تأثر الرئيس بهذا الكلام جدًا، إذ صعق عند سماعه هذا الخبر، صار في حيرة ولم يدرِ ماذا يفعل.

إنه لم يصدق قط أن مارينا الراهب الوديع الهادئ، رجل الصوم والنسك، الخادم للجميع، الذي يشهد الكل بقداسته رغم صغر سنه يرتكب هذا الفعل. لكن في هدوء خارجي، يخفي ورائه ثورة عنيفة وحيرة شديدة، قال متسائلًا:

St-Takla.org Image: The new icon of Saint Marina (Marin) the Monk in Cyprus. Photo courtesy of the Maronite Bishopric of Cyprus Sacred Art Atelier, Nicosia, Cyprus, February 2000. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة مارينا الراهب، أيقونة حديثة في قبرص. الصورة من أتيليه الفن المقدس في الأسقفية المارونية في قبرص.

St-Takla.org Image: The new icon of Saint Marina (Marin) the Monk in Cyprus. Photo courtesy of the Maronite Bishopric of Cyprus Sacred Art Atelier, Nicosia, Cyprus, February 2000.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة مارينا الراهب، أيقونة حديثة في قبرص. الصورة من أتيليه الفن المقدس في الأسقفية المارونية في قبرص.

"ماذا تقول يا أخي؟!

مارينا ينتهك حرمتك، ويفسد عفة ابنتك؟!

هل أنت متأكد مما تقول؟"

ثار الرجل جدًا وقال:

أتكذبني؟! هذا شاهد عملي لما أقول.

هوذا ثمرة عمل ذاك الذي يدعي راهبًا.

إن ابنتي حامل، وقد اعترفت بكل ما حدث.

إنه ذئب! لكنه متخفي في زي حمل!

إنه مخادع!

لكنني سأعرف كيف أنزع عنه ثوبه، وأظهر حقيقة أمره!

سأشهر به وأنتقم لشرفي منه.

سأريه مادمتم لا تعرفون كيف تؤدبون رهبانكم".

شعر الرئيس بضيقة نفس الرجل، خاصة وأن مارينا فعلًا كان قد نزل مع ثلاثة رهبان منذ عدة أشهر في فندق الرجل لقضاء بعض حاجات الدير.

هدأ الرئيس الرجل قائلًا:

 "لا تخف يا أخي. فإننا لن نترك بيننا إنسانًا يصنع مثل هذا الفعل!

سنعرفه كيف يحفظ نفسه ويحترم الآخرين.

ستري بعينيك... إننا سنطرده حتى يتوب عما فعل".

وبعد مناقشات كثيرة هدأ الرجل قليلًا ثم عاد يقول:

"إن كان الأمر هكذا، فإننا نترك له ثمرة فعله...

سنحضر له المولود...

هو المسئول عن تربيته والإنفاق عليه.

سنترك لكم أمر تأديبه، لكننا نريد أن نري هذا المخادع لنوبخه علي ما فعل".

أرسل إليه راهبًا يستدعيه، فجاء مارينا وسمع الخبر. وللحال تدفقت الدموع من عينيه وهو يصيح:

"سامحوني يا أخوتي...

أخطأت، سامحوني...

سآخذ الطفل، وأنا مسئول عن تربيته...

سأعمل وأجاهد...

إنني أخطأت...

سامحوني".

 وبدأ الرجال كل بكلمته يوبخه... ثم تركوه غارقًا في دموعه وخرجوا والرئيس يعتذر لهم عما حدث.

← ترجمة القصة بالإنجليزية هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت: I've Sinned, Forgive me.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

طرد مارينا

 ضُرب الناقوس، واجتمع الآباء الرهبان حيث وجدوا الرئيس وقد ظهرت علامات الضيق علي وجهه، بينما يقف أمامه مارينا في بكاء شديد.

St-Takla.org Image: Saint Marina the 'Monk' صورة في موقع الأنبا تكلا: الناسكة القديسة مارينا الراهب

 لم يستطع أحد أن يسأل عن الأمر. وإذ أكتمل مجيء الآباء الرهبان، بدأ يوجه الرئيس حديثه لهم قائلًا:

"آبائي وأخوتي المحبوبين.

 إنني لست أعلم بماذا أكلمكم اليوم فإننا في عارٍ عظيمٍ!

 راهب، راهب كنت أظنه بارًا وعفيفًا... مارينا هذا الذي كنا نثق فيه فأرسلناه إلى البلدة منذ عدة أشهر ليقضي بعض حاجات الدير، ويا للأسف صنع شرًا عظيمًا.

 لقد أهلك نفسه، وأفسد سمعتنا، وشوه صورة السيد المسيح أمام العالم.

 لقد أفسد عفة ابنة صاحب الفندق، وها هو اليوم يعترف بما ارتكب.

 لهذا وإن كنا نحبه لأنه أخونا، لكن لابد للدير من تأديبه، ليعرف مرارة الإثم الذي ارتكبه، ويجني مما قد زرعته يداه.

 سيكون أيضًا مثلًا وعبرة لكل من يرتكب فعلًا كهذا.

 ولكن لا أعرف بماذا نؤدبه؟!

سنلقي عليه بعض القوانين ونطرده من الدير ومعه طفله الذي سيحضره أهل الفتاة.

وسيبقي هكذا حتى يتوب ويرجع. ونتحقق من صدق توبته!

عندئذ انحني مارينا وصنع مطانية metanoia، وقد بلل الأرض بدموعه وهو يقول:

"آبائي الرهبان.

سامحوني يا آبائي، فإنني أخطأت.

أخطأت في حق ربي وحقكم وحق نفسي.

سامحوني... فإني صغير والشيطان قد لعب بي، وإن كنت بلا عذر.

أنتم قديسون ولا أستحق أن أوجد بينكم.

اطردوني من بينكم، لأنني خميرة فاسدة.

لكن صلوا من أجلي فإني ضعيف.

آزروني بصلواتكم حتى لا يفترسني العدو.

سامحوني، فإنني لست مستحقًا أن أدعي راهبًا".

عندئذ لم يستطع مارينا أن يكمل حديثه، لكنه عاد يجول بفكره في خطايا صباه وهو يقول:

"مارينا... مارينا.

 انظري يا نفسي كم من خطايا قد صنعتي في أيام الصبي.

 كم من شرور قد أخفيتِ... وها أنتِ اليوم تنفضحين.

 لأنفضح اليوم ولا أفضح هناك.

St-Takla.org Image: Saint Marina the 'Monk' صورة في موقع الأنبا تكلا: الناسكة القديسة مارينا الراهب

 لا تثوري من أجل ما قد حدث، بل من أجل خطاياكِ!

ربي، ها أنا بين يديك. أدبني وجربنى ونقِ كليتاي!"

 وإذ هو غارق في تفكيره سادت الدهشة بين الرهبان.

قال أحدهم، "لو لم يعترف بنفسه ما كنت أصدق قط".

قال آخر: "إن كان هذا قد حدث مع راهبٍ وديعٍ هكذا، مشهود له من الجميع، فماذا يحدث مع غيره؟!"

 قال ثالث: "حقًا يا لشيطان الرياء، لقد خدعنا بمظهره وشكليات عبادته وهو شرير هكذا".

وفي وسط تلك الكلمات والهمسات الكثيرة، بدأ البعض يلقي بكلمات جارحة، أما هو فلم يفتح فاه!

لم يبالِ مارينا بما كان يدور حوله، بل كان يردد كثيرًا: "سامحوني يا أخوتي، صلوا من أجلي، فإني لست مستحقًا أن أوجد بينكم".

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وفي وسط هذا الجو العاصف، كانت تخرج تنهدات الكثير من الآباء الرهبان. فكان منهم من يقول: "يا رب احفظ نفسه لئلا تهلك من شيطان اليأس".

وتنهد ثان قائلًا: "احفظ يا رب أولادك، فإن العدو يسهر مريدًا أن يفترس كل واحد..."

وصلى ثالث قائلًا: "يا رب أغفر لي وله، فنحن كلنا خطاة!"

وتقدم رابع ومعه بعض الرهبان الشيوخ وقال للرئيس في حضرة الرهبان:

"يا أبي... لماذا نتسرع، فإن مارينا هو ابننا.

من منا بلا خطية!

يا أخوتي، الحرب قائمة... وقائمة ضدنا نحن جميعًا.

من لا يحاربه شيطان الشهوة، يحاربه شيطان الكبرياء.

وإن لم ينهزم من الكبرياء، يهاجمه شيطان الخمول والكسل.

ومن لا يغلبه الكسل، يصارعه شيطان الشره!

أخوتي... أخوكم هذا محتاج إلى صلواتكم، صلوا من أجله ومن أجلي".

صرف الرئيس الآباء الرهبان بعد ما صلوا ألا يدخلهم الرب في تجربة. ولكن الدهشة كانت تسيطر عليهم، وكلمات التعيير والاستهزاء تخرج من أفواه بعضهم.

فرض الرئيس علي مارينا قانونًا صارمًا، ثم طرده من الدير، وتركه علي باب الدير باكيًا.

بقي علي هذا الحال عدة شهور حتى جاء الرجال وأعطوه الطفل. وطُرد مارينا وطفله من الدير، ولم يرد الكثيرون أن يروا وجهه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

اجتهد مارينا

حمل طفله وبعض الأمتعة الضرورية، حاملًا تعييرات الكثيرين، ولكن بغير مبالاة بما يقوله الآخرون عنه. خرج والدموع تسيل من عينيه وهو يقول:

"اجتهد يا مارينا، فقد صار لك ابن.

اجتهد يا مارينا، فإن هذا كله لأجل نفعك وبنيانك الروحي.

اجتهد، فإنك كنت مسئولًا عن نفسك، واليوم أنت مسئول عن طفلك أيضًا.

اجتهد، فإن لك رهبان قديسون يصلون عنك".

خرج من الدير، وقد أُغلق الباب في وجهه، عندئذ وجد رجليه قد ثقلتا ولم تعودا قادرتين علي المشي. ركع عند الباب المغلق، وضم يديه وصار يصلي:

St-Takla.org Image: Saint Marina the 'Monk' صورة في موقع الأنبا تكلا: الناسكة القديسة مارينا الراهب

"أبي يسوع.

أيها المصلوب من أجلي.

لقد احتملت تعييرات معيريك بغير تذمر مع أنك بار وقدوس وقادر علي بكمهم!

أما أنا يا سيدي فماذا أقول عن خطاياي الكثيرة.

إني مستحق لتعييرات كثيرة!

ربي، اسمح لي أن أقبل التعيير حبًا فيك. فكما طُردت أنت ومُت من أجلي، أتوق أنا أيضًا أن أكون علي مثالك شريكًا لك في طردك، ليس لي أين أسند رأسي!

أبي، إني لست مستحقًا أن أكون من بين قديسيك، فإنني أخطأت.

أغفر لي بحق دمك المبذول عني، ولا تحرمني أن يكون لي نصيب معهم في الملكوت!"

قام مارينا يقَّبل باب الدير ويودعه قائلًا: "هل يمكن لي أن أعود مرة أخري لأعيش خادمًا لهؤلاء القديسين؟!"

حمل طفله وأمتعته وخرج لا يملك غير القليل من الخبز الجاف واللبن لإرضاع الطفل.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مرت الساعات الأولي من طرده وكأنها سنوات طويلة، لا يدري ماذا يفعل. كان في حيرة ليس من أجل نفسه، لكن لأجل هذا الطفل. من أين له باللبن؟ وأين يبيت به في الصحراء؟! لم يعرف ماذا يفعل؟ إنما عرف أمرًا واحدًا. أن إلهه صانع خيرات، يسمح بكل هذا لأجل بنيانه وخير الطفل.

سار في الطريق، حتى التقى بأحد الرعاة، فسلم عليه. تعجب الراعي من هذا المنظر، فقال في نفسه: "من هذا الرجل؟ وماذا أتي به إلى هنا ومعه هذا الرضيع؟"

سأله عن خبره وعمله، فأجابه قائلًا:

"يا أخي إنني إنسان غريب، ومعي هذا الطفل الرضيع وليس لي عمل.

كل ما أريده هو أن أعمل بكل طاقتي لأجل خبز يومي وإطعام هذا الرضيع وبياتنا بالليل".

شعر الراعي بجاذبية عجيبة نحو هذا الإنسان فأحبه من أول لقاء معه، وقال له:

"يا أخي أري علامات الوداعة مرتسمة علي وجهك.

خرافي هي خرافك، وخيمتي هي خيمتك، وكل ما هو فهو لك".

شكره مارينا علي هذا الشعور النبيل، وبدأ يعمل مع الراعي في رعاية الغنم.

لم يكل مارينا من العمل، بل كان يخرج في الصباح المبكر يحمل طفله الصغير مرددًا مزاميره، محتملًا البرد القارس والحر الشديد بغير تذمر أو تأوه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

طفل في الصحراء

مرت الأيام الأولي علي مارينا وهو في حيرة، لكن مع سلام خفي وفرح لا يُنطق به. كان يري الصحراء فردوسًا جميلًا، خُلق من أجله، ينطلق فيه مع طفله يناجي ربه. يغني مزاميره، ويرتل تسابيحه، ويتأمل محبة خالقه له. أما عن طفله، فإذ لم يكن له خبرة في تربية الأطفال، ولا من يعينه في حمله أو تربيته كان كثيرًا ما يحمل طفله علي يديه ويقف رافعًا أنظاره نحو السماء مصليًا:

"أبي الذي أحبني، وأنا أيضًا أحبه.

أقبل مني ابني هذا تقدمة مباركة لك.

عده لينال حميم الميلاد الثاني، ولتحفظه محصنًا في محبتك، هب له أن يعرفك ويحبك.

لتكن أنت تهليل نفسه، وفرح قلبه!

لتكن أنت أكله وشربه!

St-Takla.org Image: Saint Marina the 'Monk' صورة في موقع الأنبا تكلا: الناسكة القديسة مارينا الراهب

لتكن أنت راعيه وقائده وحافظ قلبه!

يا حامل المسكونة بقدرتك، هبه أن يحمل ذكرك علي الدوام في قلبه، ولتسكر نفسه بحلاوة محبتك!

يا من نقشت اسمه بالجراحات علي كفك، أجعله يطلبك في داخله، ولينشغل فكره بك علي الدوام!

يا نور الأنوار الحقيقي، أضيء قلبه ببهاء أسرارك!

لتكن أنت شمسه ونهاره، وبنورك يعاين النور!

أخلط نومه بحبك، حتى تهرب شياطين الكسل منه!

ابسط فراشه بعجائب أسرارك، حتى تبتهج نفسه بك، وتفوح رائحة الحياة من قلبه.

لتكن أنت بيته ومسكن راحته، حتى يدخل إليك في كل حين ويستتر!

هب له أن ينال حميم العماد ويصير هيكلًا للروح القدس!

أيها الحب الإلهي احتضنه!

أيها الراعي الصالح احمله بين منكبيك!"

وهكذا كان مارينا يرفع قلبه دائمًا من أجل ابنه الذي سرعان ما قدمه للعماد وصار إشبينًا له.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عودة إلى الدير

بقي مارينا وابنه خارج الدير في جهاد. كان مارينا يعمل مجاهدًا طول النهار ويسهر أغلب الليل في الصلوات والتسابيح والتأمل في الإلهيات. وبعد ثلاث سنوات من طرده، عاد مارينا إلى الدير حيث قبله الرئيس. لكن سرعان ما ذاع الخبر وانتشر بين الرهبان.

خرج بعض الرهبان ثائرين من أجل ذاك الراهب الزاني الذي أساء إلى سمعتهم في البلدة، حتى صار خبره موضوع حديث كل أهل البلدة، ولم يستطع أحد من الرهبان أن يبيت في أي مكانٍ عامٍ.

سمع مارينا الكثير من كلمات التعيير في صبر عجيب!

عاش هو وابنه بين الرهبان، وقد نشأ الابن محبًا لله، إذ تشرب روح العبادة من أبيه. وقد قبله الرئيس راهبًا في الدير. عاش الابن في حياة القداسة، إذ كثيرًا ما كان يجلس مع أبيه، ليتحادثا في عجائب الله ومحبته. حتى أنهما كانا ينسيان نفسيهما الليالي الكثيرة.

أطلع مارينا ابنه الشاب حقيقة الأمر، مهيئًا إياه احتمال التعيير أو التبكيت بغير تذمر، رافعًا قلبه إلى السماويات، معلمًا إياه حب الله للجميع بغير محاباة، وعدم الانشغال بمديح الناس أو ذمهم.

أينما تلاقيا مع الرهبان كان حديثهما يدور حول عمل الثالوث القدوس، يناجيان الحب الإلهي وينصتان إلى صوته.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مات الشاب وبقي مارينا وحيدًا. لكنه لم يكن وحيدًا، إذ كان يشعر بصديقه الأقرب إلى نفسه من نفسه ذاتها إلا وهو ربنا "يسوع"! كان يصلي لأجل ابنه بدموعٍ ويطلب صلوات ابنه عنه.

وبعد ما مكث في الدير أربعين عامًا منذ دخوله بعد الطرد، إذ به يمرض مرضًا شديدًا، وسرعان ما انتقل من هذه الحياة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ضُرب الناقوس واجتمع الآباء الرهبان وسمعوا خبر موته. لكن ألسنة البعض لم تكف عن الاستهزاء والتعيير حتى بعد موته. كثيرون كانوا يقولون:

"لقد مات ذاك الرجل الزاني.

ماذا انتفع بفجوره وشهوات قلبه؟!

تعذب وأساء إلينا نحن جميعًا!"

وكان البعض يردد:

"لننسى نحن اسمه، لأنه أهاننا إهانة هذا قدرها!"

أما البعض الآخر، فكانوا يرفعون قلوبهم نحو السماء، لكي يقبل الله توبته ويعطيه نياحًا في أحضان القديسين.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أُعدت الكنيسة للصلاة علي جسده، ودخل بعض الرهبان، ومعهم الرئيس إلى قلايته لكي يغسلوا جسده. كانت العادة في انتقال أحد الشيوخ - الكبار في السن - أن يجري الكل يلتمس البركة من جسده البتول الطاهر. أما هذا الرجل الشيخ مارينا فلم يكن أحد يهتم بهذا الأمر.

خلع أحد الرهبان ثيابه لغسل جسده، وإذ به للحال يلقي الملابس علي الجسد ويصرخ: "أخطأت.... سامحني!".

اندهش الواقفون وبدأوا يسألونه عن سبب صراخه وبكائه. وإذ به في وسط نحيبه يقول: "إنها امرأة... إنها امرأة... لقد أخطأنا في حقها".

ارتمي الرئيس علي الأرض، وبدأ يقبل قدميها طالبًا العفو منها قائلًا: "أخطأت سامحيني..."

خرجت التنهدات والصرخات... إنها راهبة!... إنها قديسة!

اختلطت دموع الحزن والندم مع دموع الفرح والتهليل.

تدفقت دموع الحزن من عيون أولئك الذين كانوا يهينونها ويضربونها ويقذفونها بالكلمات الجارحة. وهي في هذا كله كانت تقول: "أخطأت... سامحني".

فاضت دموع الفرح والتهليل من عيون أولئك الذين شعروا بعظم احتمالها وصبرها وطول أناتها في الرب يسوع.

انتشر الخبر سريعًا وبلغ إلى المدينة، التي ارتجت كلها وخرجت تطلب بركة من تلك التي اتهموها ظلمًا. كانوا يقبلون قبرها قائلين: "أخطأنا... سامحينا!"


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-020-Father-Tadros-Yaacoub-Malaty/007-Short-Stories/Short-Stories-0561-Sorry.html

تقصير الرابط:
tak.la/hdysbs3