St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   holy-spirit
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الروح القدس بين الميلاد الجديد والتجديد المستمر - القمص تادرس يعقوب ملطي

26- مَنْ لَهُ حَق التعميد؟

 

محتويات

3- مَنْ لَهُ حَق التعميد؟

في الوصية الوداعية سلم السيد المسيح حق التعميد وديعة في يدي رسله القدسيين، قائلًا: "اذهبوا تلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت 28: 19). وتسلم الأساقفة هذا العمل الرسولي، فكان للأسقف وحده حق التعميد، لكن بانتشار المسيحية أعطى للقسوس هذا الحق معهم، بل يبدو أنه في بعض الحالات الطارئة سمح في بدء الكرازة للشمامسة أن يعمدوا حيث لا يوجد قسوس [461]. أما أفراد الشعب فليس لهم الحق في التعميد اللهم إلا إذ لم يوجد قط من يعمد وكان طالب العماد في خطر الموت، كما حدث في أيام البابا بطرس السكندري حيث جاءت سيدة هاربة من الشام لتعمد طفليها من وراء رجلها الوثني، وإذ هاج البحر وشعرت بالخطر يحدق بولديها جرحت ثديها ورشمتهما بدمها بعلامة الصليب بعد أن غطستهما في البحر باسم الثالوث القدوس واعتبر عمادها قانونيًا [462]. ولما حاول البابا تغطيسهما دون أن يعلم بالقصة صارت مياه المعمودية كالحجر.

كان لهذا الحدث آثره في الكنيسة شرقًا وغربًا، إذ ذاع الخبر وأدرك الكل أن لا إعادة للمعمودية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كشفت عن مراحم الله واهتمامه بخلاصنا فسمح بالعماد -في الظروف القهرية- أن يتم على يد سيدة بلا صلوات تقديس!

والتاريخ الكنسي حافل بمثل هذه القصة وإن كان بصور أخرى فيروي لنا تاوقيموس ما رآه بعينيه أثناء استشهاد القديسة مارينا ابنة داسيوس رئيس كهنة الأوثان بإنطاكية كيف اشتهت العماد المقدس، مع أن الاستشهاد هو معمودية بالدم، لكن الرب حقق شهوة قلبها، ففي أواخر تعذيبها جاءوا بإناء ضخم وربطوا يديها ورجليها وألقاها الجند فيه لتغرق، لكن القديسة رفعت عينيها نحو السماء، وسألت من الرب أن يحسب لها هذا الماء معمودية مقدسة، فنزلت حمامة من السماء على المياه، وكانت تحمل إكليلًا من الذهب، وانحلت رباطات القديسة. عندئذ غطست برأسها في المياه ثلاث مرات باسم الآب والابن والروح القدس، وكانت تسبح الله فرحة متهللة من أجل صبغة المعمودية. فسمع جموع الوثنيين المحيطين تسبحتها فألقوا بأنفسهم في المياه باسم إلهها واستشهدوا [463].

هذه القصة لها أهميتها من حيث الكشف عن مدى شوق المؤمنين للمعمودية المقدسة حتى في لحظات الاستشهاد!

أما بالنسبة لمن له حق التعميد ففي الظروف العادية، يقول القديس أغناطيوس الأنطاكي تلميذ القديس يوحنا الحبيب بعدم قانونية العماد بدون أسقف [464]. وجاء في الدساتير الرسولية أن للأسقف والكاهن وحدهما حق التعميد [465].

* كقاعدة يستلزم أن تجرى المعمودية بواسطة الأسقف فقط والكاهن، أو شماس مبعوث من قبله (عند الضرورة القصوَى في التبشير في مناطق نائية)، وفي الحالات القهرية يُخول للعلماني أن يجريها [466].

العلامة ترتليان

St-Takla.org Image: Pope Shenouda III during the inauguration of St. Takla Himanot Church Baptistery, Alexandria, Egypt صورة في موقع الأنبا تكلا: البابا شنودة الثالث وهو يدشن معمودية كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت، الإسكندرية، مصر

* يجب الخضوع للكهنة الذين أُقيموا في الكنيسة متسلسلين بحسب الخلافة من الرسل، الذين أخذوا المواهب الحقيقية بمسرة الآب مع الخلافة الأسقفية. وأما الباقون الذين لم ينالوا الكهنوت بخلافة رسولية فيجتمعون خارج الكنيسة حيثما اتفق [467].

القديس إيريناؤس

وفي القرن الثالث ثارت مشكلة قانونية عماد المنشقين والهراطقة، وقد أدت هذه المشكلة إلى صراعات مُرّة في البلد الواحد. فقد تزعم القديس كبريانوس عدم قانونية عماد الهراطقة والمنشقين باعتبارهم خارج الكنيسة، وعمادهم باطل. لهذا حين يعود أحد المعمدين من أيديهم ينال المعمودية المقدسة من يدّ الكنيسة، ليس كإعادة للمعمودية، وإنما يكون ما قد تم على يديْ الهراطقة والمنشقين باطلًا. ورأى أساقفة آخرون أن العماد صحيح مادام يتم بكلمات إيمانية قانونية، لكن صاحبها لا يتمتع بالنعمة الكامنة فيها إلا بعودته إلى جسد الكنيسة الواحد.

لقد سبق أن تعرضت لهذا الأمر في شيء من الإيجاز في كتابنا "البابا بطرس خاتم الشهداء" والذي سنضعه لاحقًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الله مُتَمِّم السرّ

يرى كثير من الآباء أن دخول السيد المسيح مياه الأردن قدس الأنهار والمياه ليتمتع فيها المؤمنون به بسرّ العماد المقدس. وقد دخل السيد بنفسه لكي يكون هو الكاهن الخفي الذي يتمم هذا السرّ في حياة مؤمنيه.

* نؤمن نحن المؤمنون بالأشياء التي لا تستطيع عيوننا الجسدية أن تعاينها... لهذا أوجد الله لنا نوعين من الأعين: أعين جسدية وأعين الإيمان... الأعين الجسدية تعاين الكاهن كمن هو من فوق يضع يمينه على الرأس ويلمسها، والأعين الروحية ترى رئيس الكهنة الأعظم يبسط يديه غير المنظورة ليلمس رأسه. الذي يعمد هو ابن الله الوحيد الجنس وليس بإنسان (الكاهن)!

* ما حدث في حالة جسد سيدنا إنما يتم معنا نحن أيضًا. إن كان يوحنا قد ظهر ممسكًا بالرأس، فان الكلمة الإلهي هو الذي قاد الجسد إلى مجاري نهر الأردن وعمد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لقد تعمد جسد سيدنا بواسطة الكلمة، وبصوت الآب القائل: هذا هو ابني الحبيب، وإعلان الروح القدس الذي حلّ عليه. هذا أيضًا ما يحدث في حال جسدنا إذ يقوم العماد باسم الآب والابن والروح القدس. لهذا اخبرنا يوحنا المعمدان أن الله هو الذي يعمدنا وليس بإنسان: "يأتي بعدي من هو أقوى مني الذي لستُ أهلًا أن انحني وأحلَّ سيور حذائه. أنا عمَّدتكم بالماء، وأما هو فسيعمدّكم بالروح القدس ونار" (مت 3: 11، مر 1: 7).

* لماذا أقول ينبغي ألا تهتم بالأمور المنظورة بل ليكن لك عينا الروح؟! أقول هذا لكي إذا ما رأيت جرن المعمودية ويدّ الكاهن تلمس رأسك لا تفكر في الماء مجردًا، ولا أن يدّ الأسقف فوق رأسك، فإنه ليس إنسان هو الذي يفعل ذلك بل نعمة الروح هي التي تقدس طبيعة المياه وتلمس رأسك مع يد الكاهن. ألم أكن محقًا في قولي أنك محتاج إلى عيني الإيمان؟!

* الذي يتمم هذه الأمور الآب والابن والروح القدس، الثالوث غير المنقسم. الإيمان بالثالوث هو الذي يهب نعمة غفران الخطايا. هذا الاعتراف هو الذي يمنح عطية التبني [468].

القديس يوحنا الذهبي الفم

_____

الحواشي والمراجع:

[462] للمؤلف: البابا بطرس خاتم الشهداء.

[463] ميمر القديسة مارينا. مخطوط 92 دير الأنبا أنطونيوس بتاريخ 1488 ش.

[464] Ad Smyrn, 8.

[465] Apost. Const. 3:20; 7:40, 8:28.

[466] De Baptismo 17.

[467] Adv. Haer. 4:26.

[468] Whitaker, P 35,36, 38, 41.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/holy-spirit/right.html

تقصير الرابط:
tak.la/2cwa9k3