St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   anti-christian-questions
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرد على بعض الأسئلة التشكيكيَّة الموجهة ضد العقيدة المسيحية - الأنبا بيشوي

6- هل المحدود واللامحدود يمكن أن يكونا شيئًا واحدًا؟

 

النقطة الرابعة: هل المحدود واللامحدود يمكن أن يكونا شيئًا واحدًا؟

لو أنك تراني الآن على شاشة التليفزيون أو في وقت لاحق على أحد القنوات الفضائية فإن إرسال القنوات الفضائية يملأ مساحة ضخمة جدًا فقناةCNN  ترسل للعالم كله حول الكرة الأرضية، بمعنى أن هناك شيء من اللامحدودية نسبيًا. ولكن حينما يستقبل هذا الإرسال تليفزيون معين في منزل معين، سوف يظهر الإرسال في هذا الجهاز بكل قوة الصوت والألوان والتعبير، ولكن هل معنى هذا أننا جمعنا كل الإرسال المالئ الكرة الأرضية الخاص بـCNN ووضعناه في جهاز تليفزيون واحد؟! هنا اجتمع اللامحدود مع المحدود لتحقيق هدف معين هو أن تسمع أنت نشرة الأخبار مثلًا، أو أن تستفيد من الإجابة التي نقولها.

كيف يجتمع اللامحدود مع المحدود هو شيء نحيا فيه ليلًا ونهارًا في أيامنا هذه. ثم أنه كما قلنا إننا لا نجمع الإرسال كله ونضعه في جهاز واحد، والإرسال حر في العالم كله ولم يقيد بهذا الجهاز. ونقول عن السيد المسيح "فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا" (كو 2: 9). هل معنى الآية إننا لممنا كل اللاهوت ووضعناه في جسد يسوع؟ إطلاقًا لم يحدث ذلك! لكن "كل ملء اللاهوت" المقصود بها اللاهوت بكل قوته.

St-Takla.org Image: Satellite dish for direct-broadcast satellite television - Vatican Gardens, Rome, Italy - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 18, 2014 صورة في موقع الأنبا تكلا: طبق إرسال موجات القمر الصناعي للتليفزيونات - صور حدائق دولة الفاتيكان (الڤاتيكان)، روما، إيطاليا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 18 سبتمبر 2014

St-Takla.org Image: Satellite dish for direct-broadcast satellite television - Vatican Gardens, Rome, Italy - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 18, 2014

صورة في موقع الأنبا تكلا: طبق إرسال موجات القمر الصناعي للتليفزيونات - صور حدائق دولة الفاتيكان (الڤاتيكان)، روما، إيطاليا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 18 سبتمبر 2014

سوف أضطر هنا إلى أن أرجع إلى دراستي في كلية الهندسة لأجيب هذا المنطق وأوضح القضية. خط الإرسال Transmission line الآتي من السد العالي، أو خطوط الضغط العالي الآتي من أسوان إلى الإسكندرية فرق الجهد فيها هو نصف مليون فولت، وإلا استهلكت الكهرباء في الخطوط من أسوان إلى الإسكندرية. فلو أرسلت على 220 فولت تستهلك في الطريق، فلابد أن ترسل بضغط عالي ثم نعملstep down transformers  تهبط به من 50 ألف إلى 220 ألف في الوجه البحري ثم إلى 11 ألف على أكشاك كهرباء الضغط العالي في المدن ثم تتحول إلى 380 للثلاثة فاز و220 فولت للفاز الواحد. لو أحضرنا سلك رفيع عند أسيوط أو المنيا وقمنا بتوصيله بطريقة فنية إلى منزل فإننا سوف نجد الضغط فيه هو 500 ألف فولت أيضًا، ولو اقترب منه أحد بدون الوقاية اللازمة وبدون عازل لن يصعق فقط إنما يتحول إلى بخار. مع أنه سلك واحد، من خط ممتد من أسوان إلى القاهرة. لكن في كل نقطة من هذا الخط سوف نجد كل ملء القوة الصاعقة. أي أن سلك فيه عشر ملى من كهرباء السد العالي إذا أمسكته بيدك سوف يقتلك، لأنه نصف مليون فولت. ليست غلاظة السلك هي المهمة بل القدرة التي فيه. بينما من الممكن أن تمسك سلكًا غليظًا جدًا، مثل سلك بطارية السيارة، لكن لأنه 12 فولت فقط فلا يضرك في شيء.

ففي جسد يسوع المحدود نجد كل ملء اللاهوت، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فلو لمس الأبرص بيديه يشفى لأن قدرته الإلهية غير المحدودة هي التي تعمل للشفاء، مع أن اللمسة كانت في مجال المحدودية التي لتواضع المسيح. ولكن لأن "فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا" (كو 2: 9)، فإن كل قدرة اللاهوت سارية في السيد المسيح.

وليس فقط لمسة يديه، ولكن مجرد صوته القائل "لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجًا" (يو 11: 43) يخرج لعازر من القبر والنتن بعد أن مكث أربعة أيام في القبر، ويحضر روحه من الهاوية من أسفل الجحيم، فيخرج مربوطًا بالأكفان، فيقول لهم "حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ" (يو 11: 44)، لأنه هو القادر أن يعيد الإنسانية إلى الحياة. هي مجرد ذبذبات صوت في الهواء، لكن مفعولها ليس قاصرًا على كونها ذبذبات.

هذا هو ملء اللاهوت، إن كل القدرة الإلهية كائنة في جسد يسوع لكن لم يحّد الله ولاهوته في هذا الجسد. ونحن نقول في القداس الإلهي أن لاهوته اتحد بناسوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. وبعد التجسد استمر اللاهوت غير محدود واستمر الناسوت محدودًا، استمر اللاهوت غير مائت، والناسوت قابل للموت. ولذلك قال القديس أثناسيوس الرسولي بابا الإسكندرية العشرون: [أنه لعجيب بالحقيقة أنه هو الذي تألم مع أنه لم يتألم. تألم لأن جسده الخاص تألم؛ ولم يتألم لأن الكلمة بما أنه بالطبيعة هو الله، فهو غير قابل للألم].(1)

مثال توضيحي: لو صفعني شخص على وجهي فهل يقع الضرب على روحي أم على جسدي فقط؟ ولكن روحي متحد بالجسد. ولو طعنني بخنجر في كتفي هل تخرق روحي أم جسدي؟ طبعًا جسدي لأن الروح لا تقتل. والسيد المسيح قال "لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلَكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا" (مت10: 28) قال أيضًا "أَنَا إِلَهُ إِبْراهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. لَيْسَ اللَّهُ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ" (مت22: 32). فنحن لا نختلف في أن الإنسان إذا قتل جسدًا فروحه لا يقتل، وإذا تألم بالجسد فروحه يمكن أن يكون في حالة فرح. من لا يفهم هذه النقطة يمكنه قراءة سير شهداؤنا وكم كانوا في قمة الفرح وهم يذوقون ألوانًا من العذاب حتى الموت. يكون الشهيد متألمًا بالجسد لكن فرحًا بالروح كما يقول بولس الرسول "كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ" (2كو6 :10)، ويقول أيضًا "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا" (في 4: 4).

 مثال آخر: لو وقعت أشعة الشمس على قطعة كريستال ألا تتألق قطعة الكريستال؟ هذا مع أن أشعة الشمس في العالم كله، ولكن إذا تألقت قطعة الكريستال أنقول لها لماذا تألقت؟ فكيف يسأل أحد كيف يجتمع المحدود بغير المحدود.

هناك مثال آخر يعمله الأطفال في المدارس: لو أحضرنا عدسة وقمنا بتركيز أشعة الشمس على طرف ورقة سوف تجد طرف هذه الورقة يحترق.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) P. Schaff & H. Wace, N. & P.N. Fathers, series 2, Vol. IV, Eerdmans Pub. Company, Sept. 1978, Letter to Epictetus, par. 6, p.572,573.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/anti-christian-questions/unlimited-vs-limited.html

تقصير الرابط:
tak.la/2ma2cxx