St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   wisdom
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   wisdom

تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

حكمة سليمان 1 - تفسير سفر الحكمة

 

* تأملات في كتاب حكمة:
تفسير سفر الحكمة: مقدمة سفر الحكمة | حكمة سليمان 1 | حكمة سليمان 2 | حكمة سليمان 3 | حكمة سليمان 4 | حكمة سليمان 5 | حكمة سليمان 6 | حكمة سليمان 7 | حكمة سليمان 8 | حكمة سليمان 9 | حكمة سليمان 10 | حكمة سليمان 11 | حكمة سليمان 12 | حكمة سليمان 13 | حكمة سليمان 14 | حكمة سليمان 15 | حكمة سليمان 16 | حكمة سليمان 17 | حكمة سليمان 18 | حكمة سليمان 19

نص سفر الحكمة: الحكمة 1 | الحكمة 2 | الحكمة 3 | الحكمة 4 | الحكمة 5 | الحكمة 6 | الحكمة 7 | الحكمة 8 | الحكمة 9 | الحكمة 10 | الحكمة 11 | الحكمة 12 | الحكمة 13 | الحكمة 14 | الحكمة 15 | الحكمة 16 | الحكمة 17 | الحكمة 18 | الحكمة 19 | حكمة سليمان كامل

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

الله يكره النفاق

 

نلاحظ في الأصحاحات الخمس الأولى من هذا السفر أنه يناقش فكرة مكافأة الأبرار ومصير الأشرار، ويظهر من خلالها أهمية الحكمة في خلاص الأبرار، وفقدان الأشرار للحكمة.

 

(1) مَنْ يتمتع بالله (ع1-5)

(2) الله عالِم بكل شيء (ع6-8)

(3) خطورة النفاق (ع9-11)

(4) الموت للأشرار والخلود للأبرار (ع12-16)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(1) مَنْ يتمتع بالله (ع1-5):

1 أَحِبُّوا الْعَدْلَ، يَا قُضَاةَ الأَرْضِ، وَاعْتَقِدُوا فِي الرَّبِّ خَيْرًا، وَالْتَمِسُوهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. 2 فَإِنَّمَا يَجِدُهُ الَّذِينَ لاَ يُجَرِّبُونَهُ، وَيَتَجَلَّى لِلَّذِينَ لاَ يَكْفُرُونَ بِهِ. 3 لأَنَّ الأَفْكَارَ الزَّائِغَةَ تُقْصِي مِنَ اللهِ، وَاخْتِبَارَ قُدْرَتِهِ يُثَقِّفُ الْجُهَّالَ. 4 إِنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ، وَلاَ تَحِلُّ فِي الْجَسَدِ الْمُسْتَرَقِّ لِلْخَطِيَّةِ، 5 لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ.

 

ع1: اعتقدوا: فكروا.

"أحبوا العدل يا قضاة الأرض":

  1. قضاة الأرض هم الشيوخ والمسئولون، والقضاة في المحاكم، وكل أب، وكل أم، وكل مسئول في أي مكان، وكل كاهن، وكل خادم، وكل من يرعى غيره.

  2. هذه الآية تعلن أمرًا إلهيًا، وهو محبة العدل. والعدل هو الحق والبر. والمقصود أن يحب الناس، العدل، فيحيوا به، ثم يعلنوه لمن حولهم، فيكونون قدوة لغيرهم، ثم صوت الله يسمعه الآخرون، وأخيرًا يفصلون في المشاكل والأمور المختلفة.

"واعتقدوا في الرب خيرًا"

  1. يأمر السفر أيضًا أن نفكر بالخير في الله؛ لأن الله هو صانع الخيرات، ويتنافر مع الشر، فهو مصدر كل خير على الأرض.

  2. إن رأى الإنسان أمرًا لا يفهمه من تصرفات الله، فلا يندفع، ويحكم - بإيعاز من الشيطان - أن الله ظالم؛ لأن طبيعة الله الخير، أما الشر، فهو طبيعة الشيطان. فالتجارب الصعبة قد يظن الإنسان فيها أن الله لا يحبه، مع أنه بحكمة يسمح بها لخيره، كما يستخدم الطبيب الدواء المر لعلاج المرضى، فينالون الشفاء.

"والتمسوه بقلب سليم"

  1. الأمر الثالث في هذه الآية هو أن يلتمس، أو يطلب الإنسان الله في كل احتياجاته ويلح عليه؛ لأنه لا يوجد من يحبه مثل الله، وفى نفس الوقت هو قادر على كل شيء، فيستطيع أن يحقق له مطالبه، ويوفى احتياجاته.

  2. الطلب من الله ينبغى أن يكون بقلب سليم، أي نقى، ليس فيه شر، مثل الكبرياء، أو الإساءة للآخرين، فيكون بقلب يحب الله، ويحب الناس، ويتضع أمام الله، فينال بركاته.

 

ع2: الله يود أن يظهر نفسه لأولاده الذين يبحثون عنه، ويؤمنون به، ويطردون عنهم كل أفكار الشك، فلا يجربونه، فيستطيعون أن يجدوه، أي يلمسون عمله في حياتهم، ويشعرون بوجوده معهم، فيتمتعون بعشرته؛ لأن الذين يجربونه يفقدون إحساسهم به، ويحرمون من خيراته، كما فعل بنو إسرائيل في برية سيناء، فلم يدخلوا أرض كنعان (عد14: 22، 23).

الله يفرح أن يكشف نفسه، ويتجلى بوضوح لأولاده الذين لا يرفضونه بالتذمر، والابتعاد عنه، والتعلق بالآلهة الأخرى، مثل المال، والشهرة، والمركز ... فلا يكفرون به، بل يتمسكون به؛ حتى في الضيقات، فيتجلى بوضوح أكبر في عمق الضيقة، كما ظهر للثلاث فتية في أتون النار، وليعقوب أب الآباء الذي صارعه، فنال البركة (تك32: 24-28).

 

ع3: تقصى: تُبعد.

الأفكار الزائغة هي الأفكار الغريبة، المملوءة مكرًا وخداعًا، وهي أفكار إبليس، التي يدسها للبشر، فتبعدهم عن الله. هو يعرض أفكاره على الناس، ولا يجبرهم عليها، ولكنه بإغراءاته يجذبهم إلى أفكاره، فيعتقدون أنها أفكارهم، وينشغلون بها، وبالعالم، ويتركون الله.

وعلى العكس، فاختبار قدرة الله ضابط الكل*، وذلك من خلال التمسك بوصاياه، والرجوع إليه بالتوبة يجعل الجهال مثقفين الثقافة الروحية، فيعرفون الله، ويسلكون باستقامة، كما تكبر نبوخذنصر ملك بابل، فعاقبه الله ضابط الكل بسبع سنوات عاش فيها كالحيوان (دا3: 25). وهكذا نرى أن الله ضابط الكل استخدم التأديب مع نبوخذنصر، فأعطاه ثقافة روحية وأخرجه من جهله وهو الكبرياء، فرجع إلى الله.

 

ع4: تلج: تدخل.

المسترق: المستعبد.

تتكلم هذه الآية عن الحكمة كشخص؛ لأن الحكمة هي الله الأقنوم الثاني، فالحكمة لا تدخل النفس التي تسعى في الشر، وتسلك مثل إبليس بالخداع والمكر، والمقصود بالنفس هنا الروح التي تسلك باعوجاج، ولا تسير بوصايا الله المستقيمة، وبالتالي لن تتمتع بحلول الله داخلها، ولا ببركاته من حكمة وفهم سليم.

أيضًا الحكمة لا تقبل أن تحل في إنسان أسلم جسده للشهوات الشريرة، وصار عبدًا للخطية؛ لأن الإنسان ينبغى أن يكون نقيًا؛ روحًا وجسدًا؛ حتى يحل الله فيه، وقد أعلن المسيح في العهد الجديد: "وقال طوبى لأنقياء القلب؛ لأنهم يعاينون الله" (مت5: 8).

 

ع5: السفيهة: التافهة والطائشة.

روح التأديب القدوس هو الروح القدس، الذي يهرب، أى يتنافر ويبتعد عن الغش، أي عن كل إنسان يسلك بالخداع والغش؛ لأن الإنسان الذي يسلك بالغش هو متباعد عن الله، ورافض له، وبالتالي لا يعمل فيه روح الله.

وإذا وجد روح الله إنسانًا يفكر في أفكار العالم التافهة، والطائشة، لا يعمل فيه أيضًا؛ لأنه منغمس في العالم، ولا يريد أن يحيا مع الله.

وإذا وجد روح الله الإنسان يعمل الإثم والخطية، فيتوقف عمله أمام الشر، أي لا يعمل فيه روح الله؛ لأن الإنسان قد اختار الخطية والإثم بدلًا من الخضوع لله.

ولذا فالعهد الجديد يحذرنا من رفض عمل الروح القدس فيقول: "لا تطفئوا الروح" (1 تس5: 19)، وأيضًا "لا تحزنوا الروح" (أف4: 30).

إن روح الله يريد أن يعمل فيك، وهو يحترم حرية إرادتك، هو يقرع على باب قلبك، فافتح له؛ لأنه إن لم تفتح له، فلن يدخل. وإذا سلكت في الشر بإصرار، فأنت تبعد الله عنك، وتسلم نفسك لإبليس. إن سقطت في الخطية فتب سريعًا، واطلب معونة الله، فيعمل فيك بروحه القدوس، وينقذك من كل ما سقطت.

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(2) الله عالِم بكل شيء (ع6-8):

6 إِنَّ رُوحَ الْحِكْمَةِ مُحِبٌّ لِلإِنْسَانِ؛ فَلاَ يُبَرِّئُ الْمُجَدِّفَ مِمَّا نَطَقَ، لأَنَّ اللهَ نَاظِرٌ لِكُلْيَتَيْهِ وَرَقِيبٌ لِقَلْبِهِ لاَ يَغْفُلُ وَسَامِعٌ لِفَمِهِ. 7 لأَنَّ رُوحَ الرَّبِّ مَلأَ الْمَسْكُونَةَ، وَوَاسِعَ الْكُلِّ عِنْدَهُ عِلْمُ كُلِّ كَلِمَةٍ.8 فَلِذلِكَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ نَاطِقٌ بِسُوءٍ، وَلاَ يَنْجُو مِنَ الْقَضَاءِ الْمُفْحِمِ،

 

ع6: يعلن الكتاب المقدس محبة الله للإنسان ولخلاصه من كل شر؛ لذا فهو يلاحظ بدقة كلمات الإنسان إذا أخطأ، فكل كلام شرير هو ضد الله وتجديف عليه، إذ يخرج الإنسان عن كونه صورة الله. والله أيضًا يلاحظ قلبه ونياته الداخلية، وليس فقط فمه، فالله عالم بكلمات الفم، ونيات القلب؛ حتى يقوده للتوبة، ويستعيد نقاوته، فيتمتع بأبوة الله، ومحبته.

والخلاصة، أن روح الله يحب الإنسان البار ليمجده، والإنسان الشرير؛ لينقيه بالتأديب؛ حتى يتوب، فيمجده أيضًا مع البار؛ لأن المسيح صُلب على الصليب؛ لأجل تبرير الكل، عندما يؤمنون ويتوبون.

 

ع7: الله غير المحدود يملأ كل مكان وزمان ويحتضن الكل، وهو يتخلل كل شيء، فعلمه كامل لكل ما بداخل البشر، وهذا معناه أن الله يهتم بكل إنسان، فيبارك البار، ويجازي الأشرار.

 

ع8: المفحم: الذي تعجز أمامه كل حجة.

ينتج عن علم الله الكامل أمران:

  1. يطمئن كل أولاد الله أنه ضابط الكل، ومحبته تحوطهم في كل حين، فلا يضرهم شر العالم، إذ "كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو8: 28).

  2. مخافة الله تصير أمام كل إنسان، فهو يراقب كل شرورنا، ويجازى كل واحد عن أخطائه، وحكمة الله تفحم، أي تسكت كل إنسان، لأنها حكمة كاملة، وتعاقب الخاطئ عن خطاياه بالضيق والتعب في هذه الحياة، ثم العذاب الأبدي، وهذه المخافة تدعو الإنسان للتوبة ورفض الخطية.

أشكر الله على عطاياه، واسعى في عمل الخير. فالله لا ينسى تعب محبتك، وهو يراقب كل أفعالك ليباركك، وإن اخطأت أسرع إلى التوبة، ليسامحك، ويبررك، فهو يحبك، وأعد لك الملكوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) خطورة النفاق (ع9-11):

9 لكِنْ سَيُفْحَصُ عَنْ أَفْكَارِ الْمُنَافِقِ، وَكُلُّ مَا سُمِعَ مِنْ أَقْوَالِهِ يَبْلُغُ إِلَى الرَّبِّ فَيُحْكَمُ عَلَى آثَامِهِ،10 لأَنَّ الأُذُنَ الْغَيْرَى تَسْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَصِيَاحُ الْمُتَذَمِّرِينَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهَا. 11 فَاحْتَرِزُوا مِنَ التَّذَمُّرِ الَّذِي لاَ خَيْرَ فِيهِ، وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الثَّلْبِ؛ فَإِنَّ الْمَنْطُوقَ بِهِ فِي الْخُفْيَةِ لاَ يَذْهَبُ سُدًى، وَالْفَمَ الْكَاذِبَ يَقْتُلُ النَّفْسَ.

 

ع9: ثم يتكلم عن المنافق، أي الشرير، وفى ترجمة أخرى الكافر، أي الذن لا يؤمن بالله، فيتمادى في خطاياه. فالمنافق هو الذي يظهر غير ما يبطن، ولكن يعلن الله ضابط الكل أن كل أفكار المنافق الداخلية يفحصها، وكل أقواله التي يعلنها، أو يقولها خفية يسمعها الله، وبالتالي سيجازيه عن أفكاره، وأقواله، وأعماله الشريرة.

 

ع10: الغيرى: التي تغار وهي من الغيرة.

ويغار الله أيضًا على مجده (خر20: 5)، ويعلن الكتاب المقدس غيرة الله على أولاده، مشبهًا الله بعريس يغار على عروسه، فيعلن أن أذن الله التي تغار على أولاده تنصت باهتمام لكل كلامهم، ويظهر أن كلام التذمر هو تذمر على الله، وليس فقط على الآخرين، أو الظروف المحيطة،وهو في أذن الله كصياح عظيم، ويضايقه جدًا، إذ معناه تعلق قلوب أولاده بالعالم، وتحولهم عنه، وهو أبوهم، وعريسهم الحقيقي.

 

ع11: احترزوا: احترسوا.

الثلب: الإدانة والنميمة.

سدى: بلا فائدة، أو مجازاة.

ويبين أن خطية التذمر هي من إبليس الشرير، وليس فيها خير للإنسان. والتذمر يقود إلى الثلب، أي كلام الإدانة، الذي غالبًا ما يقوله الإنسان في الخفاء، وهذه طبيعة الشر، أن لا يظهر في النور، بل يميل إلى الظلام؛ حتى لا يحكم عليه. والتمادي في الإدانة يجعل الإنسان يختلق كلامًا غير حقيقيٍ، أي أكاذيب، وهذه تعتبر خطية قتل، لمن ندينهم، وهذا ما يسمى بالقتل الأدبى، أي الإساءة للآخرين، وقتل أنفسنا أيضًا، إذ تصير مظلمة، بعيدة عن كل خير، فاقدة لله الذي هو الحياة.

إن الله يناديكِ يا نفسى، ليسكن فيكِ، ويملأكِ فرحًا، فتحبى الحياة، وكل إنسان، وتترفقى بالجميع، وتلتمسى الأعذار للكل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(4) الموت للأشرار والخلود للأبرار (ع12-16):

12 لاَ تَغَارُوا عَلَى الْمَوْتِ فِي ضَلاَلِ حَيَاتِكُمْ، وَلاَ تَجْلُبُوا عَلَيْكُمُ الْهَلاَكَ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ،13 إِذْ لَيْسَ الْمَوْتُ مِنْ صُنْعِ اللهِ، وَلاَ هَلاَكُ الأَحْيَاءِ يَسُرُّهُ. 14 لأَنَّهُ إِنَّمَا خَلَقَ الْجَمِيعَ لِلْبَقَاءِ؛ فَمَوَالِيدُ الْعَالَمِ إِنَّمَا كُوِّنَتْ مُعَافَاةً، وَلَيْسَ فِيهَا سُمٌّ مُهْلِكٌ، وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْجَحِيمِ عَلَى الأَرْضِ، 15 لأَنَّ الْبِرَّ خَالِدٌ.16 لكِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ اسْتَدْعَوُا الْمَوْتَ بِأَيْدِيهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ. ظَنُّوهُ حَلِيفًا لَهُمْ فَاضْمَحَلُّوا، وَإِنَّمَا عَاهَدُوهُ لأَنَّهُمْ أَهْلٌ أَنْ يَكُونُوا مِنْ حِزْبِهِ.

 

ع12: الغيرة على الموت تشبه غيرة العريس على عروسه، فيسعى نحوها؛ ليحتفظ بها لنفسه، وليس لآخر، هكذا من يغير على الموت، أي يسعى نحوه.

والسعى نحو الموت هو السعى وراء الخطية، التي يكون نتيجتها الموت. وهذا السعى أيضًا يكون بالفكر، والمشاعر، والكلام، والعمل؛ هذه هي أعمال الضلال، التي تنهينا الآية عنها؛ لأننا أولاد الله، ونسعى في طريق البر، وليس في طريق الضلال والموت.

هذا الضلال هو تصديق الشيطان الذي يشككنا في الله، ويحسن الخطية في نظرنا، فنسقط فيها، ونهلك بفعل أيدينا.

 

ع13: لم يكن الموت هو تدبير الله، وهدفه من خلقة الإنسان، إذ كان يريد أن يحيا الإنسان معه في الفردوس الأول، ويتمتع بالبر، ولا يسقط في الخطية، ولكن سعى الإنسان نحو الخطية، وأكل من الشجرة، فحكم عليه بالموت، كما يقول القداس الغريغوري: "أنا اختطفت لي قضية الموت"، فلم يسر الله بهلاك الإنسان، ودبر خلاصه بالفداء في ملء الزمان.

 

ع14: الله عندما خلق الإنسان خلقه للبقاء معه إلى الأبد، وكونه نقيًا على صورته، ومعافى، وليس فيه سم الخطية المهلك، كما يقول القديس باسيليوس في قداسه: "الذى جبل الإنسان على غير فساد، ولم يكن للجحيم سلطان، أو ولاية عليه، بل على العكس كان معدًا له أن يحيا فيه إلى الأبد مع الله.

 

ع15، 16: حليفًا: مساندًا ومناصرًا.

إضمحلوا: فنوا وانتهوا.

الله خلق الإنسان بارًا ليخلد إلى الأبد، ولكن الأشرار المنافقين سعوا نحو الخطية، وبالتالي استحقوا عقابها، وهو الموت، أي أنهم استدعوا الموت، وطلبوه لانغماسهم في شهواتهم، وكلامهم الشرير.

وقد ظن الأشرار أن الشهوات، والموت الناتج عنها سيسندهم، وينصرهم، ويريحهم، فلم يريحهم الموت، ولا الشهوات، بل أبعدتهم عن الله، وصاروا في حزب، الشهوات والشر والهلاك الناتج عنهما.

من يتحالف مع الشيطان ظنًا منه أنه سيكسب شيئًا، أو يستريح بالشهوات الشريرة، فإنه يحكم على نفسه بالهلاك مع الشيطان في العذاب الأبدي.

يظهر من هاتين الآيتين، وما قبلهما أن الله يحترم إرادة الإنسان، ولا يجبره أن يحيا معه في البر. فإن رفض الإنسان محبة الله، وعطاياه حينئذ يكون قد اختار العذاب والهلاك لنفسه.

هل رأيت يا أخى كيف يحبك الله ويريدك أن تحيا معه إلى الأبد، والطريق لذلك هو البر، فلماذا تحب الخطية التي نتيجتها الحتمية الموت؟ هل من الحكمة أن تحب الموت أكثر من الحياة ؟ وتحب الخطية أكثر من الله؟ أنت ابن الله، ولا تستريح في الخطية، مهما خدعتك بلذتها، ففيها سم الموت. فإن سقطت قم سريعًا. إن أحضان أبيك السماوى مفتوحة لك بالحب، فتستعيد مكانك مثل الابن الضال.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات حكمة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19

 


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/wisdom/chapter-01.html

تقصير الرابط:
tak.la/4hss3cy